الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

1

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

الدرس اللغوي عند عبدالقاهر الجرجاني1 في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة

الحمد لله رب العالمين، الذي جعلنا بالعربية ن��اطقين، وجع��ل لغتن��ا وع��اء لكتاب��ه الك��ريم، فحفظه��ا بحفظ��ه إلى ي��وم ال��دين، والص��لاةنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله، خير من نط��ق والسلام على نبي

بالعربية، فأوتي جوامع الكلم فكان أفصح الخلائق أجمعين.وبعـد:

ر ومنهج ق��ويم، في ض��وءف إن إعادة قراءة التراث اللغ��وي بفك��ر نيا؛ لمحاول��ة ا ومطلبا ملح النظريات اللغوية الحديثة صار أمرا ضروري فهم التراث وسبر أغواره واستكناه أسراره، ومعرفة مواطن قوت��ه ومنافذ قصوره، وإمكاني��ة اس��تغلال ذل��ك في ص��ياغة نظري��ة لغوي��ة

عربية تستمد أصولها من التراث، ولا تنفصل عن معطيات العصر. تتجلى أهمية هذه الورق��ة البحثي��ة في محاول��ة اس��تثمار النظري��ات اللغوية الحديثة في قراءة الموروث اللساني عند الشيخ عب��دالقاهر الجرجاني، والتأصيل لها في التراث اللغوي العربي؛ إذ تنطلق ه��ذه الدراسة من قاعدة مفادها: كيف يمكن الكش��ف عن أبع��اد ال��درس اللغ��وي الح��ديث في ال��درس اللغ��وي عن��ده، من خلال النظري��ات اللغوية المعاصرة ومدى كفاية هذه المناهج لدراس��ة العربي��ة، وإلى أي م��دى يمكن اس��تثمار ه��ذه النظري��ات في الكش��ف عن الآلي��ات المستعملة في الخطاب اللغوي في العربية؛ وفي ضوء هذا التصور يمكن الإفادة من تل��ك المن��اهج الأق��رب إلى دراس��ة لغتن��ا، ومن ثم رصد خصائصها وتفسير ظواهره��ا الخطابي��ة التواص��لية، كم��ا يمكن استثمار هذه المعطي��ات في الإنت��اج الفك��ري اللغ��وي ل��دى علمائن��ا

القدامى لاكتشاف جهودهم وأسبقيتهم لمثل هذه النظريات. أما من حيث المنهج فقد اعتمدت هذه الورقة على المنهج الوصفي للاس��تقراء والتحلي��ل؛ باعتب��اره أنس��ب من��اهج عل��وم اللغ��ة؛ إذ إن "مجالات البحث الوصفي كثيرة، وأية دراس��ة ص��وتية أو ص��رفية، أو نحوية أو دلالية لأحد مستويات العربية ق��ديما أو ح��ديثا تع��د دراس��ة

وقد جاءت الدراسة في مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث: 2وصفية.

د. أحمد إسماعيل عبدالكريم: دكتوراه الألسن في العلوم اللغوية بمرتبة1الشرف الأولى/ جامعة عين شمس.

ينظ��ر: م��دخل إلى علم اللغ��ة، د. محم��ود فهمي حج��ازي. دار الثقاف��ة. الق��اهرة2 بتصرف يسير.24، 23. ص 1978

2

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

ا، يحق��ق تضمن التمهيد الحديث عن اللغويات باعتبارها تراثا إنس��اني الاتصال والتعارف بين البشرية على اختلاف ألسنتهم. أما المب��احث

الثلاثة فكانت كالتالي:

3

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

المبحث الأول: عبدالقاهر الجرجاني والمدرسة التوليديةالتحويلية

المبحث الثــاني: عبــدالقاهر الجرجــاني ومدرســة فــيرث)السياقية(

ــة ــ ــاني والمدرس ــ ــدالقاهر الجرج ــ ــالث: عب ــ المبحث الثالتداولية

وقد تضمن كل مبحث من هذه المباحث بعض المطالب التي تندرج تحته، ثم ذيلت هذه الورقة بخاتمة تض��منت بعض م��ا توص��لت إلي��ه

من نتائج، وختمت بقائمة المصادر والمراجع. تمهيد:

لا شك أن الإمام عبدالقاهر الجرج��اني لعب دورا ب��ارزا في دراس��ة العربية من خلال قراءته الواعية للفك��ر اللغ��وي، مس��تمدا ذل��ك من حص��يلة ثقافي��ة واس��عة في النح��و واللغ��ة وعلومه��ا، جعلت��ه ي��درك ببصيرته الواعية مواضع القصور والعيوب في الدرس النح��وي عن��د معاصريه؛ حيث لح��ظ خ��روجهم عن مقص��دية اللغ��ة من حيث إنه��ا وس��يلة اتص��ال في المق��ام الأول، وق��د طغى المنهج الش�كلي على الدرس النحوي حينذاك؛ حيث اقتصر توجههم على "بيان أن الفاعل

ففص��لوا بين اللف��ظ1مرف��وع والمفع��ول منص��وب، ونح��و ذل��ك"}هم��ل المع��نى في دراس��ة الظ��اهرة والمع��نى، ولا س��يما بع��د أن أ اللغوي��ة تحت ت��أثير س��يطرة المنط��ق، الأم��ر ال��ذي أفق��د ال��درس

اللغوي وظيفته التواصلية وأساء إلى الدرس الأدبي. وانطلاق��ا من يقين الإم��ام عب��دالقاهر ب��أن اللغ��ة وس��يلة اتص��الاه��ا الن��اس، وتخاطب، ووعاء فكر، وليس هي غاية في حد ذاتها يتغي وأن ه��ذا لا يتحق��ق إلا من خلال ألف��اظ له��ا دلالات معين��ة يفهمه��ا المتلقي كما يريد المرس��ل من دون لبس أو غم��وض؛ حيث يق��ول:ما يكلم بعضهم بعضا؛ ليعرف الس��امع غ��رض المتكلم "إن الناس إن

. لأن الرسالة الإعلامية الكائنة في الكلام قوامه��ا ثلاث��ة2ومقصوده" أشياء جمعها الخطابي في قول��ه: "لف��ظ حام��ل، ومع��نى ق��ائم ب��ه،

والرب��اط كم��ا يفهم من العب��ارة ه��و الس��ياق3ورب��اط لهم��ا ن��اظم"الواردة فيه العبارة أو الرسالة بمفهومها الواسع.

116/ 4 الموافقات للشاطبي، 1 357 دلائل الإعجاز، ص 2 26 ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، ص 3

4

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

ولما كان الأمر كذلك فقد اتخذ الجرجاني "المع��نى" القاع��دة ال��تي يستمد منها دراس��ته للغ��ة وعلومه��ا، ف��راح يؤك��د أن الألف��اظ خ��دم للمع��اني، وه��ذا ب��دوره ق��اده إلى ال��دور ال��ذي تق��وم ب��ه العلاق��ات السياقية في إب��راز المع��نى وتحدي��ده؛ حيث يق��ول: "إن الألف��اظ لادة، ولا من حيث} هي كلم مف��ردة، تتفاضل} من حيث هي ألفاظ مجر

،1وأن الفض�يلة وخلافه�ا، في ملائم�ة مع�نى اللفظ�ة لمع�نى التي تليه�ا" وه��و : "ه��ذه اللفظ��ة} فص��يحة"، إلا وذلك لأنك لن "تجد أح��دا يق��ول}

2يعتبر} مكانها من النظم، وحسن م}لائمة معناها لمعاني جاراتها..."

تكاد تتفق المدارس اللسانية المعاصرة مع الدراسات التراثية للغ��ة من حيث إن اللغة ظاهرة إنسانية وأنها وسيلة اتصال ووع��اء فك��ر، ول��ذا حظيت باهتم��ام العلم��اء واللغ��ويين على مختل��ف جنس��ياتهم��ا والن�اس جميع��ا من جل��دة واح�دة يحت��ويهم وألسنتهم، وليس غريب رحم واحد، أن تبقى نقطة التقاء بين فك��رهم اللغ��وي، فتنبث��ق عن��ه النظريات اللغوية وظواهرها على بعد المس��افات واختلاف الألس��ن واللهجات، ويبدو ذل��ك واض��حا في التق��ارب - مثلا - بين عب��دالقاهر الجرجاني وتشومسكي، ودي سوس��ير، وف��يرث، والت��داوليين، ومن لف لفهم من اللسانيين المحدثين والمعاصرين، في دراستهم للغ��ة من خلال نظري��اتهم اللغوي��ة: نظري��ة النظم، والتوليدي��ة التحويلي��ة،

والسياقية والتداولية. إن من يطل���ع على النظري���ات اللغوي���ة يج���د اتفاق���ا ش���ديدا بين المدارس اللغوية؛ ح��تى ليظن أن ثم��ة ت��أثيرا وت��أثرا بين الفك��رين، وقد يبدو الش��به واض��حا بين عب��دالقاهر وتشومس��كي، في الفك��رة والتطبيق، فبينما ينظر الجرجاني إلى النظم - مرتك��زا على مع��اني النح��و - وق��د اعت��بره الإبان��ة على مختل��ف المع��اني الموج��ودة في الكلام، ووظيفت��ه تتع��دى ذل��ك إلى بي��ان حس��ن الج��ودة وتعلي��ل

. كذا الأمر م��ع نظري��ة "ف��يرث" س��يجد تطابق��ا ش��ديدا بين3الرداءة المنهجين، مما يق��وده للحكم بأن��ه لا ب��د من ح��دوث نق��ل أو تقاب��ل والتقاء أو تتلم��ذ، والأم��ر واض��ح تمام��ا عن��د الت��داوليين، فم��ا أش��به المبادئ التداولية بما ج��ادت ب��ه قريح��ة الجرج��اني، وتم رص��ده في كتاب��ه القيم "دلائ��ل الإعج��از"، ومهم��ا يكن من أم��ر ف��إن ه��ذه

،3 دلائل الإعجاز، بتحقيق: محمود شاكر، مطبعة المدني، دار الم��دني بج��دة، ط 1 46م، ص 1992ه�/ 1412

44 السابق، ص 2 ينظر: التراكيب النحوية وس�ياقاتها المختلف�ة عن�د الإم�ام عب�دالقاهر الجرج�اني،3

219صالح بلعيد، ص 5

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

المدارس يجمعه�ا التحلي�ل اللغ�وي في ض��وء المواءم�ة بين اللف�ظوالمعنى.

6

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

المبحث الأول: عبدالقاهر الجرجاني والمدرسةالتوليدية التحويلية

يقصد بالمدرسة التوليدية مجموعة النظريات اللسانية التي وض��عها وطورها اللساني الأمريكي "نعوم تشومس��كي" وأتباع��ه من أواخ��ر الخمسينيات، وقد امتد تأثيرها ليشمل إضافة إلى حقل اللس��انيات، مجالات أخرى كالفلسفة، وعلم النفس، وتعتمد ه��ذه المدرس��ة في

}عرف بالقواعد التوليدية . وق��د اعت��برت1مناهجها على استخدام ما ي هذه المدرسة القواعد أساس النظري��ة التوليدي��ة التحويلي��ة؛ وذل��ك

والفك�رة2لأن القواعد التي تنظم النحو هي قواعد توليدية وتحويلية الأساسية التي توجه المنهج التوليدي هي سمة الإنتاجي��ة في اللغ��ة التي بمقتضاها يستطيع المتكلم أن يؤلف، ويفهم جملا جدي��دة غ��ير

. لذا فإن مرتكز المدرس��ة3متناهية لم يسبق له أن سمعها من قبل التوليدية يتمحور حول حرية متكلمي اللغة في الإب��داع وإنت��اج ع��دد غير متناه من الجم��ل، يق��ول ال��دكتور محم��ود فهمي حج��ازي: "إن الفكرة الأساس��ية في النح��و التولي��دي يتج��اوز مج��رد الوص��ف إلى محاولة تحديد "مجموع الإمكانات التعبيرية" في اللغة قيد الدراسة، وهذه الإمكانات كامنة عند مستخدم اللغة حتى يس��تطيع ب��المختزن لدي��ه منه��ا أن يفهم جملا وتعب��يرات لم يس��بق ل��ه أن س��معها أو

وانطلاقا من فرضية ملكة المعرفة اللغوية، والأداء اللغ��وي4قرأها" لدى أبناء اللغة بالس�ليقة؛ فإن��ه يمكن الوق��وف على أهم مظاهره�ا

في الدرس النحوي.= نظرية تشومسكي والجرجاني:

لقد استنتج تشومسكي أن جمي��ع اللغ��ات تتمت��ع بخص��ائص تش��ترك فيها، وكلها تحتوي على جم��ل نموذجي��ة، تتف��رع عنه��ا جم��ل أخ��رى ش��رط أن تك��ون خاض��عة للس��لامة النحوي��ة، أي أن تواف��ق الناحي��ة التركيبي��ة وقواع��د اللس��ان الخاض��ع للدراس��ة، والناحي��ة الدلالي��ة

، وانطلاق��ا من ه��ذه الفرض��ية؛ ف��إن ه��ذه5لم��دلولات ذل��ك اللس��ان النظرية التي ينادي التحويليون بمبادئها لا تختلف إجمالا مع م��ا ج��اء

،1 ينظر: مدخل إلى اللسانيات، محمد محمد يونس علي، دار الكت��اب، لبن��ان، ط1 82م، ص 2004

114 ينظر: قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، مازن الوعر، ص 2 83 مدخل إلى اللسانيات، محمد يونس، مرجع سابق، ص 3 123 مدخل إلى علم اللغة، ص 4 76 ينظر: مناهج البحث اللغوي عند العرب في ضوء النظريات اللسانية، ص 5

7

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

به عبدالقاهر من جهود نحوي��ة، ف��النحو الع��ربي يلتقي م��ع النظري��ةالتوليدية في عدة جوانب:

: ه��و أح��د الأس��س ال��تي أوحت إلى بعضالمنهج العقلي-1 الباحثين بالتشابه بين تشومس�كي وعب��دالقاهر، "وتلتقي اهتمام��ات تشومس��كي بق��درات الإنس��ان الذاتي��ة بالج��ذور العقلاني��ة للق��رنين السابع عشر والثامن عشر عن��د ديك��ارت ومن ش��ايعه ممن فهم��وا

ولا ش��ك أن1اللغة على أنها نظام مغل��ق من العلاق��ات الدائم��ة..." الفكر النح��وي يعتم��د على أس��س عقلي��ة، وه��ذا م��ا أك��ده ال��دكتور محمد عبدالمطلب بقوله: "إن المنهج العقلي هو الذي س��يطر على فكر عبدالقاهر ثم تشومسكي، فقادهما إلى اعتماد النحو التقعي��دي أساسا لإدراك القيم��ة الحقيقي��ة للص��ياغة وم��ا يمكن أن يتج��ه ه��ذا 2النحو من إمكانات تركيبية تقترب من الإنسان ومقاصده الواعي��ة"

