في مفهوم التسامح وإشكالياته - tasamuh. the concept of tolerance and...

15
1 لتسامحفهوم ا في م ته شكا والحسين شعبان عبد ا اقي مفكر وكاتب عر مقدمةلتسامحفهوم ا يثير مToleration عملي،يد الواقع اللى صعق الفكري أو علنطا مختلفة سواء على اعيات تداقابله فيننا نشير إلى ما يلتسامح، فإخيرة لوصف مبدأ اث عنه في السنوات ا وقد كثر الحدي خصوصانكليزية اToleration تسامح فقد وجدنا مقابلهامح أو عقيدة اللتساوص نظرية ا أما بخصToleratism مثلSocialism أوCapitalism أوMarxism . يتم استخدام ما لتسامح أو لممارسته أو تطبيقه فغالباول فعل ا نتنا وحينTolerance . زي المبدأنكلي أكسفورد ا ويدرج قاموسToleration فعل والTolerance خلة أحياناني متدا في معاحيانة في بعض ا أو مختلف1 . لعام المتحدة أن امم وقد أعلنت ا6991 المستوى الدولي، وحثتسامح علىم ال سيكون عا" لمبادئ بشأنن ا إعلتسامح ا" منظمة اليونسكولصادر عن ا( ة والعشرونلثامن الدورة ا61 لثاني نوفمبر تشرين ا6991 ) حتفال ، على ا بيوم61 لثاني تشرين ا( نوفمبر) لتسامحوم دولي لن كل عام كي م. تعليمنية لعتماد أساليب منهجية وعق ودعاستبدادلعنف وا الجذور الرئيسية لة، أيسية والدينيلسياعية واجتمافية والثقامح اتساب التسامح تناول أسبا ال. دئ، بشأن اللمبان ا إن إعى نشر وتأصيل قيملبشري، بحاجة إليه أن المجتمع ا جملة ما يعنعني في تسامح ييم بتعملحالية إي وخروجه من غلوائه انسان المجتمع الدولي واكن تقدم يم ،قيلتسامح كمنظور إنساني وأخ ا أي تناقض مع ر ن خر، حتى وا أي ا الر فكرة قبول( لجماعة ا) وأنه حاجة ماسة ول ، خصوصا ، فنقيضه فكريا يس ترفا هو( تسامح ال) خرر ورفض استئثا أي التعصب وا. هرة التطرف والعنفي وتفاقم ظا المستوى الحكومستبداد على أي وادرة الرلعنف ومصاع دائرة اتساسة السيا وبلغة الق ل اسلطة، وتجاوزرج الرهاب خالقوة وا أي باخر وفرض الر أي ا وتحريم وتجريم الرلسائدةنظمة اين وا وان. 1 انظر: ، عبد الحسين شعبان- ، بيروت،لنهارفة، دار الثقامي، الدولة واسي الفكر العربي التسامح ف فقه ا5002 . ذلك أنظر ك: يتر، بيكولسون، ب ن- تاب مشتركقي، كح كمثال أخلتسام ا" ين شرق وغربلتسامح ب ا" دن،لساقي، لنيس، دار اة إبراهيم العر ترجم ط1 ، 1995 ، ص59 - 52 وما بعدها. قارن أيضا: وانالذي هو بعنسان ونوق اسات حق لدرا كز رام عن مرلصادرصف السنوي ا التقرير ن" لتسامح في مناطقلة ا حافلسطينيةطة السل ال" 1 / 1 / 5002 - 00 / 6 / 5002 . ص7 وما بعدها.

Upload: hatuyen

Post on 05-Mar-2018

219 views

Category:

Documents


2 download

TRANSCRIPT

Page 1: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

1

شكاالتهفي مفهوم التسامح وا

عبد الحسين شعبان مفكر وكاتب عراقي

مقدمة

تداعيات مختلفة سواء على النطاق الفكري أو على صعيد الواقع العملي، Tolerationيثير مفهوم التسامح االنكليزية خصوصًا وقد كثر الحديث عنه في السنوات األخيرة لوصف مبدأ التسامح، فإننا نشير إلى ما يقابله في

Toleration أما بخصوص نظرية التسامح أو عقيدة التسامح فقد وجدنا مقابلهاToleratism مثلSocialism أوCapitalism أوMarxism . وحين نتناول فعل التسامح أو لممارسته أو تطبيقه فغالبًا ما يتم استخدامTolerance . ويدرج قاموس أكسفورد االنكليزي المبدأToleration والفعلTolerance في معاني متداخلة أحيانًا

.1أو مختلفة في بعض األحيان

إعالن المبادئ بشأن "سيكون عام التسامح على المستوى الدولي، وحث 6991وقد أعلنت األمم المتحدة أن العام ، على االحتفال (6991تشرين الثاني نوفمبر 61الدورة الثامنة والعشرون )الصادر عن منظمة اليونسكو "التسامح

ودعا العتماد أساليب منهجية وعقالنية لتعليم . من كل عام كيوم دولي للتسامح( نوفمبر)تشرين الثاني 61بيوم .التسامح تناول أسباب الالتسامح الثقافية واالجتماعية والسياسية والدينية، أي الجذور الرئيسية للعنف واالستبداد

تسامح يعني في جملة ما يعنيه أن المجتمع البشري، بحاجة إلى نشر وتأصيل قيم إن إعالن المبادئ، بشأن ال

التسامح كمنظور إنساني وأخالقي، ال يمكن تقدم المجتمع الدولي واإلنساني وخروجه من غلوائه الحالية إال بتعميم ن تناقض مع رأي يس ترفًا فكريًا، فنقيضه ، خصوصًا وأنه حاجة ماسة ول(الجماعة)فكرة قبول الرأي اآلخر، حتى وا

. أي التعصب واالستئثار ورفض اآلخر( الالتسامح)هو

وبلغة السياسة اتساع دائرة العنف ومصادرة الرأي واالستبداد على المستوى الحكومي وتفاقم ظاهرة التطرف والعنف . وانين واألنظمة السائدةوتحريم وتجريم الرأي اآلخر وفرض الرأي بالقوة واإلرهاب خارج السلطة، وتجاوزًا للق

1

.5002فقه التسامح في الفكر العربي اإلسالمي، الدولة والثقافة، دار النهار، بيروت، -شعبان، عبد الحسين: انظر

التسامح كمثال أخالقي، كتاب مشترك -نيكولسون، بيتر، ب: أنظر كذلك

ترجمة إبراهيم العريس، دار الساقي، لندن، " التسامح بين شرق وغرب"

.وما بعدها 52-59، ص 1995، 1ط

حالة التسامح في مناطق " التقرير نصف السنوي الصادر عن مركز رام هللا لدراسات حقوق اإلنسان والذي هو بعنوان : قارن أيضا

.وما بعدها 7ص .00/6/5002-1/1/5002" السلطة الفلسطينية

Page 2: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

2

التسامح دوليا إلى تعميم فكرة التسامح وقد نص ميثاقها مؤتمر سان فرانسيسكوفي 6991منذ تأسيسها عام األمم المتحدةسعت

