منبر التوحيد والجهاد …twitmails3.s3-website-eu-west-1.amazonaws.com/users... ·...

459
ف ش وا ك ل ا ة ي ل ج ل ا ي ف ر كف دولة ال ة ودي ع س ل ا خ ي ش ل ل ي ب ا مد ح م م ص عا ي س د ق م ل ا هاد ج ل د وا ي ح و ت ل ر ا ب ن م*** :// . . http www tawhed ws http://www.almaqdese.net

Upload: others

Post on 01-Jan-2020

6 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

http://www.tawhed.ws منبر التوحيد والجهاد http://www.alsunnah.info

الكواشف الجلية

في كفر الدولة السعودية

للشيخ

أبي محمد عاصم المقدسي

حقوق طبع هذا الكتاب غير محفوظة لأحد، ويسمح لكل أحد طباعته وترجمته ونشره بالمجان إغاظة لأعداء الله، وكذلك الإتجار به دون مراجعة مؤلفه، بشرط عدم تحريف أي شيء من محتواه

الطبعة الثانية

1421 هـ

يا ربّ ..

حتّى شددت بنورها برهانيحتى تقوّي أيدها إيمانيأسطو على ساداتهم بطعانيولأفرين أديمهمم بلسان ()ولهتك ستر جميعكم أبقانيأعيى أطبتكم غموض مكانيأنا سمّكم في السرّ والإعلانأنا غصّة في حلق من عادانيوأساً عليّ وعضّوا كلّ بنانحتّى تلقّف إفككم ثعبانيوبه أزلزل كل من لاقانيمن كيد كلّ منافق خوانِفئتان للرّحمن عاصيتانفعل الكلاب بجيفة اللّحمان(وتساقطوا في فتنة السّلطان)لا خير في دنيا بلا أديانفصرفت منهم كلّ من ناوانيفوجدتها قولاً بلا برهانوالله من شبهاتهم نجّانيوعضضته بنواجذ الأسنانفهما لقطع حجاجكم سيفانِفهما لكسر رؤوسكم حجرانحُمُراً بلا عنن ولا أرسانِوكسرتكم كسراً بلا جبرانِهتكت ستوركم على البلدانتركت رؤوسهم بلا آذانِضربت لفرط صداعها الصدغانِصاب وفي الأجساد كالسّعدانِبمحمّد فزها به الحرمانمادام يصحب مهجتي جثمانيحتّى تغيّب جثّتي أكفانيحتّى أبلغ قاصياً أو دانيولتحرقن كبودكم نيرانيفيسير سير البزل بالرّكبانبغضاً أقلّ قليلة أضنانيكي لا يرى إنسانكم إنسانيلكن بإسخاطي لكم أرضاني

فوحقّ حكمتك التي آتيتنيلئن اجتبتني من رضاك معونةفلأنصرنّ الحقّ حتى إننيولأفضحنّهم على طول المدىالله صيّرني عليكم نقمةأنا في حلوق جميعكم عود الشّجاأنا همّكم أنا غمّكم أنا سقمكمأنا تمرة الأحباب حنظلة العداموتوا بغيظكم وموتوا حسرةالله صيرني عصا موسى لكمبأدلة القرآن أبطل سحركمهو ملجئي هو مدرئي هو منجائيقرّاؤكم قد شابهوا فقهاءكميتكالبون على (الطّغاة وبابهم)(قد بايعوا آل السّعود وحكمهم)(قد آثروا الدّنيا على أديانهم)ولقد برزت إلى كبار (شيوخهم)وقلبت أرض حجاجهم ونثرتهاوالله أيّدني وثبّت حجّتيإنّي اعتصمتُ بحبلِ شرعِ محمدالشرعُ والقرآن أكبر عدّتيثقلاً على أبدانكم ورؤوسكمعمري لقد فتشتكم فوجدتكمأحضرتكم وحشرتكم وقصدتكمإني قصدت جميعكم (بكواشفٍ)هي (للمباحث) درة عمريّةهي في رؤوس (الظالمين) شقيقةهي في قلوب (طغاتكم وعبيدهم)فوحق من ختم الرّسالة والهدىلأقطّعنّ بمعولي أعراضكمولأهجونّكم وأثلب حزبكمولأهتكنّ بمنطقي أستاركمولأهجونّ صغيرك وكبيركم ولأكتبنّ إلى البلاد بسبكمإني لأبغضكم وأبغض حزبكملو كنت أعمى المقلتين لسرّنيلم أدّخر عملاً لربّي صالحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله منزل الفرقان، والصّلاة والسّلام على من كانت بعثته ودعوته فرقاً بين أهل الحقّ والطّغيان، وعلى آله وصحبه الّذين كان الحب والبغض والولاء والبراء عندهم أوثق عرى الإيمان.

روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال مخاطباً أصحابه: (أهجوا قريشاً فإنّه أشدّ عليهم من رَشقِ بالنّبل).

وفيه قول حسّان: (والّذي بعثك بالحق لأفرينّهم بلساني فري الأديم).

هذا إذا كانت المسألة مسألة هجاء وجواب سبٍّ للمشركين() فكيف إذا كان المقصود الأوّل من وراء ذلك هو تحقيق التّوحيد بالكفر بالطّواغيب والبراءة منها بتعريتها للنّاس وبيان سفهها وكشف زيوفها، لاشكّ أنّ ذلك يكون ساعتئذ من أفضل القرب إلى الله تعالى… فيكون رشقاً بالنبل في سبيل الله ممدوحاً، وفرياً باللّسن لأعداء الدّين محموداً.

وبعد، ،

فهذه ورقات قد جمعتها في عجالة من الأمر وضيق في الوقت لم أفرغ لها كبير وقت ولا كثير جهد.

اضطرني إلى الإسراع في إعدادها وإخراجها ما بَدَرَ واشتهر عن كثير من المنتسبين إلى الدّعوة والعلم بل والجهاد، من الدّفاع عن النّظام السعودي البريطاني الأمريكي الكافر. وممانعة كثير منهم من الكلام فيه، والصدّ عن ذلك والأخذ على يد الطّاعنين عليه، بحجج ومزاعم جوفاء ساقطة… وهذا والله من أعظم الضّلال… فإنّ خبث هذه الدّولة وتلبيسها أمسى بمكان، بحيث أصبح اليوم من أهم المهمّات التّصدي لها وتعريتها قبل غيرها… خصوصاً وأنّ ما سواها في الغالب واضح مكشوف…

أماّ هذه الدّولة الخبيثة، فهي من أشدّ الدّول اليوم ممارسة لسياسة التّلبيس على العباد والاستخفاف بهم واللّعب بعقولهم مدّعية تطبيق الشّريعة الإسلامية ونبذ القوانين الوضعية. ولقد أجادت هذه الدّولة الخبيثة أساليب التّلبيس والتدليس وأحكمتها حتّى انطلى هذا على كثير ممّن ينتسبون للعلم والدّعوة، فشاركوا في التّلبيس والتّرقيع لها، فتجد كثيراً منهم يتكلّمون في الدّول الأخرى وطغيانها ويهاجمون تحاكمها للقوانين الوضعية ويصدرون الكتب والمؤلّفات في هذا الكفر والشّرك المستبين، بل وتقوم هذه الدّولة بطباعة هذه الكتب وتوزيعها على الخلق مجّاناً، حتى يتوهم ويظن المتابع لحماسهم في تلك الكتابات أن حكومتهم التي تطبع لهم تلك الكتب وتوزّعها حكومة تحارب القوانين وتنبذها وتأبى تطبيقها أو التّحاكم إليها…، وقد أجادت هذه الدّولة هذا الدور التلبيسي وأتقنته، خصوصاً وأنّه لا يكلّفها إلا قليلاً من الرّيالات كأجور طباعة لتلك الكتب وأخرى كرواتب لأولئك المشايخ المأجورين…، وهكذا؛ تلبيس من الحكومة وتلبيس من المشايخ وتلبيس من الدّعاة، حتّى لبّسوا على النّاس دينهم، بل بلغ الأمر من بعض المنتسبين للجهاد أن ينهى عن العمل والجهاد ضدّها، بل والكلام، بحجّة التباس أمرها، وعدم اتّضاحه…).

فيا قرّة عين طغاة آل سعود بأمثالكم ويا فرحتهم بأفهامكم وأفكاركم، فوالله لو اطّلعوا عليكم ووجدوا سبيلاً إليكم لشروكم بالملايين…، هذا والله من أعجب العجب … خصوصاً إذا صدر ممّن أفنى عمره في جهاد الطّواغيت. فكيف يتصدّى للجهاد من لا يعرف واقعه الذي يعيش فيه. هذا والله من عجائب هذا الزّمان التي لا تنقضي…

إن كان قلبك حيّا غير مفتون ولو جئته بصحيحات البراهين

إن عشت سوف ترى منها عجائبهافمن يمُت قلبُه لا يهتدي أبداً

وهلاّ إذ جهلوا أو التبس عليهم حالها، بحثوا وسألوا بدلاً من الصدّ عنها والجدل… (فإنّما شفاء العيّ السّؤال). قال تعالى: (ولا تُجادل عن الّذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيماً( وقال سبحانه وتعالى: (هآ أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدّنيا فمن يُجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً(.

لأجل هذا ولكي لا يغتر كثير من النّاس بما يلبّسه كثير من الذين يرتدون مسوغ العلماء ممّن باعوا دينهم وذممهم للسّلاطين، كذلك المدعو أبو بكر جابر الجزائري إذ يقول رجماً بالغيب وتقوّلاً على الله وتزكية عليه سبحانه: (وهيهات هيهات أن يتنكر آل سعود لمبدأ الحق الذي أقاموا ملكهم عليه، ووقفوا حياتهم على حمايته ونصرته ونصرة الدّاعين إليه!! والهادين إلى مثله!! إنه لو لم يبق إلاّ عجوزٌ واحدة من آل سعود لم يكن لها أن تتنازل عن مبدأ الحقّ!!!) أهـ().