وترى الدراسة أن التشابه بين العالمين ليس على إطلاقه، فالمنهج العقلاني عند الجرجاني ينبث��ق من دراس��ته للغ��ة إعج��از تحت��اج إلى كثير من التمعن في اختيار الألفاظ ونظمه��ا والتفنن في وض��ع ك��ل لفظ��ة في س��ياقها، أم��ا تشومس��كي، فعن��ده العقلاني��ة لا تتع��دى

السليقة التي طبعت ابن اللغة على تداولها. : قدرة ابن اللغةالتفريق بين الكفاية والأداء: فالكفاية-2

على فهم تراكيب لغته وقواعدها وقدرته من الناحية النظري��ة، على}درك الصواب منه��ا ب ويفهم عددا غير محدود من الج}مل، وي }رك أن يغ��وي الفعلي لفظ��ا أو كتاب��ة. لم أو الخطأ، وأما الأداء: فهو الأداء الل يخ��ف على عب��دالقاهر ه��ذا المب��دأ ال��ذي اعتم��ده تشومس��كي في نظريته، فق��د ع}��ني بالق��درة اللغوي��ة المتمثل��ة في الكف��اءة الذاتي��ة الكامنة، ال��تي يمتلكه��ا ك��ل متكلم أو مس��تمع جي��د للغ��ة، ال��تي من

شأنها أن تسمح لصاحبها بتوليد عبارات أو جمل لا نهائية. إح���دى المح���اور: البنيــة الســطحية والبنيــة العميقة-1

الرئيسة في النحو التوليدي؛ حيث أشار الدكتور خليل العمايرة إلى "البنية الس��طحية والبني��ة العميق��ة"عن��د تشومس��كي بقول��ه: "ي��رى تشومس��كي أن الجمل��ة ب��ؤرة التحلي��ل اللغ��وي من حيث علاقته��ا بالمعنى، وحقيقتها وجهان سطحي خ��ارجي ظ��اهر، وتح��تي ب��اطني

، والمع�نى كم�ا ي�رى العم�ايرة في "بنيته�ا التحتي�ة، أم�ا الش�كل3عميق" 75 قضايا الحداثة عند عبدالقاهر الجرجاني، د. محمد عبدالمطلب، ص 1 63 السابق، ص 2 البني��ة التحتي��ة بين عب��دالقاهر وتشومس��كي، د. خلي��ل العم��ايرة، مجل��ة الأقلام،3

90، ص 1983، 1بغداد، ع8

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

ثم يش��ير إلى أوج��ه الخلاف10فإنه يتحقق في تركيبه��ا الس��طحي" بين عب��دالقاهر وتشومس��كي بقول��ه: "ي��رى الجرج��اني أن المب��اني الصرفية التي تحتويها اللغة - أوضاع اللغة - وتحتاج إلى ش��يء آخ��ر لتكون قادرة على جعل الس�امع يع��رف غ��رض المتكلم ومقص��وده، المقصود الذي هو بالتأكي�د ليس مع�اني الكلم المف�ردة، فالكلم�ات

وذل�ك لأن البني�ة2وحدها لا تفيد حتى تؤلف ضربا خاصا من التأليف" العميقة يمكن فهمها من السياق الواردة في��ه؛ إذ إن العربي��ة وبني��ة الجملة فيها من تقديم وت��أخير، وتنك��ير وتعري��ف وغيره��ا ت��دل على معان دلالية، فيكون تحولها من سياق لآخر لا شك يغير في المع��نى الدلالي لها، ولذلك يش��ير الجرج��اني دائم��ا إلى أن قص��د المتكلم لا يظهر إلا من خلال التأليف الذي يمثل الس��ياق أو التعلي��ق على ح��د

العمي��ق عن��دقوله، ويؤكد ذلك العمايرة حين يشير إلى أن المع��نى عبدالقاهر يتمث��ل ب��المعنى ال��دلالي المتحق��ق عن مفه��وم التحوي��ل طبق��ا للمع��نى الموج��ود في ال��ذهن، في��أتي ت��رتيب الكلم��ات في

.3الجملة دالا على ترتيبها في العقلأم������ا تشومس������كي فيس������تخدم المص������طلح "التحوي������ل" )

Transformation،على أنه تركيب نحوي دون النظر إلى الدلالة ) "ليحدد ب��ه أص��ناف القواع��د ال��تي تق��وم بالعم��ل بع��د التوص��ل إلى

ومن هذا ينبغي ألا يتبادر إلى الأذهان4المكون الخاص ببنية العبارة" الاتفاق المطلق بين تشومسكي والجرجاني، فشتان بين دراس��تهما التطبيقي��ة الأولي��ة على لغ��تين لا يجتمع��ان، ويؤك��د ذل��ك م��ا قال��ه تشومس�كي نفس�ه: "ينبغي ألا يس�اء فهم الملاحظ�ات عن إمكاني��ة وجود اعتبارات دلالي��ة للدراس��ة النحوي��ة على أنه��ا تش��ير إلى دعم فكرة أن النظام القواع��دي يؤس��س على المع��نى، فالنظري��ة ال��تي

��ا على الش��كل دون الدلالة . وهك��ذا يمكن5أوجزته��ا اعتم��دت كلي الاستئناس بقول الدكتور رشيد العبيدي: "أن علاق��ة البني��ة العميق��ة هي علاقة جذرية بترتيب المعنى في الذهن، وه��ذا ال��ذي ع��بر عن��ه

.6قبل ما يقرب من ألف عام عبدالقاهر بقوة"

91 السابق، ص 1 92 السابق، ص 2 93 السابق، ص 3 379 اتجاهات البحث اللساني، مليكا أفتش، ص 4 124 البنى النحوية، لنعوم تشومسكي، ص 5 14 الألسنية بين عبدالقاهر والمحدثين، ص 6

9

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

مع��نى ه��ذا أن1الجملــة هي موضــوع الــدرس النحــوي-3 الجملة وحدة لغوي��ة أق��ل من الكلام، يفي��د الس��امع مع��نى مس��تقلا

. ومهم��ا2بنفسه سواء تركب هذا الق��در من كلم��ة واح��دة أو أك��ثر" يكن من أمر فإن الجرجاني وتشومس��كي متفق��ان على أن الجمل��ة تمث��ل الوح��دة اللغوي��ة الأساس��ية، وه��ذا م��ا أك��ده ال��دكتور محم��د

أما الدكتور مرتضى باقر فيرى أنهم��ا متفق��ان في الانطلاق3عباس "أنمن الجملة لكنهما مختلفان في التناول والتط��بيق حيث يق��ول:

تشابه الرجلين أهم��ه في الانطلاق من الجمل��ة مم��ا يجع��ل بعض��هم يعتق��د بتق��ارب المفه��ومين...ثم يق��ول: "وزاد من تل��ك الش��بهة أن الجرج��اني وتشومس��كي يلتقي��ان في اتخاذهم��ا الجمل��ة موض��وع

حيث يتمث���ل الاختلاف في أن تشومس���كي4درس���هما الأساس���ي" يتحدث عن الجملة أو البنية باعتباره��ا البني��ة النحوي��ة للغ��ة م��ا عن��د المتكلم/ الس��امع المث��الي، ومن ثم يتح��دث عن الجمل��ة النحوي��ة بصورتها المثالية، مجردة من كل أثر فردى كالمهارات الكلامية عند بعض الأفراد، أما الجرجاني فإنه ع}ني مباشرة بالإب�داع الف�ردي في الاستخدام اللغوي، بغي��ة استكش��اف ق��وانين ه��ذا الإب��داع الف��ردي،

، وبذلك اختل��ف تن��اول الجمل��ة بين5فقدم نظريته المعروفة بالنظمالجرجاني وتشومسكي.

ــالة والفرعية-4 ــية الأص : من أهم القض���ايا في النح���وقض العربي، فقد ذكروا عدة أصول، وجعلوا ما يقابله��ا فروع��ا "فق��رروا أن المصدر أصل المشتقات، وأن النكرة أصل والمعرفة ف��رع، وأن المف��رد أص��ل للجم��ع، وأن الم��ذكر أص��ل للم��ؤنث، وأن التص��غير

ويبدو ذلك واضحا في ال��درس6والتكبير يردان الأشياء إلى أصولها" اللغوي عن��د عب��دالقاهر، ب��ل إن��ه في ك��ل موض��ع من كتاب��ه "دلائ��ل الإعجاز" يشير إلى هذه القضية، بل زاد على ما قال به النح��اة من جعله للمعنى المعجمي، الذي هو أصل لمع��ان أخ��رى تتف��رع علي��ه، وتختلف باختلاف الس��ياق وق��رائن الأح��وال، وم��ا مع��نى المع��نى إلاا، وتع��د الأص��لية أو م��ا يع��رف فرع من أصل المعنى المعجمي أيض��

علم لغ��ة النص. المف��اهيم والاتجاه��ات، د: س��عيد بح��يري، الش��ركة المص��رية1. 2ص1997/ 1العالمية للنشر ط

في النحو العربي نقد وتوجيه، د/ مهدي المخزومي، نقلا عن محم�د أحم�د نحل�ة،2 449م ص 1981لغة القرآن الكريم في جزء عم � دار النهضة،�بيروت، ط/

29 ينظر: الأبعاد الإبداعية عند عبدالقاهر الجرجاني، دراسة مقارنة، ص 3 27 مفهوم البنية العميقة بين تشومسكي والدرس النحوي العربي، ص 4 28 ينظر: مفهوم البنية العميقة بين تشومسكي والدرس النحوي العربي، ص 5 43 منهج البحث اللغوي بين التراث وعلم اللغة الحديث، علي زوين، ص 6

10

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

بالتركيب الباطن، والفرعية أو ما يعرف بالتركيب الس��طحي مح��ور1النظرية عند التحويليين

يمث��ل العام��ل في النح��و الع��ربي العم��ودقضــية العامــل: -5 الفقري، وقد ولدت هذه الفكرة بميلاد النحو؛ إذ لا عم��ل بلا عام��ل، ولا أثر بلا مؤثر، فاختلاف حالات إع��راب الألف��اظ لم يكن عش��وائيا، ولكن لا ب��د من عام��ل يح��دث ه��ذا التغي��ير، ومن ثم حظيت قض��ية العامل باهتمام النحاة، حتى أن عبدالقاهر خصص لها مصنفا عنون��ه ب�"العوامل المائة"، ولم يتوقف على ذلك ب��ل إن توجيهات��ه اللغوي��ة في "دلائل الإعجاز" وغيره حين حديثه عن المس��ند والمس��ند إلي��ه، والمبتدأ والخبر، والجملة المنسوخة، ب��إن وك��ان، والفع��ل والفاع��ل والمفعول، والتقديم والتأخير، وغيرها من الظواهر اللغوية، م��ا ه��ذا كل��ه إلا بت��أثير العام��ل، ولم يقتص��ر اهتم��ام النح��اة الع��رب بقض��ية العام�ل في ال�درس النح�وي، ب��ل امت�د تأثيره�ا للغ�ويين المح�دثين أمث��ال تشومس��كي ال��ذي تنطل��ق نظري��ة رب��ط العام��ل عن��ده من منطلقين أساسيين هم��ا: الأث��ر والمض��مر، ولع��ل تشومس��كي على هذين تحتاج إلى إعادة صياغة العنصرين والتفاعل بينهم��ا ه��و ال��ذي دفعه إلى أن يجعل منهما قاعدة كلية يف��ترض فيه��ا أن العام��ل في المقول هو الفعل، والعامل في الفاع��ل ه��و م��ا يس��مى "الص��رفة"

حيث ي���رى2ال���تي تتض���من ص���فات التط���ابق وال���زمن والجهة تشومس��كي أن نظري��ة العام��ل والرب��ط الس��ياقي تمث��ل ذروة م��ا

.3توصلت إليه النظرية من اكتمالــل: 6 دراس��ة التحوي��ل عموم��ا في - دراســة وســائل التحوي

العربية أوسع وأعمق منها عند تشومس��كي، ولا يختل��ف عب��دالقاهر عن العلماء الع��رب ال��ذين عن��وا بالعربي��ة في دراس��تهم لظواهره��ا اللغوي��ة، كالح��ذف، والاختص��ار والاع��تراض والتق��ديم والت��أخير، والزي��ادة والاتس��اع، وذل��ك في ض��وء ش��روط النظري��ة التحويلي��ة،

حسب تقسيم أنواعها إلى قسمين: نحو: وضع الحركات على نهاية الكلم��ات المعرب��ة فيإجبارية: •��

ومعنى ذلك، أنه لا ب�د من التزام الأص�ل، وع�دم دخوله4اللغة العربية في حيز الجواز، كتقدم أدوات الاستفهام في العربية، والتزام أص��ل

12 تصريف الأفعال والمشتقات والمصادر، صالح سليم عبدالقادر، ص 1 أهمية الرب�ط بين التفك�ير اللغ�وي ونظري�ات البحث اللغ�وي الح�ديث، د. حس�ام2

31-30بهنساوي، ص 54 السابق، ص 3.40 ينظر: قواعد تحويلية للغة العربية ص4

11

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

الاستعمال فيما يحتمل اللبس، ومن ذلك يقول الجرجاني: "لا يجوز«، كذلك لا يج��وز م��ع أن يستوي الحال بين التقديم والتأخير مع »إلا 

 ما« .1»إن ومعنى هذا أنه يمكن تطبيقها ج��وازا، وه��ذه القاع��دةاختيارية: •��

معروفة في النحو العربي، كتقدم الخبر وجوبا، وجوازا، وك��ذا تق��دم المفع��ول ب��ه على الفاع��ل، وك��ل ذا مره��ون ب��أمن اللبس ووج��ود القرائن الدالة على المعنى النحوي، وطريقة النحو التح��ويلي ال��تي جاء بها تشومس��كي تتب��ع ع��ددا من العملي��ات النحوي��ة ال��تي تش��به

وقد ك��ان للظ��واهر2شبها غير بعيد كثيرا مما جاء في النحو العربي اللغوية عند الجرجاني نصيب من الاهتمام، فتناول ظ��اهرة التق��ديم والت��أخير، وق��ال: "ه��و ب��اب كث��ير الفوائ��د، جم  المحاس��ن، واس��عف، بعيد الغاية، لا يزال يفتر  لك عن بديع��ة، ويفض��ي ب��ك إلى التصر  لطيفة، ولا تزال ترى شعرا يروقك مسمعه، ويلطف ل��ديك موقع��ه، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولط��ف عن��دك، أن ق��د م في��ه ش��يء،

.3وحو ل الل فظ عن مكان إلى مكان" وتناول ظاهرة الحذف في مواضع متعددة، وقال عن هذه الظاهرة: "ه��و ب��اب دقي��ق المس��لك، لطي��ف المأخ��ذ، عجيب الأم��ر، ش��بيهمت عن بالس حر، فإنك ترى به ترك الذ كر، أفص��ح من ال��ذكر، والص��  الإفادة، أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنط��ق، وأتم  م��ا

�ا إذا لم تبن . وك�ذا الأم�ر في الظ�واهر النحوي�ة الأخ�رى،4تكون بيان كالفصل والوصل، والاعتراض، والق��ول بالزي��ادة، وغيره��ا، ولم تكن هذه الظواهر عنده بلا شروط، ولكنها مرهونة بأمن اللبس وتحقيق

