files.zadapps.info€¦  · web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت...

28
م ي ح ر ل ا ن م ح ر ل له ا م الس ب ى سن ح لء ا ما س الأ ز ي ز لع ا ت ب س ل ا ,مان ث ع ن ب الد / خ خ ي, س ل ا لهده ال ه ي ن م ا، ن ل ما ع ا ات ن سي ا، و ن س ف ن ور ا ر, ش ن م له ال ب وذ ع نزه، و ف ع ت س ب ه، و ن ي ع ت س ب مده، و ح ن له مد ل ح ل ا نR اً مدا ح م ن هد ا, ش له، واW ك ري, ش وخده لأ لهأ ال لR له اR لأ ا ن هد ا, ش له، وا لأ هاذي ف ل ل ض ي ن م له، و ل ض م لأ ف عد: ن ما ، ا ن عي م ح ه ا ن ح ص له، وh ى ا عل ه، و ن ل عW ارك م وب سل له و ى ال صل وله، س ده ور ن ع ماء س الأ ن م عد ن م ي ر ك م س ا ن ع ا نu ي ي خد ون ك ن س، و- ى ل عا ن وW ارك ن ت- لهء ال ما س ا بً لأ ض ت م, ث ي حد ل ال ا لأ ر ف.) ز ي ز لعا( له م ال س و ا ه ، و عه ام خ ه ف ص ل ة ن م ض ت م ل ا ى ت ا بW لك عد ذ ن م, ي، ة ن س ل وا ات ن ك ل ا ن م ه ن ل ع دل ر ما ب ك د م ب, ي م، ي ز لك م ا س ا الأ ى هد عن م ن ع, حدت ت سي ون ك ب م, ي م، س ا الأ ار هد, بh ا ن ع, حدت ت تW لك ، وكدألهدل واع ال ن ا م ب ي ز لك م ا س ا الأ هد ه ن ل ع دل ما ب ع, ث ي حد ل ا ه. ب مان يR ز الأ, ي ا ن ع, ث ي حد ل األه: ل خ ل خ- له ال ل ب ض ت ت وما ه وب ع ل ل ا ه ن ح ا ن ل ا ن م م ي ز لك م ا س ا الأ ى هد عن م ان ن ت ولأ ا، ’ وه ق ل ا ى عن ن ه ز لع ا ، ف وصاف وع ا م ح م ل ون ك ب ، وٍ عان م ل ى ت ا ب ه ز لع ، وا ه ز لع ا ن م ه ع ل ل ا ى ف) ز ي ز لعا( نR ا ف ر. ه ق ن ، ولأ ث ل ا ع ن لأ ي الد ات ن ح ل ع ا ت مي ع، ت مي ل و ا ه ز ي ز لع ا اع، ف ن مي ، والأ عه رف ل ، وا ه ن ل ع ل ، وا ده, ش ل وا خ ي ح ص ى عن م و ه، و- ى ل عا ن وW ارك ن ت- لهء ال ما س ا ى ف وا م ل ك ت ن م م م عل ل ل ا ه ر ا, كث ره ا ك د ز لأ ب خh ى ا عن مW اك ن ه و د. وخ ن كاذ لأ ت ي ء الد ش ل ر له، ا ث² ظ ي لأ ي ء الد ش ل و ا ه ، و ه ع ل ل ا ى ف ض ع ن د ن ق ع، و ب ى را عن م ا هد ف د، ’وخ ن كاذ ، لأ ت ه ز ي ز ع ه ف ه ص ، هد ز ي ز ع ى عن م ا ، هد ه ز ي ز ع زه ه و ج ه ’ ول: هد ق ن: ه, لأب, ب وذ ’ي ف ن زت لع لأم ا ك ى ف ه ن ت عا م ن م ع ب را ل ى ا عن م ل ا ا م هد عل ل ل ا ه ا. زت لع لأم ا ك ى ف ا ، هد وذه ج ل و ق ن ن د ا ه، ولأب ن لR ا ه حاج ل د ا ن, ’س ب ن د ا وا: لأب ل ا ف

Upload: others

Post on 31-Oct-2019

1 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

بسم الله الرحمن الرحيماألسماء الحسنى

العزيزالشيخ/ خالد بن عثمان السبت

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فال مضل له، ومن يضلل فال هادي له، وأشهد أن ال

إله إال الله وحده ال شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلموبارك عليه، وعلى آله، وصحبه أجمعين، أما بعد:

فال زال الحديث متصال بأسماء الله -تبارك وتعالى-، وسيكون حديثنا عن اسمكريم يعد من األسماء المتضمنة لصفة جامعة، وهو اسم الله )العزيز(.

سنتحدث عن معنى هذا االسم الكريم، ثم نذكر ما يدل عليه من الكتاب والسنة، ثم بعد ذلك يأتي الحديث عما يدل عليه هذا االسم الكريم بأنواع الداللة، وكذلك

نتحدث عن آثار هذا االسم، ثم يكون الحديث عن أثر اإليمان به. أوال: بيان معنى هذا االسم الكريم من الناحية اللغوية وما يتصل

بالله -جل جالله: فإن )العزيز( في اللغة من العزة، والعزة تأتي لمعان، وتكون لمجموع أوصاف،

فالعزة تعني القوة، والشدة، والغلبة، والرفعة، واالمتناع، فالعزيز هو المنيع، منيعالجناب الذي ال يغالب، وال يقهر.

وهناك معنى آخر ال يذكره أكثر أهل العلم ممن تكلموا في أسماء الله -تبارك وتعالى-، وهو معنى صحيح في اللغة، وهو الشيء الذي ال نظير له، الشيء الذي

ال يكاد يوجد. تقول: هذه جوهرة عزيزة، هذا معنى عزيز، هذه صفة عزيزة، ال تكاد توجد، فهذا

معنى رابع، وقيد بعض أهل العلم هذا المعنى الرابع من معانيه في كالم العرببقيود ثالثة:

قالوا: البد أن تشتد الحاجة إليه، والبد أن يقل وجوده، هذا في كالم العرب. حينما تقول: هذه جوهرة عزيزة، ال يكاد يوجد له نظير، وتشتد الحاجة إليه، البد

من هذا، وهكذا أيضا يصعب الوصول إليه. قالوا: إذا لم توجد هذه األوصاف الثالثة مجتمعة فإن الشيء ال يعتبر عزيزا بهذا المعنى، وذلك أن الشيء قد يقل وجوده ولكن ال شأن له، فال يقال: هذا عزيز،

وكذلك أيضا قد يكون له منزلة، ويعظم نفعه، ولكنه ال يصعب الوصول إليه. فال يقال له: عزيز بهذا االعتبار، بل قد ال يوجد له نظير، يعني: الشمس ال نظير

لها، ونفعها عظيم، ومع ذلك ال يقال: إنها عزيزة. الهواء الذي يتنفسه اإلنسان الحاجة إليه شديدة، وال يستغنى عنه بحال من

األحوال، وال بديل له، ولكنه ال يقال: إنه عزيز بهذا االعتبار. هذه القيود ذكرها بعض أهل العلم في هذا المعنى الرابع من معاني )العزيز(.

تقول: هذه الساعة مثال عزيزة إذا وجدت فيها األوصاف السابقة. هذه المعاني التي أشرنا إليها في كالم العرب لها دالئلها من كتاب الله -عز وجل-، جاءت مستعملة في القرآن، أو جاء جلها في القرآن، كقوله -تبارك

زنا بثالث{ وتعالى-: عززنا بثالث يعني: شددنا، وقوينا بإرسال[،14]يس:}فعزة{ ثالث، وهكذا أيضا في قوله -تبارك وتعالى-: -كما [،8]المنافقون:}ولله العز

سيأتي- فإن ذلك ينتظم هذه المعاني. ))هل تدرينوفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، لعائشة -رضي الله عنها-:

؛ يعني: أن إبراهيم -صلى الله عليهلم كان قومك رفعوا باب الكعبة؟ قالت ال((

Page 2: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

وسلم- حينما بنى الكعبة سوى بابها باألرض، وجعل لها بابين، فلما أعادالمشركين بناءها أعادوه بصفة أخرى، رفعوا الباب، وجعلوه واحدا.

