july_aug_2010_oloom

8/7 دان ـــ العد26 جلد ا2010 طسوليو/ أغس يتي دينار كوي1.500 السعر: ــــ268/267 دان العد2010 طسوليو/ أغس ي8/7 دان ـــ العد26 جلد اـعـــــــــــــــــــــــــــــــــلــومة ال مــــــجــــــــــــــلJuly / August 2010 فيةغ الدماقة ا طات العصبيةباضطراح لفهم ا مفتاناخيلتغير اؤ بالتنبرب ميدانية لا ندماجي:قة الطاعل ا مفامتناهية طاقة نظيفة تأم حلمن غيومتكون موم ت ة إلكترونيةوي آذان حيي من الشعرلعارلد ا دور ا بزوغ سمات بشرية في

Upload: motaz-elewa

Post on 30-Mar-2016

249 views

Category:

Documents


23 download

DESCRIPTION

http://www.kfas.com/publications_pages/july_aug_2010_oloom.pdf

TRANSCRIPT

Page 1: july_aug_2010_oloom

املجلد 26 ـــ العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

تيوي

ر كينا

1 د.5

00ر:

سع ال

ــــ26

8/26

ن 7ددا

لعا

2010

س سط

أغو/

وليي

8/ن 7

ددالع

ــ ا2 ـ

د 6جل

املوم

ــلـــــــــ

ــــــــــــــ

ـــــــعـــ

الــلة

ـــــــجــــــ

مــــــ

July / August 2010

طاقة الدماغ اخلفيةمفتاح لفهم االضطرابات العصبية

جتارب ميدانية للتنبؤ بالتغير املناخي

مفاعل الطاقة االندماجي:حلم تأمني طاقة نظيفة المتناهية

جنوم تتكون من غيوم

آذان حيوية إلكترونيةدور اجللد العاري من الشعر

في بزوغ سمات بشرية

Page 2: july_aug_2010_oloom

املجلد 26 ـــ العددان 8/7 (2010)268./267

الهيئة االستشارية

شارك في هذا العدد

علي عبـداهلل ال�شـمالن

رئــيـس الهيـئــــة

عبداهلل �شليمـان الفهيد

نائب رئيس الهيئة

عـدنـان احلـموي

عضو الهيئة ــ رئيس التحرير

خضر األحمد

علي األمير أحمد

زيدان أسعد

عبداحملسن األيوبي

رياض احللوجي

عدنان احلموي

عبدالقادر رحمو

أحمد الرحمون

محمد توفيق الرخاوي

غدير زيزفون

قاسم السارة

وليد الشارود

فؤاد العجل

عدنان عضيمة

عصام قاسم

أحمد الكفراوي

يوسف محمود

13069 20856www.kfas.org [email protected]

(+965) 22403895 (+965) 22428186

Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed toSCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O. Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895

1.80020

1.8002.5

20

100❊

21.25

20$

1.500❊

730❊

250

42.5

66666

(USA $ 1.5) ❊

1986 CD

Control Panel start Settings -1

Regional and Language Options -2

OK Standards and formats Arabic -3

£Cl

$

BritainCyprusFranceGreeceItalyU.S.A.Germany

12

1632

45

56112

www.kfas.org

Page 3: july_aug_2010_oloom

علم الفلكجنوم تتكون من غيوم

<T .E. يونگ>

إن تكون جنم ليس بالشيء السهل فهمه. ويعكف الفلكيون على سد الثغرات في النظرة النموذجية إلى طريقة نشوء النجوم.

طـباستعادة التوازن باستعمال

آذان حيترونية )حيوية-إلكترونية(<C .Ch. ديال سانتينا>

غرسات إلكترونية في األذن الداخلية قد تعني في يوم من األيام املرضى الذين يعانون اضطراب التوازن املقعد.

طبالطب النانوي يستهدف السرطان<R .J. هيث> ــ <E .M. ديڤيز> ــ <L. هود>

باعتبار جسم اإلنسان نظاما يتكون من شبكات جزيئية، سيكون بإمكان أطباء املستقبل استهداف اخللل في هذا النظام بتقانات ذات أبعاد نانوية تبدل بذلك طرق تشخيص

ومعاجلة األورام اخلبيثة وغيرها من األمراض.

طاقةفجر االندماج الكاذب

<M. موير>

لطاملا حلم العلماء بالتحكم في طاقة االندماج النووي - مولد الطاقة النجمية - من أجل احلصول على طاقة آمنة، نظيفة المتناهية. وحتى مع اقتراب هذا احلدث التاريخي املهم، فما زال هناك من يشكك في إمكان إنتاج فعلي ملفاعل طاقة اندماجي، مفاعل باستطاعته

تأمني طاقة نظيفة المتناهية.

بيولوجياصعود جنم البكتيريا النانوية وأفوله

<D .J. يونگ> - <J. مارتل>

لقد كان يعتقد أن البكتيريا النانوية هي أصغر الكائنات املمرضة املعروفة؛ وقد برهنت اليوم على أنها أشياء غريبة بالقدر نفسه تقريبا، وأن لها بالفعل دورا مرتبطا بالصحة،

لكنه ليس ذات الدور الذي اقترح لها في البداية.

املجلد 26 ـــ العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

عدنان احلموي

يوسف محمود

رياض احللوجي

خضر األحمد

زيدان أسعد

عبداحملسن األيوبي

ــ

ــ

ــ

4

14

18

28

38

التحريرقاسم السارةأحمد الكفراوي ــ

&

التحريرعصام قاسموليد الشارود ــ

&

Page 4: july_aug_2010_oloom

بيــــــئةالتغير املناخي: جتربة متحكم فيها

<D .S. ولسشليگر> ــــ <M. ستراهل>

درس العلماء بعناية األراضي العشبية والغابات ملعرفة كيف أن التغيرات في كل من الهطول املطري وثاني أكسيد الكربون ودرجة احلرارة، ستؤثر في مستقبل

البيوسفير )الغالف احليوي(.

»مجـلـة العـلوم« تصــدر شهريا فــي الكـويـت مـنذ عـام 1986 عـن »مؤسسـة الكـويـت للتقـدم العلمـي« وهـي مؤسسـة أهليـة ذات نفـع عـام، يـرأس مجلـس إدارتهـا صاحـب السمـو أمــير دولــة الكـويــت، وقـد أنشــئت عــام 1976 بهـدف املعاونـة فـي التطــور العلمـي واحلضـاري فـي دولـة الكويـت والوطـن العـربـي، وذلـك مــن خـالل دعــم األنشطــة العلمــية واالجتماعـيـة والثقـافيـة. و»مجلة العلوم« هـي فـي ثلثي محتوياتهــا ترجمـة لـ»ساينتفيك أمريكان« التـي تعتبر مـن أهـم املجـالت العلمـيـة فــي عالـم اليــوم. وتسعـى هـذه املجــلـة مـنذ نشأتهـا عــام 1845 إلـى متكـني القـارىء غــير املتخصــص مــن متـابعـة تطــورات معـارف عصـره العلميــة والتقانيــة، وتوفير معـرفـة شموليـة للقــارىء

املتخصص حول موضوع تخصصه. تصدر »ساينتفيك أمريكان« بثماني عشرة لغة عاملية، وتتميز بعرضها الشيق للمواد العلمية املتقدمة وباستخدامها القيم للصور والرسوم امللونــة واجلداول.

تطوراحلقيقة الناصعة

<G .N. جابلونسكي>

توضح املستجدات احلديثة أصول غياب الشعر لدى البشر؛ كما تشير هذه املستجدات إلى الدور املفتاحي للجلد العاري في بزوغ سمات بشرية أخرى.

علوم عصبية حديثةطاقة الدماغ اخلفية

<E .M. ريتشيل>

إن مناطق الدماغ الناشطة عندما نسمح لعقولنا بأن تسرح، ميكن أن تزودنا مبفتاح لفهم االضطرابات العصبية، ال بل حتى الوعي نفسه.

فـلـكاألعاجيب الثماني للمنظومة الشمسية

<E. بل>

جولة لرؤية بعض أكثر املشاهد املبهرة التي تنتظر مكتشفني شجعانا ملنظومتنا الشمسية.

بيولوجياتوسيع حدود احلياة

<S .A. برادلي>

كيف تطورت احلياة؟ إن حتليل نظام بيئي لنمط حديث االكتشاف من الفتحات )املنفسات vents( الساخنة في قاع البحر، يوفر احتماالت جديدة لكيفية تطور احلياة.

48

54

64

72

80

عبد القادر رحمو ــأحمد الرحمون

علي األمير أحمد ــمحمد توفيق الرخاوي

عدنان احلموي

خضر األحمد

عبدالقادر رحمو

عدنان عضيمة

ــ

ــ

التحريرفؤاد العجلغدير زيزفون ــ

&

Page 5: july_aug_2010_oloom

4

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

جنوم تتكون من غيوم)٭(إن فهم كيف يتكون جنم ليس أمرا سهال. والفلكيون يحاولون

جاهدين ملء فجوات الرؤية املتعارفة حول الكيفية التي تتكون وفقها النجوم.<T .E. يونگ>

مفاهيم مفتاحية< مع أن نظرية الفلكيني في التكون

النجمي أحرزت تقدما جوهريا في السنني القليلة املاضية، إال

أنها مازالت حتوي ثغرات مهمة. صحيح إن النجوم تتكون من

سحب غازية عند انهيارها، ولكن من أين تأتي تلك السحب، وما

الذي يجعلها تنهار؟

< إضافة إلى ذلك، تتعامل النظرية املعيارية مع النجوم كل مبعزل عن

غيره، مهملة تآثراتها والسحب التي ولدت فيها.

< يحقق الفلكيون تقدما في ملء هذه الثغرات. وعلى سبيل املثال، فإنهم

رأوا كيف تتمكن النجوم ذات الكتل الضخمة من استهالل انهيار

السحب، وكيف تدفع النجوم احلديثة الوالدة بعضها بعضا

لتنتهي في الفضاء السحيق.

محررو ساينتفيك أمريكان

إذا كان ثمة شــــــــيء يظــــــن أن علــمـاء ــــــوا إلى فهمــــــه اآلن، فهـــــو الفلك توصـــلن النجوم. وتعود الفكــــرة األساســــــية تكوفي طريقـــة تكون النجــــوم إلى <E. كانت> و <S .P. الپالس> في القرن الثامن عشر؛ أما تفصيالت طريقــــــة تأللئها وتطورها، فقــــــد اكتشــــــفها فيزيائيون فــــــي النصف األول مــــــن القرن العشــــــرين. وفي أيامنا هذه، تعلم املبادئ التي حتكم النجوم في مدارس املرحلة املتوسطة، ثم إن األشياء غير املألوفة واملثيرة، كامل���ادة املعتمة)1(، ــــــن مقاالت بعــــــض الصحف متــــــأل عناويــــــدو أن التكون النجمي واملجالت. وقد يبمســــــألة اكتمل حلها، ولكن ما من شــــــيء يســــــتطيع جتاوز احلقيقــــــة، إذ إن والدة النجوم مازالت واحــــــدا من املوضوعات غير املبتوت فيها في الفيزياء الفلكية التي

بلغت مرحلة متقدمة في أيامنا هذه.ــــــوالدة هذه، بأبســــــط ــــــة ال ــــــل عملي ومتثــــــارات، انتصــــــار الثقال���ة gravity على العبالضغط. وهي تبدأ بغيمة )ســــــحابة( مترامية ــــــار الطافية في األطراف مــــــن الغــــــاز والغبالفضاء البينجمي)2(. فإذا كانت غيمة - أو، فــــــي األغلب، جزء كثيف من الغيمة يســــــمى ــــــاردة وكثيفة كفاية، فإن اجلذب قلبه���ا)3( - بــــــه الثقالة يتغلب )نحو الداخل( الذي تقوم بعلى الدفع نحو اخلارج الذي يفعله الضغط الغازي، ومن ثم تبدأ الغيمة باالنهيار نتيجة ــــــي. وإذ ذاك تأخذ كثافة تأثير وزنهــــــا الذات

وحرارة الغيمــــــة، أو قلبهــــــا، بالتزايد، وهذا يؤدي في نهاية املطاف، إلى إطالق شــــــرارة اندم���اج ن���ووي)4(. وتعمــــــل احلــــــرارة التي يولدهــــــا االندماج النووي على زيادة الضغط وإيقــــــاف االنهيار. ويســــــتمر النجــــــم املولود اجلديد بحالة توازن ديناميكي ميكن أن يدوم

من ماليني إلى تريليونات السنني.إن النظرية في هذا احلقل متســــــاوقة بعضها مع بعض)5(، وتتفق مع قدر كبير متزايد من األرصاد، ولكنها مازالت بعيدة عن الكمال، ذلك أن كل جملة ذكرناها في الفقرة السابقة حتتاج إلى تفسير؛ وبوجه خاص، ثمة أربعة أســــــئلة تقض مضاجع ــــــو افترضنا القلوب الفلكيني، أولها أنه لــــــوض النجوم، فأين الدجاجات الكثيفة بيــــــة؟ فالغيوم نفســــــها يجب أن تأتي الكونيــــــم إن تكونها غير مفهوم مــــــن مكان ما، ثــــــذي يجعل القلب يبدأ جيدا. ثانيا، ما الــــــار؟ فأيا كانت آلية هــــــذه البداية، باالنهيفهي حتدد معدل ســــــرعة تكــــــون النجوم

وكتلها النهائية.ــــــر النج���وم اجلنينية ــــــف تؤث ثالثا، كيفــــــي اآلخــــــر؟ إن embryonic stars أحدهــــــا

النظرية املعيارية)6( تقدم وصفا للنجوم كل مبعــــــزل عن اآلخر؛ وهي ال تقول شــــــيئا عما

Cloudy with a ChanCe of StarS )�(dark matter )1(

interstellar space )2(core )3(

nuclear fusion )4(self-consistent )5(

the standard theory )6(

Page 6: july_aug_2010_oloom

5 (2010) 8/7

“ the long-lost Sibling of the Sun,” :1( انظر(by S.Zwart, Scientific American, november 2009

يحــــــدث حني تتكون وهــــــي قريبة بعضها من بعض، كما يحدث في معظم النجوم. وتوحي االكتشافات احلديثة أن شمسنا ولدت ضمن جتمع سرعان ما تشتت)1(. ترى، كيف ميكن أن تختلف تربية طفــــــل في بيت حضانة عن

تربيته في بيت ال يوجد فيه غيره؟

ــــــر النجــــــوم البالغة ــــــف تتدب رابعــــــا، كيالضخامة أمرها لتتكــــــون. على أي حال إن ــــــة تنجح في تفســــــير تكون ــــــة املعياري النظريجنوم كتلها أكبر من كتلة شمســــــنا عشرين مرة، ولكنهــــــا تخفق في النجــــــوم التي تكبر

تكون جنمي عنيف قرب قلب املجرة M83، التقطته العام املاضي آلة Wide Field Camera 3 التصوير

اجلديدة املوجودة على منت مقراب هابل الفضائي. وتخفق النظريات املعيارية في معرفة أسباب ظهور هذه النجوم

الضخمة، التي مييل لونها إلى الزرقة، وفي معرفة الطريقة التي تعيد بها طاقة

إلى السحب الغازية والتي تتكون هذه النجوم منها.

Page 7: july_aug_2010_oloom

6(2010) 8/7

هذا احلد، والتي يتعني على تألقها الشــــــديد ــــــل أن يتمكن النجم أن يعصــــــف بالغيمة قبــــــع الكتلة املطلوبة. احلديث الوالدة من جتميــــــك أن النجوم الضخمة تدمر يضاف إلى ذلما يحيط بها باإلشــــــعاع فوق البنفســــــجي، وباالندفاعات العالية السرعة اخلارجة منها، supersonic ومبوجات الصدم فوق الصوتيةshock. إن التغذي���ة الراجع���ة)1( لهذه الطاقة

متزق الغيمة، ولكن النظرية املعيارية ال تدخل هذا األمر في احلسبان.

لقد أصبحت احلاجة إلى تالفي مواطن الضعــــــف هذه متثل ضغطــــــا متعاظما على الفلكيني. فالتكون النجمي يكمن في أساس ــــــك، بدءا من كل شــــــيء تقريبا في علم الفلنشوء املجرات، وصوال إلى تكون الكواكب. ومــــــن دون فهم هذا املوضــــــوع، فلن يكون ــــــني أن يعقــــــدوا األمل على مبقــــــدور الفلكيتفحص املجرات النائية، أو أن يســــــتفيدوا من الكواكب املكتشــــــفة خــــــارج منظومتنا ــــــة النهائية تظل الشمســــــية. ومع أن األجوب

خادعة، فثمة فكرة آخذة في البروز مفادها بأن أي نظرية أكثر تطورا في تكون النجوم ــــــة جنم حديث البد لها مــــــن النظير في بيئــــــة للنجم اجلديد ال العهــــــد. فاحلالة النهائيتتوقف على الشــــــروط االبتدائية في القلب فحســــــب، بل تتوقف، أيضا، على التأثيرات الالحقة ملــــــا يحيط به وبجيرانه من النجوم. ــــــل الرعاية ــــــة مقاب إنهــــــا الطبيعــــــة التلقائي

واالحتضان على مقياس كوني.

مغطاة بالغبار)٭٭(حني تولي وجهك شطر السماء من موقع ــــــم، بعيدا عن أضواء املدينة، ميكنك رؤية مظلدرب التبان���ة)2( بشــــــكل قوس يعلوك، ناشرا دفقا من الضــــــوء تقطعه لطخات مظلمة، هي الســــــحب البينجمية. وجســــــيمات الغبار في هذه الســــــحب حتجب ضوء النجوم، وجتعل

هذه الغيوم معتمة للضوء املرئي.A Star Is Born-With Difficulty )�(

Swaddled in dust )��(feedback )1(

the Milky way )2(

]النظرية املعيارية[والدة جنم �� بصعوبة)٭(

تقدم النظرية املعيارية في التكون النجمي تفسيرا متقنا للنجوم املنعزلة ذات الكتل الطفيفة واملتوسطة، ولكنها تترك كثيرا من الثغرات املفاهيمية.

قلب

جنم بدائيسحابة

يبدأ التكون النجمي بسحابة جزيئية عمالقة، هي كتلة بارزة سدميية من الغاز والغبار.

املسألة رقم 1: من أين تأتي السحابة؟اجلواب: ال بد أن يتخثر على نحو ما خليط من

مادة ولدها االنفجار األعظم، أو قذفتها جنوم.

املسألة رقم 2: ملاذا ينهار القلب؟اجلواب: ال يحدد هذا النموذج كيف يختل توازن

القوى التي جتعل السحابة مستقرة.

املسألة رقم 3: كيف تؤثر األجنة أحدها في اآلخر؟اجلواب: إن النظرية املعيارية في التكون النجمي

تتعامل مع النجوم كل على حدة.

ضمن هذه السحابة، تنهار سحابة جزئية كثيفة من الغاز والغبار - تسمى قلبا - بفعل وزنها.

يتشظى القلب إلى أجنة جنمية متعددة. وفي كل من هذه األجنة تنشأ نواة لنجم بدائي، وتسحب نحوها غازا وغبارا.

Page 8: july_aug_2010_oloom

7 (2010) 8/7

لذا، فكل من يسعى منا إلى رصد التكون النجمي، سيواجه مشــــــكلة أساسية هي أن النجــــــوم تخفي عملية والدتها. إن املادة التي تولد النجوم ســــــميكة ومعتمة؛ ويتعني عليها أن تصبح كثيفة بدرجة متكنها من استهالك ــــــووي، ولكنها لم حتقــــــق ذلك بعد. اندماج نــــــف تبدأ هذه ــــــون رؤية كي ويســــــتطيع الفلكيــــــة وكيف تنتهي، ولكــــــن ما يحدث بني العمليــــــة والنهاية يصعب جــــــدا رصده، ذلك البدايأن كثيرا من اإلشــــــعاع يخرج بطول موجات اإلشــــــعاع حتت األحم���ر البعي���د)1( وأطوال

ــــــة دون مليمترية، لذا فإن صندوق عدد موجيــــــني يعد بدائيا نســــــبيا في التعامل مع الفلكي

تلك األجزاء من الطيف.ويعتقد الفلكيون أن الســــــحب التي تولد فيها النجوم تنشأ بصفتها جزءا من الدورة الضخم���ة)2( للوسط البينجمي، والذي ينتقل فيه الغاز والغبار من الســــــحب إلى النجوم، ثم يعودان أدراجهما من حيث انطلقا. وهذا الوسط مكون في املقام األول، من الهدروجني؛

far-infrared )1(the grand cycle )2(

جنم بدائيجنم شبيه بالشمس

كوكب

جنم ضخم الكتلة

املسألة رقم 4: كيف تتكون النجوم ذات الكتل الضخمة؟اجلواب: إن النجوم الوليدة، التي لها كتل أكبر من 20 كتلة شمسية، شديدة اإلضاءة

ن جنوم قريبة منها. بدرجة جتعل من املتوقع أن تقوم بتعطيل تكونها، وأيضا تكو

يتقلص حجم النجم البدائي، وتتزايد كثافته، ويغدو رسميا جنما عندما تبدأ عملية االندماج النووي في قلبه. وتنشأ الكواكب عن املادة املتخلفة التي تدور حوله.

Page 9: july_aug_2010_oloom

8(2010) 8/7

the dark origins of interstellar Clouds )�(other wayS that StarS MyStify )��(

)1( ]انظر: »الغاز بني النجوم«، ، العددان 6/5 (2002)، صفحة 90[

herschel Space observatory )2(the Stratospheric observatory for infrared astronomy )3(

)4( ]انظر: »مواد احلياة األولية املقذوفة من بعيد«، ، العدد 1(2000)، صفحة 4[

protostars )5(

أشياء أخرى تربكنا بها النجوم)٭٭(

ما هي سرعة تكون النجوم؟ هذا سؤال آخر يكافح الفلكيون ملعرفة

جوابه. النقطة احلاسمة هي املرحلة النهائية من االنهيار، وذلك بعد أن

يكون جنم بدائي قد شكل نواة، ولكن قبل أن يكون قد كبر حجمه نتيجة

الغاز املتنامي. وقد رصد فريق يقوده <J .N. إيڤانز> ]من جامعة تكساس في

أوسنت[ مجمعات قريبة تتكون فيها النجوم، وذلك بواسطة مقراب سپيتزر الفضائي، ووجدوا أن التنامي يحدث مبعدل غير مستقر جدا. ويكبر النجم

بسرعة ليصل إلى نصف حجمه النهائي، ولكن منوه يتباطأ بعد ذلك،

إذ يستغرق للوصول إلى حجمه النهائي عشرة أمثال الوقت الذي

يستغرقه للوصول إلى نصف حجمه. وتستغرق العملية كلها وقتا أطول

كثيرا مما كان يتوقعه الفلكيون.وثمة مسألة أخرى هي أن الغاز في السحب اجلزيئية شديد االضطراب،

ويتحرك بسرعات فوق صوتية. ترى، ما الذي يثير حركته هذه؟ قد تكون

النجوم اجلنينية نفسها هي املسؤولة عن ذلك. وجميع النجوم البدائية تقريبا تنفث دفقات بسرعة عالية

]انظ�ر: »األي�ام املبك�رة في حي�اة جنم« ، ، العدد 12(2000)، صفحة 26[.

ــــــوم قرابة ربع كتلته، أما جميع ن الهلي ويكون أكثر من بضعة العناصر األخرى فال تكوــــــة من هذا الوســــــط. وبعض أجــــــزاء في املئهــــــذه املادة بدائي لم يحــــــدث فيه اضطراب ــــــذ الدقائق الثالث األولى والتي إال نادرا منحدث فيها االنفجار األعظ���م the big bang؛ وبعضها اآلخر نبذته النجوم خالل حياتها؛ وبعضها حطام لنجوم تفجرت. إن اإلشعاع النجمي يحطم أي جزيئات هدروجينية إلى

الذرات التي تكونها)1(.وفي البداية ينتشــــــر الغاز بحيث توجد ذرة هدروجني واحدة تقريبا في السنتيمتر املكعب، بيد أنه خالل تبرده يتخثر متحوال إلى سحب متقطعة متاما، مثلما يتكثف بخار املــــــاء متحوال إلى ســــــحب في جو األرض. ــــــرد الغاز بســــــبب إشــــــعاعه حرارة، ويتبولكن العملية هذه ليســــــت مباشــــــرة بسبب وجود عدد محدود فقط من الطرق خلروج احلــــــرارة. وقد تبني أن أكثر اإلشــــــعاعات ــــــة هو اإلصدار حتــــــت األحمر البعيد فعاليمن عناصــــــر كيميائية معينة، كاإلشــــــعاع ــــــن بطول موجي ــــــذي يصدره كربون مؤي القدره 158 ميكرونا micron. هذا وإن جو األرض السفلي كامد )معتم( لهذه األطوال ــــــة، لذا يجــــــب رصدها باســــــتعمال املوجياملراصــــــد الفضائية مثل مرصد هيرش���ل ــــــذي أطلقته عام 2009 وكالة الفضائي)2( ال

الفضاء األوروبية، أو باســــــتعمال مقاريب مركبة على منت طائرات، مثل املرصد الذي

.)3((SOFIA) أطلق عليه اسمد السحب، تصبح أكثر كثافة. ومع تبروعندما يصبح عــــــدد ذراتها نحو ألف في الســــــنتيمتر املكعب، تغــــــدو كثافتها كافية البنفســــــجي فوق اإلشــــــعاع ــــــراض العتالصادر عن املجــــــرة املجاورة. وعند ذلك، ــــــذرات الهدروجــــــني االندماج في ميكــــــن لجزيئات بواسطة عملية معقدة فيها حبيبات غبار. وقــــــد بينت األرصــــــاد الراديوية أن الســــــحب اجلزيئية حتوي مركبات - بدءا من الهدروجني (H2)، وصوال إلى عضويات مركبة - قد تكــــــون وفرت الظروف للحياة ــــــد أن درجات احلرارة، على األرض)4(. بيــــــى. وقد أظهرت وراء هذا املســــــرح، تتدنأرصــــــاد حتت األحمر جنوما حديثة املولد ــــــار، ولكن هذه مطمــــــورة في أعمــــــاق الغباألرصاد لم تتمكن من رؤية أولى اخلطوات التي أسفرت عن حتول السحابة اجلزيئية

إلى هذه النجوم البدائية)5(.

]املسألة رقم 1[األصول املظلمة للسحب)٭(

لقد حدد الفلكيون تدريجيا مراحل اندماج السحب، بدءا من غاز منتشر بني النجوم

يتزايد كثافة باطراد. هذا وإن املرحلة، التي تسبق مباشرة تكون النجوم البدائية

ل مبا يسمى سحبا معتمة حتت حمراء. تثهذه السحب التي تعترض حتى انتشار

الضوء حتت األحمر، تظهر بشكل خطوط سوداء في هذه الصورة التي أخذها املسح

GLIMPSE في مقراب سپيتزر الفضائي.

وحجوم هذه السحب وكتلها مالئمة تاما للتكون النجمي.

سحابة مظلمة حتت حمراء

Page 10: july_aug_2010_oloom

9 (2010) 8/7

أما إذا كان جنمــــــا ذا كثافة متواضعة، فإنه يعيش حياة أطول، ونراه يتهادى بسالســــــة

في تلك الليلة اللطيفة.

ما الذي ضغط على الزناد؟)٭٭(يحرز الفلكيون بعــــــض التقدم أيضا في املسألة الرئيســــــية الثانية التي لم حتل بعد، وهــــــي التي تبحث عن األســــــباب التي تؤدي إلى انهيار ســــــحابة أو قلبها. وفي النموذج

إن موضوع أبكر مراحل التكون النجمي ــــــدأ بالتغير فــــــي منتصف التســــــعينات من بالقرن العشــــــرين، عندما اكتشف املرصدان the و ،the Midcourse Space Experiment

لهــــــا ســــــحبا Infrared Space Observatory؛

ــــــه يوجد أكثر من 000 10 كثافــة عالية )إذ إنذرة منها في السنتيمتر املكعب الواحد( قادرة على اعتراض حتى األطوال املوجية احلرارية ــــــذي يخترق عادة لإلشــــــعاع حتت األحمر الاملناطق الغبارية. ولهذه الســــــحب، املســــــماة س���حبا مظلم���ة حت���ت حم���راء)1(، كتل أكبر كثيرا )100 إلى 000 10 مرة من كتلة الشمس( من كتل السحب التي سبق اكتشافها بأطوال ــــــة ضوئية. وخالل الســــــنوات العديدة موجياملنصرمة استعمل فريقان املرصد سپيتزر)2( إلجــراء مســــح شــــامــل لها: املسح األول هو (GLIMPSE))3( بقيــــادة <B .E. تشيرشــــــويل>

]مـن جــــامعــــة وسكونســــــن - ماديســــــون[ واملســــــــح الثـــاني هـــــو MIPSGAL، بقيـــــادة <S. كاري> ]مــــــن مركــــــز ســــــپيتزر[. وهــــــذه

الســــــحب هي احللقة املفقودة بني الســــــحب اجلزيئية والنجوم البدائية.

وفي احلقيقة، فقد متثل الســــــحب املظلمة ــــــوب الكثيفة املرحلة احلاســــــمة للنجوم والقلالتي ميكن فيها حتديد كتلها. وللسحب كتل متسلسلة في كبرها؛ علما بأن الصغير الكتلة منها أكثر شيوعا من السحب الكبيرة الكتلة. ــــــوزع النجوم، ــــــوزع الكتل هذا ت ويحاكــــــي تباســــــتثناء أن كتل السحب أكبر عموما ثالث مرات من كتل النجــــــوم، وهذا يوحي أن ثلثا واحدا فقط من كتلة سحابة يتحول إلى جنم ــــــد. أما مــــــا تبقى من الســــــحابة، فيتناثر ولي

بطريقة ما في الفضاء.أما كون هذا التشــــــابه في التوزيع سببيا أو مجرد مصادفة، فمســــــألة ال بد من حلها. وأيا كان السبب الذي يكمن وراء امتالك جنم ــــــخ حياته كلها: ــــــه، فهي التي حتدد تاري كتلتفــــــإذا كان جنما ضخم الكتلة فإنه يفنى وهو مازال صغير الســــــن ويتفجر بطريقة كارثية.

the onset of Collapse )�(what Pulled the trigger )��(

infrared dark clouds )1(the Spitzer Space telescope )2(

the Galactic legacy infrared Midplane Survey extraordinaire )3(

]املسألة رقم 2[بداية االنهيار)٭(

إن الكتب املقررة في علم الفلك غامضة فيما يتعلق بالطريقة التي جتعل الغيوم تفقد اس���تقرارها ث���م تنه���ار. وتظهر الصور احلديث���ة حتت احلمراء التي حص���ل عليها املركز س���پيتزر أن النجوم

الضخمة املجاورة غالبا ما تكون املسؤولة عن ذلك.

في احلشد NGC 2068 تصطف النجوم البدائية معا مثل آللئ في عقد.

ومع أنها مبعثرة على نطاق واسع، فقد تكونت في الوقت نفسه تقريبا، هذا وإن املسؤول األكثر احتماال هو

زمرة من النجوم الضخمة القريبة.

في املنطقة W5 من املجرة، أحدثت النجوم الضخمة )التي تظهر في الصورة بلون مائل إلى الزرقة( جتويفا في سحابة جزيئية. وتوجد على حافة التجويف جنوم

بدائية )مطمورة في غاز لونه مييل إلى االبيضاض، وآخر لونه مييل إلى اللون القرنفلي( لها العمر نفسه تقريبا،

وهذا يشير إلى أن تكونها استهل بفعل النجوم الضخمة؛ أما العمليات األخرى، فلم جتر مبثل هذا التزامن.

Page 11: july_aug_2010_oloom

10(2010) 8/7

ــــــون القلب ــــــاري للتكــــــون النجمــــــي، يك املعيــــــدا، إذ توازن الثقالة فــــــي بدايته متوازنا جيــــــي والضغــــــط اخلارجــــــي بالضغــــــط الداخلاحلــــــراري أو املغنطيســــــي املضطرب. ويبدأ االنهيار عندما يختل هــــــذا التوازن ملصلحة ــــــذي يقدح زناد االختالل الثقالة. ولكن ما الفي التوازن؟ للجواب عن هذا الســــــؤال، قدم الفلكيون أســــــبابا جد متنوعة. فقد تقوم قوة خارجية، كأن تكون انفجار مستعر أعظمي supernova، بضغط السحابة، أو أن الضغط

الداخلي قــــــد يضعف جراء تبدد احلرارة أو احلقول املغنطيسية.

وقد حــــــاج <Ch. الدا> ]من مركز الفيزياء ــــــة (CfA))1([ و<J. ألڤيس> ]من املرصد الفلكي(ESO))2([ ومعاونوهم في أن السبب هو التبدد

البطيء فــــــي الدعم احلــــــراري. فبمتابعتهما للســــــحب اجلزيئية بأطوال موجية مليمترية bands طق أو دون مليمترية، التي تغشى النالراديوية وحتت احلمراء، اســــــتطاعا كشف عدد كبير نسبيا من القلوب املعزولة الهادئة في سحب مجاورة. ويوفر بعضها أدلة على حركات بطيئة متجهة إلى الداخل، وقد تكون فــــــي طريقهــــــا لتكوين جنوم، ويقــــــدم النجم Barnard 335 مثاال ممتازا، وهو يقع في برج

العقــــــاب)3(. إن كثافته هي ما يتوقع بالضبط إذا كان الضغط احلراري للسحابة في حالة

توازن تقريبا مــــــع الضغط اخلارجي. ورمبا كان مصدر اإلشــــــعاع حتت األحمر املوجود فــــــي املركز جنما بدائيا في مرحلة مبكرة من حياته، وهذا يوحي أن التوازن مال قبل وقت

قريب إلى االنهيار.وتقدم دراسات أخرى شواهد على قدح ــــــني <T. پيربيتش> ]من ــــــاد خارجي. فقد ب زنمعهد ماكس پالنك لعلم الفلك الراديوي في ــــــون[ ومعاونوه أن ثمــــــة جنوما موزعة على بنطاق واسع في منطقة برج العقرب العلوي)4( ــــــت جميعها معــــــا. وســــــيكون من قبيل تكونــــــدد الضغط الداخلي املصادفة متاما أن يتبللقلوب املختلفة في وقت واحد. وثمة تفسير ــــــر احتماال مفاده بأن موجة صدم أطلقها أكثمســــــتعر أعظمي اكتسحت املنطقة وأدت إلى انهيار القلوب. ومع ذلك، فهذا دليل غامض، ألن النجوم الضخمة متزق املواقع التي تولد فيها، وهــــــذا يجعل من الصعب إعادة إيجاد الظروف التي تتكون فيها. وهناك تقييد آخر ــــــة جنوم أصغر كتلة يتجلى في صعوبة رؤي)وهي أضعف ضوءا( إلثبات أنها هي أيضا

تكونت في وقت واحد.ــــــا في اكتشـــــــــف مركــــــز ســـــــپيتزر تقـــدمـــ

life in a Crowded nursery )�(infrared 101 )��(

Center for astrophysics )1(the european Southern observatory )2(

aquila )3(the upper Scorpius )4(

]املسألة رقم 3[

احلياة في بيتحضانة مزدحم)٭(

ميكن أن يتداخل تكون النجوم احلديثة الوالدة بعضها ببعض، وهذا يناقض االفتراضات التي

يبنى عليها النموذج املعياري للتكون النجمي. وقد وجد مركز سپيتزر مثاال في احلشد NGC 2264 الذي the Christmas Tree يسمى حشد شجرة عيد امليالد

Cluster، والذي يحوي جتمعا كثيفا من النجوم

التي لها أعمار مختلفة. وقد تبني بامليز العالي high resolution أن بعض أصغر »النجوم« سنا هي جتمعات متراصة من النجوم البدائية - إذ

توجد عشرة منها في منطقة نصف قطرها 0.1 سنة ضوئية، وهذا يعني أنها قريبة جدا بعضها من

بعض، ومن ثم يوجد تآثر بينها.

األطوال املوجيةحتت احلمراء 101)٭٭(

تشبه السحب بني النجمية، حيث تتكون النجوم، لطخات سوداء في الضوء

املرئي، غير أنها تصبح جلية باألطوال املوجية الراديوية وحتت احلمراء.

لألشعة حتت احلمراء طول موجي قدره 1000 ميكرون، أي مليمتر واحد.

واملادة، التي تتراوح درجة حرارتها بني 3 و 3000 درجة مئوية، تصدر إشعاعا

تبلغ ذرواته في هذا النطاق.

اإلشعاع حتت األحمر القريب near-infrared radiation يقع في نهاية

األطوال املوجية القصيرة لهذا النطاق، إذ إن طولها يقع بني ميكرون وخمسة

ميكرونات تقريبا. إنها، غالبا ضوء جنمي أضعف الغبار شدته.

يصل الطول املوجي لإلشعاع حتت األحمر البعيد واملتوسط البعد إلى

300 ميكرون. إطالق الغاز هو مصدره الرئيسي. وتصعب رؤيته من األرض

ألن األرض ذاتها تصدر في هذا النطاق، وألن اجلو األرضي يحجب

معظم اإلصدار السماوي.

األشعة دون املليمترية، التي تقع أطوالها في النطاق بني 300 و 1000 ميكرون،

هي موقع جيد لرؤية املادة بني النجمية الباردة.

املوجات الراديوية هي جميع املوجات التي تكون أطول من ذلك.

Page 12: july_aug_2010_oloom

11 (2010) 8/7

حل هذه األســــــئلة. وقــــــد اكتشــــــف <L. ألني> ]من املرص���د الوطني لعلم الفل���ك الض�وئي ــــــگك> ]مــــــن املركــــــز (NOAO))1([ و<P .X. كوين

CfA[ ومعاونوهمــــــا مثاال مدهشــــــا على قدح

W5 زناد خارجي في منطقة من املجرة تسمى)انظر املؤطر في الصفحة 9(. وتظهر صورهما جنومــــــا بدائية فتية مطمــــــورة في جيوب كثيفة من الغــــــاز انضغطت باإلشــــــعاع الصادر عن جيل ســــــابق من النجوم. وملــــــا كان االنضغاط عملية سريعة، فال بد أن هذه األجسام املبعثرة على نطاق واسع تكونت في وقت واحد تقريبا. ن جنمي واختصارا، فإن مسألة قدح زناد تكوال حتتمل إجابة من النوع »إما - أو« كما كان

يظن في املاضي.

احلياة في بيت حضانة جنمي)٭٭(ــــــن النقـــص التي ــــــا جانبـا مواطـ إذا وضعنأوردنــاهــــــا آنفا، فإن النموذج املعياري يفســــــر أرصـاد القلوب املنعـزلة املكونة للنجــــوم تفسيرا ــــــدا إلى حد مــا. ولكن كثيـرا من النجـوم، إن جيـــــــم يكن جميعها، تتكون في حش���ود)2(، ومن ثم لفـــإن النمـــوذج املعيــاري ال يفسر كيف أن هـــذا الوســـــــط املزدحم يــؤثـــر فـي والدة تلك النجوم. وفي الســــــنوات القليلة املاضية، قدم الباحثــــون نظـريتــني متنافســــتني مللء هـــذه الثغــرة. فالتقدم ــــــي أتيحت ــــــل في ق���وة احلوس���بة)3( الت الهـــائ

Breaking through the Mass Ceiling )�(life in a Stellar nursery )��(

the national optical astronomy observatory )1(clusters )2(

computing power )3(

]املسألة رقم 4[اختراق سقف الكتلة)٭(

تبني محاكيات حاس���وبية حديثة للتكون النجمي أن النجم الضخم الكتلة قادر على بلوغ حجم يبدو مس���تحيال، ألنه ال ينمو بانتظام. إن اإلش���عاع الذي يصدره النج���م البدائ���ي يدف���ع الغ���از بعيدا عنه، وهذا يولد خ���الءات )فقاقيع( عمالقة ضمن الغاز، ولكنه ال يكبح كليا تدفق الغاز نح���و النجم، ألن املادة تتجمع على هيئة

خيوط في الصدوع داخل هذه اخلالءات.

900 55 سنة : تنتهي احملاكاة حني تبلغ كتلة النجم املركزي 42 كتلة

شمسية، وكتلة رفاقه 29 كتلة شمسية. ويتبقى نحو 28 كتلة شمسية من الغاز الذي يحتمل أن يسقط نحو

الداخل في نهاية املطاف.

700 41 سنة : ينمو أحد النجوم البدائية الصغيرة بسرعة أعلى من النجم البدائي املركزي، وسرعان ما

ينافسه في احلجم. والتنامي ال يكون غير منتظم في الفضاء فحسب، بل هو، أيضا، غير مستقر في الزمان.

000 34 سنة : عندما تتجاوز كتلة النجم البدائي 17 كتلة شمسية، يقوم

اإلشعاع بدفع الغاز خارجا، مولدا فقاقيع. ولكن الغاز مازال يتدفق نحو الداخل حولها. وعندئذ تتكون جنوم

بدائية أصغر.

000 25 سنة : عندما يكون النجم البدائي قد صار بحجم 11 كتلة

شمسية، يصبح الغاز احمليط به غير مستقر تثاقليا، ويأخذ شكال لولبيا.

500 17 سنة : لقد تكون جنم بدائي، ويتدفق الغاز نحوه

بانتظام إلى حد ما. هذا وإن الطاقة الكامنة التثاقلية

احملررة بفعل هذا التدفق للغاز جتعله متوهجا.

الكثافة على طول احملور

الكثافة العمودية على احملور

3000 وحدة فلكية

Page 13: july_aug_2010_oloom

12(2010) 8/7

بدأ اهتمامه بعلم الفلك حني كان في السادسة عشرة من عمره، إذ صنع آنذاك

مقرابا من أنبوب من الورق املقوى. هو اآلن مدير عمليات البعثة العلمية للمرصد

الذي أطلق عليه اسم (Sofia). كان Steward يونگ> فلكيا في مرصد>

التابع جلامعة أريزونا بني عامي 1978 و 2009. وكان يعمل في الفرق العلمية

في كل مرفق فضائي رئيسي حتت the األحمر، من ضمنها الساتل الفلكيinfrared astronomical Satellite، واملرصد

the infrared الفضائي حتت األحمرSpace observatory، وآلة التصوير

the wide field وآلة التصوير ،niCMoS

Camera 3 املركبة على منت مقراب هابل

the Spitzer Space الفضائي، واملقراب James واملقراب املقبل ،telescope

.webb Space telescope

املؤلف

Erick T. Young

للمحاكيات)1( كان حاسما في شحذ النظريتني. ومــــــن ثم، فإن األرصاد، ومــــــن أهمها تلك التي أجراها مركز ســــــپيتزر، تســــــاعد الفلكيني على

دعم إحداهما.في واحــــــدة منهمــــــا، يصبح التآث����ر)2( ــــــوب املتجاورة مهمــــــا. وفي احلالة بني القلاملتطرفــــــة يتكون كثير مــــــن النجوم البدائية البالغة الصغر، وهي تتحرك بســــــرعة عبر الســــــحابة، وجتهد كي جتمــــــع ما تبقى من الغــــــاز. وبعض هذه النجــــــوم يكبر حجمها ــــــر من األخــــــرى، أما اخلاســــــرون فقد أكثيطردون جميعا من احلشــــــد، وهــــــذا يولد صفا من األقــــــزام النجمية التي تطوف في املجرة. وقد أيد هذه الصورة، التي سميت تنامي����ا تنافس����يا)I> ،)3. بونيل> ]من جامعة ــــــدروز[ و<M. بيت> ]مــــــن جامعة ســــــانت أن

إكستر[ وآخرون.وفي النمــــــوذج البديل، ال يكون التأثير التآثرات بني القلوب، اخلارجي الرئيسي ــــــل االضطــــــراب ضمن الغاز. ويســــــاعد بــــــاد االنهيار؛ ثم االضطــــــراب على قدح زنــــــوزع حجــــــوم النجــــــوم يعكس طيف إن تاحلركات املضطربة وليس تنافســــــات في وقــــــت الحق على املادة. وقد ابتكر منوذج ــــــذا <C. ماك كي> القل���ب املضط���رب)4( هـــــــــة كاليفــورنـيـــا في بيركــلي[ ]من جــامعـــــــــز> ]من جامعة كاليفورنيا و<M. كرومهولت

في سانتاكروز[ وآخرون.ــــــدو أن األرصاد حتبذ منــــــوذج القلب ويباملضطرب)5(، ولكن منوذج التنامي التنافسي ــــــق حتــظى ــــــون مهمــــا فــــــي منــــاطــــ قــــــد يكـــــــــة جنميــــــة عـــاليـــة. وإحــــدى احلــاالت بكثافــــــــــــدا لالهتــمـــام، حش����د ش���جرة ــــــرة جــــ املثيــــــاملي���الد)6( (NGC 2264) املوجــــــود فــــــي كوكبة مونوســــــيروس)7(. وفي الضوء املرئي، تظهر هــــــذه املنطقة عــــــددا من النجوم الســــــاطعة ــــــار والغاز - وهي ــــــر كبيرة من الغب ومقاديســــــمات مميزة للتكون النجمي. وقد كشفت

أرصاد مركز سپيتزر حشدا مطمورا كثيفا من النجــــــوم التي تنتمي إلى مراحل مختلفة من التطور. ويوفر هذا احلشد لقطة سريعة ــــــك املراحل بالضبط، التي ســــــيترك فيها لتل

االضطراب أو التنامي التنافسي عالماته.إن أصغر النجوم ســــــنا، وتتميز بأنها حتتوي على أعلى نســــــبة من اإلصدارات ــــــل في زمر ــــــرة، تتكت بأطــــــوال موجية كبيمحكمة)8(. وقد بينت <S .P. تكسيرا> ]تعمل اآلن في املرصد ESO[ ومعاونوها أن هذه النجوم يتباعــــــد بعضها عن بعض كل 0.3 ســــــنة ضوئية تقريبا. وهذه الصورة هي ما ــــــوب الكثيفة يتوقــــــع بالضبط إن كانت القلتنهار تثاقلي���ا gravitationally وتخرج من الغيمــــــة اجلزيئية العامــــــة، وهذا يوحي أن الظروف االبتدائية في الغيمة هي التي حتدد الطريق إلى االنهيار. ومع ذلك، فحتى ولو كانت األرصــــــاد تدعم النموذج املضطرب، ــــــد ميكننا من القول إن فللصور ميز)9( جيبعض النجــــــوم البدائية املفترضة ليســــــت أجساما منعزلة، إمنا هي زمر متراصة من األجســــــام، حتوي إحداها عشرة مصادر ضمــــــن منطقة نصــــــف قطرها 0.1 ســــــنة ضوئية. ولألجسام كثافة عالية جدا تؤدي ــــــى ضرورة حدوث تنام تنافســــــي، وذلك إل

مبقياس صغير على األقل.لذا، فكما هو احلال في آليات قدح الزناد، فـــإن أثــر البيئة النجمية ال يســــــمح باخليار »إم���ا - أو«)10(. ولكــــــن ميكــــــن لالضطــــــراب والتنامي التنافســــــي أن يعمال كالهما، وذلك ــــــدو أن الطبيعة يتوقــــــف على الظــــــروف. ويب

تستفيد من كل طريقة ممكنة لتكوين جنم.simulations )1(interactions )2(

competitive accretion )3(turbulent-core model )4(

“the Mystery of Brown dwarf origins,” by S. Mohanty -:5( ]انظر(]r. Jayawardhana; Scientific American, January 2006

Christmas tree Cluster )6(Monoceros )7(tight group )8(resolution )9(

either-or choice )10(

Page 14: july_aug_2010_oloom

13 (2010) 8/7

اجعل هذا النجم فائق احلجم)٭(

إن النجــــــوم ذوات الكتل الضخمة نادرة الوجود وقصيرة العمــــــر، لكنها تؤدي دورا مهما في نشوء املجرات وتطورها. إنها تضخ طاقة في الوسط البينجمي بواسطة التدفقات ــــــة للمــــــادة واإلشــــــعاع كليهما، ثم اخلارجيإنها، فــــــي أواخر حياتها، ميكــــــن أن تنفجر ــــــدة بذلك املادة كاملســــــتعرات األعظمية، معيمخصبة بعناصــــــر ثقيلة. ودرب التبانة مليء بفقاقيع وبقايا مستعرات أعظمية ولدتها مثل هذه النجوم. بيد أن النظرية املعيارية تعاني مشكلة في تفسير تكونها. وحاملا يصل جنم ــــــي عتبة تعادل قرابة 20 كتلة شمســــــية، بدائــــــى الضغط الذي يحدثه إشــــــعاعه يتعني علالتغلب على قوة الثقالة، ومنعها من التعاظم. وإضافــــــة إلى ضغط اإلشــــــعاع، فإن الرياح التي يطلقها مثل هذا النجم الضخم تشــــــتت السحابة التي ولدته، وهذا يحد من منوه، وال

يسمح له بالتدخل في تكوين جنوم قريبة.ــــــث، أجنزه ويوفــــــر بحــــــث نظــــــري حديــــــوه، طريقة للخروج من <كرومهولتز> ومعاون

هذه املشــــــكلة. فمحاكياتهــــــم الثالثية األبعاد تبني منــــــوا جنميا في ظــــــروف تعقيدات غير ــــــي للمادة ميكن أن متوقعــــــة. فالتدفق الداخليغدو غير منتظــــــم البتة؛ إذ يجري تناوب بني ــــــع التي يتدفق املناطــــــق الكثيفة وبني الفقاقيمنها الضوء إلى اخلــــــارج. لذا، فإن الضغط اإلشــــــعاعي رمبا ال يضع عقبة أمــــــام النمو املســــــتمر على الرغم من كل شــــــيء. ومن ثم، ن، فإن املادة الكثيفة املتدفقة نحو الداخل تكوأيضا وبســــــرعة، جنوم���ا مرافق���ة)1(، وهذا يفسر السبب في أن النجوم الضخمة الكتلة نادرا ما ترى وحيدة. ويبحث الراصدون اآلن عن تأييد لهذا األمر باالســــــتفادة من عمليات مســــــح ســــــپيتزر للمناطق التي تتكــــــون فيها النجــــــوم ذات الكتل الضخمــــــة. بيد أن هذه عملية ليست بالسهلة بسبب ندرة هذه النجوم وقصر أعمارها، ومن ثم فمن الصعوبة مبكان

نها. اصطيادها خالل عملية تكو

وحلســــــن احلظ، فثمــــــة مرافــــــق جديدة ستســــــاعد ســــــريعا على حل هذه املشــــــكلة ومســــــائل أخرى طرحها التكــــــون النجمي. منها، على ســــــبيل املثال، هيرشل وصوفيا، وهي طائرة من طراز Boeing 747، ســــــتحلق فوق 99 في املئة مــــــن بخار املاء الذي يجعل جــــــو األرض مظلمــــــا، وســــــترصد األطوال املوجية لإلشــــــعاع حتــــــت األحمــــــر البعيد، ــــــة، حيث ــــــة دون املليمتري واألطــــــوال املوجيــــــة التكون النجمي أســــــهل كثيرا. تكون رؤيــــــزات املوجودة على منت الطائرة ميز وللتجهيمكاني وظيفي، وهذا ضروري لرسم خريطة مفصلة للسرعات في الغيوم البينجمية. وفيما يتعلق باألطــــــوال املوجية التي هي أكبر، فإن الصفيف (ALMA))2(، الذي يجري بناؤه في الصني حاليا، سيسمح برسم خريطة للنجوم

البدائية املنفردة بتفصيل بالغ اإلتقان.وباإلفادة من هذه األرصاد اجلديدة، يأمل ــــــدورة الكاملة حلياة ــــــأن يتتبعوا ال الفلكيون بــــــوم الذرية، إلى الوســــــط البينجمي: مــــــن الغيالغيوم اجلزيئية، إلى القلوب التي سبقت والدة النجوم، إلى النجوم، وأخيرا، العودة إلى الغاز املنتشــــــر. ويحدو هؤالء العلمــــــاء أيضا األمل برصد أقــــــراص التكون النجمــــــي مبيز زاوي يكفي جلعلهــــــم قادرين على تعقب التدفق نحو الداخل للمادة اآلتية من الغيمة، وأيضا، مقارنة

تأثيرات البيئات املختلفة في والدة النجوم.وســــــتفيد األجوبة موضوعات أخرى في الفيزياء الفلكية. فكل شيء نراه - املجرات، ــــــة، النجــــــوم، الكواكب، الســــــحب البينجميالناس - صار وجوده ممكنا بفضل التكون النجمي. هذا وإن نظريتنا احلالية في التكون النجمي ليست ســــــيئة، ولكن الثغرات التي تتخللها جتعلنا عاجزين عن تفسير كثير من أهم ســــــمات عاملنا احلالي. ونحن نرى في تلك الثغرات أن التكون النجمي عملية أكثر غنى مما كان يتوقعه أي إنســــــان على وجه

هذه البسيطة. <Supersize this Star )�(

companion stars )1(the atacama large Millimeter array )2(

مراجع لالستزادة

Scientific American, February 2010

Page 15: july_aug_2010_oloom

14

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

استعادة التوازنباستعمال آذان حيترونية)٭(

يوما ما، قد تعيد الغرسات اإللكترونية في األذن الداخلية وضوحالنظر والتوازن لبعض املرضى الذين يعانون اضطراب التوازن املقعد.