ويقول – نعوذ بالله من الضّلال: (إنّه لا يوجد مسلم صحيح الإسلام، ولا مؤمن صادق الإيمان وفي أي بلد إسلامي، كان، إلاّ ويتمنّى بكلّ قلبه أن يحكمه ابن السعود وإنّه لو يدعى إلى مبايعته مَلِكاً أو خليفةً للمسلمين لما تردد طرفة عين!! كان ذلك من أجل أنّ هذه الدّولة تمثّل الإسلام وتقوم به وتدعو إليه…)أهـ()، ويقول (هذه الدّولة الّتي كانت معجزة القرن الرّابع عشر، هذه الدّولة التي لا يواليها إلاّ مؤمن ولا يعاديها إلاّ منافق كافر مادامت قائمة بأمر الله!!)().

أي قيام بأمر الله هذا يا جزائري… وأي افتراء وكذب وتلبيس هذا (لا يواليها إلاّ مؤمن ولا يعاديها إلاّ منافق كافر…)، ألا تخاف الله سبحانه؟ عمّن تتحدّث أنت؟؟ لو كان كلامكم في السّعودية الدّولة الأولى مثلاً وعلى من نصر التّوحيد فيها ونشره لأمكن التّرقيع لك ولقولك رغم خطورة إطلاقاتك فيه.

أين عقلك يا جزائري… أطار عقلكم مع (التابعية) والرّيال؟؟

إن أهل البلد الأصليين ممّن ينتسبون للعلم ليستحيون أن يتلفّظوا بمثل ألفاظك وتملّقاتك وإطلاقاتك هذه… رحم الله جهيمان… لقد كان الرّجل والله فيك بصيراً، كان بصيراً يوم رفض استمرار التّعاون معك في الدّعوة إلى الله وقال لمن سعى في الصّلح بينكم: (نحن لا نثق به… هناك مجالس سريّة بيننا بلغت الحكومة… فمن بلّغها؟؟؟!!!)(*).

ألست القائل: (هذه الدّولة الإسلامية تمثّل العدالة الإلهية في الأرض)()… نعوذ بالله من عمى القلوب وطمس البصائر.

ثمّ أما بعد… فلأجل ألاّ يغترّ مغتر بكلام هذا وأمثاله من علماء السّلاطين والحكومات ولأجل ما تقدّم كلّه أحببنا أن نعري في هذه الورقات هذا النّظام الخبيث: … ليطّلع القارئ الموحد على حقيقة هذه الدولة (التي تمثل العدالة الإلهية في الأرض!!!) كما يزعم ذلك الضّال، فنكشف شيئاً من باطلها وظلماتها الكثيرة المتشعبّة… فيتعرى بذلك كثير من الملبّسين وتتساقط الأقنعة ويُعلم الصّادق من الكاذب وليعلم الجزائري وأمثاله إذا انجلى الغبار أفرس تحته أم حِمار… وما دعانا والله إلى تصدّر مثل هذا المقام إلا إحجام الناس عنه وخلو الغابة من أسود تذود عن الحِمَى، حتّى وصلنا اليوم إلى حال انطلت فيه تلك الأوهام بل رسخت وللأسف الشّديد في أذهان كثير من أهل الإسلام ممّا اضطر أمثالي إلى سدّ هذا الفراغ الذي تركته أسود العلم وحماة التّوحيد.

فكم جمعتني مجالس مع رؤوس لدعوات وجماعات خضنا فيها حول كلّ حكومة وطاغوت فإذا ما تعرّض الحديث أو تطرّق إلى هذه الدّولة… فتلك عندهم عقبة كؤود… تحجم دونها خيولهم ومطاياهم وتتردّد وتضطرب حولها سيوفهم ورماحهم ونبالهم… فلمّا رأى العبد الفقير إلى توفيق ربّه وتسديده هذه الحال من خلو السّاحة من الأسود والأعلام. بادر على ضعفه وقلّة حيلتهِ إلى المساهمة في إماطة اللّثام عن وجه هذه الدّولة الدّميم… وقال معتزًّا بخالقه مستنصراً به متوكّلاً عليه: أنا لها… أنا لها. فأخرج من كنانته بعض نبال التّوحيد سدّدها في أكباد أهل الشّرك والتنديد، سهاماً لا تنكسر ولا تحيد.

في ظلم الأكباد سبلاً لا ترى

تُري المنون حين تقفوا إثرها

مقحماً جواده في معترك أحجم دونه الفرسان… ممتشقاً سيفه ورمحه يفري ويطعن زيوفاً وأكاذيب ساهم في نشرها مشايخ ودعاة باعوا دينهم وتوحيدهم بثمن بخس دراهم معدودات، معرضين عن قول ربهم: (لَتُبيِّنُنَّه للناسِ ولا تكتمونه(. فقام بكتابة هذه الورقات أداء لواجب البيان، مستلهماً الثّبات والسّداد من ربّ العباد، تذكرة للمؤمنين، وتنبيهاً للنّائمين الغافلين، وفضحاً للملبّسين والمنافقين، وتعرية للمجرمين وإقامة للحجّة على المعاندين. ومعذرة لله ربّ العالمين. عسى أن يظهر دينه وتوحيده الحق نقيًّا صافياً بعيداً عن تكدير المكدّرين، وليتعرى الباطل ويزهق بعيداً عن ترقيع المرقّعين وتدليس المدلّسين.

ولنخلص من هذا كلّه إلى بيان الموقف الواجب على الموحّد تجاه هذا النّظام الباطل وأمثاله من الأنظمة المضلّلة الّتي تتستّر بستار تطبيق بعض حدود الإسلام وشرائعه. (ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيى من حيَّ عن بيّنة وإنّ الله لسميع عليم(.

ونختم هذه المقّدمة مذكرين القارئ الكريم بأن هذا العمل من سنّة النبيين وليس هو وربّ الكعبة مضيعة للوقت كما يحلو لكثير من الجهلة وصفه…!

فنحن نسلك بهذا طريق نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم في الدّعوة إلى الله وطريق النبيين والمرسلين من قبله يوم كانوا يسفهون طواغيت أقوامهم ويبيّنون زيفها وعوارها لأجل دعوة الناس إلى البراءة منها والكفر بها…

وتتنوّع صور الطواغيت… وتختلف أشكالها في كل زمان… ويبقى مطلب التوحيد واحداً…

(ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبُدوا الله واجتنبوا الطاغوت(… (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها(.

ونحن مطالبون لأجل تحقيق التوحيد الذي هو حق الله على العبيد أن نكفر بكل الطّواغيت ونتبرّأ منها جميعاً على اختلاف صورها، سواء طواغيت القبور أم القصور والدّستور، طواغيت الحجر والشّجر أم طواغيت البشر.

(ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا(.

وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.

بين يدي الكتاب

ليعرف القارئ قبل أن يقرأ كتابي هذا أنّني لست شيوعياً ولا شيعياً رافضياًّ بل بحمد الله موحّداً سنياً نجدياً عربياً أصيلاً.

وإذا كان المراد والمقصود نشر الحق ووصوله للنّاس فلا قيمة للأسماء والأنساب ما دام الحقّ مدعوماً بأدلته… وهو ضالّة المؤمن أينما وجده أخذ به… لا يضيره من قال بقدر ما يهمّه ما قال…

وإنّما دعاني للتّعريف بهذه الإشارات أنّ أكثر من كتبوا عن هذه الدولة الخبيثة التي أفسدت على النّاس دينهم… أمّا شيعة رفضة، أو شيوعيون ملاحدة، حتّى توهّم كثير من السّذج والبُسطاء والمغفلين أنه لا يعاديها أو يتبرّأ منها إلا أعداء الشريعة والدين، فأنا أبرّأ إلى الله تعالى من هؤلاء وهؤلاء ومن معتقداتهم الضّالة الكافرة، وأصرح بعقيدتي عقيدة أهل السنّة والجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والسّلف الصّالح من صحابته وتابعيهم من خير القرون، أصرّح بهذا لكي أسد الطّريق على علماء السّوء علماء آل سعود من قذفني بشيء من هذا أو غيره…

وأيضاً لكي لا يفرح بكتابي هذا أعداء الله وأعداء الدّين من الرّوافض والشيوعيين أو تقرّ لهم به عين، فما لأجلهم كتبته ولا لسواد أعينهم ولا لحولها…

أولئك الّذين لا يفرّقون بين آل سعود اليوم فجّارهم وكفاّرهم وبين أولئك الأوائل منهم الّذين نصروا دعوة التّوحيد، ولا يفرّقون بين علماء السّوء اليوم وبين محمّد بن عبد الوهاب وأولاده في الأزمنة الغابرة. فليشرقوا وليغصوا بباطلهم، فلا نعمة لهم ولا كرامة وإن شاركونا العداوة والبغضاء لحكم آل سعود… فلسنا من الغباوة ممّن يضيع عمره في نصرة عدوّ على عدوّ… أو كافر على كافر، ولا ممّن يكون أداة وبوقاً للطّواغيت. نسأل الله العافية والثّبات وحسن الخاتمة، هو حسبنا، ونعم الوكيل…

تمهيد

فرخ الوز عوّام

كان الفجر الصّادق قد آذن بالبزوغ وسط كثبان رمال نجد الجرداء المظلمة، حين تسلّل ثلاثة رهط من مشايخ (عبد العزيز بن سعود) إلى هجرة الغطغط، وهي هجرة (الإخوان) من قبيلة عتيبة، يحملون رسالة من ابن سعود إلى قائدها الدّيني وأميرها العسكري في ذلك الوقت (سلطان بن بجاد) – رحمه الله تعالى - أحد القادة الثلاث() الذين كانت لهم اليد الطّولي في إحياء دعوة التّوحيد وتثبيت دعائم الدّولة السّعودية الثالثة تحت إمارة ابن سعود الذي كان يمثل عليهم ويتظاهر بأنّه حامي حِمى التوحيد والإسلام.