زا أن ال يدخلها إال منفالنبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر علة ذلك، يقول: ))تعززا بمعنى: تشددا، وتكبرا، بحيث ال يدخلها إال من أرادوا من ،(1)أرادوا(( تعز

الوجهاء، والعظماء، والكبراء. ثانيا: معنى هذا االسم في حق الله -تبارك وتعالى:

عامة أهل العلم يذكرون المعاني الثالثة: القوة، القهر، االمتناع، وما قارب ذلكمما يرجع إلى هذه المعاني الثالثة، كالغلبة.

وقل منهم من يذكر المعنى الرابع، الذي يدل على نفاسة، وندرة، أو علو مرتبة،وقلة، يعني: ليس له نظير.

فالله -تبارك وتعالى- هو العزيز، الذي قد اتصف بجميع أنواع العزة، فاللهةموصوف بالعزة بجميع صورها، وأشكالها، ة فلله العز }من كان يريد العز

عزة القهر، والقوة، والغلبة، واالمتناع. [، 10]فاطر:جميعا{ فالله -تبارك وتعالى- هو العزيز، الذي عز كل شيء فقهره، وغلب األشياء، فال

ينال جنابه لعزته، وعظمته، وجبروته، وكبريائه، هكذا يعبر حذاق المفسرين، كابن، يؤلفون هذه المعاني، ويعبرون بعبارة تستوعبها. (2)كثير -رحمه الله تعالى-

وهكذا من فسره بأنه المنيع الذي ال ينال، وال يغالب كما يقول القرطبي -رحمه. (3)الله-

هذه المعاني الثالثة هي التي ذكرها اإلمام ابن القيم -رحمه الله-، في نونيتهبقوله:

وهو العزيز فلن يرام جنابه *** أنى يرام جناب ذي السلطانالحظ المعنى األول: الذي ال يرام

وهو العزيز القاهر الغالب لم *** يغلبه شيء هذه صفتانالعزيز بمعنى: القاهر، الغالب

وهو العزيز بقوة هي وصفه *** فالعز حينئذ ثالث معان بمعنى القوة، هذا هو الذي يذكره عامة أهل العلم حينما يفسرون هذا االسم الكريم، سواء كان في كتب التفسير، أو في الكتب التي تكلمت عن األسماء

الحسنى؛ ولهذا يختم ابن القيم -رحمه الله- هذه األبيات الثالثة ببيت رابع، يقول:(4)وهي التي كملت له سبحانه *** من كل وجه عادم النقصان

يعني: أن هذه األوصاف الثالثة كلها حق، ثابتة لله -تبارك وتعالى-، له أنواع العزة، له عزة القوة، وعزة الغلبة، وعزة االمتناع، فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات،

وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة، وخضعت لعظمته، كما يعبر الشيخ. (5)عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله

وأنا أتعمد أن أشير بقولي: كما يعبر فالن؛ لتعرفوا قدر هذه الكتب، فنحن في مضامين هذا الكالم، وإن كان في األسماء الحسنى، إال أنه يكون فيه إشارات في

مضامينه؛ لتعرف بعض الفوائد. هذه عبارات وافية يعبر بها مثل هؤالء من المحققين من المفسرين.

ثانيا: دالئله من الكتاب والسنة: هذا االسم إذا نظرت في كالم بعض من يحصون ورود هذه األسماء في كالم الله

(.1333)( أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها، برقم )1(. 8/80)( انظر: تفسير ابن كثير )2(. 2/131)( انظر: تفسير القرطبي )3(. 205)( انظر: نونية ابن القيم، )ص: 4(. 946(، وتفسير السعدي )ص: 214)( انظر: تفسير أسماء الله الحسنى، للسعدي )ص: 5

Page 3: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

-تبارك وتعالى- في القرآن- تجد تعدادا متفاوتا، والواقع أنني تتبعتها، وأحصيتهافوجدت أن ذلك يبلغ سبعة وثمانين موضعا، ال يتجاوزها.

فا، وورد أيضا من غير )ال(، ورد في سبعة وثمانين هذا االسم ورد بـ)ال( معر موضعا، )العزيز( هكذا بـ)ال( جاء في ثمانية وخمسين موضعا، وعزيز من غير )ال( جاء في تسعة وعشرين موضعا، وجاء في موضع واحد في قوله -تعالى-:

ة{ هذا الذي ورد في القرآن، كقوله -تبارك وتعالى-: [،180]الصافات:}رب العز }أم عندهم خزائن رحمة [،260]البقرة:}واعلم أن الله عزيز حكيم{

اب{ . [9]ص:ربك العزيز الوه وتأملوا، ألنه سيأتي الكالم بعد قليل -إن شاء الله تعالى- عما اقترن به هذا االسم

}أم [،260]البقرة:}واعلم أن الله عزيز حكيم{ الكريم من األسماء، اب{ }وإن ربك لهو [،9]ص:عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوه

حيم{ }وكان [،191، 175، 159، 140، 122، 104، 68، 9]الشعراء:العزيز الر }ذلك [،19]الشورى:}وهو القوي العزيز{ [،25]األحزاب:الله قويا عزيزا{

}إن الله عزيز [،12، وفصلت:38، ويس:96]األنعام:تقدير العزيز العليم{ ار{ [،28]فاطر:غفور{ موات واألرض وما بينهما العزيز الغف }رب الس

]البروج:}وما نقموا منهم إال أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد{ [،66]ص: 8].

فهذه تدل على غيرها، وليس المقصود االستقراء، وتتبع ذلك، فهو كثير كما هومعلوم.

وقد جاء إثبات العزة كلها لله -تبارك وتعالى- في أربعة مواضع في القرآن، كقوله }الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين-تبارك وتعالى-:

ة لله جميعا{ ة فإن العز .[139]النساء:أيبتغون عندهم العز }سبحان ربكأما الموضع الواحد الذي جاء فيه رب العزة فهو قوله -تعالى-:

ا يصفون{ ة عم رب العزة. [،180]الصافات:رب العزتك ألغوينهم أجمعين{ وجاء القسم بعزة الله -عز وجل-، قال: ]ص:}فبعز

ة{وهذا -كما ال يخفى- المقصود به: الصفة، وكذلك في قوله: [،82 }رب العز .[180]الصافات:

وأما في السنة: فقد جاء في مواضع، وغالب ذلك في بيان الصفة، كقوله -صلى، الحديث. (1)))العز إزاري((الله عليه وسلم-، قال الله -عز وجل-:

.(2)))أعوذ بعزتك((واستعاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعزة الله: ))حتى يضع رب العزة فيهاوهكذا -أيضا-، في قوله -صلى الله عليه وسلم-:

، يعني: النار. (3)قدمه(( وجاء في أثر عن ابن مسعود، وابن عمر -رضي الله عنهما- أنهما كانا يقوالن في السعي بين الصفا والمروة: "ربي اغفر، وراحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت األعز

.(4)األكرم" (، وصححه األلباني في صحيح552)( أخرجه البخاري في األدب المفرد، باب الكبر، برقم )1

(. 2898(، وفي صحيح الترغيب، والترهيب، برقم )4310الجامع الصغير، وزياداته، برقم ) [،4 ]إبراهيم: }وهو العزيز الحكيم{)( أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله –تعالى-: 2

]المنافقون: }ولله العزة ولرسوله{[، 180 ]الصافات: }سبحان ربك رب العزة عما يصفون{ (، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة7383[، ومن حلف بعزة الله وصفاته، برقم، )8

(. 2717واالستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم ))( أخرجه البخاري، كتاب األيمان والنذور، باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته، برقم )3

(، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها6661(. 2848الضعفاء، برقم )

(،870)( أخرجه الطبراني، في الدعاء، باب القول في السعي بين الصفا والمروة، برقم )4

Page 4: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

األعز هذه أفعل تفضيل، غير العزيز، وإن كانت ترجع في المعنى وما تضمنته منالصفة إلى )العزيز(، "إنك أنت األعز األكرم".

