media.midad.commedia.midad.com/ar/books/38146/6awa_wa_kawa.pdf · 2018. 11. 8. · 6 رطاولخا...

400
1

Upload: others

Post on 01-Feb-2021

4 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • 1

  • 2

  • 3

  • 4

  • 5

    رسول سيِّدنا عىل والسالم والصالة هلل، واحلمد اهلل، بسم اهلل..

    ثمرات من راق، أو َرقَّ ما فيه انتخْبُت لطيف جمموٌع هذا والفوائد واألخبار، اخلواطر من شيًئا نُْتُه َضمَّ األوراق، دفاتري، ونثرُتُه ُكُتبي ويف بطون ُطَرِر قيَّدُتُه عىل مما واألبيات، الَكنانيش طبيعة فهذه ترتيب، وال تبويٍب دون الُدّر، َنْثر

    والَكشاكيل وُكُتِب الفوائد واخلواطر واملختارات.

    عديدة)1(، ُكُتٍب من مديدة، ٍة ُمدَّ يف ته مادَّ استفدُت وقد والُسنَّة، الكتاب فوائد أعالها الِعلم، من أنواًعا فيه وَبَثْثُت دي )ميغيل اإلسباين املؤلِّف كتاب عن احلديث نحو وأدناها ثربانتس(، وبني هذا وذاك كثرٌي من الفوائد الرشعية واللغوية، واألدبية والثقافية، بعُضها من خرائد الفرائد، وأبكار األفكار،

    التي مل ُتنْرَش يف كتاب، ومل ُتْذَكر يف ِحساب.

    مـة املقدِّ

    )1( ُأِخَذْت مادة هذا الكتاب من أكثر من 100 مرجع.

  • 6

    اخلواطر من فيه ما قيَّدُت أينِّ املجموع: هذا َخَبِ وِمْن عند إليها وألرجَع هلا، وصيانًة هبا، فرًحا وامُلَلح؛ والفوائد احلاجة، وألُبثَّ بعَضها َعْبَ بعض الوسائل التواصليَّة احلديثة، أن وال نارش، إىل أدفعها أن قصدي وال َوْكِدي ِمْن يكن ومل

    أْجعها يف كتاٍب سائر.

    والفوائد امُلَلح ُكُتب من معاِصٍ كتاٍب عىل اطَّلعُت إينِّ ثمَّ مة املقديس حممد إسعاف النشاشيبي اسمه »ُنَقُل األديب« للعالَّم له واعتنى به )املتوفَّ عام 1٣٦٨هـ- 1٩٤٨م( رمحه اهلل، قدَّ

    الدكتور إسحق احلسيني.

    َينْرُشُ الرسالة« »جملَّة يف أسبوعيٌَّة زاويٌة الكتاب، هذا أْصُل األدبيَّة واللطائف الطرائف من َيْستحِسنُه ما النشاشيبي فيها ة. ة، ومن ُكُتِب األدب خاصَّ التي خيتارها من ُكُتِب الرتاث عامَّ

    اء »جملَّة الرسالة« ُأعِجبوا مته: أنَّ ُقرَّ وقد َذَكَر احلسيني يف مقدِّإىل قون )يتشوَّ كانوا م وأنَّ اإلعجاب، أشدَّ املختارات هبذه عند ويستوحشون »النَُقل«، تلك ليقرأوا املجلَّة صدور

    انقطاعها(.

    اء، فكتب ا قالـه يف ذلـك: )ويف فـرتٍة طـال انتظـار الُقـرَّ َـّ ومِم

  • 7

    الدكتـور زكي مبارك يف »جملَّة الرسـالة« يقول: ِمْن واجبي نحو نفـي أن ُأْعلِـن أينِّ استوحشـُت لغيـاب الَشـَذرات التـي كان ينرشها األسـتاذ اجلليل إسـعاف النشاشيبي ... إىل أن قال: هي خمتـاراٌت مـن هنا وهناك، ولكنَّ الذوق يف نقلهـا قد َبَلَغ الغاية،

    ى: كتاب األمة العربية(. وأظنُّها سـتصبُح كتاًبا َيِقُّ له أن ُيَسـمَّ

    ناحية، وَبَعَثْت »النَُقل« كلَّها، فأعجبتني من ثم قرأُت تلك يف نفي فكرَة إخراِج ما لديَّ من ناحيٍة أخرى.

    النشاشيبي اختاره ما وبني اخرتُتُه ما بني أن ذلك وسبُب غريًبا، هذا وليس متامثلة، خمتاراٍت ة ثمَّ إنَّ بل الَشَبه، بعَض اُد ِعلٍم، وَنَجَعُة َمْعِرفة، َنِرُد املورد نفَسه، وننهُل فنحن جيًعا روَّ

    من امَلعني عينِه.

    اء ُقرَّ رسور رأيُت أينِّ الفكرة؛ النبعاث آخر وسبٌب شغوٌف مثقٌَّف جيٌل وهم النشاشيبي، بمختارات »الرسالة« تلك أعجبْتهم ذلك ومع املصادر، تتبُّع عىل َصبوٌر بالقراءة، منها. ق تفرَّ ما َيَْمع كتاب يف صدورها ومتنَّْوا املختارات،

    وأبناُء زماننا أحوج منهم إىل تقريب الِعلم وتسهيله وتيسريه.

    القراءة، إليهم ُيبِّب من إىل ٍة ماسَّ بحاجٍة اليوم شبابنا إن

  • 8

    أْثَروا الذين أسالفهم برتاث ويربطهم املعلومة، هلم ب وُيقرِّوَعَمَرة جْمدهم بُبناة ِصَلٍة عىل ليكونوا فيه؛ ُروا وأثَّ العامَلَ

    حضارهتم.

    ى، ويفتح وهذا الكتاب -عىل اختصاره- يضع بعض الُصَوَحمتواه، من لَيفيدوا ني« امُلختصِّ »غري اء للُقرَّ الُكَوى من شيًئا ن أسامء تلك املراجع ولريِجعوا إىل مراِجِعه، ال سيَّام وقد تضمَّ

    وَوَصَف بعًضا منها )1(.

    ا القارُئ الكريم.. وبعُد أيُّ

    من ماتٌع ٌب وَضْ التصنيف، أنواع من َحَسٌن نوٌع فهذا َمْهَيٌع فهو وحديًثا، قدياًم العلامء عليه َتَواَرَد التأليف، ُضوب من وهو األندلي، الَبَلوي قال حتى مسلوكة، ة وجادَّ متََّبع، علامء القرن السادس: )ما رأيُت أحًدا ممَّن لِقيُت من أهل اآلفاق،

    ة، وهي حجارٌة جمموعٌة كاألعالم واملنارات، كانت العرب )1( الُصَوى: مجع ُصوَّتضعها يف الصحراء للداللة عىل الطريق.

    ة، وهي النافذة الصغرية ُتْفَتح يف اجلدار ألجل اإلضاءة. والُكَوى: مجع ُكوَّ الفوائد فيه من فام الكلمتني األصيلتني أخذُت عنوان كتايب هذا، ومن هاتني من لالستزادة املعرفة لُشَداة آفاقًا يفتح واملصادر، األعالم وِذْكر واخلواطر،

    مناهل العلوم واآلداب.

  • 9

    رين ألطلُت وأمللت، لذا مني واملتأخِّ ْدُت َمْن فعل ذلك ِمَن املتقدِّ )1( ولو عدَّمة سأكتفي بِذْكر ثالثة من علامئنا املعارصين، أوهلم: شيخنا اإلمام العالَّوثانيهم: عة«. املتنوِّ »الفوائد كتابه: باز، واسم بن بن عبداهلل عبدالعزيز ب بشيخ احلنابلة، واسم شيخنا الفقيه عبداهلل بن عبدالعزيز بن عقيل امللقَّبن حممد الفقيه مة العالَّ الشيخ وثالثهم: عقيل«. ابن »كشكول كتابه: صالح بن عثيمني، واسم كتابه: »فرائد الفوائد«. رمحة اهلل عليهم أمجعني.

    إالَّ وله تعاليُق وأوراق، حتتوي عىل حكاياٍت وأشعار، ورسائَل وأخبار()1( وما كتايب هذا إالَّ نتيجٌة من نتائج أفكارهم، وثمرٌة ومن مطالَبه، استقيُت منابعهم فِمْن أشجارهم، ثمرات من انتقيُت أطايَبه، واهلل املسؤول أن يعله مقبواًل عنده، موائدهم ة اإلسالم، عىل نبيِّها أفضل الصالة نافًعا لعباده، مبارًكا عىل ُأمَّ

    وأزكى السالم.

    حممد بن �سليمان املهناجوال: 0505490525

    almohannam@ :تويرت[email protected] :إيميل

  • 10

    اإنَّ احَلْمَد هلل ..

    زُّ هَتُ كانت وقد بااًل، هلا ُيلِقي فال الكلمة هذه يسمع من ِمنَّا ا.. القلوَب َهزًّ

    ث بقصة إسالم »ِضاَمد« يقول ابن عبَّاس ريض اهلل عنه وهو ُيدِّوكان مكة، إىل األزدي« »ِضامد اسمه رجٌل َقِدم عنه: اهلل ريض إن يقولون: مكة سفهاَء فسمَع اجلاهلية- يف -أي الناَس َيْرِقي أْن اهللَ لعلَّ فَرَقْيُته الرجل هذا أتيُت أينِّ لو فقال: جمنون، حممًدا َأْرِقي إينِّ حممد، يا فقال: ملسو هيلع هللا ىلص النبيَّ فأتى قال: يدي. عىل َيْشِفَيُه يف لك هل يعني: لك؟ فهل شاء، َمن يدي عىل يشفي اهلل وإنَّ ث إليه، وقال: »إنَّ احلمد هلل، نحمده قية؟ فابتدأ النبيُّ ملسو هيلع هللا ىلص يتحدَّ الرُِّدِه اهللُ فال ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باهلل من رشور أنفسنا، َمن َيُْمِضلَّ له، ومن ُيضلِْل فال هادَي له، وأشهد أن ال إله إالَّ اهلل وحَده

    ا بعُد«. ال رشيَك له، وأنَّ حممًدا عبُده ورسوله؛ أمَّ

    رسوُل عليه فأعادُهنَّ هؤالء! كلامتِك عيلَّ أِعْد ِضاَمٌد: فقال اهلل ملسو هيلع هللا ىلص، ثم قال: َأِعْد عيلَّ فأعاد، ثم قال: أِعْد عيلَّ فأعاد »ثالث الَسَحرة، وقوَل الَكَهنِة، قوَل سمعُت لقد ِضامد: فقال ات« مرَّ

  • 11

    يَدك فهاِت هؤالء! كلامتِك مثَل سمعُت فام الشعراء، وقول ُأَبايِْعَك عىل اإلسالم، فباَيَعه رسوُل اهلل ملسو هيلع هللا ىلص عىل اإلسالم.

    � هذا اخلب أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده واإلمام مسلم يف صحيحه.