الإفادة. وبهذا يمكن القول بأن الظواهر اللغوي��ة في العربي��ة ترتب��ط بالبني��ة العميقة في الجملة وتتعدى تصورات التحويليين في نظريتهم؛ حيث إن لهذه الظواهر في النحو العربي أسسها التي تت��واءم م��ع مرون��ة العربية واتساعها، فإذا ك��ان لك��ل لغ��ة خصائص��ها ال��تي تميزه��ا عنه يمكن الق��ول ب��أن النح��و الع��ربي يتم��يز على النح��و غيره��ا فإن التحويلي، فإذا ك��ان الح��ذف - مثلا - في نظري��ة النح��و التح��ويلي لا يقع إلا أن يكون للمحذوف مثي��ل في النص؛ ف��إن للح��ذف في نح��و العربية سببين أولهما تركيبي، والث��اني ح��الي أو مق��امي، وذل��ك أن

223 دلائل الإعجاز، ص 1 40 قواعد تحويلية في اللغة العربية، محمد الخولي، ص 2 77-76 دلائل الإعجاز، ص 3 100 دلائل الإعجاز، ص 4

12

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

}فهم من الس��ياق، والف��ارق الث��اني بين النح��و المح��ذوف يمكن أن ي العربي والتحويلي، هو فرق في الاهتمام، ففي ال��وقت ال��ذي ينظ��ره محاولة للوصول إلى معرف��ة فيه النحو العربي إلى الحذف على أن المحذوف؛ فإن النح��و التح��ويلي يب��دأ من الجم��ل الكامل��ة، ويطب��ق

والف��ارق0عليها قواع��د الح��ذف؛ ليص��ل إلى الش��كل الظ��اهري لها الثالث: أن في النحو التحويلي قواعد مح��ددة للح��ذف - أي ليس��ت مرنة كالعربية - أما في النحو العربي فلم تح��دد تل��ك القواع��د، ب��ل لقد أسندت تلك القواعد إلى ط��رفي الخط��اب، والعوام��ل الأخ��رى المساعدة والظروف المحيطة وملابسات الحال، والمقام��ات ال��تي

وقد تكون هناك فروق أخرى يتميز به��ا الح��ذف0يقال فيها الخطاب وهك��ذا10في نحو العربية عن النحو التحويلي تغيب عن ذهن البحث

الظواهر اللغوية في العربية. المبحث الثاني: عبدالقاهر الجرجاني وفيرث

)السياق( يعت��بر الس��ياق "مح��ور اهتم��ام علم اللغ��ة بص��فة عام��ة، ومن أهم المدارس التي اهتمت بالسياق مدرسة "فيرث" ح��ديثا، م��ع التأكي��د أن هذا الاهتمام بالسياق، ودوره في توض��يح المع��نى، لم يكن ولي��د المدارس الحديثة وحدها، بل اهتم به علماء العربية بداي��ة بس��يبويه

وذل��ك لم��ا2والم��برد وابن ج��ني والجاح��ظ والجرج��اني وغ��يرهم" للسياق من أثر كبير على مقصود دلالة المتكلم؛ إذ إن الجمل تأخ��ذ: "نظ��ام اللغ��ة نظ��ام متش��ابك معناها من س��ياق الكلام، وذل��ك لأن العلاقات بين وحداته، ومفتوح دوما على التجديد والتغيير في بنيات��ه المعجمية والتركيبية، حتى غدا تحديد دلالة الكلمة يحتاج إلى تحدي��د مجموع السياقات التي ترد فيها، وهذا ما نادت به النظرية السياقية التي نفت عن الص��يغة اللغوي��ة دلالته��ا المعجمي��ة، يق��ول م��ارتيني:

30"خارج السياق لا تتوفر الكلمة على المعنى"ه: "النظم اللفظي للكلم��ة وموقعه��ا من ذل��ك }ع��رف الس��ياق بأن وي

، ويشمل هذا النظم: الكلمات، والجمل الس��ابقة واللاحق��ة4النظم" 204 – 203 ينظر: آراء البصريين النحوية، للباحث، ص 1 0 علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق، دراسة تطبيقية على السور المكية، د2

105م، ص:2000ه�- 1421/ 1صبحي إبراهيم الفقي، دار قباء، ط مدخل إلى علم الدلالة، سالم شاكر، ترجمة: محمد يحي�اتن، دي�وان المطبوع�ات3

31م، ص: 1992الجامعية، الجزائر، كم�ال بش�ر، مكتب�ة الش�باب،0 دور الكلمة في اللغة، س�تيفن أولمن، ترجم�ة: د4

55- 54م، ص: 1988القاهرة، 13

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

للكلمة والتركيب، بل يشمل النص الذي ترد فيه، والتعبير المتضمن ؛ إذ ترتبط اللفظة في ذلك النظم بعلاقات سياقية1لذلك النص أيضا

. ويرتبط معنى اللفظة في الس��ياق2بما قبلها وما بعدها من كلمات بمعاني ك��ل م��ا يص��احبها من ألف��اظ تس��اعد على توض��يح المع��نى، سواء تقدمت تلك الألف�اظ على اللف�ظ أم ت��أخرت عن��ه، أم اكتنف��ه من جانبيه؛ لأن السياق هو الموقع الذي ترد فيه اللفظة في الجملةا من دلالات أخرى تكتس��بها من الس��ياقات … فتكتسب توجيها دلالي

.3المختلفة، فتكتسب مثلا معنى عرفيا أو تاريخيا فالباحث الم��دقق في أص��ول النظري��ة الس��ياقية يج��د ج��ذورها في الدرس اللغوي عند الجرجاني الذي أبدع نظري��ة النظم، وأوض��ح أن  السياق هو ت��رتيب الألف��اظ في الجمل��ة، وتأليفه��ا بحيث ت��أتلف م��ع ت��رتيب ه��ذه الألف��اظ ومعانيه��ا في النفس وال��ذهن والعق��ل، وق��د ر عن توافق اللفظ مع تناثرت أقواله في كتابه: "دلائل الإعجاز" فعب المع��نى، وع��بر عن م��دى الارتب��اط بين الكلم��ات بعض��ها ببعض، ومناسبتها للسياق والمقام الذي ت��ذكر في��ه بقول��ه: "أن لا نظم في الكلم ولا ترتيب، حتى يعل ق بعضها ببعض، ويبنى بعضها على بعض، وتجعل هذه بسبب من تلك، هذا م��ا لا يجهل��ه عاق��ل ولا يخفى على

. وقال في موضع آخ��ر مؤك��دا أهمي��ة الس��ياق في4أحد من الناس" اتساق التراكيب مبنى ومعنى: "واعلم أن  مم ا هو أصل في أن يدق  ح��د النظر، ويغمض المسلك، في توخ ي المعاني التي ع��رفت: أن تت أجزاء الكلام ويدخل بعضها في بعض، ويشتد  ارتباط ثان منها بأو ل، وأن تحتاج في الجملة إلى أن تضعها في النفس وض��عا واح��دا، وأن يكون حالك فيها حال الب��اني يض��ع بيمين��ه هاهن��ا في ح��ال م��ا يض��ع

. ولم يفت عب��دالقاهر الجرج��اني أن يرب���ط بين5بيس���اره هن���اك" المعنى والمبنى في السياق بقوله: "النظم هو توخي مع��اني النح��و

. فالكلم لا تأخ�ذ مواقعه�ا في س�ياق ال�تركيب6في معاني الكلم..."عفوا وإنما من خلال اتساقها في علاقات معنوية بينها.

55 دور الكلمة في اللغة، ص:1 233 ينظر: مناهج البحث في اللغة، ص: 2 ينظر: المعاجم اللغوية في ض�وء الدراس�ات اللغوي�ة الحديث�ة، محم�د أحم�د أب�و3

69 وعلم الدلالة، د: أحمد مختار عمر/ 121الفرج/ دلائ�ل الإعج�از في علم المع�اني، عب�دالقاهر الجرج�اني، تحقي�ق: د. عبدالحمي�د4

45 م، ص 2001ه� - 1،1422هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 68 دلائل الإعجاز، ص5 234 دلائل الإعجاز، ص 6

14

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

إن المدقق في النصوص الواردة عند عب��دالقاهر يج�د أن "النظري��ة السياقية" من بن��ات أفك��اره، وم��ا النظم إلا الس��ياق؛ إذ إن مفه��وم ظم س��وى تعلي��ق الكلم بعض��ها النظم عن��ده يؤك��د ذل��ك"ليس الن

.1ببعض، وجعل بعضها بسبب من بعض" أما النظرية السياقية لدى اللسانيين المحدثين في الغرب فلم ت��زد عما جادت به قريح��ة الجرج��اني في نظريت��ه "النظم" ب��ل إنه��ا هي ب��ذاتها، فبع��د رحل��ة طويل��ة في البحث اللس��اني في الم��دارس اللسانية في الغرب، في بداية النصف الث��اني من الق��رن العش�رين توصل العالم البريطاني "فيرث" ومن نحا نحوه إلى ما توصل إلي��ه

ه���( من "أن��ه لم يع��د ينظ��ر إلى الكلم��ات471عب��دالقاهر )ت: باعتبارها وحدات معجمية تش�غل مواق��ع نحوي��ة مح��ددة، وإنم��ا إلى شروط استخدامها في تلاؤم وانسجام مع الكلمات الأخرى ال��واردة

ب��أن المع��نى لا ينكش��ف "إلا منFirth ويص��رح ف��يرث 2في النص" إذ3"خلال تسييق الوح�دة اللغوي�ة، أي وض�عها في س�ياقات مختلفة

إن السياق يمنح الكلمة معنى واحدا؛ وهو الذي تدل عليه في سياق ن دون آخر، وقد يوحي السياق عند التأمل فيه بأكثر من دلال��ة. معي وبذلك يكون السياق مش��اركا لدلال��ة الكلم��ة المعجمي��ة في تحدي��د الدلال���ة العام���ة في النص؛ إذ لا يمكن التخلي عن مع���نى الكلم���ة المفردة؛ لأن في "كل  كلمة نواة صلبة من المعنى - ثابت��ة - ويمكن

.4تكييفها بالنص  ضمن حدود معينة" ومم��ا يج��در الإش��ارة إلي��ه أن نظري��ة الس��ياق أك��دت الوظيف��ة

Contextالاجتماعي��ة للغ��ة، فع}��رفت بنظري��ة س��ياق الح��ال of Situation ،"حيث نظرت إلى المعنى على أنه "وظيفة في سياق

والمقص��ود "بس��ياق الح��ال" ظ��روف الكلام وملابس��اته ال��تي يق��ال فيه��ا، ومن ثم ي��رى "ف��يرث" أن الاس��تعمال الفعلي للغ��ة في أي

جماعة لغوية محكوم بأمرين هما: Linguistic - الســياق اللغــوي 1 Context :وه��و ح��دث

مي عن��د ق��دامى علم��اء العربي��ة كلامي قوام��ه الأص��وات، وق��د س��} بالمقال، وقد ع}��رف بأن��ه: "البيئ��ة اللغوي��ة ال��تي تحي��ط بص��وت، أو

7 دلائل الإعجاز، ص 1 دلالة السياق بين التراث وعلم اللغة الحديث، دراسة تحليلية للوظ��ائف الص��وتية2

والبنيوية والتركيبية في ضوء نظري��ة الس�ياق، د. عب��دالفتاح عب��دالعليم البرك�اوي، 53من دون دار نشر، د. ت، ص

68م، ص: 1988/ 2 علم الدلالة، د: أحمد مختار عمر، عالم الكتب، بيروت، ط3 منهج البحث اللغوي بين التراث وعلم اللغة الحديث، د: علي زوين، دار الش��ئون4

94م ص: 1986/ 1الثقافية العامة، آفاق عربية، بغداد، ط15

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

إذ على الح��دث والتص��ور يتم1فونيم، أو كلمة، أو عبارة، أو جمل��ة" بناء الجمل والعبارات المنطوقة، وهو أيضا حصيلة استعمال الكلمة داخل نظام الجملة عندما تتساوق مع كلم��ات أخ��رى، مم��ا يكس��بها معنى خاصا محددا، فالمعنى في السياق ه��و بخلاف المع��نى ال��ذي يقدم��ه المعجم؛ لأن ه��ذا الأخ��ير متع��دد ومحتم��ل، على حين أن المع��نى ال��ذي يقدم��ه الس��ياق اللغ��وي ه��و مع��نى معين ل��ه ح��دود

وق��د س��بق الجرج��اني2واضحة وسمات مح��ددة غ��ير قابل��ة للتع��دد السياقيين الغرب الحديث عن السياق وأهميته في التحليل اللغ��وي في أكثر من موضع، قال: "فلو ك��انت الكلم��ة إذا حس��نت من حيث ة والشرف اس��تحق ت ذل��ك في ذاته��ا هي لفظ، وإذا استحقت المزي وعلى انفرادها، دون أن يكون السبب في ذلك حال لها مع أخواته��ا المجاورة له��ا في النظم، لم��ا اختلفت به��ا الح��ال، ولك��انت إم ��ا أن تحسن أبدا، أو لا تحسن أبدا. ولم تر قولا يضطرب على قائله حتى

 ر، وكي��ف ي��ورد ويص��در" . وق��ال في موض��ع آخ��ر:3لا يدري كيف يعب "ليس من عاقل يفتح عين قلب��ه، إلا  وه��و يعلم ض��رورة أن  المع��نى في "ضم  بعض��ها إلى بعض"، وتعلي��ق بعض��ها ببعض، وجع��ل بعض��ها بس��بب من بعض، لا أن ينط��ق بعض��ها في إث��ر بعض، من غ��ير أن

. فالواض�ح من كلام عب�دالقاهر الجرج�اني أن�ه4يكون فيما بينها تعل ق" يؤكد ض��رورة وض��ع اللفظ��ة في موض��عها المناس��ب واتس��اقها في البنية والتركيب؛ حيث تكون هذه العلاق��ات محكوم��ة بقواع��د اللغ��ة وأص��ولها، في ض��وء عنايته��ا ب��المعنى وتحقي��ق الفائ��دة. وم��ا قال��ه الجرج��اني في الس��ياق اللغ��وي ردده أص��حاب المدرس��ة الس��ياقية الحديثة، "النسق الذي تلتئم فيه الكلمات التي تمثل كل وحدة منها موقع��ا في الجمل��ة، وه��ذا يع��ني أن الس��ياق ليس مج��رد سلس��لة كلامية فقط، بل ه��و سلس��لة تفرض��ها المواق��ع ال��تي تش��غلها ه��ذه

. وبناء عليه، فق��د اتفقت5الكلمات والوظائف والعلاقات فيما بينها" المدرسة السياقية في الغرب مع ما قاله الجرج��اني، ومن ثم فإن��ه يمكن القول: إن عناصر السياق اللغوي تشمل: الوح��دات الص��وتية

م،1982 معجم علم اللغة النظري، محمد علي الخولي، مكتبة لبنان، بيروت، ط 1 156ص

2(( Halliday M.A.K )1961( Categories of the theory of grammer. Word, vol. 17, No. 3p. 267

42-41 دلائل الإعجاز، ص 3 295 دلائل الإعجاز، ص 45 Suzanne.F.R. )Ed( )1968:12-13(selected Papers of J.R. Firth

1952- 59.Longmans. London .16

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

والصرفية والكلمات ال�تي يتحق��ق به��ا ال��تركيب والس�بك، وطريق��ةترتيب هذه العناصر داخل التركيب.