هل هذا يقال من جهة الرأي "األعز" تسمية الله -عز وجل- بذلك؟ بعض أهل العلم يقولون: هذا ال يقال من جهة الرأي، فالبد أن يكونا قد سمعا ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني: ليس بالضرورة أن يكونا قد سمعا

منه هذا الذكر بخصوصه الذي يقال بين الصفا، والمروة؛ ألن األرجح -كما هو معلوم- أن ما ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- لم ينكر، كان بعضهم يقول كذا،

وبعضهم يقول كذا، شيء أقرهم عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولربما قال الواحد من عند نفسه، وقد ال يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- سمعه، لكنها

معان صحيحة. فلو ذكر اإلنسان ربه بين الصفا، والمروة فإن ذلك يكون قد حصل به المقصود، وإن كان األفضل التزام ما ورد، ولكنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-

ذكر معين يقال بين الصفا والمروة، وإنما يقال على الصفا، أو على المروة. فالذين قالوا: إن هذا من أسماء الله -يعني )األعز(- قالوا: ورد عن هذين

الصحابيين، وهما من علماء الصحابة، والله -تبارك وتعالى- ال يسمى إال بما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: فهذا من جملة

األسماء.االقتران في هذه األسماء الحسنى:

أكثر ما ورد في االقتران أن هذا االسم الكريم جاء مقترنا بـ"الحكيم" في سبعةوأربعين موضعا من كتاب الله -تبارك وتعالى-، فما وجه ذلك؟

العلماء -رحمهم الله- تكلموا على هذا، ما يمكن أن يقال في حاصله: إن العزة وحدها قد تحمل على شيء من الظلم، والعسف، والقهر بغير الحق، هذا بالنسبة

للمخلوقين، فقد تحمله عزته على شيء من التجني، والظلم، والعدوان، وماأشبه ذلك، تحمله على أمور ال تليق من الجور، والسلب، والنهب.

، ومن غلب سلب" ، هذا مثل سار مسير الشمس عند(1)ولهذا يقولون: "من عز بزالعرب.

فهذه العزة إن لم يكن معها حكمة فإنها قد تحمل على أمور غير الئقة، فعزة الله -عز وجل- مقرونة بالحكمة، فال يصدر منه مع عزته -تبارك وتعالى-، إال ما يليق،وبهذا تكون العزة قد بلغت غايتها في الكمال؛ ألنها مزمومة، ومقرونة بالحكمة.

ونالحظ أنه يقدم )العزيز(، على الحكيم، لماذا؟ ب، كما يقول ألنه عز فحكم، وربما يكون ذلك من قبيل تقديم السبب على المسب

.(2)الحافظ ابن القيم -رحمه الله-لماذا قد حكم؟

ألنه قد عز، فسبب الحكم هو: االتصاف بالعزة. إذن العزة من غير حكمة قد تحمل على ما ال يليق.

ثم إن الحافظ ابن القيم -رحمه الله تعالى- يذكر معنى آخر، ال ينافي ما سبق، ، يعني: قد توجد قدرة،(3)يقول فيه، أو في حاصله: إن العزة هي: كمال القدرة

(،15565وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الحج، ما يقول الرجل في المسعى برقم ) (، واألزرقي1393والفاكهي في أخبار مكة، ذكر عدد الشراف التي في بطن المسجد، برقم )

في أخبار مكة، باب أين يوقف من الصفا والمروة، وحد المسعى، بدون رقم. (، ومجمع1/360(، وجمهرة األمثال، للعسكري )124)( انظر: أمثال العرب، للضبي )ص: 1

(.2/357(، والمستقصى في أمثال العرب، للزمخشري )2/307األمثال، للنيسابوري )(.1/62)( انظر: بدائع الفوائد )2(. 116)( انظر: الداء، والدواء )ص: 3

Page 5: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

لكنها ال تصل إلى مرتبة العزة؛ ألن القدرة وحدها ال توصل إلى هذا المقام، أوإلى هذه المنزلة، أو إلى هذه الصفة.

ولذلك نقول: إن صفة العزة ال تكون إال من مجموع أوصاف؛ ولهذا يسمونهاالصفات الجامعة، مثل: المجد كما سيأتي -إن شاء الله.

العزة ال تكون من مجرد القدرة، وال تكون من مجرد القوة، وال تكون من مجرد االمتناع، وإنما يكون ذلك بمجموع أوصاف، فهنا القدرة منتهاها وتمامها العزة،

فهي منتهى القدرة. والحكمة هي كمال العلم، قد يكون العلم كثيرا ولكنه قد ال يكون معه الحكمة، قد

يكون من أوعية العلم، ولكن ال يصلح أن يستشار في أدنى األشياء؛ ألنه ليسمعه حكمة، فمنتهى العلم الحكمة.

فإذا اجتمع منتهى القدرة، وهو العزة، ومنتهى العلم الذي هو الحكمة صار بذلك الكمال، فبهاتين الصفتين يقضي -سبحانه وتعالى- ما يشاء، ويأمر، وينهى، ويثيب،

ويعاقب، فهاتان الصفتان كما يقول الحافظ ابن القيم -رحمه الله-: "هما مصدر ، يعني: في قضايا التكوين، وفي قضايا التشريع مصدر ذلك:(1)الخلق، واألمر"

العزة، والحكمة. أما اقترانه بالرحيم فإن ذلك قد جاء في ثالثة عشر موضعا في كتاب الله -تبارك

وتعالى. ووجه هذا االقتران: ذكر فيه أهل العلم بعض المعاني، لعل من أقربها -والله

تعالى أعلم-: أن هذا الوصف )العزة(، قد يوجد عند أهل اإليمان، وأهل الطاعة، وأهل االستجابة، واالنقياد، قد يوجد عندهم أو عند بعضهم شيئا من االستيحاش؛

إذا سمعوا هذه الصفات التي تدل على القهر، والغلبة، والقوة، وما إلى ذلك. فالله -تبارك وتعالى- بعزته يهلك المجرمين، والكافرين، والظالمين، فإذا ذكر معه

الرحيم آنس ذلك أهل اإليمان، فهو مع عزته رحيم بعباده، رحيم بالمطيعين، يرحمهم، وألطافه تتتابع، وتتوالى عليهم، فالله -تبارك وتعالى- عزيز في رحمته،

ورحيم في عزته، وهذا هو الكمال. وهناك ملحظ آخر ينضاف إلى هذا، وهو أن هذه الرحمة بال ذل، فهي رحمة مع

العزة، قد توجد الرحمة لكن مع الذل، والضعف، ولذلك فإن المؤولين المحرفين الذين يؤولون الصفات، ويحرفونها، ويغيرونها، ويصرفون عما دلت عليه يؤولون

صفة الرحمة؛ ألنهم يتوهمون منها معنى فاسدا، يتصل بالضعف، ولكن رحمة الله-عز وجل- ليست مع ضعف.

المخلوق قد تكون رحمته مع شيء من الضعف، أما الله -تبارك وتعالى- فرحمتهمع عزة.

وأما اقترانه بالقوي: فقد جاء ذلك في سبعة مواضع في كتاب الله -تباركوتعالى.

ويمكن أن يقال في وجه هذا االقتران: إن عزة الله -تبارك وتعالى- مع قوة، قديكون اإلنسان عزيزا، لكن بأي اعتبار؟

تكون عزته مستمدة من غيره؛ ولهذا يقول الشاعر:لك العز إن موالك عز وإن يهن *** فأنت لدى بحبوحة الهون كائن هذا اإلنسان قد يكون في مكانه، في هذه الجهة، في هذه الدائرة، في هذا

، يأمر، وينهى؛ لماذا؟ العمل، في هذه الوزارة، في هذه الشركة، في عز ألن هناك من يقويه، ويؤازره، ويدعمه، وينصره، ويقف معه، ويؤيده، فإذا مات

صاحبه الذي كان يستند إليه، ويعتمد عليه، ويتقوى به، والناس يرهبون جنابه منأجله، أو أنه عزل، فما الذي يحصل لهذا اإلنسان؟

)( المصدر السابق. 1

Page 6: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

كقول الشاعر للبعيد يخاطبه، يقول: لك العز إن موالك عز وإن يهن *** فأنت لدى بحبوحة الهون كائن

المولى يعني: األعلى، السيد.فأنت لدى بحبوحة الهون كائن

سيأتي في الكالم على اآلثار أن العزة إنما تطلب من الله -عز وجل-، ومن طلبهامن غيره فهو إلى هوان، ومذلة.

وقد جاء مقترنا بالغفور في موضعين، وبالغفار في ثالثة مواضع، ويمكن أن يقال في وجه هذا -والله تعالى أعلم-: إن مغفرته -تبارك وتعالى- ال تكون عن عجز

عن المؤاخذة، عجز عن األخذ، ال تكون عن ضعف. اإلنسان قد يقول: أنا عفوت، أنا غفرت، أنا سامحت فالنا، يقول هذا؛ ألنه عاجز،

فهذا ليس بكمال، لكن حينما يكون الغفر مع العزة، والقدرة على األخذ، فهذا هوالكمال.