  • 12

    اأجمُل النا�ِس َخْلقًا

    كان عنه: اهلل ريض عازب بن الباء اجلليل الصحايب قال ليس َخْلًقا، وأحسنَهم وجًها، الناس أحسَن ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول

    بالطويل البائن وال بالقصري. متفق عليه.

    ويف روايٍة أنه قال: كان ملسو هيلع هللا ىلص مربوًعا، بعيَد ما بني املنكبني، له شعٌر يبلغ شحمة أذنيه، رأيته يف ُحلَّة محراء مل َأَر شيًئا أحسَن منه.

    البخاري ومسلم أيًضا عن أنس ريض اهلل عنه قال: وأخرج كان رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص أزهَر اللون، كأنَّ َعَرَقه اللؤلؤ.

    وقال أبو هريرة ريض اهلل عنه: كان رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص أبيَض كأنام ة. ِصيَغ من فِضَّ

    وعن جابر بن سمرة ريض اهلل عنه قال: رأيت رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص يف ليلة إضِحيان -يعني يف ليلة مقمرة مضيئة- فجعلُت أنظر إليه

    وإىل القمر، َفَلُهَو عندي أحسُن من القمر.

    وكان ملسو هيلع هللا ىلص ذا َشْعر يبلغ إىل قريب من منكبيه، وكان كثرَي َشْعر اللحية، ومع ذلك فقد تويفِّ وهو ابن ٦٣ وملَّا يِشْب من حليته إالَّ َهَن واراهنَّ الُدْهن؛ أي: أخفاهن. أقلُّ من عرشين شعرة! فإذا ادَّ

    صىلَّ اهلل عليه وعىل آله وصحبه وسلَّم.

  • 13

    كان النبي ملسو هيلع هللا ىلص ُيِبُّ االستامَع إىل األصوات احلسنة والتالوات املتَقنة.

    أيب اجلليل الصحايب باب عند فوقف الليايل من ليلًة ذهب الشجي، بصوته القرآن يقرأ موسى أبو فإذا األشعري، موسى فوقف رسول اهلل عند بابه يستمع إىل تالوته. فلامَّ كان من الَغِد قال له النبي ملسو هيلع هللا ىلص كام يف الصحيحني: »لو رأيَتني وأنا أستمع لقراءتك

    البارحَة، لقد ُأوتِيَت ِمزماًرا من مزامري آل داود«.موسى، أيب تالوَة ُيِبُّون عليهم اهلل رضوان الصحابة وكان

    فكان إذا صىلَّ هبم إمامًا قالوا: ليته قرأ بنا سورة البقرة!وكان إذا حرض جملًسا من جمالس أمري املؤمنني عمر ريض اهلل نا! فيقرأ أبو موسى القرآن رنا ربَّ عنه، قال له عمر: يا أبا موسى، ذكِّوالصحابُة يستمعون، ويف روايٍة البن حبان: فيقرأ عليهم القرآن

    ُله بصوته احلسن. ويتالحن؛ أي: ُيَرتِّاظ: )أبو موسى قال اإلمام الذهبي رمحه اهلل كام يف تذكرة احلفَّ

    األشعري ريض اهلل عنه، إليه املنتهى يف ُحْسن الصوت بالقرآن(.

    اأجمُل ال�صحابِة �صوتًا

  • 14

    ة يف األخالق والرتبية واالجتامع، ُمنتقاة من كتاب 1٢ ُدرَّ»األخالق والسرَي يف مداواة النفوس« البن حزم:

    عىل أعانك وما تعاىل، خالِِقك من بك قرَّ ما العلوم أجلُّ -1الوصول إىل رضاه.

    ْم نفَسه مكاَن َخصِمه. ٢- َمن أراد اإلنصاَف؛ فليتوهَّ

    ٣- ال َتْزَهْد فيمن َيرغب فيك؛ فإنَّ ذلك باٌب من أبواب الظلم.

    ٤- ال َترغب فيمن َيْزَهُد فيك فَتحُصل عىل اخِلْزي واخَليبة.

    ٥- ال ُتكلِّف صديَقك إالَّ مثَل ما تبذل له من نفسك؛ فإن طلبَت أكثَر فأنت ظامل.

    فِْعُل ينتفع بمعرفته؛ فهذا يؤملُِه، وال ما تنقل إىل حبيبك ٦- ال . ِّ األراذل. وال َتْكُتْمُه ما َيْسَترِضُّ بجهله؛ فهذا فِعُل أهل الرشَّ

    ُيصلُِح العني إىل العني ونظر خائم)1(، بالسَّ يذهب اللقاء -٧القلوب.

    )1( السخائم: مجع سخيمة، وهي احلقد والضغينة.

    من ُدَرِر الإمام ابن حزم

  • 15

    . ٨ - االبتالء بُقرب َمن َتْكَرُه، كاالبتالء بُبعِد َمن حُتِبُّ

    قك يف َمن يسمعك ال يصدِّ فإنَّ كل نفِسك؛ اك ومدَح إيَّ - ٩ذلك ولو كنت صادًقا، بل إنه يعل مدَحك لنفسك من

    أول معايبِك.

    1٠- اقنْع بمن عندك يقنْع بك َمن عندك.

    العقل أبواب من عظيٌم باٌب الناس بكالم املباالة طرُح -11والراحة، بل هو باُب العقِل كلِّه، والراحِة كلِّها.

    1٢- انظر يف املال واحلال والصحة إىل َمْن هو دوَنك، وانظر يف ين والعلم والفضائل إىل َمْن هو فوقك. الدِّ

    � تويفِّ ابن حزم سنة 456 هـ رمحه اهلل.

  • 16

    ر يف الدم )وانخفاضه كذلك( من أمراض العرص، ارتفاع الُسكَّان تراثيان ُيَظنُّ أن هلام عالقة بذلك. وهذان َنصَّ

    ر: ارتفاع ال�ُسكَّ

    ُذكِر يف ترجة اإلمام مسلم بن احلجاج »صاحب الصحيح« أنه عنه، والسؤال احلديث ملذاكرة جملٌس له ُعِقَد الليايل من ليلٍة يف الرساج وأوقد بيته إىل فانرصف يعرفه، فلم حديٍث عن فُسئِل له: فقالوا أحٌد، الليلة َيْدخل عيلَّ ُكُتبه وقال ألهله: ال لينظر يف موها إليه، فأخذ ُيفتِّش موها إيلَّ فقدَّ ُة مَتٍْر، فقال: قدِّ ُأْهديْت لنا َسلََّدْأَبه طوَل ليلته، حتى يف الكتب ويأكل من التمر. فلم يزل ذلك السلَّة ُبغيته من احلديث، وأكل كلَّ ما يف تلك أصبح وقد وجد ثَِقٌل وَتَعٌب فامت، وذلك سنة التمر، فحصل له بسبب ذلك من

    ٢٦1هـ وعمره ٥٥ سنة.

    ري، ومل يكن يعلم، قلُت: لعله -رمحه اهلل- كان مريًضا بالُسكَّفنَِيَ نفَسه وهو يبحث عن احلديث، فأكَثَر ِمن َأْكِل التمر، فامت!

    ر وانخفا�صه كَّ ارتفاع ال�صُ

  • 17

    انخفا�ض ال�سكر:

    يف ترجة العامِل النحوي عيسى بن عمر الثقفي من معجم األدباء )1٤٨/1٦( قال ياقوت احلموي:

    ٌر ُسكَّ فيها ِخرقًة معه َيِْمُل دهِره طوَل عمر بن عيسى وكان والة بعض عند أو سائًرا، أو واقًفا، كان فربَّام يابس، اٌص وإِجَّاصًة أو البرصة فُتصيبه ُنَْكة -أي تعب- فَيْخِفُق قلُبه، فيأخذ إجَّ

    ُصها، فإذا فعل ذلك سكن عليه. رة ُيلقيها يف َفِمه، ثم َيَتَمصَّ ُسكَّ

  • 18

    مدينة يف مقياًم بعدها وسنتني سبتمب 11 أحداث أيام كنت من »كاليفورنيا« والية يف مدينة أكب وهي أنجلوس«، »لوس

    الواليات املتحدة األمريكية.

    افتتح بعُض اإلخوة داًرا لتحفيظ وُقرب »مسجد امللك فهد« ًسا مدرِّ مرص- اء ُقرَّ -من محدي الشيخ وعيَّنوا الكريم، القرآن

    فيها.

    ُب من كل مكان، وكان ممَّن لفت نظري من هؤالء توافد الطالَّالطالِب طالٌب هندٌي جمتهٌد يبلغ اخلامسة عرشة من عمره، وكانت والدة هذا الطالِب تأيت به كلَّ يوم بعد العرص ومتُكث يف الدار، يف َيْفُرَغ ابنُها من الدرس والتسميع لتعود به قسمها النسائي، حتى

    ُقَبْيَل املغرب إىل بيتها.

    علمُت بعد ذلك أن هذه املرأة الصاحلة كانت تأيت بولدها من مكان بعيد، من مدينة )لونق بيتش( الواقعة عىل ُبعد ٥٠ كيلو مرت

    جنوب مدينة لوس أنجلوس.

    س القرآن َأْعَلَن ُمدرِّ بعد سنة وشهرين من املصابرة واملثابرة،

    فة ٌة عاليٌة ونتيجٌة ُم�صرِّ ِهمَّ

  • 19

    بكل فرح وفخر أنَّ هذا الشابَّ اهلندي الصغري قد ختم كتاب اهلل تعاىل، بحفٍظ متَقن، وأداٍء متميِّز.

    اهلنديَّ الطالب هذا أن عجيب- –وكّله األمر يف ما أْعجُب ث اللغة العربية، بل ال يعرف َحِفَظ كتاب اهلل كاماًل وهو ال يتحدَّ

    منها قلياًل وال كثرًيا! و﴿ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ﴾.

  • 20

    ليس اللفظ وهذا املعروف، اإلسفنجي الكريس هي الَكنََبة عريب لفظ وهناك الفرنسية، اللغة من وافد لفٌظ هو بل بعريب، كتابه يف الفريوزآبادي مة العالَّ قال )األريكة(؛ وهو عنه، ُيغني ُيتََّكُأ عليه؛ من الشهري القاموس املحيط: )األَِريَكُة: اسٌم لُكلِّ ما

    ٍة، وفِراٍش(. رَسيٍر، َوِمنَصَّ

    قلت: لعلك ترى أن كلمة »أريكة« أطيب عىل اللسان وأطرب فصيحة عربية كلمة كذلك وهي »كنبة«، كلمة من لآلذان عن وجل عزَّ فقال والتشويق، الوعد مقام يف القرآن استعَمَلها يعلنا أن اهلل نسأل .﴾ کک ڑ ڑ ژ ﴿ اجلنة: أصحاب

    منهم.

    فاستعملوا اللغة الفصحى رمحكم اهلل، فإنا أعىل وأوىل، وأغىل وأحىل، وال هتجروها؛ فإنَّ هجرها ُيَضيِّعها، وَيْفِصم ُعرانا عنها.