Contextسياق الموقف-2 of Situation :وه��و يمث��ل المقام الذي جرى في الحدث الكلامي، وقد عرف��ه ال��دكتور محم��د الخ��ولي بقول��ه: "الس��ياق ال��ذي ج��رى في إط��اره التف��اهم بين شخص���ين، ويش���مل ذل���ك زمن المحادث���ة ومكانه���ا والعلاق���ة بين

.1المتح��ادثين والقيم المش��تركة بينهم��ا والكلام الس��ابق للمحادث��ة" المتكلم نفسه، أو المرسل، والمس��تمع: 2فعناصر هذا المقام عديدة

}ق��ال وفي أي وم��دى تقبل��ه للنص، وموض��وع الكلام، وفي أي ج��و ي}قال، وما ال��داعي لقول��ه، وغ��ير ذل��ك من مكان وأي زمان؟ وكيف ي العناصر التي يؤثر كل منه��ا ت��أثيرا مباش��را على كيفي��ة ق��ول الكلام وعلى تركيب��ه وعلى معاني��ه وعلى الغ��رض من قول��ه، وأث��ر النص الكلامي في المشتركين، كالاقتناع، أو الألم، أو الإغراء أو الس��خرية

. فهذه العناصر تشكل البؤرة الأس��اس في كش��ف3أو التهديد... إلخ المعنى من خلال الق��رائن المص��احبة للظ��روف الحالي��ة والمقامي��ة

0المتوافرة حال الحدث الكلامي أو الخطاب إن الناظر في اللغ��ة على وج��ه التقعي��د والوص��ف والتفس��ير ينتهي بالض��رورة إلى اعتب��ار المتغ��يرات الخارجي��ة ال��تي تكتن��ف الم��ادة

، وذلك لأن المعنى المعجمي ليس ك��ل ش��يء4اللغوية واستعمالاتها في إدراك معنى الكلام، فثمة عناصر غير لغوية ذات دخل كب��ير في تحدي��د المع��نى، ب��ل هي ج��زء من مع��نى الكلام، وذل��ك كشخص��ية المتكلم وشخصية المخ��اطب، وم��ا بينهم��ا من علاق��ات وم��ا يحي��ط

.5بالكلام من ملابسات وظروف ذات صلة به ( في دراسة المعنىcontextual approachإن المنهج السياقي )

( يش��ترط النظ��ر إلى المع��نى من خلال س��ياقFirthعن��د ف��يرث )

، وينظر: علم اللغة "مقدمة للقارئ الع��ربي"259 معجم علم اللغة النظري، ص 1 339ص

نايف خرما، ع��الم المعرف��ة،0 ينظر: أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، د2 ، وينظر: الاتجاه��ات المعاص��رة في الدراس��ات اللس��انية، أحم��د123الكويت، ص:

، وآراء البصريين178م، ص 2009ه�، 1430،� 1دراج، مكتبة الآداب، القاهرة، ط 345النحوية، للباحث، ص

نه�اد0 ينظر: نظري�ة النح�و الع�ربي في ض�وء من�اهج النظ�ر اللغ�وي الح�ديث، د3 م، ص:1980ه���- 1400/�� 1الموسى، المؤسسة العربي��ة للدراس��ات والنش��ر، ط

85 -87 28- 27 ينظر: اللغة والمعنى والسياق، جون لاينز، ص:4 88 نظرية النحو العربي، نهاد الموسى، ص:5

17

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

، أي الس���ياق ال���ذي يتش���كل في���ه الح���دث2، أو الظ���رف1الحالة ؛ إذ يحتوي الس��ياق على4، فتتأكد الوظيفة الاجتماعية للغة3الكلامي

"الكلم��ات والجم��ل الحقيقي��ة الس��ابقة واللاحق��ة … كم��ا ينبغي أن يش��مل - بوج��ه من الوج��وه - ك��ل م��ا يتص��ل بالكلم��ة من ظ��روف

ف���المعنى بحس���ب مفه���وم الس���ياق الواس���ع ه���و5وملابس���ات" ذل��ك أن "مع��نى المق��ال بحاج��ة إلى مع��نى؛7 أو المقام6الاستعمال

المقام … الذي يضم القرائن الحالية إلى ما في السياق من قرائن.9 فينشأ المعنى الاجتماعي الدلالي8مقالية"

لم تكن العناية بالموقف السياقي والقرائن الحالية المصاحبة وليدة النظرية السياقية الغربية، بل إنها تع��ود إلى عب��دالقاهر الجرج��اني، ويكفي أن ترد الألفاظ والعبارات الدال��ة على س��ياق الموق��ف على م��دار كتاب��ه "دلائ��ل الإعج��از" في مواض��ع متفرق��ة، فق��د "أدرك عب���دالقاهر أهمي���ة المق���ام ووردت عبارت���ا "مق���ام الاس���تعمال" و"مقتضى الحال" في كتابه "دلائل الإعجاز" بما يزيد على خمس��ين مرة في مختل��ف المواض��ع، وأب��رز ه��ذه الموض��وعات ال��تي ربطت

. كم��ا رك��ز عب��دالقاهر الجرج��اني بش��كل عمي��ق10بسياق الموقف" على مراعاة ما يدل عليه المقام والموقف الوارد فيه ال��تركيب من

خلال الأنماط التي بحثها وعرضها بالتطبيق. وقد كانت فكرة السياق بركنيه الأساسيين وه��و يتح��دث عن النظم الحكم في توجي��ه المع��اني وال��دلالات، حيث جع��ل س��ياق الموق��ف الحكم في توجيه المعنى المحدد ال�ذي يتغي�ا توص�يله المرس��ل إلى}وجه الكلام على غ��ير م��راده اللفظي، ويب��دو ذل��ك المستقبل، فقد ي

، نظرية النحو العربي في ضوء مناهج النظر اللغ��وي61 ينظر:علم الدلالة، بالمر 1 86 – 85الحديث، د. نهاد الموسى

.240 – 228 ينظر: اللغة والمعنى والسياق 2.167 ينظر: فقه اللغة في الكتب العربية، د. عبده الراجحي 3 ، دراس��ة المع�نى عن��د الأص�وليين، د. ط��اهر68 علم الدلالة، أحمد مخت��ار عم�ر، 4

213سليمان حمودة .57 دور الكلمة في اللغة،5.68 ينظر: علم الدلالة، أحمد مختار عمر، 6 ، ظلال المعنى بين الدراسات التراثي��ة وعلم اللغ��ة66 ينظر: علم الدلالة، بالمر، 7

.81/ 1990 / 5الحديث، د. علي زوين، آفاق عربية، ع ، وينظ��ر. اللغ��ة بين المعياري��ة42 اللغة العربية معناها ومبناها، د. تم��ام حس��ان، 8

.123والوصفية، د. تمام حسان ، السياق في الفكر اللغ��وي عن��د الع��رب، د.227 ينظر: مناهج البحث في اللغة، 9

.116 / 1992 � 4 � 3صائب أبو جناح، الأقلام ع 161 الدلالة السياقية عند اللغويين، ص 10

18

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

واضحا في تنبيهه إلى ما يبحثه هنا أنه ق��د لا يخط��ر على ب��ال؛ لأن��ه موضع فيه دقة وغموض؛ وذلك عندما يدل الكلام الواحد على أك��ثر من غرض، ويصبح حينئذ أقوى ما يكون وأعلق ما ترى ب��القلب لأن��ه لا يراد ب��الكلام ب��ه نفس معن��اه ولكن التع��ريض ب��أمر ه��و مقتض��اه،ه ليس في انضمام "ما" إلى يقول: "وليس ببعيد: أن يظ}ن الظان أنين لا ��رى النح��وي }بط��ل عمله��ا، ح��تى ت " فائ��دة أك��ثر} من أنه��ا ت "إن }زي��ل ه��ذا }ه��ا ههن��ا ي يزيدون في أكثر كلامهم على أنها "كافة"، ومكان

}ه }بطل . ويوض��ح الأم��ر ق��ائلا: "ثم اعلم أن��ك إذا اس��تقريت1الظن وي}�راد �ق م�ا ت�رى ب�القلب، إذا ك�ان لا ي وج�دتها أق�وى م�ا تك�ون} وأعلا بالكلام بعدها نفس} معناه، ولكن التعريض بأمر هو م}قتضاه، نح��و} أن��اب{ }��و الألب }ول ر} أ ��ذك م��ا يت نعلم} أن ليس الغرض} من قوله تعالى: }إن

،19]الرعد: }ذم الكفار} امع}ون ظاهر معناه، ولكن أن ي [ أن يعلم الس}قال إنهم من ف��رط العن��اد ومن غلب��ة اله��وى عليهم، في ح}كم وأن ي}م منهم في أن ينظ�����روا من ليس ب�����ذي عق����ل، وإنكم إن طمعت

}ولي الألب��اب }م كمن طمع في ذلك من غ��ير أ روا، كنت . ويعل��ق2ويتذك أستاذنا الدكتور البدراوي زهران على ذل�ك بقول�ه: "عب��دالقاهر هن��ا يترسم خطوات منهج متبع اليوم في الدرس اللغوي، وهو اس��تقراء الظ����اهرة في أوض����اعها ورص����د ك����ل حالاته����ا في مختل����ف

.3استعمالاتها..." وقد ضرب الجرجاني أمثلة متع��ددة، المع��نى الم��راد منه��ا ليس م��ا يدل عليه ظاهر اللفظ والبناء، وإنما معان أخرى ينبئ عنها الس��ياق ومقتض��ى ح��ال المتكلمين والمخ��اطبين والس��امعين؛ حيث يق��ول:}عين ب��ه ب هزل صار أداة في جد ، وكلام جرى في باطل ثم است "فر}ل ب��ه إلى ش��ريف، ب��أن }وص�� ب شيء خسيس، ت على حق ، كما أنه ر}

. وق��د ي��رد تعب��ير حس��ن في س��ياق4ض}رب مثلا فيه وج}عل مثالا له" ي��دل على عكس ظ��اهره، فيك��ون المق��ام ه��و الفيص��ل في تحدي��د معناه وكشف دلالته، ويضرب الجرجاني لذلك النوع فيقول: "ف��رب، كما عرفت من خ��بر }حق عليها الذم }ريد بها باطل، فاست كلمة حق أن لم ب ق��ول حس�� الخ��ارجي م��ع علي - راض��ون الل��ه علي��ه - . ور}ب ب��ه إلى ق��بيح، كال��ذي حكى الجاح��ظ ��ه حين تس��ب ن من قائل يحس}

354 دلائل الإعجاز، شاكر، ص 1 354 دلائل الإعجاز، شاكر، ص 2 ظ��واهر قرآني��ة في ض��وء الدراس��ات اللغوي��ة بين الق��دماء والمح��دثين، مط��ابع3

97- 96م، ص 1996، 3الطوبجي التجارية، ط 14 دلائل الإعجاز، شاكر، ص 4

19

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

ف، وه��و يومئ��ذ قال: "رجع طاوس يوما عن مجلس م}حم د بن يوس��} والي اليمن فقال: ما ظننت} أن قول: "سبحان الله" يك��ون معص��يةف عن رج��ل ، سمعت} رجلا أبل��غ ابن يوس��} لله تعالى حتى كان اليوم} كلاما، فقال رجل من أهل المجلس: "س��بحان الل��ه"، كالمس��تعظم

}غضب ابن يوسف" .1لذلك الكلام، لي وهكذا يبدو واض��حا أن ال��درس اللغ��وي عن��د عب��دالقاهر الجرج��اني توص��ل إلى أث��ر الس��ياق بش��قيه المق��الي والمق��امي في التحلي��ل اللغ��وي وتحدي��د المع��نى والدلال��ة الدقيق��ة للمب��نى قب��ل ظه��ور

المدارس اللسانية الحديثة بقرابة ألف عام.المبحث الثالث: عبدالقاهر الجرجاني والتداولية

يهتم الاتجاه التداولي بالدراسات اللغوي��ة خاص��ة "حيث تتلاقى في��ه على وجه معين جمل��ة مي��ادين من المعرف��ة المختلف��ة أهمه��ا: علم اللغ��ة الخ��الص، والبلاغ��ة، والمنط��ق، وفلس��فة اللغ��ة، وك��ذلك علم

.2الاجتماع، وغيرها من العلوم المهتم��ة ب��الجزء ال��دلالي من اللغ��ة" تع���ود ج���ذور التداولي���ة في اللس���انيات الحديث���ة إلى الفيلس���وف

م، غ��ير أنه��ا لم تص��بح1938 في الع��ام Morrisالأمريكي م��وريس }عتد به في الدرس اللغ��وي إلا في العق��د الس��ابع من الق��رن مجالا ي

ويرجع الفضل في ظه��ور التداولي��ة كمنهج ونظري��ة إلى 3العشرين" الفيلسوف الإنكليزي "أوستن" إثر صدور كتاب��ه الموس��وم ب���"كي��ف نصنع الأشياء بالكلمات"؛ حيث تتحدد عنده التداولية على أنها "جزء من دراسة علم أعم: هي دراسة التعامل اللغوي من حيث هو ج��زء

. فه��و هن��ا ينتق��ل من المس��توى اللغ��وي4من التعام��ل الاجتم��اعي" والنحوي والنفسي للغ��ة، إلى المس��توى الاجتم��اعي ودائ��رة الت��أثير

والتأثر، من خلال استعمال اللغة لتحقيق التواصل. ومما يجدر ذكره أن التداولية بمفهومها الذي تدور فيه هذه النظرية اللسانية، لم يكن غريبا على الدرس اللغوي في العربي��ة، بداي��ة من سيبويه ومن اقتفى أثره، ومن هؤلاء الش��يخ عب��دالقاهر الجرج��اني، ومن ثم قصدت هذه الورقة مناقشة بعض المظ��اهر التداولي��ة عن��د الجرجاني، وم��دى وجوده��ا عن��ده وكيفي��ة توظيفه��ا، وق��د ج��اء ه��ذا

14 دلائل الإعجاز، شاكر، ص 1 فرانس��وار أرمينك��و، ترجم��ة س��عيد عل��وش، مرك��ز الإنم��اء ،المقارب��ة التداولية2

.95القومي، ص آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاص��ر، د. محم��ود أحم��د نحل��ة، دار المعرف��ة،3

13، ص 2002الإسكندرية، مصر، .96، صفرانسواز أرمينكو، المقاربة التداولية 4

20

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

المبحث في ع��دة نق��اط: - مفه��وم التداولي��ة - الجرج��اني والفك��ر التداولي - المقصدية عن��د الجرج��اني - مراع��اة الس��امع والإف��ادة -