<C .Ch. ديال سانتينا>

مفاهيم مفتاحية< ميكن أن تسبب اضطرابات النظام

الدهليزي في األذن الداخلية الدوار واهتزاز النظر وتشوشه.

< هناك ثالث قنوات نصف دائرية في

األذن الداخلية مسؤولة عن قياس دوران الرأس.

< يجري تطوير أجهزة تعويضة اصطناعية prostheses للقيام

بوظيفة القنوات نصف الدائرية ومن ثم استعادة التوازن.

محررو ساينتفيك أمريكان

اس������أل أصدق������اءك أن يع������ددوا حواس اجلس������م، وس������يتوقفون عادة بعد عد خمس ح������واس: ال������ذوق واللمس والبصر والش������م والس������مع. إن معظ������م الن������اس ال يالحظ������ون حاستهم السادسة - اإلحساس بكيفية توجه ال������رأس وحركته. ولكن فق������دان هذه القدرة ميكن أن يؤدي إلى دوار شديد ومقعد يتبعه عدم ت������وازن مزمن وتش������وش البصر عندما يك������ون الرأس في وضع احلركة. وحلس������ن احلظ يجري قدما تطوير غرسات حيترونية لألذن)1( الس������تعادة التوازن لدى األشخاص الذي������ن يعان������ون أذي������ة التي����ه الدهلي����زي)2( ف������ي األذن الداخلية - اجل������زء الذي يزودنا

بحاستنا السادسة.إن <R. گان������ون> ]العام������ل املتقاعد الذي يبلغ 57 عاما، وال������ذي كان يعمل في تركيب وضب������ط األجه������زة البخاري������ة ويقط������ن في پنسلڤانيا وفلوريدا[ يترقب بصبر نافد توفر هذه األجهزة التعويضي������ة، إذ فقد <گانون> كثيرا م������ن إحساس������ه بالتوازن قبل س������بع س������نوات بعد أن أصيب مبا يبدو أنه مرض ڤيروس������ي. يقول <گانون>: »دعوني أكن أول من يج������رى له زرع غرس������ة دهليزية، مازلت أنتظر مكاملتهم الهاتفية منذ خمس س������نوات، وحاملا يس������تطيعون القيام بالزرع فسأمشي

إلى املستشفى إن اضطررت إلى ذلك.«يضي������ف <گان������ون> ]الذي كان س������باحا

ماهرا من قبل[: »لقد انتقلت إلى منزل قرب الش������اطئ عندما تقاعدت ألنن������ي أحب املاء. ولكن من������ذ أن فقدت توازني ل������م أعد قادرا على السير مس������تقيما خاصة على الرمل.« أصبحت األمهات اآلن يسحنب أوالدهن بعيدا عن������ي العتقادهن أنني ثمل. إن وقوفي ضمن أم������واج متكس������رة على الش������اطئ ال يتجاوز ارتفاعها بوصتني يجعلني أشعر بأنني على وش������ك الس������قوط. لم أعد أقود الس������يارة إال نادرا، وال أقوده������ا أبدا في الليل ألنني أرى

كل مصباح عشرين مصباحا.وم������ع أن <R. گانون> يش������عر بأنه مرتاح نس������بيا في القيادة النهارية، فإنه يشير إلى أن املسارات الشبيهة باملذنبات التي تخلفها أضواء الطري������ق، وهي تعبر أمام عينيه ليال »تش������به عرضا بأضواء الليزر«. ويقول: »أنا مس������تعد للتخل������ي عن س������معي إذا كان ذلك سيجعلني أس������تعيد توازني.« إن التطورات اإليجابية احلديثة في مجال غرس������ات األذن احليترونية متنح األمل ل� <گانون> وعش������رات اآلالف م������ن أمثاله الذين عان������وا أذية لألذن الداخلية بسبب مضادات حيوية معينة )مثل الگنتامايسني( أو بسبب املعاجلة الكيميائية )٭( REGAINING BALANCE WITH BIONIC EARS، حيترونية على أجهزة مصممة إلكترونية(: حيوية ل�: )نحت bionic

غرار النظم احلية تؤدي وظائفها نفسها.bionic ear implants )1(vestibular labyrinth )2(

Page 16: july_aug_2010_oloom

15 (2010) 8/7

أو التهاب الس������حايا أو داء مينيير أو غيرها من األمراض.

البقاء بانتصاب وثبات)٭(������ن ه������ذا النوع م������ن اآلذان س������وف يؤماحليتروني������ة الثب������ات ع������ن طري������ق التنبي������ه الكهربائ������ي إلى العص������ب الدهليزي والذي ينقل عادة اإلش������ارات من التي������ه الدهليزي إل������ى الدماغ، بصورة مش������ابهة لغرس������ات القوقعة التي تعيد الس������مع عن طريق التنبيه الكهربائ������ي ألجزاء من العصب الس������معي. إن رب������ط اجلهاز كهربائيا بالعصب س������وف

يتجاوز النظام الدهليزي املعيب.يقوم التيه الس������ليم بوظيفتني مهمتني. األولى ه������ي قياس أي اجت������اه هو األعلى وإل������ى أي جهة تتجه. أنت بحاجة إلى هذه املعلومات كي تقف ومتشي بصورة طبيعية. والثانية هي اإلحساس بكيفية دوران رأسك. إنك حتتاج إلى هذه املعلومات لتبقي عينيك على الهدف. على سبيل املثال، كلما ترفع رأس������ك لألعلى يأمر التيه عينيك بالدوران لألسفل بالسرعة نفسها متاما مما يبقي، بالتالي، الصور ثابتة على الشبكية. ولوال هذا املنعكس الدهلي���زي البصري)1( لبدا العال������م كما ل������و كنا نش������اهد فيلما صور بكاميرة ڤيديو مهت������زة بيد صاحبها. هذا هو املنعكس الذي س������وف يس������تعاض عنه بواس������طة األجهزة التعويضي������ة املصممة، مم������ا يعيد كثيرا من التوازن املفقود وليس

كامل التوازن.يقي������س التي������ه الدهلي������زي دوران الرأس مس������تعمال ثالث بنى مليئة بالس������ائل سميت القنوات نصف الدائرية بسبب شكلها الذي يش������به طوق الرقص )الهوال هوپ(. تتوضع القنوات نص������ف الدائرية في كل من األذنني توضعا عموديا عل������ى بعضها بعضا بحيث تستطيع تس������جيل دوران الرأس في األبعاد

الفراغية الثالثة. تقي������س إحدى القنوات ف������ي كل أذن، على

س������بيل املثال، الدوران في املس������توى األفقي. ف������إذا اس������تدرت، فرض������ا، إلى اليس������ار فإن الس������ائل داخل القناة يضغط على غشاء ميتد عبر إح������دى نهايتي القناة ويثني اس������تطاالت تشبه الش������عر تسمى األهداب cilia املتوضعة في خاليا منغرس������ة في قاع������دة البنية. ويطلق ثني األهداب إش������ارات في العصب الدهليزي تصل إلى جذع الدماغ واملخيخ، وهي مناطق الش������عور احلس������ي والتحكم احلرك������ي والتي ترسل رسائل إلى العضالت التي تدير الرأس

في اجتاه معاكس الجتاه حركة الرأس.Staying Upright and Steady )٭(

vestibuloocular reflex )1(

Page 17: july_aug_2010_oloom

16(2010) 8/7

السير مع التيارعندما يكون الرأس ثابتا, يبقى السائل ضمن

كل قناة نصف دائرية راكدا وتطلق ألياف العصب الدهليزي مبعدل ثابت )الصورة

العليا(. عند دوران الرأس )الصورة السفلى( يثني السائل في كل قناة نصف دائرية أفقية

القديح cupula )غشاء مرن عبر القناة(. تترجم خاليا شعرية هذه احلركة إلى إشارة

كهربائية تنقلها األلياف إلى أجزاء أخرى من الدماغ. تثير هذه النبضات منعكسات تدير

العينني باجتاه معاكس الجتاه حركة الرأس, مما يبقيهما مثبتتني على الهدف ويساعد

على احلفاظ على توازن ثابت.

األذن الداخلية: ليست فقط للسمعيشمل التيه الدهليزي ثالثة تراكيب مليئة بالسائل تشبه

طوق الرقص تسمى القنوات نصف الدائرية, يحتوي كل منها على بنية تسمى األنبولة the ampullae في إحدى نهايتيها.

تستشعر األنبولة دوران الرأس في األبعاد الثالثة وتعتمد مثل املستشعرات األخرى في األذن الداخلية على خاليا متخصصة

تترجم حركة السائل إلى إشارات عصبية. وتخبر بنى أخرى في التيه - القريبة والكييس - الدماغ بكيفية توجه الرأس نسبة للثقالة. وسوف يقوم اجلهاز التعويضي الذي اقترحه املؤلف

بوظيفة األقنية نصف الدائرية.

مساعدات التوازن: مجازة كهربائيةيستعمل اجلهاز التعويضي املقترح جيروسكوپا منمنما

الستشعار حركة الرأس يحل مكان العناصر اخلربة في األذن. ويقع اجليروسكوب ضمن وحدة تغرس خلف األذن, ويتألف من عجلة كهرميكانيكية ميكروية هزازة )مصنعة باستعمال أسلوب الليثوغرافيا )الطباعة احلجرية( الضوئية املستخدم في تنميش شيپات chips(. متيل العجلة قليال عندما يتحرك الرأس مغيرة

الڤلطية في مواسعات )مكثفات( مجاورة موجودة ضمن الوحدة ➊. يلتقط معالج ميكروي موجود ضمن اجليروسكوب التغير , ويرسل إشارات إلى إلكترودات مزروعة في األذن الداخلية

تنقل املعلومات إلى العصب الدهليزي ومن ثم إلى جذع الدماغ وفي نهاية املطاف إلى األعصاب التي

تضبط وضعية العينني.

]قطع الغيار[جهاز الستعادة التوازن)٭(

التوازن؛ أساس هو الداخلية األذن في املوجود املعقد التركيب ذو الدهليزي التيه تسبب أذيته عدم الثبات وتشوش البصر. يحقق الباحثون تقدما نحو ابتداع جهاز اصطناعي تعويضي ميكن أن يعوض عن مثل هذه األذية متاما مثلما تعوض الغرسات

عن فقدان السمع بسبب تأذي القوقعة.

القنوات العلويةنصف

الدائريةالقريبة

العصب الدهليزي

التيه الدهليزي

قناة األذنغشاء الطبلة

القوقعة

العصب الدهليزي

الكييس

القوقعة

العرفاألنبولة

األنبولة

القديح

حزمة أشعار

خلية شعريةسائل

عصب دهليزي

العرف

القديح يستشعر

باجتاه تدفق السائل

عصب دهليزي محرض

بطارية خارجية

غرسة معالج ميكروي ومحس

شبكة مسابر )الكترودات(

العصب الدهليزي إلى جذع الدماغ

جيروسكوب

الرأس بوضعية الثبات

اخللفية

األفقية

A Device to Restore Balance )٭(

الرأس بوضعية الدوران

Page 18: july_aug_2010_oloom

17 (2010) 8/7

مجازة توازنية)٭(طورت م������ع زمالئي في مختبر الهندس������ة العصبية الدهليزية بجامعة جونز هوپكنز إحدى الغرس������ات التي تهم <گان������ون> وجربناها على احليوانات. يحتوي اجلهاز على جيروسكوب منمنم)1( )ميكانيكي ميكروسكوبي( يقيس حركة الرأس ف������ي األبعاد الثالثة جميعها، ويرس������ل معاجل���ه امليك���روي)2( إش������ارات إلى مس������ابر حترض ثالث������ة أفرع من العص������ب الدهليزي. وتقدم إلكترونيات وتقنيات استش������عار، جرى ابتداعها في أكثر من 000 120 غرس������ة قوقعية زرعت خالل الس������نوات اخلمس والعش������رين املاضية، األس������س التقنية لهذا اجليل اجلديد من الغرسات العصبية مما يسرع االنتقال من

البحث العلمي إلى االستخدام السريري. نحن نزرع عادة في جهة واحدة فقط، ألننا نري������د أن نحصر املخاط������ر اجلراحية - مثل احتمال أذية بنى في األذن الداخلية مسؤولة عن الس������مع - في أذن واحدة. نحن نعتقد، من خالل جتاربنا على احليوان، أن اجلهاز ال������ذي يعوض عن وظيفة مجموعة واحدة من القنوات نصف الدائرية سوف يؤمن للمريض الذي يعاني اضطرابا دهليزيا، ثباتا وتوازنا كافيني. قد تكون اس������تعادة وظيفة بنى األذن الداخلية التي تعمل حساسات للثقالة ممكنة أيضا لكنها غير ضرورية لتصحيح تشوش الرؤية الذي هو أكث������ر ما يزعج الذين فقدوا

وظيفة األذن الداخلية.

ع������دا عن العمل ال������ذي يجرى في جامعة جونز هوپكنز، هن������اك أيضا باحثون آخرون يطورون تقانة الغرس������ات الدهليزية. نش������ر <D. ميرفيل������د> و<W. گون������گ> وزمالؤهما في

واألذن للعني ماساتشوس������تس مستش������فى في بوس������طن عام 2000 تقريرا عن أول جهاز تعويض������ي بديال عن إح������دى األقنية نصف الدائرية الثالثة، وأظهروا أن احليوانات ميكن أن تتأقلم مع ما يصدره ذلك اجلهاز. ويدرس <R. لويس> ]من مستشفى ماساتشوستس

للع������ني واألذن[ أيضا إمكاني������ة قيام اجلهاز بثبيت وضعية اجلسم.

ومؤخ��������را، ط����ورت مجم����وع������ة يقوده����ا <O .J. فيليپس> ]من جامعة واشنطن[ جهازا

يش������به الناظ����م)3( في محاول������ة للتغلب على اإلص������دار العصب������ي املفرط ال������ذي يحصل أثن������اء هجم������ة ال������دوار الت������ي يس������ببها داء مينيي������ر. ويعمل <M .A. ش������كل> ]من جامعة كاليفورين������ا في إيرڤني[ و<J. گيورگيو> ]م���ن جامع���������ة قبرص[ عل������ى دارة مدمجة لدعم هذا املش������روع، في ح���ني تط��ور مجموع�������ة أخرى يق������وده������ا <C. وول> ]من مستشفى أجه������زة واألذن[ للع������ني ماساتشوس������تس خارجية تساعد اجلس������م على احلفاظ على

وضعية ثابتة له. نظرا إلدراكنا الكامل للعجز الذي يعانيه املصابون اآلخ������رون واملرض������ى <گان������ون>

بإصابات مش������ابهة، ف������إن فريقنا في جامعة جون������ز هوپكنز يأمل بأن يب������دأ باالختبارات الس������ريرية مبجرد أن نتغلب عل������ى العوائق الباقية التقنية والتنظيمية. فإذا جرى البحث كما هو مخطط له، فإن اآلذان احليترونية والتي تستعيد احلاسة السادسة املفقودة ستسمح أخيرا ملرضى مثل <گانون> بأن يس������تعيدوا

إحساسا بالتوازن. <A Balance Bypass )٭(

miniaturized gyroscope )1(microprocessor )2(

البطارية يزرع في مولد نبضي يعمل على pacemaker؛ )3(جسد اإلنسان لتوليد نبض سوي.

cochlear implants )4(

<R. گانون> أول متطوع لتركيب جهاز تعويضي, كان يعمل فنيا لألجهزة البخارية قبل أن يؤدي مرض

أصابه قبل سبع سنوات إلى إعاقته.

مراجع لالستزادة

Scientific American, April 2010

أستاذ مشارك في طب األذن واألنف واحلنجرة والهندسة احليوية الطبية في كلية طب جامعة جونز هوپكنز

التي يدير فيها أيضا مختبر الهندسة العصبية الدهليزية. يركز في ممارسته

اجلراحية على املرضى الذين يعانون اضطرابات دهليزية، وعلى

استعادة السمع باستعمال الغرسات القوقعية)4(. ويركز بصفته باحثا

على تطوير أجهزة تعويضية لعالج األشخاص املعاقني نتيجة لفقدان

اإلحساس الدهليزي.

املؤلف

Charles C. Della Santina

Page 19: july_aug_2010_oloom

18

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

<R .J. هيث> ــ <E .M. ديڤيز> ــ <L. هود>

مفاهيم مفتاحية< إن أسلوب »النظم« systems في الطب ينظر إلى اجلسم باعتباره

شبكة معقدة من تفاعالت جزيئية، ميكن قياسها، وعمل مناذج لها،

لكشف أسباب األمراض، مثل السرطان.

< وتستطيع األدوات البالغة الصغر قياس اجلزيئات والتعامل معها بتكلفة زهيدة لصالح طب النظم.

ل العالجات النانوية األبعاد < وتوصاألدوية التي تستهدف األورام بدقة،

في حني تتجنب النسج السليمة.محررو ساينتفيك أمريكان

قبل الذهاب إلى قاعة التمارين الرياضية، أو بع������د اإلفراط في تناول الكعك في احتفال يقام ف������ي املكتب، ف������إن الس������كريني ميكنهم اس������تخدام جهاز محمول لقي������اس الگلوكوز ف������ي دمهم بس������رعة، فيعدل������ون طعامهم، أو يأخذون جرعة من األنسولني، لتفادي حدوث ارتفاعات أو انخفاضات حادة في مس������توى س������كر الدم. إن األجه������زة الرخيصة الثمن الختبار سكر الدم بوخز اإلصبع والتي تتيح للس������كريني فحص مس������توى الگلوكوز طوال اليوم، قد تبدو كأنها وس������يلة صغيرة احلجم لتأم������ني الراحة، فإذا لم تكن س������كريا، وإذا كنت تس������تطيع أن تعود بذاكرتك إلى عقد أو أكثر، فستتذكر أن اإلصابة بالسكري كانت س، وبقدر تترافق بالكثير من اخلوف والتوج

أقل بكثير من التحكم في صحتك.إن نوعي������ة احلي������اة املتاح������ة للس������كريني بواسطة التقانات التي ميكنها أن تستخلص املعلوم������ات من الدم بس������هولة وبتكلفة قليلة، تعطي انطباعا موج������زا عما ينبغي أن يكون علي������ه الطب: أكث������ر قدرة عل������ى التنبؤ وعلى الوقاية، وأكثر تلبية لالحتياجات الشخصية لكل ف������رد على حدة، وإتاحة فرص أكثر لكل فرد إلس������هام أكثر في احلفاظ على صحته. ه وفي الواقع، فإنن������ا نعتقد أن الطب قد توجبالفعل وبصورة عامة إلى هذا املنحى، بسبب التقانات اجلديدة التي جعلت احلصول على

معلومات بيولوجية وحتليلها بس������رعة وبثمن زهيد أمرا ممكنا.

وأحد املفاتيح له������ذا التطور في الطب ه������و الوصول إلى تصغي������ر فائق في أبعاد األدوات التقانية التي تستخدم كمية ضئيلة جدا من الدم للقياس������ات التشخيصية، أو تس������تخدم خالي������ا مفردة تؤخذ من نس������ج مريض������ة. وميكن له������ذه األدوات اجلديدة، والتي تقاس أبعادها بامليكرون والنانومتر، )وهو جزء من البليون من املتر(، أن تتعامل مع أعداد ضخمة من اجلزيئات البيولوجية، وأن تقيس������ها بسرعة وبدقة، ومن ثم بتكلفة زهي������دة ل������كل قي������اس، التتجاوز س������نتات مع������دودة. وقد فتحت ه������ذه التوافقات بني رخص التكلفة ورفع������ة األداء طرقا جديدة لدراس������ة ومعاجلة األمراض، إذ س������محت بالنظر إلى جسم اإلنسان كنظام ديناميكي يتألف م������ن تفاعالت جزيئية. وعندما تدمج هذه القياس������ات التي أجريت على مستوى النظم في من������اذج حاس������وبية، تتمكن تلك النماذج احلاسوبية، بدورها، من كشف أي مؤشرات مبكرة ملش������كلة ما. وعند جتميع ������رات مع العالج������ات املرتكزة هذه التبصعلى التقانة النانوية، فس������يكون من املمكن أن يستهدف العالج املشكلة، دون غيرها،

ومن ثم يتفادى أي آثار جانبية خطيرة.NANOMEDICINE TARGETS CANCER )�(

الطب النانوي يستهدف السرطان)٭(إذا نظرنا إلى جسم كل إنسان على أنه نظام يتألف من شبكات

جزيئية تتفاعل مع بعضها، واستهدفنا مواطن اخللل في هذا النظام باستخدام تقانات ذات قياسات نانوية، فإن ذلك يدفعنا إلى إعادة النظر

في كيفية فهمنا للمرض وفي كيفية مهاجمته، ورمبا في إمكانية الوقاية منه.

Page 20: july_aug_2010_oloom

19 (2010) 8/7

ومع أننا نتوقع أن الطب مبجمله س������وف يعمل وفق هذه األسس، إال أن األبحاث حول الس������رطان تعرض، في الوقت احلالي، أمثلة عن الكيفية التي تقدم بها التقانة ذات األبعاد املتناهي������ة الصغر املعلومات الالزمة لرس������م

صورة كبيرة للمرض كما تراه النظم.

ظم)٭( طب النا إن وض������ع منوذج ألحد النظم يتطلب كمهائال من البيان������ات، والكائنات احلية تزخر باملعلوم������ات الت������ي ميكن أن توص������ف بأنها ������ة، أي ميكن قياس������ها وتعي������ني كميتها رقميوبرمجتها لتكون منوذجا. ومثل هذه املعلومات البيولوجي������ة تب������دأ بأحد الك���ودات اجلينية لكائن)1(. إذ حتمل كل خلية في جسم اإلنسان نسخة تامة من جينومه genome، وهو يتألف ،DNA من ثالثة باليني زوج من قواعد الدناوهي أحرف األبجدي������ة اجليني��ة. وتكود هذه األحرف قراب������ة 000 25 جني، متثل تعليمات لتش������غيل اخلاليا والنسج. وتنتسخ اجلينات داخل كل خلية إلى ش������كل يسهل نقله، وهي قطع منفصلة من الرنا RNA املرسال، حتمل تل������ك التعليمات إلى جهاز خلوي، يقرأ الرنا، وتس������تخلص منه سالس������ل م������ن األحماض .encoded األمينية، وفقا للتعليمات املك���ودةوما تلبث سالس������ل األحماض األمينية تلك، ل الپروتينات، بدورها، أن تطوي نفسها لتشكوهي اآلالت اجلزيئي������ة الثالثية األبعاد التي

تنفذ معظم وظائف احلياة.وف������ي داخ������ل أي نظام بيولوج������ي، مثل ش������خص ما، تنق������ل جميع ه������ذه املعلومات، وتعال������ج وتدمج وتنفذ في النهاية، من خالل ش������بكات م������ن الپروتينات الت������ي تتفاعل مع بعضه������ا بعضا ومع جزيئ������ات أخرى وثيقة الصلة بها داخل اخلاليا. وعندما ننظر إلى النظام بأكمله على أنه ش������بكة من األحداث التي تربط فيما بينها عالقات متبادلة، يكون بإمكانن������ا النظ������ر إلى امل������رض باعتباره من العواقب التي متخض������ت عن اضطراب في األمناط الطبيعية املبرمجة للمعلومات ضمن

الش������بكة. وقد يكون السبب األولي خل������ال داخل النظام، مث������ل تغي������ر عش������وائي في الدنا يغير إحدى التعليمات املكودة، أو أح������د التأثيرات البيئي������ة التي مت������س النظام من اخلارج، مثل اإلش������عاع في ضوء البنفس������جي فوق أن والذي ميكن الش������مس،

يس������بب تلفا ف������ي الدنا، والذي ي������ؤدي إلى الورم املالني )املالنوما( في النهاية. وبينما يتس������بب االضط������راب املبدئي ف������ي موجات صغي������رة من التأثي������رات واالرجتاعات؛ فإن أمناط املعلومات تستمر بالتغير، وتفسر تلك األمناط املعدلة تعديال ديناميكيا ما يتسم به املرض من طبيعة ميكانيكية ]انظر الش������كل

في الصفحة التالية[.وم������ن الطبيع������ي، أن يكون بن������اء منوذج حاسوبي دقيق لشبكة بيولوجية من هذا النمط مجهودا مرهقا، فهذه املهمة قد تتطلب اإلدماج احلاس������وبي ملاليني أو أكثر من القياس������ات للرنا املرسال وملس������تويات الپروتينات، لكي ل نتمكن من فه������م أعم������ق لديناميكيات حتوالنظ������ام من الصحة إلى امل������رض. ومع ذلك، فإن منوذجا دقيقا )منوذجا يتمكن من التنبؤ بدقة بآثار االضطرابات( قد يكون األس������اس ������رات مثيرة في الطريق������ة التي نفهم بها لتغياملرض والصحة، وفي الكيفية التي نتناولهما

بها من الوجهة الطبية.وم������ن األمثلة على ذلك أن الس������رطان قد حظي على امتداد العديد من العقود السابقة بدراس������ات مكثفة أكثر مما حظيت به جميع األمراض األخ������رى، ومع ذلك، كانت األورام متيز منطيا بصفات غير دقيقة إلى حد بعيد، عها في عضو أو في تتضمن حجمها، وتوضنس������يج معني، وما إذا كانت اخلاليا اخلبيثة قد انتش������رت من الورم األول������ي. وكلما تقدم السرطان طبقا لهذه »املراحل« التشخيصية كان التكهن بتقدم املرض قامتا بالنسبة إلى املريض. ومع ذلك، فإن تلك احلكمة التقليدية

Systems Medicine )�(an organism’s genetic code )1(

اجلسيمات النانوية والتي بنيت لنقل عة بپروتينات احلمولة العالجية، مرص

نها من تؤدي عمل املفاتيح، فتمكالدخول إلى خاليا الورم.

Page 21: july_aug_2010_oloom

20(2010) 8/7

كانت تقدم العديد من التناقضات، فاملرضى الذين ش������خصوا بسرطانات متماثلة وأعطوا عالجات متش������ابهة م������ن ذخيرة اإلش������عاع واملعاجل������ات الكيميائي������ة ع������ادة م������ا كانوا يس������تجيبون بصورة متفاوتة، فمجموعة من املرض������ى قد تتمتع بالش������فاء التام، في حني

متوت املجموعة األخرى سريعا. كشفت القياس������ات الواسعة النطاق للرنا املرس������ال ولتركيزات الپروتني داخل خزعات األورام عدم كفاءة هذه األساليب املعهودة في إظهار كيف أن سرطانني متماثلني ظاهريا في مريضني يتضمنان ش������بكات مضطربة بطرق مختلفة اختالفا مثيرا. واعتمادا على مثل هذا التحليل اجلزيئي، فإن العديد من السرطانات التي كانت في وقت م������ا تعتبر مرضا واحدا

جرى تعرفها اآلن كأمراض منفصلة.إن ما يقرب من 80% من أورام الپروستاته في البش������ر تنمو ببطء، حتى إنها ال تس������بب ضررا للمصاب بها أبدا. أما بقية املصابني بها، فإنها سوف تنمو بس������رعة أكبر وتغزو النس������ج املجاورة، وتنتش������ر إل������ى األعضاء البعي������دة أيضا، وفي النهاي������ة تقتل املريض. ومجموعتنا البحثية حتاول حاليا أن تتعرف الش������بكات التي يس������بب املرض اضطرابها في خاليا الپروس������تاته، وهي الشبكات التي متيز النمطني الرئيسني من السرطان، بحيث يتعرف الطبيب منذ البداية املوجود منها لدى املري������ض. فهذه املعلومة ق������د تعفي 80% من املرض������ى من جراحة غي������ر ضرورية، أو من التعرض لإلش������عاع أو للمعاجلة الكيميائية،

فضال عن األلم وس������لس البول والعنانة التي تصاحب تلك املعاجلات.

ونح������ن نحل������ل كذل������ك الش������بكات داخل الپروستاته التي متيز األمناط الفرعية األكثر غزوا من بني 20% من احلاالت، وهي األمناط التي قد تتطل������ب نظما عالجية متميزة. وعلى س������بيل املثال، ولدى حتليل الشبكات املميزة للمرحلة املبكرة وسرطان الپروستاته النقيلي، نا من تع������رف پروتني يفرز في الدم، وهو ك متالپروتني الذي يبدو وكأنه واسم marker ممتاز لتعرف الس������رطان النقيلي. واألدوات من هذا النوع التي ميكنها أن تدرج مرضا معينا مثل سرطان الپروستاته ضمن منط فرعي دقيق، ق������د تتيح للطبي������ب أن يق������وم باختيار منطقي

للعالج املالئم لكل فرد على حدة.

اكتشاف املرض)٭(وم������ع أن مثل هذا التحليل للرنا املرس������ال والپروتينات املس������تمدة من النسج الورمية قد يكون غني������ا باملعلومات عن طبيعة نوع معروف من الس������رطان، فإن أس������لوب النظم قد يكون مفي������دا أيضا في التمييز بني الصحة واملرض. فال������دم يغم������ر كل عضو من أعضاء اجلس������م، ويحمل معه پروتينات وجزيئات أخرى، ومن ثم فإنه يوفر نافذة ممتازة تطل على نظام اجلسم بأكمله. والقدرة على اكتشاف اختالل التوازن ف������ي پروتينات معينة أو في الرنا املرس������ال قد يفيد في إعطاء إش������ارات عن وجود مرض ما،

وحتديد مكانه بدقة، فضال عن طبيعته.وتص������دت مجموعتن������ا البحثي������ة لتحدي

Detecting Disease )�(

حتتوي خاليا الپروستاته على مجموعات من الپروتينات )الدوائر املصمتة(، والتي تتفاعل

مع بعضها )اخلطوط(، في شبكات صغيرة، وتصاحب التغيرات في املستويات اخللوية لبعض الپروتينات تغيرات من الصحة إلى

املرض. وتبدي خاليا سرطان الپروستاته في املرحلة املبكرة زيادة في مستويات الپروتني MAPK8 )وهو پروتني معروف بتنظيمه حركة

اخللية(. كما تكون مستويات الپروتني SDC1 في خاليا السرطان في املرحلة األخيرة أعلى مبقدار

16 مرة عما هي عليه في خاليا املرحلة املبكرة.

و قد تعطي الكمية النسبية من هذين الپروتينني أدلة تشخيصية على وجود املرض وتفاقمه.

مرحلة متأخرةمرحلة مبكرةصحيح

SDC1

MAPK8

Page 22: july_aug_2010_oloom

21 (2010) 8/7

إن اختالل التوازن في بعض الپروتينات أو الرنا املرسال قد يفيد في إعطاء إشارة عن وجود مرض ما، كما يحدد بدقة مكانه وطبيعته.

اس������تخدام الدم في تقييم حالة نظام اجلسم بالكام������ل، وذل������ك مبقارنة مجموع������ات الرنا املرس������ال التي تنتج ف������ي 50 عضوا أو أكثر من أعضاء اجلس������م املنفردة، ووجدنا أن كل عضو من أعضاء جس������م اإلنسان له 50 نوعا من الرنا املرسال أو أكثر، والتي تنتج بشكل رئيس������ي في هذا العضو فقط. وبعض أمناط هذا الرنا تكود پروتينات نوعية للعضو، تفرز ح مس������توى كل منها في مجرى الدم، ويوضالعملية التي تتم في الشبكات التي تتحكم في إنتاجها داخل العضو. وعندما تضطرب هذه الشبكات باملرض، تتغير مستويات الپروتينات املقابلة؛ وم������ن املؤكد أن هذه التغيرات جتعل تعرف املرض ممكن������ا؛ ألن كل مرض يصيب أحد األعضاء يسبب اضطرابا في الشبكات

البيولوجية املتميزة من غيرها بطرق فريدة.وإذا كان م������ن املمكن تعيني مس������تويات مايق������رب من 25 پروتينا ف������ي كل بصمة من ه������ذه البصم������ات اخلاصة بالعض������و، فالبد

أن حتليال حاس������وبيا يجعل اكتشاف جميع األم������راض ممكن������ا بتحدي������د أي الش������بكات قد حلقه������ا االضطراب، وذل������ك انطالقا من رى على الدم فقط. وميكن لهذا قياس������ات جتاألس������لوب أن يحقق ما هو أكثر من الكشف املبكر، مع أن الكش������ف املبكر شديد األهمية في الس������رطان، فهو قد يتيح إمكانية تقسيم مرض م������ا لدى أح������د املرضى إل������ى أمناط فرعية مختلفة، وإمكانية متابعة تقدم املرض، ومتابعة اس������تجابة املري������ض للمعاجلة. وقد قدمنا برهانا أوليا على هذا املبدأ بتتبع تطور

املرض الپريوني Prion في الفئران.فق������د قمن������ا بحق������ن الفئ������ران بپروتينات الپريون������ات املس������ببة للع������دوى، والتي تؤدي س������ي في الدماغ قريب الصلة إلى مرض تنك»مبرض جنون البقر«، ثم قمنا بتحليل جميع مجموعات الرنا املرسال في أدمغة احليوانات بالع������دوى، واحليوانات الش������اهدة، املصابة

PENNIES PER PROTEIN )�(

]املستحضرات التشخيصية لألمراض[سنتات معدودة مقابل كل پروتني)٭(

إن املعلوم���ات ه���ي أغل���ى ظم س���لعة في أس���لوب النف���ي الط���ب، ل���ذا كان على االختبارات التش���خيصية أن تقيس، بسهولة وبدقة، أعدادا كبيرة من جزيئات بيولوجي���ة لق���اء س���نتات قليل���ة، أو لق���اء ما هو أقل م���ن ذلك، مقابل كل قياس. لقد سمح التصغير البالغ للمؤلف���ني ولزمالئه���م بأن أولي���ا منوذج���ا ينتج���وا لشيپة مبقدورها أن تقيس مجموعة م���ن الپروتينات املرتبط���ة بالس���رطان ف���ي قطي���رة من ال���دم خالل 10 دقائ���ق بتكلفة قدرها من 5 إلى 10 س���نتات مقابل كل

پروتني.

حتوي هذه العينة الشبيهة بالباركود اثني عشر شريطا للكشف عن الپروتينات التي ترافق التهاب الپروستاته وأداءها لوظائفها. إذ تظهر نتائج اختبار الدم املأخوذ من أحد مرضى

سرطان الپروستاته تركيزات عالية من املستضد اخلاص بالپروستاته )في الوسط( واإلنترفيرون گاما )في اليمني(.

تنساب الپروتينات خالل مصفوفات من

عة باألضداد قضبان مرصantibodies. فكل قضيب

يحوي أضدادا الترتبط إال بپروتني معني. وبعد

أخذ عينة الپالزما، تنجرف العالمات املتألقة خالل مصفوفة القضبان

الشبيهة بالباركود، والترتبط إال باألضداد

املرتبطة بالپروتني.

ميكن لقنوات السوائل امليكروية في شيپة عرضها 4 سنتيمترات أن تأخذ قطيرة من الدم الكامل، وأن تفصل الپالزما عن اخلاليا، فتنساب

الپالزما والپروتينات املستعلقة بها على طول القنوات الضيقة.

يغمر الدم كل عضو من أعضاء اجلسم، مما يجعله نافذة ممتازة تطل على

حالة نظام اجلسم بأكمله. فاملستويات غير الطبيعية من جزيئات اإلشارات

اخللوية، أو الپروتينات اخلاصة بعضو ما، قد ترفع عالمة تشير إلى

وجود مشكلة، وتعني موقعها.

پالزما

دم كامل

عالمات متألقة

واسم للترصيف پروتنيضد كاشف

ضد على الشيپة

پروتينات

Page 23: july_aug_2010_oloom

22(2010) 8/7

في 10 نقاط زمني������ة مختلفة، من بداية ظهور املرض. ومن ه������ذه املعلومات تعرفنا 300 رنا مرس������ال متغير، وهي التي تكود االستجابة املرضية األساسية للپريون، وينتمي نحو 200 رنا مرس������ال منها إلى 4 ش������بكات بيولوجية، وهي الش������بكات التي تفسر نظريا كل مظهر من مظاهر امل������رض، إلى جانب نحو 100 رنا آخ������ر تصف جوانب أخرى للمرض الپريوني لم نكن نعرفها من قبل. ودراسة تلك الشبكات التي اضطربت بس������بب املرض س������محت لنا بتعرف 4 پروتينات في الدم متكننا من التنبؤ بوجود املرض الپريوني قبل ظهور أية أعراض ظاهرة له، ومن ثم ميكن أن تفيد كواس������مات تش������خيصية قبل ظهور األعراض، وفي ذلك

مزايا واضحة للطب الوقائي.وقد تطلب������ت هذه الدراس������ات إجراء 30 مليون قياس، وتطوير سالسل من البرمجيات لتحلي������ل ودمج، وأخي������را بناء من������اذج لهذه املقادير الهائلة م������ن املعلومات. ويتطلب بناء مناذج لشبكة التنبؤ بأحد األمراض، وحتويل هذه النماذج إل������ى أدوات مفيدة طبيا، توافر طرق سريعة وحساسة ورخيصة التكاليف، وه������و األمر األكث������ر أهمية، لسلس������لة الدنا، وقياس تركيزات الرنا املرسال والپروتينات.

قياس اجلزيئات)٭٭(

الحظ العديد من العلماء أن التقدم التقاني املرز في سلسلة الدنا كان جتسيدا لقانون امليكروي���ة ���ات للمعاجلج Moore’s law م���ور microprocessors، ال������ذي ين������ص على أن عدد

العناصر الوظيفية الت������ي ميكن حتميلها على إحدى الش���يپات )الرقاقات( chips منس������وبا إلى وحدة التكلفة يتضاعف مرة كل 18 شهرا، وذلك عل������ى امتداد العق������ود العديدة املاضية. وفي الواقع، فإن اجليل القادم من اآلالت التي تس������تخدم لسلسلة الدنا تزيد من سرعة قراءة الدنا مبعدل أسرع مما ينص عليه قانون مور. وعلى س������بيل املثال، فإن أول جينوم بش������ري

NANOTECh IN MEDICINE )�(Measuring Molecules )��(

single-stranded DNA )1(

]األساسيات[التقانة النانوية في الطب)٭(

مبقياس يبلغ نانومتر )واحد إلى بليون من املتر( ميكن للمواد ولألدوات أن تتفاعل مع اخلاليا مت - واجلزيئ���ات البيولوجي���ة بط���رق فريدة. والتقان���ات ذات املقي���اس النانوي التي اس���تخدجبالفع���ل - ف���ي األبحاث وفي العالجات تتراوح عموم���ا ما بني 10 نانومتر )حجم پروتني الضد( و100 نانومتر )حجم ڤيروس(. وهذه األدوات واجلس���يمات تس���تخدم حاليا كمس���ابير لكش���ف زات للتصوير، وكوس���ائل الس���تهداف نس���ج وجود اجلزيئات مثل الپروتينات أو الدنا، وكمعز

نوعية، ولتوصيل العوامل العالجية.

ل، سماكته ما بني 10 إلى 20 نانومترا، سلك موصيربط عبر القناة التي ستمر خاللها العينة. للكشف عن الپروتينات أو عن الدنا، تصنع

املسابير من أضداد تكميلية أو من الدنا، وتربط بكل سلك. وعندما يقابل أحد الپروتينات

الضد املوافق له، فإنه يرتبط باملسبار، ويغير اخلواص التوصيلية للسلك، مما يسمح

باكتشاف احلدث كهربائيا.

مسابير جزيئية مثل الدنا الوحيد الطاق)1(، ميكن أن ترتبط بحزم ال تتجاوز سماكتها بضعة نانومترات قليلة. وعندما تتعرض الطيقان املتكاملة لعينة دنا،

ترتبط الطيقان املندمجة في املسبار املوجود على الدعامة، فتسبب انحناء احلزمة انحناء قليال. وميكن ر في التوصيل كشف هذه االستجابة بصريا أو بالتغي

الكهربائي للحزمة.

بلورات نانوية مصنوعة من عناصر غير عضوية مثل الكادميوم والزئبق ومكسوة بالالتكس أو مبعدن ما،

تستجيب للضوء بإصدار تألق بأطوال موجية مختلفة وفقا لتكوينها. واألضداد املرتبطة بالبلورات ميكنها

أن تسبب ارتباط النقاط بنسيج منتقى )مثل ورم ما(، وعندها ميكن رؤية الورم بسهولة أكثر بأدوات

التصوير التقليدية.

كريات نانوية صلبة من السيليكا، تغلف أحيانا بطبقة رقيقة من الذهب، تسافر عبر مجرى الدم،

دون أن تدخل معظم النسج السليمة، ولكنها متيل إلى التراكم في النسج الورمية. وميكن ربط

اجلزيئات العالجية بالكرات، أو مبجرد جتمع عدد كبير من القشرات النانوية في ورم ما، إذ إنها

ستمتص احلرارة التي تسلط على الورم فتقتل النسيج. وميكن أيضا للقشرات النانوية أن متتص أو أن تشتت الضوء، وفقا لتركيبها، ومن ثم تعزز

تصوير الورم الذي يتم باستخدام أنواع معينة من التنظير الطيفي.

ميكن بناء اجلسيمات املركبة من مواد متنوعة لتحوي في نواتها جزيئات عالجية، ولتحررها في

الزمن واملكان املرغوب فيهما. وتتضمن وسائط التوصيل هذه قشرات دهنية بسيطة ميكنها أن تتسرب تسربا الفاعال خالل جدران أوعية الورم

الدموية، لتحرر عقار معاجلة كيميائية تقليدية داخل النسيج ببطء. واجلسيمات النانوية األحدث أكثر تعقيدا في تصميمها، إذ تتضمن عناصر خارجية، مثل األضداد، الستهداف پروتينات خاصة بالورم،

ومواد تقلل من تفاعل اجلسيمات مع النسج السليمة إلى أقل قدر ممكن.

أداة نانوية

0.011101001.00010.000100.000نانومتر

قطر شعرةخلية دم حمراء بكتيرة ڤيروس ضد گلوكوز

التقانة النانويةاألسالك النانوية

النقاط الكمومية

القشرات النانوية

اجلسيمات النانوية

الدعامات

كيف تعمل االستخدام

اإلحساس

اإلحساس

التصوير

استهداف النسج والتصوير

استهداف النسج وتوصيل املواد

پروتني

مسبار دنا

عينة دنا

إشارة

كشف الورم

ذهبسيليكا

قشرة دهنيةنواة عالجية

پروتني الترانسفيرين

ضد

Page 24: july_aug_2010_oloom

23 (2010) 8/7

تقي������س س������نتيمترات 4 عرضه������ا ش������يپة مس������تويات الپروتينات ف������ي قطيرة من الدم، ر تصغيرا بالغا باستخدام شكل آخر مصغمن اس������تراتيجيات كشف الپروتني املعهودة ]انظ������ر ما هو مؤطر في الصفحة 21[. وهذه الش������يپة مصنوعة من الزجاج والبالس������تيك والكواش������ف فق������ط، ومن ثم فه������ي رخيصة الثمن في إنتاجها، وجهازنا يس������تقبل نحو 2 ميكرولتر من ال������دم، ويفصل اخلاليا عن الپالزما، ثم يقيس مجموعة مؤلفة من بضعة عشر پروتينا في الپالزما، ويتم ذلك كله خالل دقائق قليلة من جمع الدم. والتكلفة املتوقعة الستخدام النسخة األولية قد تبلغ من 5 إلى 10 س������نتات لكل پروتني يتم اختباره، ولكن عند اكتمال تطويرها، فإن هذه التقانة يجب أن تكون قادرة عل������ى تلبية متطلبات التكلفة

لطب النظم.وس������يتطلب توسيع قدرات الشيپة لقياس مئ������ات اآلالف من الپروتين������ات بعض الوقت، إال أن التقدم في تصميم السوائل امليكروية، وفي علوم الكيمياء السطحية، وفي القياسات يس������د الفجوة سريعا بني ما هو ممكن اليوم، وما هو مطلوب منا لبلوغ الطب التنبئي والطب املعن������ي بتلبية االحتياجات الش������خصية لكل فرد على حدة. فقد طور زميالنا من اجلامعة »كالتك« وهما <R .S. كويك> و <A. ش������يرر> نظاما للس������وائل امليكروية يدمج الصمامات واملضخات في الش������يپة، وتس������مح أعمالهما رة تصغيرا بالغا في حقل الس���باكة املصغالكواش������ف بتوجيه miniaturized plumbingالكيميائية واجلزيئ������ات البيولوجية والعينات البيولوجية توجيها دقيقا نحو حجرة واحدة من بني ع������دد كبير من احلجرات املس������تقلة على الش������يپة، علما ب������أن كل حجرة من تلك احلجرات متثل قياس������ا منفصال ومستقال. وبذل������ك، ف������إن وجه������ات نظرهما ق������د حولت املختبر املوجود على شيپة واحدة إلى العديد من املختبرات على ش������يپة واحدة، مع توفير طرق إضافية، للوصول إلى املزيد من خفض

تكاليف القياسات البيولوجية.وللتقان������ات البالغ������ة الصغر آث������ار مهمة،

استغرق ما بني 3 و 4 سنوات لتكتمل سلسلته، وبلغت تكلفت������ه 300 مليون دوالر. ونحن نعتقد أن������ه خالل 5 إلى 10 س������نوات لن تزيد تكاليف سلس������لة اجلينوم البش������ري على 1000 دوالر )بتكلفة أقل مماس������بق مبقدار 000 300 مرة(، ولن تس������تغرق أكثر من يوم واحد. ومع توغلنا رز في العقد القادم، فإن تط������ورات مماثلة حتف������ي التقانات الطبي������ة البيولوجية ذات الصلة بذلك ستس������مح بنهوض الطب التنبئي والطب ل ليلبي االحتياجات الشخصية لكل الذي يعد

فرد على حدة.وفي الوقت احلالي، يكلف إجراء اختبار لقياس پروتني سرطاني واحد مثل املستضد النوع������ي للپروس������تاته، ف������ي دم مريض في املستشفى نحو 50 دوالرا. ونظرا ألن الطب املعتمد على النظم س������وف يتطلب قياس������ات ألعداد كبيرة من مث������ل هذه الپروتينات، فإن التكلفة البد أن تنخفض انخفاضا ملحوظا. ويعتب������ر الزمن الذي يتطلب������ه القياس أيضا تكلفة، ألن اختبارا للدم قد يستغرق في الوقت احلاضر من بضع ساعات إلى بضعة أيام، ويعود ذلك جزئيا إل������ى كثرة اخلطوات التي نحتاج إليها لفص������ل مكونات الدم، )اخلاليا والپالزم������ا والپروتينات واجلزيئات األخرى( ن باستخدام قبل أن جنرب القياس لكل مكو

اختبارات تختلف في دقتها.والتصغي������ر البالغ قد ي������ؤدي إلى تعزيز الدقة، وإلى احلصول على القياس������ات بزمن أس������رع بصورة ملحوظ������ة مقارنة مبا ميكن إجنازه باستخدام التقانات احلالية. إذ أثبت العديد من التقانات التي تعمل على مستويات قياس امليكرو أو النانو قيمتها الفعلية كأدوات بحثية جلم������ع املعلومات الالزمة لتكوين رؤية لنظم املعلومات البيولوجي������ة. ومع ذلك، فإن استخدام هذا األس������لوب في رعاية املرضى س������وف يتطلب أال تتجاوز تكاليف كل قياس ألحد الپروتينات أكثر من بضعة س������نتات - األمر الذي يس������تبعد أن تستوفيه العديد من

التقانات النانوية الناهضة.وق������د طور اثنان منا )<هيث> و <هود>(

وميكن للتقانة النانوية أن تخفض

كمية كل عقار نحتاج إليه لعالج سرطان ما تخفيضا جذريا.