وقد ذكرت في بعض المناسبات توجيه قوله -تبارك وتعالى- في قيل عيسى - }إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنكصلى الله عليه وسلم-: ما قال: فإنك أنت الغفور الرحيم، لماذا؟ [،118]المائدة:أنت العزيز الحكيم{

ذكرت وجهين: الوجه األول: أن هذا الغفر حينما يغفر لهم، ال يكون ذلك عن عجز، فهو غير عاجز

عن أخذهم، والبطش بهم، ومعاقبتهم، وإنما يكون ذلك عن قدرة كاملة، وعزةتامة.

والوجه الثاني: ذكرناه، وال حاجة إليه في هذا المقام. أما اقترانه بالوهاب: فقد جاء في موضع واحد في كتاب الله -تبارك وتعالى-،

أشرت إليه سابقا، وذلك -والله تعالى أعلم- أن إنعامه -تبارك وتعالى- على عباده، وتفضله عليهم، كل ذلك صادر عن عزة، وقدرة، وغنى، وتفضل، وليس

عن ضعف، وال لجلب نفع، أو دفع ضر. فاإلنسان قد يحسن، قد يبذل، قد يعطي ولكن دفعا لشرور أقوام؛ واستجالبا لنفع

آخرين، فهو يعطي، ويرجي العائدة. فلهذا يقول شيخ اإلسالم -رحمه الله-: إن هذا الذي يعطي وهو يرجي العائدة، أو

. (1)أقل ذلك الشكر، أو الثناء، والمدح، يقول: هذا ال يكون عمله صالحا بمعنى: أن هذا العطاء، وهذا اإلحسان لآلخرين هو يريد ما يقابله، يعني: ال يكون

عمله لله، فإن لم يفعلوا فإنه لربما وقع في أعراضهم، وآذاهم، وتكلم فيهم، وأن هؤالء ال يقدرون المعروف، وال يعرفون ألهل الفضل فضلهم، وقد أحسنت إليه،

وأعطيته، وفعلت، وفعلت، ثم بعد ذلك لم أسمع منه كلمة شكر، أقرضته، ثمأقرضته، ثم أقرضته، فلما طلبت منه قرضا اعتذر.

فأنت حينما أقرضت كنت تنتظر، كما يفعل بعض الناس، لربما أكرم غيره، وبذل األموال، وأعطاه كل ذلك، يقدم هدايا ثمينة جدا، ال يقدمها آلحاد الناس، فهو يأمل

أن يعطى أضعاف هذه الهدايا، فهو يقدم أفضل ما يجد، ولربما يقترض المالالذي يشتري به هذه العطايا، والهبات من أجل أنه يأمل أن يعطى أضعاف ذلك.

فلو أعطي شيئا يسيرا دونها فإنه يكون في غاية الجزع، والحنق، والغضب، والضجر، وال يعود إلى هباته، وعطاياه مع هذا المخلوق، ويتهمه بالبخل،

واألوصاف السيئة -كما هو مشاهد ومعروف-، فالله -تبارك وتعالى- حينما يهب - وهاب- فذلك ليس لدفع ضر، أو لخوف، أو لجلب نفع يرجيه من هؤالء الذين وهبهم، وأعطاهم، الله له الغنى الكامل، وهو )العزيز(، يعطي، والخلق كلهم

فقراء إليه -جل جالله وتقدست أسماؤه. (.1/166)( انظر: الفتاوى الكبرى، البن تيمية، )1

Page 7: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

أما اقترانه بالعليم: فهذا في ستة مواضع، وهذا وجهه ال يخفي، العز إذا كان معالعلم المحيط الشامل فهذا يكون منتهى الكمال.

وكذلك اقترانه بالحميد: في ثالثة مواضع، وذلك يفهم مما سبق من اقترانهبالحكيم؛ إذ إن العز وحده قد يحمل على أمور غير الئقة بالنسبة للمخلوقين.نحن نتكلم عن أصل هذه الصفات، ال نتحدث عن كون ذلك ينسب إلى الله -

تبارك وتعالى-، وإنما حديثنا عما يضاف إليه إنما هو الكماالت، لكن نتحدث عنالمخلوقين لتقترب الصورة.

فهذا العز إن لم يكن معه أوصاف أخرى فإنه قد يحمل على أمور ال تليق، فيكونمذموما، ويكون نقصا على صاحبه.

فإذا كان )العزيز(، مع الحميد: فهو محمود في عزته، ال يصدر من هذه العزة إالكل كمال، ال تكون سببا لصدور النقص، ال يصدر عنه أي ظلم بسبب هذه العزة.

}بعزيز ذيكذلك جاء في أربعة مواضع مع قوله -تعالى-: )ذي انتقام(، وهذا أيضا ظاهر، فإن )العزيز( قد ال ينتقم حيث يحسن [،37]الزمر:انتقام{ االنتقام.

ل في منزله الالئق، ويوضع في فإذا وجد العز مع الحكمة فإن ذلك العز ينزموضعه المناسب، فينتقم حيث يحسن االنتقام.

أما العز المعطل الذي ال يحصل معه انتقام فإن هذا يكون كالعدم، ال فائدة فيه،واالنتقام يحمد حيث يكون المقام مناسبا.

والله -تبارك وتعالى- مدح أهل اإليمان في غير مقام العفو في موضع واحد في كتاب الله -عز وجل-، حيث جاءت جميع المواضع تحث على العفو، والصفح،

، وفصلت:96]المؤمنون:}ادفع بالتي هي أحسن{ والدفع بالتي هي أحسن، }والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون{إال في موضع واحد، [،34

[.39]الشورى: وأقرب ما يقال في توجيهه -والله تعالى أعلم-: أن المؤمن ال يكون ذليال، فإذا

}والذين إذا أصابهم البغي همكان العفو يورثه مذلة فعندها يقال: ، هذا ليس بمقام عفو. [39]الشورى:ينتصرون{

وهكذا مع من كثر فساده، وإجرامه، وظلمه، وعسفه، وتعاليه. هذا الذي هلك في ليبيا، الرجل يقول لهم: اتقوا الله، ويستعطفهم، ونحو ذلك،

}ادفع بالتيو [،134]آل عمران:}والعافين عن الناس{ هل هذا مقام العفو، }والذين إذا أصابهمأم هنا يقال: [،34، وفصلت:96]المؤمنون:هي أحسن{

هذا البد أن يعلم كيف يكون التعامل معه ؟،[39]الشورى:البغي هم ينتصرون{ من )زنقة إلى زنقة( كما يقال.

هذا رجل ادعى دعاوى كبيرة جدا، جاء بالكتاب األخضر، وقرره في المدارس االبتدائية، في جميع المراحل، وتكلم على القرآن، وطعن في القرآن، وغير

قل: الله أحد. [،1]اإلخالص:}قل هو الله أحد{ ألفاظه، وقال: ال تقل: [،1]الناس:}قل أعوذ برب الناس{ [،1]الفلق:}قل أعوذ برب الفلق{

قال: قل هكذا: أعوذ برب الناس، أعوذ برب الفلق. ،96]المؤمنون:}ادفع بالتي هي أحسن{ وقتل، وفعل األفاعيل، هذا ال يقال:

}فاعفوا أو [،134]آل عمران:}والعافين عن الناس{ أو [،34وفصلت: }والذين إذا أصابهم البغيونحو ذلك، هنا يقال: [،109]البقرة:واصفحوا{

[.39]الشورى:هم ينتصرون{ فالمقصود: أن العفو له مقامات، الصفح له مقامات، الغفر له مقامات، واالنتقام

له مقامات، فالله -عز وجل- عزيز ذو انتقام. وجاء مقترنا بالمقتدر في موضع واحد، وذلك أن هذه العزة مع كمال القدرة،

Page 8: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

يعني: قد يكون عزيزا، لكن عنده حسابات تمنعه من تنفيذ كثير من األمور التي يتطلع إليها؛ ولهذا يقول الشاعر حينما يمدح ملكا -كما ذكرنا في الخلق معنى

الخالق- يقول له: (1)وألنت تفرى ما خلقت وبع *** ض القوم يخلق ثم ال يفرى

أنت تفري ما خلقت يعني: ما قدرت، فالخلق بمعنى: التقدير في هذا البيت. يقول: أنت تخطط، ثم تنفذ، وبعض القوم يخلق ثم ال يفري، يعني: يقدر أشياء، ويخطط، ولكن ال يستطيع أن ينفذ، تمنعه أشياء، قلة إمكانات، حسابات معينة

تمنعه من تنفيذ ما يريد، فما كل ما يريد يكون متيسرا له فعله. بعد ذلك يأتي سؤال بعد استعراض هذه النصوص: أن الله -تبارك وتعالى- قال:

ة جميعا{ كل العزة لله -عز وجل-، وفي الوقت نفسه [،10]فاطر:}فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين{ قال: فأضاف العزة - [،8]المنافقون:}ولله العز

أيضا- لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وللمؤمنين، فهل بين هاتين اآليتينتعارض؟.