السياق - الأفعال الكلامية. مفهوم التداولية ومبادئها:

تعددت تعريفاتها بتعدد ص��لاتها ب��العلوم الإنس��انية المختلف��ة، وذل��ك حسب ترجمتها وتوظيفها، فغالب الدراسات المتخصص�ة يش�ير إلى

توج��ه مع��رفي يع��نى بخص��ائصpragmatiqueأن "البرغماتي��ة" اس���تعمال اللغ���ة وال���دوافع النفس���ية للمتكلمين، وردود أفع���ال المس��تقبلين والنم��اذج الاجتماعي��ة للخط��اب وموض��وعه، وذل��ك

.A ويعرفها آن م��اري دي��ير)1بمراعاة الخصائص التركيبية والدلالية"M.Dire( وفرانسوار ريكاناتي )F.Riccanatiبقولهما: "التداولي��ة )

هي دراس��ة اس��تعمال اللغ��ة في الخط��اب، ش��اهدة في ذل��ك على مقدرتها الخطابية فهي إذن تهتم بالمعنى كالدلالية وبعض الأش��كال

. وعرفه��ا"2اللسانية التي لا يتح��دد معناه��ا إلا من خلال اس��تعمالها" " بقول��ه: "تتط��رق التداولي��ة إلى اللغ��ةf.jakفرانس��يس ج��اك )

.3الخطابية والتواصلية والاجتماعية معا" أما في الدرس اللغوي العربي فيعرفها الدكتور ص��لاح فض��ل بأنه��ا: "الفرع العلمي المتكون من مجموع��ة العل��وم اللغوي��ة ال��تي تختص بتحلي��ل عملي��ات الكلام بص��فة خاص��ة، ووظ��ائف الأق��وال اللغوي��ة

. ف�العلم ال�ذي4وخصائص�ها خلال إج�راءات التواص��ل بش�كل ع�ام" يدرس العلاقة بين مستخدمي اللغة ه��و اللس��انيات التداولي��ة، وه��و تخص��ص لس��اني يهتم بالأدل��ة اللغوي��ة )المرس��ل، المرس��ل إلي��ه( وعلاقات التأثر والتأثير بينهما في ضوء ما ينتجانه من تحاور متصل،��ا أو موس��وعيا يجم��ع بين اختصاص��ات مما يعني كونها "علم�ا تلفيقي متعددة، فليس��ت التداولي��ة به��ذه المف��اهيم المتع��ددة علم��ا لس��انيا صرفا يقف عند البنية الظاهرة للغة، ب��ل هي على م��ا يؤك��ده ج��اك

( علم جديد للتواص��ل، يس��مح بوص��ف وتحلي��لJ.Mochlarموشلار)

مدخل إلى اللسانيات التداولي�ة، دلاش الجيلالي، ترجم�ة: محم�د يحي�اتن، دي�وان1. 54، ص 1992المطبوعات الجامعية، الجزائر،

2Froncois Recanati, naissance de la pragmatique , in quand dire c est faire ,p185

.42 آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، محمود أحمد نحلة، ص 3 بلاغ��ة الخط��اب وعلم النص، ص��لاح فض��ل، المجلس الوط��ني للثقاف��ة والفن��ون4

.10والآداب، الكويت، ص 21

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

وبناء إستراتجيات التخاطب اليومي والمتخصص بين المتكلمين في.1ظروف مختلفة"

ومن هنا فإن أشمل تعريف للتداولية هو دراسة اللغ��ة في س��ياقها، أي في الاستعمال أو في التواصل؛ لأنه يشير إلى أن المع��نى ليس شيئا متأص��لا في الكلم��ات وح��دها، ولا يرتب��ط ب��المتكلم وح��ده، ولا بالسامع وحده، وإنما يتمثل في تداول اللغ��ة بين المتكلم والس��امع في سياق محدد)مادي، اجتماعي، لغوي( وصولا إلى المعنى الكامن

لذلك انصب اهتمام المنظرين للتداولي��ة على عناص��ر.2في كلام ما العملية التواصلية اللغوي��ة ورك��زوا على المرس��ل وقص��ده ونواي��اه،

. ومن ثم يتض��ح أن3والمتلقي، والرسالة، والسياق، ثم أفع��ال اللغة التداولي��ة تهتم بع��دة مب��ادئ أهمه��ا: القص��دية، الفع��ل الكلامي،

والاستلزام الحواري، ومتضمنات القول، والإفادة، .... عبدالقاهر الجرجاني والتداولية:

القارئ في مؤلفات عبدالقاهر الجرجاني، يجده ق��د تن��اول ال��درس اللغوي من منظور مختلف إلى حد ما عن سابقيه، من حيث رعايته للمعنى في ضوء الوظيفة ال�تي تؤديه�ا اللغ�ة، ومن ثم اهتم بعلاق�ة اللفظ بالمعنى بمقصدية المتكلم مع ربط ذلك بالمتلقي، في ض��وء أمن اللبس، ولم يفت عب����دالقاهر الجرج����اني رعايت����ه للج����انب الاجتماعي للغة، بم�ا يتض�منه الكلام المنط��وق من س�ياق لغ�وي أو مقامي؛ حيث يلعب ذل��ك دورا كب��يرا في توض��يح المع��نى وأغ��راضا؛ ليع��رف م��ا يكلم بعض��هم بعض�� المتكلم؛ حيث يقول: "إن الناس إن

. لأن الرس��الة الإعلامي��ة الكائن��ة4السامع غرض المتكلم ومقصوده" في الكلام قوامه��ا ثلاث��ة أش��ياء جمعه��ا الخط��ابي في قول��ه: "لف��ظ

والرب��اط كم��ا يفهم من5حامل، ومعنى قائم به، ورباط لهما ناظم" العب��ارة ه��و الس��ياق ال��واردة في��ه العب��ارة أو الرس��الة بمفهومه��ا الواسع. وتكاد مؤلفات الجرجاني ولا سيما كتابه "دلائل الإعج��از" لا تخل��و ص��فحة من ص��فحاته بإش��ارة ت��دل على مب��دأ من مب��ادئ التداولية، كإش��ارة تع��ود إلى مراع��اة قص��د المتكلم، أو غرض��ه من

النص والسياق، استقصاء البحث في الخطاب الدلالي والتداولي، ت. ف��ان دي��ك،1. 13ترجمة: عبدالقادر قنيني، دار إفريقيا الشرق، الدار البيضاء،المغرب، دت، ص

14 السابق، ص 2 التصور التداولي للخطاب اللساني عند ابن خلدون، نعمان بوقرة، مجلة الراف��د،3

. 83، ص 2006يناير، 357 دلائل الإعجاز، ص 4 26 ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، ص 5

22

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

الخط��اب، أو مراع��اة ح��ال ض��من م��ا أطلق��وا علي��ه الإف��ادة، وهى الفائ��دة ال��تي يتحص��لها الس��امع والمتلقي من رس��الة المتكلم، أو الس��ياقات ال��تي ينتج ض��منها الكلام، وم��دى نج��اح عملي��ة التواص��ل اللغوي بين طرفي اللغة، وقد سبق عب��دالقاهر اللغ��ويين المح��دثين في دراس���ته لظ���اهرة الفع���ل الكلامي في اللغ���ة، والتمي���يز بين الأساليب والأغ�راض، وك�ذا في ب��ابي المس�ند والمس�ند إلي�ه، وهي تلميح��ات مبك��رة لظ��اهرة التراب��ط ال��دلالي بين المف��ردات، وه��ذه

الأسطر ستكشف أسبقية الجرجاني جوانب التداولية. القصدية عند عبدالقاهر:

ي��راد ب��ه في تص��ور نحاتن��ا الق��دامى، الغاي��ة التواص��لية ال��تي يري��د المتكلم تحقيقها من الخطاب وقصده من��ه، وعلي��ه تك��ون "مراع��اة الغ��رض من الكلام" في ع��رف غ��الب النح��اة، قرين��ة تس��اعد في تحديد الوظيفة النحوي��ة للكلم�ة وبي�ان دوره�ا في التحلي�ل النح�وي للجملة... وعليه فإن مصطلح القصدية يهتم بالقصد؛ إذ إن��ه الح��افز ال��رئيس في عملي��ة الكلام، ومن ثم يتش��كل الملف��وظ تبع��ا ل��ه ف�"مقص��د المنتج ه��و متابع��ة ه��دف م��ا من خلال النص...وب��المعنىا في السبيل الم��ؤدي إلى الأكثر مباشرة يعد إنتاج النص هدفا فرعي

فالقصد إذن ه�و اله�دف الأس�اس ال�ذي يق�وم1الهدف، وهو القصد عليه الكلام، فالقص��دية عن�د الت�داوليين مفه�وم واس��ع مس�تمد من الفلسفة التحليلية، فهي تمثل "جميع الأشكال المختلفة ال��تي يمكن أن يتوجه بها العقل أو يتعل��ق نح��و الأش��ياء أو الح��الات الفعلي��ة في

. وق��د ط��ور الت��داوليون ه��ذا المفه��وم، ليص��بح ش��بكة من2الع��الم" المف��اهيم المترابط��ة منه��ا مب��دأ التعاق��د، ومب��دأ القض��اء الم��زدوج،

. وتنقس��م القص��دية إلى3ومب��دأ الاس��تراتيجية، وتنظيم الخط��اب... قصدية عقلية: تمثل توجه العقل نحو العالم، وقصدية لغوي��ة: تمث��ل نية الإنسان التي قصدها من الملفوظ، والقصدية اللغوي��ة ج��زء من

.4القصدية العقلية، فهي الصورة المعلنة للقصدية العقلية

وق��د اهتم علماؤن��ا الأوائ��ل إلى أهمي��ة القص��د اللغ��وي في الكلام، وتشكيل الملفوظ بشكل ي��دعو للإعج��اب، فعلى س��بيل المث��ال ابن

. وق��د اعتم��د5هشام يعرف الكلام بقوله: "الق��ول المفي��د بالقص��د" 64 مدخل إلى علم لغة النص، ص 1 371 كيف يعمل العقل: القصدية، ص 2 في المتن والهامش 44 ينظر: التداولية عند العلماء العرب، ص 3 376 كيف يعمل العقل: القصدية، ص 4 363 مغني اللبيب، ص 5

23

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

النحاة العرب، على مبدأ "مراعاة غرض المتكلم من كلامه" بوصفه قرينة تداولية قوية في الدراسة اللغوية، وقد كان الجرجاني يعتم��د هذا المبدأ ويوظفه ويدافع عنه في فهم الجمل وال��تراكيب اللغوي��ة،��ا في بي��ان ولا سيما آيات القرآن الكريم، ب��ل وج��دناه يوظف��ه أحيان خط��أ أولئ��ك ال��ذين يخطئ��ون في فهم الخط��اب بس��بب إهم��ال

"الغرض". لا غرو أن المقصدية أو الغ��رض ل��ه دور ب��ارز في فهم الرس��الة، أو توجيهها التوجيه الص��حيح، يق��ول عب��دالقاهر: "لا يخفى على من ل��ه أدنى تمييز أن الأغراض ال��تي تك��ون للن��اس في ذل��ك لا تع��رف من ة على الألفاظ، ولكن تكون المعاني الحاصلة من مجموع الكلام أدل الأغراض والمقاصد. ولو كان ال��ذي يك��ون غ��رض المتكلم يعلم من اللفظ، ما كان لقولهم: "ضرب كذا مثلا لك��ذا"، مع��نى، فم��ا اللف��ظ "يضرب مثلا" ولكن المعنى. ف��إذا قلن��ا في ق��ول الن��بي ص��لى الل��ه

 �اكم وخض�راء ال�د من" ، إن�ه ض�رب علي�ه الس�لام1علي�ه وس�لم: "إيوء، لم يكن "خض��راء ال��د من" مثلا للم��رأة الحس��ناء في منبت الس��  المعنى أنه صلى الله عليه وسلم ضرب لفظ "خضراء ال��د من" مثلا

 ه من به مس ، فضلا عن العاقل" .2لها. هذا ما لا يظن ويورد عبدالقاهر أن الوظيفة الأساس للغة هي إقامة التواص��ل بين متكلميها، بل جعل هذه الحقيقة من الأمور البديهية ال��تي لا يختل��ف فيها اثنان يقول: "الد لالة على الشيء هي لا محالة إعلامك السامع اه، وليس بدليل ما أنت لا تعلم به مدلولا علي��ه. وإذا ك��ان ك��ذلك، إيا وكان مم ا يعلم ببدائه المعقول أن الن��اس إنم��ا يكلم بعض��هم بعض�� ليع��رف الس��امع غ��رض المتكلم ومقص��وده، فينبغي أن ينظ��ر إلى

. فالوظيفة اللغوية المقصودة هنا تشمل3مقصود المخبر من خبره" المعنى المراد تبليغه، وكل ما ل��ه تعل��ق ب��ه يق��ول: "إن  الألف��اظ؛ إذ كانت أوعية للمعاني، فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها، ف��إذا وجب لمعنى أن يكون أو لا في النفس، وجب لل فظ ال��دال  علي��ه أن يكون مثله أو لا في النط��ق. فأم ��ا أن تتص��ور في الألف��اظ أن تك��ون المقصودة قب��ل المع��اني ب��النظم وال��ترتيب، وأن يك��ون الفك��ر في النظم الذي يتواصفه البلغ��اء فك��را في نظم الألف��اظ، أو أن تحت��اج

(، وق��ال: رواه ال��دار قط��ني في272/�� 1 ذك��ره العجل��وني في كش��ف الخف��اء )1الأفراد، والعسكري في الأمثال، وابن عدي في الكامل.