    َكَنَبٌة اأم اأريكٌة؟

  • 21

    السعيد، للدكتور حممد باز( ابن الشيخ ُينظر يف ذلك: كتاب )مسائل )1(نرش دار ابن اجلوزي.

    الُلْمَعة يف قراءة الإمام يف �صالة اجُلُمَعة

    ں ﴿ سورة األوىل الركعة يف األئمة يقرأ اجلمعة صالة يف ڻ ڻ ڻ ﴾ ويف الثانية سورة )الغاشية(، وهي ُسنَّة صحيحة

    منترشة، ثابتة عن النبي ملسو هيلع هللا ىلص.

    اجلمعة سورة اإلمام يقرأ أن وهي أيًضا؛ ثابتٌة ُسنَّة وهناك ُسنَّة وهي الثانية؛ الركعة يف املنافقون وسورة األوىل الركعة يف

    ة اآلن بسبب طوهلا. معروفة، لكْن قلَّ َمن يعمل هبا من األئمَّ

    يف يقرأ أن وهي ملسو هيلع هللا ىلص، النبي عن ثابتة ثالثة ُسنَّة هناك أنَّ كام وهذه الغاشية، سورة الثانية ويف اجلمعة، سورة األوىل الركعة الُسنَّة قلَّ من الناس من يعلمها، مع أنَّ حديَثها ثابٌت يف صحيح

    مسلم.

    قال شيخنا ابن باز رمحه اهلل)1(:

    )الُسنَُّة يف صالة اجلمعة: أن يقرأ اإلماُم سورَة اجلمعة واملنافقون، أو سورة سبِّح والغاشية، أو سورة اجلمعة والغاشية(.

  • 22

    جفاًء، التَّنُوخي القاسم أيب صديقه من ع امُلَفجَّ الشاعر رأى فكتب إليه:

    كان وداٌد فزال وانرصمـــــــاَدمـــــــا وكان عهٌد فَباَن واْنَ

    ُهْم وَأَبـْوا لو َأْعَرَض الناُس كلُّمل َيْنُقصوا رزقَي الذي ُقِســــام

    ا ـً وقد صِحبنا يف عرصنا ُأمَمــــوقد فقدنا من قبلهم ُأمَمـــــــا

    فام هلكنا َهـْزاًل وال ســـاخت األرض ومل تقطر السامء دمـــا

    يف اهلل من كل هالك خــــلٌف ال َيْرهب الدهر من به اعتصام

    ا بـه اجلميــل فــــام ُحــٌر ظَننَّمَمــــا ا وال رعـى الذِّ ـً َق ظن حقَّ

    فكان ماذا؟ ما كلُّ ُمعَتَمـــــٍدعليه يرعى الوفاء والكرمــــا

    إىل آخر األبيات، وهي يف كتاب نشوار املحاضة 1/٢1٣.

    ُحْرقة .. وفل�صفة ُفْرقة

  • 23

    النَّْحُت يف اللُّغة: بناُء كلمٍة جديدٍة من كلمتني أو أكثر.

    اهلل بسم من: مأخوذة جديدة كلمة فهي )الَبْسَمَلة( مثاله: العاملني، احلمد هلل رب )احَلْمَدَلة( من: ومثلها: الرحيم، الرمحن )واحلوقلة( أو )احلولقة( من: ال حول وال قوة إال باهلل. وكلامت

    النْحت كثرية معلومة.

    من هو وإنام الكلامت، جمموع من ليس آخر، َنْحٌت وهناك اإلنجليزية اللغة يف جًدا شائع وهو كلمة، كلِّ حروف أوائل

    acronym ويسمونه

    ومن أشهر أمثلته:

    )USA( ويرمز للواليات املتَّحدة األمريكية.

    و )UK( ويرمز للمملكة املتَّحدة.

    و )CIA(ويرمز لالستخبارات األمريكية.

    و »واس« ويرمز لوكالة األنباء السعودية.. وهكذا.

    الَنّْحـــت

  • 24

    ومن أمثلته لدى السابقني: )كشاجم( وهو أديب مشهور اسمه حممود بن احلسني تويف عام ٣٦٠ للهجرة، واسمه مأخوٌذ من أوائل حروف أوصافه؛ فقد كان كاتًبا، شاعًرا، أديًبا، جياًل، منطقًيا: أي

    جميًدا لعلم املنطق؛ ولذا أطلق عليه أهُل عرِصه لفظ كشاجم.

    ه صاحب ى: )النَْحت الَطَريف( وسامَّ وهذا النوع من النحت ُيسمَّه: النحط! وهي كتاب »معجم الدخيل يف اللغة العربية«)1( سامَّكلمة َنَحَتها هو من كلمة: )النحت الَطَريف( فهي َنْحٌت من َنْحٍت!

    )1( للعامل اهلندي ف. عبدالرحيم، نزيل املدينة النبوية، حفظه اهلل.

  • 25

    رفع قد اإلمام فوجد اجلمعة، لصالة املسجَد رجٌل دخل س: د من الركوع يف الركعة الثانية )وجده يف السجود أو التشهُّمثاًل( فهل يقيض ما فاته - بعدما ُيسلِّم اإلمام - ركعتني، أم

    يقضيه أربع ركعات؟

    واإلمام اجلمعة لصالة املسجَد فدخل اإلنساُن تأّخر إذا : ج فإنه الثانية الركعة وأدرك األوىل الركعة فاتته فإن يصيل، يقيض ركعة واحدة فقط، وإن دخل مع اإلمام بعدما رفع أنه بمعنى ُظهًرا، يقضيها فإنه الثانية الركعة من اإلمام يدخل مع اإلمام، فإذا َسّلم اإلماُم قام وقىض الصالَة أربَع

    ركعاٍت.

    هذا هو قول أئمتنا الثالثة؛ مالك، والشافعي، وأمحد، واختيار علامئنا الثالثة؛ األلباين، وابن باز، وابن عثيمني، رمحهم اهلل جيًعا.

    �صوؤاٌل وجواب

  • 26

    َم أحُد احلاضين بكلمٍة يف جملس فيه جٌع من أهل العلم، تكلَّختمها بقصٍة عن عمر بن اخلطاب، وهي قصة ال َتثبت عن عمر، ا من َقْدِره ريض اهلل عنه. وحني ختم كلمته قلت كام أنَّ فيها َغضًّله بصوٍت َسِمَعُه اجلميع: هذه القصة ال تصحُّ عن عمر ريض اهلل

    ماٍت وال جمامالت. عنه! ثم بيَّنُت وجَه ذلك دون مقدِّ

    ويف هذه األثناء دخل ُمَضيُِّفنا ودعانا إىل الَعشاء، فلم أمتكن ِة دَّ من تلطيف الكالم الذي شعرُت أن فيه شيًئا من اجلفاء والشِّْمُت أن أعتذر إليه عىل املأل بعد عىل أخينا الذي َأْوَرَد القصَة. َهَالَعشاء، لكنَّ أكثر احلاضين ومعهم الرجل الذي أورد القصة،

    استأذنوا وذهبوا إىل بيوهتم.

    قررُت أن أرسل إليه رسالة اعتذار، ثم تذكرُت قصًة وقعت للشيخ أيب حامد األَْسَفَرايِيني فرتاجعت!

    أيب الشيخ قصة ومعه االعتذار إرساَل رُت قرَّ أخرًيا لكنَّني حامد، ففعلُت، وهذا نصُّ رسالتي:

    رِّ خطاأ يف الَعَلن واعتذار يف ال�صِّ

  • 27

    ..... وحبيبي أخي يا وبركاته اهلل ورمحة عليكم )السالم البارحَة كلمتك عىل التعقيب يف استعجلُت فقد إليك؛ أعتذر داٍت، ومتنَّيُت لو امتدَّ املجلس بعد الَعَشاء ماٍت وال مُمَهِّ دون مقدِّ

    أِلَعتذر إليك عىل املأل(.

    ثم بعثُت إليه قصة الشيخ أيب حامد، وقلت بعدها: معنى هذه القصة ينطبق عيلَّ متاًما!

    فأساء اإلسفرايني، حامد أبا اإلمام الفقهاء من فقيٌه ناظر الفقيه إىل الشيخ أيب حامد أمام الناس، ثم جاءه يف الليل معتذًرا،

    فأنشأ أبو حامد هذين البيتني:

    جفاٌء جرى َجْهًرا لدى الناس وانبسْطـد ما َفـــَرْط ا فأكَّ وُعـــْذٌر أتـى ِســرًّ

    وَمن َظـنَّ أْن َيْمُحـو َجــيلَّ جفائِــــِهخفيُّ اعتـذاٍر فهـو يف أعظـِم الَغَلـــْط

    وبحمد اهلل، فإن هذا االعتذار، وإتباَعه بتلك القصة، قد َأْينََعا ى عنِّي. ين ورَسَّ ثمرًة طيبة فجاءين من أخي جواٌب رَسَّ

  • 28

    التابعي ترجة يف النبالء« أعالم »سري يف الذهبي اإلمام ذكر النبي ملسو هيلع هللا ىلص، ثم عقَّب الّسْلاَمين، كالًما له حول ُحبِّ َعبيدة اجلليل

    اإلمام الذهبي بقوله:

    فابذل ماَلك يف َزورة مسجده الذي بناه بيده، والسالِم عليه عند بالنظر حجرته يف بلده، ومتألَّ باحللول يف روضته ومقعده، واْلَتذَّ إىل ُأُحِده )1( فقد كان ملسو هيلع هللا ىلص ُيبه، فلن تكون مؤمنًا حتى يكون هذا والناِس وأموالِك، وولِدك، نفسك، من إليك أحبَّ ملسو هيلع هللا ىلص السيد

    أجعني.