في الهدفمعاجلة نانوية جتريبية باستخدام

اجلسيم IT-101، يتم فيها تغليف عقار املعاجلة الكيميائية، كامپتوثيسني camptothecin، داخل جسيم نانوي

مصمم ليجول لفترة ممتدة في مجرى الدم، وليتراكم في األورام. في جتارب

السالمة التي أجريت على البشر، شوهدت بينات على فعالية العالج في بعض املرضى املصابني بالسرطانات

املتقدمة. ويوضح املسح املقطعي املوسب أسفل هذه الفقرة صورا

ملقاطع متوسطة للمريض، يظهر فيها ورم كبير في الرئة )الكتلة الرمادية

اللون واملاطة بدائرة في األعلى( قبل العالج باجلسيم IT-101، وبعد 6 أشهر

من العالج به )في األسفل(، عندما انكمش الورم بقدر ملحوظ.

Page 25: july_aug_2010_oloom

24(2010) 8/7

متاثل في أهميتها م������ا للوقاية وما للمكافحة. رات داخل الشبكات املريضة قد تقدم فالتبصفي النهاية أهدافا لعالجات جديدة ومبتكرة، تستطيع إعادة ديناميكيات الشبكة إلى حالتها الطبيعية. وفي عبارة أقصر، فإن الرؤية التي تقدمها النظم قد تساعد على توجيه العقاقير

املتاح������ة إلى أهدافه������ا بكفاءة أعل������ى كثيرا، بتحقيق التوافق األمثل م������ن توليفات األدوية لكل مري������ض. وفضال عن ذلك، ف������إن التقانة النانوية قد تخفض تخفيض������ا جذريا الكمية

املطلوبة من كل دواء لعالج السرطان.

هة إلى أهدافها)٭٭( ضئيلة املقدار وموجالدوائي������ة املس������تحضرات وتعتب������ر للجس������يمات النانوية صغي������رة احلجم إذا قورنت مبعظم األشياء، ولكنها تعتبر كبيرة احلجم إذا قورنت باجلزيئات، وس������يؤدي العمل وفق هذا املقياس إلى بلوغ مستوى غير مس������بوق من الس������يطرة على س������لوك اجلس������يمات العالجي������ة داخ������ل اجلس������م، وتت������راوح أحجام اجلزيئات النانوية ما بني 1 و 100 نانومت������ر، وميك������ن جتميعه������ا من العوامل العالجي������ة املتنوعة املوجودة، مثل أدوية املعاجلات الكيميائية، أو طيقان الرنا

.)4()siRNA) املسكتة للجيناتوقد تغلف هذه الشحنات ضمن مواد مخلق������ة، مثل الپوليم������رات أو اجلزيئات ،lipidlike molecules الش����بيهة بالدهونهة إلى أهدافها، وميكن إضافة عوامل موجمث������ل األض������داد وغيرها م������ن اجلزيئات مة لالرتباط بپروتينات خلوية نوعية املصمعل������ى س������طح اجلس������يمات. وتطبيق هذا النموذج يجعل مس������تحضرات العالجات النانوية بصورة خاص������ة أكثر قدرة على احلرك������ة، كم������ا يجعلها ق������ادرة على أداء الوظائف املعقدة، في املكان الصحيح وفي

الوقت الصحيح، داخل جسم املريض.ويتمث������ل أحد أكبر التحديات التي تواجه تطوير واستخدام أدوية السرطان بتوصيلها إلى النس������ج املريضة من دون تسميم سائر جسم املريض. إن احلجم وحده يضفي إلى جسيمات املس������تحضرات العالجية النانوية البس������يطة صف������ات خاصة حت������دد حركتها

DESIGNED TO DELIvER )�(Tiny and Targeted )��(

cyclodextrin containing polymer )1(polyethylene glycol )2(transferrin proteins )3(

gene-silencing RNA )4(

يوضح اجلس������يم النانوي العالجي التجريبي الذي يس���مى CALAA-01 بعض املميزات التي ميكن أن توفرها هذه العوامل. فإضافة إلى أن لدى اجلس���يمات النانوية ميال طبيعيا إلى التراكم في م ألن تأوي إلى مستقبلة واحدة أو أكثر من املستقبالت التي يشيع الورم، فإن من املمكن أن تصموجودها على اخلاليا السرطانية. ومنط دخول اجلسيمات إلى اخلاليا لهذه اجلسيمات يسمح

بتفادي املضخات اخللوية التي تطرد بعض العقاقير.

االستهداف السلبي للورمعندما جتول اجلسيمات في

مجرى دم املريض، فإنها جتول بحرية، ولكنها ال تستطيع

اختراق أغلب جدران األوعية الدموية. أما األوعية الدموية

للورم، فتعاني التسرب بصورة غير طبيعية، ولها ثقوب واسعة

تسمح للجسيمات النانوية باملرور خاللها، وبالتراكم في

نسيج الورم.

االستهداف الفاعل للورمترتبط مستقبالت الترانسفيرين على سطح خلية سرطانية

بالپروتني الترانسفيرين املوجود على اجلسيم النانوي، مما يؤدي إلى إدخال اجلزيء النانوي إلى داخل اخللية بااللتقام اخللوي.

حترير منضبطجس الكيميائي املوجود ضمن مبجرد أن يدخل املجاجلسيم النانوي إلى داخل اخللية، فإنه يستجيب لدرجة احلموضة (pH) املنخفضة داخل حويصلة

االلتقام اخللوي، وفي وقت واحد يقوم بتفكيك اجلسيم النانوي، وبتحرير جزيئات الطيقان

ط تعليمات أحد اجلينات، فتحول siRNA التي تثبدون أن يترجم إلى پروتني حتتاج إليه اخللية

السرطانية لتبقى حية.

ل حسب الطلب بنية تعديتم بناء اجلسيمات من مواد متناسقة بيولوجيا،

وهي پوليمر يحوي أحد الدكسترينات احللقية (CDP))1( مع سيقان من گليكول متعدد اإلثيلني (PEG))2( ترتبط بها پروتينات الترانسفيرين

(Tf))3(. وفي الداخل يتم تخزين عدد يصل إلى 2000 جزيء من جزيئات طيقان الرنا املسكتة

للجينات (siRNA))4( )األدوية الفعالة(.

CDP الپوليمير

PEG الگليكول

- PEG الگليكولTf الپروتينات

siRNA الطيقان

وعاء في ورم

Tf املستقبلة

siRNA الطيقان

حويصلة االلتقام اخللوي

اجلسيمات النانوية

وعاء دموي طبيعي

70 nm)القطر(

خلية سرطانية

]دراسة حالة[صممت للتوصيل)٭(

Page 26: july_aug_2010_oloom

25 (2010) 8/7

داخل الورم وفي كل مكان فيه. فاجلسيمات النانوية األصغر من 10 نانومتر، والتي يطلق عليها األدوية الصغي����رة اجلزيئات)1(، يتم إزالتها بس������رعة عبر الكلية، واجلس������يمات األكبر من 100 نانومتر تواجه صعوبات في حركتها ضمن الورم، أما اجلس������يمات التي تت������راوح أحجامها ب������ني 10 و 100 نانومتر، فإنها تس������افر في جميع األماكن عبر مجرى ال������دم بحثا عن األورام، مع أنها التس������تطيع التس������لل إلى معظم النس������ج الصحيحة من خالل جدران األوعية الدموية. وألن األورام لها، في املقابل، أوعية دموية ذات جدران غير طبيعية، إذ تكث������ر فيها الثقوب الكبيرة حتى تبدو مثل الغربال، فإن اجلس������يمات النانوية تس������تطيع أن تتس������رب إلى النسيج الورمي امليط بها. ونتيجة لذلك، فإن اجلس������يمات النانوية متيل إل������ى التراكم في األورام، في حني يتضاءل تأثيرها في األجزاء األخرى من اجلسم، فتس������لم هذه األجزاء من األعراض

اجلانبية التقليدية السيئة ألدوية السرطان.وحتى عندم������ا يتمك������ن دواء معياري من الوص������ول إلى اخلاليا الورمية، فإن پروتينات مضخة اخللية قد تلفظه من اخللية، قبل أن تتاح له فرصة العمل، وهذه إحدى اآلليات الشائعة ملقاومة األدوية. أما اجلزيئات النانوية؛ فتدخل خلية عن طريق االلتقام اخللوي)2( وهي عملية طبيعي������ة تصنع جيبا من غش������اء اخللية حول الش������يء لتس������حبه داخل اخللية، فتحمي ما يحمله اجلس������يم من املضخات اخللوية ]انظر

ما هو مؤطر في الصفحة املقابلة[.وبع������ض عالجات الس������رطان التي تصنف في الوقت احلاضر على أنها جسيمات نانوية، موج������ودة من������ذ بع������ض الوقت، وه������ي توضح بعض املزايا األساس������ية للجس������يمات النانوية ف������ي الوصول إل������ى خاليا الورم، م������ع التقليل من تأثيرها في النس������ج الصحيح������ة إلى أقل قدر ممكن. فجس������يمات الدوكسوروبيس���ني الشحمية liposomal doxorubicin، على سبيل املثال، هي مركب عالجي كيميائي تقليدي يتم تغليفه بقش������رة ش������حمية، ويستخدم في عالج سرطانات املبيض وورم النقي املتعدد. والنسخة

املغلفة بالش������حم من هذا العقار لها آثار سمية ف������ي القلب أقل بكثير مما للدوكسوروبيس������ني الذي يعط������ى منفردا، في ح������ني لوحظ أن لها

تأثيرا جانبيا جديدا، هو سميتها للجلد.واجلس���يمات النان���وي����ة األح���دث ]ومنه���ا ع��لى س����بيل املث���ال جس����يم يع����رف ب��اس���م IT-101، وقد اجتاز مرحلة السالمة، في املرحلة

التجريبية األولى على البش������ر[ لها تصاميم أكثر تعقي������دا، وتوفر وظائف متعددة، فحجم اجلس������يم النانوي IT-101 يبلغ 30 نانومترا، وهو مرك������ب من پوليم������رات ترتبط باجلزيء الصغير احلج������م من دواء الكامپتوثيس���ني camptothecin، وه������و دواء قري������ب الصل������ة

بعقارين يستخدمان في املعاجلة الكيميائية، حص������ال عل������ى الترخيص م������ن إدارة الغذاء والدواء األمريكية FDA وهما: اإليرينوتيكان irinotecan والتوپوتيكان topotecan. وجزيئات

اجلس������يم IT-101 مصمم������ة لتج������ول في دم املريض، ولتبقى فيه ملدة أكثر من 40 س������اعة،

NANOSCALE ThERAPIES )�(small-molecule drugs )1(

endocytosis )2(

مة لعالج السرطان عقاقير تستخدم بالفعل، تتضمن اجلسيمات ذات القياسات النانوية واملصممثل النسخة املغلفة باجلسيم الشحمي liposome-encased من الدواء الكيميائي الدوكسوروبيسني، إضاف���ة إل���ى ضروب من التوليفات التجريبية من جزيئات الپوليمر مع العقار، والتي متزج فيها جزيئات الپوليمر بالعقار، أو تربط ربطا مش���تركا كيميائيا داخل اجلس���يمات النانوية )مركبات هة إلى أهدافها واألكثر حداثة مالمح ومقترنات ومذيالت وغصينات(. وحتمل اجلسيمات املوج

تزيد من اجنذابها إلى اخلاليا السرطانية وتسهل دخولها فيها.

عالجات ذات قياسات نانوية)٭(

نوع اجلسيمجسيم شحمي

أساس البوميني

ه إلى هدفه جسيم شحمي موج

غصينات

مذيالت پوليمرية

جسيمات لها أساس پوليمري هة إلى هدفها موج

جسيمات صلبة غير عضوية أو معدنية

مقترنات للپوليمرات مع العقار

مرحلة التطويرFDA موافقة

FDA موافقة

جتارب سريرية

قبل سريرية

جتارب سريرية

جتارب سريرية

جتارب سريرية )الذهب( وقبل سريرية

جتارب سريرية

أمثلةDaunoXome, Doxil

Abraxane

MCC-465, MBP-426, SGT-53

Polyamidoamine (PAMAM)

Genexol-PM, SP1049C, NK911,NK012, NK105, NC-6004

FCE28069(PK2), CALAA-01

أنابيب كربونية نانوية و جسيمات (CYT-6091) سيليكا وجسيمات ذهب

XYOTAX (CT-2103),CT-2106, IT-101, AP5280, AP5346, FCE28068 (PK1),

FCE28069 (PK2), PNU166148, PNU166945,MAG-CPT, DE-310,

Pegamotecan, NKTR-102,EZN-2208

Page 27: july_aug_2010_oloom

26(2010) 8/7

في حني اليجول الكامپتوثيس������ني نفس������ه في الدم أكثر من دقائق قليلة فقط. ومدة الدوران الطويلة هذه تتيح الوقت الالزم لكي يتسرب اجلسيم IT-101 داخل الورم ويتراكم هناك، وبعد ذلك تدخل اجلسيمات إلى خاليا الورم، وحترر الكامپتوثيس������ني ببطء لتعزيز فعاليته. وفي الوقت الذي ينطل������ق فيه العقار، تتفكك النانوية، وتخرج جزيئات بقية اجلس������يمات الپوليم������ر املنف������ردة عن طري������ق الكليتني من

اجلسم من دون إحلاق الضرر به.وفي التجارب الس������ريرية، أمكن الوصول إلى جرع������ات من العقار توفر جودة عالية من احلي������اة من دون اآلثار اجلانبي������ة، مثل القيء واإلسهال وفقدان الشعر، والتي تعتبر منطية في املعاجل������ات الكيميائية، ومن دون أعراض جانبية جديدة. وتعتبر اجلودة العالية للحياة ي العالج أم������را مثيرا، ومع العامة أثن������اء تلقز على ترس������يخ أن جتارب املرحلة األولى تركالس������المة، فإن االختبارات قد قدمت البينات على أن العقار كان فعاال لدى املرضى ]انظر م������ا هو مؤط������ر في الصفح������ة 23[. وهذا أمر ع، ألن مرضى الس������رطان في املرحلة مش������جاألول������ى التجريبية كانوا ق������د تلقوا العديد من ال������دورات العالجية املعيارية، والتي فش������لت قبل دخولهم التجربة، وبعد استكمال التجربة التي استغرقت 6 أش������هر، استمر العديد من هؤالء املرضى بتناول العقار، على أساس من التعاطف. وكان من بني الذين جنوا ملدة طويلة تصل إلى الع������ام مرضى لديهم س������رطانات

متقدمة في الرئة والكلية والپنكرياس.ونظرا ألن ملف اآلثار اجلانبية لهذا العقار ضئيل جدا، فإنه س������يتم اختباره في املرحلة التجريبي������ة الثانية، وه������ي مرحلة الفاعلية أو النجاعة، في نساء مت تشخيص أورام املبيض لديهن، وقد س������بق له������ن أن خضعن ملعاجلة كيميائية. وب������دال من مجرد »انتظار ومراقبة« IT-101 الس������رطان وهو يتفاقم، فإن اجلسيمس������يعطى لهن كعالج مداومة، أمال في منع تقدم املرض. وهذه املالحظات املس������تمدة من اختبار اجلس������يم IT-101، إلى جانب األخبار املش������جعة عن جتارب أجريت على عالجات

أخرى مرتكزة على اجلسيمات النانوية، بدأت بتقدمي صورة ملا قد يكون ممكنا مع العالجات النانوية اجليدة التصميم، وبالفعل فإن اجليل التالي من اجلسيمات النانوية املخلقة، والتي هي أكثر تعقيدا من غيرها بكثير، تقدم ملة عن اإلمكانات احلقيقية له������ذه التقانة، وعن أهمية ما تقدمه تل������ك األدوية للرؤية املرتكزة

على النظم لألمراض وللمعاجلات.وف������ي ع������ام 2008، بدأت ش������ركة كاالندو Calando للمس������تحضرات الصيدالني������ة، في

پاس������ادينا بوالية كاليفورنيا بإجراء جتارب ح������ول نظام لتوصيل الطيق������ان siRNA، وهو نظام ابتكره واحد منا )وهو <ديڤيز>(، ويعطي مثاال عن األس������لوب األح������دث. فالپروتينات املوجودة على س������طح اجلسيمات تستهدف مستقبالت نوعية توجد بتركيزات عالية على س������طح اخلاليا الس������رطانية، وما أن تدخل اجلس������يمات إلى اخللية حتى حترر جزيئات مت لتالئم جينا الطيق������ان siRNA والتي صم������ط تصنيع نوعي������ا يس������تأثر باالهتمام، فتثب

الپروتني الذي يكوده هذا اجلني.ومع ذلك، فإن املعاجل������ة النانوية املتعددة الوظائ������ف ما هي إال بداي������ة القصة، فبمجرد توطيد مبادئ وظيفة اجلس������يمات النانوية في البش������ر توطيدا تاما، فإن ه������ذا املفهوم ميكن تطبيق������ه إليجاد نظام عالجي يس������تطيع حمل توليفات م������ن العقاقير، ول������كل منها معدالت ل������ة لتالئم االحتياجات. فمثال، إذا إطالق معدأراد أح������د أن يثبط پروتينا ي������ؤدي إلى إزالة الفعالي������ة من عقار ما، ف������إن أحد االختيارات س������يكون إيج������اد جس������يم نان������وي يطلق أوال الطيقان siRNA والتي تثبط اجلني املكود لهذا الپروت������ني، قبل إطالق جزيئ������ات العقار. ومع الت اجلزيئية من ازدياد اكتسابنا لفهم التحوالصحة إلى املرض، ومن املرض إلى الصحة، يصبح من املتمل أن يؤدي أسلوب اجلزيئات النانوية دورا متنامي������ا في معاجلة األمراض

على املستوى اجلزيئي.)1( هي اسم مدينة رشيد املصرية واشتهرت بسبب حجر

.Rosetta Stone رشيد

<هيث> هو مدير مركز بيولوجيا النظم النانوية للسرطان، وأستاذ

الكيمياء في معهد كاليفورنيا للتقانة، حيث يعمل على مواد ذات بنية نانوية،

وعلى الدارات الكهربائية النانوية، فضال عن تقانات لتشخيص ومعاجلة

السرطان. <ديڤيز> هو أستاذ الهندسة الكيميائية في »كالتك«، وقد طور مواد متخصصة للمستحضرات العالجية التجريبية، وأسس شركتني هما إنسيرت Insert لألدوية وكاالندو

للمستحضرات الصيدالنية، التي طورت املعاجلات باجلسيمات النانوية.

<هود> هو رئيس معهد بيولوجيا النظم في سياتل، وهو املعهد الذي

أسسه بعد ريادته في التقانات لسلسلة وتخليق الدنا والپروتني، وبدأ بتأسيس

العديد من الشركات، منها آمگن Amgen للنظم البيولوجية التطبيقية وسيستيميكس Systemix وداروين

Darwin وروزيتا)Rosetta )1. وقد أسس <هود> و<هيث> أيضا شركة

املستحضرات التشخيصية املتكاملة، وهي شركة تعنى بطب النظم، وتبحث

عن واسمات بيولوجية لألمراض، وعن تطوير منصات للسوائل امليكروية،

وللتقانات النانوية، لتحويل تلك الواسمات البيولوجية إلى أدوات

تشخيصية.

املؤلفون James R. Heath - Mark E. Davis -

Leroy Hood

Page 28: july_aug_2010_oloom

27 (2010) 8/7

مراجع لالستزادة

Scientific American, February 2009

الصورة الكبيرة)٭(يعتمد األس������لوب املرتكز عل������ى النظم في التصدي لألمراض على الفك������رة القائلة إن حتليل ديناميكية الش������بكات التي اضطربت بفعل املرض، وم�ا يؤدي إليه من فهم تفصيلي ل جميع جوانب كيفية آللي������ات املرض، قد يبدممارس������تنا للطب؛ من وس������ائل تشخيصية أفضل، وأس������اليب جديدة وفعال������ة للعالج، وحتى للمكافحة. ويقود األسلوب البيولوجي املرتكز عل������ى النظم في التصدي لألمراض، مسيرة التطوير لكثير من التقانات اجلديدة، مبا في ذلك علم السوائل امليكروية، والتقانات النانوية، والقياس������ات اجلديدة، واس������تخدام آالت تصوي������ر جديدة، وتطورات حاس������وبية تس������تطيع حتليل ودمج وعمل مناذج لكميات

كبيرة من املعلومات البيولوجية.وف������ي الس������نوات العش������ر أو العش������رين القادمة، س������تحدث في الطب التنبئي والطب ل ليالئم االحتياجات الش������خصية لكل املعدفرد على حدة، ثورة باتباع أسلوبني جديدين عل������ى األقل، هما سلس������لة اجلينوم لكل فرد على حدة، وهو أمر س������وف يتيح لنا تعرف، وبدقة متزايدة، احلالة الصحية املتملة لفرد ما؛ وقياسات زهيدة التكلفة لپروتينات الدم، مما سيسمح لنا بأن نقيم، بانتظام وبشمولية،

كيف تتطور صحة هذا الفرد.ويب������دأ الطب الوقائي بتع������رف الپروتينات ضمن ش������بكة مريضة، إذا كان������ت مضطربة، وهو بذلك سيعيد س������لوك الشبكة إلى احلالة الطبيعية، وف������ي نهاية املطاف س������يقودنا إلى أدوية وقائية تقي من املرض. فمثال، إذا كانت امرأة معرضة خلطر اإلصابة بسرطان املبيض قد بدأت في س������ن الثالثني بتناول أحد األدوية النانوية املصممة خصيصا الستبعاد املصدر اجلزيئي للخط�������ر، فإنه��ا قد تخفض احتم���ال تطور س������رطان املبيض لديها في أي فترة من

حياتها من 40 في املئة إلى 2 في املئة.وبوج������ود ه������ذه النوعية م������ن املعلومات عن أسباب الصحة واملرض، سيكون بإمكان الناس أن يشاركوا بكفاءة أكبر في قراراتهم الصحية

اخلاص������ة، بص������ورة تش������به كثيرا م������ا ميتلكه السكريون اليوم من أدوات ومعلومات تساعدهم

على التحكم في صحتهم اجليدة بأنفسهم.إن حتقيق ص������ورة للطب تتميز بالقدرة على التنب������ؤ، وبإمكانية التعدي������ل ليالئم االحتياجات الش������خصية لكل فرد على ح������دة، وبالقدرة على الوقاية، وباملشاركة، سيكون له آثار واسعة املدى في املجتمع. إذ س������يتعني عل������ى صناعة الرعاية ������ر خطط العمل لديه������ا تغييرا الصحي������ة أن تغيجوهريا، وهي خطط العمل التي تفشل حاليا في توفير األدوية امليسورة التكلفة، والعالية الكفاءة. كما ستؤدي التقانات املستجدة إلى رقمنة الطب digitization of medicine، وم������ا يعني������ه ذلك من

إمكانية اس������تخالص املعلومات املتعلقة باملرض من جزيئات منفردة، أو من خاليا منفردة، أو من أش������خاص منفردين، وهو أمر يشبه متاما كيف متت رقمنة تقانات املعلومات واالتصاالت خالل السنوات اخلمس عشرة املاضية. ونتيجة لكمية املعلومات الهائلة اجلدي������دة املتدفقة، والتقانات الرخيص������ة الثمن، فإن تكلف������ة الرعاية الصحية ينبغي أن تنخفض بصورة حادة، بحيث يتيسر

احلصول عليها حتى في العالم النامي.ف������إن أكثر وبالنس������بة إلى الس������رطان، الوع������ود إثارة، هي الوع������ود التي ينبغي أن تتحقق خالل السنوات العشر القادمة وهي: أوال، إن التش������خيص عن طري������ق اختبارات جت������رى على ال������دم قبل ظهور أي������ة أعراض س������تمكن من اكتشاف السرطانات في بداية نش������أتها، وقبل اس������تفحالها، مما يجعل من املمكن الشفاء منها بالعالج املعهود. وثانيا، إن س������رطانات بعض النسج، مثل الثدي أو الپنكرياس، ستقسم ضمن أمناط متميزة، ثم يجرى توافق بينها وبني العقاقير التي حتقق معدالت عالية من الش������فاء. وثالثا، سيسمح تعرف الشبكات التي اضطربت بفعل املرض بتطوير أس������رع وتيرة للعقاقير التي ستكون ، فإن أرخص ثمن������ا وأكثر فعالية. وم������ن ثمهذا األسلوب اجلديد في الطب ينطوي على إمكان حتويل الرعاية الصحية بحيث يحظى

بها تقريبا كل إنسان يعيش اليوم. <The Big Picture )�(

Page 29: july_aug_2010_oloom

(2010) 8/7 28

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

فجر االندماج الكاذب)٭(لقد حلم العلماء طويال بالتحكم في طاقة االندماج

النووي - مولد الطاقة النجمية - من أجل احلصول علىطاقة آمنة، نظيفة والمتناهية. وحتى مع اقتراب هذا احلدث

التاريخي املهم، فما زال هناك من يشكك في إمكان حتقيق مفاعلالطاقة االندماجي عمليا في أي وقت في املستقبل، املفاعل

الذي باستطاعته تأمني طاقة المتناهية ونظيفة.<M. موير>

Page 30: july_aug_2010_oloom

(2010) 8/729

حجرة االنفجار: في داخل حجرة الهدف للمنشأة الوطنية لإلشغال )NIF()1( توجد 192 حزمة ليزرية تتركز

على هدف من وقود الهدروجني. سيصدر االنفجار الناجت طاقة أكبر من طاقة أشعة الليزر املستخدمة،

وميثل ذلك نقطة البداية ألبحاث االندماج.FUSION’S FALSE DAwN )�(

the National Ignition Facility )1(

Page 31: july_aug_2010_oloom

30(2010) 8/7

في الوقت الراهن، إن اإلشعال)1( متوقف. وخالل سنة أو سنتني، فإن املنظومة الليزرية التي تتكون من 192 حزمة ليزرية في املنشأة NIF - وه������ي املنظوم������ة الليزري������ة األضخم واألعل������ى قدرة ف������ي العالم، والتي اس������تغرق بناؤه��������ا 13 ع�اما وبلغ������ت تكلفت�ها 4 باليني دوالر - ستقوم بتركيز طاقات احلزم الليزرية على كرية بحجم ال يزيد على حجم حبة فلفل، حيث ستسحق الطاقة الليزرية لب الكرية بقوة هائلة تؤدي إل������ى دمج نظائر الهدروجني معا في داخل الكرية وتطل������ق بالتالي طاقة مثيلة

بتلك الناجمة عن قنبلة هدروجينية مصغرة.لقد سبق القيام بنجاح بهذا العمل البارع. إال أن الطاقة الناجمة عن االندماج كانت دائما أقل بكثير من طاقة الليزر املستنفدة. ولكن في هذه احملاولة، س������ينعكس الس������جل احلسابي، حيث س������تكون الطاقة املتولدة في مركز الكرية أكبر من الطاقة املس������تنفدة م������ن الليزر. ولهذا التغيي������ر أهمية أكب������ر مما متليه احلس������ابات املجردة. ومن حيث املبدأ، فإن باإلمكان جتميع فائض الطاقة واس������تثماره في تش������غيل محطة الطاقة الكهربائية. أما وقود احملطة، فهو عبارة

عن مواد موجودة ف������ي مياه البحر االعتيادية؛ وستكون انبعاثات احملطة - النووية واجلوية - معدومة. وسيشبه ذلك عملية أسر جنم لتشغيل اآلالت على سطح األرض مما يؤدي إلى إرواء ظمأ بني اإلنسان الالمتناهي للطاقة ممتدا إلى

آماد ال محدودة. البدء ببناء منش������أة اندماج رئيسية لقد تمأخ������رى في العال������م، بتكلفة قدره������ا 14 بليون دوالر، في موقع خارج قرية كاداراش بجنوب فرنسا. إن جهاز املفاعل التجريبي احلراري الن���ووي الدول���ي (ITER) - ال يعتم������د عل������ى منظوم������ة ليزرية، وإمنا هو عب������ارة عن مغانط فائقة املوصلية تقوم بحصر نظائر الهدروجني معا وتس������خينها إلى درجة ح������رارة تبلغ 150 ملي������ون درجة مئوية - وهي أكبر ب�000 25 مرة من درجة حرارة سطح الشمس. وتتنبأ هذه التجرب������ة بإمكانية تولي������د فائض من الطاقة احملصلة. إضافة إلى ذلك، وبش������كل مغاير الليزرية املتقطعة، ستكون ملنظومة الدفقات املغان������ط قادرة عل������ى حص������ر الپالزما مع بعضها بعضا لعش������رات ورمب������ا مئات من

FUSION FROM LASERS )�(ignition )1(

]آلية العمل[اندماج بواسطة الليزرات)٭(

يق���ول <MB. ڤ���ان وينترجي���م> ]مدير NIF إن املنش���أة« :](NIF) تش���غيل املنش���أة

ليس���ت س���وى مضخم ليزري هائل.« فاجلزء األكبر م���ن املنش���أة مملوء ب����192 قناة ليزري���ة منفصلة حيث تأخذ، ه���ذه القنوات، نبض���ة اللي���زر الضعيف���ة وتضاعفه���ا أضعافا كثي���رة. بعد ذلك يت���م تركيز األش���عة الليزري���ة داخل حج���رة الهدف ثم توجيهها إل���ى جتويف مكون من

أسطوانة ذهبية حتتوي على الهدف ديتيريوم وتريتيوم.

مفاهيم مفتاحية< من املتوقع أن يصدر عن

اندماج نظائر الهدروجني، وبشكل مباشر، مقدار أكبر

من الطاقة مقارنة بتلك الالزمة لدمج اجلسيمات معا - وهذا هو احلدث احملوري للحصول

على الطاقة االندماجية.< إذا ما ت التحكم في هذه

الطاقة، فمن املمكن أن يشكل ذلك أساسا حملطات طاقة

ثورية.< إال أن العلماء، في الوقت

الراهن، ما زالوا يكتشفون حتديات هندسية مهمة قد تعيق بناء محطات الطاقة االندماجية لعدة سنوات

أخرى.محررو ساينتفيك أمريكان

قنوات احلزم الليزرية

حجرة الهدف

نقطة انطالق نبضة الليزر

Page 32: july_aug_2010_oloom

31 (2010) 8/7

الثواني وتولد توهجا مستمرا من الطاقة.علما بارزا في وهذه اإلجنازات ستكون ممالس������بيل إلى الهدف الذي كان األكثر إثارة منذ فجر العص������ر النووي واملتمثل بترويض رى في مراك������ز النجوم العملي������ات الت������ي جتجواالستفادة منها في أغراضنا. إال أن وميض اإلش������عال )أي حصول االندماج( هو اجلزء األس������هل في هذا الس������بيل، حي������ث إن هناك إدراكا متناميا بني اخلب������راء من العلماء في االندماج النووي بأن حتديات بناء وتش������غيل محطة طاقة االندماج قد تكون أصعب بكثير من التحدي الفيزيائي املتمثل بإنتاج الكريات امللتهبة في البداية. وهناك بعض الفيزيائيني، من غير املعنيني مباش������رة بأبحاث االندماج يش������ككون في قابلية هذا املشروع للتحقيق حتى نظريا. فينبغ������ي أن تتحمل مواد البناء املس������تخدمة في بناء املفاعل درجات حرارة عالي������ة جدا تصل إلى بضع������ة ماليني درجة مئوية ولسنوات عديدة. فاملواد املكونة ملفاعل االندماج ستكون معرضة لتصادم جسيمات نووي������ة ذات طاقة عالية ج������دا مما يحيل هذه املواد إلى مواد هش������ة قابلة للتصدع، وكذلك

نش������اط ذات تصبح إشعاعي كبير. وكذلك ينبغي أن تقوم محطة االندماج بإنتاج وقوده������ا النووي عن طريق عملي������ات توليد معق������دة. وحتى تكون مصدر طاق������ة مفيدا ومهما في الش������بكة الكهربائية، فإنه يجب أن تس������تمر بتوليد الوقود بش������كل ممتاز ومن دون انقطاع أو إعاقة أو حوادث

كارثية مؤسفة لعقود عدة من الزمن.يق������ول <R. هازلتاي������ن> ]رئي������س معه������د الدراس������ات االندماجية في جامعة تكساس بأوس������ن[: »الفك������رة جيدة، وهناك مس������ائل صعبة ولكنها قابلة للحل، ودعونا نركز على

لب االندماج ذاته. وقد يكون ذلك خطأ.«

وعد الطبيعة)�(بق������ي االندم������اج - أو باألح������رى لق������د ع������دم معرفت������ه - مصدر حي������رة للعلماء منذ س������تينات القرن التاس�ع ع��ش������ر على األق�ل. فنظرية <Ch. داروي������ن> في التطور عن طريق االنتخاب )االنتقاء( الطبيعي تس������تلزم باليني

Nature’s Promise )�(THE D-T REACTION )��(

اإلشعالفي مركز حجرة الهدف تتركز أشعة الليزر على

اجلدران اجلانبية للتجويف الذهبي مما يجعلها تصدر أشعة سينية ذات طاقة عالية. تقوم هذه

األشعة بحرق الطبقة اخلارجية لكرية الهدف مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل الكرية بحيث

تصبح كثافتها أكبر ب�100 ضعف من كثافة الرصاص وترتفع درجة حرارتها إلى 100 مليون درجة مئوية. وهذا االرتفاع املفاجئ في الضغط

ودرجة احلرارة يؤدي إلى إشعال االندماج.

➊ املضخم الليزريبعد أن تنشق النبضة الليزرية وبعد انتقالها خالل

املضخمات األولية، فإنها متر من خالل األلواح الزجاجية ملضخمة اإلشعاع الرئيسية. تقوم

مصابيح الزينون الومضية بتهييج ذرات النيوديوم في الزجاج. وعندما يعبر الشعاع الليزري من

خالله، يعيد الزجاج الطاقة مرة ثانية إلى شعاع الليزر. وتتكرر هذه العملية في أكثر من 52 ممرا،

حيث تعزز طاقة الليزر في كل ممر مبقدار %25.

➋ نحو الهدفعندما تدخل أشعة الليزر حجرة

الهدف التي يبلغ عرضها 10 أمتار، فإن البلورات تقوم بإنقاص طول

موجة الضوء إلى النصف وحتوله من اللون األحمر - اآلمن بالنسبة

إلى التجهيزات البصرية الليزرية - إلى أشعة فوق بنفسجية أكثر فاعلية

في إحداث االندماج.

تفاعل الديتيريوم والتريتيوم)٭٭(

عندما يتم تقريب نظيري الهدروجني: الديتيريوم والتريتيوم قسريا أحدهما من اآلخر بواسطة الضغوط ودرجات

احلرارة العالية جدا؛ فإن هذين النظيرين يتغلبان على قوة التنافر

الكهربائي بينهما، ويتم بالتالي اندماجهما. وينتج من هذا التفاعل االندماجي: هيليوم ونيوترون وطاقة

فائضة كبيرة.

حجرة الهدف

لوح زجاجي للمضخم

مصباح ومضي

أشعة فوق بنفسجية

جتويف

كرية الهدفأشعة سينية

npp

p

p

n n

nn

n

نواة تريتيومنواة ديتريوم

نيوترونطاقة

نواة هيليوم

Page 33: july_aug_2010_oloom

32(2010) 8/7

الس������نني حلدوث التنوع الهائ������ل في احلياة عل������ى األرض. بي������د أن أفض������ل تقدير لعمر الش������مس آن������ذاك - وال������ذي كان ق������د قدمه الفيزيائي البريطاني الشهير <W. ثومپسون> )واملعروف أكثر باس������م اللورد كلڤن( - كان ال يتعدى بضع عش������رات من ماليني السنني. وكم������ا يذكر <Ch. س������يف> في كتاب������ه الرائع بعنوان »شمس في زجاجة« )ڤايكنگ 2008(، فإن <داروين> اعتبر انتقاد ثومپس������ون أحد أخطر االنتق������ادات عصفا بنظري������ة التطور. وقد كانت حجة داروين الضعيفة قائمة على افت������راض أن العلماء س������يتوقفون عن اجلزم بعمر الش������مس لعدم كفاية القوانني املتعلقة

بالكون آنذاك.وق������د كان <داروين> على ص������واب. فقد مضت س������بعة عقود قب������ل أن يتمكن العلماء من تطوير اآللية الالزمة لفهم مصدر إشعاع الش������مس. فخالل فترة الثالثينات من القرن املنص������رم عرف العلماء أن املواد كافة مكونة م������ن ذرات، وأن لهذه الذرات نوى مكونة من پروتونات ذات ش������حنة موجب������ة ونيوترونات متعادلة الش������حنة. )الهدروجني عنصر فريد

واس������تثنائي؛ لكون نوات������ه مكونة من پروتون فقط(. وبنين <آينش������تاين> من خالل عالقته الش���هيرة E = mc2 أن من املمكن أن تتحول الكتلة إلى طاقة. وأظهرت الدراسات الطيفية أن الش������مس ليس������ت مكون������ة م������ن صخور منصهرة كما افترض <ثومپس������ون>، وإمنا مكونة من الهدروجني بشكل أساسي إضافة

إلى كمية قليلة من الهيليوم.ف������ي ع��ام 1938 أدرك الع��ال��م الفيزي�����ائي <H. بيت������ه> أن الضغ������ط في مركز الش������مس

سيكون من الكبر بحيث إن نوى الهدروجني املفردة س������تنضغط مع بعضه������ا بعضا بقوة هائل������ة متكنها من التغلب على ق������وة التنافر الكهربائي وجتعل األيونات املتماثلة الشحنة تبتعد عن بعضها في الظ������روف االعتيادية. ������ب <بيته> اخلط������وات األربع للتفاعل وقد رتناملتسلس������ل، والتي من خاللها تندمج أيونات الهدروج������ني في بعضه������ا بعض������ا. وتكون النواجت النهائية للتفاعل أخف قليال من كتل العناصر الداخلة ف������ي التفاعل، والفرق في الكتلة يتحول مبوج������ب العالقة E = mc2 إلى

طاقة هي مصدر طاقة الشمس.إن ه������ذا التفاع������ل املتسلس������ل واملعق������د يس������تلزم مقادير هائلة م������ن الضغط تتوافر فقط ف������ي مراكز النجوم. والطريقة الس������هلة نس������بيا إلحداث االندماج هي البدء بنظيرين للهدروجني - ديتيريوم، ال������ذي تتكون نواته من پروتون ونيوترون، وتريتيوم الذي حتتوي نوات������ه پروتون������ا ونيوترونني. وعن������د تقريب الديتيري������وم والتريتيوم أحدهم������ا من اآلخر كفاي������ة يندمجان ويش������كالن ن������واة الهيليوم )پروتونني ونيوترونني(، إضافة إلى نيوترون ودفقة م������ن الطاقة. ويتطل������ب التفاعل درجة حرارة وضغطا أقل نس������بيا مما عليه احلال في باطن النجم، مع أن������ه يولد مقدارا هائال

من الطاقة مييز تفاعالت االندماج.وإذا استطاع العلماء حتفيز االندماج في وس������ط ميكن التحكم فيه، فإن مشكلة الطاقة ف������ي العالم س������تنتهي متاما. فالوق������ود وافر جدا، لكون الديتيريوم موجودا في ماء البحر ومن املمكن توليد التريتي������وم داخل املفاعل.

FUSION FROM MAGNETS )�(

]منظر داخلي[اندماج نووي باستخدام مغانط)٭(

يسعى املفاعل ITER في جنوب فرنسا إلى حتقيق االندماج بواسطة تسخني الپالزما املكونة من الديتيريوم والتريتيوم. ويتم احتواء الپالزما بواسطة مغانط فائقة املوصلية وذات قدرة عالية جدا، وتس���تخدم أش���عة ميكروية لتس���خني الپالزما إلى 150 مليون درجة مئوية. وهذه العملية ليس���ت متقطعة مثل االندماج الليزري في املنش���أة NIF، حيث ميكن لالندماج أن يستمر عشرات

الثواني أو حتى مئاتها.

إن الليزرات ستسحق الهدف بنبضة تفوق في طاقتها مجمل ما يستهلكه مواطنو الواليات املتحدة

كافة.

پالزما

مغانط فائقة املوصليةموجات ميكروية

Page 34: july_aug_2010_oloom

33 (2010) 8/7

من اجلوانب. وهذا أمر محير وله صلة وثيقة بكافة أنواع مفاعالت االندماج - فكلما جعلت الپالزما أكثر سخونة وأكثر انضغاطا، كانت

مقاومتها جلهودك في احتوائها أكبر.وطيل������ة العق������ود الس������تة التي تل������ت ذلك بذل العلماء جهودا كبي������رة لتطويع الپالزما باس������تخدام زجاج������ات مغنطيس������ية أضخم وأضخ������م. وف������ي كل محاول������ة كان علم������اء الفيزياء يكش������فون القناع ع������ن جهاز مطور ومصمم للتخلص من املشكالت التي واجهت األجهزة التي س������بقته، وقد أظهرت الطاقات األعلى تنوعات جديدة من املشكالت. ويقول <Ch. بيكر> ]املدير الس������ابق لبرامج االندماج

في مختب������رات آرگون وأوك ري������دج الوطنية والرئيس احلالي للجنة االستشارية للمفاعل ITER في الواليات املتحدة األمريكية[: »بغض النظر ع������ن كيفية التعامل معه������ا، فالپالزما

دائما قليلة االستقرار.«وقد ش������هدت أزمة الطاقة في س������بعينات الق������رن املنصرم والدة برنام������ج بحثي مواز للحص������ول على االندماج، يهدف إلى محاولة جتنب بعض املش������كالت املتعلق������ة بالپالزما احملت������واة مغنطيس������يا. وتعتم������د التقني������ات املس������تخدمة في هذا البرنامج على منظومة ليزرية تعمل على تس������خني وعصر كرية من الديتيريوم والتريتيوم. لق������د بدأ هذا البحث ال������ذي أججري ف������ي مختبر لورن������س ليڤرمور الوطني باس������تخدام منصة جتريبية بسيطة تتكون من ش������عاعني ليزريني. وفي عام 1977 أدت التط������ورات التي حصل������ت على القدرة shiva الليزرية إل������ى التوصل إلى آلة ش���يڤا)اسم إله اخللق والفناء لدى الهندوس(، وبعد ذل������ك بناء آلة نوڤ���ا nova عام 1984. والطاقة الليزرية لكل برنامج م������ن هذين البرنامجني فاق������ت مقدار الطاقة األعلى التي كان مختبر ليڤرمور ذاته قد س������جلها سابقا. ولكن، كما في البرامج املغنطيس������ية، ل������م يتمكن هذان البرنامجان م������ن الوصول إلى نقطة التعادل أي النقطة التي تتساوى فيها الطاقة الناجمة ع������ن االندماج م������ع طاقة الليزر املس������تنفدة. ولتحقيق ذلك، فإن مختب������ر ليڤرمور يحتاج

واالندم������اج النووي، على خ������الف املفاعالت النووي������ة املعتادة، ال يولد ن������واجت نووية ذات نش������اط إش������عاعي وعم������ر وس������طي كبيرين واملعروفة باس������م النفاي������ات النووية. ونظريا، ف������إن بإمكان گال������ون واحد من املاء املش������بع بالديتيري������وم إنت������اج قدر م������ن الطاقة يكافئ ما حتمل������ه ناقل������ة ضخمة ممل������وءة بالبترول وبنس������مات من الهيليوم فق��������ط كع��وادم م��ن املف�اع��ل. يقول <I .E. موسيس> ]مدير املنشأة NIF[: »ومن ثم، فال توجد ضغوط سياس������ية عل������ى هذه التقنية وطاق������ة االندماج هي طاقة نظيفة، ومصدر الوقود موفور المتناه، إنه أمر

أكثر جودة من أن يصدق.«وفي الواقع هذا ما حصل، فقد جاء أول ي������د ان���دم����اج�ي ع���ل�ى تصمي��م مل�ف��اع������������ل <L. سپيتزر> ]األستاذ في جامعة پرينستون[

وق������در أن مقدار الطاقة التي س������يؤمنها هذا املفاعل، والذي أطلق عليه اسم ستيالراتور stellarator، ه������و 150 مليون واط والتي تكفي لتزوي������د 150 ألف من������زل بالطاقة الكهربائية. واعتم������د <المي������ان> ف������ي تصميم������ه على أن اإللكترونات ستنسلخ عن ذراتها عند درجات احلرارة الهائلة الالزمة لالندماج. ويؤدي ذلك إلى تكوين حس������اء من اجلسيمات املشحونة يس������مى پالزم������ا، وميكن احتواؤه بواس������طة املج������ال املغنطيس������ي. ويتكون س������تيالراتور <سپيتزر> في جوهره من زجاجة مغنطيسية

تقوم باحتواء الپالزما في موضعها حتى مع تسخينها إلى درجات حرارة عالية تصل إلى

ماليني الدرجات املئوية.بيد أن <سپيتزر> وعلماء آخرين اتبعوا نهجه ل������م يكونوا على دراية عميقة بس������لوك الپالزما. والذي عرفوه الحق������ا كان مخيبا لتوقعاتهم، إذ

تبني أن سلوك الپالزما لم يكن حسنا.تخيل أنك متسك بالونا مرنا وأنك تضغطه إلى أصغر حجم ممك������ن. وبغض النظر عن مدى انتظام الضغط واس������توائه، فإن البالون س������ينفلت من بني أصابعك. إن الشيء نفسه ينطبق على الپالزما. ففي كل مرة حاول فيها العلماء احتواء الپالزما وتقييدها داخل كرة محكمة متاما لدرجة كافية حلدوث االندماج كانت الپالزما جتد طريقا لتتس������رب خارجا

التاريخ املوجز لالندماج)٭(

1950: قام العالم السوڤييتي

<A. سخاروڤ> بتصميم زجاجة

مغنطيسية، أطلق عليها اسم توكاماك، تستطيع احتواء الپالزما، غير أن عمل

<سخاروڤ> في مجال األسلحة النووية

أبعده عن املشروع.

1951: قدم العالم <L. سپيتزر> ]من

جامعة پرنستون[ مشروع ستيالراوتر، الذي هو مفاعل اندماجي آخر يعتمد

على املجاالت املغنطيسية.

1952: قامت الواليات املتحدة األمريكية بتفجير إيڤي مايك، وهي القنبلة

الهدروجينية األولى في العالم.

1969: سافر علماء غربيون إلى

موسكو للتحقق من تصميم سخاروڤ )للتوكاماك(، حيث وجدوا أنه ينتج

پالزما أكثر سخونة وأكبر كثافة من املفاعل ستيالراوتر. ولذلك؛ أصبحت الزجاجات املغنطيسية )التوكاماكات( هي السائدة في األبحاث االندماجية

املستندة إلى املجاالت املغنطيسية.

1977: استجخدم ليزر شيڤا في حث االندماج بالسفعات الليزرية.

2010: يتعني على املنشأة NIF مباشرة إجراء جتارب االندماج للديتيريوم والتريتيوم في وقت متأخر من هذا

العام.

2018 )تقريبا(: ينتهي بناء املفاعل ITER كما هو مبرمج له. ومن املخطط

ألولى اختبارات اندماج الديتيريوم )�( THE SHORT HISTORY OF FUSIONوالتريتيوم أن تتم في عام 2026.

Page 35: july_aug_2010_oloom

34(2010) 8/7

إل������ى ليزر بقدرة أكبر 70 ضعفا من قدرة أي من الليزرات التي ظهرت حتى اآلن. وفي عام

.NIF 1997 بدأ العمل ببناء املنشأة

السفعات الصغيرة)٭(ال تب������دو املنش������أة NIF ذات أهمي������ة من اخل������ارج. فهي عبارة عن بناء من دون نوافذ وحجمه يقارب حج������م حظيرة طائرات، وهو مطلي بلون بني ف������احت بحيث ال يبدو مغايرا ألي مكتب في متنزه ضاحية من الضواحي. ولكن مثل معظم املشاريع العلمية الكبيرة - كاملصادم الهادروني الضخم الذي يخطر على البال فورا - إن ما يثير الرعب هو األش������ياء املدفونة عميقا في داخل������ه. توجد في داخل هذه املنشأة دستات من أنابيب عرضها متر ممدودة عبر املنش������أة. وتنتهي األنابيب إلى حجرة الهدف التي هي عبارة عن ثالثة أدوار مزودة بفتحات لتمك������ني الليزرات من العبور من خاللها. وفي مرك������ز هذه احلجرة يوجد هدف الديتيري������وم والتريتيوم مس������تقرا في مكانه بواسطة ما يبدو كرأس قلم الرصاص. وس������تتركز الليزرات إلى ما يقرب من بضعة ميليمترات من النقطة املركزية حيث ستسحق الهدف مولدة ق������درا من الطاقة - على األقل جلزء قليل من الثانية - يلبي احتياجات األمة

جميعها من الطاقة الكهربائية.ومع أن املنشأة NIF قد صممت من أجل الوصول إلى نقطة التعادل، إال أن رس������التها الرئيسية ذات عالقة باألمن القومي. ففي عام ������عم الرئيس األمريكي األس������بق <بيل ق 1996 ومكلينت������ون> معاهدة حظر االختبار الش������امل، م اختبارات األسلحة النووية في الواليات وجرناملتحدة األمريكية. وللتأكد من أن األس������لحة لالستخدام بصالحيتها باملخازن ستستمر كما هو مخطط لها - أي إن الرؤوس احلربية جميعه������ا لن يتم اللج������وء إليها إال إذا أعطى الرئيس أوامره بالضربة العس������كرية - فقد قامت مختبرات األسلحة النووية الوطنية في لوس أالم������وس وليڤرمور بتأس������يس برنامج لإلشراف على مخازن األسلحة، وهو عبارة عن نظ������ام صيانة واختبار مصمم للتأكد من موثوقية ما يقدر ب�5200 رأس حربي موجودة

حاليا في املخازن.إن معظم أعمال الصيانة لألسلحة النووية هي أعمال روتينية بس������يطة تتمثل باإلشراف على وتبديل أجزاء األسلحة، إضافة إلى مهمة أساسية وهي النمذجة احلاسوبية لالنفجارات النووية. وه������ذه النماذج مفرطة احلساس������ية NIF للش������روط األولية؛ ومن ثم فإن املنش������أةمصمم������ة لتزوي������د النم������اذج ببيان������ات تتعلق والتريتيوم. للديتيري������وم مصغرة بانفجارات )واملنشأة ستس������تخدم أيضا ألغراض علمية أساس������ية - وأحد أول هذه االس������تخدامات دراسة املوجات الصدمية الناجمة عن النجوم

.)Supernova املستعرة األعظميةوعندم������ا بدأت املنش������أة NIF بالعمل في الش������هر 2009/5، حظي������ت قدرتها على توليد الطاقة باهتمام محرري الصحف. فمثال نشر <Th. فريدم������ان> عمودا في صحيفة نيويورك

تاميز بعنوان »التوليد البارد للطاقة احلقيقي اآلتي« كتب فيه: »كل كرية يتم سحقها تطلق دفقة م������ن الطاق������ة ميكن اس������تخدامها في تسخني ملح سائل يستثمر في إنتاج كميات هائل������ة م������ن البخار احلار ال������ذي يعمل على ،turbine )تش������غيل العنف����ات )التوربين����اتومن ثم توليد كهرباء املنازل متاما مثل عمل

الفحم حاليا.«نظري������ا، إن ما يقوله <فريدمان> صحيح. إال أن املنش������أة NIF ل������م تجعد قط لتك������ون آلة توليد للطاقة القابلة لالس������تخدام. فاملنشأة، في خطة العمل احلالية، ستبدأ بتجارب اندماج الديتيريوم والتريتي������وم في نهاي������ة هذا الع������ام، وبعدئذ يتم التوصل إلى نقطة التعادل بعد سنة أو أكثر من ذلك التاريخ، فيما إذا كان كل شيء يعمل بالشكل الصحيح. وللعلم، فإن ذلك ال يعني تعادل محطة طاقة وإمنا يعني، كما يوضح <موسيس>، مجرد احلص������ول على طاقة منطلقة من الكرية أكبر من طاقة الليزر املستنفدة في االندماج.)وللعلم، فإن الطاقة الالزم������ة إلنتاج ليزر بطاق������ة قدرها 4.2 مليون جول، وتلك الطاقة الضائعة قبل الوصول إلى اله������دف لم تؤخذ باالعتبار(. ومع ذلك، فإنه من احملتمل حتقيق ه������ذا املعلم البارز بعد أكثر

.ITER من 15 عاما وقبل تشغيل املفاعلLittle Blasts )�(

THE T TRICK )��(

الطريقة البارعة للحصول على

التريتيوم)٭٭(ينبغي على مفاعالت االندماج أن

تنتج وقودها من التريتيوم عن طريق سلسلة تفاعالت معقدة.

حيث يبدأ ذلك بأن يقوم نيوترون بصدم أيون ليثيوم-7 املثبت في منطقة محيطة باملفاعل تعرف

بالبطانة. يولد هذا التفاعل الهيليوم والتريتيوم والنيوترون. يتابع هذا النيوترون الثانوي مساره حيث

يصطدم بأيون الليثيوم-6، واملثبت كذلك في البطانة منتجا أيون

هيليوم وأيون تريتيوم.

هيليوم

نيوترون

تريتيوم

هيليوم

ليثيوم 7

نيوترون من لب املفاعل

تريتيوم

ليثيوم 6

Page 36: july_aug_2010_oloom

35 (2010) 8/7

عقبات في طريق املفاعل)٭(وبغ������ض النظر ع������ن كيفية حتق������ق االندماج، س������واء كان ذلك باستخدام طاقة ليزرية في بواس������طة أو امليگاجول حدود السحق املغنطيسي، فإن الطاقة الناجتة س������تكون م������ن نصيب

النيوترون��������ات املتولدة م������ن االن�دم��اج والتي ال تتأثر باملجاالت الكهربائية أو املغنطيس������ية لكونها متعادلة الش������حنة. وإضافة إلى ذلك، فإن ه������ذه النيوترونات تخت������رق معظم املواد

الصلبة في خطوط مستقيمة.والطريق������ة الوحيدة إليق������اف النيوترونات ه������ي جعلها تصطدم بش������كل مباش������ر بنواة ال������ذرة. وعادة ما تك������ون ه������ذه التصادمات مخربة. فطاقة ه������ذه النيوترونات تكون عالية جدا بحيث إنها تستطيع إزاحة ذرات املعادن املتينة كاحلديد مثال من مواضعها. لذلك، فإن هذه التصادمات الشديدة تضعف بنية املفاعل

ل مادته إلى بنية هشة قابلة للكسر. وحتووفي حاالت أخرى حتول هذه النيوترونات املواد املعت������ادة )املكونة للمفاع������ل( إلى مواد مش������عة. فعملية اصط������دام النيوت������رون بنواة الذرة قد تؤدي إلى امتصاصه من قبل النواة فتصبح غير مس������تقرة. لذل������ك، فإن حزمة من النيوترون������ات - حت������ى ولو كان������ت ناجتة من تفاع������ل نظيف مثل االندم������اج - قد جتعل أي وعاء عادي خطيرا إش������عاعيا، يقول <بيكر>: »إذا أراد أح������د أن يبيعك أي نوع من األنظمة النووي������ة قائال إنها خالية من اإلش������عاع؛ فال

تلتفت إليه واحتفظ بنقودك.«إضاف������ة إل������ى حتقيق االندم������اج، فإن على احملطات االندماجية أن حتول طاقة النيوترونات ل العنف������ات. إن التصاميم إلى ح������رارة تجش������غاملستقبلية ملثل هذه احملطات تقوم بعملية التحويل هذه في منطقة محيط������ة مبركز االندماج يدعى بالبطانة. وم������ع أن احتمال تصادم نيوترون ما بنواة أي ذرة ضعيف في البطانة، إال أن بطانة س������ميكة ومصنوعة من مادة مالئمة - بس������مك بضعة أمتار من الرصاص مثال - س������تمتص جميع النيوترون������ات التي متر بها تقريبا. وهذا يؤدي إلى تس������خني البطانة، ويقوم سائل تبريد

مثل ملح منصه������ر بنقل احلرارة خ������ارج املفاعل. ويس������تخدم هذا امللح احلار ف������ي غلي املاء وإنتاج البخار الذي يدي������ر العنفات كما

في أي مولد كهربائي.وعل������ى الرغم من أن البطانة فإنها البس������اطة، بتلك ليس������ت بالدرجة أخ������رى تقوم مبهم������ة ذاتها من األهمية كتلك املتعلقة باستخالص الطاق������ة. فالبطانة تقوم بإنت������اج الوقود الذي

يغذي املفاعل.ومع أن الديتيريوم موجود بوفرة ورخيص الثم������ن، إال أن التريتي������وم نادر ج������دا ويجب احلصول عليه م������ن التفاع������الت النووية. إن بإم������كان محطة طاقة نووية معتادة أن تنتج ما بني 2 إلى 3 كيلوغرامات من التريتيوم سنويا، وبتكلف������ة تقريبية تتراوح م������ا بني 80 إلى 120 مليون دوالر لكل كيلوغرام. ولسوء احلظ، فإن مفاعل االندماج املغنطيسي سوف يستهلك ما يقرب من كيلوغرام من التريتيوم كل أسبوع، يق������ول <محمد عب������ده> ]مدير مرك������ز العلوم والتقان������ة االندماجية في جامع������ة كاليفورنيا بلوس أجنلوس[: »إن ما يحتاج إليه االندماج

أكثر بكثير مما يستطيع تزويده االنشطار.«وحتى تتمكن احملطة االندماجية من إنتاج التريتيوم الالزم لها ذاتيا، عليها أن تس������تثمر بعض النيوترونات التي كانت ستستخدم في توليد الطاقة. ويوجد في داخل البطانة قنوات من الليثيوم، وهو معدن لني ونشط تفاعليا مما يجعله قادرا على أمس������ر النيوترونات السريعة ليشكل الهيليوم والتريتيوم. بعد ذلك، يتسرب التريتيوم الناجت عبر القنوات املش������ار إليها، ويتم أس������ره بواس������طة املفاع������ل وإعادته إلى

الپالزما مجددا.إال أن الصورة تصب������ح مزعزعة عندما ندخل في التفاصي������ل الدقيقة. فكل تفاعل اندم������اج يلتهم أيون تريتي������وم واحدا وينتج نيوترون������ا واح������دا أيضا. لذل������ك، على كل نيوت������رون ينت������ج من املفاع������ل أن يولد أيون تريتيوم على األقل، وإال فإن املفاعل سيعاني نق������ص التريتيوم لكونه يس������تهلك تريتيوما أكثر مما ينتج. ومن املمكن التغلب على هذه

Reactor Roadblocks )�(

التحدياتعلى العلماء أن يتغلبوا على عدد من الصعوبات قبل أن يبزغ فجر الطاقة

االندماجية.

احلرارة : ينبغي أن تكون املواد املالمسة للتفاعالت قادرة على حتمل

درجات حرارة عالية جدا لسنوات طويلة.

البنية : النيوترونات ذات الطاقة العالية حتيل املواد إلى مواد هشة.

الوقود : على مفاعل االندماج أن يغذي ذاته بالتريتيوم الذي ينتجه من

خالل سلسلة معقدة من التفاعالت.

املوثوقية : املفاعالت االندماجية الليزرية تولد انفجارات متقطعة

فقط، في حني ينبغي على املفاعالت االندماجية املغنطيسية أن حتتوي الپالزما ألسابيع وليس ملدة ثوان.

توهج حار: منظر الپالزما داخل مشروع األبحاث املتقدمة للتوكوماك الفائق

املوصلية الكوري، الذي بدأ العمل في عام 2008.

Page 37: july_aug_2010_oloom

36(2010) 8/7

الصعوبة في حال قيام العلماء باستحداث تفاعالت متسلس������لة ومعقدة. فأوال يصدم النيوترون نظير ليثيوم 7، والذي على الرغم نتجج من كونه تفاعال مستهلكا للطاقة، فإنه يجأيونا من التريتي������وم ونيوترونا. بعدئذ هذا النيوت������رون الثاني يصدم نظي������ر ليثيوم-6

منتجا نيوترونا آخر.إضافة إلى ذل������ك، فإنه يجب جتميع هذه النيوترون������ات كافة وإدخالها إل������ى الپالزما بكف������اءة 100% تقريب������ا. يق������ول <M. ديتمار> ]فيزيائ������ي اجلس������يمات األولية ف������ي املعهد الفيدرالي السويسري للتقانة بزيورخ[: »في هذا التفاعل املتسلس������ل ال نس������تطيع فقدان نيوترون واحد، وإال فإن التفاعل س������يتوقف. وأول شيء ينبغي القيام به )قبل بناء املفاعل( هو أن نبني أن إنتاج التريتيوم سيتحقق، ومن

الواضح أن هذا أمر محال.«يق������ول <هازيلتاي������ن>: »إن ه������ذه البطانة االندماجية ألة رائعة حقا، فهي متتص حرارة كبيرة وتتعام������ل معها بعناي������ة فائقة دون أن تس������خن أكثر من ال������الزم، أيضا فهي متتص النيوترونات وهي مصنعة من مواد بعمر حياة كبير نسبيا على الرغم من تعرضها لتصادم هذه النيوترونات، وأخيرا تستثمر النيوترونات

في حتويل الليثيوم إلى تريتيوم«. ITER ولك�ن لس������وء احل������ظ، ف������إن املفاع�لال يق������وم باختبار تصامي������م البطانة مما يجعل العديد م������ن العلماء - وخاصة ف������ي الواليات املتح������دة األمريكي������ة التي ليس له������ا دور كبير في تصميم، أو بناء أو تش������غيل هذا املفاعل - يرون ضرورة وجود منش������أة منفصلة لتصميم وبناء ه������ذه البطانة. يقول <محم������د عبده> في هذا اخلص������وص: »عليك أن تبره������ن على أن بإمكانك القي������ام بذلك في نظ������ام عملي، وإننا لم نقم ببن������اء أو اختبار البطانة أبدا.« وإذا ما خصصت امليزانية الالزمة ملثل هذه املنش������أة غ������دا، فإن فهمنا للقضايا املتعلقة بها بش������كل جيد سيس������تغرق ما بني 30 إلى 75 سنة وذلك قبل بناء وتشغيل املنشأة حسب تقدير <عبده>. يضيف <عب������ده> قائال: »إنن������ي أعتقد بإمكان

إجناز ذلك ولكنه يتطلب عمال كبيرا جدا.«

الكذبة الكبرى)٭(لنق������ل إن ذلك قد حتقق ف������ي عام 2050. ITER واملفاعل NIF ولنقل إن كال من املنشأةق������د حققا جناحا متواضعا في حتقيق هدف احلص������ول على الطاقة في الوقت املناس������ب وضم������ن امليزاني������ة املخصص������ة. ولنقل إن الطبيع������ة لم حتمل في ثناياها مفاجآت خالل تدرج الفيزيائيني في زيادة الطاقة لكل نظام؛ وإن الپالزما الفوضوية السلوك سلكت كما هو متوق������ع. لقد أوضحت منش������أة منفصلة للم������واد كيفية بن������اء بطانة تس������تطيع إنتاج التريتي������وم وحتويل طاق������ة النيوترونات إلى طاقة كهربائية، إضافة إلى استقرار البطانة على الرغم من تعرضها املستمر لتصادمات اجلسيمات دون الذرية خالل العمل اليومي للمحط������ة. ولنفت������رض أن التكلف������ة التقديرية النهائية حملط������ة االندماج هي فقط 10 باليني

دوالر. فهل سيكون هذا خيارا مفيدا؟إن من الصعب اإلجابة عن هذا الس������ؤال حت������ى من قبم������ل الذين أمض������وا حياتهم في متابعة حل������م الطاقة االندماجية. واملش������كلة هي أن احملطات االندماجية - مثلها في ذلك مثل احملطات االنشطارية - تهدف إلى توليد الطاقة بصورة متكن من اس������ترداد تكلفتها األولية الباهظة، األمر الذي يستلزم تشغيلها املستمر. يقول <بيكر>: »كلما كان لديك نظام ذو رأس������مال كبير، فمن الضروري تشغيله

باستمرار ألنك ال تدفع تكلفة الوقود.«ولس������وء احلظ، ف������إن م������ن الصعب جدا احملافظة على استمرار الپالزما في حالة عمل ألي فترة زمنية ملموس������ة. حتى اآلن متكنت املفاعالت من االحتفاظ بالپالزما االندماجية ألقل من ثانية واحدة فق������ط. ويهدف املفاعل ITER إل������ى االحتف������اظ بالپالزما املش������تعلة لعشرات من الثواني. ويعد االنتقال من هذه الفت������رة إلى اس������تمرارية االحتفاظ بالپالزما دون توقف قفزة كبيرة نحو األمام لم تتحقق بعد. يق������ول <بيكر>: »يحت������اج االندماج إلى حتقيق 90% من األش������ياء املتاحة، ويتضمن ذلك األمور املتعلقة بالصيانة املنتظمة. وهذا ميث������ل أعظم ارتي������اب في قص������ور املوثوقية

The Big Lie )�(

Page 38: july_aug_2010_oloom

37 (2010) 8/7

مراجع لالستزادة

Scientific American, March 2010

االقتصادية لنظم االندماج النووي.« ]NIF وي������رى <موس������يس> ]مدير املنش������أةأنه ميتلك اإلجابة. فق������د تقدم باقتراح تصميم ملفاعل اندماجي انش������طاري هجني - تستخدم في������ه النيوترون������ات من التفاع������الت االندماجية احملف������زة بالليزر إلحداث تفاعالت انش������طارية ف������ي بطانة تتكون من النفايات النووية املعتادة. وأطلق على نظامه اس������م LIFE - االسم عبارة laser inertial ع������ن األحرف األولى من اجلملةfusion engine - ويقول إن بإمكانه حتقيق ذلك وربط النظام بالش������بكة الكهربائية في غضون

20 عاما.ويعتمد هذا النظام على حقيقة أن 5% من اليورانيوم فقط يس������تخدم قبل أن يتم سحبه وتخزينه في مستودعات النفايات النووية. في النظام LIFE يتم قذف نفايات الوقود النووي بالنيوترونات مما يؤدي إلى تسريع تفكك هذه النفايات إلى عناصر أخف وأقل إش������عاعية، ويكون ذل������ك مصاحبا إلنت������اج احلرارة التي ميكن استخدامها في توليد الطاقة الكهربائية. يقول <موس������يس>: »تبني دراساتنا أن النظام LIFE سيكون منافسا جلميع مصادر الطاقة

املعروفة حاليا وأقل تكلفة منها.« LIFE وم������ن الطبيعي أن ال يخل������و النظاممن أوجه قصور. يقول <E. مورس> ]أس������تاذ الهندس������ة النووي������ة ف������ي جامع������ة كاليفورنيا ببيركلي[: »ينبغي النظ������ر إلى الكذبة الكبرى في كل برنامج، والكذبة الكبرى في االندماج الن������ووي اللي������زري ه������ي أن باإلم������كان صنع كبس������والت الهدف بتكلفة خمس������ة س������نتات للكبس������ولة«. إن كبس������والت الهدف عبارة عن كري������ات بحجم حبة الفلف������ل ومؤلفة من وقود الديتيري������وم والتريتيوم مصنوع������ة بدقة بالغة وكروية الشكل متاما للتأكد من أنها تنضغط بالتس������اوي من كافة اجلوان������ب؛ ألن أي نتوء ف������ي الكريات يبطل قابليته������ا لالنفجار. وهذا يجعل إنتاج الكري������ات باهظ التكلفة. ومع أن مركز ليڤرمور الذي يخطط لصنع كرياته في املوقع لم يفصح عن التكلفة املتوقعة إلنتاجها، ف������إن مختبر ليزرات الطاقة العالية في جامعة روتشيس������تر يقوم بصنع كري������ات مماثلة من الديتيريوم والتريتيوم. يق������ول <مورس>: »إن

امليزانية الس������نوية املخصص������ة لصنع كريات الهدف املس������تخدمة في روتشيستر تبلغ عدة ماليني م������ن الدوالرات، وهم يصنعون س������ت كبس������والت س������نويا، ومن ثم ميكن القول إن

تكلفة القطعة الواحدة تبلغ مليون دوالر.« NIF وعل������ى خالف ما يجري في املنش������أةوالت������ي مبقدوره������ا أن تس������فع كري������ة كل عدة ساعات، فإن تدوير الكريات إلى حجرة الهدف في النظام LIFE، سيتم بسرعة بندقية گاتلنگ. يقول <موس������يس>: »وهي آلة تدور مبعدل 600 دورة في الدقيقة، إنها تش������به ماكينة س������يارة بق������درة مليون حص���ان horsepower - مع عدم LIFE انبعاث كربون������ي.« إن محطة من صنف

ستستنفد تقريبا 000 90 كرية يوميا.ويستحيل، بطبيعة احلال التنبؤ مبا سيؤول إليه الوضع العاملي للطاقة بعد 20 سنة. رمبا س������تكون احلاجة إلى الطاقة االندماجية أكبر م������ن أي وقت مضى، أو على النقيض من ذلك من املمكن أن يحدث اكتش������اف رئيس������ي في الطاقة الشمس������ية، أو طاقة الري������اح أو طاقة بديلة ليس������ت في احلسبان بحيث تبدو الطاقة االندماجي������ة غالية الثمن وليس من اليس������ير احلصول عليه������ا مقارنة بتلك املصادر. يقول <هازلتاي������ن>: »عندئ������ذ، من املمك������ن أن يقول

الن������اس: نعم، إنها تعمل وهذا ش������يء عظيم، ولكننا لسنا بحاجة إليها اآلن ألن لدينا قائمة

مبصادر أخرى.«لق������د كان االندم������اج ف������ي منأى ع������ن هذه االعتبارات، حيث كان ينظر إليه على أنه يختلف جذريا عن الوقود األحفوري ذي التأثير امللوث للبيئ������ة أو اليوراني������وم اخلط������ر. وكانت الطاقة االندماجي������ة تبدو نقي������ة ورائعة - مبنزلة عالج دائم ونهاية عطشنا إلى الطاقة. وكانت القضية تبدو قريبة من الكون املثالي الذي يطمح البشر

دائما في الوصول إليه.وف������ي الوقت احلالي، ف������إن هذه الرؤى تتراجع. فاالندماج ليس سوى أحد البدائل اإلضافية وقد يس������تغرق األمر عقودا حتى يؤتي ثماره. إن عملية اإلش������عال قد تكون قريبة، ولك������ن عصر الطاق������ة الالمحدودة

ليس كذلك. <

Page 39: july_aug_2010_oloom

38

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

صعود جنم البكتيريا النانوية وأفوله)٭(لقد كان يعتقد أن البكتيريا النانوية هي أصغر الكائنات املمرضة املعروفة،وقد برهنت اليوم على أنها أشياء غريبة بالقدر نفسه تقريبا؛ ولها بالفعلدور مرتبط بالصحة، ولكنه ليس ذات الدور الذي اقترح لها في البداية.

<D .J. يونگ> - <J. مارتل>

مفاهيم مفتاحية< إن االكتشافات التي يفهم منها أن

هناك بكتيريا ذات حجم نانوي، قد تسببت في إحداث صدمة وإثارة؛ ذلك أنها صغيرة جدا ألن تكون حية.

< فاقت االدعاءات بوجود هذه الكائنات املمرضة املتناهية الصغر

ما مت القيام به من إجناز علمي إلثبات وجودها، إلى أن أوضح

املؤلفان وغيرهما من العلماء أنه على الرغم من أن هذه اجلسيمات

قد بدت وكأنها حية، إال أنها في الواقع ليست سوى بلورات

شاذة مكونة من احتاد املعادن مع جزيئات عضوية.

< ومع ذلك، فإن تفاعالت الپروتني مع املعادن، والتي تؤدي إلى إنتاج تلك اجلسيمات النانوية، تظهر لنا تفاصيل لعمليات ميكن لها أن تقي

صحة اإلنسان أو تضعفها.

محررو ساينتفيك أمريكان

إن ظه������ور دلي������ل على وج������ود حياة على املريخ، حتى ولو كانت تلك احلياة قد حدثت فقط ف������ي املاضي البعيد، س������وف يؤدي في النهاية إلى اإلجابة عن السؤال األزلي حول م������ا إذا كانت الكائنات احلي������ة على األرض ه������ي فقط املوجودة في ه������ذا الكون. وجتلت أهمية مثل هذا االكتشاف في إعالن الرئيس األس������بق <بيل كلينتون> ف������ي مؤمتر عقد في عام 1996 أنه قد مت التوصل أخيرا إلى هذا الدليل، حيث اتضح أن حجرا نيزكيا نتج من حدوث تكسر في س������طح الكوك���ب األحمر)1( قبل نحو 15 مليون عام قد احتوى على بقايا أحفوري������ة لكائنات حي������ة متناهية في الصغر مما دل على أن احلي������اة قد وجدت في وقت

ما على املريخ. وتوضح الدراسات اجليولوجية أن هناك كائن������ات مش������ابهة ، ولكنها أصغ������ر من أي كائنات س������بق لنا معرفتها أو حتى ميكن لنا أن نتخيلها ، قد أدت دورا في تشكيل األرض في العصور املبكرة، وتقترح هذه الدراسات أن تلك العين������ات األحفورية رمبا كانت بقايا من العص������ور املبكرة جدا في تاريخ احلياة. ولكن النبأ الذي ميكن أن يأتي في املقدمة هو: ظهور دليل على أن ه������ذه الكائنات القدمية، والتي صارت تعرف بالبكتيريا النانوية)2(، مازال������ت موجودة بيننا بل إنها حقيقة تعيش في أجسادنا ومن املمكن أن تكون سببا لعدد

من األمراض.

عندما ظهرت هذه االكتش������افات مجتمعة ألول م������رة، ش������كك الكثير م������ن العلماء في صحته������ا كما أملح بعضهم إل������ى إمكانية أن تكون مجرد حماسة واس������تثارة ممن قاموا بهذه االكتشافات والتي تفوقت على ما قاموا ب������ه للتحقق من صحة ما حصل������وا عليه من بيانات على أس������س علمية. وقد بقيت بعض األس������ئلة حول ما تتميز به البكتيريا النانوية ف������ي الواق������ع وم������ا ال تتميز ب������ه. وبعد مرور أكثر من عق������د من الزمن، ف������إن فهمنا لهذه اجلس������يمات املتناهية الصغر ولسلوكها غير املعتاد واملشابه لس������لوك الكائنات احلية قد تقدم بش������كل كبير. وقد اتضح أن البكتيريا pathogens رضة النانوية ليس������ت كائنات ممجديدة وغير معت������ادة - وفي احلقيق����ة، إنها ليست ك��ائن���ات حي�����ة على اإلطالق. ولكنه��ا، ومع ذل���ك، ال تقل أهمية عن الكائنات املمرضة فيما يتعلق بصحة اإلنس������ان، ومن املمكن أن تك������ون قد أدت دورا في تط������ور احلياة ولكنه

ليس الدور نفسه الذي افترض لها. إن تط������ور ملحمة البكتيريا النانوية يقدم لنا درسا حول الكيفية التي يعمل بها البحث العلم������ي وكيف أنه قد يس������ير في اجتاه غير متوق������ع. وكأي قص������ة جي������دة، فإننا جند أن النهاي������ة احلقيقية لقصة البكتيري������ا النانوية كانت أكثر تش������ويقا من نهايته������ا التخيلية.

The Rise and Fall oF nanobacTeRia )٭()Mars =The Red Planet )1: املريخ.

nanobacteria )2(

Page 40: july_aug_2010_oloom

39 (2010) 8/7

ويستطيع الباحثون اآلن أن ميضوا قدما إلى األمام مستخدمني ما نعرفه عن هذه الكائنات النانوية في إحداث تقدم في األبحاث املتعلقة

بصحة اإلنسان واملواد النانوية.

صغيرة جدا لكي تكون حية؟)�( في ع������ام 1993 وعند قي������ام <R.L. ڤولك> ]وكان يعم������ل آنذاك جيولوجي������ا في جامعة تكس������اس[ بفحص عينات م������ن الصخور مت جمعها من الينابيع اإليطالية احلارة مبنطقة ڤيتربو، فإنه س������جل ما أطلق عليه وألول مرة »البكتيري������ا النانوي������ة«. ولقد الح������ظ <ڤولك> أثن������اء فحص������ه للعينات باس������تخدام املجهر اإللكتروني)1( وجود كريات صغيرة ش������بيهة بالبقاي������ا األحفوري������ة للبكتيري������ا. وق������د بدت هذه الفقاعات الصغيرة مث������ل البكتيريا في امتالكه������ا جدرانا خلوية وزوائد خيطية على س������طحها. وقد كانت كريات <ڤولك> صغيرة متاما، ولكنها أصغر بفارق مهم من أي نوع

معروف من البكتيريا. وع������ادة ما يتم قياس البكتيريا نفس������ها بامليكرونات microns - وامليكرون يس������اوي ج������زءا واحدا في املليون م������ن املتر، وهو ما يعادل 1/100 تقريبا من عرض ش������عرة رأس منوذجية. وق������د كانت البقايا األحفورية التي اكتشفها <ڤولك> أصغر نحو 5 إلى 100 مرة م������ن البكتيري������ا املعهودة، حي������ث إن حجمها تراوح ما بني 10 إلى 200 نانومتر )النانومتر الواحد يس������اوي 1/100 م������ن امليكرون(. وقد حصل <ڤولك> على هذه الكائنات النانوية من بقايا الطبق������ات اجليولوجية القدمية، مبا في ذلك الطبقات اخلاصة بفترات الپاليوزويك Paleozoic وامليزوزوي���ك Mesozoic، والت������ي

يعتقد أنها س������بقت احلقبة التي ظهرت فيها احلي������اة عل������ى األرض. ومن ثم فق������د اقترح <ڤول������ك> أن قيام هذه الكائنات باس������تخدام

وتدوير املواد العضوية وغير العضوية رمبا يكون قد أدى إلى تكوين الطبقات اجليولوجية

التي وجدت بها هذه الكائنات. مرت اكتشافات <ڤولك> من دون أن تلقى

اهتماما كافيا حتى حلول عام 1996، حني قام <D .S. ماكاي> ]من مركز ليندون B جونسون

ألبح������اث الفض������اء والتاب������ع لوكال������ة الفضاء األمريكية )ناس������ا( بهوس������ن[ بنشر ما يثبت Martain أن حج���را نيزكيا من كوكب املريخmeteorite مت اكتش������افه ف������ي الق������ارة القطبية

،Antarctica املتجم������دة اجلنوبية أنتاركتي���كاويع������رف اختص������ارا باس������م ALH84001، قد احتوى على أحفوريات نانوية مشابهة. وحيث إنه من املعتقد أن هذا احلجر قد نتج من مادة منصهرة منذ 4.5 بليون سنة، فإنه يعد من أقدم .solar system األجزاء في النظام الشمس���يوإلى جانب اكتشاف كريات كربونية مشابهة للبكتيريا النانوية التي اكتش������فها <ڤولك> في عينة احلجر النيزكي، فإن <ماكاي> وزمالءه متكنوا أيضا من إيجاد جسيمات حتتوي على كبريتيد وأكسيد احلديد، وبها هدروكربونات polycyclic aromatic عطرية عديدة احللقاتhydrocarbons وجميعها مواد خام أساس������ية

تدخ������ل ف������ي العملي������ات البيولوجي������ة. وقد مت الترويج واإلشادة بهذه االكتشافات على أنها متثل دليال جديدا ومختلفا متاما على إمكانية وجود حياة في عصور سابقة على املريخ وفي

أماكن أخرى في النظام الشمسي. وق������د قوبل تقرير <م������اكاي>، ومن ثم ما قام به <ڤولك> من دراس������ات سابقة، باحتفاء إعالمي كبير وبكثير من الش������ك واجلدل في الدوائر العلمية. حيث أوضح املنتقدون أنه قد مت بناء جميع الفرضيات حول هذه الكائنات املتناهية الصغرعلى أس������اس ش������كلها، ولم يك������ن هناك مطلقا ثمة دلي������ل على أنها حية. واألكثر م������ن ذلك، فإن هذه الكائنات النانوية قد أثارت جدال ح������ول أصغر حجم يجب أن يكون عليه الكائن احلي ليكون حيا. فبمعرفة أن قطر جزيء الدنا DNA املزدوج السلسلة يبلغ أكثر من 2 نانومتر، وأن الريبوسومات ribosomes املصنع������ة للپروت������ني ف������ي اخللية

يبل������غ قطرها نحو 20 نانومترا، فإن املنتقدين ش������ككوا في إمكانية أن حتتوي اخلاليا ذات

Too Tiny for life? )٭(electron microscope )1(

إن اجلسيمات النانوية الناجتة من ارتباط الپروتينات باأليونات املعدنية املتبلورة، تشبه اخلاليا

البكتيرية املتبرعمة وذلك حتت املجهر )امليكروسكوب( اإللكتروني.

Page 41: july_aug_2010_oloom

40(2010) 8/7

احلجم النانوني على ما يلزمها من عضيات وجزيئات لتكون حية.

وف������ي قمة ه������ذا اخلالف ج������اء عاملان من جامعة كيوپيو بفنلندا، وهما <E .O. كاجاندر> و<N. سفتسيوجلو> ليشعال نيران جدل أوسع. حيث قام هذا الفريق الفنلندي بتقدمي أول ما اعتبر دلي������ال على أن البكتيري������ا النانوية هي كائن������ات حية وذلك في عام 1998. حيث الحظ الباحثان وجود ملوث������ات صغيرة احلجم في املزارع اخللوي������ة التي كانوا يقومون بتنميتها مع مقاومة هذه امللوث������ات جلميع الطرق التي

اس������تخدمت للتخلص منها. ولم يقتصر دور هذه اجلس������يمات امللوثة عل������ى إحداث املرض للخاليا، ب������ل إنه���������ا ق���اومت ط������رق التعقيم املعت������ادة والتي تس������تخدم فيه������ا احلرارة أو املطهرات أو املض������ادات احليوية. ومبالحظة هذه اجلسيمات املس����تديرة املتن���اه�ية الصغر حت��ت امليكروس������كوب )املجه���ر( اإللكت��روني، وج������د <ك��اج��ان����در> و <س��فتس������يوجلو> أن حجمها تراوح مابني 50 و 500 نانومتر وأنها

الحظ املنتقدون أن جميع االدعاءات

حول هذه الكائنات املتناهية الصغر قد

مت تأسيسها على شكلها فقط.

]االدعاء[أصغر صور احلياة)٭(

آالن هيلز 84001 )الصورة في األعلى(، هو حجر نيزكي مت اكتشافه في القارة القطبية اجلنوبية

املتجمدة أنتاركتيكا، ويحتوي على أجسام مستديرة وتكوينات عصوية ذات حجم نانوني )الصورة في اليمني( ومصنوعة من الكربون، كذلك فإنه يحتوي

على عناصر ميكنها أن تعمل كمواد أولية للقيام بالعمليات احليوية.

]التضمينات[اإلثارة املبكرة)٭٭(

تركيب���ات وج���ود تس���جيل مت كربوني���ة م���ن املعتق���د أن تك���ون بقايا أحفورية للبكتيريا النانوية

ألول مرة في عام 1993. فقد اكتش���ف <R .L. ڤولك> ]الباحث في علوم األرض[

أجس���اما مس���تديرة في عينات من الصخور بإيطالي���ا )الصورة في اليس���ار( بلغ عرضه���ا من 10 إلى 200 وبلت بالقليل من االهتمام نانومتر. ولكن هذه االكتش���افات قموذلك حتى عام 1996، حني أعلن العلماء في الوكالة ناسا عن اكتش���افهم أحفوريات ش���بيهة في حجر نيزك���ي مصدره من املري���خ )الصورة في اليمني(. وق���د حظيت إمكانية أن يحمل صخ���ر عمره أكثر من 4 باليني س���نة دلي���ال على وجود حياة خارج كوكب األرض باهتمام عاملي. كما أن األهمية احملتملة لهذا االكتشاف جعلت الرئيس األسبق <بيل كلينتون> يعلق عل���ى ذلك بقوله: »اليوم يتحدث لنا احلجر 84001 عبر جميع تلك الباليني من الس���نوات واملاليني من األميال. إنه يتحدث ع���ن إمكانية وجود حياة. ولو مت تأكيد هذا االكتش���اف، فإن هذا س���وف يك���ون بالتأكيد واح���دا من أهم الرؤى املدهش���ة

التي استطاع العلم أن يكشف عنها في كوننا.«

أحفورة الصخر النيزكي ALH84001

)طولها = 380 نانومترا(

بكتيريا نانوية مت اكتشافها في دم اإلنسان )50 نانومترا(

أصغر صور احلياة املعروفة: امليكوپالزما

)200 نانومتر(

أكبر ڤيروس معروف: ميميڤيروس

)400 نانومتر(

أحفوريات »بكتيريا نانوية« )10 - 200 نانومتر(

ريبوسوم)20 نانومترا(

بريون)13 نانومترا(

جسيمات نانوية قامبإنتاجها املؤلفان)20 -500 نانومتر(

أصغر ڤيروس معروف: بارڤوڤيروس)23 نانومترا(

املسافة بني األعمدة في الرسم = )10 نانومترات(

حلزون دنا)عرضه 2.6 نانومتر(

The sMallesT liFe-FoRM )٭(early excitement )٭٭(

Page 42: july_aug_2010_oloom

41 (2010) 8/7

كانت شبيهة بشكل مدهش بالبكتيريا النانوية التي اكتش������فها <ڤولك>، مما يشير إلى أنهما

شيء واحد أو متشابهان.

أصغر الكائنات املممرضة)٭(وبالفح������ص الدقي������ق لتل������ك اجلس������يمات الصغي������رة، وجد العامل������ان الفنلندي������ان أنها حتتوي عل������ى األحماض النووي������ة والپروتني، وهي مؤشرات إلى وجود حياة. وتأسيسا على وج������ود تتابعات معينة ف������ي جزيئات الدنا في العينات املختبرة، فإن العاملني قاما بتصنيف م������ا اكتش������فوه، وأطلقوا علي������ه نانوبكتيرمي ،Nanobacterium sanguineum س���انگوينيوم ليكون تابعا ملجموعة فرعية من البكتيريا تشمل ميكروبي البروس���يال Brucella والبارتونيال Bartonella، وكل منهم������ا معروف بقدرته على

اإلصابة باألمراض. وقد الحظ أفراد املجموعة الفنلندي������ة أيضا وجود صف������ات غير معتادة للبكتيريا النانوية، ومنه������ا قدرتها على تغيير أش������كالها في املزارع املنماة بها، وهي صفة ،pleomorphism »أطلقوا عليها »تعدد الش���كلوهي نادرة احلدوث في الكائنات احلية. حيث لوحظ أن البكتيريا النانوية تقوم بتغيير شكلها من جسيمات مس������تديرة صغيرة إلى طبقات مس���توية films أو جتمعات من مادة معدنية. وتبني أن هذه املادة املعدنية هي هدروكس���ي ،apatite أو أپاتيت hydroxyapatite األپاتي���توهي تركيب بلوري من الكالسيوم والفوسفات

يوج������د في كل مكان في الطبيعة، مبا في ذلك الثدييات وأص������داف الالفقاريات. ولم عظام تكن البكتيريا النانوية الصغيرة واملس������تديرة مغطاة فقط بجدران من األپاتيت ولكنها غالبا م������ا وجدت مس������تترة فيما بني أجس������ام أكبر تشبه »أكواخ األسكيمو« أو »األماكن املأهولة

بالسكان«، وذلك على حد تعبير الباحثني.ف مصدر البكتيريا وفي محاولته������م تعرالنانوية، فوجئ الفريق الفنلندي عندما وجد أن هذه الكائنات موجودة في معظم السوائل في أجس������ام احليوانات واإلنسان التي قاموا بفحصها، ومنها الدم واللعاب والبول وغيرها، واستنتج أن هذه امليكروبات املتناهية الصغر متث������ل خط������را لإلصابة باألم������راض املرتبطة بح������دوث جتمع������ات معدنية غي������ر طبيعية في اجلسم، مثل حصى الكلى kidney stones. وفي نهاية األمر، فإن األمراض التي قام الباحثون بالربط بينها وبني البكتيريا النانوية قد امتدت لتشمل أنواعا عديدة من السرطان، وتصلب واألم������راض ،atherosclerosis الش���رايني ،arthritis التنكس������ية مثل الته���اب املفاص���لوالتصل������ب ،scleroderma اجلل���د وتيب���س الطرفي���ة األعص���اب والته���اب املتع������دد، peripheral neuropathy، وألزهامي������ر، وحت������ى

.(HIV) اإلصاب������ات الڤيروس������ية مثل اإلي���دزوقد أظهرت الدراس������ات املبدئية التي قام بها الفري������ق الفنلندي أن 14% من األش������خاص

برت إمكانية وجود كائنات ذات حجم نانوني كقضية جوهرية وذلك عند طرحها بواسطة العديد من املجموعات البحثية معني احلجم: اعتمفي التس���عينات، حيث إن وجود كائنات فائقة الصغر بدا غير محتمل، وإن لم يكن مس���تحيال. وقد تراوح حجم »البكتيريا النانوية« األحفورية والبكتيري���ا النانوي���ة »احلي���ة« ما بني 10 إلى 500 نانومتر. ولكن أغلب هذه العينات بدت صغيرة جدا لكي حتتوي وتقوم بتش���غيل آليات كافية وضرورية حلياة اخللية، مثل الريبوسومات ribosomes التي تقوم بإنتاج الپروتني، والتي يصل قطرها إلى 20 نانومترا، كما أن هذه العينات

.Mycoplasma هي أدق من أصغر صور احلياة املعروفة - وهي بكتيريا امليكوپالزما

The smallest Pathogens )٭(

بكتيريا استافيلوكوكس أوريس)600 نانومتر(

كرية دم حمراء عند اإلنسان )قطرها = 7000 نانومتر(

استافيلوكوكس أوريس شعرة إنسان )قطرها = 000 100 نانومتر()قطرها = 600 نانومتر(

Page 43: july_aug_2010_oloom

42(2010) 8/7

البالغني االس������كندينافيني قد احتوت دمائهم antibodies )على أضداد )أجس���ام مض���ادةللبكتيريا النانوية. كم������ا جاء فيما بعد علماء آخرون مثل <A .P. س������ومر> ]من جامعة أولم بأملانيا[ ليروج������وا فكرة أن البكتيريا النانوية تس������لك س������لوك الكائنات املمرض������ة املعدية، مش������يرين بأصابع االتهام إلى تلك البكتيريا

على أنها متثل خطرا صحيا عامليا.وعلى الرغم من تل������ك املضامني املفزعة، فإن البكتيريا النانوية جاءت لتفي، في عديد من االجتاهات، مبا تتطلبه أكثر أحالم العلماء جرأة. فمن املمكن أن تساعد طبيعتها البدائية جدا وصفاتها غير املعتادة وانتش������ارها في كافة أرجاء الطبيعة على تقدمي تفسير ألصل احلي������اة ، ليس فقط عل������ى األرض ولكن في جميع أرجاء الك������ون. واألكثر من ذلك، أنها ميك������ن أن متثل أساس������ا جدي������دا وموحدا لإلصابة مبختلف األمراض بسبب ارتباطها عمليا بجمي������ع العمليات املرضية التي ميكن تخيله������ا، وهذا ما ميثل حدثا غير مس������بوق. ولك������ن نتيجة جلميع الصف������ات غير املعتادة للبكتيريا النانوي������ة، فإن العديد من املنتقدين ظ��ل���������وا غ�ي����ر مقتنع��������ني بها. ومن بني هؤالء <J. مانيلوف> ]من مركز روشس������تر الطبي[

الذي مازال يعتبر البكتيريا النانوية صغيرة ج������دا لكي متثل كائنات حقيقية ويطلق عليها

»االندماج البارد في البيولوجيا امليكروية.«لق������د أمدتنا الدراس������ات البحثي������ة التي قادها<J.O. سيس������ار> ]م������ن املعاهد القومية للصحة[ بأول رؤية بديل������ة للبكتيريا النانوية وذلك بحلول عام 2000. حيث وجد <سيسار> أن الفوس������فولپيدات، وه������ي مركب ش������ائع الوجود في األغش������ية اخللوي������ة، ميكنها أن ترتبط بكل من الكالس������يوم والفوسفات، مبا يدعم تكوين بلورات فوس������فات الكالس������يوم )األپاتيت(. وقد وجد أن هناك تشابها عجيبا ما بني الكت������ل البلورية املتكونة بهذه الطريقة والبكتيريا النانوية كم������ا وصفتها املجموعة البحثية الفنلندية. والش������يء املدهش هو رؤية ه������ذه الكريات البلورية وهي تنمو وتتضاعف

في أنبوب االختبار كما لو كانت حية. وفيما يتعلق بوج������ود تتابعات فريدة من األحماض النووي������ة في البكتيري������ا النانوية والتي عرفت بأنه������ا أح������د املعالم األساس������ية املميزة لها، فقد أوضحت دراسة <سيسار> أن مثل هذه التتابعات ميكن أن توجد أيضا في التركيب اجليني للبكتيريا الش������ائعة والت������ي عادة ما تلوث املواد واألدوات الزجاجية املس������تخدمة

في مختبرات البحث.وعلى ذلك، فقد بدأت احلماسة واالعتقاد الق������وي بوجود البكتيري������ا النانوية باخلمود. ولك���ن ف������ي ع�������ام 2004 وبش������كل مف����اجئ، أعلن فري����ق بحثي يعم������ل بقيادة <V. ميللر> و<J .C. ليس������ك> في مستشفى مايو عن متكنه من إيجاد جس������يمات نانوي������ة في عينات من أوعية دموية متكلس������ة، وأن هذه اجلسيمات ل������م حتتو فقط على الدن������ا والپروتينات وإمنا RNA أظهرت قدرة على تكوين جزيئات الرنا)احلم������ض الريبي النووي(، وهي اجلزيئات الوسطية)1( التي تستخدمها جميع الكائنات احلية لتحويل املعلوم������ات الوراثية من الدنا إل������ى پروتينات خلوية. وبني ي������وم وليلة، عاد اجلدل حول البكتيريا النانوية ليش������تعل مرة أخرى، ومع������ه جميع املتناقض������ات املعتادة

واإلثارة من وسائل اإلعالم.ومع الترويج لفكرة أن البكتيريا النانوية متثل منوذج������ا مليكانيكية جدي������دة للمرض، رمبا تكون ش������بيهة بالپريونات وهي جزيئات پروتيني������ة مس������ؤولة عن اإلصاب������ة بأمراض مث������ل جن���ون البق���ر mad cow disease، فإن البكتيريا النانوية اعتبرت خطرا على الصحة العامة، مما مهد الس������بيل لظهور اهتمامات جتارية بتس������ويق طرق للكشف والعالج من هذه الكائن������ات املمرض������ة املتناهية الصغر. وظه������رت "Nanobac OY"، وهي ش������ركة قام الذين الفنلندي������ون الباحث������ون بتأسيس������ها كان لهم س������بق اكتش������اف البكتيريا النانوية احلي������ة، وأصبحت املورد األساس������ي للمواد التشخيصية، ومن ضمنها األضداد، والتي

looking alive )٭(the intermediate molecules )1(

تبدو حية)٭(ف���ي عام 1998، أوض���ح العاملان الفنلنديان <O. كاجاندر> و<N. سفتسيوجلو> أنهما

اكتش���فا بكتيري���ا نانوي���ة متتل���ك أغلف���ة من فوس���فات الكالس���يوم وميكنه���ا إنتاج تركيب���ات معدني���ة تعك���س التغي���رات في شكل وأنشطة هذه الكائنات أثناء منوها.

من جتارب املجموعة البحثية تبنينالفنلندية أن اجلسيمات املعدنية قد

تضاعفت في العدد مبعدل بطيء، وترافق ذلك مع منو في احلجم ليصل إلى قطر

يتراوح بني 20 إلى 500 نانومتر وذلك في األطباق احملتوية على مزارع اخلاليا.

بدت تركيبات الهدروكسي أپاتيت الفارغة والتي مت مالحظتها في املزارع

كأنها »مساكن« صنعتها البكتيريا النانوية باستخدام املعادن املتراكمة.

Page 44: july_aug_2010_oloom

43 (2010) 8/7

Recipe for Nanobacteria )٭(

]نظرة من قرب[وصفة لتحضير البكتيريا النانوية)٭(

أظه���رت التج���ارب الت���ي قام به���ا املؤلف���ان أن التفاعالت الت���ي حتدث بني املع���ادن، والپروتينات واجلزيئات اخلامل���ة األخرى، والتي توجد بانتظام ف���ي بيئ���ات املزارع اخللوية، ميكنها أن تنتج جس���يمات )الصور امليكروية في األسفل( تبدو وتسلك نفس سلوك البكتيريا النانوية املمعتقد وجودها. حي���ث تتداخ���ل الپروتينات م���ع عملية البلورة التي حتدث بش���كل طبيعي لأليون���ات املعدني���ة، بحيث تنتج فقاقيع معدنية غير بلورية ميكن أن تنمو

وتغير شكلها كما تفعل الكائنات احلية.

يحتوي الطبق املستخدم عادة في زراعة وتنمية اخلاليا على إضافات غنية باملغذيات مثل مصل دم أجنة األبقار، والذي يحتوي

على پروتينات وجزيئات عضوية أخرى. وقد بدأ املؤلفان بإضافة أيونات معدنية،

مثل الكالسيوم والفوسفات، بهدف تسريع تكوين اجلسيمات، مع أن األيونات املعدنية medium )املوجودة من قبل في بيئة )وسط

الزرع ميكن أن حتدث التأثير نفسه.

➋ ترتبط أيونات الكالسيوم والفوسفات مع بعضها بعضا بصفة طبيعية

ليكونا جسيمات معدنية من فوسفات الكالسيوم )هدروكسي أپاتيت(: ولكن ميكن لبعض الپروتينات االرتباط بنهم بالكالسيوم متداخلة مع عملية البلورة. وبدال من احلصول على تركيب طبقي منظم من بلورات الهدروكسي أپاتيت النقية )أقصى يسار الصورة(، فإن

جسيمات املعادن-الپروتينات الناجتة يكون لها تركيب جزيئي غير بلوري

وشكل ميكن رؤيته.

➌ ومع استمرار اجلسيمات بالنمو باكتسابها طبقات من مادة املعادن - الپروتينات، والتي ميكنها أيضا أن تندمج لتكون جسيمات أكبر

وتأخذ أشكاال متنوعة. وإضافة إلى املعادن وپروتينات مصل الدم، فإن

اجلسيمات تقوم بإدماج أي جزيئات متاحة لها في بيئة الزرع. وتقوم هذه املواد العضوية بإمداد دعم تركيبي

للجسيمات الستمرار منوها.

➍ وفي النهاية ومع نفاد كمية الپروتينات املتاحة في بيئة الزرع، فإن عملية البلورة

تتسيد املوقف، وتعمل على إنتاج ما يشبه الشعيرات اإلبرية على سطح اجلسيمات.

ومن ثم تنهار هذه التركيبات البلورية لتكون ما يشبه املغازل أو األوراق ذات الشكل

املروحي والتي تكون أكبر في احلجم. ومع تقدم البلورة، فإن اجلسيمات تصبح أقل متيزا وانفصاال وفي النهاية فإنها تندمج

لتكون ما يشبه األوراق املعدنية املمزقة.

ميكن خالل ساعات من إضافة األيونات إلى بيئة

زرع اخلاليا مشاهدة جسيمات نانوية يتراوح

قطرها بني 20 إلى 50 نانومترا وذلك باستخدام امليكروسكوب اإللكتروني.

تشبه هذه اجلسيمات، والتي يتراوح حجمها بني

100 إلى 500 نانومتر، اخلاليا احلية بسبب

أشكالها وأحجامها املوحدة. وهي تشبه أيضا البكتيريا النانوية املمعتقد

وجودها.

وعند وصول اجلسيمات إلى قطر يقدر بالعديد من

املئات من النانومترات، فإن اندماجها املستمر

يؤدي إلى ظهور أشكال غير معتادة تبدو في بعض األحيان بشكل خاليا تقوم

باالنقسام.

ويشيع حدوث البلورة في هذه اجلسيمات، والتي

يصل عرض كل منها إلى 600 نانومتر، لتنتج زوائد معدنية ذات حواف حادة.

وفي النهاية، تنهار اجلسيمات املعدنية لتكون

طبقة صلبة تغطي قاع طبق الزرع بكامله

هدروكسي أپاتيت متبلور

هدروكسي أپاتيت غير متبلور

طبقة عضوية

بلورة نقية

طبقة معدنية

دنا

پروتني

رنا

دهن

كربوهيدرات

فوسفات

پروتنيكالسيوم

Page 45: july_aug_2010_oloom

44(2010) 8/7

مت تصميمها للكش������ف عن البكتيريا النانوية في أنس������جة اإلنس������ان. وبعد ذلك أصبحت شركة نانوباك للمس������تحضرات الصيدالنية ش������ركة وه������ي ،Nanobac Pharmaceuticals

أنشئت في والية فلوريدا وقامت واستحوذت على الش������ركة نانو باك OY ف������ي عام 2003، م������وردا لعقاقير عالج اإلصاب������ات املرضية

الناجتة من البكتيريا النانوية.

بناء البكتيريا النانوية)٭(أثارت التصورات غير املعتادة وما قابلها من تصورات مضادة حول البكتيريا النانوية اهتمام مجموعتنا البحثية، وجعلتنا نعكف في

عام 2007 على إج������راء مجموعة من التجارب لتعرف الطبيعة الكيميائي������ة والبيولوجية لتلك اجلس������يمات، حيث اعتقدنا أنه قبل مناقش������ة األدوار احملتمل������ة لتلك اجلس������يمات النانوية، فإنه يجب على العلماء أن يقوموا أوال بتحديد ماهية هذه اجلس������يمات، وحتديد ما إذا كانت حي������ة فعال. وم������ن ه������ذا املنطلق، فق������د بدأنا بدراس������ة ما إذا كان للبكتيريا النانوية القدرة

على التضاعف بوجود املواد غير احليوية.لقد قمن������ا بإج������راء أبحاث اس������تخدمنا فيه������ا مركبات حتتوي على الكالس������يوم مثل )احلج������ر اجليري( الكالس������يوم كربون������ات وفوسفات الكالسيوم، وذلك ملا نعرفه من أن لهذه املركبات مي������ال طبيعيا إلى التجمع في نسق جزيئي دقيق لتكون بلورات، والبلورات ه������ي تركيبات على درجة عالي������ة من التنظيم وذاتية التنوي)1( وهي ش������بيهة مبنشورات هندس���ية)2(، أس������طحها مس������توية وحوافها ح������ادة. ولك������ن إذا ح������دث تلف ف������ي تركيب البلورات، فإن هذا يكس������بها صفات مختلفة متام������ا. وق������د افترضنا أن معاجل������ة املعادن بالپروتينات وغيرها من املركبات غير املعدنية س������وف يؤدي إل������ى اختالل النظ������ام الدقيق للطبق������ات املتقاطع���ة lattices الالزم لتكوين البل������ورات، مما يؤدي إل������ى جعل التجمعات املعدنية غير متبل���ورة amorphous، أي إنها تنتظم بطريقة عش������وائية أو غير منظمة على

املستوى اجلزيئي. وق������د اعتقدن������ا أيضا أن ه������ذا االختالل سوف يؤدي ببساطة إلى إجهاض عملية منو التجمعات املعدنية لتكون بلورات. وما أدهشنا أن هذه التجمعات املعدنية استمرت في النمو والزيادة كجس������يمات، أو بتعبي������ر أكثر دقة، كجسيمات نانوية. ولم نكن نتوقع بالتأكيد أن مثل هذه املركبات البس������يطة ميكنها أن تأخذ أشكاال وتكوينات هندسية جتعلها تبدو عمليا مطابقة للبكتيريا النانوية، مكتس������بة ش������كال

building nanobacteria )٭(MineRal ManageMenT )٭٭(

self-nucleating )1(geometric prisms )2(

]اآللية[إدارة املعادن)٭٭(

تش����به اجلس����يمات التي تظهر مثل البكتيريا النانوية، الرواس����ب الكلسية في أنسجة اإلنسان ألن كال منهما ينتج من تفاعالت حتدث بصفة طبيعية بني املعادن والپروتني وتكون مسؤولة عن إمداد األس����نان والعظ����ام باملعادن. كم����ا أنها تعمل على تثبيط حدوث عملي����ة التكلس غير املرغوب فيها. وتعتبر التكلس����ات غير الطبيعية في األنس����جة عرضا مرضيا وليس����ت س����ببا في حدوث املرض،

ولكن مع مراحل حدوثها املتقدمة فإنها قد تؤدي إلى حدوث أمراض مثل حصى الكلى.

املعدنة الطبيعيةيحتاج تكوين العظام إلى جسيمات مستديرة من

هدروكسي األپاتيت قطرها 10 نانومترات لكي تندمج في بعضها مكونة خيوطا من اخلرز املعدني والتي تكون متشابكة بني ألياف الكوالجني. تندمج هذه الوحدات البنائية من األپاتيت تدريجيا لتكون أليافا ثم طبقات معدنية تغلف الدعامة الكوالجينية

ما يعطي العظام القوة و املقاومة للشد والكسر.

قلوب متصلبةتتكون الرواسب الكلسية )باللون األبيض( في القلب

والشرايني وفق آلية كآلية املعدنة التي حتدث في العظام، وهي متثل عالمة على اإلصابة بأمراض القلب واألوعية

الدموية. ومن املعتقد أن الرواسب الكلسية حتدث نتيجة حلدوث جرح في األنسجة، وميكن أن يتوقف أو ينحسر

تكوينها إذا متت معاجلة املرض املسبب لذلك.

سبب أم نتيجة؟ميكن مالحظة التكلسات في أماكن أخرى من اجلسم، كما

في هذه العينة من نسيج غير سرطاني في غدة درقية بشرية متأثرة بالسرطان. وتعكس تركيبات الكالسيوم-الفوسفات فشل

العمليات الطبيعية التي تعمل على إزالة املعادن في األنسجة املريضة. وهناك احتمال آخر هو أن هذه املناطق املمعدنة ميكن

أن تكون قد نتجت من جسيمات غريبة كامللوثات، غير أن هذه الفرضية مازالت غير مؤكدة.

تقوم اجلسيمات النانوية ببساطة

باختطاف أي پروتينات تكون

متاحة في الوسط )البيئة( احمليط بها.

Page 46: july_aug_2010_oloom

45 (2010) 8/7

يش������به جدران اخلاليا، وتظهر وهي تنقس������م مث������ل البكتيريا احلي������ة متاما. وباس������تخدام ه������ذه التركيبات البس������يطة من اجلس������يمات النانوية كنقطة لالنطالق، فقد قمنا مبواصلة محاوالتنا إلع������ادة بناء بيولوجي������ة البكتيريا النانوي������ة بالكام������ل. وكان ذل������ك مبحاولتن������ا حتديد ما إذا كان������ت جميع الصفات الغريبة وغي������ر املعتادة للبكتيري������ا النانوية والتي قام علماء آخرون بوصفه������ا بالفعل ميكن أن يتم احلصول عليها مجددا من خالل التفاعل بني

اجلزيئات العضوية البسيطة واملعادن. وق������د ص������ار واضحا بعد فترة بس������يطة أن اجلس������يمات النانوية الناجتة من خالئط كربونات وفوس������فات الكالس������يوم ذات قدرة على االلتصاق. فهي ترتبط بنهم بأي جزيئات مشحونة، س������واء كانت أيونات، أو مركبات عضوي������ة صغيرة )مث������ل الكربوهيدرات(، أو دهونا، أو حتى دنا، أو غيرها من األحماض النووي������ة. وي������ؤدي االرتب������اط باملجموع������ات الكيميائية املش������حونة إلى تثبيت اجلسيمات النامي������ة، مضيفة إليها متاس������كا تركيبيا مع دفع اجلس������يمات احملتوية على الكالس������يوم لكي تس������تمر بالنمو وأخذ أش������كال معقدة. ولكن وف������ي النهاي������ة، فإن أح������د منطني من األحداث سوف يتسيد املوقف. فإذا توافرت كمي������ة زائدة م������ن املعادن، فإن اجلس������يمات سوف تتبلور في النهاية إلى األپاتيت. ولكن إذا جتاوز املتاح من املركبات العضوية كمية املعادن املوج������ودة، فمن املمك������ن أن تتوقف عملية التبلور متاما أو تستمر مبعدل بطيء، مع اس������تمرار اجلس������يمات بالتط������ور لتكون

أشكاال أكثر تعقيدا.ومن بني املجموعات الكيميائية املشحونة التي قمنا بدراستها، فإن الپروتينات أنتجت أكث������ر التأثيرات تعقي������دا وإث������ارة لالهتمام وذلك عند اس������تخدامها كعوام������ل لالرتباط. فالپروتين������ات تتجول بحرية داخل اجلس������م. albumin وبعض الپروتينات مثل األلبيومنيوالفيتيوين-A)1( موجودة بكميات كبيرة في الدم، وهي أيضا قادرة على االرتباط بشراهة

بالكالسيوم. ويعد األلبيومني مسؤوال مبفرده عن نصف قدرة مصل الدم blood serum على A-االرتب���اط بالكالس��يوم. كما أن الفيتيوينال يرتبط فقط بالكالس������يوم ولكنه يس������تطيع أيضا االرتباط وبقوة بفوس������فات الكالسيوم

بصورة أپاتيت غير ناضج. وم������ن املع������روف جي������دا أن ق������درة هذه الپروتينات على االرتب������اط ببلورات األپاتيت غير الناضج������ة تؤدي إلى إجه������اض عملية التبل������ور؛ مما يحم������ي من ح������دوث املعدنة mineralization غير املرغوب فيها بأنس������جة

اجلس������م. وبالوضع في االعتب������ار حقيقة أن جميع سوائل اجلسم، مبا فيها الدم، حتتوي supersaturated على تراكيز عالية التش���بعمن الكالس������يوم والفوس������فات، ومع ذلك فإنه ال يح������دث به������ا تكلس، فإن ه������ذا يوضح أن احلماية التي متنحها تل������ك الپروتينات ذات أهمية كبي������رة. فمن دونه������ا، تصبح األوعية الدموية صلبة، كم������ا أن التركيبات العظمية

ميكن أن تظهر فجأة في كل مكان. وأثناء مواصلتنا لهذا االجتاه في البحث، فإن دراس������ة منفصلة قادها <D. راؤل> ]من الكلية الطبية مبرس������ليا في فرنس������ا[ برهنت عل������ى أن الپروتني الرئيس������ي الذي مت إثبات .A-وجوده في البكتيريا النانوية هو الفيتيوين A-وأظهرت جتاربن������ا فيما بعد أن الفيتيوينهو مج������رد واحد من عديد م������ن الپروتينات الت������ي مت الكش������ف عنها ضمن جس������يمات الكالس������يوم النانوية. وتتضم������ن الپروتينات املرتبطة والپروتين���ات األلبيومني األخرى بالده���ون apolipoproteins والپ�����روت��ي��ن������ات املكملة وعديدا من الپروتينات املعتادة والتي ع������ادة ما توجد بوف������رة في ال������دم وجميعها معروفة بقدرتها اجلي������دة على االرتباط بنهم بالكالسيوم واألپاتيت. وبشكل أساسي، فإن جتاربن������ا دلت على أن البل������ورات تقوم أثناء منوها باختط������اف أي پروتينات تكون متاحة ف������ي البيئة احمليطة بها ويك������ون لديها القدرة

على االرتباط بالكالسيوم واألپاتيت.

ميكن للبلورات النقية من كربونات الكالسيوم أن تأخذ أشكاال متباينة.

وفهم اآللية التي تتكون بها اجلسيمات النانوية في الطبيعة وكيف

ميكنها أن تؤثر في صحة اإلنسان، سوف يساعد العلماء على التحكم في صفات اجلسيمات النانوية التي يقوم

اإلنسان بصنعها.

fetuin-a )1(

Page 47: july_aug_2010_oloom

46(2010) 8/7

لقد متكنا أيضا من إيضاح أن األضداد )األجس���ام املض���ادة( antibodies والت������ي يتم بيعه������ا على أنها مواد للكش������ف ع������ن وجود البكتيريا النانوية بواسطة مجموعة الشركات التابع������ة لنانوب������اك هي في واق������ع األمر مواد للكشف عن الفيتيوين-A واأللبيومني. ولذلك، فإن الدراسات املبكرة التي مت فيها استخدام األض������داد املنتجة بواس������طة ش������ركة نانوباك للكش������ف عن وج������ود البكتيري������ا النانوية في مزارع أنسجة اإلنسان كانت تقوم في حقيقة األمر بالكش������ف عن پروتينات الدم املعهودة. واألمر األكثر مدعاة للقلق، هو اكتش������اف أن األضداد األخرى واملفت������رض فيها أنها تقوم بالكشف عن الپروتينات غير املعهودة للبكتيريا النانوية في دم اإلنس������ان كان������ت في احلقيقة متخصصة بالكشف عن پروتينات دم األبقار. وبقدر غرابة هذا االكتش������اف، بقدر ما ميكن تفسيره بس������هولة، وذلك بحقيقة أن مختبرات األبح������اث تق������وم بصفة عام������ة بإدخال مصل دم أجن������ة األبقار، وهو مص������در ممتاز للمواد املغذية، في بيئ������ات املزارع اخللوية. ولكن في حالة املزارع التي يتم فيها دراس������ة البكتيريا النانوية، فإن ه������ذا املصل يعد أيضا مصدرا أساس������يا للپروتينات التي تقوم باالندماج في تلك اجلسيمات، تاركة في النهاية أثرا »بقريا« على اجلس������يمات النانوية. وبإعادة النظر إلى م������ا مضى، فإن الدراس������ات العدي������دة والتي أدعت الكشف عن پروتينات البكتيريا النانوية باس������تخدام مثل هذه األضداد ميكن أن ينظر

إليها اآلن على أنها خاطئة أساسا.

ما الذي يحدث حقا)٭(مع أنه قد اتضح اآلن وبش������كل حاس������م إيض������اح أن البكتيري������ا النانوي������ة ما هي إال جس������يمات نانوية غير حية تنت������ج من بلورة املع������ادن املعهودة مع غيرها م������ن املواد في األوس������اط احمليطة بها، فإن ه������ذه الكائنات قد تظ������ل ت������ؤدي دورا مهم������ا فيم������ا يتعلق بصحة اإلنسان. حيث نعتقد أن اجلسيمات الشبيهة بالبكتيريا النانوية تتكون من خالل

عملي������ة طبيعية تعمل ف������ي املعتاد على حماية اجلس������م من حدوث التبلور غير املرغوب فيه، ولكن هذه العملية تش������جع أيضا على تكوين

جسيمات نانوية حتت ظروف معينة.وتس������تطيع العديد من املع������ادن أن تكون جتمعات بش������كل تلقائي في الطبيعة، وميكن لتل������ك املعادن أيضا أن تظهر ميال إلى تكوين بل������ورات. فالكالس������يوم، على س������بيل املثال، يرتب������ط بنهم بالكربونات والفوس������فات مكونا بل������ورات الكالس���يت calcite واألپاتيت. ومن ثم، ف������إن أي جزيء يكون لدي������ه قابلية عالية لالرتباط بالكالسيوم أو بلورات األپاتيت غير الناضجة، س������واء كان هذا اجلزيء پروتينا، أو دهن������ا أو أي جزيء آخر مش������حون، فمن املمكن أن نعتبره مثبطا لعملية التكلس مبعنى أنه يستطيع أن يتداخل مع عملية التبلور عن طريق االرتباط باملعادن. وفي داخل اجلسم، فإن ارتباط الپروتني بالكالس������يوم والبلورات غير الناضجة سوف يكون الهدف منه هو إما

تخزين تلك املركبات املعقدة أو إزالتها. تؤدي اإلزالة املنتظم������ة للمعادن إلى منع الترس������يب غير الطبيعي للكالس������يوم والذي يس������بب املرض. ولكن، هناك حاجة مستمرة إلى الكثير من الپروتينات لكي تقوم باالرتباط باملعادن، وإذا ح������دث أن فاقت كمية املعادن م������ا هو متاح من پروتين������ات مثبطة، فإن ذلك ي������ؤدي في النهاية إلى التغلب على ميكانيكية التثبي������ط. وعندما تتش������بع مواق������ع االرتباط بالپروتينات باملعادن، فإن الپروتينات املرتبطة باملعادن تعمل كب������ذور لتكوين البلورات، مما يؤدي إل������ى عملية ال ينتج منه������ا فقط حدوث ظاهرة البكتيريا النانوية وإمنا تسبب حدوث عمليات تكلس غير طبيعية، مثل تكون احلصى وتكل������س الش������رايني. وكمس������ببات محتمل������ة لألمراض، فإنه يج������ب في املقام األول النظر إلى هذه اجلسيمات النانوية على أنها أجزاء من دورة أكبر للتنظيم الطبيعي للكالس������يوم. فالس������بل التي يتم من خاللها تكوين معقدات املعادن مع الپروت������ني والتي مت وصفها هنا،

<يونگ> أستاذ كرسي بجامعة تشانگ جيونگ وجامعة مينجتشاي للتقانة

بتايوان ويرأس معمل املواد النانوية nanomaterials بجامعة تشانگ جيونگ. يتركز اهتمامه البحثي بشكل أساسي

على فهم التفاعالت بني املواد العضوية وغير العضوية وأثرها في صحة

اإلنسان. وقد شغل <يونگ> منصب رئيس مختبر املناعة والبيولوجيا اخللوية اجلزيئية في جامعة روكفيلر، التي يعمل

بها كأستاذ مشارك. <مارتل> طالب دكتوراه مبعهد الدراسات العليا في

العلوم الطبية احليوية بجامعة تشانگ يونگ. وقد جاء من مدينة شيربروك،

بإقليم كيوبك بكندا، لينضم إلى مجموعة <يونگ> بتايوان لدراسة امليكروبات

املمرضة بالدم واألسس العلمية احملتملة ألساليب العالج البديلة.

املؤلفان

Jan Martel John D. Young

What´s Really going on )٭(

Page 48: july_aug_2010_oloom

47 (2010) 8/7

لها بالطبع دور في تكوين العظام أيضا. ومن ثم، فإنه بدال من أن تكون الترسبات الكلسية س������ببا حلدوث أمراض تتضمن التكلس غير الطبيع������ي، فإنها قد متثل النتيج������ة النهائية لعي������وب اس������تقالبية تؤثر في عملي������ة تثبيط

املعادن وإزالتها.ومن الس������ابق ألوانه اآلن أن نعرف كيفية ترجمة مثل هذه الرؤى إلى أساليب عالجية. ولك������ن، م������ن احملتم������ل أن يتم تفس������ير كافة االكتشافات السابقة حول البكتيريا النانوية التثبيط/التب���ذر مفه���وم عل������ى اعتم������ادا طري������ق فع������ن .inhibition/seeding concept

زيادة احلجم من خالل االندماج، على سبيل املثال، فإن هذه الكريات املعدنية-الپروتينية ميكنه������ا أن تتطور وتلتحم مع بعضها لتكون مغازل spindles، ثم طبقات رقيقة في النهاية. ومن املمكن اآلن توثيق وتفسير هذه التغيرات الشكلية على أنها نتيجة التفاعل البسيط بني الپروتين������ات واملعادن، م������ع جناح املعدنة في احلدوث في النهاي������ة. ووفقا لفرضيتنا، فإن اجلسيمات الشبيهة بالبكتيريا النانوية تظهر في أطباق الزرع culture dishes نتيجة لغياب ط������رق فعال������ة إلزالتها داخل اجلس������م. ومن املمكن النظر اآلن إلى البكتيريا النانوية التي مت وص������ف وجودها في املزارع اخللوية على أنها ن������واجت ثانوية بس������يطة لعمليات طبيعية

الستقالب الكالسيوم حتت ظروف ثابتة.وق������د أظهرت جميع جس������يمات البكتيريا النانوي������ة التي اس������تطعنا جتميعها من الدم ومن سوائل اجلسم األخرى تركيبا كيميائيا بسيطا من املمكن توقعه، وهو تركيب يعكس building blocks البن���اء وح���دات طبيع������ة املتوفرة في الوس������ط احمليط بها. فعن طريق تغيي������ر تركي������ب هذا الوس������ط، نس������تطيع أن نغير وبسهولة تكوين اجلس������يمات النانوية، وميكننا اليوم أن نقوم بهندس������ة جس������يمات ش������بيهة بالبكتيري������ا النانوية ليك������ون لها أي تركيب يتم حتديده. وعن طريق االس������تفادة من هذه العملية، أمكن لنا إنتاج عائلة كاملة م������ن املركبات األيوني������ة املرتبط������ة بيولوجيا

واملتش������ابهة تركيبا وأطلقن������ا عليها بيونات bions. وتظهر البيونات في مختلف األحجام

واألشكال وهي حتاكي أشكاال بيولوجية تبدو غير حية ميكن اس������تخدامها لتفسير الطبيعة غير احلية للجس������يمات النانوية، ومن املأمول منها أن توضح كيفية تصنيع واندماج مواد البناء املكونة من وحدات متناهية الصغر في

الطبيعة. إن فهم كيفية تكوين مثل هذه اجلسيمات الصغي������رة واملكونة من معق������دات من املعادن م������ع جزيئات عضوية ف������ي الطبيعة ميكن أن يس������اعد على فه������م آلية ظه������ور احلياة على األرض من������ذ باليني الس������نني. فم������ن املمكن أن نتص������ور أن املعادن املكون������ة ملعقدات مع اجلزيئات العضوية الصغيرة قد أمكنها من self-replication خالل عملية تضاع���ف ذاتيتشبه عملية منو اجلزيئات النانوية، أن تكون وحدات البناء األولى في احلياة وأن تتمكن من الوجود بش������كل مستدمي. فمثل هذه املعقدات املعدنية - العضوية ميكن أن تكون قد قامت بحماية العمليات املرتبطة باحلياة وس������اعدت على تقسيمها إلى مجموعات ورمبا تكون قد عملت بنفسها كمراكز لتحفيز هذه العمليات احليوية. ويظل ذل������ك إمكانية محتملة، نعكف

حاليا على دراستها. إن التوصل أخيرا إلى أن مجاال واسعا من عملي������ات التكلس التي يتم مالحظتها في الطبيعة وف������ي العديد من األم������راض املزمنة ميكن فهمه في س������ياق التفاع������الت اجلزيئية بني الپروتينات والدهون واملعادن وغيرها من املواد األخرى هو أم������ر مثير جدا لالهتمام. وخالفا لفرضيات البكتيري������ا النانوية والتي ج������رى الدفاع عنها في املاض������ي، فإن الفهم احلالي للجس���يمات املعدنية - العضوية)1( املوجودة في الطبيعة س������وف يسمح للعلماء ب������أن يتقدموا إل������ى األمام في الكش������ف عن الكيفية التي ميكن م������ن خاللها أن تفيد هذه الكائن������ات املتناهية الصغر احلياة، حتى وإن

لم تكن هي بالذات حية. <

مراجع لالستزادة

Scientific American, January 2010 mineral-organic particles )1(

Page 49: july_aug_2010_oloom

48

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

التغير املناخي: جتربة متحكم فيها)٭(درس العلماء بعناية األراضي العشبية والغابات ملعرفة كيف أن التغيراتفي كل من الهطول املطري وثاني أكسيد الكربون ودرجة احلرارة ستؤثر

في البيوسفير )الغالف احليوي(، كي يتمكنوا من التنبؤ مبستقبله.<D.S. ولسشليكر> ــــ <M. ستراهل>

مفاهيم مفتاحية< يقوم الباحثون حاليا بتغيير

مستويات درجات احلرارة وثاني أكسيد الكربون

والهطوالت املطرية في مواقع معينة من الغابات واألراضي العشبية وأراضي احملاصيل الزراعية ملعرفة الكيفية التي تستجيب لها حياة النباتات.

< إن ارتفاع درجات احلرارة وتركيزات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات أعلى، يفضي إلى زيادة في النمو الورقي أو في

مردود احملصول، غير أن هذين العاملني قد يعمالن

أيضا على تكاثر احلشرات ويضعفان قدرة النباتات

على درء األوبئة واألمراض.

< سوف تقود التجارب امليدانية املقبلة والتي

ميكنها مواجهة الظروف البيئية الثالثة في آن واحد إلى أفضل النماذج لكيفية تأثير تغيرات املناخ على

املدى الطويل في املنظومات البيئية العاملية.

محررو ساينتيفيك أمريكان

قبل نحو ثالثني سنة، كتب <F .Ch. بايس، ــــــر أوك-ريدج ــــــر> ]الكيميائي في مختب جونيــــــوزارة الطاقة في الواليات ــــــي التابع ل الوطناملتحدة[ أن الكــــــرة األرضية تخضع لتجربة عظيمة »غير متحكم فيها« ســــــرعان ما سوف يتبدى للمرء عواقبها العاملية املتمثلة بارتفاع ــــــة )الغازات املســــــببة تركيز غــــــازات الدفيئــــــدرك العلماء اليوم لالحتباس احلراري(. ويــــــات واســــــتخدام األراضــــــي ــــــة الغاب أن إزالــــــة اجلائر وحرق الوقــــــود األحفوري الزراعيتؤدي إلى تســــــخني كوكب األرض. ولكن ما ال يدركونه على وجه التأكيد هو كيف سيؤثر التغير املناخي في تبديل الغابات واألراضي العشبية، وكذلك في تبديل السلع واخلدمات التي توفرها هذه املنظومات البيئية للمجتمع.فالكثير من األنباء، التي تتحدث عن التغير املناخي وتروج لها وســــــائل اإلعالم، تأتي من املراقبات وليس من التجارب. فالعلماء يراقبون ــــــد احمليط املتجمد الشــــــمالي واجلليديات جليواألحداث الطبيعية، مثل تســــــجيل زمن بزوغ أوراق األشــــــجار، ويعلنون ذلك عندما تصبح التغيرات خارج نطاق التوقعات الطبيعية. ومن املهم طبعا تســــــجيل هذا النوع من املعلومات تبعا للزمن. ولكن األمــــــر األكثر أهمية هو أن يقوم بيولوجيو التغير املناخي بإجراء جتارب حقلية واســــــعة النطاق ملعرفة كيف تســــــتجيب ــــــد الهطول املطري أو املنظومــــــات البيئية لتزايلتناقصه، وكيف تستجيب لزيادة تركيز ثاني

أكس���يد الكرب���ون (CO2) فــــــي اجلو والرتفاع درجات احلــــــرارة، بدال من انتظار مشــــــاهدة كيف أن تطور املناخ البطيء يغير البيوســــــفير أو )الغالف احليوي(. فالبيانات التجريبية هي ــــــؤ بإمكانية تأثير ــــــدة القادرة على التنب الوحيالتغيرات السابقة الذكر في املنظومات البيئية ومبدى هذا التأثير خالل العشر أو اخلمسني أو املئة ســــــنة القادمة، إضافة إلى معرفة كيف ميكن للتغذية املرتدة feed back لهذه التغيرات ــــــؤدي إلى حــــــدوث مزيد مــــــن التغيرات أن تــــــات التجريبية ميكن أن املتقدمــــــة. وهذه البيانتســــــاعد على التفريق بني الوهــــــم والواقع في

اجلدل املناخي املشحون بالعواطف. ــــــون بدراســــــة ــــــذ ســــــنني يقــــــوم الباحث ومناســــــتجابات نباتات محددة - منــــــت على نحو منوذجي ملدة عدة أشهر ضمن حجرات متحكـم في مناخها - لعدد متنوع من الظروف. إنه من ــــــي حتدث على هذا الضــــــروري فهم اآلليات التاملســــــتوى. وكذلك يجب أيضا دراسة النباتات في بيئاتهــــــا الفعلية أي فــــــي املنظومات البيئية ــــــر من الناس ــــــة. وقــــــد ال يعلم عدد كبي احلقيقيبوجود الكثير من التجــــــارب احلقلية املتضمنة هطوالت مطرية متغيرة وتراكيز مختلفة من ثاني أكسيد الكربون، والتي يجري تطبيقها منذ عقد من الزمن ومازالت مســــــتمرة حتى اليوم – مثل التجــــــارب املذكورة فــــــي املؤطــــــرات املبينة في ــــــى البدء بإجراء الصفحــــــات التالية، إضافة إل

CliMate Change: a ControlleD experiMent )�(

Page 50: july_aug_2010_oloom

49 (2010) 8/7

جتارب تتناول درجــــــات احلرارة. وتتوفر اليوم ــــــأ بالتغيرات ــــــة لتطوير مناذج تتنب بيانات كافياملناخية والنباتية ترسم صورة أكثر دقة لكيفية تغير الغابات والبراري واحملاصيل الزراعية في عالم تتزايد سخونته باستمرار ويتعرض ألمناط هطوالت مطرية مختلفــــــة ومحاط بغالف يحوي

كميات متزايدة من ثاني أكسيد الكربون.

نتائج من أرجاء العالم)٭(تبني التجارب املنجزة في أنحاء مختلفة من ــــــم أن النباتات واملنظومات البيئية متتلك العالقدرة كبيرة على التكيف مع الظروف اجلديدة. ولكن العلماء يتوقعون وجود عتبات)1( إذا ما جرى جتاوزها ســــــتحدث استجابات محتملة مهمة وكارثية. ولدى استكشاف هذه احلدود ستصادف مفاجآت ، ومع ذلك فإنه من املمكن استخالص بعض االســــــتنتاجات التالية من

بيانات التجارب احلقلية:< ميكن أن تؤدي زيادة تركيز ثاني أكســــــيد

الكربون إلى تعزيز محاصيل الســــــلع مثل القمــــــح واألرز والشــــــعير وفــــــول الصويا والقطن، ولكن ســــــخونة متزامنة مع تلوث باألوزون في بعــــــض األماكن قد تؤدي إلى ــــــر التعزيزي لغــــــاز ثاني انخفــــــاض التأثيأكســــــيد الكربون أو إلغائه نهائيا. وكذلك، فــــــإن التغيرات املناخية ســــــتبدل التآثرات الكائنة بني احملاصيل واألعشــــــاب الضارة واحلشــــــرات واملمرضات pathogens، حيث تكون الغلبة لألوبئة كما لم يحدث من قبل. < إن غابات األشجار املتساقطة األوراق في

شــــــرق الواليات املتحــــــدة – أي التي تفقد أوراقها موســــــميا – قليلة التأثر باجلفاف نسبيا. وحتتفظ الترب العميقة بالكثير من املاء الكافي لدعم اســــــتمرار منو األشجار ــــــرة طوال معظم العــــــام. ولكن التربة الكبيالســــــطحية ال حتتفظ إال بالقليل من املاء؛ ولذلك جتف بسرعة مسببة ارتفاعا كبيرا في معدالت موت النبتات الصغيرة الفتية

والشجيرات– أي غابات املستقبل. < يؤدي غالف جوي غني بغاز ثاني أكسيد

الكربون إلى زيادة منو اجلذور التي توفر املزيد مــــــن املغذيات مما يعــــــزز اإلنتاجية في الغابات التي فــــــي طور النماء، وكذلك ــــــادة منو اجلذور فــــــي األعماق قد فإن زيتفيد أيضا النباتات في املنظومات البيئية ــــــادة إمكانية اجلافــــــة أو القاحلة وذلك بزي

الوصول إلى مياه التربة العميقة.< ميكــــــن لالحترار العاملي وارتفاع تراكيز

ثاني أكســــــيد الكربون أن يعززا انتشــــــار العديد من األعشاب الزراعية الضارة مبا ،Canadian thistle فيها الشوكيات الكنديةكما ميكن أن يخفـضا إنتاج احملاصيل أو يزيدا احلاجة إلى مبيدات األعشاب. وكذلك قد تسبب األنواع الدخيلة بعض املتاعب.

52 التتمة في الصفحة Findings around the globe )�(thresholds )1(

Page 51: july_aug_2010_oloom

50(2010) 8/7

CO2 املوضوع : على الرغم من أن مس���تويات درجة احلرارة وثاني أكسيد الكربونس���ترتفع عموم���ا ف���ي جميع أرج���اء العالم، فإن النم���اذج املناخية تتنب���أ بأن تزايد

وتناقص الهطوالت املطرية سيتغيران كثيرا من مكان آلخر في العقود القادمة.د العلم���اء ع���ددا متنوعا م���ن البن���ى لتخفيض أو رف���ع كمية املاء التجرب���ة : ش���يالت���ي تص���ل إل���ى النباتات ف���ي األراضي العش���بية والغابات وحق���ول احملاصيل وكذلك إلى أراضي س���هول القطب الش���مالي )التوندرا( اخلالية من األش���جار في

املناطق الواقعة عند خطوط العرض الش���مالية. فقد اس���تعملت عل���ى األغل���ب أغطية على ش���كل قباب أو ــــــات)troughs )1، بحي���ث ميك���ن حج���ز امل���اء عن ميزابأح���د املواقع وإع���ادة توزيعه على موقع آخر مجاور الختبار الزيادة في الهطول املطري هناك. وميكن أن تكون بعض هذه األغطية قابلة للتحريك أو لتصغير حجمه���ا. وميك���ن أن تش���يد حواج���ز أو خن���ادق في التربة ملنع املياه الس���طحية من التس���رب إلى مواقع الدراس���ة وملنع جذور النبات من الوصول إلى املياه

الزائدة خارج مواقع الدراسة. تستخدم مشاريع، مثل جتربة إزاحة الهطول عب���ر األغص���ان يتخل���ل ال���ذي (TDE) املطــــــري)2( واألوراق بالق���رب م���ن مختب���ر أوك-ري���دج ف���ي ــــــوات ومزاريب تنيس���ي، منظوم���ات مؤلفة من قنtrough and gutter متقن���ة تثب���ت حت���ت مس���توى

األش���جار ف���ي الغابة لتكوين ش���روط جف���اف أو رطوبة في الترب���ة )الصورة والشكل التوضيحي(. وميكن توزيع ما قدره نحو 1900 قناة في مناطق تبلغ مساحة كل منها مساحة ملعب كرة القدم. وميكن وضع تصاميم مشابهة بني األشجار التي تتباعد عن بعضها كثيرا كما في غابات پينيون- جونيپر في نيومكس���يكو حيث يدرس <N. ماكدويل> ]من مختبر لوس أالموس الوطني[

دور اجلفاف واحلشرات في موت األشجار.النتائج : بينت التجربة التي أجرتها جامعة كنس���اس احلكومية في پراري كون���زا أن بعض األعش���اب اس���تطاعت حتم���ل التغير في الهط���والت املطرية بصورة أفضل من غيرها، وأن الصراع على موارد املياه يزداد بني النباتات

في عالم يتجه نحو السخونة. أما في الغابات املعتدلة املناخ مثل الغابة التي درسها <P. هانسون> في مشروعه : جتربة إزاحة الهطول املطري الذي يتخلل عبر األغصان واألوراق، والذي اس���تغرق 13 س���نة؛ فقد وجد أن األشجار البالغة ذات اجلذور العميقة اس���تطاعت حتم���ل النقص الدائ���م في الهط���والت املطري���ة، إال أن العديد من الش���جيرات والنبتات الصغيرة ذات اجلذور الس���طحية لم تس���تطع املقاومة فماتت. وبينت هذه التجربة أيضا أن األش���جار ق���د ازداد تضرره���ا عن���د ح���دوث فت���رات جفاف ش���ديدة في بعض املواس���م احملددة ؛ فانخفاض هط���ول املط���ر في فت���رة النمو النش���يط لس���وق النبات���ات ف���ي أوائ���ل الربيع أخ���ر النمو مبقدار أكبر بكثير مما يحدثه الهطول املطري املخف�ض ف���ي أوق���ات أخ���رى. إن فت���رات اجلف���اف الت���ي حتدث في نهاية املوس���م عندما تكون األش���جار ق���د توقف���ت عن النمو، ال تكون له���ا عواقب تذكر طامل���ا أن مخزون امل���اء في التربة يتج���دد متاما قبل حلول موس���م النم���و الالحق. وعلى العكس من ذلك، فإن بعض األش���جار الكبيرة في غابات األمازون املطرية في البرازيل ماتت خالل السنة الرابع���ة من اجلفاف الذي أحدث���ه الباحثون في مركز أبحاث هول وودز في ماساتشوستس، في حني كانت الش���جيرات الصغيرة واألشجار التي أقطار جذوعها صغيرة أقل تأث���را. ي���ؤدي حجز نحو 60 في املئة من الهاط���ل املطري إلى جتفاف التربة العميق���ة، ف���ي حني تبق���ى التربة الس���طحية ذات رطوبة كافي���ة وذلك بعكس م���ا تبينه نتائ���ج التجربة TDE التي تتخلل عبر األغص���ان واألوراق. وهكذا، يتضح أنه يجب فهم التآثرات interactions املعقدة قبل أن تس���تطيع النماذج

متثيل التغيرات املناخية بصورة صحيحة.

]املاء[الهطوالت املطرية : تضبيط الوقت هو كل شيء)٭(

ميزابات)1( في جتربة إزاحة الهطول املطري الذي يتخلل عبر األغصان واألوراق حملاكاة اجلفاف مبنع

ماء املطر من الوصول إلى األرض.

جتربة إزاحة الهطول املطري الذي يتخلل عبر األغصان واألوراقأشجار بلوط ) طولها 25 مترا(

أراض رطبة أراض مجاورة )للمقارنة( أراض جافة ) 80 × 80 مترا(

ميزابات تعترض ماء املطر ➍ ماء يجري هابطا فوق ثلث مساحة األرض

في أنبوب مائل ثقوب األنبوب ➎

تزود مباء إضافي ميزابات متأل مزراب مزراب يغذي أنبوبا

preCipitation: tiMing iS everything )�()1( ج: ميزاب trough حوض مستطيل ضيق مفتوح يبعد ماء املطر املتجمع فيه عن

موقع الهطول.)2( throughfall Displacement experiment )التحرير(

Page 52: july_aug_2010_oloom

51 (2010) 8/7

املوض���وع : يقدر العلماء أن احمليط���ات واملنظومات البيئية األرضية متتص م���ا ال يق���ل عن نصف كمية ثاني أكس���يد الكربون الصادرة ع���ن حرق الوقود األحفوري. ومتتص النباتات هذا الغاز الستخدامه في إنتاج الكربوهيدرات ف���ي عملية التركيب الضوئي photosynthesis. ولكن هل يس���تمر هذا التحويل في نس���ب تركيز أعلى لثاني أكس���يد الكربون؟ وهل الزيادة في تركيزه تغير السكريات والكربوهيدرات ومركبات الوقاية في النباتات، ومن ثم تساعد أو

متنع إصابة هذه النباتات باحلشرات واملمرضات؟التجربة : أجريت جتربة إغناء الهواء الطلق ب�غاز ثاني أكس���يد الكربون في مختبر أوك-ريدج الوطني ملدة أكثر من عش���ر س���نوات بإشراف <R. نوربي>. تتك���ون التجرب���ة م���ن أربع مناطق للدراس���ة محاطة بأنابي���ب تنفيس متدلية م���ن أبراج )الصورة والش���كل التوضيحي(. حترر األنابيب غاز ثاني أكس���يد الكربون بحيث حتصل جميع األشجار على كمية محددة. كما جترى جتارب مش���ابهة لتجربة إغناء الهواء الطلق ب�غاز ثاني أكس���يد الكربون فيما يقارب 35 منظوم���ة بيئي���ة طبيعي���ة أخ���رى ومتحك�م فيه���ا في جميع أرج���اء العالم،

تتفاوت ما بني بقع من املس���تنقعات يبلغ قطرها مترا واحدا وبقع من حقول احملاصيل قطرها 23 مترا وبقع من املزارع احلرجية قطرها 30 مترا.

النتائ���ج : تؤك���د البيان���ات أن املس���تويات املرتفعة من ثاني أكس���يد الكربون ز التركيب الضوئي والذي يدخل املزيد من الكربون في النسج النباتية. حتف�ــــــي الصافــــــي net primary production يس���تمر ملواس���م ــــــاج األول وه���ذا اإلنتمن���و متع���ددة . لق���د ازداد اإلنت���اج األولي الصاف���ي في جت���ارب الغابات في ويسكونس���ن وكاروالينا الش���مالية وتينيس���ي وإيطاليا مبقدار 23% س���نويا عندم���ا ارتفع مس���توى ثاني أكس���يد الكرب���ون في بيئة ه���ذه املناطق من 388 جزءا من املليون إلى 550 جزءا من املليون. وهو املستوى الذي قد يصل إليه ف���ي مئ���ة عام إذا لم تقم األمم بأي إجراء للحد م���ن إصداراته. وتوحي نتائج

]الهواء[ثاني أكسيد الكربون: البعض ينمو منوا أفضل)٭(

جتربة إغناء الهواء الطلق ب�غاز ثاني أكسيد الكربون

النمذجة احلديثة أن النباتات سوف تستجيب إيجابيا للمستويات املرتفعة م���ن ثان���ي أكس���يد الكربون على الرغم من أن هذه املكاس���ب ميكن أن تقل في

الترب التي ال حتتوي على كمية كافية من املغذيات مثل النتروجني.لق���د كان اإلنت���اج األولي الصاف���ي املتزايد ثابتا في جمي���ع بقع جتارب إغن���اء اله���واء الطلق ب�غاز ثاني أكس���يد الكرب���ون في جميع أنح���اء العالم، ولك���ن اإلنت���اج األولي الصافي يش���ير فقط إلى كمية الكرب���ون التي اختزنت ضم���ن النب���ات، وال يعك���س مصي���ر ه���ذا الكربون عل���ى املدى الطوي���ل، ففي غابات الصنوبر الكثيفة في نورث كاروالينا يخزن الكربون املضاف بصورة أساس���ية في الس���وق واألغصان حيث ميكن أن يبقى فيها عقودا طويلة من الزم���ن، ف���ي حني جن���د في غابات الصمــــــغ احللو sweetgum في تينيس���ي أن

الكربون ظهر في املقام األول في اجلذور الصغيرة احلديثة. تك���ون ه���ذه اجلذور مفيدة طبع���ا ولكنها ال تعيش س����وى مدد قصي�رة ال تتع���دى أس���ابيع قليلة أو س���نة، والكثي���ر من الكربون يع���ود إلى الغالف اجل���وي حاملا تق���وم البكتيريا بتفكيك اجل���ذور. ويحاول العلم���اء معرفة ما الذي يقود الكربون إلى مكان من النبات دون اآلخر، وس���نحصل على الكثير من املعرفة عندما تقطع األش���جار وحتفر التربة في مختلف مواقع الدراس���ة

في األشهر القادمة.وميكن القول إن جتارب إغناء الهواء الطلق بغاز ثاني أكسيد الكربون ق���د أعط���ت ثمارها حالي���ا. إذ قام <J. رانديرس���ون> ]من جامع���ة كاليفورنيا ف���ي إرڤ���ني[ مع علم���اء مختبر أوك-ري���دج ]في املركز الوطن���ي ألبحاث اجلو في بولدر، كولورادو، ومعاهد أخرى[ باس���تعمال البيانات لتقييم وحتس���ني منوذج منظومة املناخ احمللية الذي يحاكي العمليات الفيزيائية والكيميائية

والبيولوجية التي حترك منظومة مناخ الكرة األرضية.

حلقات من أنابيب pipes في جتربة إغناء الهواء الطلق ب�غاز ثاني أكسيد الكربون حتاكي اإلصدارات املرتفعة

وذلك بضخ الغاز بني األشجار.

صهريج ثاني أكسيد الكربون

غاز ثاني أكسيد الكربون➊ وحدة حتكم حترر وتراقب صمامات تتحكم في تدفق ثاني أكسيد الكربون كل بضع ثوان

هواء بيئة احمليط املجاور للمراقبة➏ أنبوب للحصول على عينة من

مقياس الريح لقياس سرعة الرياح وتعيني اجتاهها ➎

غاز ثاني أكسيد الكربون مدفوع بالرياح ➍ أنابيب التهوية مفتوحة ➌

برج تدعيم )ارتفاعه 20 مترا(

أشجار الصمغ احللو

مضخة

Co2: greater growth For SoMe )�(

Page 53: july_aug_2010_oloom

52(2010) 8/7

فعلى ســــــبــــيل املثـال، بينت جتارب حديثة أجراها <S. سميث> ]من جامعة نيڤادا في الس ڤيگاس[ أن زيادة تركيز ثاني أكسيد ــــــون في إحدى الســــــنني التي كانت الكربــــــر من املعتاد قد حفـزت األمطار فيها أكث Bromus انتشار نبات بروموس تكتوروم cheatgrass الش����يتگراس أو tectorumالذي يخفض تنوع األنواع النباتية ويعدل ــــــة ويزيد مــــــن احتمال السلســــــلة الغذائي

حدوث حرائق.ــــــات الغابية ألراضي < ومــــــع أن غزو النبات

األعشــــــاب في العالم خالل املئتي ســــــنة املاضية قد حصل بســــــبب الرعي اجلائر ــــــق، إال أن ارتفاع تركيز وإخمــــــاد احلرائثاني أكســــــيد الكربون في اجلو قد يسهم في زحف األشــــــجار والشــــــجيرات إلى

الواليات املتحدة الغربية. < في املستقبل ستؤثر تراكيز ثاني أكسيد

الكربون في النباتات بطرائق قد تؤثـر في صحة اإلنســــــان العامة مثل إنتاج كميات ــــــي تثير فيه ــــــع الت ــــــرة مــــــن غبار الطل كبيتفاعالت حتسســــــية، وزيادة منو وســــــمية نبات اللبالب ivy السام واألنواع األخرى

الغازية املعادية.

مسائل معقدة)٭٭(ــــــة ــــــرة احلقلي ــــــج التجــــــارب الكبي إن نتائــــــات املنجزة ــــــر أن معظم التحري ــــــرة، غي معبفــــــي خطوط عرض متوســــــطة انحصرت في الغالب في الواليات املتحدة وأوروبا. ولذلك، نحن بحاجة إلى جتــــــارب جديدة في مواقع تغطي مجاال أوســــــع من خطوط العرض لكي نســــــتطيع التنبؤ بدقة باســــــتجابات نباتات املناطق الشمالية والتوندرا واملدارية، إضافة

teMperature: highS anD lowS )�(Complex Questions )��(differential response )1(

املوض���وع : س���يختلف االحت���رار في املس���تقبل باخت���الف املوق���ع اجلغرافي. وستكون درجة احلرارة في أمريكا الشمالية في عام 2100 أعلى مبقدار يقع ما بني 3.8 إلى 5.9 درجة س���يلزية ش���تاء وبني 2.8 إلى 3.3 درجة صيفا. وس���تؤثر ــــــض metabolism النباتي وكذلك في توف���ر املاء واملواد ه���ذه التغيرات في األيالغذائي���ة في التربة، وفي صراع النباتات على املوارد وفي ش���ره احليوانات

العاشبة واحلشرات واملمرضات.التجرب���ة : ج���رب الباحثون ع���ددا مختلفا من الطرائق لتس���خني بقع صغيرة جدا، واستعملوا املصابيح املصدرة لألشعة حتت احلمراء وأشرطة التسخني

الكهربائي���ة الت���ي توض���ع في الترب���ة، واحلجرات املفتوحة السقف – وهي أقفاص أسطوانية الشكل مغلف���ة ببالس���تيك ش���فاف ومجهزة بجه���از ينفخ الهواء الساخن. وقد تبني أن جميع هذه املقاربات مفي���دة ولكنه���ا ال تخل���و م���ن العي���وب: فمعظمه���ا ال يس���خن س���وى منطق���ة صغي���رة والعدي���د منها يس���خن بعض أج���زاء املنظومة البيئي���ة فقط، كما أن أش���رطة التس���خني تس���خن بقعا حارة تسخينا غي���ر طبيعي ف���ي التربة. أما احلجرات املس���خنة بالهواء الس���اخن، فتعتمد على الفترة الزمنية من اليوم والفصل من الس���نة، وتتأثر بالهطل املطري والري���اح وض���وء الش���مس بطريق���ة تعقد تفس���ير

النتائج. النتائ����ج : إن املنظوم����ات البيئية القطبية الش����مالية واملناط����ق الش����مالية الواقع����ة إلى جنوبها مباش����رة،

تكون بشكل خاص معرضة للتأثر في تغيرات درجات احلرارة. لقد استعملت في جترب����ة التون����درا العاملية التي قاده��ا <G. هنري> ]م����ن جامعة بريتش كولومبيا[ احلجرات املس����خنة لتس����خني بقع صغيرة ف����ي نحو اثني عش����ر موقعا في بلدان مختلف����ة. وتب����ني النتائ����ج التي مت احلص����ول عليها حتى اآلن أن زي����ادة قدرها ما

ب����ني درج����ة إلى ث����الث درجات س����يلزية تزيد ف����ي تعزيز منو الغط����اء األرضي من الش����جيرات املتس����اقطة األوراق واألعش����اب مقارنة بالطحالب واألشنيات. وتدعم هذه االستجابة التفريقية)1( الفرضية القائلة إن االحترار سيسبب ترديا )انخفاضا( في التنوع البيولوجي في املنظومات البيئية في مناطق خطوط العرض املرتفعة. وكذلك، فإن التحول من غطاء نباتي عشبي إلى غطاء من الغابات ميكنه أن يؤدي إل����ى زي����ادة الطاقة التي متتصها األرض في مقابل تلك املنعكس����ة منها والراجعة

إلى الفضاء مؤدية إلى زيادة إضافية في درجة حرارة العالم.قدم���ت التج���ارب التي أجري���ت في خطوط عرض أخ���رى أدلة حول حدوث وتغيي���رات متع���ددة وهج���رات محلي���ة انقراض���ات ف���ي تركي���ب األنواع. فق���د قامت <C. كاندرس���ون> ]من مختب���ر أوك-ري���دج الوطن���ي[ بتعريض أربع���ة أنواع م���ن األش���جار املتس���اقطة األوراق إلى درج���ات حرارة أعلى بأربع درجات س���يلزية م���ن درجة حرارة احمليط اخلارجي )الصورة والشكل التوضيحي(، فوجدت أن النبت���ات الصغيرة والش���جيرات تتأقل���م فيزيولوجيا وتظه���ر ف���ي الكثير من األحيان من���وا معززا. إذ تظهر أوراق األشجار في فصل الربيع مبكرة مدة تتراوح ما بني س���تة أيام إلى أربعة عش���ر يوما، وتبقى محافظة عل���ى أوراقه���ا اخلض���راء مدة أطول بع���د دخول فصل اخلريف مطيلة بذلك موسم النمو حتى ثالثة أسابيع. وم���ع ذل���ك تبني أدل���ة قليل���ة أن النمو الربيع���ي املبكر

كثيرا ما يعرض النباتات للصقيع املتأخر املهلك. وعلى الرغم من النتائج املفيدة، فإنه من الصعب تعمي���م بيانات البقع الصغيرة على املنظوم���ات البيئية. ولذلك البد من إيجاد طرائق جديدة لتس���خني مس���احات أوس���ع. وتعتمد معظم التقني���ات املقترحة عل���ى الكهرباء للتس���خني، ولكن ق���د يكون الغاز الطبيع���ي أو الطاقة احلرارية

األرضية أفضل اخليارات للمواقع النائية.

]احلرارة[ درجة احلرارة : ارتفاعا وانخفاضا)٭(

<ولسش���ليكر> بيولوجي متخصص بتغير

ــــــد مجموعة بيولوجيا املنظومات املناخ وقائالنباتبة فــــــي مختبر أوك-ريدج الوطني في تينيسي. أجرى جتارب الستكشاف تأثيرات ــــــاء بثاني أكســــــيد الكربون واالحترار اإلغنــــــات الطبيعية واملزارع واجلفــــــاف في الغابــــــا بتصميم واحلقــــــول القدميــــــة. يقوم حاليواختبار تقانة التسخني على توندرا القطب

الشمالي والغابات الشمالية.ــــــة في مختبر <س���تراهل> بيولوجية نباتي

كولد ســــــپرينگ هاربر فــــــي نيويورك، وهي مشاركة سابقة في برنامج اخلبرات البحثية

في التعليم العالي مبختبر أوك-ريدج.

املؤلفان

Maya Strahl Stan Wullschleger

حجرات مفتوحة السقف في جتربة االستجابة وضبط درجات احلرارة لتدفئة النبتات

الصغيرة والشجيرات باستمرار.

49 تتمة الصفحة

Page 54: july_aug_2010_oloom

53 (2010) 8/7

أكســــــيد الكربون ودرجة احلرارة. لقد وجد <J. مورگان> ]الذي يعمل في مركز األبحاث

ــــــوزارة الزراعة األمريكية، الزراعية التابع لفي الســــــنة األولى لتجربة تسخني البراري )األراضي العشــــــبية( وإغنائهــــــا بغاز ثاني أكســــــيد الكربون[ دالئل على أن التســــــخني املترافق بزيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون قد يعزز من غزارة أعشــــــاب املوسم الدافئ في الگريت پلينز Great Plains على حساب

أعشاب املوسم البارد.فما هــــــي الطريقة األفضــــــل للتعامل مع عوامل متعــــــددة وكيف نفســــــر تركيبات هذه العوامل، وبقدر اإلمكان تغذياتها املرتدة، في مناذج من األسئلة املعقدة. وعاجال ما سنكون بحاجة إلى بيانات مســــــتمدة من التجربة إذا أردنا أن نقدم العون إلى مجتمع يتوقع ويخطط

ويتكيـف مع مناخ يتغير بسرعة. <

إلى املنظومات البيئية. وســــــيتطلب التحضير ــــــل هذه التجــــــارب بضع ســــــنني؛ ألنها قد ملثتكون معقدة علميا وجترى في مناطق نائية. وقد تتطلب مقدارا كبيرا من العمل الهندسي للتأكد من أن الشــــــروط املعدلة تنطبق بشكل موحد وأن البنية التحتية متينة بصورة تكفي

للعمل بها سنني طويلة. ــــــى البيولوجيني أيضــــــا بناء ويجــــــب علــــــس فقط على تغيير منشــــــآت تكون قادرة ليكل من تركيز ثاني أكســــــيد الكربون ودرجة احلرارة وأمناط الهطل املطري، وإمنا تكون ــــــى تغيير هــــــذه العوامــــــل الثالثة قــــــادرة علمجتمعة. ونحن لم نقم حتى اآلن إال بتلمس املشــــــكلة. ويجري حاليا تقييم جتربة جديدة بالقرب من شيني)1( في والية وايومينگ تتعلق بالكيفية التي ستتصرف فيها نباتات البراري الشمالية املكونة من خليط من احلشائش في )�( how SoybeanS Fareتغييرات مفترضة ومتزامنة في تركيز ثاني

Cheyenne )1(

مراجع لالستزادة

Scientific American, March 2010

جتربة االستجابة لدرجة احلرارة وضبطها

كيف يتصرففول الصويا)٭(

املوقع: منشأة إغناء الهواء الطلق بغاز ثاني أكسيد الكربون، جامعة إلينوي في

أوربانا – شامپني نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون املرتفعة:

550 جزءا من املليون نسبة األوزون املرتفعة: 1.2 مرة من قيمة

احمليط اخلارجيالبقع: حلقات قطرها 20 مترا

التوقع: مستويات أعلى من األوزون وغاز ثاني أكسيد الكربون متوقعة في منتصف القرن

النتائج: منت نباتات فول الصويا مبقدار أكبر من الطبيعي، ولكنها كانت أكثر عرضة

للتلف بسبب اخلنافس اليابانية ) في األسفل(

هواء ساخن يتدفق نحو الداخل

والتربة والرطوبة النسبية➋ معدات تقيس درجة حرارة الهواء

نافخة هواء

بطانة مثقبة

جدار صلب

خليط من أنواع النبتات الصغيرة

هواء ساخن

حجرة مفتوحة السقف)ارتفاعها 3 م وقطرها 2 م(

سخانة كهربائية

Page 55: july_aug_2010_oloom

54

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

احلقيقـة الناصعة)٭(توضح االكتشافات احلديثة أصول غياب الشعر لدى البشر –

وتشير إلى الدور املفتاحي للجلد العاري في بزوغ سمات بشرية أخرى.<G .N. جابلونسكي>

مفاهيم مفتاحية< اإلنســـان هـو النـوع الوحيد

املنتمي إلى الرئيسيات والذي جلده شبه عار.

< انعدام الفرو كان استجابة للظروف البيئية املتغيرة، والتي

أجبرت أسالفنا على الترحال ملسافات أطول بحثا عن الكأل

واملاء.

< تشير حتاليل األحافير واجلينات )املورثات( genes إلى متى حصل

هذا التحول.

< أسهم تطور غياب الشعر في بناء اإلطار الالزم لبزوغ األدمغة الكبيرة

والتفكير الرمزي.

محررو ساينتفيك أمريكان

من ب������ن جمي������ع الرئيســـيات)1(، ينفرد اإلنس������ان بامتالكه جلدا عاريا من الش������عر تقريبا. فلكل عضو آخر من أعضاء فصيلتنا املمت������دة غطاء كثي������ف من الف������رو – يتراوح م������ن الفرو القصير األس������ود اخلاص بالقرد الع������واء ذي الذيل إلى ف������رو األورانگ أوتان النحاس������ي املنس������اب- وهذا هو احلال لدى معظم الثدييات. نعم، نحن البشر لدينا شعر على أيدينا، وفي أماكن أخرى من أجسامنا، ولكن حتى أكثرنا شعرا يعتبر من حيث املبدأ

عاريا قياسا بأقاربنا. ولكن كيف اس������تقر بن������ا املطاف في حال التعري من الش������عر؟ هذا ما ش������غل العلماء لق������رون عدة. فقد كان العث������ور على إجابات أمرا صعبا: إن معظم التحوالت التي طرأت عبر مس������يرة االرتقاء البش������ري - كاملش������ي بقامة منتصبة - مسجلة مباشرة في أحافير أس������الفنا، فيما لم حتتفظ أي������ة بقايا معروفة بآثار للجلد البش������ري. إال أنه تبن للباحثن ف������ي الس������نوات القليلة املاضية، أن س������جل األحافير يعطي تلميحات غير مباش������رة عن التحول من كثيفي شعر إلى قليليه. وبفضل ه������ذه األدل������ة والفهم العميق اللذين تكش������فا بفضل علماء الوراثة ووظائف األعضاء إبان العقد املاضي، متكنت مع باحثن آخرين من صياغة تفسير مقنع ملسببات وتوقيت فقدان الفراء لدى البشر. وإضافة إلى تفسير سمة غريبة من سمات اإلنسان، يعطي هذا الطرح لسمة اجللد العاري من الشعر دورا حاسما

في ارتقاء السمات البشرية املميزة األخرى، كأدمغتنا الكبيرة واعتمادنا على اللغة.

للشعر مهام)٭٭(كي نفهم الس������بب الذي جعل أس������الفنا يفقدون ش������عر جلودهم، علين������ا في البدء أن منعن التفكير في الس������بب الذي جعل لبعض األنواع األخرى جلودا فرائية. فالش������عر هو منط من غطاء اجلسم تنفرد به الثدييات. إنه ف������ي الواقع ميثل العالم������ة الفارقة للفصيلة: فم������ا من ثديي������ات إال ومتتلك بعض الش������عر عل������ى األق������ل، وإن كان معظمه������ا يزخر به. وهو يوفر ع������زال وحماية من الرطوبة وضرر أشعة الش������مس، ومن الطفيليات واجلراثيم املمرض������ة. كما أن������ه يخدم أيضا كوس������يلة للتمويه إذ يضلل املفترس������ن، وتسمح طرزه املميزة ألعض������اء النوع الواح������د بالتعارف. كما ميكن للثدييات أن تس������تعمل فراءها في عروض اجتماعية للدالل������ة على العدوانية أو الغضب: فعندما يرفع كلب ما شعر عنقه أو ظهره، على نحو ال إرادي ، فهو يرسل رسالة

واضحة إلى متحديه بوجوب االبتعاد عنه. ومع أن الفرو يخدم هذه األهداف العديدة املهمة، إال أن هناك عددا من سالالت الثدييات ر ش������عرا دقيقا ومتناثرا حتى أمسى بال طونفع. والعديد من هذه املخلوقات يعيش حتت األرض، أو يسكن املاء حصرا. ولدى بعض

THE NAKED TRUTH )٭(Hairy Situations )٭٭(

primates )1(

Page 56: july_aug_2010_oloom

55 (2010) 8/7

الثديي������ات التي تعيش حتت س������طح األرض، كالف������أر عدمي الذي������ل، حدث الصل������ع نتيجة للعيش في مس������تعمرات كبيرة حتت س������طح األرض، حيث يفقد الش������عر أهميته؛ ذلك أنه ليس مبقدور هذه احليوان������ات رؤية بعضها بعضا ف������ي ظلمة هذه األنف������اق، وألن بنيتها االجتماعي������ة حتت األرض تتي������ح لها التجمع عن������د احلاجة إلى الدفء. أما بالنس������بة إلى الثدييات البحرية الت������ي ال تخاطر باخلروج إلى اليابس������ة، كاحليتان، فإن جلدها العاري من الش������عر يس������هل لها الغطس والسباحة ملس������افات طويلة، وذلك كونه يقلل من مقاومة املاء. ولكي تعوض ه������ذه احليوانات النقص في العزل الناجم عن غياب الش������عر، تتراكم شحوم س������ميكة حتت جلودها. وعلى خالف الثدييات البحرية، ف������إن الثدييات التي تألف العي�������ش في كل من اليابس������ة واملاء - كلب املـــاء Otter عل������ى س������بيل املث������ال - لها فرو س������ميك عازل للماء يحتج������ز بداخله الهواء مما يساعد على الطفو، األمر الذي يقلل من اجلهد املفروض بذله في العوم؛ عدا عن كونه

يحمي جلودها في اليابسة. لقد طورت أضخم الثدييات األرضية - وهي الفيلة ووحي������دات القرن، وأف������راس النهر - أيضا جلودا عارية من الشعر ويعود ذلك إلى اخلطر املالزم الذي يعرضها للزيادة املفرطة في احلرارة. فكلما كان احليوان أكبر وكلما كانت نس������بة مس������احة س������طحه إلى مجمل كتلة جس������مه أقل، ازدادت صعوبة التخلص من فائ������ض حرارة اجلس������د. وباملقابل، فإن الفئران واحليوانات األصغ������ر حجما، التي تكون نس������بة مساحة س������طحها إلى حجمها كبي������رة، غالبا م������ا جتاهد للحف������اظ على ما يكفيها من احلرارة. وخالل العصر اجلليدي األعظم )الپليستوسن(، الذي امتد منذ نحو مليوني س������نة وحتى 000 10 سنة خلت، فإن فيل������ة املاموث وأقرباءه������ا اآلخرين من الفيلة احلديث������ة ووحيدات القرن كانت ذات ش������عر »صوفي«، ألنها عاش������ت في بيئ������ات باردة؛

حيث ساعدها العزل عن اخلارج، الذي وفره هذا الشعر، على االحتفاظ بحرارة أجسامها ومن ث������م إنقاص حاجتها إل������ى الطعام. أما في عصرنا احلالي، ف������إن جميع احليوانات العاش������بة املفرطة ف������ي الضخامة تعيش في بيئات حارة جدا، ومن ثم سيؤدي احتفاظها

بجلد فرائي إلى قتلها.إن غي������اب الش������عر ل������دى البش������ر ليس تط������ورا تكيفيا للعيش حت������ت األرض أو في املاء – عل������ى الرغم من االعتناق الش������عبي aquatic مل������ا يدعى بفرضية القــــرد املائــــيape hypothesis ]انظ������ر اإلطار الس������فلي في

الصفح������ة 57[. كما أن غياب الش������عر ليس وليد ضخامة حجم اجلسم. بل إن هذا اجللد املتعري من الشعر هو نتيجة ضرورة تبريد اجلسم؛ هذه الضرورة التي طاملا انسجمت

مع قدراتنا الفائقة على التعرق.

طرح احلرارة خارج اجلسم بالتعرق)٭(ال تقتص������ر مش������كلة االحتفاظ باجلس������م باردا عل������ى الثدييات العمالق������ة، بل تتعدى إل������ى العديد من الثديي������ات، خاصة تلك التي تعيش في أماكن حارة وتولد قدرا كبيرا من احلرارة نتيجة املش������ي ملس������افات طويلة، أو نتيجة الرك������ض. ويتعن على تلك احليوانات أن تضبط بدقة حرارة جسمها الداخلية، ألن فرط احلرارة قد يضر بأنسجتها وأعضائها،

خاصة الدماغ منها. تستخدم الثدييات مجموعة من األساليب املتباين������ة لتجنب االحت������رار: فالكالب تلهث بفواصل زمنية قصي������رة، والعديد من أنواع القطط تنش������ط أكثر خالل س������اعات املس������اء األب������رد، كم������ا وميك������ن للكثير م������ن الوعول أن تف������رغ حرارة دم ش������رايينها إلى دم في أوردة دموي������ة صغيرة س������بق له أن تبرد عبر تنفس الوع������ل من خالل أنفه. أما بالنس������بة إلى الرئيس������يات، مبا في ذلك البش������ر، فإن التعرق هو االستراتيجية الرئيسية للتخلص

Sweating It Out )٭(

Page 57: july_aug_2010_oloom

56(2010) 8/7

من احلرارة الزائدة. فالتعرق يبرد اجلس������م عبر إنتاج سائل على سطح اجللد يزيل عقب تبخره الطاق������ة احلرارية الزائدة. وتعمل آلية تبريد مجمل اجلس������د ه������ذه وفقا للمبدأ ذاته الذي يعمل به جه������از التبريد بالتبخر )الذي يعرف أيضا باملبرد الرطب(، وهي آلية فعالة جدا ف������ي منع االحت������رار الزائد اخلطر على

الدماغ وبقية أعضاء اجلسم. تتنوع طبيعة العرق. فجلد الثدييات يحتوي ثالث������ة أنواع م������ن الغدد، تنتج معا الس������ائل ،sebaceous املعروف بالعرق: الغدد الدهنيةغدد العـــرق الدهنـــي apocrine، غدد العرق املائي )غدد زهمية( eccrine. فالغدد الدهنية وغدد العرق الدهني هي السائدة لدى معظم األنواع وتوجد قرب قاعدة جريبات الش������عر. وتلتئم مفرزات هذه الغدد لتغلف الش������عيرات بخليط زيتي، يكون في بعض األحيان رغوي الش������كل ) لنتذك������ر الرغوة الت������ي تصدر عن حص������ان الس������باق، حينما يجري(. يس������اعد ه������ذا النوع من العرق عل������ى تبريد احليوان، بيد أن قدرته على تبدي������د احلرارة محدودة. فقبل نحو عقدين من الزم������ن بن <E .G. فولك جونير> وزمالؤه ]من جامعة أيوا[ أن فاعلية

التبريد تنق������ص حاملا يصبح ف������رو احليوان مبلال ومش������بعا بهذا العرق الدهني السميك. وتنجم عدم فاعلية التبريد هذه عن أن التبخر يحصل عند س������طح الفرو، وليس عند سطح اجللد ذاته، األمر الذي يعيق انتقال احلرارة. وفي ظ������روف جفاف الطق������س يصبح حتويل احلرارة غي������ر كاف، مما يتعن على احليوان ش������رب مقادير كبيرة من املاء، رمبا ال يكون متاحا في حينه. إن الثدييات املغطاة بالفراء والتي جتبر على ممارس������ة عمل شاق أو ملدة طويل������ة في جو النهار احلار س������تنهار نتيجة

اإلجهاد احلراري.إضافة إلى افتقار اإلنس������ان إلى الفرو، لديه عدد هائ������ل من غدد العرق املائي - بن مليونن وخمس������ة مالين غ������دة - التي ميكن أن يرق������ى إنتاجها اليوم������ي من العرق املائي اخلفي������ف إلى نحو 12 لت������را. وال تتركز غدد الع������رق املائي ق������رب جريبات الش������عر؛ إمنا تتوض������ع قريبا من س������طح اجللد إلى حد ما وتفرغ العرق عبر مس������امات دقيقة. إن هذه التوليفة املكونة من اجللد العاري من الشعر والعرق املائي والذي ينصب مباش������رة فوقه

FURRY VS. NAKED )٭(

]فوائد انعدام الشعر[الفراء مقابل التعري)٭(

يتفوق اجللد البشري العاري من الشعر في التخلص من حرارة اجلسم الزائدة على اجللد املغطى بالفرو.

ولدى الثدييات ثالثة أنواع من الغدد املخصصة لهذه الغاية: غدد العرق الدهني، وغدد العرق املائي، والغدد الدهنية. وفي معظم الثدييات حتتوي طبقة

اجللد اخلارجية املعروفة بالبشرة الكثير من غدد العرق الدهني. وتتجمع هذه الغدد حول جريبات

الشعر وتغلف شعر الفرو برغوة من العرق املدهن. ويتبخر هذا العرق فوق سطح اجللد مبردا احليوان

بسحبه احلرارة من جلده. ولكن مبقدار ما يزداد تعرق احليوان، مبقدار ما تقل فاعليته في إبعاد احلرارة ألن الفرو يصبح أكثر تشابكا، ومن ثم أكثر منعا للتعرق.

أما في البشرة البشرية، فتسود غدد العرق املائي. وتقع هذه الغدد قريبا من سطح اجللد، وتفرغ عرقها املائي الرقيق عبر املسامات اجللدية. وإضافة إلى تبخر هذا

العرق املائي مباشرة من على سطح اجللد، فإنه يتبخر بسهولة أكبر من تبخر العرق الدهني، األمر الذي يؤدي

إلى حتسني عملية التبريد.

ثديي ذو جلد فرائي

غدة عرق مائي

غدة عرق دهني

العرق الدهني

جريب الشعرةغدة دهنية

Page 58: july_aug_2010_oloom

57 (2010) 8/7

بدال من التجمع في الفرو، تس������مح للبش������ر بالتخلص من احلرارة الزائدة على نحو فعال جدا. ووفقا لبحث نش������ر ل�<E .D. ليبرمان> ]من جامعة هارڤارد[ و<M .D. برامبل> ]من Sports جامعة يوتا[ في العام 2007 في مجلةMedicine، تص������ل كفاءة نظ������ام التبريد عند

اإلنسان إلى درجة جتعله يتفوق على حصان في سباق ماراثون يجرى في يوم حار.

إظهار بعض من اجللد)٭(إن البش������ر هم الرئيسيات الوحيدة التي تفتق������ر إلى الفراء ومتتلك في الوقت نفس������ه ق������درا كبيرا من غدد التع������رق، البد إذن من أم������ر ما قد ط������رأ منذ أن افترقت س������اللتنا الشبيهة بالبش������ر عن الساللة التي أفضت إلى أقرب أقاربنا الذين ال يزالون أحياء، أي الش������مپانزيات؛ هذا األمر الذي رجح ظهور اجللد املتعرق؛ وقد يكون من غير املستغرب

أن يبدأ حتول كهذا بتبدل املناخ.تبن للعلماء، الذين اس������تخدموا أحافير احليوانات والنباتات في إعادة بناء الشروط البيئية )إيكولوجية( القدمية، أنه بدءا من نحو ثالثة مالين س������نة خلت دخل املناخ في طور برودة ش������ملت جميع كوكبنا؛ طور أدى إلى جفاف نسبي في شرق ووسط إفريقيا، حيث

Showing Some Skin )٭(Why the Aquatic Ape Theory Doesn’t Hold Water )٭٭(

the aquatic ape theory )1()2( يعرف هذا الغور بوادي الغور اإلفريقي - العربي العظيم، الذي يبدأ بوادي نهر العاصي في سورية وينتهي في احمليط الهندي في جمهورية موزمپيق، مرورا بوادي البقاع، فوادي اليرم������وك األردن ، فنه������ر األردن فالبحر امليت فوادي عربة األردني ، فخليج العقبة، فالبحر األحمر ، فسهل الدناقيل اإلثيوبي فبحيرة توركانا وس������واها من البحيرات في كينيا، فتنزانيا، فموزمپيق. )التحرير(

]أفكار بديلة[ملاذا نظرية القرد املائي غير واقعية)٭٭(

من بني العديد من النظريات التي حتاول تفسير تطور اجللد العاري من الشعر لدى البشر، جذبت إحداها معظم انتباه ودعم الرأي العام: إنها نظرية القرد املائ������ي الع������دمي الذيل (AAT))1( والتي تذهب إلى أن البشـــر قد مروا عبـــر تطورهم بطور مائي. وأول من طرح هذه النظرية هو عالم احليوان اإلنكليزي الســـير <A. هاردي> في مقالة علمية شـــعبية نشـــرت في عام 1960، كما وجدت هذه النظرية فيما بعد نصيرا لها في الكاتبة <E. مورگن> التي واصلت ترويجها في

محاضراتها وكتاباتها. واملشكلة تكمن في أن هذه النظرية خاطئة جتريبيا . تتبنى هذه النظرية فكرة أن اضطرابات جيولوجية تكتونية )بنائية( tectonic، ســـبق أن حصلت قبل ما يتراوح بني نحو 5 إلى 7 ماليني ســـنة في وادي الغور الكبير)Rift Valley )2 في شرق إفريقيا، قد فصلت األسالف املبكرين للبشر عن بيئاتهم االستوائية املفضلة. ونتيجة لذلك تعني على هؤالء األسالف أن يتبنوا أسلوب حياة نصف مائي في املستنقعات، على طول الشواطئ وفي السهول الفيضية، حيث عاشوا هنالك نحو مليون سنة أخرى. وجتادل <مورگن> في أن الدليل على هذا الطور املائي يعتمد على بضع ســـمات تشـــريحية يشـــترك فيها البشـــر مع الثدييات املائية ونصف املائية، وهي الســـمات الغائبة عن ثدييات ســـهوب الســـاڤانا. وتشتمل هذه الســـمات على جلدنا العاري من الشعر، والعدد القليل من غدد العرق الدهني، والتوضعات الدهنية املوجودة حتت

اجللد مباشرة. وال ميكن اعتماد هذه النظرية لألســـباب الرئيســـية الثالثة التالية : فأوال ، تختلف الثدييات املائية ذاتها اختالفا جوهريا في درجة امتالكها للســـمات املائية التي حددتها <مورگن>؛ ومن ثم فليس هناك أدنى ارتباط بســـيط بني ، لنقل، مقدار شـــعر حيوان ما والبيئة التي يعيش فيها. ثانيا، يظهر الســـجل األحفوري أن املواطن املائية كانت تعج بالتماسيح اجلائعة، وبأفراس النهر العدوانية املزاج. ومن ثم ما من فرصة ألسالفنا صغار القامة العدميي احليلة من مجابهة مخلوقات كهذه. ثالثا، النظرية مفرطة في التعقيد. إنها تدعي بأن أســـالفنا قد انتقلوا من أســـلوب حياة على اليابســـة إلى أســـلوب حياة نصف مائي، ثم عادوا ثانية إلى العيش على اليابسة. وكما بني <HG. النگدون> ]من جامعة إنديانا پولس[ هناك تفسير أكثر سهولة للسجل األحفوري يستند إلى ذ العيش في سهوب الساڤانا على عيش البشر على الدوام على اليابسة، فالقوة احملركة لتطور اجللد العاري من الشعر يعود إلى التبدل املناخي والذي حبالعيش في الغابات. ومن منظور علمي، يعد التفسير األبسط هو التفسير األصح. <جابلونسكي>

إنسان

غدة عرق مائي

عرق مائي

غدة دهنيةغدة عرق دهنيجريب الشعرة

Page 59: july_aug_2010_oloom

58(2010) 8/7

عاش أسالف البش������ر. ومع تضاؤل هطالن املط������ر، تبدلت بيئات الغابات التي كان أوائل أشباه البشر)2( يحبذونها وحتولت إلى أراض مفتوحة انتش������رت فيها أعشاب الساڤانا)3(، وم������ن ثم ندر الطعام ال������ذي كان يعتمد عليه أس������الفنا املعروفون بالقـــردة اجلنوبيني)4( واألوراق، ال�ث��م�����������ار، - australopithecines

واجل������ذور الدرنية والب������ذور - وغدا وجوده أكث������ر تناثرا وتآث������را بفصول الس������نة، على نح������و ما حصل ملوارد امل������اء العذب الدائمة. ونتيجة لهذا التضاؤل في املوارد، تعن على أس������الفنا أن يتخلوا عن ع������ادة جمع الطعام السهلة نس������بيا لصالح أس������لوب حياة أكثر انس������جاما ودميومة. وك������ي يتجنبوا العطش ويتوفر لديهم ما يكفيهم من سعرات حرارية، كان عليهم أن يرحلوا ملس������افات أبعد فأبعد

بحثا عن املاء والطعام النباتي.لقد ش������رع أشباه البش������ر في ذلك الطور بإدخ������ال اللح������م في نظامه������م الغذائي. وقد كش������ف عن ذل������ك ش������كل األدوات احلجرية

وعظ������ام احليوانات املجزورة التي وجدت في السجل األحفوري قبل نحو 2.6 مليون سنة. فاألغذية احليوانية أغنى كثيرا بالس������عرات احلرارية من األغذية النباتية، إال أنها نادرة الوجود ف������ي بيئة الس������اڤانا. وقد تعن على احليوانات الالحمة في بحثها عما يكفي من الغذاء أن ترحل ملس������افات أبعد وأوسع من تلك التي تقطعها احليوانات العاش������بة. وملا كانت الفرائ������س احليوانية أهدافا متحركة، باس������تثناء اجليف التي ميك������ن العثور عليها

ANCESTORS ON THE MOVE )٭(bEATINg THE HEAT )٭٭(

)1( عفـــار هي منطقة قاحلة تقع إلى الش������مال من وادي أواش األوس������ط الواقع إلى ش������مال ش������رق أدي������س أپاپا عاصمة إثيوپيا، وإلى جنوب غ������رب جمهورية جيبوتي الواقعة على

خليج عدن. )2( شـــبيه البشـــر Hominid هو من الرئيس������يات، وينتمي إلى فصيلة تعرف بفصيلة البشريات وهي تضم أجناسا عديدة انقرضت جميعها ما عدا جنسنا البشري، املعروف بجنس

اإلنسان العاقل احلديث.)3( عبارة عن سهول منبسطة معشوشبة في إفريقيا االستوائية

واملدارية، تتخللها في بعض األحيان األشجار املتناثرة.)4( رئيس������يات منقرضة من شبيهات البش������ر كانت توجد في جنوب وشرق إفريقيا، ووصفت باجلنوبية؛ ألنه قد عثر على أحافيرها األولى في جنوب إفريقيا. )التحرير(

قهر احلرارة)٭٭( لم يكن اجللد العاري من الشعر التكيف الوحيد الذي تطور لدى

البشر في البقاع االستوائية احلارة للمحافظة على درجة حرارة اجلسم املالئمة. فقد تطورت أيضا أطرافهم إلى أطراف أطول، مما زاد من نسبة سطح اجلسم إلى حجمه، األمر الذي

ل بدوره التخلص من احلرارة سهالزائدة. ويبدو أن هذا التوجه مازال

ساريا في أيامنا الراهنة. ويأتي أفضل دليل على استمرارية هذا التكيف من سكان شرق إفريقيا، كقبائل الدينكا Dinka في جنوب

السودان. ومن املؤكد، أنه ليس من باب الصدفة أن ميتلك هؤالء القوم، الذين يعيشون في واحدة من أكثر بقاع أرضنا حرارة، أطرافا مفرطة

الطول. ولكن ملاذا يبدي البشر احلديثون تنوعا كبيرا في تناسب

األطراف؟ واجلواب يتمثل بأنه حاملا هاجر أسالفنا من إفريقيا االستوائية،

إلى أصقاع أبرد، تبدلت الضغوط selection )االنتخابية )االصطفائية

pressures، األمر الذي سمح بظهور تشكيلة من القامات البشرية.

]متى نشأ التعري عن شعر اجللد[أسالف متحركون)٭(

علـــى الرغـــم من عـــدم احتفاظ الســـجل األحفـــوري بأي دليل مباشـــر عن اجللد البشـــري القدمي، فإنه مبقـــدور العلماء تقديـــر الزمـــن الـــذي ظهـــر فيـــه تعـــري اجللـــد من الشـــعر، وذلك اعتمـــادا على أدلة أحفورية. فأســـالف البشر كالقردة اجلنوبيـــة العدمية الذيـــل )في اليمني( كانـــت غالبـــا تعيـــش حيـــاة مســـتقرة نســـبيا، على نحو حال القردة العدمية الذيل في أيامنا؛ ألنها قد عاشت في أو بالقـــرب مـــن بيئة غابات غنيـــة بالغذاء النباتـــي واملـــاء العـــذب. ولكـــن، ومـــع تقلـــص أراضـــي الغابـــات وتزايد رقعة السهوب العشـــبية، تعني على أسالفنا Homo الالحقـــني، مثل اإلنس������ي العامليرحتلـــوا أن اليســـار( )فـــي ergasterباســـتمرار ملســـافات أبعـــد بحثـــا عـــن املـــوارد املعيشـــية؛ مبا في ذلـــك اللحم. ورمبـــا كان هذا النوع البشـــري، والذي ظهـــر قبـــل نحـــو 1.6 مليون ســـنة، أول مـــن ملك جلدا عاريا من الشـــعر، وعرقا مائيـــا عدل من حرارة اجلســـم الناجتة

من هكذا مستويات عالية من النشاط.

كان القرد اجلنوبي العفاري)1(، املمثل

هنا بالبقايا األحفورية لألنثى

»لوسي« التي يعود تاريخها إلى نحو

3.2 مليون سنة، قردا عدمي الذيل بأطراف سفلية

قصيرة غير مالئمة للترحال إلى

مسافات طويلة.

Page 60: july_aug_2010_oloom

59 (2010) 8/7

التي أجريتها وزمالئي التي نشرت في عام 1994، أن جتنب ف������رط احلرارة الناجت من

املشي واجلري املتزايد، أي إبان ما يتحرر من النش������اط العضلي داخل اجلس������م من طاقة حراري������ة، اقتضى تعزيز القدرة على التعرق املائي وفقدان ش������عر اجلس������م لدى

أشباه البشر. متى حصل هذا التحول؟ مع أن السجل األحف������وري ال يحف������ظ اجلل������د، إال أن هناك تص������ورا تقريبيا ح������ول الزمن الذي ش������رع فيه أس������الفنا في االنخ������راط بأمناط التحرك احلديثة. بينت األبحاث التي أجراها بش������كل مس������تقل كل من <ليبرم������ان> و <C. رف> ]من جامعة جون������ز هوپكنز[ أن عضوا مبكرا من Homo »جنس������نا، يعرف »باإلنســـي العاملergaster قد طور قبل نحو 1.6 مليون س������نة التناسب األساسي في أعضاء جسده الذي

م������ن حن آلخ������ر، تعن أن تب������ذل احليوانات املفترس������ة طاقة أكبر بكثي������ر للحصول على وجبته������ا من اللح������م. ففي حال������ة الصيادين والكناســـني)scavengers )2 البش������رين، حور االنتخ������اب )االصطف������اء( الطبيعي تناس������ب أعضاء أجس������اد أش������باه القردة اجلنوبية العدميـــة الذيل)3( والتي كانت تقضي بعضا من أوقاتها فوق األشجار، إلى أجساد طويلة الس������يقان، مصممة للمشي بخطوات واسعة واجلري أيضا. )وال شك في أن هذا الشكل احلديث قد س������اعد أس������الفنا على جتنب أن

يصبحوا هم بالذات فريسة في العراء(.بي������د أن ه������ذه املس������تويات العالية من النش������اط لم تكن من دون ثم������ن: إذ تزايد خطر االحترار تزاي������دا كبيرا. ففي بدايات ثمانينات القرن العشرين، نشر <P. ويلر> ]من جامعة جون موورز في إنكلترا[ سلسلة من األبحاث العلمية حاك������ى فيها احلرارة التي بلغها أس������الفنا البشريون في سهوب الساڤانا. وأظهرت أبحاث <ويلر> واألبحاث

لم يكن التطور إلى جلد عار من

الشعر مجرد وسيلة للوصول إلى هدف معني؛ بل كانت له

نتائج عميقة أثرت في األطوار الالحقة من االرتقاء البشري.

)1( بحيرة ضحلة العمق تقع في كينيا في شرق إفريقيا ، وهي جزء من الغور اإلفريقي العربي الكبير.

)2( ه������و احليوان الذي يقتات على بقايا احليوانات التي يقتلها حيوان آخر، ومن أمثلته الضبع.

australopithecines )3(

لقد كان اإلنسي العامل أول شبيه بالبشر له أطراف

سفلية طويلة وقوية. وهو يتمثل

هنا بهيكل طفل بحيرة توركانا)1(

العظمي الذي يعود تاريخه إلى

نحو 1.6 مليون سنة. وقد ساعدت أطرافه املتطاولة

على املشي واجلري.

Page 61: july_aug_2010_oloom

60(2010) 8/7

مكن������ه من املش������ي واجلري ملس������افات طويلة أيضا. إضافة إلى ذلك، فإن تفاصيل سطوح مفاصل الكعب والركبة وعظم الورك توضح أن أش������باه البشر هؤالء كانوا بالفعل يبذلون جهودا كبيرة في هذين املجالن. إذن، ووفقا للدلي������ل األحفوري، ف������إن االنتقال إلى اجللد العاري من الش������عر وإلى نظام تعرق أساسه غدد العرق املائي، حص������ل بالفعل قبل نحو 1.6 ملي������ون س������نة وذلك ك������ي يزيل األحمال

احلراري������ة الزائدة والتي رافقت األس������لوب اجلديد حلياة أسالفنا املفعم باحليوية.

جاء دليل آخر عن الزم������ن الذي طور فيه أش������باه البش������ر اجللد العاري من الشعر من حتري������ات متت في مج������ال علم جين������ات لون اجللد. ففي دراس������ة ماهرة نشرت في العام 2004، فح������ص <R .A. روجرز> وزمالؤه ]من

جامعة يوتا[ تسلسالت اجلن البشري الذي يحمل الرمز “MC1R“، وهو من جملة اجلينات املسؤولة عن إنتاج املواد امللونة للجلد. وقد بن الفريق أن نسخة محددة من اجلن، موجودة باس������تمرار لدى األفارقة ذوي اجللد الداكن اللون، ظهرت إلى الوجود قبل نحو 1.2 مليون س������نة. ويظن بأن جلود أسالفنا البشرين قد كان������ت أكثر ميال إلى الل������ون الزهري ومغطاة

بفرو أس������ود، عل������ى نحو ما علي������ه حال جلد الش������مپانزي في أيامنا؛ ويفت������رض أن تطور اجلل������د الدائم الدكن������ة كان عاقبة تطورية البد منها تلت فقدان ش������عر جس������دنا الواقي من الشمس. وهكذا، فإن تقدير <روجرز> يعطينا

العمر األدنى لفجر التعري من الشعر.

بعمق اجللد)٭(والقضية األقل يقينا من: ملاذا ومتى صرنا عراة من الش������عر، هي قضية كيف طور أشباه البش������ر جلدا عاريا من الشعر. فمن الصعب حتديد الدليل اجليني عل������ى تطور التعري من الش������عر، ألن العديد من اجلينات تس������هم في صياغة مظه������ر ووظيفة جلودنا. ومع ذلك، فإن هناك دالئل نتجت من املقارنات الواسعة النطاق ،“code DNA letters“ بن »أحرف تكويد« الدنا nucleotides)1()أو النكليوتيدات )النوويـــداتفي كامل اجلينوم املورثي ملختلف املتعضيات organisms. وتكش������ف مقارنة اجلينوم املورثي

لإلنسان بالشمپانزي عن أن أكثر االختالفات داللة ب������ن حمضنا الن������ووي )الدنا( وحمض

Skin Deep )٭()1( ه������ي الوح������دات األساس������ية املكونة جلزيئ������ات احلمضن النووين )الدنا( و ) الرنا(، وتتكون من ثالثة أجزاء: قاعدة نتروجينية وجزيء فوسفاتي وجزيء سكر. )التحرير(

اإلشارة االجتماعية وظيفة مهمة للفرو-

ابتداء من شعر الرقبة املنتصب الدال على موقف عدواني حتى

أمناط الفرو التي تساعد على تعرف

أفراد النوع ذاته بعضهم ببعض.

وقد عوضنا - نحن البشر - عن نقص

الفرو بتزيني أجسادنا بالوشم، واملجوهرات، واحللي األخرى. كما

نتسم أيضا بامتالكنا تعابير معقدة في

الوجه، إضافة إلى القدرة على نقل

االنفعاالت عبر اللغة.

Page 62: july_aug_2010_oloom

61 (2010) 8/7

الشمپانزي النووي )الدنا( هو االختالف الكامن في اجلينات التي تكود للپروتينات التي تتحكم في سمات اجللد. فالنسخ اخلاصة بالبشر من هذه اجلينات تكود للپروتينات التي تساعد على جعل جلودنا، بش������كل خاص، غير نفوذة للماء ومقاومة للتآكل، وهي س������مات حاسمة في ظل غياب الفرو الواقي. ويدل هذا االكتشاف على أن ظهور هذه النس������خ من اجلينات قد شارك في نشوء التعري من الشعر بتقليله من عواقب

هذا التعري. لق������د انبثقت قدرات جلدن������ا املتميزة على الص������د من بنية ومكون������ات طبقته اخلارجية، الطبقة املتقرنة stratum corneum من قس������م اجللد املعروف بالبشـــرة epidermis. متتلك الطبق������ة املتقرنة ما وصف مبرك������ب اللبنات واملالط. وفي هذا التركيب، تتكون اللبنات من طبقات متعددة من اخلاليا املنبس������طة امليتة، والتي تدعى باخلالي������ا املتقرنة، التي حتوي پروتن القرنني )الكيراتني()keratin )1 ومواد أخ������رى؛ وأم������ا املالط الذي يحي������ط باخلاليا املتقرن������ة، فهو مكون من طبقات مفرطة الرقة

.lipids )2()من املواد الدهنية )الليپيداتإن معظ������م اجلين������ات التي توج������ه تطور اخلاليا املتقرنة القدمية النش������أة، وتسلسلها

محفوظ حفظا جيدا لدى الفقاريات. كما أن متي������ز اجلينات التي جتع������ل اخلاليا القرنية قوية لدى البشر إلى هذا احلد يعني أن ظهور هذه اجلينات كان مهما للبقيا. وهذه اجلينات تكود إنتاج توليفة فريدة من الپروتينات التي ال توجد إال في البش������رة، مبا في ذلك أمناط متفردة من پروتيني القرنن واإلنڤولوكرين)3( involucrin. يحاول في الوقت الراهن العديد

من املختبرات فهم اآلليات املسؤولة عن تنظيم تصنيع هذه الپروتينات.

ويتفح������ص اآلن باحثون آخ������رون تطور پروتينات القرنن في ش������عر اجلسد، بهدف حتديد اآلليات املس������ؤولة عن ن������درة ونعومة الش������عر على سطح اجلس������م البشري. وفي هذا الس������ياق أظهر <R. مول> وزمالؤه ]من جامعة فيليپس في مدينة ماربورگ األملانية[ أن پروتين������ات القرن������ن املوجودة في ش������عر

OF LICE AND MEN )٭()1( هو پروتن مش������تق من كلمة قرن Kerat اإلغريقية القدمية، وه������و پروتن ليفي غير قابل للذوب������ان في املاء، وهو املكون

األساسي لكل من القرون واحلوافر واألظافر والشعر. )2( ش������حوم غي������ر قابلة للذوبان في املاء تش������تمل على الزيوت والشحوم والشمع وسواها من املركبات احليوية؛ والتسمية

مشتقة من كلمة » ليپوس« اإلغريقية التي تعني شحما. )3( پروتن بنيوي يتش������كل في الطبقة الش������وكية من البش������رة،

ويوفر للخلية التي حتويه القدرة على مقاومة اجلراثيم.)التحرير(

من القمل والبشر)٭(في السنوات القليلة املاضية التفت الباحثون إلى القمل بحثا عن أدلة

تبني السبب وراء فقدان البشر شعر جلودهـم. ففي العــام 2003 اقتـــرح

<M. پاگل> ]من جامعة ريدن في

إنكلترا[ و<W. بودمر> ]من مستشفى رادكليف Radcliffe في أكسفورد[ أن البشر قد تخلصوا من فراء جلودهم

لتجنب القمل الذي ينشر األمراض والطفيليات األخرى التي تستقر

في الفرو، وكذلك لإلعالم عن صحة جلودهم. كما درس باحثون آخرون قمل الرأس واجلسم ملعرفة توقيت

بدء أسالفنا بتغطية أجسامهم باملالبس بعد أن أصبحوا ذوي جلود

عارية من الشعر. وعلى الرغم من أن قمل اجلسم يتغذى بالدم، فإنه يعيش في املالبس. وبناء عليه،

فإن معرفة أصل قمل اجلسم يعطينا تقديرا أدنى لفجر ارتداء أشباه

البشر للمالبس. ومبقارنة جينات املتعضيات ميكن للباحثني أن يقدروا

التوقيت التقريبي الذي ظهر فيه نوع هذه املتعضيات. وتشير هكذا

حتليالت مطبقة على القمل إلى أنه بينما تطفل قمل الرأس على البشر

منذ البداية، فإن قمل اجلسم قد نشأ الحقا. ويستدل من زمن ظهور منطي القمل هذين أن تعري البشر من شعر

جلودهم سبق ارتداءهم للمالبس بأكثر من مليون سنة.

Page 63: july_aug_2010_oloom

62(2010) 8/7

اجلسد البشري ضعيفة إلى حد كبير، األمر الذي يفسر السهولة الكبيرة في تقصف هذه األشعار مقارنة بشعور احليوانات األخرى. وتوحي هذه النتيجة املفصلة في بحث <مول> املنش������ور في العام 2008 أن پروتينات قرنن الشعر البشري لم تكن لبقاء البشر على ذات القدر من األهمية ال������ذي كان ملثيالتها لدى بقية الرئيس������يات؛ مما جعل هذه الپروتينات

ضعيفة في شعر البشر. مسألة أخرى يتوق علماء الوراثة إلى أن يج������دوا لها جوابا، وه������ي الكيفية التي أدت باجللد البش������ري إلى أن يحتوي هذه الكثرة من غدد الع������رق املائي. وم������ن املؤكد تقريبا أن ه������ذا التراكم قد حص������ل عبر تبدالت في اجلينات التي حتدد مصير اخلاليا اجلذعية البشـــروية epidermal stem cells في اجلنن؛ وهي خالي������ا غير متخصص������ة. ففي مرحلة مبكرة من تطور اجلنن، تتآثر مجموعات من اخلاليا اجلذعية البشروية املوجودة في أماكن مح������ددة في خاليا اجلزء من اجللد املعروف باألدمـــة dermis الواقع حتت البش������رة، ومن ثم تعمل إش������ارات كيميائية موجودة في هذه املواض������ع، تتحكم فيها اجلينات، على توجيه متايز اخلاليا اجلذعية إلى جريبات ش������عر، وغدد عرق مائي، وغ������دد عرق دهني، وغدد دهنية، أو مجرد بش������رة. ويبحث العديد من فرق الباحثن حاليا في كيفية نشوء اجليوب ع������ن اخلاليا اجلذعية البش������روية وفي كيفية بقائها؛ ومن ثم البد أن توضح هذه األبحاث ما ال������ذي يوجه مصير هذه اخلاليا اجلنينية البش������روية، وكيفية حتول العديد منها، لدى

البشر، إلى غدد عرق مائي.

ليس عاريا متاما من الشعر)٭(بغ������ض النظر عن كيفي������ة تطورنا إلى قردة عاري������ة من ش������عر اجلل������د، فإن التط������ور ترك أجزاء قليلة من جس������منا مغطاة بالشعر. ومن ثم يتعن على أي تفس������ير لفقدان البشر لفرو

جلودهم أيضا توضيح س������بب احتفاظهم بهذا الفرو في بع������ض األماكن. فالش������عر املوجود حت������ت اإلبطن وحول األعضاء التناس������لية مبا في ذلك اخلصيتن يس������تخدم لغايتن: نش������ر الفيرومونات pheromones )مركبات كيميائية تس������تخدم الستثارة اس������تجابات سلوكية لدى أشخاص آخرين(، وللمساعدة على تزييت هذه املناطق اتقاء من االحتكاك أثناء احلركة. وأما بالنس������بة إلى الش������عر الذي على الرأس، فمن املرجح جدا أنه بقي للمساعدة على تشكيل واق ضد احلرارة الزائ������دة في قمة الرأس. ورمبا يبدو هذا الرأي مثار جدل، إال أن وجود شعر كثيف على الرأس يخلق طبقة هواء حاجزة بن جلد الرأس املتعرق وسطح الشعر احلار. ومن ثم، فإن الش������عر في يوم حار مش������مس ميتص احلرارة بينما تبقى طبقة الهواء احلاجزة أبرد، األمر الذي يس������مح لعرق جلد الرأس بالتبخر باجت������اه طبقة اله������واء احلاجزة تل������ك. ويعتبر الش������عر األجعد غطاء ال������رأس املثالي في هذا السياق؛ ألنه يزيد من سمك الفضاء الذي بن سطح الشعر وجلد الرأس، مما يسمح للهواء بالتحرك عب������ره. بيد أن هن������اك الكثير مما لم يكتشف بعد حول تطور شعر الرأس البشري، ومن احملتمل أن الش������عر احملك������م التجعد كان أصل شعر البشر احلديثن، وأن أمناط الشعر األخرى قد تطورت عنه عند خروج البش������ر من

إفريقيا االستوائية.والقضي������ة املرتبط������ة بش������عر أجس������ادنا ه������ي تلك املتمثلة بالس������بب الكامن وراء هذا القدر الكبير م������ن التنوع. فهنالك العديد من املجموعات البش������رية التي ن������ادرا ما تظهر أجس������اد أفرادها أي ش������عر، بينم������ا تعتبر مجموعات أخرى ش������عوبا مش������عرة. وعادة م������ا متيل مجموع������ات األفراد األقل ش������عرا إلى العي������ش في املناطق االس������توائية، بينما تنحو مجموعات األفراد األكثر ش������عرا إلى العيش خ������ارج ه������ذه املناطق االس������توائية؛ علم������ا بأن ش������عر البش������ر الذين يعيش������ون

رئيسة دائرة علم اإلنسان )األنثروپولوجيا( في جامعة والية

پنسلڤينيا. يركز بحثها على التاريخ الطبيعي للجلد البشري، وعلى أصل

املشية املنتصبة، وعلى تطور اجلغرافية احليوية لقردة العالم القدمي ، وعلى

دراسة البيئة القدمية )اإليكولوجيا القدمية( للثدييات التي عاشت طوال املليوني سنة املاضية. قامت بأبحاث

ميدانية في الصن وكينيا ونيپال. وهذا املقال هو مقالها الثاني ملجلة ساينتفيك أمريكان. وتصف مقالتها األولى »قتامة

اجللد البشري«، وقد ألفتها مشاركة مع <g. شاپلن> ونشرت في ،

العددين 7/6 (2003)، صفحة 16.

املؤلفة

Nina G. Jablonski

Not Entirely Nude )٭(

Page 64: july_aug_2010_oloom

63 (2010) 8/7

خ������ارج ه������ذه املناطق االس������توائية اليزودهم بدفء يذك������ر. ومن الواضح أن التباينات في مقدار الشعر س������ببها إلى حد كبير هرمون testosterone. ذلك ألن التيستوســـتيرون)1( الذكور ف������ي جميع مجموعات البش������ر أكثر ش������عرا من اإلناث. وفي محاولة لتفسير هذا االختالف، تعزو بعض النظريات السبب إلى sexual االنتخـــاب )االصطفـــاء( اجلنســـيselection. فعلى س������بيل املث������ال، ترى إحدى

هذه النظريات أن اإلناث يفضلن ذكورا بلحية مكتملة وشعر جسد كثيف ألن هذه السمات تأت������ي مع تل������ك املرتبطة بالذك������ور املتصفن باخلصوبة والقوة، وتفت������رض نظرية أخرى أن الذكور يفضلون اإلن������اث اللواتي يظهرن س������مات أكثر طفولي������ة. وهات������ان النظريتان االفتراضيتان مثيرتان. ولكن ما من أحد قد اختبر صحتهما فعليا لدى مجموعات البشر احلديث������ن؛ ومن ث������م فنحن ال نع������رف، على س������بيل املثال، ما إذا كان الرجال املشعرون هم بالفعل أكثر حيوية أو خصوبة جنس������ية من أقرانهم األقل ش������عرا. وفي ظل غياب أي دليل جتريبي، فإن باب التخمن حول س������بب

تباين شعر اجلسد البشري يظل مفتوحا.

طموحات ناصعة)٭(لم يكن التحول إلى جلد عار من الش������عر مجرد وسيلة للوصول إلى هدف؛ فقد كانت ل������ه نتائج عميقة أثرت ف������ي األطوار الالحقة من التطور البش������ري. إن فقدان معظم شعر أجسادنا والقدرة على تبديد حرارة اجلسد الزائدة عبر الع������رق الصادر عن غدد العرق املائي قد س������محا بالتوس������ع الهائ������ل ألكثر أعضائنا حتسس������ا للحرارة: الدماغ. فبينما بلغ متوس������ط حجم أدمغة الق������ردة اجلنوبية نحو 400 س������نتمتر مكع������ب - وهو ما يقارب حج������م دم������اغ الش������مپانزي - وصل دماغ اإلنس������ي العامل إلى ضعفي ه������ذا احلجم، وتضخم حجم الدماغ البشري 400 سنتمتر

مكع������ب أخرى في بحر مليون س������نة أخرى، ليبلغ بذلك حجمه احلديث. ومما ال ش������ك فيه أن عوام������ل أخرى قد أثرت في توس������ع مادة الدماغ الرمادي������ة؛ كتبني غذاء ينتج منه قدر كاف من الس������عرات احلرارية الالزمة لتغذية هذا النس������يج بالطاق������ة. إال أن تخلصنا من ش������عر أجسادنا كان بالتأكيد خطوة حاسمة

في طريق صيرورتنا مفرطي ذكاء.كان لقلة شعر أجسادنا عواقب اجتماعية أيض������ا. وعل������ى الرغم من أن������ه مبقدورنا من منظ������ور تقن������ي أن نرفع ش������عر رقابنا عندما تتقل������ص العض������الت املوج������ودة ف������ي قاعدة جريب������ات الش������عر وتنبس������ط، إال أن ش������عر كننا من أجسادنا الرفيع جدا واخلفيف ال ميأداء استعراض كالذي تؤديه قططنا وكالبنا، أو أقاربنا الش������مپانزيات. كم������ا أننا ال منلك القدرة ذاتها على إعالم الغير - أو التمويه - التي لدى حيوانات أخرى، ممثلة بخطوط جلد حمار الوحش، أو بقع الفهد، أو س������وى ذلك. وبالفعل، ميكن للمرء أن يخمن أن الس������مات اإلنس������انية العامة كاخلج������ل وتعابير الوجه املعقدة قد تطورت للتعويض عن فقدان قدرتنا على التواصل عبر فرائنا. وعلى نحو مماثل، فإن الرس������م على اجلس������د، ومستحضرات التجميل، واألوش������ام، واألمن������اط األخرى من تزين اجللد املوجودة في جميع احلضارات في ش������كل توليف������ات متباين������ة، والتي تنم عن االنتماء إلى جماعة، وعن املركز االجتماعي، وع������ن معلوم������ات اجتماعية حيوي������ة أخرى، كان الف������رو يرمز إليها فيما س������بق. كما أننا نستخدم أيضا األوضاع والهيئات اجلسدية للتعبيرعن حالتنا العاطفية ونوايانا. نستخدم أيضا اللغة للتعبير عم������ا في أدمغتنا تعبيرا مفصال. واجلل������د العاري من الش������عر ���� إن توجهنا إليه من هذا املنظور ���� لم يقتصر فقط

على تبريدنا، بل جعل منا بشرا. <

مراجع لالستزادة

Scientific American, February 2010 Naked Ambitions )٭(

)1( هرمون ذكوري تنتجه اخلصيتان. )التحرير(

Page 65: july_aug_2010_oloom

64

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

طاقة الدماغ اخلفية)٭(عندما تهيم عقولنا، لعلنا جند في مناطق الدماغ الناشطة

مفتاحا لفهم االضطرابات العصبية، ال بل حتى الوعي نفسه.<E .M. ريتشيل>

مفاهيم مفتاحية< لقد ظل علماء اجلهاز العصبي

يعتقدون طويال أن دارات الدماغ تتوقف عن العمل عندما يكون الشخص في

حالة الراحة.

< ولكن جتارب تقنيات التصوير أظهرت وجود مستوى دائم من النشاط خلف الكواليس.

< قد يكون عمل الدماغ الالمركز على مهمة واعية (DM))1(، كما يسمى، ذا أهمية قصوى في التخطيط لألفعال املستقبلية.

< قد يؤدي اخللل في الوصالت ما بني مناطق الدماغ املشاركة في العمل DM إلى طيف واسع

من االضطرابات مبا فيها ألزهامير والفصام.

محررو ساينتفيك أمريكان

تخيل أنك جتلس متكاس������ال على كرس������ي اس������تراحة في الهواء الطل������ق يغالبك النعاس وفي حج������رك مجلة. وفجأة حت������ط ذبابة على ذراعك، فتمس������ك باملجلة وتضرب بها الذبابة ضرب������ة عنيفة. ماذا حدث ف������ي دماغك بعد ما المس������ت الذبابة جلدك؟ وماذا كان يحدث فيه قبل ذلك مباش������رة؟ لقد ظ������ل العديد من علماء اجلهاز العصبي يعتقدون ألمد طويل أن معظم النشاط العصبي داخل رأس������ك أثناء الراحة يتوافق مع حالة الوسن والتراخي التي تكون أس������يرا لها. وتبعا لهذا التصور، فإن نش������اط الدماغ املس������تريح ال ميثل أكث������ر من صخب عشوائي يش������به وشيش شاش������ة التلفاز عند انقطاع الب������ث عنه. فعندما حت������ط ذبابة على س������اعدك، فإن دماغك يركز على مهمة واعية هي س������حق الذباب������ة. إال أن الدراس������ات التي تستخدم تقنيات التصوير العصبي قد كشفت لنا مؤخرا عن أمر ملفت لالنتباه فعال، وهو أن الدماغ، أثناء خلود صاحبه إلى الراحة وتوقفه عن القيام بأي فعل كان، ال يستكني، بل يبقى فعاال ويؤدي أعماال هادفة وذات أهمية بالغة.

لقد تبني أخي������را، أن املناطق املتباعدة في الدماغ - أثناء استرخاء عقلك عندما تكون مثال جالسا على كرسي مريح ومستغرقا في أحالم اليقظة، أو مستلقيا على الفراش، أو مخدرا في غرفة العمليات اجلراحية - ال تتوقف عن عملها بل تستمر بتبادل الرسائل فيما بينها، وهو ما اعتبر إحدى خصائص الدماغ واصطلح على تس������مية هذه احلالة: »عمل الدم���اغ الالمركز

عل���ى مهمة واعية« )DM()1(. ويستهلك الدماغ في هذه احلالة التي ال تعرف االستكانة، طاقة تتجاوز بكثير نظيرتها في احلالة املقابلة )حالة الدم������اغ املركز على مهمة معين������ة(؛ فهي أكبر بعش������رين مرة تقريبا من الطاق������ة التي يحتاج إليها الدماغ عندما يرتكس بطريقة واعية على ذبابة مزعجة أو غيرها من املنبهات اخلارجية. وإن معظم النش������اطات التي نقوم بها بصورة واعية، كاجللوس لتناول طعام العشاء أو إلقاء محاضرة، متثل خروج������ا عن العمل القاعدي

.DM األساسي)2( للدماغ في العمللقد كان املفتاح لفهم العمل DM لعمل الدماغ هو اكتشاف إحدى منظومات الدماغ التي لم تكن معروفة حتى ذلك احلني، وقد اصطلح على تسمية هذه املنظومة: شبكة عمل الدماغ الالمركز على مهمة واعي���ة )DMN()3(. ومع أن الدور احلقيقي ال������ذي تؤديه هذه الش������بكة في تنظيم النش������اط العصب������ي ال يزال قيد البح������ث، فهناك من يعتقد اليوم أن هذه الش������بكة تقوم بتنس������يق األسلوب الذي يس������تخدمه الدماغ لتنظيم منظومة وظائف الذاك������رة وعدد آخر م������ن املنظومات التي حتتاج إل������ى حتضير ك������ي تكون على أهبة االس������تعداد للتعاطي مع أحداث املستقبل: فاملنظومة احلركية للدماغ - مثال - يجب أن يزداد معدل نش������اطها لتكون مستعدة للرد على اإلحساس بلدغة ذبابة حطت على ذراعك. كما أن الش������بكة DMN ميكن أن تؤدي دورا حيويا في عملية مزامنة األنش������طة

THE BRAIN’S DARK ENERGY )�(the brain’s default mode )1(

baseline )2()the brain’s default mode network )3 أو ال��وت�ي������������رة الطب�ي�ع�ي�������ة لعمل الدماغ. )التحرير(

Page 66: july_aug_2010_oloom

65 (2010) 8/7

املختلفة التي حتصل ف������ي جميع أنحاء الدماغ، بحي������ث تصطف جميعا في نس������ق واحد وتكون على أهبة االستعداد بطريقة تشبه حالة العدائني في حلبة الس������باق حلظة إطالق رصاصة البدء. فإذا كانت الش������بكة DMN - فعال - تقوم بتهيئة الدم������اغ ألداء فعالي������ات واعية، فإن اس������تقصاء س������لوكها ميكن أن ميدنا بدالئل مهمة تساعدنا على فهم طبيع������ة خبراتنا عل������ى صعيد الوعي. وفض������ال عن ذلك، لدى علم������اء اجلهاز العصبي مبررات كافية لالش������تباه بأن أعطال هذه الشبكة ميك������ن أن تكون مس������ؤولة عن األخط������اء الذهنية البس������يطة وكذلك االضطرابات الدماغية املركبة؛

من مرض ألزهامير إلى االكتئاب.

سبر أغوار الطاقة اخلفية)٭(إن الفك�������رة القائل������ة إن الدم��اغ ميكن أن يك��ون ناش������طا باس������تمرار ليس������ت بالفك��رة اجلدي����دة. فق���د ك��������ان <H. بيرگر> ]مخترع طريق������ة تخطي������ط الدم��������اغ الكهربائي )وهي الطريق������ة الت������ي يتم فيها تس������جيل نش������اط الدماغ الكهربائي عل������ى هيئة مجموعة م���ن اخلطوط املتموجة والتي تظهر على شاش������ة جهاز التخطيط وميكن طباعتها على الورق([ م���������ن الداعمني األوائ�ل له��������ذه الفك��رة. وقد أشار <بيرگر> في مقاالته التأسيسية والتي نش������رها عام 1929 وناقش فيها نتائج أبحاثه املتعلقة بتخطي������ط الدماغ الكهربائي، إلى أن الذبذبات الكهربائية الصادرة عن الدماغ ال تتوقف وميكن تسجيلها دائما بواسطة جهاز التخطيط، وإلى أنه )أي <بيرگر>( اس������تنتج بناء على ذلك »أن������ه علينا االنطالق من فكرة أن اجلهاز العصبي املركزي يبقى على درجة عالية من النش������اط بصورة مس������تمرة، وليس

أثناء اليقظة وحسب.«إال أن أف������كار <بيرگر> ح������ول كيفية أداء الدم������اغ لوظائف������ه مت جتاهلها عل������ى نطاق واسع، حتى بعدما أصبحت طرق التصوير غير الباضعة noninvasive تش������كل عنصرا راسخا في مختبرات العلوم العصبية. وأقدم

هذه الطرق هو التصوي���ر الطبقي بإطالق الپوزيترون���ات )PET()1( ال������ذي أصبح قيد التداول في أواخر سبعينات القرن العشرين، وال������ذي تتم فيه معايرة اس������تقالب الگلوكوز وجريان الدم وامتصاص األكس������جني كناية عن النشاط النوروني. وبعد عام 1992 ظهرت طريق������ة التصوي���ر باملرن���ان املغنطيس���ي الوظيف���ي )fMRI()2( الت������ي تق������وم على مبدأ قياس درجة أكس������جة الدماغ للغرض نفسه. ومتتل������ك هذه التقانات قدرة فائقة على قياس النش������اط البؤري وغير الب������ؤري في الدماغ، ولكن معظم األبحاث التي اس������تخدمت هذه التقانات حتى اآلن مت تصميمها بطريقة ولدت انطباعا - من دون قصد - بأن معظم مناطق

Probing Dark Energy )�(positron-emission tomography )1(

functional magnetic resonance imaging )2(

Page 67: july_aug_2010_oloom

66(2010) 8/7

الدماغ تكون في حالة من الهجوع حتى يتم حتريضها من خالل قيام الشخص اخلاضع

لالختبار بتنفيذ املهام املطلوبة منه.ويحاول ع��لماء اجلهاز العصبي - ع�����ادة - أثناء إج������راء جتاربهم بطرائ������ق التصوير املذكورة حتديد مناطق الدماغ املس������ؤولة عن تس������يير عمليات إدراكية أو سلوكية معينة. وإن أفضل ف ه������ذه املناطق هي التصامي������م البحثية لتعرتلك التي تقوم مبقارنة بسيطة بني حالتني من أنش������طة الدماغ يربط بينهما قاسم مشترك. فعلى س������بيل املثال، إذا أراد الباحثون تعرف مناطق الدماغ املس������ؤولة عن ق������راءة الكلمات بصوت مسموع )حالة االختبار( مقارنة بتلك املسؤولة عن قراءة الكلمات ذاتها بصمت )حالة

املراقبة(، فإنهم سوف يبحثون عن الفروق بني صور هاتني احلالتني. ولكي يتمكنوا من رؤية هذه الف������روق بوضوح، فس������وف يكون عليهم القيام بطرح وحدات العنصورة)pixel )1 في صور القراءة الصامتة من وحدات العنصورة ف������ي صور القراءة املس������موعة، ومن ثم القيام بتحديد املناطق التي تس������تمر بالتألق بس������بب نش������اط نوروناتها التي يفترض أن تكون هي املسؤولة عن القراءة بصوت مسموع. أما ما يسمى بالنشاط الداخلي املنشأ، وهو النشاط الدائ������م والذي ميثل خلفية جميع النش������اطات األخرى، فيت������م حذفه في غرفة تقطيع الصور ومعاجلته������ا. وعرض البيان������ات بهذه الطريقة يس������مح برؤية مناطق الدماغ التي تنشط أثناء أداء منط معني من أمناط السلوك، كما لو كانت هذه املناطق في حالة من الهجوع قبل أن يتم

تفعيلها وقت احلاجة ألداء مهمة معينة.ومع مرور الزمن، ص������ار فريقنا البحثي - وغيره من الفرق - محبا ملعرفة ما يحدث عندما يك������ون املرء في حالة م������ن الراحة التي ال يفعل فيها ش������يئا سوى أن يترك عقله يهيم. وقد نشأ ه������ذا االهتمام بتحريض م������ن مجموعة أبحاث متنوعة أش������ارت إلى مدى اتساع هذا النشاط

الذي يحدث خلف كواليس مسرح الدماغ.لقد أتتنا إحدى الدالالت من أبحاث تناولت مسألة املعاينة البصرية املجردة للصور وأثبتت أن ه������ذه املعاينة البصرية تترافق بزيادة جلية في نش������اط مناطق كثيرة من الدماغ في حالة االختبار وحالة املراقبة على حد س������واء. وقد اتضح أن س������بب استمرار ظهور هذا النشاط في كلتا احلالتني يعود إلى وجود خلفية مشتركة هي أش������به ما تكون بصخب أو وشيش يبقى في حالة نش������اط دائم خلف الكواليس. ويعتبر هذا الوش������يش - جزئيا على األقل - سببا في صعوبة - وإن لم يكن اس������تحالة - التمييز بني الصور اخلام للحالتني )حالة االختبار أو حالة أداء املهم������ة، وحالة املراقبة(. وال ميكن حتقيق هذا الغرض إال باس������تخدام طرائق حاسوبية

BRAINS AT REST )�()1( عنصورة )بيكسل(؛ نحت من عنصر صورة. )التحرير(

]نظريات متنافسة[األدمغة في حالة الراحة)٭(

إن طرق التصوير غير الباضعة PET الطبق���ي التصوي���ر مث���ل والتصوي���ر باملرن���ان الوظيفي fMRI ل���م تلتقط ف���ي بداية األمر إش���عارات النشاط الذي يحدث ف���ي الدم���اغ خل���ف الكوالي���س املفح���وص يك���ون عندم���ا ش���يئا، يفع���ل وال مس���تريحا فأعط���ت صورة غي���ر دقيقة عن

النشاط العصبي.

النظرة القدمية في بداية األمر، كانت تقنيات املسح

الدماغي تترك انطباعا يوحي أن معظم النورونات تبقى في حالة هجوع

إلى أن يتم حتريضها - عن طريق القراءة مثال - فيتوهج الدماغ عندئذ ويبدأ باستهالك الطاقة الالزمة لبث

اإلشعارات الضرورية ألداء املهمة.

النظرة اجلديدة أظهرت جتارب أخرى من التصوير

العصبي في السنوات األخيرة أن الدماغ يحتفظ مبستوى عال من النشاط حتى عندما يكون اسميا في حالة راحة. في

احلقيقة، تسبب القراءة وغيرها من املهام الروتينية - فعليا - زيادة ضئيلة

في الطاقة ال تتجاوز 5% من مقدار الطاقة التي يتم استهالكها أثناء هذه

احلالة القاعدية العالية النشاط.

ال نشاط كما فيأحالم اليقظة

ال نشاط في الدماغ

نشاط عال في الدماغ

نشاط مركز كما هياحلال أثناء القراءة

مستوى عال منالنشاط في الدماغ

نشاط أعلى في الدماغ

Page 68: july_aug_2010_oloom

67 (2010) 8/7

معقدة لتحليل الصور. لقد أش������ارت أبحاث أخرى إلى أن أداء مهمة معينة يزيد من استهالك الدماغ للطاقة بنسبة ال تزيد على 5% من الطاقة التي يحتاج إليها النش������اط القاعدي األساسي، وإلى أن قسطا كبيرا من النشاط الكلي للدماغ يحدث ف������ي دارات عصبي������ة ال عالقة له������ا بأحداث العالم اخلارجي ويستهلك من 60% إلى %80 م������ن الطاقة اإلجمالية الت������ي ينفقها الدماغ. لقد أطلق فريقنا البحثي على هذا النش������اط الداخلي املنش������أ مصطلح الطاقة اخلفية)1( نا بتعبير الطاق������ة غير املرئية والتي متثل تيماجلزء األكبر من كتل������ة الكون الكلية، وحتية

إجالل وتقدير إلى زمالئنا الفلكيني.ومما أسهم أيضا بدفعنا لالهتمام مبسألة وجود طاق������ة عصبية خفية هو أننا الحظنا كم هو ضئيل حجم املعلومات الذي يصل فعليا من احلواس إلى مناطق الدماغ الداخلية املسؤولة عن معاجلة هذه املعلوم������ات. وخير مثال على ذلك هو التناقص الكبي������ر في كمية املعلومات البصرية الذي يصيب ه������ذه املعلومات خالل رحلتها من العني إلى قشرة الدماغ البصرية.وال يصل إلى الش������بكية في مؤخرة العني من املعلومات املتوفرة في عاملنا اخلارجي - وكميتها االفتراضية غير احملدودة - س������وى ما يعادل 10 باليني بتة bit في الثانية. ومبا أن عدد وصالت العصب البصري بالشبكية output رة ال يتج������اوز مليون وصل���ة مص���دconnection، فإن كمية املعلومات التي تتمكن

من مغ������ادرة الشبكية متوجه�����ة إلى ال���دماغ ال تتج������اوز 6 ماليني بتة في الثانية وال ينجح منه������ا في الوص������ول إلى القش������رة البصرية

سوى 10 آالف بتة في الثانية فقط.وبعد خضوع ه������ذه املعلومات البصرية إلى مزيد من عمليات املعاجلة، يتم نقلها إلى مناطق الدماغ املسؤولة عن تشكيل إدراكنا البص������ري عل������ى صعيد الوع������ي. ومن املثير للدهشة أن كمية املعلومات التي تولد إدراكنا الواع������ي ال تزي������د على 100 بتة ف������ي الثانية. ومن املس������تبعد أن يكتف������ي الدماغ مبثل هذا

الس������يل الضئيل من املعلومات وحده ليتمكن من صن������ع اإلدراك، بل من األرجح أن يأخذ أيضا عوامل أخرى في احلسبان، كالنشاط الداخلي املنشأ - مثال - الذي يجب أن يكون

له دور ما في هذه العملية. إضاف������ة عل������ى ذل������ك، فإن تقني������ة تعداد املشابك العصبية)2( )وهي نقاط االتصال بني النورونات( تزودن������ا بداللة أخرى على القدرة الداخلية العالية للدماغ في معاجلة املعلومات. إذ إن عدد املش������ابك املخصص������ة للمعلومات البصرية ال������واردة من اخلارج إلى القش������رة البصرية، ال يتجاوز 10% من العدد اإلجمالي ملشابك القشرة البصرية. أما النسبة العظمى من هذا العدد، فمخصصة للوصالت الداخلية التي ترب������ط النورونات بعضها مع ببعض في

هذه املنطقة من الدماغ.

اكتشاف العمل DM)٭٭(ومع أن الدالالت على وجود حياة داخلية للدماغ قد مت التحقق منها، فإن بعض جوانب النش������اط الداخلي للدماغ كانت تتطلب فهما واجلوانب الفيزيولوجية كاجلوان������ب أعمق، املتعلقة بالكيفية التي ميكن أن يؤثر بها هذا النشاط في اإلدراك والس������لوك. وقد حالفنا احلظ ف������ي اغتنام إحدى الفرص عندما قمنا مبراقبة أم������ر محير أثناء إجراء دراس������اتنا بال�تصوير PET الت������ي مت تدعيمها فيما بعد ،fMRI بدراسات التصوير باملرنان الوظيفيحيث نقلتنا تلك املالحظة إلى املس������ار الذي أدى بنا في نهاية األمر إلى اكتشاف الشبكة

DMN لعمل الدماغ.

لقد الحظنا في أواس������ط تس������عينات القرن املاض������ي مبح������ض الصدف������ة وبص������ورة تثير الدهشة، أن مناطق معينة من الدماغ ينخفض مس������توى نش������اطها عن القيم���ة القاعدية في حال���ة الراح���ة the baseline resting state كلما قام األشخاص املفحوصون بأداء بعض املهام.

A CLUE TO THE NEW VIEW )�()��( Descovering the Default Mode، أو اكتش������اف عم������ل الدماغ

الالمركز على مهمة واعية.dark energy )1(

synapses )2(

النظرة اجلديدة)٭(لقد أدرك الباحثون قبل وقت قصير

أن املعلومات املتوفرة في عاملنا اخلارجي - وكميتها االفتراضية غير احملدودة - ال يصل منها إلى

مراكز الدماغ املسؤولة عن معاجلة مثل هذه املعلومات سوى جزء

يسير. وعلى الرغم من انتقال 6 ماليني وحدة بتة عبر العصب

البصري، فإن ماينجح منها في ة بلوغ القشرة البصرية املعاجلج

للمعلومات ال يتجاوز 000 10 بتة. أما ما يتبقى للدماغ من هذه

املعلومات، الستخدامها في صناعة اإلدراك الواعي، فال يتجاوز بضع مئات من البتات، وهو قدر ضئيل جدا ال يكفي وحده لتوليد إدراك

ذي معنى؛ األمر الذي أشارت إليه النتائج البحثية ورأت أن الدماغ - على األرجح - يتنبأ باستمرار مبا ميكن أن يقع في احمليط اخلارجي مستبقا املعلومات الهزيلة والتي

سترد إليه عبر احلواس من العالم اخلارجي.

Page 69: july_aug_2010_oloom

68(2010) 8/7

وكانت هذه املناطق - وعلى نحو خاص قطاع من القش������رة الدماغية اجلدارية اإلنس������ية )وهو ج������زء قريب من خ������ط الدماغ املتوسط يشارك - إلى جانب وظائفه األخرى - في عملية استدعاء الذكريات املتعلقة بأحداث احلياة الشخصية( ينخفض مستوى نشاطها في كل مرة تكون فيها مناطق الدماغ األخرى منهمكة بتنفيذ إحدى املهام احملددة، كالقراءة املس������موعة مثال. وعلى الرغم من احليرة التي أصابتنا، فقد قررنا إطالق مصطلح »املنطقة )1()MMPA( »اجلداري���ة اإلنس���ية الغامض���ةعلى القطاع الذي انخفض مس������توى نش������اطه

الوظيفي إلى أقصى حد.وقد أكدت سلس������لة من جت������ارب التصوير PET الت������ي أجريناه������ا الحق������ا أن الدماغ ال

تطرأ علي������ه حالة من العطال������ة عندما ال يكون MMPA منش������غال بنش������اط واع. إذ إن املنطقةوكذلك معظ������م املناطق األخرى تظل ناش������طة بصورة مس������تمرة إلى أن يرك������ز الدماغ على إحدى املهام اجلديدة، فتنخفض عندئذ وتيرة عمل بع������ض املناطق نتيجة لتراجع نش������اطها داخلي املنش������أ. لقد قوبل������ت أبحاثنا في بداية األم������ر ببعض الش������كوك، ال بل حت������ى أحيانا بالرف������ض. فقد رفضت إح������دى أوراقنا املعدة للنشر واملتضمنة نتائج أبحاثنا املذكورة فيما س������بق س������نة 1998 ألن أحد احملكمني زعم أن انخفاض النشاط - الذي أشرنا إليه سابقا - ه������و نتيجة خلطأ في بياناتنا، علما بأن احملكم املراجع أكد أن الدارات العصبية مت تشغيلها بالفعل عند الراحة وإيقافها أثناء أداء املهمة. وعلى أية حال، فقد قام باحثون آخرون بتأكيد نتائجنا املتعلقة ب�القش������رة اجلدارية اإلنس������ية والقشرة ماقبل اجلبهية اإلنسية )التي تشارك في عملية تخي������ل ما يفكر فيه اآلخرون وكذلك في العملي������ة املرتبطة ببع������ض جوانب حياتنا االنفعالية(. وهناك إجماع حاليا على أن هاتني املنطقتني تش������كالن ما يشبه محطات الوصل

.DMN الرئيسية في الشبكةلقد زودنا اكتشاف الشبكة DMN بطريقة جديدة للتفكر في النش������اط الداخلي املنش������أ للدماغ. فحتى تاريخ نشر أوراقنا البحثية التي أشرنا إليها سابقا، لم يكن علماء الفيزيولوجيا العصبية ينظرون إلى ه������ذه املناطق - أبدا - كمنظومة قائم������ة بذاتها على غ������رار ما نفعله حيال املنظومة البصرية أو املنظومة احلركية؛ أي كمجموع������ة م������ن املناطق املتباين������ة والتي يتواصل بعضها مع بعض ألداء عمل ما. لقد فاتت مرجعيات التصوير الشعاعي العصبي الرس������مية فك������رة أن الدماغ ميك������ن أن يبدي نشاطا كالنش������اط الداخلي املنشأ في العديد م������ن مناطقه عندم������ا يكون في حال������ة الراحة. والسؤال هنا: هل تقتصر هذه اخلاصية على الش������بكة DMN وحدها، أم إنها أكثر عمومية

THE DEFAULT MODE NETWORK )�(medial mystery parietal area )1(

]ناظم الدماغ[الشبكة DMN)٭(

مجموعة متآزرة من مناطق الدماغ املختلفة، معروفة باسم شبكة العمل DM )أو شبكة الوتيرة الطبيعي���ة( لعم���ل الدم���اغ، ميكن أن تكون هي املس���ؤولة عن كثير من أمناط النش���اط العصبي املرافقة حلالة عدم التركيز الذهني، وهي التي ميكن أن تؤدي دورا رئيسيا في أداء الوظائف

الذهنية أيضا.

قائد أوركسترا الذاتيعتقد أن الشبكة DMN حتذو حذو قائد

األوركسترا بصورة ما، فهي تبث إشعارات توقيت مشابهة حلركات عصا قائد

األوركسترا، وذلك لتنسيق النشاط بني مناطق الدماغ املختلفة. إن هذا التأشير

ألجزاء من القشرتني البصرية والسمعية، على سبيل املثال، يضمن - فيما يبدو - أن تكون

جميع مناطق الدماغ على أهبة االستعداد لالستجابة للمحرضات بصورة مالئمة.

مركز القيادةتتألف الشبكة DMN من عدة مناطق دماغية متباعدة تتضمن األجزاء املصورة أدناه:

الناحية الداخلية لنصف الكرة األمينالناحية اخلارجية لنصف الكرة األيسر

القشرة ماقبل اجلبهية اإلنسية

DMN الشبكةلعمل الدماغ

القشرة ماقبل اجلبهية اإلنسية القشرة الصدغية

الوحشية

القشرة اجلدارية القشرة الوحشية

اجلدارية اإلنسية

Page 70: july_aug_2010_oloom

69 (2010) 8/7

الداخلي املنشأ ملنظومات الدماغ الرئيسية. وقد مت رصد هذه األمناط املذهلة من النش������اط حتى حت������ت التخدير العام وأثناء النوم اخلفيف، مما يدل على أنها متثل جانبا أساسيا من اجلوانب الوظيفية للدماغ، وليس مجرد صخب وحسب.

لقد ص������ار واضحا من ه������ذا البحث أن الش������بكة DMN مس������ؤولة عن جزء فقط، وإن يكن جزءا حيويا، من النشاط الداخلي املنشأ اإلجمالي، كما صار واضحا أيضا أن فكرة العمل DM م������ن عمل الدم������اغ تصلح لكافة منظوماته. لقد مت اكتش������اف الوتيرة الطبيعية املعممة ف������ي مختبرنا عل������ى أرضية أبحاثنا األولى املتعلقة بنش������اط الدم������اغ الكهربائي والذي يدع������ى اجله���ود القش���رية البطيئة )SCPs()2(، والتي تطل������ق فيها مجموعات من

النورون������ات زخات كهربائي������ة كل 10 ثوان أو

وتشمل جميع أنحاء الدماغ؟ لقد حصلنا على نتيجة بحثية مدهش������ة من خالل الطريقة التي ندرك ونحلل بها التصوي������ر باملرنان الوظيفي fMRI، وتصل������ح هذه النتيجة ألن تكون مدخال

مناسبا لإلجابة عن مثل تلك األسئلة.تش������ي����������ر إش����ع���ارة signal الت���ص���وي�����ر باملرن������ان الوظيفي fMRI عادة إلى إش������عارة ما تسمى املعتمد على نس����بة تركيز أكسجني الدم )BOLD()1(؛ نظرا ألن طريقة التصوير هذه تعمل على أس������اس تقلبات مستوى األكسجني في الدماغ البش������ري التي تنشأ عن التبدالت في جريان الدم. تتغير اإلش������عارة BOLD في أي منطق������ة من الدماغ - عندما نرصدها لدى شخص في حالة اس������ترخاء - ببطء وبصورة دورية كل 10 ثوان تقريبا. وكان ينظر إلى هذه التقلبات الدورية البطيئة على أنها ليست سوى ضرب م������ن الصخب، فيتم ح������ذف املعلومات التي ق������ام املرنان بتجميعها عنها من البيانات اإلجمالية في سبيل احلصول على صور أكثر دقة ملناطق الدماغ الناشطة أثناء تنفيذ املهمة

التي يتم استقصاؤها باملرنان.وفي ع������ام 1995 بدأت احلكم������ة التي قام عليها مبدأ نبذ اإلش������ارات املنخفضة التردد تتزعزع وتصبح موضع ش������ك وتساؤل، وذلك بع������د أن الحظ <B. بيس������وال> وزم������الؤه ]من كلي������ة الطب ف������ي ويسكونس������ني[ أن الصخب ف������ي منطقة الدماغ الناظمة حلركة اليد اليمنى للشخص املفحوص املس������ترخي بصورة كلية يتقل������ب بتناغم تام مع اجلان������ب املقابل الناظم حلركة اليد اليسرى. كما أن <M. گريسيوس> وزمالؤه ]من جامعة ستانفورد[ كشفوا - في مستهل القرن احلالي - عن التقلبات املتزامنة ذاتها في الش������بكة DMN ل������دى مفحوص في

حالة من االسترخاء الكلي.وعل������ى خلفي������ة االهتمام املتس������ارع بالدور الذي تؤديه الش������بكة DMN في وظيفة الدماغ، فقد أدت نتائج أبحاث فريق <گريس������يوس> إلى فورة من النشاط في مختبرات البحث في جميع أنحاء العالم، مبا فيها مختبرنا، حيث مت وضع خرائ������ط لكافة أش������كال الصخب، أي للنش������اط

DISEASE AND THE NETWORK )�(the blood oxygen level-dependent )1(

slow cortical potentials )2(

]خلل في ارتباطات الدارات العصبية[املرض والشبكة)٭(

هناك تقاطعات بني الشبكة DMN وبعض املناطق املس����تهدفة من قبل اضطرابات الدماغ الرئيسية، األمر الذي يشير إلى أن حدوث خلل في هذه الشبكة ميكن أن يؤدي دورا في نشوء تلك االضطرابات. إن الكش����ف عن جوان����ب اخللل في هذه الشبكة لدى مرضى ألزهامير واالكتئاب وغيرهم����ا م����ن االضطراب����ات ميكن أن يس����اعد على تطوير طرائق تشخيصية

وأساليب عالجات جديدة.

مرض ألزهاميريصيبه���ا الت���ي الدم���اغ مناط���ق تتقاط���ع الضم���ور ف���ي م���رض ألزهامي���ر بوضوح مع

.DMN املراكز الرئيسية للشبكة

االكتئابيظه���ر مرض���ى االكتئ���اب تراجع���ا ف���ي ع���دد الوص���الت التي تربط إحدى مناطق الش���بكة

DMN مبناطق مشاركة في نظم االنفعاالت.

الفصام ،DMN تظه���ر مناط���ق كثي���رة تابعة للش���بكةمس���تويات مرتفعة من بث اإلشعارات. إال أن

أهمية هذا األمر ال تزال قيد الدرس.

Page 71: july_aug_2010_oloom

70(2010) 8/7

نحو ذلك. وقد قمنا في أبحاثنا بالكشف عن أن التقلب������ات التلقائية والتي نش������اهدها في صور اإلش������عارة BOLD تتطابق مع اجلهود SCPs، األم������ر ال������ذي يعني أننا اس������تقصينا

النشاط نفسه بطرائق استشعار مختلفة.وقد انتقلنا بعد ذلك إلى دراس������ة الغرض م������ن اجلهود SCPs من املنظ������ور الذي يرصد عالقته������ا بنم������اذج أخ������رى من اإلش������عارات الكهربائي������ة العصبية. وكما بني <بيرگر> ألول م������رة، ومت تأكيد نتائج أبحاثه منذ ذلك احلني على يد كثير من غيره من العلماء من خالل عدد ال يحصى من األبحاث، فإن الدماغ يبث طيفا واسعا من الذبذبات الكهربائية والتي يتراوح ترددها ب������ني البطيء )اجلهود SCPs( والعالي )نش������اطات أخرى يتجاوز ترددها 100 دورة في الثانية(. إال أن آلية تآثر تلك اإلش������عارات بتردداتها املختلفة لم تكتش������ف بعد، ومازال فهمها يش������كل أحد أهم التحدي������ات الكبرى

والتي تواجه العلوم العصبية احلديثة.لقد تبني أخيرا أن اجلهود SCPs لها دور مؤث������ر، إذ إن أبحاثنا - إل������ى جانب أبحاث أخ������رى - أك������دت أن النش������اط الكهربائ������ي SCPs بت������رددات أعلى من ت������رددات اجلهوديتزامن مع تذبذبات هذه اجلهود أو أطوارها. وكما الح������ظ مؤخرا <M. پالڤا> وزمالؤه ]من جامع������ة هلس������ينكي[، فإن الط������ور الصاعد لهذا اجلهد SCPs يترافق بزيادة في نش������اط

إشعارات أخرى ذات تردد مختلف.وميكنن������ا أن ننهل من مفهوم األوركس������ترا الس������يمفونية - الذي يشير إلى نسيج مزخرف من النغمات الصادرة عن آالت موسيقية متنوعة تعزف بأس������لوب متكامل وف������ق إيقاع واحد - استعارات مالئمة، حيث متثل إشعارات اجلهود SCPs عصا قائد األوركسترا؛ ولكن بدال من أن

يكون همها األساسي هو احملافظة على اإليقاع الزمني لعزف مجموعة من اآلالت املوس������يقية، فإنها تقوم بتنس������يق العملية التي حتتاج إليها كل واحدة م������ن منظومات الدم������اغ كي تتمكن من الدخول إلى املس������تودع الفسيح للذكريات وغيرها من املعلومات األخ������رى الالزمة للبقاء

على قيد احلياة في عالم مركب ومعقد ومتغير بصورة مس������تمرة. وبكلمة أخرى، فإن اجلهود SCPs تضمن ظهور احلسابات السليمة بطريقة

مالئمة وفي اللحظة املناسبة متاما.ولك������ن الدماغ - كما هو معروف - أش������د تعقيدا بكثير من األوركسترا السيمفونية. فكل واح������دة من منظومات الدم������اغ املتخصصة - كاملنظومة املسيرة للنشاط البصري أو املنظومة احملرك������ة للعضالت - تب������دي منطها اخلاص من اجله������ود SCPs. وبحك������م التكوين املتباين له������ذه املنظومات؛ فإن ذل������ك ال يترافق بظهور الفوضى. أما بث اإلش������عارات الكهربائية فيتم تنظيمه على نحو يعطي األسبقية لبعض مناطق الدماغ على غيرها م������ن املناطق، بحيث يكون DMN هناك تسلس������ل هرمي تتصدره الشبكةكقائد أعلى لألوركسترا لضمان عدم حصول تداخل فيما بني اإلشعارات املتسابقة الصادرة ع������ن هذه املنظومة أو تلك، ومن ثم ضمان عدم ظهور نش������از في املوسيقى. ال تدعو هذه البنية التنظيمية إلى االس������تغراب أبدا، فالدماغ ليس مكانا للمشاجرة العامة بني منظومات مستقلة، نات يعتمد كل منها بل هو احت������اد فدرالي ملكو

على اآلخر.ومن جانب آخر، فإن هذا النشاط الداخلي املعقد عليه أن يترك أحيانا الباب مفتوحا أمام متطلبات العالم اخلارج������ي. وتلبية لضرورة هذا التكيف، فإن اجلهود SCPs في الش������بكة DMN ينخف������ض مس������تواها عندما يقتضي

األم������ر أن ترتفع درجة اليقظة بس������بب ورود مدركات حواسية جديدة أو غير متوقعة، كأن تدرك فجأة - وأنت تقود السيارة راجعا من عملك إلى البي������ت - أنك قد وعدت بإحضار صندوق م������ن احلليب. وما أن تنعدم احلاجة إلى االنتباه البؤري focused attention، فإنه سرعان ما ينتعش البث الداخلي إلشعارات اجلهود SCPs مج������ددا. إن الدماغ في حالة صراع دائمة بني ضرورة احلفاظ على توازن استجاباته املرسومة ولزوم تلبية احتياجات

اللحظة الفورية بصورة مباشرة.

هو أستاذ في الطب الشعاعي وطب اجلهاز العصبي في كلية الطب بجامعة

واشنطن - سانت لويس. ترأس <ريتشيل> لسنوات عدة فريقا مختصا باستقصاء وظائف الدماغ البشري عن طريق التصوير PET والتصوير باملرنان

الوظيفي fMRI. وقد مت اختياره ملعهد الطب في عام 1992 ولألكادميية القومية

للعلوم عام 1996.

املؤلف

Marcus E. Raichle

Page 72: july_aug_2010_oloom

71 (2010) 8/7

الوعي واملرض)٭(إن تعاق������ب ارتف������اع وانخفاض مس������توى نشاط الشبكة DMN ميكن أن يغني بصيرتنا بتأم������ل بعض ألغاز الدماغ األكثر عمقا، ولقد زودن������ا العلماء - فعال - بكثي������ر من األفكار العميقة املثي������رة حول طبيعة االنتباه من حيث إنه يشكل عنصرا جوهريا من عناصر النشاط ال������ذي يتم على صعيد الوعي. ففي عام 2008 أبلغ فريق بحثي متعدد اجلنس������يات أنه متكن أثناء مراقبته الش������بكة DMN م������ن التنبؤ بأن الش������خص املفحوص باملرن������ان الوظيفي على وش������ك ارتكاب خطأ - في اختبار حاس������وبي مبرم������ج لهذا الغرض - قبل حدوث ذلك بزمن قد يص������ل إلى 30 ثانية. وأش������ار هذا الفريق أيض������ا إلى أن ذاك اخلط������أ ميكن أن يقع إذا ما بدأت - أثناء املج������ال الزمني املذكور )30 ثاني������ة( - الش������بكة DMN باالرتفاع وأخذت درجة نشاط املناطق املشاركة في نظم وظيفة

التركيز البؤري باالنخفاض.وميكن لطاقة الدماغ اخلفية أن متدنا في الس������نوات القادمة ب������دالالت مهمة عن طبيعة الوع������ي. وكما يعترف معظ������م علماء اجلهاز العصب������ي، ف������إن تفاعلنا الواعي م������ع العالم اخلارجي ال يش������كل س������وى جزء يس������ير من نش������اط الدم������اغ. وما يحدث حتت مس������توى اإلدراك الواع������ي، مب������ا في ذلك م������ا تقوم به طاق������ة الدماغ اخلفية، هو أم������ر بالغ األهمية الرامية إلى اكتش������اف ملس������اعينا البحثي������ة اخللفي������ة الغامضة لتجاربن������ا احلياتية التي نعيش������ها ضمن ذلك احليز الزمني الضئيل

من اإلدراك الواعي.ومبع������زل عن اللمح������ة الت������ي تقدمها لنا دراسة طاقة الدماغ اخلفية بشأن ما يقع من أح������داث خلف كواليس جتاربنا اليومية، فإن دراس������ة هذه الطاقة ميكن أن تزودنا بدالئل إرش������ادية جديدة لفهم األم������راض العصبية الرئيس������ية. ولن تك������ون هناك ض������رورة إلى ممارسة الرياضة الذهنية أو القيام بحركات

معقدة إلمتام التمرين. فالشخص املفحوص لن يكون عليه س������وى أن يبقى مس������تلقيا بال حراك داخل جهاز املرنان، مصغيا إلى أزيز الش������بكة DMN وغيرها من محطات اتصال

الطاقة اخلفية وإلى وقع خطواتها الهادئة.لق��������د أخ�ذ ه������ذا النوع م������ن األبحاث - بالفعل - يس������لط ضوءا جدي������دا على مجال األمراض، إذ إن دراسات الدماغ التصويرية كش������فت عن وج������ود تبدالت ف������ي الوصالت مابني اخلاليا الدماغية في مناطق الش������بكة DMN عن������د مرض������ى ألزهامي������ر واالكتئاب

والتوحد وحتى الفص������ام. وقد يتم تصنيف مرض ألزهامير - يوما ما - بالفعل كمرض من أمراض الش������بكة DMN. إذ إن مس������قط املناطق املصاب������ة في دماغ مريض ألزهامير ينطبق بدقة عالية على خارطة املناطق املكونة للشبكة DMN. وميكن لهذه النماذج أن تكون صاحلة ليس كواسمات بيولوجية في مجال التش������خيص وحس������ب، وإمنا أيض������ا كأداة تس������اعد على التفكير العميق بأس������باب هذا

املرض وباستراتيجياته العالجية.على الباحثني - وه������م يتطلعون في هذه األيام إلى املس������تقبل - أن يحاولوا التوصل إل������ى معرفة آلية عمل تنس������يق النش������اط بني منظومات الدماغ املختلفة وداخل كل واحدة منها على املس������توى اخللوي، كما أن عليهم التوصل إلى معرفة اآللية التي تس������تخدمها الشبكة DMN في دفع اإلشعارات الكيميائية والكهربائي������ة لالنتق������ال عب������ر دارات الدماغ املختلفة. وس������وف نكون عندئ������ذ بحاجة إلى نظريات جدي������دة قادرة على دم������ج البيانات املتوفرة عن اخلاليا وال������دارات واملنظومات العصبية بكاملها إلعطاء صورة أش������مل عن اآللية الوظيفية والتي تس������تخدمها الش������بكة DMN في أداء مهمتها كمدير عام مس������ؤول

عن تنظي������م طاقته اخلفية. وميك������ن أن يتبني لن������ا أخيرا مبرور الزمن، أن الطاقة العصبية

اخلفية هي األساس الفعلي ملا يحركنا. <

مراجع لالستزادة

Scientific American, March 2010 Consciousness and Disease )�(

Page 73: july_aug_2010_oloom

(2010) 6/5 72

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

األعاجيب الثمانيللمنظومة الشمسية)٭(

ف���ي ه���ذا املقال، يحلق بنا الفنان <R. ميلر> في أجواء ثمانية من أكثر املش���اهد حبس���ا لألنفاس التي تنتظر املستكشفني الشجعان ملنظومتنا الشمسية. ورمبا تكفي ضخامة هذه األعاجي���ب الطبيعي���ة لتقزمي جميع ما ميكن ل���ألرض أن تبديه من ظواهر. فما الذي ميكننا أن نش���اهده أو نستش���عره لو كتب لنا الس���فر إلى تلك األصقاع البعيدة؟ لقد متكنت »عني الفنان« من إحكام الربط بني البيانات التي أرس���لتها املس���ابر الفضائية، مثل <كاسيني>)1( الذي أطلقته الوكالة »ناسا« الستكشاف نظام زحل، و<ميسينجير>)2( الذي متكن من الطواف ح���ول »عط���ارد« ثالث مرات، وهو يس���تعد التخاذ مدار دائم حوله في الش���هر 2011/3، وهذا

يتيح لنا فرصة القيام بزيارة مبكرة لهذه األصقاع النائية التي ال تنسى.

<E. بل>

حلقات زحل)٭٭(

أن���ت تخت���رق اآلن الطبقة الس������فلية)3( جل���و زحل، وحتل���ق حتت أضخم بني���ة حلقية في املنظومة الشمسية. وليس ثمة إال القليل من املشاهد التي ميكنها أن تكون أكثر منه إثارة للدهش���ة والذه���ول. وهذه احللقات البيضاء اجلليدية، حتل���ق على ارتفاع 75 ألف كيلومتر فوق رأس���ك. وتش���ع احللقة ضوءها لتضيء به جميع ما ينتش���ر حولك. وس���وف ترى ستة أقم���ار هاللي���ة على األقل وهي تش���رق في الس���ماء. وعن���د غياب الش���مس، يتناثر ضوؤها ويتشتت عند اصطدامه بسدمي من بلورات األمونيا بشكل قوس قزح صغير. وسوف حتيط ب���ك غي���وم األموني���ا التي تتهادى قريبا منك بس���رعة 1500 كيلومتر في الس���اعة. وهي تعد واحدة من أسرع السحب اندفاعا في املنظومة الشمسية برمتها. وعلى مسافة حتتك تقدر بأكثر من 30 ألف كيلو متر، ال ميكن ألي شيء من صنع البشر أن يصمد في الضغوط التي تسودها، ينتشر محيط كوكبي من الهدروجني املعدني السائل. وال شك في أن الهبوط فوق

هذا الكوكب لن يتحقق أبدا.

1

EIGHT WONDERS OF THE SOLAR SYSTEM )٭(THE RINGS OF SATURN )٭٭(

Cassini )1(MESSENGER )2(

the troposphere )3(

Page 74: july_aug_2010_oloom

73 (2010) 6/5

Page 75: july_aug_2010_oloom

74(2010) 6/5

البقعة احلمراء للمشتري)٭(رمب���ا يك���ون م���ن العس���ير عل���ى املس���افر أن يتص���ور املقياس الدقيق ألضخ���م إعصار التفافي في املنظومة الشمسية. ومن هذه النقطة املتميزة، ال ميكن مش���اهدة أكثر من مجرد قطاع صغير من البقعة احلمراء العظمى )إلى اليسار في الصفحة املقابلة(. وهي ترتفع نحو ثمانية كيلومترات على األق���ل فوق الس���حب املجاورة. وميك���ن للصواعق املضيئ���ة الت���ي تنش���أ أس���فل الغي���وم أن تس���حق مدينة كامل���ة وحتولها إلى حطام. وتندفع الرياح التي تنشأ على تخوم احلافة اخلارجية لإلعصار االلتفاف���ي بس���رعة تزي���د عل���ى 400 كيلومت���ر ف���ي الس���اعة. وتت���م البقعة دورة كامل���ة بعكس اجتاه دوران عق���ارب الس���اعة كل س���بعة أي���ام. وتك���ون االضطرابات الناجتة م���ن هذه العاصفة الهوجاء هائل���ة، وتكفي املوجات الصوتي���ة الصادرة عنها لإلصابة بالطرش. وميكن لكوكبني على أقل تقدير، مياث���ل حج���م كل منهم���ا حج���م األرض، أن يغرقا ���ة هذه العاصفة الهوج���اء والتي ما متام���ا في جلفتئت تهب على النصف اجلنوبي لكوكب املشتري

قبل 400 سنة على األقل.

2

JUPITER’S RED SPOT )٭(

Page 76: july_aug_2010_oloom

(2010) 6/575

الوديان املريخية - املريخ)٭(طاملا متلكت الناس مش���اعر الدهشة والذهول عندم���ا ي���زورون »أخدود أريزون������ا الكبير«)1(، وهو إح���دى األعاجيب الت���ي س���يصادفها الزائر األول لوادي املري������خ)2( عندما ميعن النظر ف���ي أخدوده. يبلغ عمق هذا األخدود س���تة كيلومترات ونصف، ويص���ل عرضه إلى قيم���ة مماثلة، وهذا يجعل من العسير عليك رؤية طرفه اآلخر من بعض األماكن. وميكن لهذا الصدع التكتوني tectonic crack الهائل أن ميت���د في الوالي���ات املتحدة م���ن نيويورك إلى كاليفورني���ا، وه���ذه مس���افة تع���ادل رب���ع محي���ط األرض. ولهذا الس���بب يتأخر شروق الشمس في أح���د طرفيه نحو س���ت س���اعات عن ش���روقها في طرفه اآلخر. وكان املاء ذات مرة يجري عبر أجزاء كبي���رة م���ن هذا األخدود. وفي هذا املش���هد، ميكن للمسافر أن يرى غشاوة جليدية متأل الوادي عند

غياب الشمس فوق تخوم احلافة الشمالية.

3

VALLES MARINERIS, MARS )٭(Arizona’s Grand Canyon )1(

the Mariner Valley )2(

Page 77: july_aug_2010_oloom

76(2010) 6/5

الينابيع الفوارة إلنسيالدوس)٭(ه���ذه واح���دة من الظواهر التي ميكنك أن تستش���عرها قبل أن تراها: إنه���ا قعقعة خافتة تتردد عميقا في ص���درك وحت���دث حت���ت قدميك، م���ن دون أن تكون مصحوبة بالص���وت. وال يلبث الث���وران البركاني أن يظهر عندما تنفجر نافورتان جليديتان هائلتان عبر سطح إنسيالدوس وهما تقذفان ببلورات اجلليد في الفضاء بس���رعة تزيد على 1600 كيلومتر في الس���اعة. وشمس���نا البعيدة هي التي تضيء هذا االضطراب الصامت. وإنس���يالدوس، الذي يعد س���ادس أضخم أقمار زحل، والذي ال تزيد قوة جاذبيته على 16/1 من قوة جاذبية قمرن���ا، لن يكون عاملا يس���هل املش���ي فوقه؛ وقد يحتاج املتنزهون هناك إلى رب���ط األحزمة املجهزة مبحركات

نفاثة، وأن يحرصوا على جتنب االقتراب من الوديان التي تنشأ فيها النوافير العنيفة.

4

THE GEYSERS OF ENCELADUS )٭(

Page 78: july_aug_2010_oloom

(2010) 6/577

ينابيع تريتون الفوارة)٭(وس���وف ينده���ش زوار تريت���ون، وه���و األضخم ف���ي مجموعة أقمار الكوكب نپتون، عند رؤيتهم صفيفا من النوافير الشديدة البرودة والتي رمب���ا تتك���ون من عنص���ر جليد النتروج���ني وبعض املركب���ات العضوية الداكنة. وميكن سماع أصوات النوافير ذات املظهر الدخاني من مواقع تبع���د عنها بضعة كيلومترات أثن���اء اندفاعها إلى ارتفاع يتجاوز 8000 مت���ر ضمن الغ���الف اجلوي الرقي���ق لتريت���ون قبل أن تكس���حها الرياح العاتية. ويغطي امليثان والنتروجني اجلليدي هذا العالم الذي تنخفض

فيه درجة احلرارة إلى ما دون 200 درجة مئوية حتت الصفر.

5

THE GEYSERS OF TRITON )٭(

Page 79: july_aug_2010_oloom

78(2010) 6/5

قمم الضوء السرمدي)٭(ثمة ظاهرة فريدة )في األسفل(. ليس بعيدا عن أرضنا، وبالتحديد فوق قمرنا، ففي عام 1994 اكتشفت »قمم الضوء الس���رمدي« على »فوهة بيري«)1( املتاخمة للقطب الشمالي، وهي متثل القطاع الوحيد والذي ال تغيب عنه الشمس في املنظومة الشمس���ية )ميكن أن تكون هناك قطاعات مماثلة ف���وق عط���ارد إال أنها لم تش���اهد حتى اآلن(. وتنش���أ هذه الظاه���رة غير العادية ألن محور دوران القمر حول نفس���ه ال ينح���رف إال قليال عن املس���توي املش���ترك مل���داره ومدار األرض ح���ول الش���مس. وهذا املوقع الذي س���يتحول دون ش���ك إلى عامل جذب للسائح الفضائي، سوف يستضيف أيض���ا أول قاع���دة قمري���ة. واختالف درج���ات احلرارة في هذه املنطقة طفيف، رمبا ال يتعدى 20 درجة مئوية، وهذا يجع���ل منه���ا مكانا مثاليا لإلقامة. وميث���ل احتمال وجود

جليد املاء هناك ميزة إضافية.

7 6

ميماس

PEAKS OF ETERNAL LIGHT )٭(HERSCHEL CRATER ON MIMAS )٭٭(

Peary crater )1(

فوهة هرشل على ميماس)٭٭(ل���و أن متس���لقي اجلبال املغامري���ن صعدوا إل���ى القمة في مرك���ز فوه���ة هرش���ل الواقع���ة على س���طح قم���ر زحل ميم���اس )ف���ي اليم���ني(، لوج���دوا أنفس���هم عل���ى ارتف���اع 6000 متر فوق أرضية احلوض. وعند النظ���ر إل���ى حاف���ات الفوهة الت���ي ترتفع إلى نح���و 5000 متر، ومبش���اهدة مغيب زحل في خلفية املشهد )في اليسار(، فسوف يستغرب ن ميماس املسافرون إلى هذا املكان كيف متكمن الصمود أمام هذا االصطدام الذي أدى إلى تش���كيل منخفض يبلغ عرضه 13 كيلومترا أو ما

يقارب ثلث قطر القمر ذاته.

Page 80: july_aug_2010_oloom

(2010) 6/579

]مراجع لالستزادة[

Scientific American, April 2010

<R. ميلر> مؤلف ومصمم رسوم أكثر من 40 كتابا

مبا فيها »الرحلة العظمى«)1( و»دورات النار«)2( وكاله��ما من تألي��ف عال��م الكواك��ب والف�ن�ان

<W. كارمتان>. وهو أيضا من الكتاب السابقني ملجلة ساينتفيك أمريكان)3(، وقد حاز على جائزة هوگو)4( لكتاباته في أدب اخليال العلمي، وأيضا على جائزة رودو ميموريال)5( من الرابطة الدولية

للفنانني الفلكيني.

شروق الشمس على عطارد)٭(يعد شروق الشمس وغروبها على كوكب عطارد من املشاهد اجلديرة باملتابعة. والشمس الت���ي ت���رى في الس���ماء من عط���ارد أكبر بنحو مرة ونص���ف من حجمها عن���د النظر إليها من األرض، تبدو وهي تشرق وتغرب مرتني خالل يوم عطارد. وهي تشرق ثم تسير في السماء، ث���م تتوق���ف، وتعود إلى الوراء باجتاه األفق الذي أش���رقت منه، ث���م تتوقف مرة أخرى، لتبدأ رحلتها من جديد نحو أفق املغيب. يحدث هذا املش���هد الفضائي ألن عطارد يدور حول نفس���ه ثالث دورات خالل كل دورتني له حول الشمس، وأيضا ألن مداره حول الشمس مفلطح جدا.

8Edward Bellهو املدير الفني ملجلة ساينتفيك أمريكان.

SUNRISE ON MERCURY )٭(The Grand Tour )1(

Cycles of Fire )2( "Jules Verne, Misunderstood :3( انظر(

Visionary," Scientific American, April 1997Hugo Award )4(

the Rudaux Memorial Award )5(

Cassini Virtual Tour. The Cassini at Saturn Interactive Explorer (CASSIE) lets you fly around Saturn and its moons in 3-D. You can locate the satellite at any point in its mission. http://saturn.jpl.nasa.gov/video/cassinivirtualtour/

]مصمم الرسوم[

]املؤلف[

Page 81: july_aug_2010_oloom

80

املجلد 26 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2010

توسيع حدود احلياة)٭(حتليل نظام بيئي ميثل منطا من الفتحات الساخنة املكتشفة

حديثا في قاع البحر، يوفر احتماالت جديدة لكيفية تطور احلياة.<A. برادلي>

مفاهيم مفتاحية< في عام 2000 اكتشف

الباحثون منطا جديدا من أنظمة الفتحات املائية

احلرارية في قاع البحر، سميت باملدينة املفقودة.

< وقد تبني في السنوات األخيرة املاضية عبر حتليل

عينات مأخوذة من هذا املوقع التكوين الفريد الكيميائي للموقع وطبيعة الكائنات

احلية الدقيقة املستفيدة منها.

< كما بينت نتائج تلك األبحاث إمكانية نشوء حياة في محيط

شبيه باملدينة املفقودة.

محررو ساينتفيك أمريكان

هن������اك القلي������ل م������ن األماكن مم������ا تبقى لالستكش������اف على قارات األرض، ومن غير املتوق������ع وجود أعاجي������ب طبيعية ف������ي زوايا منس������ية من هذا العالم لم تكتش������ف بعد. وما نعلمه عن املريخ يفوق ما نعلمه عن 75 في املئة من س������طح كوكبنا الواقع حتت سطح البحر.

وهناك تنتظرنا مفاجآت ال تعد وال حتصى.وقعت إح������دى تلك املفاجآت في الش������هر 2000/12، عندم������ا عمل������ت بعثة استكش������افية

على س������بر جبال قاع البحر املعروفة باس������م مس���يف أطلنطس Atlantis Massif)1( الواقعة ف������ي منتص������ف املس������افة بني برم������ودا وجزر الكن������اري على عمق نصف ميل حتت س������طح احمليط األطلسي الش������مالي. فقد وجدت هذه البعثة أعمدة من احلجارة البيضاء بلغ طولها ارتفاع بناء من عش������رين طابق������ا انطالقا من قاع احمليط. اس������تخدم العلماء كال من املركبة أرگ������و ArgoII التي يت������م التحكم فيها من بعد والغواص������ة ألڤني Alvin الت������ي يقودها طاقم خاص بها لدراسة هذه التشكيالت الغامضة وأخذ عينات مناس������بة. ومع أن القيود الزمنية التي واجهتها البعثة والتي قصرت استخدام الغواصة ملرة واحدة فقط، متكن الباحثون من جمع ما يكفي من معلومات لتبيان أن العمود األبيض كان ميثل مجرد واحد من عدة أعمدة ف������ي املنطقة عمل������ت على إطالق م������اء البحر املس������خن. لقد اكتش������فوا بالفعل حقال مليئا بالينابيع احلارة حتت س������طح البحر س������مي باحلقل املائي احلراري للمدينة املفقودة)2(. وكان هذا اكتش������افا فريدا من نوعه ال مياثله

اكتش������اف س������ابق في ذلك ما اش������تهر الحقا .black smokers باملدخنات السوداء

لقد أثار التقرير األول حول تفاصيل هذا االكتشاف، والذي نشر في مجلة Nature في الش������هر 2001/7، موجات م������ن احلماس في اجلماعة العلمية. كما أثارت مؤلفته الرئيسية اجليولوجية <D. كيلي> ]من جامعة واشنطن[ وزمالؤها تس������اؤالت أساس������ية: كيف تشكل احلق������ل املائي احلراري؟ وم������ا نوع الكائنات املوجودة هناك وكيف باستطاعتها البقاء على قي������د احلياة؟ وفي ع������ام 2007، قادت <كيلي> بعثة استكشافية إلى املدينة املفقودة استمرت س������تة أس������ابيع، وبعد س������نني م������ن التحاليل املضني������ة للعينات املأخوذة إب������ان هذه البعثة متكن املختصون من تش������كيل إجابات مثيرة

عن التساؤالت املطروحة في هذا الشأن.واكتشافات املدينة املفقودة أعادت النظر ف������ي املفاهيم القدمي������ة حول الكيمي������اء التي مه������دت لظهور احلياة عل������ى األرض. وعملت نتائج البحث على توسيع طيف األفكار التي تناولت أماكن وجود حياة خارج نطاق كوكبنا األزرق، كما حتدت بع������ض األفكار الرائجة

حول كيفية البحث عن تلك احلياة .

كيمياء غريبة)٭٭(لق������د عرفت الفتح������ات املائي������ة احلرارية في قاع البحار منذ عقد الس������بعينات، وتعد

EXPANDING thE LImIts of LIfE )�(strange Chemistry )��()1( أو صخر أطلنطس.

the Lost City hydrothermal field )2(

Page 82: july_aug_2010_oloom

81 (2010) 8/7

قد يبدو النظام البيئي املمثل في الفتحات املائية في املدينة املفقودة

قاحال، إال أنه يحوي طيفا واسعا من امليكروبات التي ال يعتمد كثير منها

على طاقة أشعة الشمس.

األنظمة املس������ماة باملدخنات السوداء أكثرها إلف������ا. وتقع هذه الفتحات على حيود وس���ط احملي���ط)1( - سلس������لة البراكني التي تتداخل م������ع املواق������ع الت������ي تتباعد فيه������ا الصفائح التكتونية عن بعضها بعضا. وقد تبلغ درجة حرارة ماء هذه الفتحات أربعمئة درجة مئوية نتيجة قربها من الصخ������ور املنصهرة. ففي وسط تبلغ حموضته حموضة عصيرالليمون، يتس������رب إلى املاء احلارق السلفيد واحلديد والنحاس والزنك أثناء ترش������ح هذا املاء عبر الصخور البركانية أسفل قاع البحر. ويعود هذا السائل احلمضي احلار إلى قاع البحر، فيلتقي من خالل الفتحات مباء البحر البارد. تبرد الكبريت���ات الفلزي���ة)2( املنحلة الكبيرة وتترس������ب مشكلة سحبا خليطة تبدو كدخان متالطم أس������ود. وتتجم������ع الكبريتات الفلزية أعلى الفتحات فيما يش������به املداخن، ويزداد ارتفاعها باطراد. وعلى الرغم من كيميائيتها املعادية، فإن هذه املناطق احمليطة بالفتحات تعج بحيوان������ات غريبة مثل الديدان األنبوبية الضخمة احلمراء الرأس التي تفتقر إلى كل م������ن الفم واجلوف املع������وي وحتيا من خالل رابطة تعايشها مع بكتيريا توجد في داخلها، تس������تهلك غاز كبري������ت الهدروجني الس������ام

الصادر عن هذه الفتحات.تبدو املدينة املفقودة هادئة مقارنة بالبيئة املتوحشة للمدخنات السوداء، وهي على بعد 15 كيلومترا غرب حدود الصفائح التكتونية

في حيد وس������ط األطلس������ي. ويبعد حقل هذه الفتحات فوق سطح مسيف األطلسي)3( بعدا يحول دون تسخني احلمم للسوائل إلى درجة احلرارة احلارقة التي في املدخنات السوداء، وعوضا عن ذلك يس������خن املاء مبجرد دورانه عبر الصخور الدافئة السفلية، وال تزيد درجة حرارة املاء املقاسة على التسعني درجة مئوية. كذلك تتميز س������وائل املدينة املفقودة بكونها قلوية ال حمضية، وتبدو هذه السوائل، وهي ف������ي احلموضة ما ب������ني 9 و 11 درجة مئوية، كحليب املغنيزيا أو محلول األمونيا املنزلي. وبس������بب عج������ز مثل هذه الس������وائل عن حل

تراكيز مرتفعة من الفلزات كاحلديد والزنك، فال تس������تطيع املدينة املفق������ودة بناء األعمدة الطويلة املكونة م������ن الكبريتات الفلزية والتي متيز املدخنات الس������وداء. فيم������ا تزخر مياه فتحة املدينة املفقودة بالكالسيوم الذي تنجم عنه كربونات الكالس������يوم )حجر اجلير( لدى اختالطه مبياه احمليط. ويش������كل حجر اجلير مداخن بيضاء عمالقة تصل أطولها إلى 60 مترا فوق مس������توى ق������اع احمليط، وهو أطول

بذلك من أي من املدخنات السوداء.تنشأ كيمياء املدينة املفقودة الغريبة نتيجة للتكوي������ن اجليولوجي الفري������د املرتبط ببنية الكوكب ذاته. وميكننا تصور األرض كثمرة الدراق حيث قش������رتها متثل قش������رة األرض وميثل حل������م الثمرة املكاف������ئ طبقة الغالف. فيما ميثل لب الثمرة نواة األرض احلديدية. وتبتع������د كل م������ن الصفيحت������ني األمريكي������ة الش������مالية واإلفريقية في املرتفع بينهما ببطء بس������رعة تبلغ 25 مليمترا سنويا. وبرز بفعل

.ridge حيود = ج: حيد ،mid-ocean ridges )1(metal sulfides )2(

Atlantis massif )3(

Page 83: july_aug_2010_oloom

82(2010) 8/7

حرك������ة الصفائح تلك جزء من غالف األرض في قاع احمليط فتشكل املسيف األطلسي من

خالل دفع غالف األرض هذا نحو األعلى.يتكون غالف األرض mantle رئيسيا من صخور تدعى پريدوتيت peridotite)1( ؛ وقد تبني أن ه������ذه الصخور ه������ي مبنزلة املفتاح للكيمياء املتميزة في املدينة املفقودة. وعندما يحتك الپريدوتيت باملاء يحدث تفاعل كيميائي يدعى الس���رپنتينية serpentinization. ويتم ذلك مبجرد تس������رب ماء احمليط إلى املسيف massif)2( حيث يصير املاء املرش������ح من خالل

هذا التفاعل أكث������ر قلوية، ويكون عند عودته واختالط������ه مبياه احمليط، غنيا بالكالس������يوم احملرر إبان العملية السرپنتينية. وباألخص يكون السائل مخفض التأكسد reduced)3(؛ إلى حد كبير. أي إنه يخسر جميع األكسجني فيه واس������تبدلت به غازات ذات طاقات عالية جدا كالهدروج������ني وامليث������ان والكبريت: إن تركيز الهدروجني في هذا السائل هو األعلى املقاس في بيئ������ات طبيعية حتى اآلن. وهكذا

يصبح املوضوع أكثر إثارة لالهتمام.

في البداية)٭٭(إن الهدروج������ني غن������ي بالطاق������ة نتيج������ة لقدرت������ه عل������ى نق������ل اإللكترونات إل������ى مواد أخرى كاألكس������جني وحترير طاقة في خضم هذه العملي������ة. وتوصف املواد التي متيل إلى إعطاء ف������وري إللكترونات بأنها مواد مختزلة )مرجعة( كيميائيا وهي تس������مية محيرة. وقد بعيد بدور مهم للغازات خمن العلماء منذ زمن املختزلة )املخفضة( التأكسد في نشوء احلياة عل������ى األرض، واقت������رح كل م������ن الكيميائي احليوي الروسي <A. أوپارين> وعالم األحياء التطوري البريطاني <S.B.J. هالدين> عام 1920 إمكانية وجود غزير للغازات املختزلة كامليثان والنشادر والهدروجني في جو األرض املبكر. وافترضا أن التركيز املرتفع للغازات املختزلة سيعمل على تشكل مكونات احلياة الكيميائية

بطريقة عفوية.لق������د جن�������م ع�����ن التج������رب��������ة الش�����هي���رة

ل� <S. ميلر> و<H. يوري> ]من جامعة شيكاغو[ والت������ي أجري������ت ع������ام 1953، اقتن������اع العديد م������ن العلماء به������ذه الفرضي������ة. إذ متكنا عبر تس������خني غازات مختزلة )مرجعة( وتعريضها لش���رارات sparks كهربائية من إنتاج طيف من املركبات العضوي������ة )معظمها يحوي الكربون والهدروجني( اشتملت على األحماض األمينية؛ وهي الوحدات األساس������ية املؤلفة للپروتينات

املستخدمة لدى جميع األحياء على األرض.إال أن������ه بع������د مضي س������نوات من جتربة <ميلر ��� يوري> تب������ني للجيولوجيني أن اجلو

الذي ساد على األرض لم يكن مختزال بالقدر الذي توقعه الباحث������ان. ويعتقد العلماء اآلن أن ش������روط التجرب������ة التي س������محت بتكوين األحم������اض األميني������ة واملركب������ات العضوية األخرى رمبا لم تتحقق قط في جو األرض. في املقاب������ل جند أن مثل ه������ذه الغازات

املدينة املفقودة ...)٭٭٭(كل من املدينة املفقودة واملداخن

السوداء عبارة عن ينابيع حارة. وفيما عدا ذلك فهما

مختلفان جدا. وترد في األسفل بعض الصفات التي متيز

املدينة املفقودة.

< تتوضع 15 كيلومترا غرب البراكني في ارتفاعات وسط األطلسي

< تبلغ درجة حرارة املاء 90 درجة مئوية

< درجة احلموضة شديدة القلوية

< تشكل كربونات الكالسيوم املداخن البيضاء

< بعض أشكال احلياة تعمل مستقلة عن طاقة الشمس

CrADLE of LIfE? )�(In the Beginning )��(Lost CIty ... )���(

)1( صخر ناري زبرجدي خشن احلبيبات.)2( كتلة صخرية.

)3( أو مختزل أو مرجع.

]اكتشافات[مهد احلياة؟)٭(

تقبع فتحات املدينة املفقودة على قمة حتت سطح املاء تعرف باسم »مسيف أطلنطس« على بعد 15 كيلومترا غرب حدود الصفيحة التكتونية في االرتفاعات وسط األطلسي. والدراسات التي أجريت حول هذه الفتحات بينت كيفية تشكل املداخن، وأشارت إلى أن الكيمياء السائدة فيها

هي من النوع الذي ولد احلياة املبكرة في األرض.يتكون »املسيف« من صخر معظمه مركب من الپريدوتيت. يتفاعل ماء البحر مع هذا الصخر إبان ترشحه عبر انشقاقات »املسيف« فيتحول إلى السرپنتينيت. وتقود عملية

التحول السرپنتيني عدة عمليات ذات أهمية في حتديد كيمياء املدينة املفقودة. فهي تعطي املاء الدافئ املترشح درجة حموضة قلوية ومتده بالكالسيوم. وعندما يظهر املاء في الفتحات

ويختلط مع ماء البحر تتشكل كربونات الكالسيوم وتترسب فوق

الفتحات مكونة مداخن بيضاء. كذلك يشحن التفاعل سائل

الفتحات بغازات غنية بالطاقة كالهدروجني، مما يسمح ألحياء

دقيقة مثل امليثانوجينات بالنمو حول وفي داخل جدار املدخنة، وذلك مبعزل عن طاقة الشمس.

وأخيرا يوفر التحول السرپنتيني شروطا كيميائية تسمح بتركيب مواد عضوية من مواد العضوية

وهي أحد املتطلبات الرئيسية لتطور احلياة.

قارة

حيد وسط األطلسي

املدخنات السوداءاملدينة املفقودة

Page 84: july_aug_2010_oloom

83 (2010) 8/7

... في مقابلاملدخنات السوداء)٭(

إن قرب املدخنات السوداء من املگما magma املتصاعدة يسهم

بشكل ملحوظ في السمات املميزة لهذه الفتحات والتي

تختلف بها عن املدينة املفقودة.

< موضعها في وسط ارتفاعات األطلسي حيث البراكني

< تبلغ درجة حرارة املاء 400 درجة مئوية

< درجة احلموضة شديدة

< تعطي فلزات الكبريت دخانا أسود وتشكل املدخنات

< ترتبط أشكال احلياة بطريقة غير مباشرة بطاقة الشمس

املختزلة ش������ائعة في بيئة الفتحات احلرارية املائية للمدينة املفقودة. فهل يحتمل أن تكون مث������ل هذه الفتحات قد وف������رت املواد الالزمة للحي������اة منذ بالي������ني الس������نني؟ مييل بعض اجليوكيميائيني الذين يتحرون هذا االحتمال إلى االعتقاد بصحة ذلك. وقد بينت دراسات عدة حول التفاعالت التي تتم في إطار التحول الس������رپنتيني قدرة هذا التح������ول على إنتاج مركبات عضوية انطالقا من غاز ثاني أكسيد الكربون. ويحتمل أن تكون منظومات حرارية مائية كالتي رصدت ف������ي املدينة املفقودة قد عملت كمصانع بدائية فأنتجت امليثان املزبد ومركبات عضوية بس������يطة أو حتى أحماض دسمة معقدة، وهي مكونات ضرورية ألغشية جميع األحياء اخللوية. وقد يكون باستطاعة تلك الفتحات توليد ه������ذه املركبات العضوية

من دون مساندة من الكائنات احلية. متث������ل املدينة املفق������ودة مختب������را طبيعيا الختبار تلك الفرضيات. وقد نشر الكيميائي <G. پروسكوروس������كي> ]م������ن معهد دراس������ة

احمليط������ات وودز ه������ول[ وزم������الؤه عام 2008

دراسة في مجلة Science أظهرت أن السوائل املائي������ة احلرارية في املدين������ة املفقودة حتوي بالفعل مركبات عضوية بس������يطة مثل امليثان واإليتان والپروپان. وتبنين من خالل دراسات أخرى أن التفاعالت في املدينة املفقودة تنتج مواد عضوية حمضية بسيطة مثل الفورمات واألسيتات )اخلالت(. وتؤكد هذه املكتشفات أن الوس������ط املخت������زل )املرج������ع( ف������ي املدينة املفقودة قد يدعم من������ط التفاعالت الكيميائية الضروري لتكوين مركبات عضوية من مركبات العضوية - وهي خطوة بسيطة، إال أنها حرجة

في الكيمياء السابقة لنشوء احلياة.ويؤس������س ه������ذا العمل اجلدي������د إلمكانية إنت������اج مركبات عضوية بس������يطة؛ على األقل كمكون������ات محتمل������ة للحياة؛ وذل������ك في بيئة الفتح������ات املائي������ة احلراري������ة. إال أن املدينة املفقودة ال متثل الترتيب املثالي الختبار هكذا فرضيات، ذلك ألن األبراج الكربونية ليس������ت مفاع������الت كيميائية عقيمة، بل هي في الواقع تعج بكائنات ميكروية حية؛ مما يولد احتمالية

... Vs. BLACK smoKErs )�(

-5.300

العمق باألمتار

-0

مسيف أطلنطس

سيل ماءاملدينة املفقودة

صدع

مدخنة

ماء معدل

سرپنتينيت

پريدوتيت

مقطع من »مسيف أطلنطس« في موقع فتحات املدينة املفقودة

Page 85: july_aug_2010_oloom

84(2010) 8/7

تش������كل املركبات العضوية في الفتحات عبر مس������اهمة امليكروبات. وهكذا تطلنب حل هذه

اإلشكالية دراسة امليكروبات ذاتها.

ال حاجة إلى شمس)٭٭(ط������ورت العديد م������ن األحي������اء امليكروية املق������درة عل������ى اس������تهالك الطاق������ة الوفيرة م������ن الهدروج������ني، ومتث������ل امليثانوجينات Methanogens منوذج������ا من تل������ك املجموعة.

وكما يش������ير االس������م فإن امليثانوجينات تولد امليثان، وهو الغاز الطبيعي والذي يستخدمه الكثي������رون منا في التدفئة وفي طهي الطعام. وقد تب������ني أن ثل������ث امليكروبات ف������ي املدينة املفقودة هي ميثانوجينات تنتمي إلى العائلة .Methanosarcinales ميثانوسارس���ينالس وال يستغرب وجودها نظرا لشيوع الهدروجني في سوائل الفتحات. واجلدير بالذكر هنا هو أن ه������ذه امليثانوجينات ف������ي املدينة املفقودة

تعمل بشكل مستقل عن الشمس.

ترتبط جميع أش������كال احلي������اة األرضية تقريبا بالطاقة الشمس������ية، سواء كانت هذه األش������كال بش������رية تعتمد على كائنات تقوم بالتركي������ب الضوئي إلنتاج الغ������ذاء، أو هي نباتات وطحالب تعتمد على التركيب الضوئي. وحتى ف������ي املدخنات الس������وداء ف������ي أحلك أعم������اق احمليطات ترتبط احلياة بالش������مس. فامليكروبات التي تدعم منو الديدان األنبوبية الضخمة، على س������بيل املثال، حتتاج إلى كل من الكبريت واألكس������جني. واملصدر النهائي لألكس������جني هي الكائن������ات ذات املقدرة على التركيب الضوئي في املناطق األعلى البعيدة. أما امليثانوجينات فجميع ما حتتاجه من أجل بقياها في املدينة املفقودة هو ثاني أكس������يد الكرب������ون وماء س������ائل والپريدوتي������ت، التي

تتفاعل لتشكل املكونات الفجة الضرورية. لق������د تب������ني للباحث������ني أن جمي������ع التفاعالت الكيميائية اجليولوجية الناجمة عن السرپنتينية ونش������اط امليثانوجينات احليوي تس������هم في تولي������د امليثان ل������دى بيئة املدينة املفقودة. ورمبا ال يكون هذا التوليد املتزامن للميثان مجرد صدفة. ففي إطار مجموعة من الدراسات متت في السنوات القليلة املاضية، أجرى كل من الباحث������ني الكيميائي احليوي <W. مارت������ني> ]من جامعة هايزي������خ ه���اين[

واجليوكيميائي <M. رسل> ]من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في پاسادينا[ اختبارات للمراحل الكيميائية الدقيق������ة والتي يتطلبها إنتاج امليثان الالحيوي. أي الذي يتم مبعزل عن نشاط املتعضيات في بيئة املدينة املفقودة. وتبني أن كل مرحلة الحيوية لصنع امليثان مت استنساخها في املسار احليوي للمتعضيات الت������ي تولد امليثان. اقت������رح كل من <مارتني> و<رسل> من خالل هذا العمل أن مواقع مثل املدينة املفق������ودة، أنتجت في مراحل األرض املبك������رة امليثان كيميائيا جيولوجيا)1( وأن األش������كال احلية األولية تبنت لنفس������ها هذه املراحل الكيميائية مما أدى إلى نش������وء أول

somE LIKE It hot )�(No sun Needed )��(

geochemically )1(

يدعم حتليل املكونات اجلينية لكائنات متباعدة فرضية نشوء احلياة في نظام بيئي مكون من الينابيع احلارة. ويحتمل أن يكون هذا النظام شبيها باملدينة املفقودة. وقد مت بناء

شجرة عائلة اعتمادا على تسلسل أسس الرنا توضح عالقة القرابة بني جميع أشكال احلياة على األرض. وكما هي حال امليثانوجينات في املدينة املفقودة والتي تنتمي إلى

عائلة Methanosarcinales تعيش الكثير من األحياء القريبة من جذر الشجرة في ينابيع حارة إما على اليابسة أو في قاع البحر، ومبقدورها العيش من الهدروجني )وهي املجموعات

املوضحة باللون األصفر(. ويفيد الطراز املتشكل بأن السلف جلميع أشكال احلياة في األرض سكن في بيئة كهذه.

]إثبات الدعم[البعض يفضل احلرارة املرتفعة)٭(

احليوانات النباتات

الهدبياتالفطر الغروي

ميكروسپوريديا

إيجابية الغرامالپروتيوبكتيريا

سيانوبكتيريافالڤوبكتيريا

ترموتوگا

البكتيريا

بكتيريا خضراء كبريتية

أكويفكسهيدروجينوبكتر

ميثانوپيروسمكورات امليثانو

الهالوفيليات )أليفة امللوحة(

جيوگلوبوس امليثانوبكتيريا

املكورات احلرارية

ترموپروتيوسترموفيلوم

سولفولوبوس

پيروديكتيوم

ميثانوسارسينا ميكروبات امليثانو

األصل األولي املشترك

بكتيريا خضراء كبريتية

حقيقات النوى

البدائية

الفطورايگلينو

ديبلوموناد

حصل على الدكتوراه في الكيمياء اجليولوجية في املعهد mIt عام 2008،

وتناولت أطروحته بشكل رئيسي موضوع اختبار املركبات العضوية

في األنظمة املائية احلرارية في املدينة املفقودة وفي احملمية الطبيعية

yellowstone. يعمل برادلي حاليا

في جامعة هارڤرد كزميل ملعهد Agouron حيث يجري أبحاثا تصل

حقلي البيولوجيا امليكروية والكيمياء اجليولوجية، كما يعمل من أجل

تطوير تقنيات تسهم في فهمنا لتاريخ األرض والبيئة.

املؤلف

Alexander S. Bradley

Page 86: july_aug_2010_oloom

85 (2010) 8/7

الترتيب الدافئ القلوي للس������وائل، الشبيه مبا ه������و متوفر في املدينة املفقودة، قد رعى عملية إطالق األش������كال األولى للحي������اة. فيما كانت الظروف احلارقة واحلمضية املشابهة لتلك

في املدخنات الس������وداء معادية إلى حد كبير لنشوء حياة.

وق������د جنم عن هذه املكتش������فات نش������وء احتماالت حول فرضيات املاض������ي أو احلال������ي احلي������اة م������ن أماك������ن أخرى ف������ي النظام الشمس������ي – فأي كوكب يحوي وامل������اء الپريدوتي������ت م������ن كال الس������ائل، وهي املكونات الالزمة

لعملي������ة الس������رپنتينية – ميكن أن يدعم أش������كاال من احلياة ش������بيهة

مبيكروب������ات املدينة املفقودة. وتش������ير أقوى الدالئل إلى وجود هذه املكونات في

.Europa املريخ وقمر املشتري املسمى أوروپاوبالفعل كشف الباحثون عن وجود امليثان في ج������و املريخ، إال أنه لم يتضح بعد فيما إذا كان منشأ هذا امليثان تفاعالت كيميائية في صخور

الكوكب أو نشاطا ميكروبيا أو كليهما.

البحث عن امليثان)٭(إن حتدي������د وجود امليثان قد يكون أصعب مما توقعه العلماء. فمعظ������م املتعضيات على ش������جرة احلياة هي ميكروب������ات. وعلى الرغم من إمكانية دراسة سالسل الدنا والرنا لهذه الكائنات إال أن م������ن الصعوبة مبكان العثور على س������جل أحفوري ملتعضيات ذات أشكال غامض������ة. ولهذا الغرض ط������ور الباحثون في العقود القليلة املاضية تقنيات تتيح التحري عن التاريخ التطوري للميكروبات الدقيقة وذلك من خالل الس������جل اجليولوجي الكيميائي عوضا عن األحفوري الفيزيائي )البنيوي(. فاألحافير الكيميائية هي جزيئ������ات ميكن تتبع أصولها إلى متعضيات حية وه������ي تدوم كأحافير في الصخور ملاليني ال بل حتى باليني الس������نني. ومعظم املواد الكيميائية األحفورية تتكون من

مسار كيميائي حيوي استقالبي.ل������م يكن كل من <مارتني> و<رس������ل> أول العلماء الذين اقترحوا إمكانية نشوء احلياة في الفتحات املائية احلرارية. بل وجدت هذه الفكرة منذ سنوات عدة، وال تدعمها الكيمياء املناس������بة في األنظمة املائية احلرارية وإمنا يدعمها السجل التطوري املوجود في جينات

)مورثات( genes جميع املتعضيات احلية.الريبوزوم���ات دراس������ة وف������رت وق������د ribosomes - وهي اآلالت احليوية املستخدمة

من قبل اخلاليا لترجم������ة املعلومات املكودة RNA ف������ي األحماض النووية الرنا encoded

والدن���ا DNA - إضاءات فيما يخص عملية نشوء احلياة هذه. تتكون الريبوزومات ذاتها من الرنا والپروتني. ومن خالل مقارنة تسلسل مكونات الرنا من النكليوتيدات متكن العلماء من بناء ش������جرة عائلة تظهر أوج������ه القرابة بني جميع املتعضيات. وتس������تهلك العديد من املتعضيات الواقعة في األغصان القريبة من جذر الش������جرة consume hydrogen، وتعيش في الينابيع احلارة في اليابس������ة أو في قاع البحر، مما يدل على أن الس������لف املش������ترك األقدم جلميع الكائن������ات احلية على األرض ينتم������ي إلى تل������ك البيئة أيض������ا. ويحتمل أن يكون من بيئة مشابهة لتلك في احلقل املائي

احلراري لدى املدينة املفقودة.لدى اجليولوجيني من األس������باب ما يبرر لهم ترجيح ش������يوع أمن������اط بيئات كتلك التي في املدينة املفقودة. ويعد الپريدوتيت من أكثر الصخور شيوعا في املنظومة الشمسية. وهو ميثل اجلزء األعظم في القشرة األرضية العلوية. وعلى الرغم من ندرة تشكل پريدوتيت جديد في سطح األرض احلالي إال أن ذلك كان شائعا قبل أربعة باليني سنة. ففي تلك احلقبة كانت األرض أسخن كثيرا مما هي عليه اآلن، وعملت فعاليات البراك������ني املتزايدة على نقل املزيد من غالف األرض املنصهر إلى السطح. وفي الواقع شكل پريدوتيت معظم صخور قاع بح������ر األرض الفتية. وهذا الصخر تفاعل مع املاء كما يح������دث اآلن. ومن احملتمل أن يكون

تهدف إحدى مهام مختبر العلوم الذي تنوي الوكالة ناسا إرساله إلى املريخ في عام 2011 إلى حتديد فيما إذا كان امليثان في الكوكب األحمر ناجما عن نشاط حيوي، وذلك من خالل دراسة

نسبة الكربون 12 إلى الكربون 13 في الغاز. إال أن دراسة املدينة املفقودة بينت أنه في ظروف معينة ال ميكن

متييز املنشأ احليوي من املنشأ اجليولوجي باستخدام نسبة نظائر

الكربون؛ أي أن اإلشارة السلبية لنسبة نظائر الكربون لن تنفي إمكانية

وجود حياة على املريخ.

sourcing methane )�(LIfE oN mArs? )��(

احلياة في املريخ؟)٭٭(

Page 87: july_aug_2010_oloom

86(2010) 8/7

مشتقات الدهون التي تشكل الغشاء اخللوي. وعلى الرغم من عدم احتواء هذه الدهون على كم املعلومات املتوافر ف������ي الدنا أو األحافير الفيزيائي������ة إال أنه������ا مؤش������رات حيوية ميكن االعتماد عليها، وقد حتتوي على بنى تشخص

هوية الكائن الذي أنتجها.كما أن عنصر الكرب������ون املكون للدهون ذات������ه يح������وي معلوم������ات، ألن فيه مؤش���را Marker يوضح كيفية اس������تخالص الكائنات

للكربون من البيئة. وهذا املؤشر هو الكربون 13، وهو ش������كل نادر م������ن العناصر ال يتغير

مع الزمن. والكرب��ون املوج����ود في األحي����اء يح���������وي ب������ني 1 و 3.5 في املئ������ة كربون 13، وهو يقل عن ذلك املوجود في ثاني أكس������يد الكربون احمللول في م������اء البحر. وبناء على ذلك، افترض العلماء أن الكربون الذي يفتقر إل������ى هذا الق������در من الكرب������ون 13 ناجم عن كائنات حية. وفي املقابل، يكون الكربون غير املفتق������ر إلى الكربون 13 املوجود في حجارة

قدمية ذا منشأ الحيوي.إال أن املدين������ة املفق������ودة تخط������ئ ه������ذا االفتراض. فقد تبني من خالل عملي في املعهد MIT أن منشأ إحدى أكثر املواد الكربونية في

املدينة املفقودة هو امليثانوجينات. ومع ذلك ف������إن هذه املواد الدهني������ة ال تظهر أي افتقار إلى الكربون 13. وبدال من ذلك، فإن الكربون 13 لتلك امل������واد الدهنية مماثل ملا هو متوقع

في املواد غير الناجمة عن متعضيات حية.كيف ميكن أن يكون ذلك؟ إن اس������تخدام الكرب������ون 13 كمتتب������ع للحي������اة يس������تند إلى افت������راض أن توفر ثاني أكس������يد كربون في البيئ������ة يتجاوز ما ميكن اس������تخدامه. وطاملا هناك فائض من ثاني أكسيد الكربون، تثبت املتعضي������ات الكرب������ون 12 األخ������ف املفضل وتنبذ الكرب������ون 13 األثقل. أما إذا كان ثاني أكس������يد الكربون قليال إلى ح������د ما، فيكون سعي املتعضيات موجها نحو التقاط كل ما توفر من جزيئ������ات الكربون بغض النظر عن ثقله. وفي حال حدوث ذلك، لن تختلف نسبة الكربون 13 في املتعضية عما هي في الوسط.

ولن يك������ون بإمكاننا اعتماد هذا الكربون في تعقب كيميائي لنشأة احلياة .

وهذا ما يح������دث بالفعل في فتحات املدينة املفق������ودة. وعلى عكس ما ه������و جار في جميع البيئات األخرى على كوكب األرض حيث يتوافر على الدوام الكثير من ثاني أكس������يد الكربون، يس������يطر الهدروجني في املدينة املفقودة ويندر وجود ثاني أكس������يد الكرب������ون. وهذا ما يدفع املتعضيات إلى نحو استخدام نظائر الكربون

carbon isotopes من دون متييز.

وإش������كالية االختفاء تنطب������ق أيضا على امليثان. فامليثان الناجم عن املتعضيات يظهر افتقارا كبيرا في الكربون 13، بعكس امليثان الناجم عن التفاعالت الكيميائية اجليولوجية. إال أن ه������ذا ال يظه������ر دائما ف������ي املنظومات الس������رپنتينية. فامليثان ف������ي الفتحات املائية لدى املدينة املفقودة ال يظهر االفتقار املعهود إلى الكربون 13. ويعرف الباحثون من خالل مشاهداتهم بأن هذا امليثان هو خليط منشؤه حيوي وجيولوجي، وب������أن النظائر الكربونية

لوحدها غير قادرة على متييزها.وفي حال تط������ورت احلياة في مكان آخر في املنظومة الشمس������ية فاألغلب أنها تتكون من ميكروبات ميثانوجينات تقبع في صخور عرضة للس������رپنتينية. ونحن نعلم أن امليثان ينتج في كوكب املريخ. وتخطط الوكالة ناسا إلطالق مختبر املري������خ العلمي في عام 2011 الذي تتمثل إح������دى مهماته بتحديد نس������بة نظائر الكربون للميثان؛ فافتقار ش������ديد إلى الكربون 13 سيكون مبنزلة مؤشر إلى وجود

متعضيات على هذا الكوكب األحمر.إال أن م������ا أظهرته األبحاث حول املدينة املفقودة يوضح جليا أن الفشل في احلصول على هذه اإلشارة ال يعني بالضرورة غياب هذه املتعضيات. وميثل اكتشاف ميكروبات تترعرع في ه������ذا النمط من األنظمة البيئية بالفع������ل حافزا آخ������ر نحو توق������ع أرجحية اكتش������اف إش������ارات حيوية في كوكب آخر

في املستقبل. <

مراجع لالستزادة

Scientific American, December 2009

Page 88: july_aug_2010_oloom

MEDiCiNE

Nanomedicine Targets CancerBy James R. Heath, Mark E. Davis and Leroy Hood

By viewing the body as a system of molecular networks, future physicians will be able to target disruptions in that system with nanoscale technologies and thereby transform the diagnosis andtreatment of malignancies and other diseases.

MEDiCiNE

Regaining Balance with Bionic EarsBy Charles C. Della Santina

Electronic implants in the inner ear may one day help patientssuffering from disabling unsteadiness.

BiOLOGY

The Rise and Fall of Nanobacteria By John D. Young and Jan Martel

Once believed to be the smallest pathogens known, nano bac ter ia have now proved to be something almost as strange.

ASTRONOMY

Cloudy with a Chance of StarsBy Erick T. Young

Making a star is no easy thing. Astronomers are filling in gaps inthe standard view of how stars arise.

ENERGY

Fusion’s False DawnBy Michael Moyer

As a historic milestone nears, skeptics question whether it will ever be possible to build a working fusion reactor that couldsupply virtually unlimited clean energy.

4

14

18

28

38

July / August - 2010 Volume 26 Number 7/8

Page 89: july_aug_2010_oloom

ENViRONMENT

Climate Change: A ControlledExperimentBy Stan D. Wullschleger and Maya Strahl

Scientists have manipulated grasslands and forests to see how precipitation, carbon dioxide and temper ature changeswill affect the future of the biosphere.

EVOLUTiON

The Naked TruthBy Nina G. Jablonski

Recent findings lay bare the origins of human hairlessness—and hint that naked skin was a key factor in theemergence of other human traits.

NEUROSCiENCE

The Brain’s Dark EnergyBy Marcus E. Raichle

Brain regions active when we allow our minds to wander may hold a key to understanding neurological disordersand even consciousness itself.

ADViSORY BOARD

Ali A. Al-Shamlan(Chairman)

Adnan Hamoui(Editor - In Chief)

Abdullah S. Al-Fuhaid(Deputy)

EDiTOR iN CHiEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate WongCONTRiBUTiNG EDiTORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson

ASSOCiATE EDiTORS, ONLiNE: David Biello, Larry Greenemeier NEWS REPORTER, ONLINE: John MatsonART DiRECTOR, ONLiNE: Ryan Reid

ART DiRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley

COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller

EDiTORiAL ADMiNiSTRATOR: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty

COPY AND PRODUCTION, NATURE PUBLISHING GROUP: SENIOR COPY EDITOR, NPG: Daniel C. Schlenoff COPY EDITOR, NPG: Michael Battaglia EDITORIAL ASSISTANT, NPG: Ann Chin MANAGING PRODUCTION EDITOR, NPG:  Richard Hunt SENIOR PRODUCTION EDITOR, NPG: Michelle Wright

PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch

PRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, OPERATIONS ANDADMiNiSTRATiON: Frances Newburg

VICE PRESIDENT, FINANCE AND BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSiNESS MANAGER: Marie Maher

Letters to the EditorScientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or [email protected] Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at www.ScientificAmerican.com/sciammag

48

54

64

72

80

ASTRONOMY

Eight Wonders of the Solar System By Edward Bell, illustrations by Ron Miller

Tour some of the most breathtaking views that await intrepid explorers of oursolar system.

ORiGiN OF LiFE

Expanding the Limits of LifeBy Alexander S. Bradley

How did life evolve? Analyses of a recently discovered type of hot vent ecosystem in the seafloor suggest newpossibilities.