280 دلائل الإعجاز، ص 2 347 - 346 السابق، ص 3

24

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

بع��د ت��رتيب المع��اني إلى فك��ر تس��تأنفه لأن تجيء بالألف��اظ على"... 1نسقها، فباطل من الظن 

من ه��ذا يتض��ح أن موافق��ة قص��د المتكلم ووص��وله إلى الس��امع أساس قبول الملفوظ، وأنه يمكن القول إن اللغ��ة عن��د الجرج��اني ليس���ت منظوم���ة من القواع���د المج���ردة من المع���نى والدلال���ة المق��ترنين بم��ا في نفس المتكلم، وإنم��ا اللغ��ة عن��ده: لف��ظ معين يؤدي���ه "متكلم معين" في "س���ياق ومق���ام معي���نين" وموج���ه إلى

"مخاطب معين" لأداء "غرض تواصلي معين". مراعاة السامع وتحقيق الإفادة:

ا على متكلم وقص��ده ومراعات��ه إذا كانت عملية الكلام تنبني أساس�� للسياق وح��ال الس��امع؛ ف��إن نجاحه��ا يتوق��ف على فهم المخ��اطب مقصود المتكلم، ومن ثم فالمخ�اطب حاض�ر في عملي�ة الكلام من

جانبين: الأول: مراعاة السامع له عند التعبير عن قصده وهذا ينبني - لاشك

- على إدراك المتكلم للمفاهيم المشتركة بينه وبين المخاطب. الثاني: فهم المخاطب لمقصود المتكلم، وتحقي��ق الفائ��دة وتفاعل��ه مع الملفوظ، تأثرا به أو إنجازا لمدلوله في الواقع... وه��و م��ا يع��بر عن فهمه لمقصود المتكلم، فالمخ��اطب ش��ريك للمتكلم في نج��اح التواص��ل؛ حيث إن "دلال��ة الملف��وظ تس��تلزم بالض��رورة معرف��ة

فالمخاطب يقوم بعمليات ذهني��ة2المتقبل بمقصد الباث التواصلي" متعددة لقراءة مقص��ود المتكلم، ول��ذلك أش��ار س��يرل إلى "كف��اءة

وذل��ك لأن الس��امع يمث��ل3السامع العامة في العقلانية والاستدلال" الطرف الثاني الذي لأجله أنتج الكلام، وهو القطب الذي يتحكم في نظم الكلام بالنظر إلى حاله، هذا الس��امع يخاطب��ه المتكلم بألف��اظ متع��ارف عليه��ا بينهم��ا، ويؤك��د ذل��ك مه��دي المخ��زومي بقول��ه: "والجمل����ة خاض����عة لمناس����بات الق����ول وللعلاق����ة بين المتكلم والمخ����اطب ولا يتم التف����اهم في أي لغ����ة إلا إذا روعيت تل����ك المناسبات، وأخذت العلاقة بين أصحابها بنظ��ر الاعتب��ار، ولن يك��ون

44 السابق، ص 1 ، ومن المفاهيم التداولية في كتاب س��يبويه، د. محم��د83 التداولية والحجاج، ص 2

1088البدري عبدالعظيم، ص ، ومن المف�اهيم التداولي��ة في كت��اب152 التداولية من أوستن إلى غوفمان، ص 3

سيبويه، نفسه 25

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

��ا غرض��ه م��ا لم يكن ح��ال المخ��اطب الكلام مفي��دا ولا الخ��بر مؤدي.1ملحوظا، ليقع الكلام في نفس المخاطب موقع الاكتفاء والقبول"

وقد اهتم التداوليون بمراعاة السامع وذل��ك لأن��ه حج��ر الزاوي��ة في عملية التواصل؛ إذ لولا وجود سامع أو مجموعة من الس��امعين لم��ا كان ثمة حاجة لمتكلم، وقد اهتم النحاة من لدن س��يبويه إلى وقتن��ا هذا، بمراعاة المخ��اطب أو المس��تمع وحال��ه، وم��دى ثقافت��ه لتلقي النص، وذلك بغية تحقيق الفائدة، وقد اهتم عب��دالقاهر به��ذا المب��دأ التداولي؛ حيث نلحظ عنده إشارات واض��حة، وفي ك��ل موض��ع من المواضع، ففي س��ياق حديث��ه عن الدلال��ة لم ينس التنوي��ه بمراع��اة ظروف المتلقي وحالته والفائ��دة، كحديث��ه عن الف��روق بين النك��رة والمعرفة والتق��ديم والت��أخير وغيره��ا من الظ��واهر التركيبي��ة، حين حديث��ه عن الف��روق الدلالي��ة بين الجم��ل الثلاث في "انطلاق زي��د" حيث يقول: "ومن فروق الإثبات أنك تق��ول: "زي��د منطل��ق" و"زي��د المنطل��ق"، "المنطل��ق زي��د"، فيك��ون ل��ك في ك��ل واح��د من ه��ذه

. ثم ي��بين2الأح��وال غ��رض خ��اص وفائ��دة لا تك��ون في الب��اقي" الجرجاني الف��روق في دلالات ه��ذه الجم��ل ال��تي يعتم��دها المتكلم بحسب حال��ة س��امعه بقول��ه: "وتم��ام التحقي��ق أن  ه�ذا كلام يك��ون معك إذا كنت قد بل غت أنه كان من إنس��ان انطلاق من موض��ع ك��ذا في وقت كذا لغرض كذا، فجو زت أن يكون ذلك كان من زيد. ف��إذا قيل لك: "زيد المنطلق"، صار الذي كان معلوما على جهة الج��واز، معلوما على جه��ة الوج��وب. ثم إنهم إذا أرادوا تأكي��د ه��ذا الوج��وب أدخل��وا الض��مير المس��م ى "فص��لا" بين الج��زأين فق��الوا: "زي��د ه��و

.3المنطلق" وق��د رب��ط الجرج��اني بين النظم والمتكلم والمتلقي، فوض��ع للنص شروطا، وللمتكلم أيضا، ولم يفته أن يشترط في السامع أن يك��ون ��ه لا عالما بلغة النص الذي يتلق��اه أو يتص��دى ل��ه، يق��ول: "واعلم أن يصادف القول في هذا الباب موقعا من السامع، ولا يجد لديه قبولا، حتى يك��ون من أه��ل ال��ذ وق والمعرف��ة، وح��تى يك��ون ممن تحد ث��ه نفسه بأن  لما يومئ إليه من الحسن والل طف أص��لا، وح��تى يختل��ف ��ة ت��ارة، ويع��رى منه��ا الح��ال علي��ه عن��د تأم ��ل الكلام، فيج��د الأريحي

 هته لموضع المزية انتبه.  ى إذا عج بته عجب، وإذا نب أخرى، وحت في النحو الع�ربي، نق�د وتوجي�ه، لمه�دي المخ�زومي، المكتب�ة العص�رية، ص�يدا،1

225م، ص 1964، 1بيروت، ط وقد فسر ذلك ولم نشأ ذكره خشية التطويل 120 دلائل الإعجاز، ص 2 120 دلائل الإعجاز، ص 3

26

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

فأم ا من كان الحالان والوجهان عنده أبدا على سواء، وكان لا يتفق د ظم" إلا الص حة المطلقة، وإلا  إعرابا ظ��اهرا، فم��ا أق��ل  من أمر "الن ما يجدي الكلام معه. فليكن من هذه صفته عندك بمنزلة من ع��دم ��ز الإحساس بوزن الشعر، والذ وق الذي يقيمه به، والط بع ال��ذي يمي صحيحه من مكسوره، ومزاحف��ه من س��المه، وم��ا خ��رج من البح��ر ك لا تتصد ى له، ولا تتكل ف تعريف��ه، لعلم��ك مم ا لم يخرج منه في أنة التي به��ا يج��د. فليكن  ه قد عدم الأداة التي معها يعرف، والحاس  أن

.1ق��دحك في زن��د وار، والح��ك  في ع��ود أنت تطم��ع من��ه في ن��ار" فالجرجاني هن��ا يش��ير إلى أهمي��ة دور الس��امع أو المتلقي في فهم الرسالة التي يوجهه��ا ل��ه المتكلم أو المرس��ل، ومن ثم يتطلب من المرسل مراعاة السامع، وثقافته ومدى تقبل��ه للنص المرس��ل، ولا ش��ك أن فهم المخ��اطب لكلام المرس��ل ورس��الته في ض��وء أمن اللبس أدى إلى الترخص في البنية والتركيب، فأجاز النحاة الح��ذف في الجملة، والاتساع والاختصار والتقديم والتأخير وغيرها مما ج��اء

ذكره عند عبدالقاهر من ظواهر لغوية. وهكذا يقوم مبدأ حال المخ��اطب ب��دور ب��ارز في وظيف��ة التواص��ل؛ لأن الرسالة رهين��ة فهم المتلقي وم��دى اس��تيعابه له��ا؛ حيث يق��ول م��ه بألف��اظ لا يع��رف ه��و معانيه��ا كم��ا الجرج��اني: "ومح��ال أن تكل

.2تعرف" = مراعاة السياق:

لا تبالغ ه��ذه الورق��ة حين تؤك��د أن الس��ياق ه��و اللغ��ة، واللغ��ة هي السياق، فالسياق هو العمود الفقري في الدرس اللغوي، وقد اعتبر الس��ياق من أول المب��ادئ ل��دى الم��دارس اللس��انية ال��تي وص��لت لدرجة النض��ج الفك��ري، بداي��ة من س��يبويه والجرج��اني والمح��دثين كفيرث وديبوجراند ودرسلر، والتداوليين، وذل��ك لأن الس��ياق يمث��ل همزة الوصل بين النص والمرسل والمتلقي، وق��د أولى الت��داوليون السياق بشقيه بصفة خاصة أهمية كبيرة؛ باعتب��ار التداولي��ة "اتجاه��ا}ع��نى ب��أثر التفاع��ل التخ��اطبي في موق��ف في الدراسات اللسانية ي الخط��اب، ويس��تتبع ه��ذا التفاع��ل دراس��ة ك��ل المعطي��ات اللغوي��ة والخطابية المتعلقة بالتلفظ وبخاص��ة المض��امين والم��دلولات ال��تي

.3يولدها الاستعمال في السياق"

191 – 190 دلائل الإعجاز، ص 1 262 دلائل الإعجاز، ص 2

27

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

ونظرا لما عرفه السابقون من لغويينا الع��رب عن أث��ر الس��ياق في كش��ف المع��نى وتحدي��د دلالت��ه؛ حيث تش��مل معتق��دات المتكلم ومقاص��ده وشخص��يته وتكوين��ه الثق��افي ومن يش��ارك في الح��دث اللغ��وي، والوق��ائع الخارجي��ة مث��ل الظ��روف المكاني��ة والزماني��ة والظواهر الاجتماعي��ة المرتبط��ة باللغ��ة، يق��ول ابن القيم الجوزي��ة: "السياق يرشد إلى تبيين المجمل وتعيين المحتم��ل، والقط��ع بع��دم احتمال غير المراد، وتخصيص العام وتقييد المطلق وتن��وع الدلال��ة، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غل��طك في نظره وغالط في مناظرت��ه ف��انظر إلى قول��ه تع��الى: }ذ}ق إن

��ريم}{ال��دخان: كي��ف تج��د س��ياقه ي��دل على أن��ه49أنت العزيز} الك.1الذليل الحقير

ولأهمية الس�ياق في التحلي��ل اللغ�وي عن�د الت�داوليين، ع}�د عن�دهم "النص الآخر" أو"النص المصاحب للنص الظاهر، وهو بمثابة الجسد

. باعتب��اره مفت��اح مغل��ق2الذي يربط التمثيل اللغوي ببنيته الخارجيةالنص، وكاش��ف أس��راره، وق��د "ف��رق ديبوجران��د بين مص��طلحي "

contextال��ذي يتض��من ال��دلالات الخارجي��ة وإنت��اج النص��وص " coواس��تقبالها، و - textويتض��من مكون��ات قواعدي��ة نحوي��ة ""

3ودلالات داخلية وصرف وأصوات"

وقد أطلق ف��ان دي��ك على الس��ياق "بأن��ه عب��ارة عن اتج��اه مج��رى وعلى ه�ذا فالس�ياق يع�د الفيص�ل في تحدي�د دلال�ة الألف�اظ4الأحداث"

في س��ياقها ال��واردة في��ه، فه��و ي��ؤدي إلى أم��رين: أولهم��ا: تحدي��د المعنى الدقيق للفظة، واستبعاد المعاني المحتملة ال��تي لا تناس��ب

conte وقد استعمل التداوليون مصطلح التم�ام الس�ياقي )5المقامxtual completes( ا لعملي���ة التأوي���ل ( بكون���ه مح���ددا رئيس���

interpretation")6

}ع��نى بالس��ياق المق��امي أك��ثر من وتجدر الإشارة إلى أن التداولية ت حاجته��ا إلى الس��ياق المق��الي؛ إذ إن الس��ياق المق��امي يتج��ه نح��و

،2 إحياء النحو، إبراهيم مصطفى، لجنة الت��أليف والترجم��ة والنش��ر، الق��اهرة، ط3 19م، ص 1990

10-9 بدائع الفوائد، لابن القيم الجوزية، المطبعة المنيرية، القاهرة، د.ت، ص 1 129 ينظر: الأفعال الإنجازية، ص 2 129 الأفعال الانجازية، ص 3 258 النص والسياق، ص 4 ، واللسانيات، المجال والوظيفة والمنهج، د.56 ينظر: علم الدلالة لبييرجيرو، ص 5

288سمير استيتية، ص 55 ومضات من التداولية، ص 6

28

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

الظروف الخارجي��ة المحيط��ة ب��الكلم س��واء من حيث الموض��وع أو والس��ياق يعت��بر في النظري��ة1المناسبة أو المشاركون في الحديث

التداولية المرتكز الأساس الذي تقوم عليه في التحليل اللغوي، كما يؤكد ذلك جبار سويس ح��نيحن بقول��ه: "والتداولي��ة بوص��فها س��ياقاا تقوم أساسا على تفسير النص بوص��فه سلس��لة من أفع��ال تواصلي كلامي��ة، ف��الوعود والتهدي��دات والتأكي��دات، والأس��ئلة والطلب��ات، والأوامر....إلخ هي أمثلة على الأفعال الكلامية، تق��وم بفع��ل كلامي

.2حيث تنطق بجملة أو بعدة جمل في سياق ملائم"ا في ومهم��ا يكن من أم��ر ف��إن جه��ود علم��اء العربي��ة ك��ان منص��ب اعتم��ادهم على الس��ياق لتوض��يح دلال��ة الكلام مرك��زا على قص��د المتكلم، والظروف والملابسات التي احتوت الموق��ف ال��ذي ج��رى في��ه الكلام، وق��د ك��ان "للس��ياق" النص��يب الأك��بر عن��د عب��دالقاهر الجرجاني، وق��د أش��ار أس��تاذنا ال��دكتور تم��ام حس��ان إلى أن أذكى محاولة في التاريخ لتفسير العلاقات الس��ياقية في ال��تراث الع��ربي

وق�د ب�دا3هي ما ذهب إليه عبدالقاهر الجرج�اني في نظري�ة النظم واضحا اهتمامه بسياق المقام فقد "جع��ل المق��ام من أهم الأس��س التي بنى عليها منهجه في دراسته، أي ربط الكلام بمقام اس��تعماله

��ا مقتض��ى حال��ه" وق��د وج��ه بعض الآي��ات القرآني��ة حس��ب4مراعي مقتضى المقام الذي وردت في��ه؛ حيث رص�د المق��ام أو م��ا يس�مى سياق الحال في تصديه لتفس��ير النص��وص وأن أغلب تطبيقات��ه في مج��ال الدلال��ة الس��ياقية يق��وم على تحلي��ل اللغ��ة في ض��وء رص��د

وهك�ذا ن�رى5علاقاته�ا بالس�مات والتغ�يرات في الع�الم الخ�ارجي" الجرجاني قد سبق اللسانيين المحدثين في تطبيق ه��ذا المب��دأ من مبادئ التداولية، من حيث رعايته الس�ياق بكاف�ة ص��وره، مقالي��ة أو

مقامية، وما يدخل في نطاقها.

219 ينظر: مدخل إلى علم اللغة، ص 1 29 الاتساق في العربية، دراسة في ضوء علم اللغة الحديث، ص 2 186 ينظر: معنى المعنى عند عبدالقاهر الجرجاني، ص 3 168 الدلالة السياقية عند اللغويين، ص 4 168 السابق، ص 5

29

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

:Speech actsالأفعال الكلامية: على رأس القضايا التي تهتم بها التداولية، وقد بين فيها "أوستن" )

J.Austinأن فك��رة مع��نى الق��ول لا تك��ون إلا في حال��ة تمثيلي��ة ) بمع��نى أن��ه يؤك��د أن لك��ل ملف��وظ بع��دا1للعالم بمعزل عن تلفظه

معينا، والاهتمام بالمتكلم أثناء إصدار الحدث الكلامي وتوخي حال��ة الس��امع وهيئت��ه، والاهتم��ام بم��دى إدراك الس��امع لم��ا يبلغ��ه ل��ه المتكلم، وم��ا ي��رمي إلي��ه من أغ��راض ومقاص��د نتبينه��ا من خلال القرائن اللفظية مع مراعاة ظروف إنجازه، وقد حلل أوستن الفعل اللغ��وي على أن��ه يحت��وي على ثلاث��ة أفع��ال يق��ع ح��دوثها في وقت

واحد: ــذيأ- ــوي أو اللفظي(: ال ــل اللغ ــول )الفع ــل الق فع

: 2بواسطته يتفوه المرء بشيء ما ويتفرع إلى ثلاثة أفعال فرعيةالصوتي: ويتمثل في التلفظ أو في إنتاج أصوات أو أفرع.-1 التبليغي: ويتمثل في كون هذه الأصوات والف��روع تت��وفر على-2

صورة معينة )كلمة( فضلا عن انتمائه��ا إلى لغ��ة مح��ددة وخض��وعهالقواعد هذه اللغة النحوية.

الخطابي: الذي يجع��ل ه��ذه الكلم��ات أو العب��ارات ذات دلال��ة-3معينة.

وفي ضوء تسميات أوستن وسيرل سنجد الكث��ير من النص��وص في دلائ��ل الإعج�از تحم�ل ملامح ب�ارزة في ه�ذا التقس�يم، ففي "فع�ل الق���ول" في تقس���يمه ال���وارد )ص���وتي وتبليغي وخط���ابي( نج���د الجرجاني قد فرق بين "نظم الح��روف" أي تنظيم أص��وات الكلم��ة الواح����دة، وبين نظم الكلام، أي: بن����اء الجم����ل وال����تراكيب من المفردات، ويق��ول عن نظم المف��ردات من أص��واتها المؤلف��ة له��ا: "وذل��ك أن نظم الح��روف ه��و تواليه��ا في النط��ق، وليس نظمه��ا بمقتض��ى عن مع��نى، ولا الن��اظم له��ا بمقت��ف في ذل��ك رس��ما مناه. فل��و أن  واض��ع ى في نظم��ه له��ا م��ا تح��ر  العقل اقتضى أن يتحر  اللغة كان قد قال: "ربض" مك��ان "ض��رب"، لم��ا ك��ان في ذل��ك م��ا

. وهذه تمثل الش��ق الأول من النظم، أم��ا الش��ق3يؤد ي إلى فساد"

125 حمو الحاج ذهبية، لسانيات التلفظ وتداوليات الخطاب، ص 1 مناهج البحث اللغوي عن��د الع��رب في ض��وء النظري��ات اللس��انية، نس��يمة ن��ابي،2

رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة مول��وي معم��ر، بإش��راف: 80م، ص 2011، 2010أ.د. صالح بلعيد،

42 دلائل الإعجاز، ص 330

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

حيث يق��ول عب��دالقاهر: "وأم ��ا "نظم1الثاني فهو قضية نظم الكلام الكلم" فليس الأمر فيه كذلك، لأنك تقتفي في نظمها آثار المعاني، ب المعاني في النفس. فهو إذن نظم يعت��بر  بها على حسب ترت وترت ظم" ال��ذي معن��اه فيه حال المنظوم بعضه مع بعض، وليس هو "الن فق. ولذلك كان عندهم نظ��يرا ضم  الشيء إلى الشيء كيف جاء وات حب�ير وم�ا أش�به ذل�ك"  س�ج والت�أليف والص� ياغة والبن�اء والوش�ي والت 2للن

فيقول: "مم ا يوجب3أما الشق الثالث فهو اعتبار الأجزاء مع بعضها اعتبار الأجزاء بعضها مع بعض، حتى يك��ون لوض��ع ك��ل  حيث وض��ع،

.4عل ة تقتضي كونه هناك، وحتى لو وضع في مكان غيره لم يص��لح" وه��ذه الأن��واع الثلاث��ة ال��تي ذكره��ا عب��دالقاهر تلتقي م��ع تقس��يم "أوستن" المتضمنة في "فع��ل الق��ول"، ويزي��د عب��دالقاهر على م��ا قال��ه أوس��تن من أن الش��ق الأول والث��اني خادم��ان للمع��نى؛ حيث

إنهما يكونان الفعل الدلالي. ويتمثل في إنجاز عم��ل م��ا بإنت��اج الفع��لالفعل الإنشائي: ب -

(.Intintionالإنش��ائي، ويتعل��ق الأم��ر هن��ا بتحقي��ق قص��د المتكلم ) وهذا الفعل يتضمن الدلالة القارة في��ه، ويك��ون الس��ياق والتداولي��ة والقرائن المصاحبة دليلا على معناه، وهو ما يطلق عليه الجرج��اني معنى المعنى، فهو مفهوم ب��اطن أو مفه��وم نفس��ي، ويق��ول: "وأن ة عليه��ا العلم بمواقع المعاني في النفس، علم بمواقع الألفاظ الدال

.5في النطق" ومن خلال م��ا أورده الجرج��اني من كلام��ه عن مع��نى المع��نى أو المعنى النفسي، نحاول قراءة ما قاله أوستن في مفهومه للمع��نى الثاني من خلال نظرية أفعال الكلام؛ حيث يقول: "حينما تتنازع في فائدة أية عبارة متلفظ بها كيفم��ا ك��ان نوعه��ا، وعلى ذل��ك يجب ألا��ا ق��د أكون مثلا مازحا، ه��ازلا أو في ح��ال كتاب��ة قص��يدة ولكن أحيان ينتابنا شعور بأن جدية العبارة إنم��ا ج��اءت من كونه��ا ق��د تلف��ظ بها فقط؛ لاعتبارات خارجي��ة ولق��رائن الأح��وال وأم��ارة ظ��اهرة تع��رب

وقال أيضا: "إن التلفظ بكلمات معينة أك��ثر 6كلها عن قصد باطني" ينظر: الألسنية بين عبدالقاهر والمحدثين، د. رشيد العبيدي، مجلة المورد، مجل�د1

8، ص 3/ ع 18 42 دلائل الإعجاز، ص 2 ينظر: الألسنية بين عبدالقاهر والمحدثين، د. رشيد العبيدي، مجلة المورد، مجل�د3

8، ص 3/ ع 18 42 دلائل الإعجاز، ص 4 45 السابق، ص 5 20 نظرية أفعال الكلام، ص 6

31

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

مم��ا يمكن أن يك��ون أداء لأم��ر ب��اطني نفس��ي مغ��اير، وه��و الكلام النفس��ي المغ��اير لم��ا ت��دل علي��ه في الخ��ارج الألف��اظ الموس��وعة الدالة، ويكاد يكون من الص��عب البرهن��ة على ذل��ك إلا أن��ه يجب أن

وكلام أوس��تن يؤك��د م��ا1أدعى أن هذا أمر واقعي يشهد له العيان"جاء به الجرجاني من القول بالمعنى الباطن أو معنى المعنى.

��ا رد فع��لالفعل التأثيري: الــذي ج��� - بواس��طته يح��دث وجوب بع�د ذل�ك ق�ام بتجميعه�ا )الأفع�ال اللغوي�ة( في2وتأثيرا لدى المخاطب

خمس فص���ائل تحت���وي على: أفع���ال لغوي���ة دال���ة على: الحكم، الممارسة الوعد، السيرة والعرض وبين أن ه��ذه الأفع��ال هي ال��تي تضبط مكانة أقوالنا داخل الحديث أو الحوار، وأما عن تصور سيرل

(Searleفقد حاول تعديل وتطوير نظرية الأفع�ال اللغوي�ة، وذل�ك ) بعد اطلاعه على دروس أستاذه "أوستن" فقسمها إلى قسمين:

: واعتم��د في��ه على مب��دأ اللغ��ة العادي��ة،فعـل كلام مباشر-1 ف�القول في نظ�ره3تلخصه العبارة المركزة التالية: القول هو العمل

شكل من السلوك الاجتماعي الذي تضبطه قواعد، مما يعني إنج��ازأربعة أفعال في الوقت نفسه.

فعل القول: ويتمثل في التلفظ بكلمات وجمل.-فعل الإسناد: يسمح بربط الصلة بين المتكلم والسامع.-فعل الإنشاء: يبين القصد المعبر عنه في القول.- فع��ل الت��أثير: ويمث��ل التأوي��ل ال��ذي يعطى للق��ول باعتم��اد-

العناصر المقامية. : الذي خصص��ه للتخيي��ل والاس��تعارةفعل كلام غير مباشر-2

وركز فيه س��يرل على البحث عن م��يزة الص��يغ الحقيقي��ة وأش��كال الأق��وال المجازي��ة، وتس��اءل عن ال��دواعي ال��تي تجعلن��ا نس��تخدم عبارات مجازية واستعارية، وتوصل إلى أنه يمكن أن تتوفر الأفعال غير المباشرة على سبيل المث��ال على الوظ��ائف التالي��ة: "تحاش��ي المحظورات، التحايل على حواجز غير مرغوب فيها، تف��ادي مطلب غير مبرر لمنزل��ة م��ا أو حق��ل م��ا، وخل��ق إمكان��ات واس��عة لل��ذات

بمع��نى أن��ه4والط��رف الث��اني للتمكن من الاهت��داء إلى مخ��رج..."

24 نظرية أفعال الكلام، ص 1 مدخل إلى اللسانيات التداولي�ة، الجيلالي دلاش، ترجم�ة: محم�د يحي�اتن، دي�وان2

24المطبوعات الجامعية، الجزائر، د.ت ص 24 ينظر: السابق، ص 3 31 المرجع نفسه، ص 4

32

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

يمكننا استبدال كلمة أو عب��ارة ب��أخرى للتعب��ير عن مع��نى لا ن��رغبالتلفظ به، من باب التلطف في المعنى أو العبارة.

لقد أدرك عبدالقاهر مفهوم الأفعال المباشرة وغير المباشرة، التي صنفت ضمن "نظرية الأفعال" برغم أنه لم يس��مها به��ذه الأس��ماء، ولكنه قسمها إلى قسمين، يقول في الدلائل: "الكلام على ضربين: ضرب أنت تصل من��ه إلى الغ��رض بدلال��ة الل ف��ظ وح��ده، وذل��ك إذا قص��دت أن تخ��بر عن "زي��د" مثلا ب��الخروج على الحقيق��ة، فقلت: "خرج زيد"، وبالانطلاق عن "عمرو" فقلت: "عمرو منطلق"، وعلى هذا القياس - ضرب آخر أنت لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكن يدل ك اللف��ظ على معن��اه ال�ذي يقتض��يه موض��وعه في

حيث يكون ه��ذا الكلام مباش��را، لا يحت��اج إلى فك��ر وروي��ة،1اللغة"��ا في  ن في الوصول إلى الغ��رض من��ه، ق��ال: "واعلم أن��ه إذا ك��ان بي الشيء أنه لا يحتمل إلا  الوجه الذي هو عليه حتى لا يش��كل، وح��تى لا يحتاج في العلم بأن ذلك حق ه وأنه الصواب، إلى فك��ر وروي��ة فلا ة ويجب الفضل إذا احتمل في ظاهر الح��ال  ما تكون المزي  ة. وإن مزي فس تنبو عن ذل��ك غير الوجه الذي جاء عليه وجها آخر، ثم رأيت الن الوجه الآخر، ورأيت للذي جاء عليه حس��نا وقب��ولا تع��دمهما إذا أنت

.2تركته إلى الثاني" وهكذا يتفق الجرجاني ورواد التداولية على أن الأفعال المباش��رة لا تحتاج إلى تبيين؛ حيث يستطيع المتلقي الوصول إلى م��راد المتكلم بإدراك��ه الق��وة الإنجازي��ة وم��راد المتكلم، أي "يف��ترض في الفع��ل المجازي المباشر أن لا تكون به حاج��ة إلى تب��يين لأي مع��نى زائ��د، فهو يقدم منطوقا محدودا واضحا لا يحمل التأويل ولا يقصده، وهذهمي الفع��ل في ض��وئها الخصيص��ة تنب��ع من المباش��رة ال��تي س��}

وهي تتمث��ل في: التأكي��د، والقس��م، والتعجب، 3بالإنجازي المباشر"والاستغاثة، والاستفهام بأغراضه الدلالية.

أما الأفعال غير المباشرة، فهي الأفع��ال ال��تي معناه��ا ال��دلالي ج��اء مخالفا الأصل، كما قرر الجرج��اني في نظري��ة النظم أن م��ا خ��الف الأصل يستلزم غير الظاهر، كما عرض للأفعال غير المباش��رة على

.4مستوى معنى الخطاب، وذلك عند التعبير بالمفهوم عن القصد 173 دلائل الإعجاز، ص 1 187 دلائل الإعجاز، ص 2 98 الفعال الإنجازية، ص 3 .... يق��ول الجرج��اني:51، ودلائل الإعجاز، ص 137 ينظر: الأفعال الإنجازية، ص 4

 ن��ا لا إلى غاي��ة، إلا  أن��ه على اتس��اعه ي��دور في  ساعا وتفن "اعلم أن لهذا الضرب ات33

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

وهكذا يمكن القول إن التداولية وأسس��ها ومبادئه��ا، ليس��ت جدي��دة على الدرس النحوي عن��د الع��رب ولا س��يما عب��دالقاهر الجرج��اني، فقد بدا واضحا أن اللسانيات الحديث��ة تك��اد تك��ون مت��أثرة بال��درس

اللغوي للعربية.