    الإمام الذهبي رحمه اهلل

    َيُحثُّ على زيارة مدينة النبي ملسو هيلع هللا ىلص

    )1( يعني جبل أحد

  • 29

    هذه املنظومة ذكرها العبدري يف ِرحلته املعروفة، وهي لإلمام ل املقديس املتوفَّ عام )٦11هـ( )وهو الفقيه احلافظ عيل بن املفضَّ

    من شيوخ اإلمام املنذري( رمحهام اهلل تعاىل:َخرِسَ الذي ترَك الصالة وخابـــاوأبـى َمَعــاًدا صاحلــًا ومآبــــا

    إن كان يحُدهـا فحسـُبَك أّنــَهأمسى بربِّـك كافــًرا مرتابـــــا

    أو كان يرتُكـها لنـوِع تكاُســـٍلغطَّى عىل وجه الصواب ِحجابـا

    وِمَن األئمـة َمْن يقـــول بأنَّــــُهال َينْتهي عنـه وإن هـــو تابـــــا

    إيٍه ومنهــْم من يقـــول بقْتلِـــِهُكْفـرًا ويقطـُع دونــه األســـبابا

    فالشـافعيُّ ومالـٌك َرَأيــا لــــهإن مل َيُتْب حـدَّ احُلســاِم َعقابـــا

    َكَمٌة يف ُحْكِم تارك ال�صالة منظومٌة لطيفٌة ُمْ

  • 30

    ًة وأبـو حنيفـة قال ُيْتــرُك مــــرًَّة إيابــــا ــاًل وُيَبـــُس مــرَّ َهَ

    والظــاهُر املشهور من أقوالــــهتعزيــُره زجــًرا لـــه وِعقابـــا

    َبـه اإلمــام والرأي عندي أن يؤدِّبكـل تأديــٍب يــراه صـوابــــا

    ويكفُّ عنه القتَل طـوَل حيـــاتهحتى ُيالقي يف املــآب ِحســــابا

    فاألصـُل ِعصَمُتُه إىل أن يمتطـيإحدى الثالث إىل اهلالك ِركابــا

    الكـفُر أو قتـُل املكــايف عامـــًدانــا فأصــابا أو حُمَْصٌن َطـَلَب الزِّ

    العيد يف كتابه دقيق ابن اإلمام أيًضا: األبيات َذَكَر هذه وممن الشهري »إحكام األحكام رشح عمدة األحكام«، وهو من شيوخ

    . الَعْبدري صاحب الِرحلة، لكنَّ سياق العبدري أتمُّ

  • 31

    مة عبد اهلل بن عقيل -رمحه يف عام 1٣٧٨هـ كان شيخنا العالَّ)فورد سيارهتم وكانت القصيم، إىل مكة من طريقه يف اهلل- ا حوض وأمَّ )الغامرة(، السيارة مقدمة الشيخ يف وانيت(، وكان السيارة )الصندوق( ففيه العفش )أغراض السفر( وفوقه قاعدة من يصحبهم ملن مكاًنا ويعلونا يفرشونا اخلشب من مرية نساء إحداُهنَّ الرحلة ثالث تلك املسافرين، وكان يصحبهم يف

    زوجة الشيخ ومعها طفل هلا صغري.

    وبينام هم يمشون يف الليل )بني بلديت احلناكية وعقلة الصقور(، ة التعب وكان الطريق ترابيًّا غري نام أولئك النسوة الثالثة من ِشدَّتكفي جانبية فتحة السيارة يف وكان الطفل ك فتحرَّ ُمسفلت، لسقوطه، فسقط منها ومشت السيارة وتركته يف الَب يف تلك الليلة

    الظلامء!

    سْت ولدها فلم جتده، فبحثْت عنه بني تلمَّ ه ُأمُّ فلام استيقظت ونزل السيارة فتوقفت بالِرجال فرصخْت جتده، فلم األغراض

    الِرجال وعلِموا أن الطفل قد سقط يف الب.

    ﴿ڀ ٺ ٺٺ ٺ ٿ ٿ﴾ـُة جنـاة ِق�صَّ

  • 32

    أ الشيخ من َرْوِع زوجتِه ومل َيُلْمها ومل يعاتبها قال الراوي : فهدَّعىل تفريطها؛ بل قال هلا: إن كان اهلل كاتب له حياة بنلقاه. ثم أمر لئاّل تذهب ينتبه؛ الطريق نفسه، وأن بالرجوع من الشيخ سائقه هبم الطرق إىل جهات أخرى، ولئال يطؤوا الصغري بسيارهتم وهم

    يبحثون عنه يف الظالم!فلامَّ رجعوا، إذا هبم يدون سواد الطفل، فاقرتبوا منه فوجدوه عىل ُمنَْكبٌّ هو )وإذا الشيخ: قال الرتايب؛ الطريق جانب عىل بأًذى سوى ُجرٍح بسيط يف رأسه، فَحِمدنا نائم، مل ُيَصب وجهه عىل السيارات مرور من وسالمته قطة، السَّ من سالمته عىل اهللَ

    نفس اخلط، وسالمته من الِسباع(.وقد عقيل، بن اهلل عبد الشيخ ولد إبراهيم هو الطفل وهذا

    َقه اهلل وَحِفَظه. ات عديدة. وفَّ رأيته يف بيت الشيخ مرَّالرشيمي خالد الشيخ من سمعتها الطفل نجاة قصة من بقريب موجودٌة وهي عقيل«، بن اهلل عبد الشيخ »نسيب وأهم سريته عقيل: ابن العالمة )الشيخ كتاب: يف السياق هذا

    مراسالته( 1/٣٤٢.

  • 33

    تسُع تغريداٍت فيها حديٌث عن ذلك، وفيها ِذكر رأي ابن باز ويشء من أحواله

    1- من فضل اهلل عىل قاصدي بيته احلرام، أنَّ الصالة فيه تعِدل مئة فضل وهو الصحيحة، األحاديث بذلك ثبتْت صالة، ألف

    عظيم َتُتوُق له قلوُب عباِد اهلل الصاحلني.

    إالَّ ملن صىلَّ يف تكون العلامء: مضاعفة األجر ال قال بعض -٢ا مساجد مكة األخرى فال ُيضاَعف املسجد احلرام نفِسه، أمَّ

    أجُر الصالة فيها ولو كانت داخل حدِّ احلرم.

    داخٌل هو ما كلَّ تشمل األجر مضاعفة بل آخرون: وقال -٣ضمَن حدوِد احلرم، وهذا القول هو قول ابن حزم، واختاره

    النووي، وابن القيم، وابن حجر، وابن باز رمحهم اهلل.

    ٤- وقد كان الشيخ ابن باز رمحه اهلل ُيصيلِّ يف احلرم، وله موضٌع معلوٌم يف صحن املسجد احلرام، فلامَّ َكِبَ وشقَّ عليه املجيء،

    هل ال�صالة داخل حدود احلرم

    كال�صالة يف امل�صجد احلرام نف�صه؟

  • 34

    صار ُيصيلِّ يف مسجٍد قرب بيته بحيِّ العزيزية؛ وذلك لدخوله يف الفضل كام أسلفت.

    ٥- وقد صىلَّ أخي د. خالد املهنا -وهو أحد أئمة املسجد النبوي اآلن- بالشيخ ابن باز الرتاويح يف املسجد املعروف بمسجد

    ابن باز الكبري بالعزيزية، وذلك قبل وفاة الشيخ بقليل.

    ته، وناهز ٦- قال أخي: كان الشيخ ابن باز مع أنه قد ضُعفت قوَّالتسعني من عمره، كان مع ذلك قوي احلفظ يفتح عىل اإلمام

    حتى يف متشابه القرآن!

    ٧- كام ذكر يل أخي أن الشيخ ابن باز مل يكن يعرتض عليه أثناء يف كذا افعل َت، قرصَّ أطلَت، قط: يقل مل بيشء، إمامته

    القنوت...إلخ، رمحه اهلل وغفر له.

    ثني أخي كذلك أنه كان أثناء إمامته للشيخ، كان إذا قرأ: ٨- وحدَّ﴿إن هذا لفي الصحف األوىل . صحف إبراهيم وموسى﴾

    سمع الشيخ يقول: عليهام الصالة والسالم.

    ٩- وهذه هي الُسنَّة؛ كان النبي الكريم ملسو هيلع هللا ىلص إذا مرَّ بآية فيها تسبيح ذ. )رواه مسلم( ذ تعوَّ سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوُّ

  • 35

    امُلقِرئني كبار من -وهو عيَّاش بن بكر أيب اإلمام ترجة يف ثني- قال: واملحدِّ

    ورددُت هلا ُت تصبَّ مصيبة أصابتني إذا شابٌّ وأنا كنُت البكاء عن نفي، فكان ذلك يوِجُعني وَيِزيُدين َأمَلًا.

    حتى رأيُت يوًما أعرابًيا واقًفا وقد اجتمع الناُس حوَله، وإذا هو ُينشد:

    خلييلَّ ُعوَجا من صدور الرواحِلبجمهوِر حزوى وابكيا يف املنازِل

    لعلَّ انحداَر الدمع ُيعِقُب راحــة من الَوْجِد أو َيشفي َنجيَّ البالبِل

    بكر: أبو قال ة. مَّ الرُّ ذو الشاعر هو هذا فقيل: عنه فسألُت فأصابتني بعد ذلك مصائُب، فكنت أبكي منها فأجد بعد البكاء راحًة، وأقول يف نفي: سبحان اهلل، ما أبرَص هذا األعرايبَّ وما

    أعلمه!

    ـح البكـاء يريِّ

  • 36

    ية يف مناقب شيخ رِّ قال ابن عبد اهلادي رمحه اهلل يف »العقود الدُّاإلسالم ابن تيميَّة«:

    ويف يوم اجُلُمعِة َصىلَّ الشيخ ابن تيميَّة رمِحه اهلل يف جامع احلاكم، بعُضهم إليه خلٌق عظيم، وسأله فاجتمع الصالة( )بعد وجلس أن يتكلَّم بيشٍء يسمعونه منه فلم ُيِْبُهم إىَِل ذلك. فقال له رجٌل:

    قال اهلل يف كتابه الكِريم: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ﴾ ]آل عمران: 1٨٧[. فنََهَض الشيخ قائاًم وابتدأ بخطبة احلاجِة، خْطَبِة ابِن مسعود ريض اهلل عنه، ثمَّ استعاذ

    باهللِ من الشيطان الرجيم وقرأ: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ثم ڄ﴾. ڄ ڄ ڦ ڦ ڦ ڦ ڤ ڤ تكلم عىل َتْفِسري َقْوله َتَعاىَل: ﴿ ٿ ٿ ٿ ٿ﴾ ويف

    ! ُن اْلَعرْصِ َن ُمَؤذِّ معنى العبادة واالستعانة إىل َأن أذَّ

    اهلل أكب .. ليت التسجيل الصويت كان معروفًا حينذاك.

    ا�صتثاروا ابن تيمية بالقراآن،

    فانطلق كال�صيل احلاِدر، وكالبحر الهاِدر

  • 37

    عام )املتوفَّ السريايف سعيد أبو الكبري النحوي مة العالَّ كان به مسألًة نحوية، ويف احلضور رجٌل عامٌي ٣٦٨هـ( يرشح لطالَّ

    ال يفهم من ذلك شيًئا.

    يا وقال: ي العامِّ الرجل ذلك قاطعه إذ يتكلَّم الشيخ وبينام شيخ يف أيِّ يشء تتكلم؟ فقال الشيخ: أتكلم يف يشٍء ال يعرفه ه يل لعيلِّ أفهمه، قال الشيخ: هذا ال يكون. كلُّ أحٍد. قال: فرسَِّلِزَمك اجلواُب، ِعْلاًم اقتبس منك أنَت عامِل، وَمن الرجل: فقال فقال الشيخ: عليك بمجلٍس يري فيه الكالم عن الَفْرض والنَْفل والُسنَن لتستفيد منه وتنتفع به، فأخذ الرجل يف املطاولة والكالم، ح ويوضِّ يبنيِّ عادته عىل درسه يف ومىض الشيخ عنه فأعرَض

    ، ال يدأ وال يفرُت لساُنه وال يفُّ ريُقه. ويتكلم وينثر الُدرَّ

    قام ثم م، وتبَّ َغِضَب ي العامِّ الرجل عىل الدرس طال فلامَّ وخرج.