تسلّل أولئك الرّهط يتلفتون يمنة ويسرة وعلامات الخوف والرّعب بادية على وجوههم وحركاتهم حتّى أتوا بيت ضيافة الأمير، فوجدوه خالياً فجلسوا في إحدى زواياه وقد بلغت قلوبهم الحناجر خوفاً وهيبة ورهبة من الإخوان الّذين كان الخلاف بينهم وبين ابن سعود قد حمي وطيسه.

حتّى أنساهم الخوف وقت الفجر فغفلوا عن صلاتهم… وتسمّروا في أماكنهم، وكل واحد منهم يأمل أن يبادر غيره بالسؤال عن الأمير، ولبثوا على ذلك حتّى أسفر الوقت جداً وتقدّم غلام أمام البيت فأشعل ناراً وأخذ يعد القهوة (يحمسها) ويدقها… وهم على حالهم تلك، إلى أن تشجّع أحدهم وسأل الغلام عن الأمير، فأشار إلى المسجد… فمضى الشيّخ إلى المسجد ودخله ليجد الصف على ما هو عليه كاملاً لم (ينثلم) رغم انتهاء الصّلاة وإسفار الوقت ووجد القوم جلوساً يذكرون الله تعالى فزادت هيبتهم في نفسه ولكنّه شعر بالأمن والأمان بين قوم هذه حالهم، فوخز أحد المصلّين وسأله عن الأمير فأشار إلى رجل وسط الصّف لا يكاد يتميّز عن أصحابه فاقترب منه وأعلمه بأنّه مبعوث من ابن سعود فقام معه وقفلا راجعين إلى المضافة.

حيث دار بينهم هذا الحديث:

- أحد المشايخ: (تعلم يا الأمير سلطان، أن طاعة وليّ الأمر واجبة… وأنّ الإمارة أوّلها ندامة وآخرها ملامة والخزي يوم القيامة، وأن السّلف كانوا يكرهون الإمارة ويفرّون منها وإن حبّها والاستشراف لها شر ومفسدة تفسد على المرء دينه…).

- سلطان بن بجاد: (عبد العزيز علّمكم أنّنا طلاّب إمارة، لا والله الخلاف بيننا وبين ابن سعود ما هو على الإمارة… المسألة مسألة دين… وعبد العزيز يعرف زين أنّنا ما نبغي الإمارة ولا نحرص عليها.

ولكنّنا مع عبد العزيز مثل الغار والنار…

إذا جلسنا أخذتنا النّار…

وإذا قمنا رطمنا الغار…

وعبد العزيز يبغي يوم الخلاص منّا…

ولكن أبشّركم إنا إذا هلكنا بأنكم ستتزاحمون مع النّصارى بأسواق الرّياض…)(*)

عندما وصل الشيخ الجليل الذي كان يحدث القوم بهذه الحكاية عند هذا المقطع كانت عيناه تذرفان الدّموع وهو يقول: (صدق والله ابن بجاد شوفوا أسواق الرياض اليوم…) أهـ.

قال سلطان بن بجاد كلماته تلك في صدر القرن الرّابع عشر ونحن اليوم في أوائل القرن الخامس عشر… في ذلك الوقت كان الإنجليز (النَّصارى) أمثال فيلبي والكابتن شكسبير() يفدون على (أخو نورة)() حليفهم الوفي وهم يرتدون الكوفيات وأغطية الرأس العربية المعروفة… ولا يتجرّؤون على المجاهرة بارتداء أزيائهم وقبعاتهم الإنجليزية خوفاً من بأس الإخوان عليهم، ومراعاة لعبد العزيز وسياسته في التّلبيس والضّحك على الإخوان واستغلالهم… كيف لا!! وهو قد تربّى في الكويت في كنف مبارك الصباح وتعلّم منه أساليب المكر والكيد والغدر والخديعة، وشاهد بأمّ عينه كيف يتعامل الخونة مع أوليائهم، وكيف ينصر الإنكليز عملائهم() ويمضي ذلك الشيّخ الجليل في حديثه فيقول: أنّه كان في حضرة عبد العزيز بن سعود في زمن وقعة (السبلة) التي قضى فيهم عبد العزيز غدراً على قيادات الإخوان… حين جاء البشير صارخاً: (ذبحنا الإخوان.. ذبحنا الإخوان)، يقول الشّيخ: وكان في حضرة عبد العزيز يومها قوم يتردّدون عنده كثيراً يرتدّون اللّباس العربي وعيونهم زرق كعيون (البِسس)!! فما كان منهم حين سمعوا بخبر ذبحة الإخوان إلاّ أن قاموا فألقوا بالكوفيات جانباً، وأخرجوا قبعاتهم الإنجليزية المعروفة فارتدوها… إعلاناً ببدء عهد جديد.

يقول الشيخ: (فزعت يومها وتروّعت… وفررت عن ابن سعود.. مع أنني كنت من المقرّبين عنده الذين قلّما يفوتهم مجلس من مجالسه) أهـ.

إن ذلك التكتم في التّعامل مع الإنكليز كان أيام زمان، حين كان للإخوان صولة وجولة. حين كان للحق رجال يذودون عنه، وللدّين سيوف تفري دونه.. أمّا اليوم وبعد ذهاب أولئك الرّجال.. فإن مقولة (سلطان بن بجاد..) قد أصبحت واقعاً حيّاً.. وهاهي أفراخ عبد العزيز تعوم على طريقته ولكن بوقاحة وتحدي وعلانية فما عادت الأمور تخفى وتستر… ولماذا تخفى وتستر..؟؟ وعمّن تخفى وتستر؟؟

إنّ فهداً اليوم يشدّ الرّحال إلى ارض أسياده وأسياد أبيه في بريطانيا العظمىوتتناقل وسائل الإعلام في أنحاء العالم صورة حامي الحرمين بين الملكة البريطانية وأُمِّها… وهو يرتدي صليب النّصارى وشعار الماسونية للدّرجة (18)()… لم تعد العلاقات سرًّاً. بل علانية، وراية الصليب ترفرف اليوم في شوارع جدّة والرّياض وغيرها إلى جنب راية التّوحيد!!!!! وفوق سفارات الأولياء ومؤسساتهم. والنّصارى وغيرهم معزّزون مكرّمون لا يعرفون جهاداً ولا جزيةً ولا صغاراً!!!

ويبادر فهد وعلى مسمع ومرأى من العالم كلّه بتهنئة ريغان بنجاته من محاولة الاغتيال التي تعرّض لها ويتبادل معه ومع زوجته الهدايا. ويبادر فيهنّئه بفوزه بانتخابات الرّئاسة الثانية وتنشر الصّحف بأنّه كان أوّل من اتصل به من المهنّئين في العالم كلّه… ويشدّ الرّحال دوماً إلى عاصمة الدّولار، والرّيال أيضاً، ليلتقي مع أحبابه وأوليائه الأمريكان… وفي السعودية اليوم عدّة قواعد سعودية أمريكية، يعترف وزير الداخلية بأنّ القائمين على إدارتها صليبيون أمريكان لمصالح مشتركة لكلا البلدين().

إن تلك الجريمة النّكراء التي كان يتوقّعها (ابن بجاد) في ظل حكم ابن سعود وأفراخهم إذا ما خلا لهم الجوّ… أعني جريمة إدخال النصارى إلى جزيرة العرب، تشريفهم وترئيسهم واختلاطهم بالمسلمين لم تعد اليوم شيئاً. وأصبح المصلحون يقولون: يا ليتها وقفت عند ذلك. إنّ الجزيرة اليوم لا تعج بالنصارى وحدهم فقط بل بكل ملّة ونحلة خبيثة… فيكرّم اليوم ويقدم ويسوّد في دولة التّوحيدالسيخ والهندوس وعبّاد البقر والنار والفار وعباد بوذا وغيرهم من الوثنيين. والباطل والكفر عمّ وطم… فلعنة الله على الظالمين.

تذكّرت وجه ذلك الشّيخ الجليل يوم كان يقصّ علينا تلك الحكايات… ذلك الوجه الطيّب الذي يعلوه الوقار، وترى في تقاطيعه وتجاعيده حين تمعن في النظر تاريخاً وآلاماً وأحزاناً وذكريات قد طواها الدّهر وزوّرها المزوّرون وآذنت بالأفول والزوال مع القلّة الذين يعرفونها على حقيقتها. وتذكرته وهو ينشد أبياتاً من الشعر النبطي والدّموع تنهمر في عينيه، وصوته يهدر هدراً لا يكاد يفهمه إلاّ من يعرف لهجته النّجدية جيداً… يقول:

وأضحت عِداها اتحكِّم قوانينهاوأحكمت في وطنّا خنازيرهاواتباع الذي فاسدٍ دينهاحب لي من تناهق مزاميرهابسيوفٍ نقتِّل فراعينهاتذهب الكفر واللّي على دينها

يزعُمون المراجل عقول البهايمأفسدوا جيلهم واخذوهم غنايمبزخرفات المباني مع أكل الولايمحس ذيبٍ عوى من ورى العدايمواوجودي على أهل الدّين والعزايميا الله يلي على العرش عالي ودايم

وافق شنٌّ طبقة

(عنبر أخو بلال)

الحق يقال أنّ هذه الدّولة الخبيثة التي أفسدت على النّاس دينهم لا تختلف عن غيرها من شقيقاتها وحبيباتها وأخواتها غير الشّرعيات من الأنظمة العربيّة والخيلجية الطاغوتية الأخرى والتي يهاجمها مشايخ آل سعود – أحيانا ً- لتحاكمها إلى القوانين الوضعية… ولا يماري في هذه الحقيقة إلا اثنين من الناس … إما جاهل بواقع هؤلاء الطّغاة لا يعرف أنظمتهم وسياساتهم وواقع حكوماتهم فيهرف بما لا يعرف ويتكلّم فيما لا يعلم ضالاً عن جادة الحقّ مضلاً للنّاس.

أو منافق خبيث من أولياء هذه الحكومات علفوه حتّى حرفوه، وأرضعوه حتّى أخضعوه وأشبعوه حتّى أسكتوه… فهو يدافع عنها ويواليها ويسبّح بحمدها ولا يزال لسانه ملوّثاً بذكر أفضالها ليل نهار.

إمّا حماراً أو من الثّيران

والله لست بثلاث لهما بلا

أمّا الصنف الثاني فهم الهلكى المتساقطون وما أكثرهم في ظل هذه الدّولة الخبيثة فهؤلاء لا نُتعب أنفسنا معهم فإنّه من يضلل الله فلن تجد له وليًّا مُرشداً، ومن يرد الله فتنتهُ لن تملك له من الله شيئاً.

وقد قال شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب في أمثالهم ممن يدافعون عن الطواغيت ويرقّعون لهم ويلبّسون أمرهم على النّاس: "وكذلك نكفّر من حسّن الشرك للنّاس، وأقام الشّبهة الباطلة على إباحته" أهـ. من الرّسائل الشخصية ص60.

فكذلك من رقّع لمشركي الطّواغيت العصرية ودافع عن موالاتهم وطاعتهم المشرّعين الكفّار وزيَّن ذلك وأقام الشبهة الباطلة للتهوين من أمره وتجويزه…

وهذه بعض إشارات تفضح وتكشف سبيل هؤلاء المجرمين المفسدين وتبين أن لا فرق بين هذه الدّولة وغيرها من الأنظمة الطّاغوتية العربية الأخرى بل هي وربّ الكعبة أشدّ خبثاً ومكراً في تلبيس النّور بالظّلام والتّدليس على الطّغام وخلط الحقّ بالطّغيان والكفر بالإيمان باسم التّوحيد والعقيدة الصحّيحة. ومن المعلوم بداهة أن العدو الخفي أدهى وأخطر من العدو الظّاهر ومن يعادي الدّين علانية أهون شرّاً ممّن يتلوّن ويتخفى في عدائه، ولأجل ذلك كان المنافقون في الدّرك الأسفل من النّار(*).

السّعودية والقوانين الوضعية

أخي الموحّد… أفق من نومك، ولا تبق في غفلتك فقد طال السبات وانقضى العمر.. أفق وتعرّف على كذب هذه الدّولة الخبيثة التي أفسدت على النّاس دينهم وشوّهت توحيدهم، وتعرّف على كذب وضلال سدنتها من علماء السّلاطين. ولكي لا تكون ممّن عُمِّيَ عليهم حالها إليك بعض فضائحها في هذا الباب.

أوّلاً: القوانين السّعودية أو الطّواغيت المحليّة

الدّولة السّعودية تتمسح بالشّريعة الإسلامية وتخادع العميان والعوران بإقامتها لبعض الحدود الشّرعية على ضعفاء الخلق فيها… لتوهم النّاس بأنّها تطبّق الأحكام الإسلامية وتنبذ القوانين الوضعية وتكفُر بها. وهذا كذب واضح مكشوف للمطّلع البصير في أحوالها.. سواء على المستوى الدّاخلي أو الخارجي.

* أما على المستوى الداخلي:

فإنها تشرع في كثير من المجالات قوانين وضعية تحكّمها وتلزم الخلق بها… ولكنها تخادعهم –تمشياً مع سياسة التلبيس التي تنتهجها- فلا تطلق عليها كلمة (قوانين) بل تسميها: (أنظمة) أو (مراسيم) أو (تعليمات) أو (أوامر) أو (لوائح) أو (سياسات)، والمتتبع لقوانينها في مجالات مختلفة تتضح له هذه الحقيقة بوضوح تام. جاء في كتاب (الأحكام الدّستورية للبلاد العربية)() تحت عنوان "دستور المملكة العربية السّعودية": "وكلمات (قانون) و(تشريع) و(شريعة) لا تطلق في السّعودية إلا على الأحكام الواردة في الشّريعة الإسلامية. وما عداها من أحكام وضعية، فيُطلق عليه فيها تعبير (أنظمة) أو (تعليمات) أو (أوامر)…" أهـ.

فتأمّل هذا التّلبيس على الخلق وتدبّر قوانينهم لتزداد بصيرة بهم… وقبل الشّروع في ضرب أمثلة من قوانين السّعودية الوضعية نلفت نظر الموحّد إلى نقطة مهمّة وهي أنّ ما تفعله هذه الحكومة الخبيثة من تطبيق بعض حدود الشّريعة على بعض النّاس وتعطيلها لبقية أحكام الشّريعة وتطبيقها وتحاكمها للقوانين الوضعية في باقي المجالات – كما سترى - هو تماماً مثل ما تفعله بقية الدّول العربية الطّاغوتية التي تجاهر بتحكيم القوانين الوضعية وتحكّم الشّريعة في جانب ما يسمّونه (بالأحوال الشّخصية) بل حتى الحدود فإن كثيراً من الدول تطبقها كتطبيق السّعودية المشوّه كالباكستان ومن جرى مجراها في التّلبيس، بل بلغني عن بعض إخواننا اللّيبيين أنّ القذافي يطبّق حد شرب الخمر فيجلد شارب الخمر تماماً كما يفعل الفهد. فما باله يكفر رغم تطبيقه لبعض الدّين؟؟ ولا يكفر الفهد؟؟ وما بال من تحاكم للشّريعة في مجال (الأحوال الشّخصية) وإلى القانون في المجالات الأخرى يكفر ومن تحاكم لها في مجال بعض الحدود وإلى القانون في مجالات كثيرة أخرى – ستعرفها - لا يكفر؟؟ (أكُفَّاركم خيرٌ من أولئكم أم لكم براءةٌ في الزُّبر(؟؟

وهذا أوان الشّروع في المقصود بعون الملك المعبود…

*جاء في كتاب (الوجيز في تاريخ القوانين) للدكتور محمود عبد المجيد المغربي ص443 تحت عنوان (حركة التّدوين والتّشريع في المملكة العربية السعودية)، بعد أن ذكر أنّ التشريعات كانت قديماً إسلامية بسيطة!! قال وهو يتكلّم على سبيل المدح: "تغيّر هذا الوضع بعد قيام الدّولة السّعودية وظهور الثّروات الطبيعية، ممّا دعا إلى الإصلاح!! والتغيير!! ودخول عناصر جديدة في حياة أهل البلاد، فقامت الشّركات الأجنبية وأصبحت لها امتيازات خاصة. إلى أن قال: لهذه الأسباب كان لابد من مواجهة الحياة الجديدة بسنّ تشريعات تلائم الحاجات المستجدة فصدرت:

تشريعات في أصول المحاكمات

والقوانين التجارية

والقوانين والجزائية

وتشريعات العمل والعمّال

والضرائب وغيرها…"

وقال عن القوانين التجارية:

(يعتبر قانون التّجارة البرية والبحرية المعروف باسم (النظام التجاري) من أهم القوانين التجارية السعودية وقد صدر هذا القانون سنة 1931 وهو على غرار القوانين التجارية الحديثة عربية كانت أم أوروبية يبحث في أصول المحاكمات التجارية وتسجيلها من القوانين التجارية الهامة إلى جانب القوانين الأخرى المتعلّقة بالتجارة).

وقال في القوانين الجزائية – طبعاً بعدما ذكر أنّ الشريعة لازالت مطبّقة في هذا المجال - قال: (مع بعض التعديلات التي اقتضتها المصلحة العامة).

وقال في قوانين الضرائب: (اقتضت المصلحة أيضاً سن تشريعات ضرائبية للدول بسبب ازدياد نفقاتها للقيام بالمشروعات الاقتصادية والاجتماعية، فصدر قانون ضريبة الدخل في سنة 1950م).

هذا ما ذكره هذا الكاتب. والحقيقة أن تشريعاتهم وقوانينهم التي سنّوها ويسنونها مع الأيام أكثر من ذلك بكثير… فهو لم يذكر، على سبيل المثال:

- نظام مراقبة البنوك الصّادر، بالمرسوم الملكي رقم (م/5) لسنة 1386هـ().

- و(نظام الجنسية العربية السّعودية) الذي قرره المجلس الوزاري بالقرار رقم (4) بتاريخ 25/1/74، وصدرت الإرادة الملكية في خطاب الدّيوان العالي رقم 8/5/604 وتاريخ 22/2/74 بالعمل به().

- وكذا (نظام المطبوعات والنشر) الصّادر بالمرسوم الملكي رقم م/17 بتاريخ 13/4/1402هـ.

- و(نظام المؤسسات الصحفية المحلية) الصادر بالمرسوم الملكي رقم 62 بتاريخ 24/8/1383هـ.

- وكذا المرسوم الملكي رقم (169) الصادر بتاريخ 20/10/1402هـ المتضمن المصادقة على السياسة الإعلامية (العلمانية الماسونية) للمملكة().

- وانظر (قانون) نظام إحياء الأرض الموات - حيث كان يعمل فيها بالشرّع قبل ذلك ثمّ صدر في ذلك مرسوم ملكي حظر تملك الأرض الموات إذا أحياها صاحبها بعد سنة (8).

- وراجع أنظمة الزّواج من غير السّعودية.

- وكذا (الأحكام العامة للتعرفة الجمركية) " المكوس " الصادر بالقرار الوزاري رقم (1191) بتاريخ 6/4/1393هـ بالمرسوم الملكي رقم م/9 بتاريخ 6/4/1393هـ.

- وكذا (التشريعات المتعلقة بالعلم الوطني وعلم المليك وأعلام الدول الصديقة والشقيقة) الصّادر بالمرسوم الملكي رقم م/3 تاريخ 20/2/1393هـ.

- وكذا (نظام الجيش العربي السّعودي) الخاص بديوان المحاكمات العسكرية الصّادر بتاريخ 11/11/1366هـ.

وغير ذلك مما سيأتي ذكره وممّا لم نذكره.

وهكذا يعمل القوم على هدم الشّريعة وتشويهها بالتّستر خلفها وتطبيق بعض حدودها تطبيقاً مشوّهاً وفي نفس الوقت يطبّقون القوانين الوضعية ويشرّعونها في شتى المجالات وتحت أسماء مزيفة (أنظمة) (مراسيم) وغير ذلك من الأوصاف التي تتماشى مع سياسة التلبيس التي ينتهجونها متجنبين التّصريح والإعلان بذلك حفاظاً على ما تبقى من ماء وجوههم ليتناسب ذلك مع وجود الحرمين الشريفين في دولتهم… مع محاولات الإعلان بذلك بين الآونة والأخرى لجس النبض الجماهيري الميت المخدّر… فكثيراً ما صرح مسؤولون سعوديون علانية برغبة الحكومة في الشّروع بمشروع دستور جديد للملكة، وآخر هذه التصريحات وأحدثها ما صدر بعد أحداث الحرم المكّي والثورة الإيرانية عام 1979م. وهاك الآن بعض الأمثلة من القوانين الوضعية السعودية:

***

* تأمّل على سبيل المثال القوانين والتشريعات السعودية المتعلّقة بعلم الدولة وعلم المليك وأعلام الدّولة الصّديقة والشّقيقة الصّادرة بالمرسوم الملكي رقم م/3 بتاريخ 20/2/1393هـ. والمشابهة بل والمطابقة في كثير من موادها لقوانين الجزاء المتعلّقة بأمن الدّولة الدّاخلي في الدّول العربية الطّاغوتية الأخرى التي تصرّح وتعلن بتطبيق القانون.

راجع المادة الخامسة عشرة والمادة السادسة عشرة والمادة السّابعة عشرة وانظر في باب العقوبات:

المادة العشرون: "كل من أسقط أو أعدم أو أهان بأية طريقة كانت العلم الوطني أو العلم الملكي أو أي شعار آخر للمملكة العربية السعودية أو لأحدى الدّول الأجنبية الصّديقة كراهة أو احتقاراً لسلطة الحكومة أو لتلك الدّول وكان ذلك علناً أو في محل عام أو في محل مفتوح للجمهور يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد عن ثلاث آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين".

تأمّل هذا الكفر والزندقةولتعلم جيداً أن هذه المادة وأمثالها مشابهة على سبيل المثال للمادة (33) من قوانين أمن الدّولة الدّاخلي في القوانين الوضعية الجزائية الكويتية()… هناك تسمّى قوانين جزاء وضعية… وهنا في دولة التّلبيس تسمّى (أنظمة) و(مراسيم)… هناك عند مشايخ آل سعود هي كفر بواح… وهنا توحيد وأوامر ولي الأمر، (ويمكن قصد كده…) و(مراده كده…) و(متأوّل) وغير ذلك من الترقيعات، وعلى كل حال فإن رائحة الكفر البواح تفوح من نص هذه المادة… من ذلك مساواتهم لراية تحمل كلمة التّوحيد مع رايات الصّليب والكفر والتنديد.. إذ جعلوا العقوبة واحدة، بين من أهان راية (لا إله إلا الله) وبين من تبرّأ من رايات الكفر أو الصليب… ومعلوم أن الأخير لا عقوبة عليه في دين الله بل فيه الأجر والمثوبة، بينما الأوّل ردّة وكفر ومروق من الإسلام حكمه القتل، لا السجن سنة فأقل أو ثلاثة آلاف ريال… فما قولكم في هذا يا مشايخ التّوحيد…؟؟ والسّؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد هو ما لدولة التوحيد!! والذّود والدّفاع عن رايات الصّليب والكفر… ومن هي هذه الدّول (الصّديقة) في هذا اللفظ المطلق… يا ترى؟؟

ونقف هاهنا وقفة قصيرة لنسجّل هذه الأسئلة وصمة عار في وجه هذه الحكومة وعلمائها… ولا داعي لتضييع الوقت في الإجابة… فكل موحّد يعرف إجابتها…!!

س1: ما حكم من سنّ التشريعات في منع وتحريم إهانة شعارات الكفّار أو إسقاط الصّليب المرسوم على أعلام الدّول النّصرانية الأوروبية أو إعدامه وإهانته؟؟

س2: ما حكم من عاقب وعادى وسجن على التّوحيد، كالموحّد الذي يحقق توحيده العملي مثلاً ببغض واحتقار وكراهة شعارات الكفّار المختلفة وصلبان النّصارى المرسومة على أعلامهم؟؟ – عفواً ليس (عاقب) فقط - بل سنّ القوانين والتّشريعات التي تعاقب على ذلك؟؟

س3: وما حكم من استحل() لنفسه أكل مال المسلم (ثلاث آلاف ريال) عقوبة لأجل كفره بصلبان النَّصارى المرقومة على أعلامهم أو لأجل براءته من شعارات الدّول الشيوعية والبعثية والعلمانية والاشتراكية وغيرها.

س4: وأخيراً ما حكم من ظاهر المشركين وشعارات المشركين وصلبان المشركين وأعلامهم، ودافع عنها وحماها ونصرها على الموحّدين الحقيقيين الذين يتبرّءون منها ويعادونها ويكرهونها ويحتقرونها…().

ترى لو سألنا هؤلاء المشايخ مثل هذه الأسئلة دون أن نعرّفهم بأن ذلك متعلّق بدولتهم السّعودية… كيف ستكون الإجابات…؟؟

اللّهُمَّ إنّا نبرأ إليك من الضّلالة… ما هو تعريف الموالاة المكفرة المخرجة من الإسلام يا حضرات المشايخ…؟ لو أنّ رجلاً موحداً توحيداً حقيقياً كاملاً – وليس توحيدكم المسموخ - قام إلى راية أو شعار أو علم من أعلام دول الكفر النّصرانية أو العربية التي تعلن بتحكيم الدّيمقراطية أو الاشتراكية أو غيرها. أو أي حكومة خبيثة يكفّرها مشايخ السّعودية كحكومة القذّافي أو حافظ الأسد أو صدّام حسين أو حسني مبارك أو غيرهم.. ومزّق أو أتلف أو قطع أو احتقر تلك الرّاية أو العلم أو الشّعار غضباً لله لأنّ عليه صليباً أو لأنّه يمثل ويرمز لدولة الكفر تلك، فما هديته من دولة التّوحيد… يا حضرات المشايخ… أيعطى (جائزة الملك فيصل) لخدمة الإسلام التي طالما لبّستم بها على الخَلق… أم أنّ هديته سنة من السّجن وغرامة مالية قدرها ثلاثة آلاف ريال… ماذا تسمّون هذا يا مشايخ التّوحيد؟

أتصدر هذه التشريعات والأحكام من أناس متبرّئين، من جميع الطواغيت والكفّار وأحكامهم وقوانينهم؟؟

أتصدر من أناس يعرفون معنى (لا إله إلا الله) وقوله تعالى: (ولقد بعتنا في كلِّ أمَّةٍ رسولاً ان اعبُدوا الله واجتنبوا الطّاغوت( وهل هذا هو اجتناب الطواغيت أم هو الدّفاع عن الطّواغيت ونصرتهم.

إنّها ورب الكعبة لا تصدر إلاّ من أولياء لأوليائهم وأحباب لأحبابهم وأنصار لأسيادهم.

أهذه هي البراءة من الشرك وأهله ومن الطّواغيت على اختلاف ألوانها، والقوانين والمذاهب الكفرية الأخرى… أم هذا نصر وتأييد وعلاقة مودّة وحسن جوار مع ذلك كلّه، قولوا الحقيقة يا قوم… بيّنوا للناس دينهم، عرّفوهم بأوليائهم من أعدائهم، فوالله إنّه لا يؤخر لرزق ولا يقرّب من أجل أن تقولوا بالحق نصراً لدين الله عزّ وجل… المسألة واضحة يا إخواني، يا أهل التوحيد ولا تريد كثرة كلام ولا تطويل محاضرات…

هم يشرّعون مثل هذه القوانين مراعاة لأوليائهم.. بل ومتابعة ومراعاة لقوانينهم ولذلك جاء في القانون نفسه في القسم الثاني (الأصول المتعلّقة برفع العلم).

(المادة السادسة): "تراعى قواعد القانون والعرف الدّولي فيما يتعلّق برفع العلم الأجنبي على المباني الخاصة بالممثليات السياسية والقنصلية للدّول الأجنبية في المملكة وكذلك الأمم المتّحدة والهيئات الدولية والإقليمية أو رفعه على السيارات الخاصة بموظفيها، وفيما عدا ذلك() لا يجوز رفع العلم الأجنبي في المملكة إلاّ في الأعياد والمناسبات الرسمية…" تأمّل!! يعني مثل ما يقولون: (ما هي بمشقوقة لكن تخر)(*).

*مثال آخر من قانون (نظام) المطابع والمطبوعات الموافق عليه بالإرادة الملكية برقم 12/2/6 بتاريخ 21/2/1358هـ.

المادة (17): "لا يجوز مصادرة أو منع أي مطبوع من المطبوعات من النشر والتوزيع والبيع سواء طبع في الدّاخل أو في الخارج إلاّ بقرار من لجنة تدقيق المطبوعات مصدّق عليه من الجهات المختصّة".

وهذا لأجل حفظ كتب ومجلات وجرائد القاذورات التي تمتلئ بالخلاعة والإلحاد والحداثة والفساد والتي تطعن ليل نهار في الله ودينه وشرائعه تحت سمع وبصر هذه الحكومة الخبيثة. وكل من يعيش فيها يعرف ذلك ويراه بعينيه-فالمجلات النتنة تملأ الأسواق والشّوارع تحت حماية الدّولة وقانونها هذا وأمثاله، فهذه المادة التي بدأت بقولهم (لا يجوز) تأمّل!!! (لا يجوز)… تحفظ على كل وغد وزنديق كتبه ومجلاته ودور نشره.. فليس لآمر بمعروف أو ناه عن منكر أن يعترض على باطل منشوراً كان أو مطبوعاً أو يقوم بمحاولة منعه فضلاً عن إتلافه… (لا يجوز) له ذلك قانونياً في دولة التّوحيد!! بل هو تبع لمزاج وهوى تلك اللجنة الحكومية، والقائمين عليها طبعاً ممن لا خلاق لهم ولا أخلاق… ومن شك في هذا فما عليه إلاّ أن يعمل استقراء بسيطاً للواقع ولينظر في المكتبات وما تعرضه وتبيعه وتستورده من مجلات وجرائد… ليتعرف على الحقائق.

* أمثلة أخرى من القانون نفسه:

مادة (35): (لا يجوز نشر القدح والذّم في حق الملوك ورؤساء الجمهوريات للدول المتعاهدة مع الدّولة العربية السّعودية).

مادة (36): (لا يجوز نشر القدح في حق رؤساء وأعضاء البعثات السيّاسية والمفوضين السياسيين والقنصليين المعتمدين ببلاد جلالة الملك).

مادة (37): (لا يجوز أن يُعزى إلى هيئة مهما كانت ما يحط من قدرها ويزري بشرفها وكرامتها).

مادة (38): (لا يجوز التعرّض للشخصيات على اختلاف طبقاتها بالقدح والذّم نثراً أو نظماً أو تصويراً).

وفي باب العقوبات نصوّا:

في المادة (56): (كلّ من خالف المادة (36) يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة).

المادة (57): (كلّ من خالف المادة (37) ونشر بالذّات أو بالوساطة قدحاً في حق رؤساء أو أعضاء البعثات السياسية أو المفوضين السياسيين أو القنصليين المقيمين ببلاد حكومة جلالة الملك يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر).

ونقف هاهنا وقفة قصيرة مع المشايخ المدافعين عن هذه الدولة… فنقول مرّة أخرى:

* ما هو حكم من نصر وأيّد الملوك والرّؤساء الكفار ودافع عنهم سواء كانوا نصارى أوروبيين أو أمريكان أو من كفرة الحكّام العرب، بل وشرَّع القوانين لمعاقبة كل من قدح فيهم أو طعن في كفرهم وتبرّأ منهم ومن إلحادهم ودعا النّاس إلى ذلك؟؟

* ما هو حكم من حرَّم ما أحلّ الله من الطّعن في الكفار والقدح والذّم بهم وبكفرهم ولم يجوّز نشر مثل ذلك… مع العلم أن الله يجوّز بل ويوجب الطّعن بالكفّار وجهادهم باللّسان والسّنان، فما حكم من يعاند الله ويضاد تشريعه بتشريع يقول: لا يجوز ذلك…؟؟

وقبل أن نُغادر هذه الوقفة إلى غيرها… نلفت انتباه إخواننا الموحّدين… إلى مسألة مهمّة في هذا القانون نفسه… فنقول: بالطبع لم يغفل طغاة السّعودية كعادتهم أن يضعوا مواداً تلبيسية في قانونهم هذا… فشرعوا المادة (32): (لا يجوز للصّحف نشر مقالات تدعو إلى التخريف والإلحاد). وعقوبة ذلك كما في المادة (52): (كل من يخالف المادة (32) يعاقب مرتكب المخالفة بالحبس من أسبوع إلى شهر أو بغرامة نقدية مقدارها خمسمائة إلى ألف قرش سعودي).

تأمّلوا الزّندقة يا دعاة التّوحيد والعقيدة… من ينشر ويدعو للإلحاد يسجن من أسبوع إلى شهر أو يغرم خمسمائة قرش سعودي، وربّما يعاقب فقط بهذه الغرامة الهزيلة وحدها… في حين أنّ من يحقّق توحيده بالطّعن في الملوك والرؤساء النّصارى والكفّار والمرتدين ويتبرّأ منهم ويدعو النّاس إلى ذلك فإن عقوبته قد تصل إلى السّجن سنة كاملة كما في المادة (56) المتقدمة.

تأمّلوا هذه الزّندقة المكشوفة، وهذا الإلحاد؛ الذي يطعن ويقدح بالكفّار أعظم جرماً عند دولة التّوحيد!! وحكومة إمام المستسلمين من الذي يطعن بالدّين وينشر الإلحاد في الصّحافة أو غيرها… لا غرابة إذن أن نرى الحداثيين وغيرهم من الملاحدة يسرحون ويمرحون دون رقيب من الدّولة أو عتيب…

سؤال أخير نوجّهه لأصحاب الفضيلة!! وهو: ما حكم من استبدل حدّ الردة الذي ينبغي أن يقام على كل من نشر الإلحاد ودعا إليه بمثل هذه التشريعات الهزيلة السّاقطة؟؟؟

هل هناك فرق بين هذه القوانين التي تدجّل دولتكم فيها على الخلق فتسميها أنظمة ومراسيم وبين قوانين الدّول الأخرى الشقيقة والصّديقة لدولتكم التي تُعلن بتحكيم القوانين الوضعية وتصرح تصريحاً، لماذا تكون هذه القوانين بالنسبة لتلك الدّول كفر وإلحاد، بينما هنا، هي ليست كذلك؟؟ (أكُفّاركم خيرٌ من أولئكم أم لكم براءةٌ في الزُّبر(؟؟

** وإليك أخي الموحد مثالاً آخر من قانون ثالث من قوانين السّعودية.

وهو قانون – عفواً - (نظام) مراقبة البنوك السّعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/5) لسنة 1386هـ(). قالوا في تعريف الأعمال المصرفية المشروعة المباحة في بنوك دولة التّوحيد!!

مادة أولى: فرع (ب) يقصد باصطلاح (الأعمال المصرفية) "أعمال تسلم النقود كودائع جارية أو ثابتة وفتح الحسابات الجارية وفتح الاعتمادات وإصدار خطابات الضمان ودفع وتحصيل الشيكات أو الأوامر أو أذون الصرّف وغيرها من الأوراق ذات القيمة وخصم السّندات والكمبيالات وغيرها من الأوراق التجارية وأعمال الصرّف الأجنبي وغير ذلك من أعمال البنوك" أهـ. ومحل الشاهد منه هو الإطلاق الأخيرة…

فما الفرق بعد هذا كلّه يا أولي الألباب بين تشريعات البنوك في أمريكا وأوروبا والبلاد العربية الطاغوتية الأخرى وبينها في هذه الدّول الخبيثة… إنّ الباب مفتوح على مصراعيه في هذه المادة وبوضوح تام لإباحة بل وحماية جميع معاملات البنوك بلا قيد أو استثناء وفي هذا بالطبع إباحة للرّبا تماماً كما هو الحال في بقية الدّول الطاّغوتية العربية والغربية… ومعلوم أنّ الربا في دولة التوحيد المزعوم مباح يحرسه ويحميه القانون، وسيأتي مزيد من التفاصيل حول ذلك في فصل (السّعودية الرّبوية).

*ومثال آخر من قانون رابع هو (قانون الجمارك السّعودي الحديث الصّادر بالمرسوم الملكي رقم (م/9) بتاريخ 6/4/1393هـ في عهد الملك فيصل. تعديلاً للقانون القديم الصّادر بالمرسوم الملكي رقم (م/5) وتاريخ 28/2/1388هـ. جاء في بنود المرسوم الجديد:

ثالثاً: يصدر وزير المالية والاقتصاد الوطني القرارات المتعلّقة بتطبيق التعرفة الجمركية وفقاً لأحكام نظام الجمارك ولائحته التنفيذية…الخ.

خامساً: "تلغى التعرفة الجمركية الصّادرة بالمرسوم الملكي (م/5) وتاريخ 28/2/1388 وملاحقها والتعديلات التي أدخلت عليها، وكلّ نص يتعارض مع أحكام هذا المرسوم"() أهـ.

وتأمّلوا معي يا دعاة التوحيد!! ويا حرّاس العقيدة!! هذا الإطلاق في الجملة الأخيرة من هذا القانون.. (يُلغى كلّ نص يتعارض مع أحكام هذا المرسوم…).

هذا مرسوم جمركي يبيح أكل أموال النّاس بكيفيات وكميات يحددها وزير المالية والاقتصاد.

والشرّيعة تحرم المكوس (الضّرائب) وتحرم أكل أموال الناس بالباطل…

والسّعودية تزعم تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا النص الحديث يقرر وينصّ على (إلغاء كل ما يعارض أحكام هذا المرسوم).

وهذا يساوي ويعني بالضبط إلغاء أحكام الشّريعة المعارضة لهذا المرسوم الملكي وتقديمه عليها… أفي هذه المعادلة شك؟؟ أترونا زدنا شيئاً على نصوصهم وكلامهم؟؟ أجيبونا يا مشايخ السّوء؟؟ لماذا مثل هذا عند الدّول الأخرى يكون كفراً، وعندكم ليس بكفر؟؟ (أَكُفَّارُكُم خيرٌ من أولئكم أم لكم برآءةٌ في الزُّبر(؟؟

السّعودية

ولعبة الحدود الشّرعية

أما الحدود وما أدراك ما الحدود عند السعودية… فإنّها أمست عندهم – قاتلهم الله - مهزلة وألعوبة يضحكون بها على العوران والعميان ليوهمونهم أنّهم أرباب الشريعة وأهلها.

وإذا كنت طالب حق وأردت أن تعرف كيفية تطبيقهم وتلاعبهم بهذه الحدود، فأحيلك على كثير من المخلصين المتحمّسين الذين كانوا يعملون في هيئات الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، ثمّ فروا منها وفارقوها لمّا رأوا المهازل والاستخفاف بالحدود؛ فذاك الأمير السّكير يخرج بواسطة. هذا إن دخل!! وهذا الأمير الزّاني لا يطوله حد، وتُداهم بيوت الدّعارة ويُقبض على الزواني والزانيات عراة متلبسين فتأتي الأوامر من الأمراء بإطلاق سراحهم وعدم مسّهم بسوء. حتى إن أحد أولئك المخلصين المتطوعين قد حدّثني أن المسؤولين وبعد عدة مداهمات على بيوت دعارة شدّدوا عليهم، واشترطوا عدم المداهمة إلاّ بعد الاتصال بهم.. وإعلامهم عن العنوان… وعن السيّارات الواقفة أمام البيت وأرقامها - فإن كانت لأمراء أو لشخصيات نُهوا عن المداهمة وزجروا، وإن كانت لأناس عاديين تُرك لهم حبل المداهمة تسكيناً وتلبيساً وامتصاصاً للنقمة.. وهكذا. وأخبرني كثير من هؤلاء الإخوة أنّهم كانوا يعطون مسؤولييهم أوصافاً مغايرة ولا يعطونهم العناوين دقيقة لأنّهم يعرفون هذه اللعبة جيداً فإذا سألوهم عن السيارات وأرقامها وهل فيها هواتف ذكروا لهم أنّها (عربانات)() وسيارات عادية بدون (تلفونات)!! فيصرّحوا لهم بالمداهمة… وقالوا بأنّهم كانوا إذا عرفوا أنّ هؤلاء الفجرة الزّناة والزّانيات يتبعون لشخصيات كبيرة أو لأمراء عجّلوا في إهانتهم وضربهم بالأيدي والنّعال في الهيئة قبل أن تصل الواسطات والأوامر بالإفراج عنهم… فينفّسوا عن أنفسهم ببعض اللكمات والركلات إذ يعرفون جيداً أنّه لن تقام على أمثال هؤلاء الحدود… وهذه الهلهلة… والفوضى… على ما فيها من تلاعب في حدود الله، كان يعدّها أولئك الإخوة فترة ذهبية ومتنفساً لهم لدرجة أن كثيراً من المتطوعين الغير تابعين للهيئات كانوا يساهمون بتلك المداهمات ويشتركون مع أعضاء الهيئة وبحماس شديد، إلى أن رفعت الأمور إلى المسؤولين واشتكى الأمراء والشّخصيات الكبيرة من أفعال هؤلاء الشباب ووصفوا الهيئة بأنّها دولة داخل دولة.. وأنّها وأنّها.. فقيدوها وكبّلوها تكبيلاً… فمنع التطوع، فلا يتدخل في مثل هذه المداهمات إلاّ من كانت معه بطاقة رسمية من الهيئة وكذلك دخّلوا شرطتهم في عمل الهيئة فلابد من الاتصال بهم قبل أي عمل تقوم به الهيئة… فتأمّل، رغم أنّ هذه الهيئات لا تتحرّك إلا في حدود ولا تنكر إلا قضايا معينة مصرّح لها فيها… فليس لها شأن بالبنوك مثلاً وأمثال ذلك ممّا هو مرخّص ومصرّح له كمحلات الفيديو وتسجيلات الأغاني… وغير ذلك… ناهيك بالطبع عن سياسات ومفاسد وانحرافات الدّولة فهذا بعيد عن تخصصهم بعد الثريا… ولا دخل لهم فيه من قريب أو بعيد… ومثل ذلك منكرات الأجانب ومفاسدهم وكفرياتهم سواء من الأمريكان أو الإنجليز أو غيرهم، خصوصاً إذا كانوا دبلوماسيين، فإن العاملين في الهيئات يؤكد عليهم هذا الأمر فيعطون دروساً في كيفية التعامل مع الدبلوماسيين ومنكراتهم، فلا ينكر عليهم ولا يكلمون ولا يخاطبون البتة مهما كان منكرهم فقط يسجل رقم السيارة ويرفع إلى المسؤولين… ومن هم المسؤولون؟؟ إنهم طبعاً أحباب أولئك الدبلوماسيين وأوليائهم وشركائهم في منكراتهم… وهكذا… فرغم هذا التشويه والمسخ والتكبيل كله فإن الطّغاة لم يرضوا عنها ولم يهنأ لهم بال حتى مسخوها وقتلوها تماماً… وارجعوا اليوم إليها وانظروا كيف أصبح أصحابها يبكون على أيام زمان – رغم مسخها ذاك- ويسمّونها أيام العزّ!! لتتعرفوا على الحقائق… وقصص الدّولة مع هذه الهيئات وفضائحها لا تنتهي… وإذا كان هذا هو حال هيئات الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فكيف يكون حال الحدود إذن؟؟ وكيف تقام؟؟ وعلى من تقام؟؟ ().

والشّاهد من هذا كلّه أن تلك الحدود لا تطبق إلاّ على الضّعفاء والمساكين كما هو معروف، يفعلونها ليلبسوا على النّاس دينهم ويوهموهم بأنّ الحدود قائمة محكمة عندهم…

تبدو لهم ليسو بأهل معان

والنّاس أكثرهم فأهل ظواهر

تماماً كما هو الحال في غيرها من الدّول الطاغوتية الأخرى التي تأخذ من الشّريعة ما يسمّونه بالأحوال الشخصية. بل إن بعض الدّول تقيم مثل هذه الحدود أيضاً تلبيساً وتدليساً فالقذّافي – كما أشرنا من قبل - يجلد شارب الخمر… اسألوا الليبين إن لم تصدّقوا فما بال إقامته لتلك الحدود لم تشفع له عند مشايخ السعودية فكفروه؟؟

ومع هذا فلابد أن يعرف الموحّد أنّ هذه الحكومة الخبيثة رغم مسخها لهذه الحدود ورغم أنّها تعطلها في كثير من الأحوال ولا تطبقها إلاّ على الضعيف فإنّها قد ضاقت بها ذرعاً وتود لو يأتي ذلك اليوم الذي تمحي فيه معالمها بالكلية… ولكنّها ترى أنّه لم يحن ذلك ولابد من الاستمرار بسياسة التّلبيس… مادامت القضية لا تطول الأمراء والشّخصيات ولا تبلبل سياساتها الخارجية.

ومن علامات ومؤشرات ضيقها وتحرجها من هذه الحدود أنّ الأمير سلمان (أمير الرّياض) بعث إلى وزارة العدل بكتاب يطلب فيه أن لا تقام الحدود في الشّوارع وأن تنفذ في السّجون لأسباب عدة ذكر من أولها أنّ ذلك يُصوَّر من قبل الأجانب ويُنقل إلى بلادهم فتُشوَّه حكومة السّعودية!! ومنها أنّ ذلك يُفزع النساء والأطفال ويعقّدهم… وغير ذلك من الأسباب السّاقطة المتهافتة التي ذكرها.

فالقوم يتمنّون وربّ الكعبة اليوم الذي يمسخون فيه الأمة مسخا. ويتخلصون من بعض الغيورين الذين يخافون من بلبتهم لينسفوا ما تبقى من الشريعة نسفاً… تماماً كما نسفوا غيرها من شرائع الإسلام وأباحوا وحموا ونشروا كثيراً من الباطل والحرام ولكنّهم كما قلنا لا يقدرون على ذلك دفعةً واحدةً. خصوصاً وعندهم الحرمين… فهذا يُثير سخط وعواطف النّاس… فما المانع من تأخير ذلك وإبقاء هذه الحدود بحالها الممسوخ هذا ستاراً لها وسلاحاً أحياناً.

فحدّ الحرابة – على سبيل المثال - تحرص عليه الدّولة حرصاً شديداً وهو الحد الوحيد الذي أظنّها لن تتنازل عنه أبداً مادام مسخراً للدفاع عن طواغيتها وعروشهم، فكل من خرج عليهم أو حاول أن يرفع رأسه ويتحرر من عبوديتهم وطغيانهم.. طبّقوا عليه هذا الحد بحجّة أنّه يحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فساداً.. والحقيقة التي لا يجادل فيها موحّد مطّلع على أحوالهم أنّهم هم هم الذين يحاربون الله ورسوله والمؤمنين ويصدّون عن سبيل الله ويسعون في الأرض فساداً ليل نهار… كما عرفت وستعرف مزيداً من ذلك فيما يأتي…

فنسأله تعالى بصفاته العلى وأسمائه الحُسنى أن يقرّ عيوننا بيوم نطبّق فيه هذا الحد العظيم عليهم.

***

وننتقل الآن إلى موضع هام، يجب على الموحد التنبه له ومعرفته… ليزداد بصيرة في خبث هذه الحكومة، وتشريعها وتحاكمها للقوانين الوضعية، وتلاعبها بالشريعة وحدودها ومحاكمها…

السعودية بين لعبة المحاكم الشرعية

والهيئات الحاكمة الوضعية

إذا كان مجرّد وجود المحاكم الشرعية يكفي في الحكم على الدّولة بالإسلام مع وجود المحاكم المدنية الأخرى التي تحكم بالقوانين الوضعية، ومع تحاكم الدّولة وحكومتها كما سيأتي إلى الطّواغيت الأخرى الخليجية والعربية والعالمية وموالاة أهل تلكم الطّواغيت ومناصرتهم، وإذا كان هذا كلّه لا يؤثّر عند كثير من الجهّال في إسلام الدّولة وحكومتها ولا يخدشه… فإنّ هذا الحكم الأعوج ليس وقفاً على السّعودية وحدها.. بل الحق أن يسحب على العديد من الدّول الطاّغوتية الأخرى التي يكفرها مشايخ السّعودية فهناك عندها أيضاً محاكم شرعية وهناك أيضاً تطبيق لبعض جوانب وحدود الإسلام.

فهل هذا هو الإسلام الذي يريده الله عزّ وجلّ… وهل هذا هو التّوحيد الذي بعث الله به الرسل…" وهل هذا هو الدين الذي قال تعالى عنه: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين(.