الخاتمة: ومن خلال القراءة السريعة في كتاب "دلائ��ل الإعج��از" لعب��دالقاهر الجرجاني، لمحاولة فهم التراث وس��بر أغ��واره واس��تكناه أس��راره، ومعرف��ة م��واطن الق��وة والض��عف في ال��درس اللغ��وي، ومواكب��ة التط��ور الم��ذهل في العل��وم الإنس��انية، ولا س��يما في اللس��انيات الحديثة والمعاصرة، يمكن لهذه الورقة إجمال ما توص��لت إلي��ه في

الآتي: أسس المناهج اللغوي��ة في الم��دارس الغربي��ة وأص��ولها أق��رب إلى الدرس اللغوي في العربية، حتى لا تبالغ هذه الورقة إذا قالت: إنه��ا مستمدة من الفكر النحوي الع��ربي، فم��ا أش��به النظري��ة التوليدي��ة التحويلي��ة - من حيث أسس�ها وقواع��دها - ب��الظواهر النحوي��ة ال�تي وردت في العربية، وما جاءت به نظرية "ف��يرث" الس��ياقية لم يكن}حكمت هذه النظرية بحذافيرها في العب��ارة: جديدا على العربية إذ أ "لكل مقام مق��ال"، وق��د تجلت ه��ذه النظري��ة عن��د الجرج��اني في اعتبارها قوام الدرس النحوي، كما أن المنهج التداولي يبدو متس��قا مع العربية، لاعتماده��ا الخط��اب والنط��ق قب��ل الكتاب��ة، واعتب��ار أن اللغة استعمال وتواصل في المق��ام الأول، وذل��ك لأن المع��نى ليس شيئا متأص��لا في الكلم��ات وح��دها، ولا يرتب��ط ب��المتكلم وح��ده، ولا

الأمر الأعم  على شيئين: »الكناي��ة« و»المج�از«. والم��راد بالكناي��ة هاهن��ا أن يري��د المتكلم إثبات معنى من المعاني، فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغ��ة، ولكن يجيء إلى معنى هو تاليه وردفه في الوجود، فيومئ ب��ه إلي��ه، ويجعل��ه دليلا علي��ه، مث��ال ذل�ك ق��ولهم: »ه�و طوي�ل النج�اد«، يري��دون طوي�ل القام�ة، »وكث��ير رم��ادحى«، والم��راد أنه��ا مترف��ة القدر«، يعنون كثير القرى، وفي الم��رأة: »ن��ؤوم الض��  مخدومة، لها من يكفيها أمرها، فقد أرادوا في هذا كل��ه، كم��ا ت��رى، مع��نى، ثم لم يذكروه بلفظه الخاص به، ولكنهم توص لوا إليه بذكر معنى آخر من شأنه أن يردفه

 جاد؟ في الوجود، وأن يكون إذا كان. أفلا ترى أن القامة إذ طالت طال الن وإذا كثر القرى كثر رماد القدر؟ وإذا كانت الم��رأة مترف��ة له��ا من يكفيه��ا أمره��ا،

51ردف ذلك أن تنام إلى الضحى؟.. دلائل الإعجاز، ص

34

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

السامع وحده، فصناعة المعنى تتمثل في تداول اللغ��ة بين المتكلموالسامع في سياق محدد وظروف بعينها.

وق��د خلص��ت ه��ذه الورق��ة إلى أن الإم��ام عب��دالقاهر الجرج��اني استطاع من خلال استلهامه التراث الع��ربي، واس��تيعابه المعطي��ات الثقافية واللغوي��ة ال��تي أتيحت ل��ه في ذل��ك العص��ر، إع��ادة ص��ياغة الدرس النحوي في ثوب جديد، موظف�ا الظ��روف المحيط��ة ب��النص في توص��يل الرس��الة الإعلامي��ة للمتلقي، وق��د كش��ف عن امتلاك العربية لأصول الدرس اللغوي الحديث، بما توصلت إلي�ه النظري�ات

اللغوية الحديثة.

المصادر والمراجع - الأبعاد الإبداعية في منهج عبدالقاهر الجرجاني )دراس��ة مقارن��ة( ال��دكتور محم��د عب��اس، دار الفك��ر المعاص��ر، ب��يروت، دار الفك��ر،

0م1999ه، 1420/ 1دمشق، ط - اتجاه���ات البحث اللس���اني، مليك���ا أف���تيش، ترجم���ة: د. س���عد عب��دالعزيز مص��لوح، ود. وف��اء كام��ل فاي��د، الهيئ��ة العام��ة لش��ؤون

0م 1996المطابع الأميرية، القاهرة، - الاتجاهات المعاصرة في الدراسات اللسانية، أحمد دراج، مكتب��ة

م، 2009ه�، 1430/ 1الآداب، القاهرة، ط - إحياء النحو، إبراهيم مصطفى، لجنة الت��أليف والترجم��ة والنش��ر،

م1990/ 2القاهرة، ط ن��ايف خرم��ا، ع��الم0 - أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، د

م1979، 2المعرفة، الكويت، ط - آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، د. محمود أحم��د نحل��ة،

.2002دار المعرفة، الإسكندرية، مصر،

35

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

- الأفعال الإنجازي�ة في العربي�ة المعاص��رة، دراس��ة دلالي��ة ومعجم ه���،1431سياقي، د. علي محم��ود حجي الص��راف، مكتب��ة الآداب،

م.2010 - الألس��نية التوليدي��ة والتحويلي��ة وقواع��د اللغ��ة العربي��ة )النظري��ة الألسنية(، د. ميشال زكريا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنش��ر

م.1986/ 2والتوزيع، بيروت، ط - بدائع الفوائ�د، لابن القيم الجوزي��ة، المطبع�ة المنيري�ة، الق�اهرة،

د.ت. - بلاغ��ة الخط��اب وعلم النص، ص��لاح فض��ل، المجلس الوط��ني

للثقافة والفنون والآداب، الكويت. - البنى النحوية، تشومس�كي، ترجم�ة: د. يؤي�ل يوس�ف عزي�ز، دار

م.1987/ 1الشئون الثقافية، بغداد، ط التداولية عن��د العلم��اء الع��رب، د.مس��عود ص��حراوي، دار الطليع��ة،

م.2005/ 1بيروت، ط - التداولية من أوستن إلى غوفمان، فيليب بلاتشيه، ترجمة: ص��ابر

م.2007/ 1الحباشة، دار الحوار للنشر والتوزيع، سورية، ط - التداولية والحجاج، د.صابر الحباشة، صفحات للدراسات والنشر،

م.2008/ 1سورية، ط - ال��تراكيب النحوي��ة وس��ياقاتها المختلف��ة عن��د الإم��ام عب��دالقاهر

الجرجاني، صالح بلعيد، - دراسة المعنى عند الأصوليين، د. ط��اهر س��ليمان حم��ودة، ال��دار

م.1983الجامعية، - دلالة الس�ياق بين ال��تراث وعلم اللغ��ة الح�ديث، دراس��ة تحليلي��ة للوظائف الصوتية والبنيوية والتركيبية في ضوء نظري��ة الس��ياق، د.

عبدالفتاح عبدالعليم البركاوي، من دون دار نشر، د. ت. - الدلالة السياقية عند اللغويين، د.عواط��ف كن��وش مص��طفى، دار

م.2007/ 1السياب، ط ��- دلائل الإعجاز في علم المعاني، عبدالقاهر الجرج��اني، تحقي��ق:

ه���،1422/�� 1د.عبدالحميد هنداوي، دار الكتب العلمي��ة، ب��يروت، طم.2001

- دلائ��ل الإعج��از، بتحقي��ق: محم��ود ش��اكر، مطبع��ة الم��دني، دارم.1992ه�/ 1412، 3المدني بجدة، ط

كم��ال بش��ر،0 - دور الكلمة في اللغ��ة، س��تيفن أولمن، ترجم��ة: دم.1988مكتبة الشباب، القاهرة،

36

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

- ذهبي��ة حم��و الح��اج، لس��انيات التلف��ظ وت��داوليات الخط��اب، دارم.2005الأمل، الجزائر،

- ظ���واهر قرآني���ة في ض���وء الدراس���ات اللغوي���ة بين الق���دماء /3والمحدثين، د. البدراوي زه��ران، مط��ابع الط��وبجي التجاري��ة، ط

.م1996 - علم الدلال���ة، ب���المر، ترجم���ة: مجي���د الماش���طة، الجامع���ة

م.1985المستنصرية، بغداد، - علم الدلال��ة، بي��ير ج��يرو، ترجم��ة: د. من��ذر عياش��ي، دار طلاس

م.1992للدراسات والترجمة، /2 - علم الدلال��ة، د: أحم��د مخت��ار عم��ر، ع��الم الكتب، ب��يروت، ط

م.1988 - علم اللغ��ة "مقدم��ة للق��ارئ الع��ربي" د. محم��ود الس��عران، دار

م.1996المعارف، - علم اللغة النصي بين النظري��ة والتط��بيق، دراس��ة تطبيقي��ة على

ه� -1421/� 1 صبحي إبراهيم الفقي، دار قباء، ط0السور المكية، دم.2000

- علم لغة النص. المفاهيم والاتجاهات، د: سعيد بح��يري، الش��ركة.1997/ 1المصرية العالمية للنشر ط

- فق��ه اللغ��ة في الكتب العربي��ة، د. عب��ده ال��راجحي، دار النهض��ةم.1979العربية، بيروت،

- في النح��و الع��ربي، نق��د وتوجي��ه، مه��دي المخ��زومي، المكتب��ةم.1964/ 1العصرية، صيدا، بيروت، ط

- قض��ايا أساس��ية في علم اللس��انيات الح��ديث، م��ازن ال��وعر، دارم.1988طلاس، دمشق،

- قضايا الحداثة عند عبدالقاهر الجرجاني، د. محم��د عب��دالمطلب،0م1995/ 1الشركة العالمية للنشر، لونجمان، القاهرة، ط

- قواعد تحويلية للغة العربية، د. محمد علي الخ��ولي، دار الم��ريخ،م..1981/ 1الرياض، ط

- كي��ف يعم��ل العق��ل: القص��دية، ج��ون س��يرل، ترجم��ة: س��عيد /12الغانمي، مجلة العلوم الإنسانية كلية الآداب جامعة البح��رين، ع

م.2006صيف ��- اللغ��ة العربي��ة معناه��ا ومبناه��ا، د. تم��ام حس��ان، ع��الم الكتب،

م.2004، 4القاهرة، ط - اللغة والمعنى والس��ياق، ج��ون لاي��نز، ترجم��ة: د. عب��اس ص��ادق

م.1987وهاب، وزارة الثقافة، بغداد، 37

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

- مدخل إلى اللسانيات التداولي��ة، دلاش الجيلالي، ترجم��ة: محم��دم.1992يحياتن، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،

- م��دخل إلى اللس��انيات، محم��د محم��د ي��ونس علي، دار الكت��اب،م.2004، 1لبنان، ط

مدخل إلى علم الدلالة، سالم شاكر، ترجمة: محمد يحي��اتن، دي��وانم.1992المطبوعات الجامعية، الجزائر،

- م�����دخل إلى علم اللغ�����ة، د. محم�����ود فهمي حج�����ازي. دار.1978الثقافة.القاهرة

- معجم علم اللغ��ة النظ��ري، محم��د علي الخ��ولي، مكتب��ة لبن��ان،م.1982بيروت، ط

- معنى المعنى عند عبدالقاهر الجرج��اني، بين التنظ��ير والتط��بيق، ه���،1431/�� 1د. عطية أحم��د أب��و الهيج��اء، الثقاف��ة، دار الخليج، ط

م.2010 ��- مغني الل��بيب، ابن هش��ام الأنص��اري، تحقي��ق: م��ازن المب��ارك،

م.1998/ 1ومحمد علي حمد الله، دار الفكر، بيروت، ط - المقارب��ة التداولي��ة، فرانس��وار أرمينك��و، ترجم��ة س��عيد عل��وش،

د. ت.مركز الإنماء القومي، - من المف��اهيم التداولي��ة في كت��اب س��يبويه، د. محم��د الب��دري عب��دالعظيم، بحث منش��ور في كت��اب الم��ؤتمر ال��دولي الس��ادس

م2010"سيبويه إمام النحاة" بكلية دار العلوم بالقاهرة، - منهج البحث اللغ��وي بين ال��تراث وعلم اللغ��ة الح��ديث، د. علي

/1زوين، دار الش��ئون الثقافي��ة العام��ة، آف��اق عربي��ة، بغ��داد، طم.1986

تم��ام0 - النص والخطاب والإجراء، روب��رت دي جران��د، تع��ريب: د0م1998حسان، عالم الكتب،

- النص والسياق، استقصاء البحث في الخطاب الدلالي والتداولي، ت. فان ديك، ترجمة: عبدالقادر قنيني، دار إفريقي��ا الش��رق، ال��دار

البيضاء، المغرب، د.ت. - نظري��ة أفع��ال الكلام العام��ة، كي��ف ننج��ز الأش��ياء ب��الكلام، ج.

م.2008/ 2أوستن، ترجمة: عبدالقادر قنيني، أفريقيا الشرق، ط 0 - نظرية النحو العربي في ضوء مناهج النظر اللغ��وي الح��ديث، د

ه�1400/� 1نهاد الموسي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، طم.1980-

- نظرية تشومسكي اللغوية، ترجمة: د. حلمي خليل، دار المعرف��ةم.1995الجامعية، الإسكندرية،

38

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

= الدوريات والرسائل: - آراء البص��ريين النحوي��ة في كت��اب إع��راب الق��رآن لأبي جعف��ر النح��اس، في ض��وء الدراس��ات اللغوي��ة الحديث��ة، للب��احث، رس��الة دكت��وراه، مودع��ة في مكتب��ة كلي��ة الألس��ن، جامع��ة عين ش��مس،

م.2010 - الاتساق في العربية، دراسة في ضوء علم اللغ��ة الح��ديث، جب��ار سويس حنيحن ال��ذهبي، رس��الة ماجس��تير، الجامع��ة المستنص��رية،

م.2005ه�، 1426بإشراف: أ.د: نهاد فليح حسن العاني، - الألس��نية بين عب��دالقاهر والمح��دثين، د. رش��يد العبي��دي، مجل��ة

م.3/ ع 18المورد، مجلد - البني��ة التحتي��ة بين عب��دالقاهر وتشومس��كي، د. خلي��ل العم��ايرة،

م.1983، 1مجلة الأقلام، بغداد، ع - التص��ور الت��داولي للخط��اب اللس��اني عن��د ابن خل��دون، نعم��ان

م.2006بوقرة، مجلة الرافد، يناير، - السياق في الفكر اللغوي عند العرب، د. صائب أبو جناح، الأقلام

م1992 � 4 � 3ع - ظلال المع��نى بين الدراس��ات التراثي��ة وعلم اللغ��ة الح��ديث، د.

م.1990 / 5علي زوين، آفاق عربية، ع - مناهج البحث اللغوي عند الع�رب في ض�وء النظري�ات اللس�انية، نس��يمة ن��ابي، رس��الة ماجس��تير، كلي��ة الآداب والعل��وم الإنس��انية،

م2011، 2010جامعة مولوي معمر، بإشراف: أ.د. صالح بلعيد،

39

الألوكة شبكة على والحصري الجديد www.alukah.net تابع

الفهرس2..........................................................................تمهيد:

4المبحث الأول: عبدالقاهر الجرجاني والمدرسة التوليدية التحويلية9..............المبحث الثاني: عبدالقاهر الجرجاني وفيرث )السياق(

15.....................المبحث الثالث: عبدالقاهر الجرجاني والتداولية16................................................مفهوم التداولية ومبادئها:

17........................................عبدالقاهر الجرجاني والتداولية:18.................................................القصدية عند عبدالقاهر:

19........................................مراعاة السامع وتحقيق الإفادة:21........................................................= مراعاة السياق:Speech acts:.....................................24الأفعال الكلامية:

28.....................................................................الخاتمة:29.........................................................المصادر والمراجع

40