الجواب: ال، العزة لله جميعا، فالله -تبارك وتعالى- هو العزيز، والعزة التي تكون لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وألهل اإليمان إنما يكون مصدرها من الله، فهي

ةعزة مستمدة من الله، الذي منحها، وأعطاها هو الله -جل جالله-، }فلله العز[.10]فاطر:جميعا{

فمن أرادها فإنه يستمد هذه العزة من الله -سبحانه وتعالى-، بالتعبد إليه،والتقرب إليه، واإليمان، واإلخبات، والذل لجنابه -سبحانه وتعالى.

فهذه العزة التي تكون للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وللمؤمنين هي عزةمخلوقة، وعزة الله صفة من صفاته، ليست بمخلوقة.

فالعزة التي تكون للمخلوقين الله هو الذي خلقها، وهو الذي يملكها، وهو الذي يعطيها من شاء من عباده، والناس يتفاوتون في ذلك، كما يتفاوتون في باقي

األوصاف، بحسب إيمانهم، وتقواهم لله -تبارك وتعالى. ثالثا: ما يدل عليه هذا االسم الكريم:

يدل بالمطابقة: على ذات الله -عز وجل-، وعلى صفة العزة، ويدل بالتضمن: على الذات، أو الصفة، ويدل بااللتزام: على ما ال تتحقق العزة إال به، البد من

الحياة، والقدرة، والغنى، والعلم، والسمع، والبصر، إلى غير ذلك من األوصافالكاملة، حتى يكون عزيزا.

هذه الصفة التي تضمنها هذا االسم الكريم -وهي العزة- هي من الصفات الذاتية،هي صفة ذاتية، وليست بصفة فعلية.

رابعا: آثار هذا االسم الكريم:فأول ما يؤثره هذا االسم في الخلق، واألمر هو: ما يحصل من تأييد الرسل -

عليهم الصالة والسالم-، وما يكون لهم من الغلبة، والنصر، والتمكين، وما يجعل الله -عز وجل- لهم من العاقبة، فالله -تبارك وتعالى- ينصرهم على أعدائهم،

}كتب الله ألغلبنويقهر أعداءهم، ويذلهم، ويهينهم، ويهلكهم، قال -تعالى-: وهذه الغلبة على أرجح أقوال[،21]المجادلة:أنا ورسلي إن الله قوي عزيز{

المفسرين تنتظم الغلبتين: الغلبة في ميدان المعركة: فالرسل، وأتباع الرسل منصورون، قاهرون، ظاهرون على أعدائهم، ولو بعد حين، العاقبة لهم، والعبرة بكمال النهايات، وليست بنقص

البدايات. الغلبة في ميدان الحجة، والبرهان: فال شك أن هذا متحقق، فالله -تبارك وتعالى-

أرسل الرسل، وأيدهم بنصره، وقوته، وأنزل بأسه بأعدائه. (.6/349(، والعقد الثمين )1/139)( انظر: الشعر والشعراء )1

Page 9: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

فأول الرسل هو نوح -صلى الله عليه وسلم-، لما عصاه قومه، وكذبوه أهلكهم[.44]هود:}وقيل بعدا للقوم الظالمين{ الله -عز وجل-، قال تعالى:

}يا قوم اعبدوا اللهوبعد نوح أرسل الله -عز وجل- هودا إلى عاد، فقال لهم: فكذبوه، وكفروا بما جاء به، [،50، وهود:65]األعراف:ما لكم من إله غيره{

ينا هودا والذين آمنواوالله -تبارك وتعالى-، يقول: ا جاء أمرنا نج }ولميناهم من عذاب غليظ * وتلك عاد جحدوا بآيات معه برحمة منا ونج

ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة أال إن عادا كفروا ربهم أال بعدا لعاد قوم

.[60-58]هود:هود{ ثم أرسل الله -عز وجل- صالحا -صلى الله عليه وسلم- إلى قومه ثمود، فقال:

وأرسل [،61، وهود:73]األعراف:}يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره{ }ويا قوم هذه ناقة الله لكم آيةلهم آية وهي الناقة، وخاطبهم بقوله:

وها بسوء فيأخذكم عذاب فذروها تأكل في أرض الله وال تمس فما الذي حصل؟ [،64]هود:قريب{

}تمتعوافعقروا الناقة، وتكبروا، وتعاظموا، واستهزءوا، وسخروا، فقال لهم: ينا ا جاء أمرنا نج في داركم ثالثة أيام ذلك وعد غير مكذوب * فلم صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هويحة فأصبحوا في ديارهم القوي العزيز * وأخذ الذين ظلموا الص

قد سقطوا على الركب، وأكبوا [،68-65]هود:جاثمين * كأن لم يغنوا فيها{ كأنهم ما أقاموا [،68]هود:}كأن لم يغنوا فيها{ على وجوههم بعد هالكهم،

}كأن لم يغنوا فيها أال إن ثمود كفروابهذه الديار التي نحتوا فيها الجبال، ومساكنهم تدل على قوتهم، وتمكنهم،[، 68]هود:ربهم أال بعدا لثمود{

وشدتهم، فمن الذي أهلك هؤالء الذين استطاعوا أن ينحتوا الصخر؟! أهلكهم الله -تبارك وتعالى.

ثم جاء إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، ودعا قومه إلى عبادة الله -تباركقوه وانصروا آلهتكموتعالى-، فكابروا، وكفروا، فكانت النتيجة: }قالوا حر

إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسالما على إبراهيم *[.70-68]األنبياء:وأرادوا به كيدا فجعلناهم األخسرين{

وهكذا جاء موسى -صلى الله عليه وسلم- إلى فرعون، وملئه، فاستكبر ومن }اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيدمعه، وقال:

فانتقم الله -عز وجل- منه، ومن قومه، [،25]غافر:الكافرين إال في ضالل{ }فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها

[. 136]األعراف:غافلين{ ا، وأرادوا قتله، فرفعه وهكذا عيسى -صلى الله عليه وسلم- أراد اليهود به شر

الله -عز وجل- إليه. وأراد الكفار أن يحبسوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو يقتلوه، أو يخرجوه

فكانت العاقبة له. }وال يزال الذينوهكذا بأسه -تبارك وتعالى- بأعدائه في كل زمان، ومكان

كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي[. 31]الرعد:وعد الله إن الله ال يخلف الميعاد{ ما هو مشاهد في هذا الكون مما يجريهالثاني من آثار هذا االسم الكريم:

الله -عز وجل-، منه ما شهدناه، ورأيناه، ومنه ما قرأنا عنه، أو رأينا صوره، أوبعض ذلك.

هذه البراكين الهائلة التي تلقي بالحمم، والصخور المنصهرة من باطن األرض،

Page 10: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

تحرق ما في طريقها، هذا مظهر من مظاهر عزة الله -تبارك وتعالى. ( من الميالد هناك بركان يقال له: "بيليه"، بمدينة يقال لها:1902في سنة: )

"سان بيبر"، كانت تتصاعد منه بعض األدخنة الخفيفة، وكان أهل تلك المدينة يخرجون في يوم األحد -يوم األجازة- يستمتعون بالنظر إلى هذه األماكن، وإلى

هذه المناظر التي منها هذا البركان الذي تنبعث منه هذه األبخرة. ثم بعد ذلك بدأت تتكثف شيئا فشيئا، ثم بعد ذلك بدأت الطيور، والحيوانات

تهاجر، وتصدر أصواتا مزعجة، ثم بعد ذلك بدأت تخرج بعض األدخنة السوداء الكثيفة، ثم بعد ذلك جاءت هيئة علمية، وقررت أنه ال خوف على السكان، وال

خطر من هذا البركان. بعد عشرين يوما بالتمام ازدادت هذه األدخنة السوداء، ثم بعد ذلك انفجر

البركان، وكان الناس يستعدون للخروج، يستعدون للفرار، ولكن في ثالث ثوان فقط صار جميع من في هذه الناحية وقد بلغوا ثمانية وعشرين ألفا، صاروا بعد ذلك حمما، في ثالث ثوان فقط، وغلت مياه البحر، صارت تغلي، وكانت مدينة

جميلة -كما يصفون ويذكرون- على شاطئ البحر. وكذلك أيضا ذكرت أشياء أخرى مشابهة، ولعلكم رأيتم في بعض التقارير، أو في بعض الصور مدينة كبيرة تذكر في التاريخ، يقال لها: "تيرا" من المدن التي كانت

في حوض البحر المتوسط، هاج بها بركان ضخم، هائل جدا، فحولها إلى بخار بمنفيها.