    ن متكَّ ثقياًل أنَّ ظننُت ما سعيد: أبو الشيخ قال خرج فلامَّ

    رجٌل ثقيل الروح كاد يقتل ال�صيخ َكَمًدا ! )1(

    )1( معجم األدباء، ترمجة أيب سعيد السريايف.

  • 38

    إىل لَيْخَلُص ُثْقلِه َأمَلَ وإنَّ اليوَم، ِمنَّا الرجِل هذا َن مَتَكُّ أحٍد من ْمُت بني أيًضا، ثم َهَ ْمُت برْضبِه فقلت: ربَّام َضَ الروح. لقد َهََرق، ثم كدُت أصيح ْعف واخْلَ بالقيام فقلت: هذا ْضٌب من الضَّا وأرغُب إىل اهلل فقلت: هذا نوٌع من اجلنون، ثم بقيُت أدعو رِسًّل اهلل الكريم عيلَّ بذلك، ومع هذه احلالة مل فه، فتفضَّ تعاىل يف َصْ

    ايت ولِساين. د بني هَلَ تزل أبيات حممد بن املرزبان ترتدَّ

    ُبه: وما أبيات ابن املرزبان؟ فقال له ُطالَّ

    فقال:أيا شقيق الرصاِص واجَلَبِل

    ويا قريع األيــام يف الثَِّقــِل

    أِرْح حيايت فقد هجمَت عىلنفي وأرشفَت يب إىل أجـيل

    وساق بقيَّة األبيات.

  • 39

    من أمحد ابن تيميَّة إىل الوالدة السعيدة، أقرَّ اهلل عينها بنَِعِمه، وأسبغ عليها جزيَل َكَرِمه، وجعلها من خيار إمائِِه وَخَدِمه.

    السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته؛ وبعد:

    فإنَّا نحمد إليكم اهلل الذي ال إله إالَّ هو، وهو للحمد أهٌل، النبيِّني، خاتم عىل َ يصيلِّ أن ونسأله قدير، يشء كل عىل وهو وإماِم املتَّقني حممٍد عبده ورسوله صىل اهلل عليه وعىل آله وسلم

    تسلياًم.

    وآالٍء كريمة، وِمَنٍن عظيمة، اهلل من نَِعٍم عن إليكم كتايب اهلل ونَِعُم فضله، من املزيد ونسأله عليها، اهلل نشكر جسيمة، ام جاءت يف نموٍّ وازدياد، وأياديه َجلَّت عن التعداد. وتعلمون كلَّمتى ضورية، ألمور هو إّنام البالد، هذه يف الساعَة مقاَمنا أنَّ خمتارين –واهللِ- ولسنا والدنيا، الدين أمر علينا َفَسَد أهلناها الغائَب ولكنَّ إليكم، نا لرِسْ الطيوُر محلْتنا ولو عنكم، للُبعد

    عذُره معه.

    ر�صالُة �صيِخ الإ�صالم ابن تيمية

    ه اأثناَء �صفره للدعوة اإىل اهلل، اإىل اأُمِّ

    وهي ر�صالُة �صالٍم عليها، واعتذاٍر عن الُبعد عنها

  • 40

    إالَّ ختتارون ما فإنَّكم األمور باطن عىل لعتم اطَّ لو وأنتم ذلك، ومل نعزم عىل اإلقامة واالستيطان شهًرا واحًدا، بل كل يوم العظيم أن لنا باخِلرية، فنسأل اهلل لنا ولكم، فادعوا نستخري اهلل

    خَيِرَي لنا ولكم وللمسلمني ما فيه اخلرية يف خرٍي وعافية.

    واهلداية والرمحة اخلري أبواب من اهلل فتح فقد هذا، ومع والبكة، ما مل يكن خيطر بالبال وال يدور يف اخليال.

    ونحن يف كل وقت مهمومون بالسفر، مستخريون اهلل سبحانه وتعاىل، فال يظن الظانُّ أنَّا نؤثِر عىل ُقربِكم شيًئا من أمور الدنيا، بل وال نؤثِر من أمور الدين ما يكون قربكم أرجح منه، ولكن َثمَّ أموٌر كبار نخاف الرضر اخلاص والعام من إهاهلا، والشاهُد يرى ما ال يرى الغائب. واملطلوب كثرة الدعاء باخلرية، فإن اهلل م الغيوب، وقد قال يعلم وال نعلم، ويقدر وال نقدر، وهو عالَّالنبي ملسو هيلع هللا ىلص: »من سعادة ابن آدم، استخارُته اهلل ورضاه بام يقسم اهلل له؛ ومن شقاوة ابن آدم ترُك استخارته اهلَل وسخطه بام يقسم له«.

    فيحتاج ماله، بعض ضياع فيخاف مسافًرا يكون والتاجر أن يقيم حتى يستوفَيه، وما نحن فيه أمٌر َيِلُّ عن الوصف، وال

    َة إالَّ باهلل. حوَل وال قوَّ

  • 41

    )1( جمموع فتاوى ابن تيمية 48/28.

    والسالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته، كثرًيا كثرًيا، وعىل سائر واألهل اجلريان وسائر والصغار، الكبار من البيت يف َمْن العاملني، وصىل اهلل واألصحاب واحًدا واحًدا. واحلمد هلل رب

    عىل حممد وآله وصحبه وسلم تسلياًم )1(.

  • 42

    ث جابر بن زهري قال: كنت عند الشيخ أيب حممد احلريري حدَّر أقرأ عليه املقامات، فجاءه رجٌل فأخبه أن صاحبه أبا زيد املطهَّ

    َب مسكًرا، فكتب إليه احلريري: بن سالم قد رَشَِب الِطـال )1( أبا زيٍد اعلم أنَّ َمن رَشِ

    ِب تدنََّس فافهم رِسَّ قويل املهـــذَّ

    ر، والفتى يَت املطهَّ ومن َقْبُل ُسمِّق باألفعـال تسـمية األِب ُيَصـدِّ

    ــــرا فال حتُسـها َكْياَم تكون مطهَّوإالَّ فغريِّ ذلك االسَم واشـرِب!

    الشيخ أيب حممد إىل أقبَل حافًيا األبياُت َبَلَغْته هذه فلامَّ قال: احلريري، وأقسم باهلل أالَّ يعود إىل رشب امُلسِكر، فقال له الشيخ:

    وال جتالِْس من يرشب.

    املوعظة بال�ِصْعر

    )1( الطِال : اخلمر.

  • 43

    عامٌل حافٌظ إماٌم األندلي، البلني سليامن الربيع أبو هو اِده، كاتٌب أديٌب بليٌغ، ولد سنة باألسانيد، ِمْن َنَقَلِة احلديث وُنقَّ)٥٦٥هـ( وَويِلَ القضاَء بَبَلْنِسَيَة، وصنَّف مصنَّفاٍت عديدًة؛ منها كتاب )االكتفا يف مغازي املصطفى(، وُقتل يف وقعة أنيجة قرب

    بلنسية عام )٦٣٤هـ(.

    الصفوَف ًما متقدِّ يزل فلم املعركة دخل أنه مقتله: خب يف ُذِكر املسلمني املنهزمني من ينادي يده، وهو والرايُة يف الكّفار إىل زحًفا

    فيقول: أِمَن اجلّنِة تِفّرون؟! فلم يزل يقاتل الكّفاَر حتى ُقتِل رمحه اهلل.

    من وأكثُرهم العلامء، من ْجٌع اهلل سبيل يف ُقتِل قلت: األندلسيِّني؛ كالَكالعي املذكور، وكابن الَفَريِض صاحب كتاب املعروف العامِل وهو ُجَزيٍّ وكابن األندلس(، علامء )تاريخ اجلليل وكالقايض بالتسهيل، ى املسمَّ الفريد التفسري صاحب القايض شيوخ من وهو ُقْسِطي، َ الرسَّ الَصَديف عيل أيب ث املحدِّ

    عياض، رمحة اهلل عليهم أجعني.

    مة الَكالعي؟ هل تعرفون العالَّ

  • 44

    عيل بن حممد السعدي املقديس رمحه اهلل، عاملٌ جليٌل، ُيعدُّ من شيوخ اإلمام ابن تيمية رمحه اهلل؛ َكِب ِسنُّه، فضُعف عن الصالة يف املسجد، وضُعف بعد ذلك عن الصالة قائاًم، فكان يعتذر إىل

    اهلل ويقول:

    إليك اعتذاري من صـاليت قاعـــداوعجزَي عن ســعٍي إىل اجُلُمعــاِت

    وتركي صالة الفرض يف كل مسجٍدــَع فيــه النــاُس للصــــلواِت جتمَّ

    ـــــني فيا رب ال مُتُقْت صاليت ونجِّمن النــار واصفْح يل عـن اهَلَفـواِت

    اعتذاٌر ومناجاة

  • 45

    مشاهري من اهلل- -رمحه األكوع إسامعيل القايض مة العالَّالعريب، وحني زرُت صنعاء كان العامل اليمن، بل ويف العلامء يف ر. زرُته يف بيته ْمُت به زيارة هذا العامل اجلليل املعمَّ من أول ما َهَالثانية بصنعاء ُضًحى، وذلك قبل وفاته بأشهر )وكان يومها يف مة القايض العالَّ أنا وصديُقه والتسعني من ُعُمره(. دخلت عليه حممد بن إسامعيل العمراين، فلامَّ رأى صديقه رُسَّ )وهو عىل فراشه( ِحك، ويُد كلِّ واحٍد أيَّام رسور، وارتفعْت أصواهُتام بالكالم والضَّمنهام يف يد صاحبه، وأفاَضا يف حديٍث حول كتٍب معاصٍة اقتناها األكوع وقرأها وهو عىل فراشه، وكنُت أنظر إليهام وأعجب من ثان بكامل احليوية واالنسجام، وأنا ال أفهم بعض حاهلام وها يتحدَّ

    هلجتهام وها يف استغراق يف احلديث والضحك.

    ثم طلب الشيخ العمراين من الشيخ األكوع أن ييزين ففعل، حممًدا الشيخ أخي أجاز كام اتِه، مرويَّ بجميع إجازًة يل وكتب العريفي الذي كان منهمًكا وقَتها يف إلقاء املحاضات بمدارس

    صنعاء.

    مة يف جمل�س العالَّ

    القا�صي اإ�صماعيل الأكوع ب�صنعاء

  • 46

    يل قال السيارة، وركبنا األكوع الشيخ بيت من خرجنا فلامَّ من ففهمت اآلن؟ بنا تذهبون أين وللسائق: العمراين الشيخ سؤاله أنه يرغب يف مزيد من األُنس، فقلت له: نذهب إىل مسكننا،

    وأصنع لك القهوة العربية بالطريقة السعودية، فقال: طيب.

    فذهبنا، وملَّا طابت القهوة ووضعُتها والتمَر بني يدي الشيخ، دخل الشيخ حممد العريفي فرُسَّ به الشيخ العمراين، وجلسنا جملًسا ٌل عندي يف جهاٍز )بعضها مسجَّ العجيبة األُنس واألخبار ِملؤه اته، وكتب هاتفي( ويف آخر املجلس أجازنا الشيخ العمراين بمرويَّ

    لنا بذلك، جزاه اهلل خري اجلزاء.

    )*( يف آخر جمليس مع الشيخ إسامعيل قال يل: يا ولدي، بلِّغ سالمي ألربعة مشايخ عندكم يف الرياض: الشيخ عبد اهلل بن محود التوجيري، والشيخ عبد اهلل بن صالح العبيد، والشيخ عبد املحسن بن عبد العزيز العسكر، والشيخ َ يل إمتاَم مؤلفايت قبل أن أموت! إبراهيم باجس، وقل هلم: ادعوا اهللَ أن ُيَيسِّ

  • 47

    نبُح السحاَب يرض )ال الكلمة هذه نقرأ أو نسمع ما كثرًيا الكالب(، وهي كلمٌة ُتقال عندما يسبُّ الرجُل التافُه احلقرُي َمن

    هو أعىل منه منزلًة وأجلُّ َقْدًرا.

    ولكونا مقولة أصيلة وكلمًة سائرة، فإنه َيُْسن بنا أن نعرف سبَب ورودها.

    »كتاب الُعباب وبحره الُعجاب كتابه يف اجلاحظ يقول ت عليه السحائب باألمطار يف أيام احليوان«)1(: والكلب إذا أحلَّفكّلام واجلنون- الكآبة من نوٌع أصابه -أي ِجنَّة لقي الشتاء،

    أبرص َغْياًم َنَبَحه؛ ألنه قد َعَرف ما َيلَقى من األذى بسبب الغيم.

    ويف املثل: )ال يرض السحاَب نبُح الكالب(؛ قال الشاعر:

    ٌة ومالـَي ال أغـزو وللدهر كـرَّوقد نبحت نحو السامء كالهُبا

    رُّ ال�صحاَب َنْبُح الكالب ل َي�صُ

    )1( كتاب احليوان، للجاحظ، بتحقيق األستاذ عبد السالم هارون 73/2.

  • 48

    س( املقدَّ بـ )الكتاب ى العامل: هو ما ُسمِّ ُطبَِع يف أول كتاب أنه أي 1٤٥٠م. املوافق )٨٥٤هـ( عام جملدات ٣ يف ُطبع ابن احلافظ وفاة بعد عاًما، وسبعني مخسامئة ُقرابة من ُطبِع النَُسِخ، بعض اآلن منه ويوجد بسنتني! العسقالين حجر

    ا. لكنَّها نادرٌة جدًّ

    كتاب »طب األطفال« للرازي )املتوف عام ٣1٣ هـ( ُترِجم من العربية إىل الالتينية، وُطبعْت هذه الرتجة عام1٤٨1م.

    باللغة ُطبعْت التي الكتب أوائل النحو« من »اآلجرومية يف من أكثر قبل أي 1٥٩٢م، عام روما بمدينة ُطبَِع العربية،

    ٤٢٠ سنة.

    طباعُة الُكُتب معروفٌة قدمًيا

    � هذه الفوائد الثالث خمتارة من كتاب »الذخائر الرشقية« وهو جمموٌع مشتِمٌل املتوىف عام 1412هـ- عىل بحوث ودراسات ومقاالت لكوركيس عواد والتاريخ الرتاجم يف ني للمختصِّ املفيدة الُكُتب من وُيَعدُّ 1992م،

    والببليوغرافيا.

  • 49

    )سري كتاب من احلنبيل اهَلَمَذاين العالء أيب اإلمام ترجة يف أعالم النبالء(، قال الذهبي:

    خرها، بل كان ُينِفقها عىل تالمذته، )ُفتِحْت عليه الدنيا، فلم يدَّوما كان يبح عليه الكثري من الديون، مع كثرة ما كان ُيْفَتُح عليه. وكان َيْطلب ألصحابه من الناس، وُيِعزُّ أصحاَبه وَمن َيُلوُذ به، وال يرض دعوًة حتى يرض جاعة من أصحابه. وكان ُينِْزل كلَّ إنساٍن منزلَته، حتى تألَّفت القلوُب عىل حمبَّته وُحْسِن الِذكر له يف

    اآلفاق البعيدة(. انتهى كالم اإلمام الذهبي رمحه اهلل.

    قلت: سبحان اهلل! كأنَّه يتكلَُّم عن الشيخ ابن باز؛ فقد كان ذا منصٍب كبري، وراتٍب عال، ومع ذلك فقد كان راتبه الشهري َينَْفد يف منتصف الشهر فيضطرُّ لالقرتاض من أصحابه؛ وذلك

    لَكْثرة إنفاقه عىل ضيوفه وزائريه وسائليه. رمحة اهلل عليه.

    اَلُء مت�صابهون ُف�صَ

  • 50

    وال ُصوِمه خِلُ يدعو كان تيمية، ابن اإلسالم شيخ اهلل َرِحَم َيْدعو عليهم!

    قال تلميذه اإلمام ابن القيم رمحه اهلل: )وجئُت يوًما إىل شيخنا له، وأًذى عداوًة هم وأشدِّ أعدائه أكب بَِموت ُه ُأبرشِّ تيمية ابن ثم مسلٍم؟! بموِت ين تبرشِّ وقال: واسرتجع، يل ر وَتنَكَّ َفنََهَرين اُهم، وقال: إينِّ لكم مكاَنه، وال َفَعزَّ َفْوِره إىل بيت أهله قام ِمن فيه، وَساَعدُتكم إالَّ مساعدة إىل فيه حتتاجون أْمٌر لكم يكون وا به، وَدَعْوا له، وَعّظُموا هذه احلاَل ونحو هذا من الكالم. َفرُسُّ

    منه. َفَرمِحَه اهلل وريض عنه(.

    ـه من كتـاب: مدارج السـالكني انتهـى كالم ابـن القيـم بِنصِّ.٣٤٥/٢

    مهما كانت خ�صومُتك

    اِبه مع م�صلٍم فال تفرْح مُب�صَ

  • 51

    املبارك بن الكبري عبد اهلل اهُلاَمم، اإلمام املجاهد ث املحدِّ رحلة )املتوفَّ عام 1٨1هـ( رمحه اهلل، من أشهر رحالت احلج وأحسنِها، إليه اجتمَع احلجِّ وقُت جاء إذا كان املبارك ابن أن خبها: وِمن فيقولون: فارس(، بالد من )وهي مرو أهل من إخوانه من جٌع فيجعلها يف فيأخذها نفقاتكم، هاتوا فيقول: احلج، إىل نصحُبك صندوٍق عنَده وُيقفل عليها، فُيخرجهم من مرو إىل بغداد فال يزال ُينفق عليهم وُيطِعُمهم أطيَب الطعام وأطيَب احَلْلَوى، ثم خُيرجهم املدينة. إىل َيِصُلوا حتى حاٍل وأحسِن مروءة بأكمل بغداد من هم، حجِّ سائِر يف عليهم فُينفق مكة إىل املدينة من هبم يسري ثم هم قال لكل واحٍد وُيطِعُمهم أحسَن الطعام وَأْطَيَبه، فإذا َقَضْوا َحجَّمنهم: ماذا َأْوَصاَك عياُلك أن تشرتَي هلم من مكة؟ فيقول: أوصوين بكذا وكذا، فيشرتي هلم، ثم خيرج هبم من مكة فال يزال ُينفق عليهم حتى َيِصُلوا إىل بلدهم مرو. فإذا كان بعد ثالثة أيام من وصوهلم إىل بالدهم َعِمَل هلم وليمًة َوَكَساُهْم، ثم يدعو بالصندوق الذي وضع َته التي فيه نفقاهِتم قبل احلج، فيفتحه ويدفع لكل واحٍد منهم ُصَّ

    ها لنفقة احلج. ريض اهلل عنه وأرضاه ورمحه)1(. كان أعدَّ

    رحلُة َحج

    )1( مرجع هذا اخلرب: كتاب »تاريخ بغداد« للخطيب البغدادي.

  • 52

    عٌة من سنوات خمتلفة، وهي تغريداٌت خمترصٌة مقتطفاٌت متنوَِّنرَشهتا بعد موسم احلج عام 1٤٣٥هـ:

    اهلل عبد ث املحدِّ شيخنا مع حججُت سنة، )٢٠( نحو ِمن -1السعد، وكان خميَُّمنا ُقْرَب خميم الشيخ ابن باز، وقرب خميم الشيخ ابن عثيمني، وكنَّا نسمع تالوهَتام يف الصلوات ونحن

    يف خُمَيَِّمنا، رمحهام اهلل.

    ٢- كان خميَُّم الشيخ ابن باز -رمحه اهلل- أعجوبة، فيه من احلركة العلِم والدعوِة إىل اهلل، ما يعجز يافة، وَنرْشِ ِة، والضِّ واحليويَّ

    بياُن امُلبنِي عن وصفه.

    أنه العام، املهنا، وكان معنا يف حج ذلك ٣- ذكر أخي د. خالد سمع الشيخ ابن باز يقرأ يف صالة املغرب بسورة »املرسالت«

    اقتداًء بُسنَّة النبي ملسو هيلع هللا ىلص.

    ُعيينة ٤- حجَّ عطاء ابن أيب رباح سبعني سنة، وحجَّ سفياُن بن السنة ويف سنة، ستني من نحًوا باز ابُن وحجَّ سنة، سبعني األخرية من حياته منعه األطباء من احلج، فامتثل أمَرهم ويف

    مقتطفاٌت من ذكريات احلج

  • 53

    بشهٍر ذلك بعد مات أن لبث فام ولوعة، شديد حزٌن قلبه رمحه اهلل.

    مع َحَجْجُت قال: السعد، اهلل عبد ث املحدِّ الشيخ ثني حدَّ -٥عجًبا.. عبادته من فرأيُت التويري، محود مة العالَّ الشيخ

    َة الليل رمحه اهلل. كان ُيَصيلِّ عامَّ

    َبَلَغْت مؤلََّفاُته التويري من كبار علامء زمانِنا، الشيخ محود -٦1٩٩٣م، 1٤1٣هـ- عام تويف مؤلًَّفا، )٤٠( املطبوعة ر بحال السلف الصالح ثني أحُد أبنائه من عبادته بام ُيذكِّ حدَّ

    ريض اهلل عنهم.

    أبوه اجلنسية، أمريكي شابٌّ معنا حجَّ السنوات إحدى يف -٧ا هو فُسنِّيٌّ عابٌد مل أَر ه بلغارية نرصانية، أمَّ عراقي شيعي وُأمُّ

    ا أكثَر تعبًُّدا منه! يف حيايت شابًّ

    بكثرة نفَسك َأْتَعْبَت له: يقولون الشاب هذا أصحاب كان -٨َة بامئة ألِف صالٍة، وهذه الصالة! فيقول هلم: الصالُة يف مكَّ

    فرصة عظيمة ال أستطيع تفويَتها!

    عالماُت وجهه عىل تظهر ا شابًّ لقيُت السنوات، إحدى يف -٩اإلجهاد الشديِد، فقلت له: ما بك؟ قال: جئُت من مزدلفة

  • 54

    متيش أن املشكلة فام ، شابٌّ أنت له: قلت مشًيا، منى إىل عىل فحملُتها ي ُأمِّ َعَرَبُة انكرست فقال: ثالثة؟ أو كيلوين

    ظهري طوَل الطريق!

    دون اللحم َيْت أياُم الترشيق بذلك؛ ألن الناس كانوا يقدِّ 1٠- ُسمِّاَج احُلجَّ رأيُت وقد الشمس. يف ينرشونه أي: قونه؛ وُيرشِّحملِّ ُقرَب ذلك يفعلون سنة )٢٠( من أكثر من األتراك

    إقامتِهم يف مكة.

    11- استوقفني يف املسعى رجٌل تبدوعليه عالماُت التعب، وقال: السعُي كم شوط؟ قلت له: سبعة أشواط، فلامَّ متاديُت معه أن أنَّه طاف 1٠ أشواط! ألنَّه كان يظنُّ َعلِْمُت الكالم يف الصفا إىل املروة من والرجوع املروة إىل الصفا السعي من

    ُيَعدَّ شوًطا واحًدا.

    حافلة عىل احلج، من رجعنا ٢٠٠٠م 1٤٢٠هـ- عام يف -1٢عنا »أوتوبيس« ومعنا أحد الشعراء الشعبِيِّني، فقلُت له: سمِّشيًئا من ِشعرك، فبدأ يف يشء من ِشعر الغزل! وكان املقام

    غري مناسب لذلك، فندمت ومتنَّْيت أين مل أطلب منه.

  • 55

    فائدة لغوية:لك أن تقـول: حاٌل حسٌن.ولك أن تقول: حاٌل حسنٌة.

    وقد جعهام أحُد العلامء الشناقطة بقوله:جئنا إليه بحاٍل غرِي الئقــــٍة كيام نؤوب بحاٍل الئٍق حسِن

    فائدٌة نحويَّة:

    « يف مواضع؛ منها: ُتكرَسُ هزة »إنَّ إذا وقعْت بعد القول، وذلك كقوله تعاىل: }يقولون إنَّ بيوتنا ا عورة{، وقوله: }قل إنَّ األمر كله هلل{، وقوله: }قال إنَّه يقول إنَّ

    ًرا ذلك يف بيٍت لطيف: بقرة{؛ قال ابن متايل الشنقيطي مقرِّ

    ـــــا ا كقـال إنَّـه يقـــول إنَّ وإنَّ بعـد القــول فاكِسـَرنَّوقد جع ابن مالك -رمحه اهلل- مواضع كرس إنَّ يف قوله:

    َفاْكرِسْ يِف ااِلْبتَِدا َويِف َبْدِء ِصــَلْه َوَحْيــُث إِنَّ لَِيِميــٍن ُمْكِمــَلــْه

    َأْو ُحكَِيْت بِاْلَقْوِل َأْو َحلَّْت حَمَْلَحـاٍل َكـُزْرُتُه َوإنِّــي ُذو َأَمـــْل

    �صـذرات �صـنقيطية

  • 56

    األمم من قبَلنا كان ممَّن رجٍل خَب ملسو هيلع هللا ىلص النبي علينا قصَّ السابقة، وكان ُمرسًفا عىل نفسه باملعايص، وذكر أنه كان ُيَدايُِن ين- فإذا َحلَّ وقُت سداد الناَس -أي يتعامل معهم بالتجارة بالدَّلوها، وكان يويص فتياَنه بوصيٍَّة تلك الديون أرسل فِْتَياَنه ليحصِّ، وجتاوزوا لعلَّ اهللَ ، واتركوا ما تعرسَّ فيقول هلم: خذوا ما تيرسَّ

    أن يتجاوز َعنَّا! - النبي ملسو هيلع هللا ىلص: فلامَّ مات هذا الرجل، سأله اهلل -عزَّ وجلَّ قال كنت أينِّ غرَي ! َقطُّ خرًيا عملُت ما فقال: الصالح، عمله عن ، تعرسَّ ما واتركوا ، تيرسَّ ما خذوا هلم: فأقول فِْتَياين أرسل وجتاوزوا لعل اهلل أن يتجاوز عنَّا. فقال اهلل تبارك وتعاىل: نحن أوىل بالتجاوز من عبدي، فتجاَوَز اهلل عنه وغفر له. هذا حديٌث

    صحيُح اإلسناد، وأصله يف الصحيحني.بَّ اخلرِي، فيا حُمِ

    يا طالب الرمحة،يا ُمريَد املغفرة من اهلل والتجاوز،

    حقِّك عن وتنازل ديوَنم، عنهم َوَضْع امُلْعرِسين، عىل ْ َيرسِّمن أجلهم، وَأْبرِشْ بالفضل العظيم من الربِّ الكريم.

    يا من يريد املغفرة .. هذا باٌب عظيٌم من اأبوابها

  • 57

    يف اهلل رمحه عثيمني بن صالح بن حممد الشيخ مة العالَّ قال كتابه رشح مُلَعة االعتقاد:

    الذي َيُسبُّ الصحابة ريض اهلل عنهم عىل ثالثة أقسام:

    أكثَرهم أن أو أكثِرهم، ُكْفَر يقتيض بام َيُسبَّهم أن األول: عليهم بالثناء ورسوله هلل تكذيٌب ألنه كفٌر؛ فهذا َفَسُقوا، والرتيضِّ عنهم؛ ألن مضمون هذا القول أن َنَقَلة الكتاب والُسنة

    اق! كفاٌر أو ُفسَّ

    يسبَّهم أن عنهم: اهلل ريض الصحابة سب أقسام من الثاين العلم، ألهل قوالِن هذا َفَعَل َمن كفر ففي والتقبيح، باللعن وعىل القول بأنه ال َيْكُفر: يب أن ُيلد وُيَبس حتى يموت، أو

    يرجع عامَّ قال.

    الثالث: أن َيُسبَّهم بام ال يقدح يف دينِهم؛ كاجُلبن والُبخل، فال ر ويؤدَّب تأديًبا َيْرَدُعه عن ذلك. يكفر بذلك، ولكن يب أن ُيعزَّ

    بِّ ال�صحابة ُحْكم �صَ

  • 58

    عن ابن عمر ريض اهلل عنهام، أنَّ رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص قال: »ما َحقُّ امرٍئ مسلٍم له يشٌء يويص به، يبيت ليلتني، إالَّ ووصيَُّته مكتوبٌة

    عنَده«. )متفق عليه(

    له كان ملن الوصية كتابة مرشوعيَِّة عىل احلديث هذا دلَّ زكاة عليه كان أو َدين، اإلنسان عىل كان فإن به، يويص يشء احلقوق، أو غرُيها من أو وديعة أمانٌة أو كان عنده خُيرجها، مل

    ه. كانت الوصية واجبًة يف حقِّ

    ولكنَّها عليه، واجبة الوصية تكن مل حقٌّ عليه يكن مل وإن اخلري طرق يف فأقلَّ ماله بثلث يويص بأن وذلك له؛ ُتستحب

    ووجوه اإلحسان.

    وممَّا َيُْسن التنبيُه إليه: أنه ليس للوصية صيغٌة معيَّنة، وإنَّام عىل امُلويِص أن يكتب ما يريد أن يويَص به، بطريقٍة واضحٍة مفهومة.

    واهلل تعاىل أعلم.

    نَّة النبوية من هدايات ال�صُ

  • 59

    عليه اهلل صىل النبيُّ َفَرَغ ملَّا عنه: اهلل ريض موسى أبو قال أبا عامر األشعري عىل جيٍش إىل وسلم من غزوة ُحنني، بعث وانزم املسلمني اهلل فنرص الطائف( قرب بلدة )وهي أوطاس املرشكون، وُأصيب أبو عامر )قائد اجليش( يف ركبته؛ رماه رجٌل

    بسهٍم فأثبته يف ركبته وحرضه املوت.

    ، َمن َرَماك؟ قال أبو موسى: فأتيت إىل أيب عامر فقلت: يا عمِّفأشار أبو عامٍر إىل رجل وقال: ذلك الرجل هو الذي رماين.

    قال أبو موسى: فقصدُت إىل ذلك الرجل، فلحقته، فلامَّ رآين وىلَّ عنِّي ذاهًبا، فاتبعته وجعلُت أقول له: أال تستحي؟! ألسَت وهو أنا فالتقيت رجع، كالمي سمع فلامَّ تثُبت؟! أاَل عربيًّا؟!

    فاختلفنا ضبتني، فرضبته بالسيف فقتلته.

    ثم رجعُت إىل أيب عامر فقلت: إن اهلل قد قتل صاحَبك، فأشار

    ق�صة مقتل جماهد

    قصٌة مؤثرٌة يرويا لنا الصحايب اجلليلأبو موسى األشعري ريض اهلل عنه

  • 60

    السهم، انزع هذا فقال: فيها والسهُم عالٌق إىل ركبته أبو عامر فنزعُته فساَل منها الدماء.

    ثم قال يل: يا ابن أخي، انطلق إىل رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص فأقرئه منِّي السالَم، وقل له: يقول لك أبو عامر: استغفر يل. ومكث يسرًيا

    ثم إنه مات.

    فلامَّ رجعُت إىل النبي ملسو هيلع هللا ىلص دخلُت عليه وهو يف بيته، فأخبته بخبنا وخب أيب عامر، وقلت له: قال يل أبو عامر: قل للنبي ملسو هيلع هللا ىلص يديه رفع ثم منه، فتوضأ بامء ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول فدعا يل، يستغفر حتى رأيت بياَض إْبَطْيِه، ثم قال: »اللهم اغفر أليب عامر، اللهم

    اجعله يوم القيامة فوق كثرٍي من الناس«.

    قال أبو موسى: فقلت: ويل يا رسول اهلل فاستغفر، فقال النبي اللهم موسى- أبا -يعني قيس بن اهلل لعبد اغفر »اللهم ملسو هيلع هللا ىلص:

    اغفر لعبد اهلل بن قيس ذنَبه، وَأْدِخْله يوَم القيامة ُمْدخاًل كريام«.

    � القصة رواها اإلمام مسلم يف صحيحه.

  • 61

    من أعجب ما سمعُت من أخبار تعاُهد القرآن واحلرص عىل مة الشنقيطي الشيخ ثني به شيخنا العالَّ مراجعته وتثبيته، ما حدَّمن اآلن وهو )النووي(، بـ امللقب اجدود، ولد سيديا حممد ِحفًظا -وهو ملَّا ختم كتاب اهلل أنه علامء احلديث يف موريتانيا؛

    شابٌّ صغرٌي- أراد أن يراجعه ويثبِّت ِحفَظه يف صدره.

    قال الشيخ: ووافق ذلك دخوَل شهر رمضان، فعملُت لنفي ثم املسجد، يف الفجَر ُأَصيلِّ كنت أينِّ وهو للمراجعة؛ جدواًل أخرج إىل الَبِّ عىل قدميَّ وأقصد شجرًة ذاَت ظلٍّ ظليٍل أعرفها، فأجلس حتَتها إىل صالة الظهر فيتيرسَّ يل قراءة عرشين جزًءا، ثم أرجع فأرتاح قلياًل، ثم أستأنف التالوة من جديد ُقبيل العرص، وآخَر قلياًل، العشاء وبعد قلياًل، املغرب وبعد العرص، وبعد يوم كل وهكذا أخرى! جزًءا عرشين قراءة يل فيتيرسَّ الليل،

    وليلة يتيرسَّ يل قراءة أربعني جزًءا.

    قال الشيخ: فأمحد اهلل وأشكره، تيرسَّ يل يف رمضان من ذلك العام أن أختم القرآن أربعني ختمًة، نفعتني يف ضبط حفظي إىل

    يومنا هذا بفضل اهلل.

    َجَلٌد كبرٌي يف تعاُهد القراآن

  • 62

    كان الشيخ ابن باز -رمحه اهلل- مدعّوًا إللقاء حماضة يف جامع األمري عبد الرمحن بن عبد اهلل بحيِّ أم احلامم بالرياض.

    ه الشيخ إىل منزل األمري عبد الرمحن بعد إلقاء املحاضة، توجَّالذي دعاه إىل طعام العشاء.

    كان ضمن احلاضين الشيخ حسن بن عبد اللطيف بن مانع عر، وكان ذا صوٍت رمحه اهلل، وكان كفيًفا، حافًظا لأِلدب والشِّ

    نديٍّ َشِجّي.

    فقال األمري عبد الرمحن للشيخ ابن باز: يا شيخ، هذا الشيخ حسن بن مانع، صوُته جيل، ويفظ بعَض القصائد املؤثِّرة، فآُمل

    أن تأَذنوا له بإِْلَقاِء بعض القصائد.

    فقال الشيخ ابن باز: ال بأس.

    ْنِدي يف رثاء األندلس، فألقى الشيخ حسن قصيدة أيب البقاء الرُّوالتي َمْطَلُعها:

    ٍء إَِذا ما َتمَّ ُنْقَصـاُن لُِكلِّ يَشَْفاَل ُيَغرُّ بِطِيِب اْلَعْيِش إِْنَساُن

    من اأخبار ال�صيخ ابن باز

  • 63

    شديًدا؛ بكاء وبكى كثرًيا، َر تأثَّ باز، ابن الشيخ َسِمَعها فلامَّ من األندلس يف واملسلمني اإلسالم عىل مرَّ بام رته ذكَّ إنا إذ رته كذلك بأحوال املسلمني املعاصة يف كثري من املصائب، وذكَّ

    البالد.باز( ابن الشيخ حياة من )جوانب كتاب: من اخلب انتهى

    للشيخ حممد املوسى، حترير الدكتور حممد احلمد.معة، الدَّ قريَب اهلل؛ رمحه باز ابن الشيخ كان هكذا قلت: باذاًل التأثُّر بُمصاِب املسلمني، عظيَم االهتامم بشؤونم، شديَد

    وقَته كلَّه بال استثناٍء يف السعي يف مصاحلهم.واملسلمني، اإلسالَم ُيِعزَّ وأن ويرمَحه، له يغفر أن اهللَ أسأُل

    َل بالنرص والَفَرج لعباده املؤمنني. وُيَعجِّ

  • 64

    عليه ُرِؤَي ظريًفا، رجاًل احلارث أبو كان الثََّعالبي)1(: قال ، فهالَّ طلبَت منه ق، فقيل له: صديُقك فالٌن رجٌل غنيٌّ ثوٌب خُمَرَّ

    أن َيْكُسَوَك ثوًبا جديًدا؟وجاءه إَبًرا، مملوٌء بيٌت له كان لو فالًنا، صديقي إنَّ فقال: ُضَمنَاَء واملالئكُة ُشَفَعاَء األنبياُء السالم- ومعه يعقوُب -عليه يستعري منه إبرًة واحدة من تلك اإلَبر لَِيِخيَط هبا ثوَب ابنِه يوسَف

    اها! فكيف يكسوين ثوًبا؟! الذي ُقدَّ من ُدُبر، ما أعاره إيَّقال الثعالبي: وقد َنَظَم هذا املعنى أحُد الشعراء فقال:

    لو أنَّ َداَرَك َأْنَبَتْت لك واحَتَشْتإَِبـًرا َيِضيـُق هبـا َفنَــاُء املنـــزِل

    وأتـاك يوسـُف َيْسـَتِعرُيَك إبـرًةلَِيِخيَط َقـدَّ قميِصـِه َلـْم َتْفَعــِل!

    ياأ�ٌس تام .. وو�صٌف عجيب

    )1( من كتاب »ثامر القلوب«، أليب منصور الثعالبي.

  • 65

    نصوص خمتارة من كتاب »جامع العلوم واحِلكم« لإلمام ابن رجب رمحه اهلل:

    القلوب ُيكثِر أن يقول يف دعائه: »يا مقلِّب النبي ملسو هيلع هللا ىلص كان وبام بك آمنَّا اهلل، نبيَّ يا له: فقيل دينك«، عىل قلبي ثبِّت بني القلوب إنَّ »نعم، فقال: علينا؟ ختاف فهل به، جئَت يشاء«. كيف ُبها ُيقلِّ - وجلَّ -عزَّ اهلل أصابع من ُأْصُبَعنْيِ

    جه اإلمام أمحد والرتمذي. خرَّ

    كان الصحابة وَمْن بعَدهم من السلف الصالح خيافون عىل أنفسهم النفاَق، ويشتدُّ قلُقهم وَجَزُعهم منه.

    يطَّلع ال للعبد، باطنٍة دسيسٍة بسبب تكون وِء السُّ خامتة عليها الناُس، فتلك اخَلصلة اخلفيَّة توِجب ُسوَء اخلامتة عند جل عمَل أهل النار، ويف باطِنه املوت، وكذلك قد يعمل الرََّخصلٌة خفيٌَّة من ِخصال اخلري، فتغلب عليه تلك اخَلصلة يف

    آِخر عمره، فتوِجب له ُحْسَن اخلامتة.

    اخلوف من �ُصوء اخلامتة

  • 66

    َيْغلِب فاملؤمن خياف عىل نفسه النفاَق األصغَر، وخياف أن ذلك عليه عند اخلامتة فُيخِرَجه إىل النفاق األكب، فإن دسائس

    وِء ُتوِجُب ُسوَء اخلامتة. السُّ

    وقلقه خوُفه يشتدُّ اهلل- -رمحه الثوري ُسفيان اإلمام كان من ُسوِء اخلامتة، فكان يبكي ويقول: )أخاف أن أكون يف ُأمِّ الكتاِب شقيًّا(، وكان كثرًيا ما يقول وهو يبكي: أخاف أن

    ُأْسَلَب اإليامَن عند املوت.

    اللهمَّ ثبِّتنا عىل دينك، وأوِرثنا ُحسَن اخلامتة يا خرَي الوارثني.

  • 67

    كان النبي ملسو هيلع هللا ىلص خيطب ذاَت يوٍم فقال يف خطبته: )إنَّ اهلل -عزَّ - خريَّ عبًدا بني الدنيا وبني ما عنده، فاختار ذلك العبد ما وجلَّعنده(. فبكى أبو بكر ريض اهلل عنه ملَّا سمع هذا الكالم وقال:

    َهاتِنا يا رسول اهلل! فديناك بآبائنا وأمَّ

    فعِجب الصحابة من أيب بكر، ملاذا بكى؟!

    قال أبو سعيد اخلدري راوي احلديث: فعِجبنا لُبكاء أيب بكر. ويف رواية: فقال الناس: انظروا إىل هذا الشيخ -يعنون أبا بكر- ه اهلل، فيبكي! ويقول: فديناك خُيِْب رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص عن رجٍل خريَّ

    بآبائنا وأمهاتنا!

    ، وكان أبو بكر قال أبو سعيد: فكان رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلص هو املخريَّهو أعلَمنا.

    فلامَّ رأى النبي ملسو هيلع هللا ىلص بكاَء أيب بكر قال: )إن ِمْن أمنِّ الناس عيلَّ ذُت يف ُصحَبتِه وماله أبا بكٍر، ولو كنُت متَِّخًذا خلياًل غرَي ريبِّ اَلختَّ

    ُته(. متفق عليه. ة اإلسالم ومودَّ أبا بكر خلياًل، ولكْن ُأخوَّ

    وداٌع خفيٌّ .. وقلٌب �صجيٌّ

  • 68

    ه ينبغي أن قال الدكتور حممود الطَّنَاحي)1( رمحه اهلل: )عىل أنَّيكون واضًحا أن فكرة التيسري عىل الناشئة كانت ظاهرًة بيِّنة يف اج )٣1٦هـ( َّ فكر النُّحاِة األوائل رضوان اهلل عليهم؛ فابُن الرسَّجانبه إىل يضع ثم »األصول«، هو النحو يف كبرًيا كتاًبا يؤلِّف

    ا هو »املوجز«. مؤلًَّفا صغرًيا جدًّ

    متٌن وهو »اإليضاح«، يؤلِّف )٣٧٧هـ( الفاريس عيل وأبو والِشعر، التذكرة، الكبار: ُكُتبِه جانب إىل العبارة سهُل صغرٌي

    ة، والشريازيَّات. واحُلجَّ

    اخلصائص، كتاب بجانب يؤلِّف )٣٩٢هـ( ِجنِّي وابن وامُلنِْصف، ورِسِّ صناعة اإلعراب، واملحتسب، رسائَل موجزًة يف

    النحو والرصف، مثل الُلَمع وامللوكي يف الترصيف.

    الفكر يف كتاًبا يصنِّف )٣٤٠هـ( اجي الزجَّ القاسم وأبو النحوي هو »اإليضاح يف ِعلل النحو«، ثم يؤلُِّف للناشئة كتاَبه

    الشهري »اجُلَمل«، وهو كتاب سهٌل رهو(.

    ِحر�ُس علمائنا الأوائِل على تي�صري العلم

    مة حممود الطناحي 139/1. )1( مقاالت العالَّ

  • 69

    َمى! ي النساء: الدُّ كانت العرب تسمِّ

    قال احلريري يف مقاماته:مى فُمْذ َنَبا الدهُر َهَجْرُت الدُّ

    ِهجران َعـفٍّ آخـٍذ ِحـــْذَرُه

    يف املشبَّهات النساء َمى: الدُّ األندلي)1(: ييِش ِ الرشَّ قال خام! بياِضِهنَّ وصفائهنَّ بُصَوِر الرُّ

    إىل الشوق عليه غلب إذا العرب، من العاشق كان وقد ر –َرَسَم- عليها حمبو