نحن شعوب األمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ األجيال المقبلة من "على ذلك في ديباجته حين جاء فيه .التي من خالل جيل واحد جلبت على اإلنسانية مرتين أحزانًا يعجز عنها الوصفويالت الحرب

وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق األساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء واألمم كبيرها وصغيرها من

.حقوق متساوية

وان نضم قوانا كي معا في سالم وحسن جـوار اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيشوفي سبيل هذه الغايات مبادئ وأهداف مقاربة 6991عام " الميثاق التأسيسي"، كما تضمن دستور اليونسكو "2نحتفظ بالسلم واألمن الدولي

.السيما تعزيز التعاون الثقافي واالجتماعي واحترام الخصوصيات والحقوق المتساوية وحق العيش والتطور السلمي

، الذي يعتبر وثيقة دولية ذات قيمة حضارية، أكد على 6991عام اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسانوحين صدر يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا : "مبدأ التسامح فنّصت مادته األولى على ما يلي

المادة السادسة والعشرون، الفقرة الثانية، إلى وذهبت". عقاًل وضميرًا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح اإلخاءإنماء شخصية اإلنسان إنماء كاماًل وتعزيز احترام حقوق اإلنسان "تأكيد حق التعليم مشيرة إلى أن هدف التربية هو

".3والحريات األساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية

ل العقود الخمسة الماضية دخل مفهوم التسامح في العديد من الوثائق الدولية وبخاصة العهد الدولي المتعلق وخال 6911بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي المتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية الصادران عام

6991وهما واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر عام 6961من األمم المتحدة، اللذان دخال حيز التنفيذ عام .4الشـرعة الدولية لحقوق اإلنسانيشكالن األساس في

واالتفاقية 9/61/6991الصادرة في "إبادة الجنس البشري"وتناولت مسألة التسامح االتفاقية الدولية بخصوص

جريمة واالتفاقية الدولية حول 16/61/6911ة في الصادر للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصريالدولية الصادرة عن الجمعية العامة لألمم المتحدة في واتفاقية حقوق الطفل 13/66/6961في الفصل العنصري

واتفاقية مناهضة التعذيب 61/61/6969في واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 13/66/6919وملحقها لعام 6916و 6911لعام واالتفاقيات الدولية بشأن الالجئين 6919( ديسمبر) الصادرة في كانون األول

.1997لية، نيويورك، ميثاق األمم المتحدة والنظام األساسي لمحكمة العدل الدو: انظر 2

، المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان، 1992( ديسمبر)كانون األول 10اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر في : انظر 3

.1992، 1منشورات الوزارة المكلفة بحقوق اإلنسان، الرباط، ط

ن الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان، مركز القاهرة لدراسات اإلنسان هو األصل، مدخل إلى القانو -شعبان، عبد الحسين: انظر 4

.5005حقوق اإلنسان، القاهرة،

Page 3: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

3

في واإلعالن الخاص بالقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد 6916في الشؤون المتصلة بحرية أنه من الجوهري تعزيز التفاهم والتسامح واالحترام "، الذي أكد في ديباجته 11/66/6916

أي شكل من أشكال التمييز على أساس الدين أو "ونصت المادة الخامسة على حماية الطفل من " الدين أو المعتقدالمعتقد ويجب أن ينشأ على روح التفاهم والتسامح والصداقة بين الشعوب واألمم واألخوة العالمية واحترام اآلخرين في

".5لوعي الكامل بوجوب تكوين طاقته ومواهبه لخدمة أخيه اإلنسانالدين أو المعتقد وعلى ا

6911ودعت األمم المتحدة إلى إرساء ثقافة التسامح ومقاومة التعصب واتخذت لجنة حقوق اإلنسان قرارًا عام .هرةيقضي بتعيين مقرر لتقّصي مظاهر التعصب ومتابعة اإلجراءات الحكومية الهادفة إلى القضاء على هذه الظا

مشيرًا إلى مسألة التسامح بخصوص 6991عام إعالن األمم المتحدة بخصوص حقوق األقلياتكما صدر

-69األشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو عرقية أو دينية أو لغوية وتناول مؤتمر فيينا حول حقوق اإلنسان عتمدها والتي تعتبر تطويرًا وتعزيزًا مسألة التسامح ورفض التعصب خصوصًا في خطة العمل التي ا 11/1/6991

.لحقوق اإلنسان

ولعل مسألة التسامح ونبذ كل أشكال التمييز العنصري والتعصب وكراهية األجانب كانت تشكل جوهر المؤتمر ضد ( جنوب إفريقيا)ديربن والمؤتمر الدولي الذي انعقد في كوبنهاغنفي قمة التنميةالعالمي الذي اعتمدته

الذي كان امتدادًا لمؤتمرين دوليين ضد 1336( سبتمبر)وأوائل أيلول ( أغسطس)في أواخر شهر آب العنصرية .قبل نهاية نظام االبرتهايد في جنوب إفريقيا 6911و 6961العنصرية في العام

إعالن المبادئ بشأن التسامح

( األمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافةمنظمة )الصادر عن منظمة اليونسكو "إعالن المبادئ بشأن التسامح"ويعتبر تطورًا دوليًا مهمًا بخصوص فكرة التسامح فقد بحث في موضوع فكرة التسامح حين أشار إلى أن التسامح باعتباره من المرتكزات األساسية لكل مجتمع مدني والعمل من السلم يقتضي االعتراف باآلخر وتقديره حق قدره والقدرة على

التسامح يعني االحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا وألشكال التعبير "لتواصل مع اآلخرين التعايش وا ".وللصفات اإلنسانية لدينا، ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة واالنفتاح واالتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد

نما إنه الوئ"ويمضي اإلعالن لتفسير مفهوم التسامح فيقول ام في سياق االختالف وليس واجبًا أخالقيًا فحسب، وا

اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق اآلخرين في التمتع "ويضيف إلى أن التسامح يعني " واجب سياسي وقانونيبما في ذلك )مسؤولية تشكل عماد حقوق اإلنسان والتعددية " التسامح"ثم يؤكد أن " بحقوق اإلنسان وحرياته األساسية

إن المرء حر في ... والديمقراطية وحكم القانون، وهو ينطوي على نبذ الدوغمائية واالستبدادية( التعددية الثقافية . التمسك بمعتقداته وأنه يقبل أن يتمسك اآلخرون بمعتقداتهم

5

.فقه التسامح، مصدر سابق –شعبان، عبد الحسين : انظر

Page 4: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

4

في العيش والتسامح يعني اإلقرار بأن البشر المختلفين بطبعهم وفي مظهرهم وأوضاعهم وسلوكهم وقيمهم لهم الحق

تعليم الناس الحقوق والحريات التي "ويشير اإلعالن إلى أن الخطوة األولى لتعميم مبدأ التسامح هي " بسالم يتشاركون فيها وذلك كي تحترم هذه الحقوق والحريات فضاًل عن تعزيز عزمهم على حماية حقوق وحريات

". 6اآلخـرين

تم إقرارها في مرجعيات تشريعيةلتي اعتمدها إعالن اليونسكو، إنما يعتبر إن استعراض المواثيق واالتفاقيات الدولية اوالمفهوم المفهوم األخالقيديباجة اإلعالن بشأن مبادئ التسامح وقد خلقت تلك تواصاًل وتفاعاًل وربطًا بين

التسامح يتم للتسامح على المستوى الدولي، األمر الذي يقرب من استنباط محددات والحقوق إنساني القانونيالقياس عليها السيما الربط بين حقوق اإلنسان والديمقراطية والسلم والعدل االجتماعيين بما له عالقة بالمعاهدات

.واالتفاقيات الدولية

إشكاليات التسامحن كانت تعتورها بعض اإلرهاصات واالنته" إشكالية"ال تبدو مسألة التسامح اكات حقيقية في المجتمعات المفتوحة وا

فقد وصلت تلك ". آخر"هو موضوع تسامح كل فرد " فرد"فكل إنسان . الصارخة خصوصًا على صعيد الواقع الفعليبعد معاناة طويلة وحروب طاحنة لتدخل مرحلة التسامح وتتعامل به كأمر واقع " التضامن" المجتمعات إلى نوع من

أخالقية سواء على الصعيد السياسي أو الديني أو بل ال غنى عنه الستمرار تطور المجتمع، كمنظومة فكرية و كمفاهيم وحقوق، ناهيكم عن كونه ممارسة ما " التسامح"ولكن لألسف الشديد فإن . المذهبي أو االجتماعي أو الثقافي

.زال غائبًا في عالمنا العربي واإلسالمي

يم والتجريم في السلطة وخارجها من قبل إن غياب التسامح يعني انتشار ظاهرة التعصب والعنف وسيادة عقلية التحر ، سواء على الصعيد الفكري أو السياسي Fundamentalجماعات التطرف والتشدد أو ما أصطلح عليه األصولية

.أو االجتماعي أو الثقافي أو ما يتعلق بنمط الحياة

ود وضوابط تمنع ممارسة هذا يعني عدم التسامح حجب وتحريم حق التفكير واالعتقاد والتعبير، بفرض قي ففكريا الحق، بل تنزل أحكامًا وعقوبات بالذين يتجرؤون على التفكير خارج ما هو سائد سواء كان ذلك بقوانين مّقيدة أو

. عبر ممارسات قمعية تحت ذرائع شتى

6

إعالن : وكذلك. 1992( نوفمبر)تشرين الثاني 16إعالن المبادئ بشأن التسامح، اليونسكو، باريس، الدورة الثامنة والعشرون، : انظر

.1990( نوفمبر)تشرين الثاني 12سنة األمم المتحدة للتسامح واإلعالن بشأن التسامح،

Page 5: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

5

باسم القومية أو فإن الالتسامح يعني احتكار الحكم والسعي للسيطرة عليه وتبرير مصادرة الرأي اآلخر سواء وسياسيا اإلسرائيلي أو الطبقية والدفاع عن مصالح الكادحين أو الدين، إلسكات أي صوت ولتسويغ فكرة -الصراع العربي

.االستئثار وادعاء امتالك الحقيقة

فإن عدم التسامح يعني منع االجتهاد وتحريم بل تكفير أي رأي حر بحجة المروق في ظل تبريرات ديماغوجية ودينيا وضبابية، تمنع الحق في إعطاء تفسيرات مختلفة، خصوصًا ضد ما هو سائد وأحيانًا تزداد اللوحة قتامـة في ظل الدين الواحد عبر التمترس الطائفي أو المذهبي في محاولة إللغاء الفرق والمذاهب واالجتهادات الفقهيـة األخرى، بل

.7فرض الهيمنة عليها بالقـوة

بل أستطيع القول أن مجتمعًا بدون . تمعًا بدون اختالف أو معارضة أو انقسام في الرأيوال أظن أن هناك مجاختالف أو تمايز أو خصوصيات، هو مجتمع من صنع الخيال، وال وجود له على أرض الواقع، والتماثل هو ضرب

ن وجد مثل هذا المجتمع فهو مجتمع ميت بال أدنى شك، فاالختالف هو من طب. من المحال يعة األشياء فال يوجد وا حاكم أو مصلح أو مفكر أو رسول إال ووجد من يخالفه، باختالف الموقف من الخير والشر، فحتى اهلل سبحانه

.وتعالى جّلت قدرته، فقد عارضه إبليس الذي لم يسجد

ة، والحق والباطل وهكذا فان االختالف والتعارض هو من صلب حياة البشر مثلما يختلف الليل والنهار والرجل والمرأوالظالم والمظلوم بل هناك اختالف في طبيعة الظاهرة نفسها واالجتهادات المختلفة بشأن تحقيق هدف واحد ولكن

. تختلف وتتنوع الوسائل أحيانا حد التعارض واالنشقاق

ختالف هو أحد عناصر واال. إن هوية المجتمع وكيانه ووحدته وتماسكه ال تنفي الصراع واالختالف والتنوع والتعددية ".اآلخر"من دون هوية " األنا"وال تستقيم هوية . يقظة الوعي وأحد أركان تنشيطه بما يساعد على التطور والتجدد

االختالف أمر طبيعي في الحياة في الشكل والوضع االجتماعي واللغة والسلوك والقيم والدين والتوّجه السياسي

.لغاء هذا الحق يسبب الجمود والجدب للمجتمع ويؤدي إلى االستبداد فيهاالختالف هو حق أيضًا وا . وغيرها

ذا كان التمايز سمة ضرورية، فألنه من طبيعة األشياء، لكن اإلفراط فيه يقود إلى االنغالق والتعصب واالبتعاد عن وا اهل حد التصفية الضيقة، لدرجة يصبح اآلخر مدعاة للبغضاء والحقد والتج" بالخصوصية"األصل ليتم التمسك

وهكذا تحل " الغير"إنه االنغالق بعينه واالرتياب من اآلخر بحجة المحافظة على الذات وليس التفاعل مع . أحياناً

7

دراسات -البكوش، ناجي والطالبي، محمد وعمر، عبد الفتاح: كذلك انظر. مصدر سابق" التسامح بين شرق وغرب" كتاب مشترك

كذلك المجلة العربية لحقوق اإلنسان، . 1992تونس، " لحكمةبيت ا"في التسامح، المعهد العربي لحقوق اإلنسان، المجتمع التونسي

.، الملف الخاص بالتسامح1992( أكتوبر)، تونس، تشرين األول 5إصدار المعهد العربي لحقوق اإلنسان، العدد

Page 6: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

6

هو التاريخ الشرعي " الخاص" ويصبح التاريخ . الهوية الجزئية، للحزب، للطائفة، للمذهب، محل الهوية العامة .ن صنع األعداءوالمشروع وربما الوحيد، وما عداه هو م

فإن عدم التسامح يعني فرض نمط حياة معينة بغض النظر عن التطورات العاصفة التي شهدها العالم، واجتماعيا

ألنماط متنوعة، مختلفة، متداخلة، متفاعلة، وأحيانًا يتم التخندق بسلوك وممارسات عفا عنها الزمن وأصبحت من .تراث الماضي

يعني التمسك بالقيم والمفاهيم القديمة والتقليدية ومحاربة أي رغبة في التجديد، أو أي شكل أو فإن الالتسامح وثقافيا ،

بل ضد التراث والتاريخ وربما مؤامرة كبرى تستحق رجم " بدعة وضالالً "نمط للتغير، حتى إن الشعر الحديث يصبح والفنون وبخاصة الموسيقى والرقص والغناء وتنسحب مثل هذه النظرة على الكثير من اآلداب. ومعاقبة القائمين عليه

! والمسـرح والنحت وغيرها، ناهيك عن الحـب

زاء االنغالق وعدم التسامح الذي يسود عالمنا العربي واإلسالمي، ورغم بعض اإلرهاصات الجديدة، نرى العالم وا عوة للدفاع عن أولئك الالمتسامحين أو بحيث تشتمل الد أخـالقيا ،بعد أن جرى تعميمه حقـوقيا يسعى لتوسيع التسامح

. الذين ينشرون ويروجون إليديولوجيات الالتسامح التوتاليتارية

( سبتمبر)أيلول 66ورغم أن هذه الفكرة تثير نوعًا من النقد وربما الفزع في الغرب حاليًا، خصوصًا بعد أحداث خطرًا على فكرة التسامح ذاتها، بل وتدميرها للحرية، ، اإلرهابية في الواليات المتحدة ألن هناك من يعتبرها 1336

وجرى نقاش بهذا . لكن كارل بوبر، يجيب بأن علينا عدم االنخداع بذلك الشعور الغريزي بأننا على صواب دائماً الخصوص لدى فوز اإلسالميين في الجزائر، الذين أعلنوا، بأنهم سيؤدون الديمقراطية، التي وصلوا بواسطتها إلى

للعسكر للقيام بانقالبهم بحجة حماية الديمقراطية " لكنه غير مقبول وغير شرعي"لطة، وهو ما أعطى مبررًا الس .المهددة على أيدي من حصل على األغلبية

، قد فتحت النقاش والجدل على نطاق واسع حول اإلجراءات الواجب إتباعها 1336( سبتمبر)أيلول 66لعل أحداث

لكن األمر لم يقتصر . ل الذين يريدون تدمير قيم التسامح والتصدي لما أنجزته الحضارة البشريةإزاء الالمتسامحين، بعلى تسمية بعض االتجاهات أو التيارات، بل استغل بطريقة انتقائية وفيها الكثير من ازدواجية المعايير إلدخال

ر، في حين يتم السكوت عن إجراءات اإلسالمية وحركات المقاومة من أجل حق تقرير المصي –المنطقة العربية إسرائيل وبخاصة حكومة شارون وبعدها حكومة أولمرت على المجازر التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني في

وبناء جدار الفصل العنصري والعدوان " الجسد الفلسطيني"جنين ورام اهلل والخليل ونابلس والقدس وحصار غزة وتقسيم .يرهااإلسرائيلي على لبنان وغ

Page 7: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

7

في معنى التسامحإن فكرة التسامح تعني القدرة على تحمل الرأي اآلخر والصبر على أشياء ال يحبها اإلنسان وال يرغب فيها، بل يعتبرها أحيانًا مناقضة لمنظومته الفكرية واألخالقية، ذلك أن قبول مبدأ التسامح وفكرة التعايش يعني تجاوز سبل

اس الدم أو الرابطة القومية أو الدين أو الطائفة أو العشيرة أو غيرها من الناحية النظرية االنقسام الذي يقوم على أس .واألخالقية على أقل تقدير

ومبدأ التسامح يعني التعايش على نحو مختلف، سواء بممارسة حق التعبير عن الرأي أو حق االعتقاد أو حق

وهي . ق والحريات األساسية بعد حق الحياة والعيش بسالموهي الحقو . التنظيم أو الحق في المشاركة السياسية. 6661وقبلها الدستور األمريكي عام 6619المحور في فكرة حقوق اإلنسان، التي تطورت منذ الثورة الفرنسية عام

.وذلك بتأكيد حق كل فرد بأن ال يكون هناك قيد على حريته إذا احترم حريات وحقوق اآلخرين ولم يتجاوز عليها

ن كان في نظر اآلخر غير أخالقي أو حتى إن قبول التعايش والتسامح، يعني الموافقة على ما هو مشترك حتى وا وبهذا المعنى فإن مبدأ التسامح هو فكرة أخالقية ذات بعد سياسي وفكري . أقرب إلى فكرة الشر إن لم يكن شرًا بالفعل

لتسامح هو الالتسامح، أي التعصب والعنف ومحاولة فرض الرأي ونقيض فكرة ا. إزاء المعتقدات واألفعال والممارسات .8ولو بالقوة

قليل "وفّسر ذلك بأن الشر " ال يوجد الشر إال في عالم األرض والفساد: "مسألة الشر بقوله ابن سينالقد عالج

ولهذا فالخير . وجد بذاتهولكن الشر ال ي... الكثير والعميم والدائم بل والكلي" الخير"ولكنه ضرورة من أجل " وجزئينما بنسبته إلى الشر الشر يتولد عن الخير ويشّكل من ثم شرطه ومقومًا من . والحالة هذه ال يعود خيرًا لذاته وا

.مقوماته

وفي حقيقة تطور مبدأ التسامح لم يعد لدى العالم المتحضر واإلنسان المتمدن أية أوهام بأن الفكرة هي مجرد وازع بل إنها أصبحت أقرب إلى الواجب، القاعدة الواجبة االحترام في عالم أو مجتمع متنوع، مختلف أخالقي فحسب،

.ومتناقض

ويمكن القول إن في كل إيديولوجية ثمة مقدار من التبرير والسفسطة يتطلبها البناء الفكري والدفاع عن المواقف . دة، بل والتعصب الذميم واالنغالق ونفي اآلخرواآلراء، التي ال تخلو من ضرب من االستبداد والذود عن العقي

ويصل األمر كلما كانت المغاالة لفرض المعتقد بالقوة حد ممارسة اإلرهاب، الذي يصبح الحوار مجرد رغبة من فالباحث . لخرق السنن والشرائع والمحرمات؟ في حين أن سلوك الباحث يختلف عن سلوك الداعية السياسي" اآلخر"

8

ية وحقوق التسامح والنخب العرب" ، الموسوب1992الملتقى الفكري الخامس للمنظمة العربية لحقوق اإلنسان، لندن، : انظر

تحرير وتقديم . 5001إصدار البرنامج العربي لنشطاء حقوق اإلنسان، القاهرة، " ثقافة حقوق اإلنسان" ، كتاب مشترك بعنوان"اإلنسان

.عبد الحسين شعبان

Page 8: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

8

وهو ينظر إلى النص كفعل . ة التي يريد إظهارها بغض النظر عن اإليديولوجيا والعقيدة السياسيةمشغول بالحقيقنساني بعيدًا عن التقديس بخالف العقائدي والداعية السياسية الذي ينظر إلى النص كفعل مقدس بحد ذاته إبداعي وا

.يريد تكييف وتفسير الظواهر وفقًا للنصوص دأ التسامح الديني باإلشارة إلى أن كل البشر يمتلكون الحق في الحرية الطبيعية، ولكنها عن مب جون لوكوقد دافع

. ويعتبر لوك العقل قانون الطبيعة وليس هو الذي يعلمنا هذا القانون. حرية مشروطة باألخالق وبالقانون الطبيعي . ولهذا فالقانون الطبيعي هو في األصل عقالني

فإن ثمة ثالث مؤسسات ضرورية المتالك " أساس الحريات"سياسية على الحرية الطبيعية أما الضوابط في السلطة ال

والمؤسسات التي " السلطة التشريعية"المؤسسات التي تحدد الحقوق : تلك الحقوق، على اآلخرين احترامها، وهيوهي " السلطة التنفيذية" والمؤسسات التي تفرض العقوبات على خارقي الحقوق" السلطة القضائية"تفصل في النزاعات

وهناك من يضيف إليها سلطة رابعة هي الصحافة . الفكرة التي أصبحت متداولة باسم الفصل بين السلطات الثالث .في األنظمة الديمقراطية

وبخاصة في ظل " قرية كونية " ووسائل االتصال الحديثة التي ّحولت العالم اليوم إلى اإلعالموالمقصود هنا

ويمكننا أن نضيف سلطة خامسة تشكل جامعًا مشتركًا للسلطات الثالث بإضافة سلطة اإلعالم واالتصال .العولمة، التي ال يمكن للعالم المتمدن تجاوزها، إذ أصبح يقاس تقدم أي بلد أو مجتمع أو "حقوق اإلنسان"واعني بها سلطة

امها لحقوق اإلنسان، الذي أصبح هاجس الجميع أمة أو جماعة سياسية أو ثقافية أو دينية أو غير ذلك بمدى احتر . وبخاصة بعد انهيار نظام القطبية الثنائية

كلنا : إننا جميعًا نتاج الضعف. إنه نتيجة لكينونتنا البشرية: "فقد أجاب عن سؤال ما هو التسامح؟ بالقول فولتيرأما

جنون بعضنا البعض بشكل متبادل، وذلكم هو ونتسامح مع . هشون ومّيالون للخطأ، لذا دعونا نسامح بعضنا البعضوقصد فولتير من ذلك ". المبدأ األول لحقوق اإلنسان كافة"ثم يضيف إن التسامح هو ". المبدأ األول لقانون الطبيعة

.9إلخ …أن التسامح ينبغي أن يكون متباداًل ومتقاباًل بين الفرقاء، دينيًا وسياسيًا واجتماعيًا وقومياً

ذ الرأي العام في المجتمعات المفتوحة وبخاصة في الغرب، يحول دون إعادة تكرار فظاعات الماضي ورغم أن نفو حيث االحتراب الطائفي والديني والقومي والسياسي واالنقسامات الحادة، إال أن ذلك لم يمنع أنظمة شمولية في أوروبا

"فليلة الخناجر الطويلة"مت بانتهاكات جسيمة صعدت إلى السلطة، لم تترك مبدأ التسامح وراء ظهرها فحسب، بل قاومحاكمات . األعوان على يد هتلر كانت تمهيدًا للحرب العالمية الثانية وصعودًا فيها" النازيين"التي شهدت مجزرة

ستالين المثيرة في أواسط الثالثينات شهدت تصفيات بشعة ضد الحرس القديم الشيوعي، تمهيدًا لترسيخ عبادة الفرد

.در سابقدراسات في التسامح، مص" قارن الكتاب المشترك : كذلك. المصدر السابق" ثقافة حقوق اإلنسان" قارن الكتاب المشترك 9

.فقه التسامح مصدر سابق –شعبان، عبد الحسين : قارن كذلك

Page 9: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

9

لغاء أي هامش للتسامح، ولعل ما شاهدناه في مج ازر البوسنة والهرسك والشيشان وكوسوفو ومجازر فلسطين وا " أكثر إنسانية " األخيرة خير دليل على أن التسامح لم يكن يحظى باالحترام حتى في ظل نظام دولي جديد قيل انه

.من نظام القطبية الثنائية الذي سبقه والذي لم يضع التسامح في المقام الذي ينبغي أن يكون فيـه

ا حصل في سجن أبو غريب وغوانتانامو والسجون السرية الطائرة في أوروبا والسجون العائمة كلها تشير كما أن مبإصبع االتهام إلى أن تجاوزًا على حقوق اإلنسان والحريات المدنية لم يكن مصدره العالم الثالث حسب، بل شمل

المتهمين وترحيلهم حتى بدون إذن قضائي، حتى المجتمعات الغربية، التي شّرعت قوانين وأنظمة أجازت احتجاز وشملت حملة المالحقة والتجاوز على الحقوق المدنية والسياسية أعدادًا كبيرة من ذوي األصول العربية واإلسالمية

.والعالمثالثية

عامًا ومن ثم احتالله، تؤكد أن التسامح ال يقصد منه شعوب وحضارات 61وتجربة حصار الشعب العراقي طيلة ن ارتكب حكامها آثامًا، فكأن الشعب العراقي هو الجاني، أما المرتكب الحقيقي والفاعل األصلي، وأمم أخرى، حتى وا

في حين أن الشعب سدد الفاتورة مرتين وكأنه بين سندان الحصار الخارجي الذي أخذ يطحن عظام " طليقاً "فقد ظل . خلي الطويل األمدالعراقيين ويهدر أدميتهم وبين مطرقة االستبداد الدا

إن في ذلك نوع من أنواع تشريع القسوة، نقيض التسامح على المستوى الدولي بل انه جريمة إبادة جماعية دولية،

.10بشأن السكان المدنيين 6966وملحقها لعام 6999يقاضي عليها القانون الدولي وبخاصة اتفاقيات جنيف

اإليرانية والثانية –في كارثتين وطنيتين وقوميتين األولى الحرب العراقية لم يكتف الحاكم بإدخال البالد العراقفي غزو الكويت، بل وبالضد من مبدأ التسامح تمادى في طرد نحو نصف مليون مواطن بدوافع انتقامية استندت إلى

عمليات تطهير عرقي ذرائع شوفينية وطائفية أو أثنية، وبالحجة ذاتها تم رش غاز الخردل على حلبجة الكـردية وقاد في عمليات األنفال الذائعة أو السيئة الصيت وفعل بحق البشر والبيئة في األهواز ما يؤكد الطالق الكامل مع مبدأ

". األعدقاء"التسامح، هذا مع خصوم وربما أعداء وهو المنهج ذاته مع األصدقاء والمريدين

، وشهدت أثيوبياغامر مثلما فعل منغستو هيال مريام برفاقه في فبعرس واحد للدم تمت تصفية القيادات البعثية بفرحألف إنسان إلى المجهول، وبعد 61فأرسلت نحو " القبائل الماركسية"حين اصطرعت 6911أحداثًا مماثلة عام اليمن

ات تكرر األمر على نحو مؤسف، كما عرف األكراد بعد تجربتهم الفتية عملي 6991 – 99الوحدة المنشودة عام تصفية لنحو ثالثة آالف شخص، بغياب مبدأ التسامح، والنزاع على السلطة والمنافسة على مواقع النفوذ، خالل

.6991-6999الكردي –االحتراب الكـردي

.1927، اللجنة الدولية للصليب األحمر الدولي، جنيف، 1999اتفاقيات جنيف لعام : انظر 10

Page 10: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

10

ولم تكن اإلجراءات االنتقامية والثأرية والمحاكمات الالقانونية بحق المتهمين من المسؤولين العراقيين السابقين، بأقل السيما في خرقها لمعايير حقوق اإلنسان وقواعد المحاكمات العادلة على المستوى الدولي، بما يتعارض مع قسوة

األمر الذي ،"قانون اجتثاث البعث "مبادئ التسامح، خصوصًا وقد اتخذت شكل عقوبات جماعية تحت ما يسمى ن لم يرتك ب جرمًا، في حين كان يفترض محاسبة أدى إلى مالحقة العقيدة السياسية وتجريم من حملها حتى وا

.المرتكبين، وليس مالحقة األبرياء ألفكارهم السياسية

إن الدفاع عن قيم التسامح هو دفاع عن قيم الديمقراطية، فالتسامح باعتباره قيمة من أسمى القيم اإلنسانية وتعطي افة منتصف الطريق واالحتكام إلى العقل وبمس" جوار األضداد"القدرة على احتمال وقوع الخطأ والقبول بالتعايش

.واإلصغاء إلى الرأي العام وبذلك توسيع وتعميق لفكرة الديمقراطية ومؤسساتها

إلى القول إن العقل أعدل األشياء بين الناس، بمعنى من المعاني فالعقل ديكارتوالفعل هو الدليل والبرهان وقد ذهب .الت تقترب من الشكوك الموسوسةيثير أسئلة قد تكون مقلقة أو يثير تساؤ

ذا كان لم حّلت : "طرح أسئلة ذات بعد فلسفي تتعلق بالوجود بالقول ابن سيناقد تكلم عن الغيب، فإن الغزاليوا

إلى األرض؟ ولما أتت النفس من العالم اآلخر إلى " اإللهي"النفس بالبدن؟ وما الغاية من هبوط اإلنسان من الفردوس ن أتلك حكمة أم مشيئة يوم " كانت ال بد عائدة إلى العالم الذي صدرت عنه راجعة إلى ربها وبارئها؟عالمنا هذا وا

يخلق الناس وعلى جانبيهم التقوى والفجور؟ ليختاروا ثم يعود الخالق ليحاسبهم إن اختاروا طريق الضالل؟

ولهذا فهو يتوصل إلى ضرورة ..." ًا ما نخطئإننا كائنات بشرية وغالب... إننا قابلون للوقوع في الخطأ: "يقول فولتيرن االجتهاد أمر نسبي قابل للخطأ أيضاً وبهذا المعنى فاآلراء متساوية ألنها كلها قابلة للخطأ مثلما هي . التسامح وا

ذا قال الطرفان هذا القول " قد أكون على خطأ وأنت على صواب"ويصيغ الفكرة على النحو التالي . قابلة للصواب وا لى الديمقراطية المنشودة والعقالنية المبتغاة وبالتالي إمكانية تصحيح فسي كون ممكنًا الوصول إلى التسامح المتبادل وا

.11األخطاءإن نشر وتعزيز ثقافة التسامح بحاجة إلى االنفتاح والى بيئة مناسبة تتسم بفضاء الحرية وحق التعبير وحق

ني يكون شريكًا فاعاًل مع الدولة التي ال بد لها أن تعمل وفقًا لسيادة االختالف دون خوف من العقاب والى مجتمع مد .القانون وبالمساواة بين المواطنين

ويتطلب ذلك إعادة النظر في الكثير من القوانين واألنظمة السائدة والمناهج التربوية والتعليمية وأسسها لتخليصها من

ذا بقينا بعيدون عن ذلك ... ة إزاء اآلخر وتأكيد الحق في المعارضةالنزعات االستعالئية والعنصرية أحيانًا وبخاص وا . 12فإن التسامح يبقى بعيدًا وغاية صعبة المنال

.مصدر سابق" دراسات في التسامح" الكتاب المشترك -البكوش، ناجي وآخرون: انظر 11

.1992، 5ة المنال، المجلة العربية لحقوق اإلنسان، المعهد العربي لحقوق اإلنسان، العدد التسامح غاية صعب -الشماري، خميس 12

Page 11: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

11

التسامح بهذا المعنى يعني الصبر على أشياء أو مواقف أو أفكار قد ال نحبها وربما تتعارض بشكل جذري مع

والسياسية وغيرها ولكن نقيضه سيكون الالتسامح أي اإللغاء منظومتنا الفكرية واألخالقية واالجتماعية والدينيةال "في رسالة من السجن 6991-6119يقول غاندي . واالستئصال واإلنكار وقد يؤدي ذلك إلى العنف واالحتراب ".أحب التسامح ولكني ال أجد أفضل منه للتعبير عّما أقصده

مل مع اآلخر، ألننا ال نفكر جميعًا بنفس الطريقة وال ندرك إال اعتبر غاندي التسامح هو القاعدة الذهنية في التعا

.جزًءا من الحقيقة ومن زوايا مختلفة

كان التسامح محل تنظير وتفكير من قبل رجاالت الفكر في القرن السابع عشر خصوصًا منذ فصل الدين عن اآلراء والمواقف التي تنتقد سلطتها الكنيسة، وظهرت الحاجة إلى التسامح بتمييز تطرف الكنيسة وتعصبها إزاء

.وتضعها موضوع شك وبخاصة في القرون الوسطى

وأصبح . وعند التحرر من سلطة الكنيسة، كان ال بد من تحرر الفكر من أجهزة الحكم أيضًا وذلك بانتشار الليبرالية .االتسامح يدل على طاقة المجتمع وقدرته على استيعاب المعارضة واالختالف واحترامه

وتطور مفهوم التسامح من الفرد إلى المجتمع إلى الدولة ثم إلى المجموعة الدولية، ولم يعد المفهوم اصطالحيًا أو لغويًا يرتبط بالتكرم والسخاء والجود والعفو والتساهل وغيرها، بل وصل إلى االعتراف بالحق واحترام الحق، مثلما له

. 13عالقة بالعمران والتنمية

ادئ التسامح وسيادة روح الحق في االختالف تتطلب إعادة التفكير في الموروث الثقافي وأخذ التراث في إن نشر مبعادة بناء العالقة بين الثقافة والدولة وبين المجتمع والسلطة وبين الحكومة والمعارضة، التي هي سياقه التاريخي وا

غراء اإلقصاء أو الالتسامح إال إذا أثبت هذا المجتمع مسؤولية جماعية وفردية في آن، فال يوجد مجتمع بمعزل عن إ .قوة عزيمة ويقظة دائمة

، حسب "هو غربي وال هو شرقي"التسامح والالتسامح ليس لصيقًا بتراث أو مجتمع، إنه يمتد عبر العصور فال

. 14التاريخورغم أن األديان جميعها تعلن تمسكها بالتسامح فإن الحروب واإلبادات استمرت عبر . البكوش

.عبد الفتاح عمر، المصدر ذاته: انظر كذلك. دراسات في التسامح،مصدر سابق -البكوش، ناجي وآخرون 13

المصدر السابق 14

Page 12: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

12

مرادفًا للفظ " التساهل"إن كتب اللغة ومعاجمها المعتبرة، التي استعان بها الكثير من مفسري القرآن تضع لفظ ويّعرف الحنيفية السمحة . إلى التسامح والتساهل باعتبارهما مترادفين" لسان العرب"في ابن منظور، ويشير "التسامح" ".15ليس فيها ضيق أو شدة"بـ

: تسامح، وساهلة: تساهلوا، وتساهل: المساهلة كالمسامحة وتسامحوا: "القاموس المحيط"الفيروز أبادي في ويقول .16ياسرة

التسامح وحركة اإلصالح

إذا كان اإلسالم قد تحدث عما يفيد معنى التسامح ويدل عليه فإن فلسفة التسامح كانت قد تكاملت صياغتها النظرية في القرن الثامن عشر، فان أول خطاب عربي معاصر عن جون لوك وفولتيروخصوصًا على أيدي فالسفة التنوير الذي حاول إبراز أهميته وتقديمه ضمن منظومة الحداثة ( 1211-1681) فرح انطوان التسامح كان على يد

.17السياسية الغربية كما صاغتها الليبرالية الغربية

كمرادف وحاجة للتحرر من االنغالق والتعصب "التساهل"طلح فقد استخدم فرح أنطوان مص 6931ومنذ العام .ومعاداة اآلخرين وقاعدة للفصل بين السلطتين الدينية والمدنية

األول دور الفطرة، حيث لم يكن اإلنسان يعرف الخير والشر، وكان . تحدث فرح أنطوان عن ثالث أدوار لإلنسان

أما الدور الثاني فهو دور الوحشية التي جلبت النزاع . ل الطبيعةهمه في الغالب البحث عن وسائل العيش من خالوالمزاحمة وجاء الدور الثالث ليفسح في المجال إلى دور االئتالف اإلنساني أو ائتالف البشر، عيااًل فقبائل فممالك

.18وتمدنهم

مؤكدًا تقديم العقل على النقل " اإلسالم والنصرانية"في مناظرة مع فرح أنطوان في كتابه الشيخ محمد عبدهوقد دخل . وفتح باب االجتهاد وتشجيع لغة الحوار وفصل السلطة الدينية عن السياسة

: إن منظومة فرح أنطوان تقوم على إطالق الفكر اإلنساني من كل قيد.

.026-029، ص 6إبن منظور، لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، ج: انظر 15

مهاجراني التسامح والعنف في –قارن عطا هلل، سيد . 96، ص 1، دار إحياء التراث العربي، ج"القاموس المحيط" الفيروز أبادي، 16

.وما بعدها 90، ص 5001( ابريل)اإلسالم، دار رياض نجيب الريس، بيروت، نيسان

إعالن " فقد ترجم إلى العربية الول مرة . المعنى الحديث للكلمةيعتبر البعض أن فرح أنطوان أول مناضل عربي لحقوق اإلنسان ب 17

في 1901وقد نشر أنطوان المقالة والترجمة في مصر عام 1729الذي صدر بُعيد انتصار الثورة الفرنسية عام " حقوق اإلنسان والمواطن

(.نوفمبر)، تشرين الثاني 9مجلة الجامعة، السنة الثالثة، ج

.1996، 9ي، إصدار مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان، السنة األولى، العددمجلة رواق عرب: انظر

، مجلة رواق عربي، "حقوق اإلنسان ال يجوز أن يدوسها إنسان"بعنوان " حقوق اإلنسان والمواطن" مقدمة فرح أنطوان إلى ترجمة 18

.المصدر السابق

Page 13: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

13

المساواة بين أبناء األمة بغض النظر عن المعتقدات والمذاهب. باألمور الدنيوية، فاألديان شرعت لتدبير اآلخرة ال لتدبير الدنياليس من شؤون السلطة الدينية التدخل . السياسة تضر بمبادئ الدين. العقل البشري مجبول على االختالف والتباين والكون مطبوع على التنوع وهذا سر جماله، كما أن االختالف

أمن وال آلفة وال حرية وال علم وال فلسفة ال مدنية حقيقية وال عدل وال مساواة وال"سر تقدم اإلنسان وذهب إلى القول الدين "و شدد على هذه المفاهيم في روايته ...". وال تقدم في الداخل إال بفصل السلطة المدنية عن السلطة الدينية

". والعلم والمال

19الكواكبيعبد الرحمن إن التعصب بوصفه مالزمًا للتسلط وهذا عالمة من عالمات االستبداد هو الذي تحدث عنه االستبداد يقلب "مشيرًا إلى أن ، "20طبائع االستبداد ومصارع االستعباد"في كتابه التأسيسي في مطلع هذا القرن

قوات المستبد "الذين هم " القوم"مركزًا على الجانب األيديولوجي حين تجري محاوالت تسخير " الحقائق في األذهان ...". طولوقوته، بهم عليهم يصول، وبهم على غيرهم ي

، كما أن جوهر بالشورىأما دواؤه فهو . االستبداد السياسيأصل الداء عند المسلمين هو : إن الكواكبيويعتبر

بمحاربة االستبداد واعتبر الكواكبيتمّيز . الحكومة المستبدة هو في غياب الرقابة والمحاسبة بغض النظر عن شكلهاوما توحيه من االستسالم، " العقيدة الجبرية"أما الدينية فأهمها . وخلقية وسياسية دينيةأن أسباب انحطاط المسلمين

فأبرزها الجهل واليأس وفساد الخلّقيةفأهمها حرمان األمة من حرية القول والعمل واألسباب السياسيةوأما األسباب .التعليم

دث عن الشعب واألمة والوطن حين تح "أم القرى"وهو مصلح كبير، مصطلحات معاصرة في كتابه الكواكبيأدخل

ذا كان شديد التمسك باإلسالم فانه نأى . والقومية دون حساسية من الحداثة ودون خوف من الوقوع في التغريب وا بنفسه من الوقوع في الماضي أو محاولة إحياء النص التراثي قسريًا، بل ناقش وحلل بروح تنوير حديثة وبمنطق

.21الم العربي واإلسالمي الذي يريدهالعصر ذاته مستشرفا مكانًا للع

واعتبر الكواكبي أن بقاء االستبداد مرهون باستمرار جهل األمة وبالجيش النظامي، فالمستبد يخشى أكثر ما يخشى ويقاوم حكم األمة لنفسها مستخدمًا كل وسائل التفريق . علوم الحياة وحقوق األمم والفلسفة العقلية والتاريخ وغيرها

فاالستبداد ليس شخصًا بل هو جهاز أو . كما يتحدث الكواكبي عن هرمية االستبداد. لترهيب والترغيبالمذهبي وا

سجن واضطهد وهاجر من سوريا عام . الصحافة والتجارة وزاول المحاماةوعمل في 1229ولد الكواكبي في مدينة حلب بسوريا، عام 19

عن طريق دس السم 1905إلى عدد من البلدان العربية واإلفريقية والهند والشرق األقصى ثم استقر بمصر، التي توفي فيها عام 1900

.له في فنجان القهوة، ودفن في القاهرة

.1970، دار القرآن الكريم، بيروت، "طبعة جديدة"الستبداد ومصارع االستعباد طبائع ا -الكواكبي، عبد الرحمن: انظر 20

11، ص 1، ط5005( سبتمبر)شعبان، عبد الحسين، اإلسالم واإلرهاب الدولي، ثالثية الثالثاء الدامي، دار الحكمة، لندن، أيلول : انظر 21

Page 14: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

14

، ولكي يدوم "22والحكومة المستبدة مستبدة في كل فروعها من المستبد األعظم إلى الشرطي" مؤسسة يقوده مستبد ييف أحكام القرآن لتصبح في خدمة المستبد ال االستبداد فإنه بحاجة إلى تنظيرات وفقهاء لتخدير األمة وهكذا يتم تك

.23في خدمة األمة

الشيخ وعمل مع االستبداد والتسلط الداخليفانه قاوم أيضا (االستبداد الخارجي)جمال الدين األفغاني ومثلما قاوم عية، وحسب اعتقاده ودعا إلى الربط بين الديمقراطية السياسية والمسألة االجتما "العروة الوثقى"في مجلة محمد عبده

.سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والتنفير من الشر "سلطة دينية"ليس في اإلسالم

فقد توقف عند مبدأ التمسك بالعقيدة، الذي تصّوره خير وقاية من شرور المدنية الحديثة ورغم محمد رشيد رضاأما روح التجديد وقبول الحداثة ودخل في سجاالت وحوارات مع العديد من تأييده للحركة السلفية، لكنه لم يكن بعيدًا عن

تخليص االبريز في "وكتابه المهم ( 6161-6136)رفاعه الطهطاوي والبد من اإلشارة إلى الشيخ األزهري . المبشرينسالمية إزاء اإل –حيث يّعد استهالاًل لمقدمات جديدة في الفلسفة العربية 6119ا لذي طبع في مصر "تلخيص باريز

: وقبول األخر فلديه" التسامح"فكرة العدل أساس العمران. و الشورى أساس الحكم الصالح . واألمة مصدر السلطات. مستفيدًا من حضارته، بما يتناسب مع " أي انه نظر إلى اآلخر من زاوية عقلية"واألجنبي مصدرًا للفائدة

. ظروف مجتمعاتنا

". فلسفة اليونان"الذي دافع عن ( 668-628)الكنـدي ي التحديثي المستنير كان قد سبقه ولعل هذا النموذج العقالنلقد أكد الطهطاوي على معيار العقل مقتفيًا أثر المعتزلة، داعيًا لدولة حديثة على أساس فصل السلطات مثلما ذهب

باعتباره الفضاء الذي يمكن " جتماعيالعقد اال"جان جاك روسو وكذلك كتاب " روح القوانين"وكتابه مونتسكيوإليه . أن يحمل معه مساحة الحرية أمام تّغول السلطة وأجهزتها وأحد دعائم السلطة الحديثة بقوة تنظيماتها المدنية واألهلية

:إن الفرضيات الفكرية لمبدأ التسامح تقوم على ما يلي

قد يكون كالهما خطأ فهناك رأي ثالث قد يكون فكرة الخطأ والصواب، أي احتمال الخطأ والصواب للطرفين، و - 6 .فولتيروطوره سقراطولهذا فإن قبول مبدأ التسامح هو اإلقرار بمبدأ نسبية المعرفة الذي أخذ به . هو الصواب

فكرة التفاهم والعقالنية أي النقاش والحوار لتصحيح األخطاء وبغية الوصول إلى ما هو صحيح وما هو خطأ أو - 1 قي وما هو مزّيف دون اإلغراق في البحث عن من هو المخطئ ومن هو المصيب؟ما هو حقي

.اد، مصدر سابقطبائع االستبداد ومصارع االستعب -الكواكبي، عبد الرحمن: انظر 22

.1996، 9كتابات نقدية من الفكر التنويري، مجلة رواق عربي، العدد -فيوليت، داغر: قارن 23

Page 15: في مفهوم التسامح وإشكالياته - Tasamuh. The Concept of Tolerance and its... · 1 هتلاا شاو حماستا موهفم يف نابعش نيسح ا دبع

15

فكرة االقتراب من الحقيقة، وهي طريق النقاش إلنضاج وتطوير األفكار وصواًل إلى الحقيقة ولعل أكبر نقاش – 1الفلسفة االشتراكية، أكبر مفكري ماركس وأنجلزأكبر عالمي فيزياء في العالم وبين بوهرو انشتاينتأريخي كان بين

.حيث شهد مناظرات وحوارات، من شأنها جعل اإلرادة واألفكار واالستنتاجات أكثر وضوحاً فكرة عدم العصمة من الخطأ، أي أن العلماء والمفكرين هم كذلك يخطئون بل يكونون قد أخطئوا أكثر من مرة - 9

كن حكيمًا واعرف نفسك، : سقراطيقول . خالق أيضاً في القضايا العملية وفي التجارب الحقلية أو في مستوى األ .اعرف أنك ال تعرف

إن مبدأ التسامح يتخذ منابع متعددة دينية وعرقية وأخالقية واجتماعية وفكرية وفلسفية، لكنه يواجه عقبات الالتسامح

آراء أو تجريم وجهات بسبب التعصب الذي يتخذ أحيانًا شكل حروب أو عدوان أو أعمال إبادة أو انتقام أو تحريمهل أعدنا النظر؟ : نظر أو تكفير فكر، بل إنه يمتد إلى الحياة الشخصية ليقف حائاًل أمام الشريك والزوج واألهل

ذا كان دعاة التسامح قليلين أو هكذا توحي عوامل الكبح، فال تستوحشوا طريق الحق لقلة "وهل أحكمنا العقل؟ وا .بن أبي طالبا اإلمام عليكما يقول " سالكيه