كل ذلك يدل على عزته، وقدرته، ونحن رأينا أشياء من هذا القبيل، رأينا هذا الطوفان الذي يقال له: "تسونامي"، ورأينا كيف يجرف القرى، وما صادفه، وما

مر به، حتى إنه يحمل الباخرة الكبيرة الضخمة من البحر، ويلقيها كأنها قطعةورق فوق القرية، أو فوق المدينة، أو فوق األبنية.

بل أقل من هذا، نحن نرى السيول حينما تجتمع في هذه الصحراء، في بالدنا التيتقل فيها األمطار، ما الذي يحصل؟.

تحمل الشاحنات، والسيارات، فيتحول ذلك جميعا بعد مدة يسيرة، إلى سكراب - كما يقال-، السيارات فوق بعضها، تتقاذفها أمواج هذه السيول في وسط المدينة،

فهذا يدل على ماذا؟ يدل على شدة بأس الله -تبارك وتعالى-، والله يرينا من آياته، وما أصابنا من

المصائب فإنما هو بما كسبت أيدينا، ويعفو عن كثير. أن الله -تبارك وتعالى- ال يضيع منالثالث من آثار هذا االسم الكريم:

}ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراطاعتصم به، ولجأ إليه، [. 101]آل عمران:مستقيم{

هذا محمد بن يزيد، هو من رجال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، فعمر بن عبد العزيز عزل في وقته أمراء الحجاج، ومن كان له صلة بالحجاج، ومن هؤالء كاتب

للحجاج يقال له: يزيد بن أبي مسلم، وكان قد حبس. فعمر -رضي الله عنه- أمر هذا الرجل الذي هو محمد بن يزيد أن يخرج السجناء، فكتب إليه بأسمائهم، وأبقى كاتب الحجاج يزيد بن أبي مسلم، فحقد يزيد بن أبي

مسلم على هذا الرجل، وهو محمد بن يزيد، ثم أخرج بعد مدة، وكان محمد بن يزيد في أفريقيا، فجعل يطلبه، ويبحث عنه، يقول: فسمعت أنه قدم فاستخفى،

هذا بعد عهد عمر بن عبد العزيز. فيزيد بن أبي مسلم يريد أن ينتقم من محمد بن يزيد، لماذا أبقاه، ولم يكتب

اسمه لعمر بن عبد العزيز ضمن من رفع إليه من أسماء هؤالء السجناء؟ فبحث عنه، فوجده، فجيء به، وقال له: لطالما سألت الله -عز وجل- أن يمكنني

منك، فماذا قال هذا الرجل؟.

Page 11: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

قال: وأنا طالما طلبت من الله أن يعيذني منك. فقال يزيد: ما أعاذك الله مني، والله ألقتلنك، ولو سابقني ملك الموت إلى قبض

روحك لسبقته!! -نسأل الله العافية-، ثم دعا بالسيف، والجلد الذي يوقف عليه من يراد قتله، فأتي به موثقا، وأقيم في هذا المكان، ثم شد رأسه إلى األمام

بحبل؛ ألجل أن يضرب بالسيف، وأقام وراءه رجال يحمل سيفا. فأقيمت الصالة، فقال: أمهل حتى أصلي، وأرجع، وهذا ممدودة رقبته، مربوط

رأسه بحبل، وعلى موضع القتل. فلما كان في صالته وهو في السجود إذ أخذ بالسيوف، جاء أناس، فهجموا عليه،

وضربوه، وقتلوه، وهو ساجد، ثم دخلوا القصر، وأطلقوا هذا، وأنجاه الله -عز وجل- بفعل أولئك، وهذا يقول: لو سابقني ملك الموت لسبقته، فكان موته قبله،

فهذا من عزته -تبارك وتعالى. أن الله -تبارك وتعالى- لكمال عزتهالرابع من آثار هذا االسم الكريم:

قضى على اإلنسان، وصار حكمه نافذا فيه، وصرف إرادته على ما يشاء، وحال[.24]األنفال: }واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه{ بين العبد، وقلبه،

قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف شاء، فهو يصرف هذاالمخلوق في باطنه، وظاهره، فال يقع في ملكه إال ما يريد -سبحانه وتعالى.

فال يستطيع أحد أن يؤمن إال إذا كان الله -عز وجل- قد أذن بذلك، وشاء، ووفقه،وال يقع لإلنسان نفع، وال ضر إال بما أراده الله، وساقه إليه، ومن ثم فإن الله -

تبارك وتعالى- له الحكم المطلق على هذا اإلنسان، وعلى غيره. الناس ال يستطيعون أن يحكموا على قلبك، وأن يصرفوه، فإن الله وحده هو

الذي له ذلك، فالله هو ملك القلوب، وليس ذلك ألحد سواه؛ ألنه ال يملك القلوب،وال يصرفها إال ربها، وخالقها -جل جالله.

))يا مقلب القلوب ثبت قلبي علىولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: . (1)دينك((

ا، أو وال أحد يملك ذلك، ال أحد يملك أن يتصرف في قلب اإلنسان، أن يجعله محبمبغضا، مؤمنا، أو كافرا، وإنما ذلك لرب القلوب، دون أحد سواه، فهذا من عزته.

المخلوق قد يتسلط على ظاهرك، قد يتسلط على بدنك، قد يؤذيك، ولكنه اليستطيع أن يصل إلى القلب.

أن الله -تبارك وتعالى- سمى كتابه، الخامس من آثار هذا االسم الكريم: أعزه الله -عز وجل-، فهو كالمه، [،41]فصلت:}وإنه لكتاب عزيز{ فقال:

حفظه من الباطل، وقد مضى الكالم على هذا في درس مستقل، وذكرت فيه أنمن عزة هذا القرآن أن يرتفع من اشتغل به، وأقبل عليه.

ولهذا قال بعض أهل العلم: اشتغلنا بالقرآن، فغمرتنا البركات. وقال بعضهم: إنه من عزته أن ال تدخل معانيه في القلوب المعرضة عنه، فهو

كتاب عزيز، ال يعطى فضول األوقات، فإذا أقبل عليه العبد إقباال صحيحا، وعرف قدره، واشتغل به االشتغال الالئق فتحت له من معانيه، وكنوزه، وهداياته أمور ال

يقادر قدرها. فمن عمل بهذا القرآن رفع، وصار عزيزا، كما أن هذا الكتاب عزيز، غالب

بحججه، وكماله، وشموله، وبالغته، وفصاحته، فمن قال به، واحتج به فهو غالب،عزيز.

)( أخرجه أبو داود في السنن، أبواب الدعوات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، برقم1 [،39 ]طه:}ولتصنع على عيني{(، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب النعوت، قوله: 3522)

(، وصححه األلباني في األدب المفرد، برقم12107(، وأحمد في المسند، برقم )7690برقم )(683.)