أم أنّ هذا مسخ للإسلام وتشويه له، وطعن فيه… في السّعودية اليوم… محاكم شرعية يخادعون بها العمي والصم… وأخرى مدنية يسيّرون بها سياساتهم وأحوالهم وشؤونهم المخالفة للشريعة… ولكن كالعادة وتمشياً مع سياسة التلبيس… يلبسونها أثواباً وأسمالاً شتى لا تصادمهم مع الناس ولا تحرج مشايخهم الذين هم أكبر وأعظم أعمدة السّلطة، تماماً كما يفعلون مع القوانين الوضعية فيسمّونها (أنظمة) و(مراسيم) وغير ذلك… ويتجنبون قدر الإمكان أسماء (قانون) و(قوانين) فكذلك الحال في هذا الباب…

فعند (الرَّبع) في السّعودية إلى جانب المحاكم الشرعية هيئات أخرى قانونية (كديوان المظالم) وغيره مما سيأتي، تقوم هذه الهيئات بعمل المحاكم المدنية الموجودة في الدول الأخرى التي تصرح بتحكيم القوانين الوضعية، فتحوّل إليها شتى القضايا التي عطّلوا أحكام الشريعة فيها واستبدلوها بقوانينهم ومراسيمهم… كقضايا الربا والتزوير والرشوة وما حواليها… فإنّها تحول إلى ديوان المظالم وغيره من الهيئات التي فيها خليط من المشايخ ورجال القانون وفقهائه من خريجي جامعة السربون… فتصدر أحكام القضايا طبقاً للمادة كذا والمرسوم رقم كذا… ويُفضُّ النزاع بين المتحاكمين بهذه الصورة… ومن أراد التأكيد من ذلك فليتوجّه إلى أي قسم من أقسام ديوان المظالم أو غيره من الهيئات التي سيأتي ذكرها… وليتعرف على موظف من موظفيها يوليه ثقته ليقصّ عليه آلاف القصص والأحكام والقضايا التي هي في حقيقتها لا تختلف في كثير أو قليل عن أحكام المحاكم الوضعية في الدّول الأخرى التي تصرح وتجاهر بتحكيم القوانين… وكذلك فليراجع من أراد التوسّع أكثر كتاب "جرائم التزوير والرّشوة وتطبيقاتها في المملكة" لعبد الله الطريقي فإنّه مهم في هذا الباب. وأيضاً فلينظر مجموعة فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الدّيار السعودية سابقاً فإنّها تحوي الكثير من الأمثلة التي أنكرها الشيخ على هذه الحكومة الخبيثة وستأتي أمثلة من ذلك في المجالات المختلفة التجارية والصحية والزراعية والإدارية والعمالية وغيرها...

أما في مجال المحاكمات العسكرية فقد جعلوا لها ديواناً خاصاً آخر سمّوه (ديوان المحاكمات العسكرية) يتم فيه التحاكم إلى قانون وضعي سمّوه (نظام الجيش العربي السّعودي) الصادر بتاريخ 11/11/1366هـ، وتحال إلى هذا الدّيوان قضايا ومحاكمات العسكريين بما فيهم المتقاعدين. ونظام الجيش أو قانونه هذا خليط من قوانين وضعية شرعوها هم، وأحكام أخرى شرعية تردع الخارجين على عروشهم وحكوماتهم كحدّ الحرابة وأمثاله… وإليك أمثلة من قوانينهم الوضعية فيه:

حدّ السّرقة الذي يزعمون إقامته وتطبيقه في دولتهم… طبعاً لن نكرر تفاصيل تلاعبهم في هذا الحد وإقامتهم له على الضّعيف وتعطيله عن الشّريف… فالقوم قد تعدّوا هذا المستوى منذ أمد طويل… وقد ولجوا وبكل فخر أبواباً شتى من الكفر والزندقة والمحادة لله بتشريع ما لم يأذن به الله والتّحاكم إليه…

فمن المعلوم في الشريعة أن السارق تقطع يده عسكرياً كان أم مدنياً… أمّا في دولة أمير المؤمنين؟؟؟ فلا يمشي هذا عندهم… لذلك شرّعوا قوانين خاصّة للسّرقة بين العسكريين.. تستبدل حدّ السّرقة بالسّجن تماماً كما هو حاصل في الدّول الأخرى التي تجاهر وتعلن بتحكيم القوانين..

جاء في القانون المذكور في (الفصل الثامن) مادة رقم (112) (ضابط الصّف والجنود الذين يسرقون شيئاً من أشياء الضّباط ونقودهم ومن هم مختلطون بهم وقاطنون معهم في محل واحد أيّاً كان ذلك المحل فإذا كان من المستهلكات يكلف بدفع قيمتها المستحقّة إن سبق في عينها التّلف ويسجن من شهر ونصف إلى ثلاثة أشهر…".

تأمّل التّلاعب في دين الله، بينما إذا سرق شيئاً من الأهالي مع استعمال العنف فإنّه يحال إلى المحاكم الشرعية! كما في المادة (116) من القانون نفسه.

فهناك إذاً جهتين حاكمتيْن (جهة تحكم بالقوانين الوضعية…، وجهة بزعمهم تحكم بأحكام شرعية…). وكيف يتم التوزيع… والتّلاعب؟ ومن الذي يوزع الاختصاصات؟؟ يتم ذلك بالطبع عن طريقهم هم، فالمادة رقم (20) و(22) من الفصل الثالث من القانون نفسه وتحت عنوان (توزيع الاختصاص) تبين أنّ هناك من الجرائم ما تختص به المحاكم الشرعية وهناك منها ما يختص به (ديوان المحاكمات). وتنص المادة (21) من القانون نفسه على أنّه: "إذا ظهر لكل من جهتي الاختصاص عدم أحقيتها فيما تحال إليها من محاكمات أو المرافعات التي تكون خارج اختصاصها فعليها إعادتها إلى الجهة التي وردت منها مع بيان أسباب ذلك… وكل حكم يصدر من الجهتين خارجاً عن حدود اختصاصها يعتبر ملغياً ويعاد النظر فيه ثانياً من الجهات المختصة" أهـ.

تأمّل هذه الزّندقة المكشوفة…

وهذا يعني… أنّه لو سرق جندي من الجنود أموال ضابط من الضّباط وأن ذلك الضاّبط استيقظ ضميره!! وهداه الله وكفر بقوانين دولته الوضعية ورفض التّحاكم إلى (قانون الجيش السّعودي) وذهب إلى محكمة شرعية وأقام البيّنة والشّهود على السّارق وحكمت له المحكمة بالحكم الشرعي وبالحد على السارق فإن للحكومة وللجيش ولذلك الجندي أن يلغي هذا الحكم الشّرعي ويعطّل حد الله سبحانه وتعالى في السرقة في ظل حماية هذه المادة الكفرية الخبيثة… ويحق له أن يعيد النظر في قضيته ويحوّلها إلى (ديوان المحاكمات العسكرية) رغماً عن أنف ذلك الضّابط ورغماً عن أنوف أولئك المشايخ والقضاة الشّرعيين… ويحكم له طبقاً للمادة (112) من القانون الهزيل المتقدم الذّكر… وينتهي الموضوع ليعود مرة أخرى بعدها لممارسة السّرقة وغيرها…!

أرأيتم يا دعاة التوحيد إلى دولة التوحيد المزعوم! أرأيتم التلاعب الصريح في دين الله تعالى… والتشريع معه… ما لم يأذن به سبحانه وتعالى…؟

قال الله تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله( (الشورى: 21).

ومن معاني الدين كما في تفسير قوله تعالى: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك( الحكم والقضاء والقانون...

يقول العلامة الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان في تفسير (سورة الشورى): (كل من اتّبع تشريعاً غير تشريع الله فقد اتّخذ ذلك المشرّع رباًّ وأشركه مع الله) أهـ.

أرأيتم التّحاكم إلى غير ما أنزل الله عند هذه الحكومة المنافقة الخبيثة التي تخفي ذلك، وتزعم أنّها تطبّق شرع الله وتنبذ القوانين الوضعية…!

قال الله تعالى في محكم تنزيله: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يُضلَّهم ضلالا بعيداً( (النساء: 60).

فالتحاكم إلى الطّاغوت في أي شأن من الشؤون مناقض للإيمان بالله وكتبه... لأن الله كذّب إيمان مريد التحاكم وسمّاه زعماً… فكيف بالمشرع المقنن نفسه الذي يسن هذه المراسيم والأنظمة أنصدّق قوله وقول مشايخه أنّه مؤمن بالله محبّ لكتابه وحكمه أم نصدّق فيه حكم ربّ العالمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟؟

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره:

(هذه الآية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنّة وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطّاغوت هاهنا). ويقول ابن القيم في إعلام الموقعين: "من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء فيه الرّسول صلى الله عليه وسلم، فقد حكم الطّاغوت وتحاكم إليه" أهـ.

ويقول الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان: (وكلّ تحاكم إلى غير شرع الله فهو تحاكم إلى الطاّغوت) أهـ. من تفسير سورة الشّورى.

فهل هذه الدولة وحكومتها كافرة بالطّاغوت أم مؤمنة به متحاكمة إليه…؟ وإذا لم تكفر بالطّاغوت، فأي توحيد هذا توحيدها الذي تلبس ويلبس مشايخها على النّاس فيه..؟؟

أرأيتم التشريع من منطلق الهوى واستبداله بشرع الله المحكم… يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون(، (إن جنكيز خان وضع الياسق للتار "وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتّى من اليهودية والنصرانية والملّة الإسلامية وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرّد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فهو كافر، يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم لله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير) أهـ.

مثال آخر وليس الأخير نورده من هذا القانون الكفري قبل أن ننتقل إلى قوانين أخرى… وهي المادة (27): "يطبق ديوان المحاكمات الجزاءات الإرهابية المار ذكرها كل ودرجة الجرم الذي تظهره المحاكمة الأصولية ولصاحب الولاية وحده (القائد الأعلى) حق تنفيذها أو توقفيها أو استبدال حكم بحكم فيها إن تخفيفاً أو تشديداً وفاقاً لما تقتضيه غاية الشّرع ومصلحة الولاية" أهـ.

ونحن نوجّه للمشايخ المدافعين عن هذا الباطل سؤالاً واضحاً… ونريد منهم جواباً واضحاً مثله.

ما الذي يحكم به في هذا القانون أهي أ