Page 12: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

خامسا: ما يتصل بأثر اإليمان بهذا االسم الكريم: إذا عرف العبد أن ربه عزيز، فما أثر ذلك عليه؟، هو من الجانب اإليماني، من

الناحية العملية، من الناحية السلوكية، نحن نتعبد لله –عز وجل- بهذا االسم }ولله األسماءالكريم، ونتقرب إليه بمقتضى هذا االسم )العزيز(، فندعوه،

. [180]األعراف:الحسنى فادعوه بها{ ندعوه دعاء مسألة، فنقول: يا عزيز أعز اإلسالم، وأهله، نقول: يا عزيز اقهر

أعداء اإلسالم، واهزمهم. وهكذا أيضا ندعوه دعاء عبادة، فأول ذلك وهو ما يقوم بقلب الموحد الذي آمن بهذا االسم اإليمان الصحيح: أن ندرك أن هذه العزة مستلزمة للوحدانية، فالذي جعل لله شريكا لم يؤمن بأن الله عزيز، جعل له شركاء ينازعونه في سلطانه،

وملكه. فالشرك ينافي العزة، كما أن العزة مستلزمة لجميع صفات الكمال، ولنفي

أضداد العزة، هذا )العزيز( ال يماثله شيء، ليس له نظير، ليس له ند، ليس لهمنازع في خلقه، وأمره -تبارك وتعالى.

من تمام عزته كما يقول الحافظ ابن القيم -رحمه الله-: "براءته من كل عيب، ونقص، وسوء من كل وجه، ال في ذاته، وال في أسمائه، وال في صفاته، وال في

. (1)أفعاله" فالذي يضيف النقص إلى الله -تبارك وتعالى- لم يحقق اإليمان الصحيح بهذه

الصفة، وذلك أن العيوب، والنقائص تنافي العزة الكاملة. وهو أن العبد إذا عرف أن ربه عزيز لم يشتغل عنهالثاني من هذه اآلثار:

بذل المعصية، والشهوات، والمدنسات، وإنما يكون مقبال عليه، ال يلتفت إلىشيء سواه.

هؤالء الذين تتعلق قلوبهم بمخلوق، ما يسمى بالعشق، هؤالء الذين تتعلق نفوسهم بالصور المحرمة، والمشاهد المحرمة، وما إلى ذلك، هذا يورثهم ذال يلوحا على وجهه، ومن نقص نقص على وجوههم، فإذا أكثر العبد من هذا ظهر ذلك جلي

منه، وهكذا. فإذا عرف العبد هذا الكمال لله -عز وجل-، وأنه )العزيز(، عند ذلك لم يجترئ

على معصيته، ولم يشتغل قلبه بها، وهذا يورثه التقوى، والمراقبة، والخوف؛ ألنربه -تبارك وتعالى- عزيز.

في المخلوقين قد يجترئ اإلنسان على من يراه ضعيفا، ال يعبأ به، وال يحتاط له، ولكن إذا كان هذا المخلوق الذي يمكن أن يحاسبه قد اتصف بعزة تليق

بالمخلوقين فإنه يحسب له ألف حساب، فكيف بالعزيز الذي له العزة الكاملة، الذي يعرف أحوال العبد في سره، وعالنيته، في خلوته، وجلوته؟، كيف يجترئ

عليه؟ هذا هو التوحيد، هذا الذي يؤثره اإليمان بهذه الصفات، أن يكون عند العبد من الخوف من الله، ومراقبته، واإلقبال عليه، أن يكون عنده من الوازع ما يحجزهعن مقارفة ما ال يليق، ال يحتاج أن ينظر الناس إليه، وال أن يراقبه أحد منهم.

إذا كان الناس يرون هذه الكاميرات عند اإلشارات فإنهم ال يجترئون علىتجاوزها، أليس كذلك؟،

لماذا؟ ألنه يعلم أنه سيحاسب.

وما هذه المحاسبة؟ محاسبة محتملة، فكيف يجترئ على الله -عز وجل؟.

(. 137(، وطريق الهجرتين )ص:269)( انظر: شفاء العليل )ص:1

Page 13: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

لو لم يكن في هذا إال أن اإلنسان إذا عصى الله -عز وجل- نكت في قلبه نكتةسوداء لكفى، النكتة السوداء هذه تقدر بـ ثالثمائة ريال؟

أبدا، لكن هذه معان ال نستشعرها. سمعت كلمة من أحد طلبة العلم، عن رجل من العامة، كبير في السن، خرج من

المسجد النبوي، فضاع في الساحة، ال يدري أين يتوجه، هو يأتي دائما على أقدامه، يذهب، ويجيء، فحصل له شيء من االلتباس، فجعل يسأل أين المكان

الفالني؟ أين الشارع الفالني؟

فقال له رجل: أنت تأتي من هذه الناحية، أعرف بيتك، وتأتي في غاية اإلسراع،يعني: أن األمر ال يلتبس عليك، أراك مسرعا حينما تأتي.

قال: من عرف الكروة جاء ولو زحافا، هذا ليس له عالقة مباشرة بموضوع)العزيز(، لكن ذكرني به أن إيمان اإلنسان يحمله على العمل.

هذا الرجل كبير في السن، يأتي وهو منطلق إلى المسجد النبوي؛ ألن الصالة بـألف صالة، من عرف الكروة جاء ولو زحافا يعني: جاء ولو يزحف.

لو قيل: الذي يأتي يصلي في المسجد النبوي في كل فرض له ألف ريال، من الفروض الخمسة، عدد األسرة ثمانية، أو عشرة، كل من يأتي له كذا، إذا قلت:

عشرة فكم يحصلون في الفرض الواحد؟ عددهم عشرة، كل واحد يحصل ألفا، عشرة آالف ريال، في الفروض الخمسة

يحصلون خمسين ألف ريال، كم يحصلون في عشرة أيام؟. كم يحصلون في الشهر؟.

فإذا كان األمر كذلك، هل يبقى أحد وما يذهب؟! الصغير، والكبير، والعليل، والسقيم، والمعاق، الجميع سيذهبون.

))صالة في مسجدي هذا خير من ألف صالةالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ، هذا من باب أن الشيء بالشيء يذكر. (1)فيما سواه، إال المسجد الحرام((

فهنا )العزيز(، حينما يقف اإلنسان، ويحسب ألف حساب لهذه الكاميرا التي لربمايغرم بسبب تجاوز هذه اإلشارة، أو نحو ذلك.

فلماذا ال يراقب الله -عز وجل-، والله يراه، والملك يراه، ويكتب ما يصدر عنه؟ويكفي في هذا أنه نكت فيه نكتة سوداء، فيحتاج العبد أن يقف مع هذا المعنى.

تجد اإلنسان أحيانا يذهب عند المسجد الحرام بـ مائة ألف صالة، احسبها. حسبنا ألف صالة، ويؤذن، ويقام وهو نائم.

قم صل مع الناس مائة ألف صالة. قال: أنا مسافر، سأجمع الظهر، والعصر.

مائة ألف صالة، لو كان فيه إيمان حقيقي، إيمان صحيح، إيمان قوي، إيمان محرك، نابض لذهب، ولو يزحف على الدرج من الدور رقم ثالثين إلى األرض لما

كان ذلك كثيرا. إذا عرف العبد أن ناصيته بيد الله -عز وجل-، وأنالثالث من هذه من اآلثار:

ر لله -تبارك وتعالى-، وأنه ال عصمة له إال حكمه نافذ فيه، وأنه مقهور مدب بعصمته -جل جالله-، وال توفيق إال بمعونته، فهو ذليل حقير ضعيف مسكين، كما

، فيزيده ذلك تذلال، وعبودية، واستكانة لربه، وخالقه؛(2)يقول الحافظ ابن القيم ألن أمره بيده؛ ألن مستقبله بيده؛ ألن كل ما يرجيه من النفع، وكل ما يخافه من

)( أخرجه البخاري، كتاب فضل الصالة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل الصالة في مسجد1 (، ومسلم، كتاب الحج، باب فضل الصالة بمسجدي مكة والمدينة،1190مكة، والمدينة، برقم )

(.1394برقم )(.1/222)( انظر: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد، وإياك نستعين )2

Page 14: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

الضر بيد الله -تبارك وتعالى-، فيتذلل له. مستقبلك بيده، اإلنسان قد يتذلل أحيانا لمخلوق؛ ألنه يعتقد أن قراره بيده،

ويقدم له أنواع الخدمات، بل قد يتحول إلى سائق خاص له؛ من أجل أن يحصل حظوة عنده، فإن أراده مهرجا صار يضحكه، ويؤنسه، وإن أراده رزينا كان كذلك،

وإذا أراده متفلسفا كان كذلك، فالله بيده نواصي الخلق. أن العبد إذا استشعر ذلك فإنه يستحضر أن الله -تبارك الرابع من هذه اآلثار:

وتعالى- له الكمال المطلق، وأن العبد أولى بالنقص، والذل، والضعف، فال يتكبر، وال يتعالى، وال يتعاظم، فالعزة جميعا، والحمد جميعا، والكمال بكل أنواعه،

والغنى كله لله -تبارك وتعالى. إذن ما الذي بقي للعبد!؟

العبد يصلح له الذل لربه، والتواضع، واالستكانة، وليس التعالي، فإن ذلك ال يصلحإال لله -تبارك وتعالى.

أن العبد إذا كان يريد المنعة، والعز فإنما يطلب ذلك الخامس من هذه اآلثار: }من كانمن الله وحده؛ ألن الله له العزة جميعا، العزة ال يملكها مخلوق،

ة جميعا{ ة فلله العز ؛ ولذلك ينبغي على األمة جميعا أن[10]فاطر:يريد العزتدرك هذا المعنى الكبير، العظيم، فال يرجون النصر من أعدائهم.

}أني ممدكم بألف من المالئكةالله -تبارك وتعالى- حينما أنزل المالئكة: في عزوة بدر، )مردفين( يعني: لغيرهم، أي يأتي بعدهم [،9]األنفال:مردفين{

من يزيد عليهم، ويكثرهم. }بلىولهذا ذكر بعد ذلك الثالثة اآلالف في سورة آل عمران، والخمسة اآلالف،

؛ يعني:[125]آل عمران:إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا{ الكفار من هذه الناحية التي تتخوفونها، وتتوقعون مجيء المدد للكفار منها،

مين{ . [125]آل عمران:}يمددكم ربكم بخمسة آالف من المالئكة مسو فهذه العقيدة ينبغي أن تكون راسخة عندنا، المالئكة لما أنزلهم الله -عز وجل-

بشرى. [،10، واألنفال:126]آل عمران:}وما جعله الله إال بشرى{ قال: الملك الواحد يمكن أن ينفخ جيش الكافرين بنفخة واحدة، ويطيرون في الهواء،

نفخة واحدة، فيتطايرون هم، وجمالهم، ومع ذلك أقوى صيغة من صيغ الحصر النفي، واالستثناء، [،10، واألنفال:126]آل عمران:}وما جعله الله إال بشرى{

الذي جاءت به كلمة التوحيد: )ال إله إال الله(. } أقوى}وما جعله الله إال بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إال

. [10]األنفال:}وما النصر إال من عند الله إن الله عزيز حكيم{ صيغة: فاألمة في آالمها، في جراحها، في مصائبها -كما هو الحال في بالد الشام- ال

ينبغي أن تفكر، وال أن يخطر ببالها أنها يمكن أن تنصر من أعدائها، أو أن ينصفوها، أو أن يقدموا لهم المدد، أو العون، أو السالح، أبدا والله، ونحن ال نستبشر بهذا، وال ننتظره منذ البداية، ونعلم أن هؤالء ال يقدمون شيئا إال إذا

علموا أنه يحقق مصالح يريدونها. فهم ال يتركون هذه األمة من اإلذالل، والقهر، واإلهانة، واالبتزاز، ال يريدون بهاخيرا، أبدا، فكيف يليق بأهل اإليمان أن يتطلعوا إلى أعدائهم أن ينصروهم؟!

}وما جعله الله [،126]آل عمران:}وما النصر إال من عند الله{ المالئكة، بشرى فقط، وإال فالنصر ليس من المالئكة، لو[،126]آل عمران:إال بشرى{

نزل جميع مالئكة السماء ال يملكون النصر، الله وحده هو الذي يملك النصر. }إن تنصروا اللهفهذا البد من األخذ بأسبابه، من التوكل على الله،

}وال تنازعوا فتفشلوا وتذهبواجتماع الكلمة، [،7]محمد:ينصركم{ وما إلى ذلك. [،46]األنفال:ريحكم{

Page 15: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

أن اإليمان بهذا االسم الكريم يجعل اإلنسان ال يركنالسادس من هذه اآلثار: إلى الدنيا، يعني: بعض الناس يظن أن العز هو أن يملك المال، أن يملك

المنصب، أن يكون آمرا، وناهيا، وهو أضعف من ذلك، الموت قد يأتيه في لحظة. العز إنما يكون بطاعة الله -عز وجل-، والتقرب إليه، وحسن الصلة به، وليس

باألخذ بعرض الدنيا، واستجماع حطامها، فمن كان يظن أن العز بذلك فهومخطئ.

فكم من إنسان جمع منها، وكانت شقاء، وسببا لمذلته، ومهانته، وكم من إنسانا فكان أمره اعتز بآخرين، وظن أن مثل هؤالء من أهل الدنيا يمكن أن يمنحوه عز

إلى خسار. ر المنافقين بأن لهم عذاباالله -تبارك وتعالى- يقول عن المنافقين: }بش

أليما * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغونة لله جميعا{ ة فإن العز ، فالمنافقون ال[139-138]النساء:عندهم العز

يعرفون هذه الحقائق. ة ولرسوله وللمؤمنين ولكنولهذا قال الله -عز وجل-: }ولله العز ، هم ال يعلمون ذلك؛ لجهلهم، وضاللهم،[8]المنافقون:المنافقين ال يعلمون{

}واتخذوا من دون الله آلهةوالله -تبارك وتعالى- يقول عن عبدة األوثان: ا * كال سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا{ ليكونوا لهم عز

.[82-81]مريم:مهما حاول اإلنسان أن يحصل العزة من غير هذا الطريق -وهو التوجه إلى الله -

عز وجل-، فإن مصيره إلى مهانة، وذل. أن اإليمان بهذا االسم يجعل المؤمن مقدما، شجاعا،السابع من هذه اآلثار:

وال يكون ذليال، مضيعا ألمر الله -عز وجل-، وطاعته وعبادته؛ بسبب ما ينتابه منالمخاوف التي تحجزه عن االمتثال، وهذا أمر ال إشكال فيه.

فرعون قام يقتل الذكور من المواليد، فنشأ موسى -صلى الله عليه وسلم- فيقصره، وكان هالكه على مرأى منه، وبسببه.

يوسف -صلى الله عليه وسلم- حاول إخوته أن يحولوا بينه وبين ما كان فيه منعز بين يدي أبيه، ومن حظوة، ومكانة، فماذا كان األمر؟

{ يأتون إليه يستعطفونه، ر نا وأهلنا الض [،88]يوسف:}يا أيها العزيز مس يتلطفون، يتذللون [،78]يوسف:}إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه{

عنده، يستعطفونه، وما علموا أن هذا هو الصغير الذي رموه في البئر؛ ليغيبواخبره، فصار شمسا.

فالله -تبارك وتعالى- ال غالب له، وال راد ألمره، فيتلمس العز باللجأ إليه، والتوجهلربنا، وخالقنا -سبحانه وتعالى.

وهكذا في نماذج وصور كثيرة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-، البن عباس ))يا غالم إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظفي الوصية المشهورة:

الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وأعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إال بشيء قد كتبه الله لك،

وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إال بشيء قد كتبه الله عليك،. (1)رفعت األقالم، وجفت الصحف((

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي، وال يقضى عليك، إنه ال يذل من واليت،

)( أخرجه الترمذي، أبواب صفة القيامة، والرقائق، والورع عن رسول الله -صلى الله عليه1 (، والطبراني في المعجم الكبير،2763(، وأحمد في المسند، برقم )2516وسلم-، برقم )

(. 7957(، وصححه األلباني في صحيح الجامع، برقم )11243برقم )

Page 16: files.zadapps.info€¦  · Web viewالمولى يعني: الأعلى، السيد. فأنت لدى بحبوحة الهون كائنُ سيأتي في الكلام على الآثار

وال يعز من عاديت، تباركت ربنا، وتعاليت، ال ملجأ منك إال إليك، نستغفرك، ونتوبإليك.

اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا. اللهم إنا نعوذ بعزتك ال إله إال أنت أن تضلنا، أنت الحي الذي ال يموت، والجن

واإلنس يموتون.ك ميت ك يستقر ويثبت *** فإذا اعتززت بمن يموت فإن عز ك كل عز ليكن برب

أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعيننا وإياكم على ذكره، وشكره، وحسن عبادته،وأن يلطف بإخواننا في بالد الشام، وفي كل مكان، وينصرهم نصرا مؤزرا.

اللهم عليك بعدوك، وعدوهم. اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم يا عزيز خذهم أخذ عزيز مقتدر. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه.