مــحـمــد �مشتـهـى األمـم

ـافـي القـوصـي محمـد عبد الش

منشورات املنظمة اإلسالمية للرتبية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ 1438 ه / 2017م

2017MO1391 : رقم اإليداع القانوين

ردمك : 978-9981-26-633-9

يسيسكو ي الإالتصفيف والتوضيب والسحب �ف

الرباط-المملكة المغربية

© جميع الحقوق محفوظة لإليسيسكو

www.islamic-invitation.com

)قال رب الجنود : سأزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة.

وأزلزل كل الأمم. وأبعث مشتهى كل الأمم.

فأملأ هذا البيت مجدا قال رب الجنود.

مجد هذا البيت الأخ�ي يكون أعظم من مجد الأول قال رب الجنود.

ي هذا المكان أعطي السلم. قال رب الجنود(.و�ف

ي 2: 9-6(. )سفر حج

- 5 -

املحتويات

تقديــم بقلــم الدكتــور عبــد العزيــز بــن عثــان التوجيــري املديــر العــام للمنظمة اإلســامية للرتبية والعلوم والثقافــة .........................

9

11مقدمــة .................................................................

الوصــية األولــى ........................................................نجيــل- أي ي الإ

ي العهــد القديــم- شــواهد الوحدانيــة �ف )شــواهد الوحدانيــة �ف

ف أهــدى إىل العقل؟(. الفريقــ�ي

15

أنــوار النبــــوة ...........................................................اب الملكــوت- ختــم ي إرسائيــل- البشــارات باقــ�ت

)رســالة المســيح إىل بــ�فالنبــوة وإتمــام النعمــة(.

33

العهــد اجلديــد؟ .........................................................نسانية(. )العهد الجديد ووحدة الإ

49

اإلســام والغرب ........................................................)جذور العداوة للأنبياء والرسل(.

57

مــاذا يقول الكتاب املقدس عن حممــد؟ ............................... - )بشــارة يعقوب-بشــارة ســفر التثنيــة- بشــارة ســفر العــدد- بشــارات المزام�يــي- بشــارة حزقيــال- بشــارة ميخــا- بشــارة حبقــوق- بشــارة صفتيــا- بشــارة حج

بشــارة ملخــي- بشــارة إرميــا- نبــوءة دانيال- بشــارات إشــعيا(.

65

املســيح يبش باملســيا ....................................................- بشارات يوحنا- بشارات لوقا- البشارة بأمة الملكوت(. )بشارات م�ت

86

- 6 -

وشهد شــاهد من أهلها .................................................ونج(. شهادات: )القس لوزان- جورج بوش- مونتجمري وات- القس ميشون- كارين أرمس�ت

95

كر 105فاسألوا أهل الذ

د يف مرآة الفاســفة واملستشقني واملؤرخني الغربيني( ..... )حممشهادات املفكرين النصارى العرب

د(. د- عبقرية محم ي خطى محم)الرسالة الرسول- دين الرحمة والسلم- �ف

119

املعجزة الكــرى ........................................................ى عرص العلم- اإلعجاز الترشيعي- اإلعجاز االقتصادي – عجائب )املعجزة تتحد

اإلعجاز التقابيل(.

131

دالئل النبــوة ............................................................)الغيبيات يف القصص القرآين- الغيبيات يف السنة النبوية(.

150

النبي اخلاتـــم ............................................................)أسس الدولة الحديثة- رشيعة السامء وعدالتها(.

160

نبي الرمحــة ............................................................) وصايا العهد القديم(.

171

نبي امللحمة .............................................................)رشيعة القتال يف اإلسالم(.

176

نبي احلب ...............................................................)عظمة الترشيع اإلسالمي- حكمة تعدد الزوجات(.

186

رسول احلرية ...........................................................)نظرة الكنيسة للرقيق- مكافحة الرق(.

197

ــد حيتفي باملســيح ................................................ حممد عن أخيه املسيح(. )برشية املسيح- سؤال البد منه- ماذا قال محم

204

- 7 -

صاحب الرســالة العامليــة ...............................................)دعوة إىل اإلصالح العاملي(.

218

228يف عال اجلال ...........................................................

بــة ............................................. 237مراجـــع عربيـــة ومعر

239مراجـــع أجنبية ........................................................

- 9 -

تقديم

ا ونذيرا، شاهدا ومب�ش ﴿ عليه وسلم، الله تعاىل رسوله محمدا، صىل الله أرسل

ا ﴾، وختم به الرساالت الساموية، التي هي جميعها ما وداعيا إىل الله بإذنه ورساجا من�يبشـر به األنبياء والرسل كافة، يف سلسلة متصلة الحلقات من الوحي اإللهي الذي هدى الناس

إىل اإلميان بالخالق الواحد، رب الساموات واألرض وما بينهام، وحمل البشارة بالنبي الخاتم

النبوة الله محمدا، عليه الصالة والسالم، هو خاتم بصيغ متعددة تشهد جميعها بأن رسول

ومبلغ الرسالة الساموية التي أتـم الله بها نعمته العظمى عىل عباده وجعل لهم اإلسالم دينا.

ف من قبل ﴾ ـ الحج 78 ـ، وقـال قال تعاىل : ﴿ ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلم�ي

ع لكم من الدين ما وص به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا عـز وجـل : ﴿ رسش

به إبراهيم وموىس وعيىس أن أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه ﴾ ـ الشورى 13 ـ.

ويف هـذا الكتـاب الذي تـصدره املنظمة اإلسالمية للتـربية والعلوم والثـقافة -إيسيسكو-،

والذي يحمل عنوان )محمد ملسو هيلع هللا ىلص مـشـتـهى الأمم( ملؤلفه األستاذ محمد عبد الشايف القويص،

استعراض للبشارات التي جاءت بها الكتب الساموية بسطوع أنوار النبوة وظهور النبي محمد،

عليه الصالة والسالم، والذي به تختم النبوة وتتم النعمة. فاملؤلف يبحث يف الكتاب املقدس،

فيطلعنا عىل بشارة يعقوب، وبشارة سفر التثنية، وبشارة سفر العدد، وبشارات املزامري بنبوة

إىل السالم، عليه املسيح، رسالة الجديد عن العهد يف ويبحث والسالم، الصالة عليه محمد،

العهد الوحدانية يف امللكوت، كام يبحث عن شواهد باقرتاب البشارات بني إرسائيل، فيورد

القارئ لوقا، فيضع اإلنجيل من خالل بشارات متى، وبشارات يوحنا، وبشارات القديم، ويف

أمام الحقائق الخالدة الثابتة الساطعة التي تشهد عىل بشارة الكتب الساموية بنبوة نبينا محمد

بن عبد الله، عليه أزىك الصالة وأطيب السالم خاتم النبيني والرسل أجمعني، كام تشهد تلك

الحقائق عىل أن اإلسالم دين اإلنسانية ورسالة الله الخالدة إىل الخلق أجمعني.

وال يقترص الجهد الذي بذله املؤلف عىل التنقيب يف األناجيل، وإمنا هو يتوسع يف البحث

عن جذور العداوة لألنبياء والرسل من جهة، ومن جهة أخرى يبحث عن الشهادات التي

نطق بها أو كتبها يف مؤلفات، جمهرة من رجال الدين املسيحي، ومن الكتاب، والفالسفة،

واملفكرين، والقادة العسكريني والسياسيني من مختلف العصور، الذين آمنوا بصدق الرسالة

املحمدية، وأشادوا بعدالة اإلسالم، وصدقوا باملعجزة الكربى التي تتمثل يف القرآن الكريم.

- 10 -

وهكذا مييض املؤلف يف مباحث مستفيضة تناولت موضوعات شتى، من دالئل النبوة التي

النبوية، إىل اإلعجاز الترشيعي، واإلعجاز الغيبيات يف القصص القرآين ويف السنة تتجىل يف

الحديثة الدولة أسس وإىل اإلسالمي، الترشيع عظمة إىل التقابيل، واإلعجاز االقتصادي،

ورشيعة السامء وعدالتها، وإىل رشيعة القتال يف اإلسالم، لينتهي به املطاف إىل برشية املسيح

باللغات منشورة موثقة مصادر عىل معتمدا العاملي، لإلصالح الدعوة وإىل السالم، عليه

مام املعرفة، وشداة املثقفني وجمهور والدارسني الباحثني أوساط يف ومتداولة األجنبية

يضفي عىل هذه الشهادات الطابع التوثيقي الذي يقطع بصحة نسبتها إىل أصحابها، ويجعلها

مثار االهتامم من أوىل النـهى الباحثني عن الحق. يقول الحق تعاىل : ﴿ أمر أل تعبدوا إل

إياه، ذلك الدين القيم، ولكن أك�ش الناس ل يعلمون ﴾ ـ يوسف 40 ـ.

جميع أن والحديث، القديم من املتنوعة املصادر يف الجولة هذه بعد املؤلف ويؤكد

الشبيه أو الرشيك عن وتنزيهه الله توحيد عىل اجتمعت ـ استثناء بال ـ الساموية الرساالت

أو النظري، فكلمة )ال إله إال الله( قامت عليها وبها األرض والساموات، وفطر الله عليها جميع

املخلوقات، وعليها أسس الدين، وبها أمر الله سبحانه جميع العباد، وهي العبودية التي دعا األمم

عىل ألسن رسله إليها، سبحانه، وهي كلمة اإلسالم. ومن خالل هذه البشارات والشهادات تتجىل

العدالة، التي تؤكد بشكل قاطع أن اإلسالم دين الحق، ودين السالم، ودين العظمى الحقائق

ودين املساواة بني الخلق أجمعني، كام أثبتت أن رسول الله ونبيه محمدا، عليه الصالة والسالم،

مـشـتـهى األمم والهادي، بالرسالة الساموية التي جاء بها من لدن ربه وبرش بها، إىل سواء السبيل.

ويصدر هذا الكتاب يف وقت تـتـصاعد موجات الكراهية والعنرصية والحرب املـشـهـرة

ضد اإلسالم وضد نبيـه الكريم عىل أكرث من صعيد، ليوضح مبا احتواه من شهادات وحقائق

دامغة مقنعة، أن العداء لإلسالم هو عداء للسالم، وأن كراهية محمد، عليه الصالة والسالم،

واالفرتاء عليه واالزدراء به، كل ذلك هو إمعان يف اإلنكار للحق وطمس الحقيقة، وإرصار

الباطل والجنوح عن الرصاط املستقيم الذي يهدي إليه العقل الرشيد والفكر عىل ركوب

الحر والبحث النزيه والفطرة السوية.

والله املوفـق والهادي إىل سواء السبيل.

الدكتور عبد العزيز بن عثامن التويجرياملدير العام للمنظمة اإلسالمية للرتبية والعلوم والثقافة

- 11 -

املقدمة

منذ أك�ش من أربعة ع�ش قرنا من الزمان، طرق العالم حدث لم تشهد الدنيا والبحر والأرض، السماوات له لزلت ف ف�ت منه؛ أك�ب شأنا تشهد ولن منه، أعظم

واليابسة، وزلزل كل الأمم ... وأ�ت )مشتهى كل الأمم(!

اه ي القرآن المجيد، وزكاه، وسمبأ العظيم ﴾ الذي أقسم الله به �ف إنه ﴿ الن

بإذنه الله إىل وداعيا ونذيرا، ا ومب�ش شاهدا ﴿ أرسله ثم حيم، الر الرءوف .﴾ ا ن�ي م اجا ورس

ق الله به دعوة أبيه "إبراهيم" الخليل، وما وعد به "هاجر" بأن وقد حقي »سفر التكوين«. وأخ�ب عنه »يعقوب«

ي من نسلها أمة عظيمة جدا -كما جاء �فستأ�ت

آل كوكب وظهر العدد« »سفر نبوءة وصدقت الشعوب«. له »ستخضع بأنه ي فمه، وانتقم

إسماعيل، وتزلزلت لظهوره الأرض وما عليها. وجعل الله كلمه �فقيدار، بأرض مولده بأن التوراة ت وأخ�ب التثنية«. »سفر ي

�ف كما أعدائه من له أسفار نخل. ووصفته ذات أرض إىل فاران، وهجرته بجبل الوحي عليه ل ف ويت�ف ، ف

القبلت�ي إىل ي يصل وأنه الصدقة، يأخذ ول الهدية، يقبل بأنه القديم« »العهد ن له دينه، وينت�ش ويخوض الحروب بنفسه، ويظفر عل أعدائه، وأن الله سيمك

والأمم. الشعوب ف ب�ي

ف كتفيه الرحمة، الذي ب�ي ي ه«: يا سيدي، وأعلن أنه ن�ب ي »مزام�يوناداه داود �ف

عل انسكبت النعمة وأن ، الب�ش ي ب�ف من جمال أبرع وأنه والنبوة، الملك شارة

ركبهم، ف يديه عل ون ب�ي الأبد. وأن خصومه سيخر الله إىل باركه شفتيه، لذلك . وأشار »ميخا« إىل أن قبلته ستكون نحو البيت ف وتسجد له الملوك وتأتيه بالقراب�يالذي بناه إبراهيم. ورآه »إشعيا« راكبا عل جمل، وعل كتفه خاتم النبوة، ول اه »دانيال« يعته. وسم ي الأرض وتنتظر البلد رسش

يكل ول ينك� ح�ت يضع الحق �ف، وتطه�ي ف ة، وتتميم النعمة، وإبطال القراب�ي ا الرئيس الذي به ختم النبو بالمسيالآباء قلب د س�ي بأنه »ملخي« ي الن�ب عنه وقال الأرجاس. من المباركة البقعة ي من جبل فاران،

عل الأبناء، وقلب الأبناء عل آبائهم. وأكد »حبقوق« بأنه سيأ�ت« بأنه مشتهى كل الأمم. ي ي الن�ب وستمتلأ الأرض بالحمد والتسبيح. ووصفه »حج

- 12 -

فتك، ومن قبل ي الرحم عررك �ف ي سفر »إرميا« قائل: من قبل أن أصو

وخاطبه ربه �في

ستك، وجعلتك نبيا للأمم. وقال عنه السيد الحصور: »إن�ف أن تخرج من البطن قد به مرات ومرات، ل أستحق أن أحل سيور حذائه«. وعندما جاء أخوه )المسيح( ب�ش، ويعلمكم كل اه »البارقليط« وقال: »إنه يشهد ىلي ، وسم ف ي والمع�ي فوصفه بالمعزإىل ويرشدكم الخطيئة، عل العالم ويوبخ لكم، قلته ما بكل ركم ويذك ء، ي

�ش .» ي

كم بكل ما يأ�ت جميع الحق، ول ينطق من نفسه، بل يتكلم بما يسمع، ويخ�ب

ي ق الأحبار والرهبان من أوصافه وعلماته، فأعلنوا لأتباعهم أنه )ن�ب وقد تحقنسان الوحيد د هو الإ ت به الأنبياء؛ فقال القس لوزان: محم آخر الزمان( الذي ب�ش الذي ي ة عن حياته. وأفصح القس »بوش« أنه الن�ب ة وكب�ي الذي عرفت كل صغ�يي

ي دانيال ويوحنا. وأوضح »مونتجمري وات« أن عظمته �في نبوء�ت

جاءت أوصافه �ف ول ملك. وأكد عالم اللهوت »هانز كونج« ي ي لم يحققها ن�ب

إنجازاته المطلقة ال�تأنه المرشد والقائد الحقيقي إىل طريق النجاة.

ي مذكراته ف »بونابرت« �ف وقد انح�ف أمام عظمته، زعماء الغرب وقادته؛ فاع�ت

ي تقود الناس إىل السعادة. ورأى »غاندي« أن بأن مبادئه وحدها هي الصادقة؛ ال�ت

. وأكد »ريتشارد جابريل« أنه صاحب أعظم ف الب�ش يملك قلوب ملي�ي ي هذا الن�بتحت ما ث س�ي أنه أعلم »هرقل«: قال قبلهم ومن التاريخ. ي

�ف عسكرية عقلية ه الطاهرة. ي المسيح وأم

« لأنه جاء بالقول الفصل �ف يقدمي. وآمن به »النجا�ش

يع الذي ة، وإعجاز الت�ش ف أمام عبقريته الفذ ووقف كبار الفلسفة مشدوه�ي«: إن إعجاز الوحي وراء نجاح رسالته. وذهب »جوستاف جاء به؛ فقال »بلش�يلوبون« إىل أنه إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان )محمد( أعظم من ي

�ف نسانية الإ العظمة ق جميع صفات تتحق لم » ف التاريخ. وقال »لمارت�ي عرفهم العقول. وأوضح يدهش الأعمال ما أتم من أنه أحد سواه. وأكد »وليام موير« كلها. الحضارة تلك يعطي أن دينه استطاع لما يكن صادقا لم لو أنه »كارليل« الله اختاره الذي ي الن�ب بهذا المبهورين من واحد أنا قائل: »توليستوي« وهتف د ذات المع�ف »كارل بروكمان« بقوله: أرسله لتكون آخر الرسالت عل يديه. ورد

ي سبقته.ة الرسالت ال�ت ح مس�ي الله إىل العالم أجمع، ليصح

« أنه لم تعرف الدنيا إنسانا قلدت أفعاله ي ي »فيليب ح�ت

وأثبت المؤرخ اللبنا�فد. وأكد »نظمي لوقا« أن موقفا واحدا من مواقفه قة كما حدث لمحم بمنتهى الد

- 13 -

الفذ اعر الش ته بس�ي وتغ�ف . ف أجمع�ي القيارصة وأبهة كافة الغزاة بفتوح يرجح قائل: »ميخائيل ويردي« فأنشد

يــا أيهــا المصطفى الميمــون طالعهي الأرض قاطبــة

تنــا �ف يــا فخــر أممرحمـــــة ينبــوع قلبــــــه كأنمــا فـاجـعـل هواك رسـول الله تـلق بـه

قــد أطلــع اللــه منــك النــور للظلــم العــرب والعجــم ف د المصلحــ�ي وســي مستبشـــــــر جـــــــذلن بالنســـــم يـوم الحسـاب شفـيعـا فـائـق الكـرم

ي القوصـيا�ف محمد عبد الش

E-mail: assad888@hotmail.com

- 15 -

ة األولــى الوصــي

والفلسفات الجارف، الشعارات طوفان ي �ف يغرق أن العالم أوشك

ا ما تخفي أهدافها ومآربها، ح�ت ي كث�يعلم، وال�ت ي تبثها وسائل الإ

والمذاهب؛ ال�تي

ف ظن ووهم ... و�ف ة الشك والرتياب، وصاروا حيارى ب�ي ي لجسقط أك�ش الناس �ف

ظل رصاع الأيديلوجيات والمذاهب والنظريات؛ يتطور الجدل ويحتدم، ويصبح ي أعماق

الفرصة للغوص �ف لكل شعار أنصاره وأتباعه وضحاياه ... دون أن تتس�فومراميها. لكشف حقيقتها تلك؛ أو الفلسفات هذه

يريد أم الحق يريد هل عنده: نسان الإ يقف أن يجب الذي والسؤال أو لقرابة ة جاهلي حمية أو عاطفية، نزوات أو مصالح شخصية، وراء النسياق

متوارثة؟! لتقاليد ة تبعي أو قومية،

ففي هذه الدنيا حق وباطل، ولقد ي� الله لعباده كل وسائل الحق وطرائقه؛ ف أجمع�ي الناس عل القيامة يوم ة الحج وتقوم لأحد، عذر هناك يبقى ل ح�ت الناس، أضلت إذا الشعارات ي

تغ�ف ولن الحقيقية. والحياة الخلود دار فهناك ...والتفك�ي الصحيحة، الرؤية عل القدرة وأفقدتهم له، رت وتنك الحق وأخفت

والباطل. الحق ف ب�ي ف والتمي�ي السديد،

ي ؛ �ف ي

ر حقائق أساسا، ح�ت يستقيم التفك�ي عل نهج إيما�ف ؛ فلبد أن نقر من ثمء، له الحكم والأمر، ي

مقدمتها: أن لهذا الكون ربا واحدا، وإلها واحدا، خالق كل �شة ين ومنذرين لئل يكون للناس عل الله حج ول راد لقضائه. وأنه بعث أنبياءه مب�شبعد ذلك، فل يعقل أبدا أن يبعث رسله بديانات مختلفة، يتصارع الناس حولها؛

فيضلون ويهلكون.

دت؛ رحمة من ائع وتعد فقد بعث الأنبياء بدين واحد فقط، وإن تنوعت ال�شسلم ســالم( أي الستسلم لله، والنقياد له، فالإ ين هو )الإ الله بعباده، هذا الدك الذي هتف به جميع الأنبياء، ين المش�ت ليس اسما لدين خاص، وإنما هو اسم للد

وانتسب إليه كل أتباع الأنبياء.

- 16 -

ورة ورصف فطرية، وحاجة عقلية، غريزة الدينية العقيدة أن تسليمنا ومع نفسية مسيطرة عل عقل المرء وشعوره ووجدانه، لأنها مشبعة لميوله الطبيعية والشعورية والعقلية، ل يخلو منها مجتمع، ول توجد جماعة بدون عقيدة، وذلك ي جوع إىل العتقاد كجوع

نسا�ف الإ الطبع الأرض، ففي نسان عل الإ وجد أن منذ المعدة إىل الطعام، إل أنه لبد من تصحيح هذه العقيدة وتقويمها. لذلك توالت ار، ونبذ العقائد الباطلة، واتباع له الواحد القه الرسل والأنبياء لتعريف الناس بالإي إخلص العبادة له وحده، والتمسك بالفضائل ومكارم

ة المتمثلة �ف العقيدة الحقلحاد والظلم والطغيان هم بالبعث والجزاء، لمواجهة قوى الإ الأخلق، وتذك�ي

وسائر الأوضاع الخاطئة.

نسان الإ يتخل أن الممكن من أنه إل ى؛ تش�ت ول تباع ل العقائد أن ومع إىل واطمأنت عقله، بها اقتنع أخرى عقيدة وجدت م�ت ورضاه، باختياره عنها ي )عقـيدة التوحـيد( القائمة عل

صحتها نفسه، وأذعن لها قلبه. وذلك ل يكون إل �فالحق الرصيح، والمنطق الصحيح، والعقل السليم ... ول عجب أن نجد أصحابها كل ي

�ف ف والمرسل�ي الأنبياء أتباع فعل كما التضحيات، أعظم أجلها من ون يضحالعصور، وكما فعل أصحاب الكهف، وأصحاب الأخدود، وأصحاب محمد وأتباعه؛ ين ومعالمه ... ون بأنفسهم دفاعا عن المقدسات وثوابت الد الذين مازالوا يضحي التاريخ، ول

لأنهم يمتلكون عقيدة سامية؛ ذات قوة فعالة يحسب لها حسابها �فكما والقيارصة، الأكارسة اطوريات ام�ب ي واجهت

ال�ت أخرى، فهي تجاريها عقيدة واجهت دول الحروب الصليبية ودول الستعمار والتبش�ي والدعاية المذهبية عل ي ضارعت

ال�ت القوة؛ ي منحت شعوبها هذه ال�ت الدعاوى والغايات. وهي اختلف

ي ي طور العزة والبأس، كما تصمد لها وهي �ف

تلك القوى كافة، وصمدت لها وهي �فطور الضعف والخمول.

يهه ف الله وت�ف توحيد اجتمعت عل استثناء- -بل السماوية الرسالت إن جميع . فكلمة ﴿ ل إله إل الله ﴾ قامت عليها وبها الأرض يك أو الشبيه أو النظ�ي عن ال�شين، وبها أمر الله س الد والسماوات، وفطر الله عليها جميع المخلوقات، وعليها أسي دعا الأمم عل ألسن رسله إليها ...

ـسبحانه - جميع العباد. وهي مفتاح العبودية ال�تسلم، ومفتاح دار السلم. وهي كلمة الإ

إىل دعا السابقة؛ السماوية الرسالت إليه دعت بما دعا سلم الإ جاء ا ولم، وإخلص العبادة له، ف يهه عن مشابهة المخلوق�ي ف ي ذاته وأفعاله، وت�ف

توحيد الله �ف

- 17 -

ي القرآن الكريم ﴿ فاعلم أنه ل إله إل الله ﴾، وجاء أيضا: ﴿ قل هو الله فقد جاء �ف

ي صورتها الأوىل هي علقة تصديق سلم بالديانات السماوية �ف أحد ﴾. فعلقة الإ

ى ي صورتها المنظورة فهي علقة تصديق لما تبقا عن علقته بها �ف . أم ي وتأييد كل

ضافات الغريبة عنها. من أجزائها الأصلية، وتصحيح لما طرأ عليها من البدع والإ

ي للرسالت ال�ت سلم لم يكن جديدا بقدر ما كان تصحيحا أي ما جاء به الإ

وهو - السلم عليهم - د محم إىل آدم منذ جميعا، الأنبياء دين لأنه سبقته، ي إخلص العبادة لله، والنقياد لأحكامه، باتباع أوامره واجتناب

بمفهومه العام يع�ف/ جوته Goethe فقال ي

اعر الألما�ف نواهيه. وقد أدرك هذا المع�ف الفيلسوف والشرأيه إنسان كل يفرض أن الجنون »من :)(( )Eastern Diwan ي

�ت ال�ش )الديوان ي �ف

سلم نحيا ونموت سلم معناه التسليم لله؛ فعل الإ ويتعصب له، فإذا كان الإي ذات الديوان : »لقد عبدت الواحد الأحد، ويسوع كان

جميعا«. ويقول - أيضا - �في أعماقه إل بالواحد الأحد، ومن جعل منه إلها؛ فقد

طاهر الشعور، ولم يؤمن �فأساء إليه، وخالف إرادته المقدسة«.

)Oliver Lacombe وهو )أوليف�ي ل كومب ، ف وقد صور أحد العلماء الغربي�يمحور يعد الذي الموضوع »إن قال))(: ف ح�ي بديعا، تصويرا سلم الإ موضوع الخزانة يمثل سلم والإ بجوهرة، تشبيهه يمكن سلم؛ الإ حقيقة أي سلم، الإ

وحفظها«. الجوهرة هذه لستقبال ة المعد

المسيحية، عن انسلخت ي ال�ت أوربا »أن : أيضا )Oliver Lacombe( ويرى

سلم؛ للعثور مرة أخرى عل ي هذا الموضوع الذي يمثل محور الإينبغي أن تفكر �ف

ي ل يجوز إنكارها أبدا«. الحقيقة ال�ت

يهه ف ي ذاته وأفعاله، وت�فف عل وحدانية الله �ف اه�ي سلم الأدلة وال�ب م الإ لقد قد

، وبرهن عل أن للكون خالقا واحدا مهيمنا بما دلت عليه ف عن مشابهة المخلوق�يها، وأنه ل يشبهه رادة وغ�ي آثار صنعه من الصفات العلمية كالعلم والقدرة والإء من خلقه، ول نسب بينه وبينهم، إل أنه موجدهم وإليه مرجعهم، وأن ذاته ي

�شف ... وبذلك اجتث ي جسد أو روح أحد من العالم�ي

ز �ف وصفاته يستحيل عليها أن ت�ب

(1) Goethe And Arab Warled, Kataryna Momsen. Kwit 1995. (2) :Sagesse Chretienne At Sagc-ssd. Orient. Brussel 1959. Oliver Lacombe ()

- 18 -

ه النفوس عن ر العقول والأفئدة من الأوهام الفاسدة، ونز جذور الوثنية، وطهنسان، وسمت قيمته بما صار إليه من الكرامة، العقائد الباطلة ... فارتفع شأن الإ

. ف بحيث أصبح ل يخضع لأحد إل لخالق الأرض والسماء، وقاهر الخلق أجمع�ي

للذي وجهي هت وج ي إ�ف ﴿ إبراهيم: الخليل قال كما يقولوا أن وطالبهم

﴾ ]الأنعام :79[. وبما أمر به ف ك�ي رض حنيفا وما أنا من الم�ش موات والأ فطر الس. ل ف ي لله رب العالم�ي

ي ونسكي ومحياي ومما�ت رسوله محمدا أن يقول: ﴿ إن صال�ت

﴾ ]الأنعام:63)-)6)[. ف ل المسلم�ي يك له وبذلك أمرت وأنا أو رسش

ي نسان نفسه حرة كريمة، وأطلقت إرادته من القيود ال�ت وقد تجلت بذلك للإ

رادة الإ من أنها شعبة ية ظن بإرادة ب�ش كانت ه، سواء بإرادة غ�ي تعقدها كانت عها الخيال كما لهية، أو أنها كإرادة الرؤساء والمسيطرين، أو إرادة موهومة اخ�ت الإي القبور والأحجار والأشجار والكواكب ونحوها. وتخلصت عزيمته من أرس

يظن �فنة والعرفاء وزعماء السيطرة عل الأرسار، ومنتحلي الوسائط والشفعاء، والمتكهف أنهم واسطة النجاة، ف الله، الزاعم�ي حق الولية عل أعمال العبد فيما بينه وب�ي. ف ف والمحتال�ي ال�ي سعاد. وانعتقت روحه من العبودية للدج شقاء والإ وبأيديهم الإ

نسان بالتوحيد عبدا لله، حرا من العبودية لكل ما سواه، فكان له من فصار الإف الناس إل بتفاوت أعمالهم، ول تفاضل إل الحق ما للحر عل الحر، ول تفاوت ب�يي عقولهم ومعارفهم، وأن لكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت ﴿ فمن

بتفاضل �فنسان ا يره ﴾. ﴿ وأن ليس لالإ ة رسش ا يره ومن يعمل مثقال ذر ة خ�ي يعمل مثقال ذرإل ما سعى ﴾. وفتح الأبواب للتنافس الحميد، ونادى عل الجميع: ﴿ فاستبقوا رض ثم ي الأ

وا �ف ﴿ قل س�ي ن طغى وتج�ب ر والعتبار مم ات ﴾ . ودعا إىل التفك الخ�ي ﴾. ووصف أهل الحق بأنهم ﴿ الذين يستمعون ف ب�ي انظروا كيف كان عاقبة المكذ

بعون أحسنه ﴾. القول فيت

ي عقيدة التوحيد، يجد أنه ل إكراه فيها، ول إجبار عل اعتناقها، بل ومن يتأمل �ف

إن مفتاحها هو حرية الختيار ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ ]الكهف:9)[. فقد ظهر الحق لكل ذي عقل سليم، فمن آمن سعد وفاز، ومن أعرض خاب وخ�.

ومن يتدبر ما جاءت به هذه العقيدة من مفاهيم تناولت معضلت الحياة، ي

�ف فليس الناس، من ا كث�ي تواجه ي ال�ت ة الح�ي من ويتخلص بالطمئنان، يحس

سلم سلم ألغاز، ول طلسم، وليس فيه ما يصعب عل العقل فهمه ... فالإ الإ

- 19 -

ديارهم وتباعد ألوانهم وتمايز أجناسهم اختلف عل جميعا الناس أن يقرر واحد. وأصل واحد أب إىل يرجعون وأقطارهم؛

ي إنشاء الناس من نفس واحدة؛ آيات بينات عل قدرة الله، وعلمه وحكمته و�ف

الناس هذا يرعى لكي الحقيقة، الكريم هذه القرآن ما ذكر ا ... وكث�ي ووحدانيته ق إىل شعوب وقبائل ي إخاء وتعارف وتعاون فيما بينهم، فالتفر

العتبار، ويعيشوا �فمدعاة إىل العمل الجاد والتعاون الصادق، ل إىل التشاحن والعداوة والبغضاء.

ويؤمن ق يصد أن لبد سلمية؛ الإ العقيدة إطار ي �ف يدخل الذي نسان والإ

ي نسا�ف خاء الإ دملسو هيلع هللا ىلص إرساء لقواعد الإ ف الذين بعثهم الله قبل بعثة محم بسائر النبي�ي

جانبه ي �ف وتبناها سلم، الإ عليها د أك ي

ال�ت يمان الإ ي وحدة �ف حلقة يشكل ... وهذا

الكريم. القرآن عنها ث وتحد العقائدي،

يمان هذه حقيقة تفرضها وحدة المصدر بصورة قاطعة، ل تقبل ووحدة الإف الأنبياء ي ب�ي

من واقعها وجود فواصل البعد الزم�ف الجدل أو التشكيك، ول يغ�يوالذي نوحا به ما وص ين الد ن م لكم ع رسش ﴿ عباده. إىل الله أرسلهم الذين قوا ين ول تتفر ينا به إبراهيم وموىس وعيىس أن أقيموا الد أوحينا إليك وما وص

فيه ﴾ ]الشورى:3)[.

يفرض ي ال�ت يعات الت�ش اختلف ي

�ف الواضح أثره الزمن لعامل يكون وربما يمان الإ ولكن ... لهم تكون لمن ي

والمعا�ش الفكري المستوى مع لتنسجم فيها؛ ]المائدة:48[. ﴾ ومنهاجا عة منكم رسش جعلنا لكل أساسه ﴿ ي

�ف واحدا يبقى

، ولكنه ي دها كل ن�ب ي أكد عل تلك الأسس ال�ت ي العقدي أك

يما�ف ي جانبه الإسلم �ف فالإ

يعات ... ي تكامل الت�شسلم الفصل الأخ�ي �ف يعة؛ كان الإ ي الجانب الذي يستتبع ال�ش

�فالذي هو يع؛ الت�ش ي

�ف والمتكامل العقيدة، أسس ي �ف الملتقي الشموىلي الطابع وهذا

سلم الصيغة الوحيدة الباقية المستمرة أبد الدهر ... ولعل هذا هو ال� جعل من الإنسانية محمد �. ين الذي جاء به رسول الإ سلم كلمة تختص بالد الذي جعل من الإ

إىل انتهى أن إىل ... ورسله الله أنبياء ع�ب ة كث�ي بمراحل سلم الإ مر فقد واختتمت كلها. نسانية الإ إىل جاءت ي

ال�ت دملسو هيلع هللا ىلص محم رسالة ي �ف المتكاملة المرحلة

ي ورضيت لكم بقوله تعاىل: ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعم�ت

]المائدة:3[. .﴾ دينا سالم الإ

- 20 -

»The Meeting of East and West والغرب ق ال�ش »ملتقى كتابه ي �ف

الجوهرية المسائل ي �ف النظر وجهات تقريب يا متحر )Northrop )نورثروب كان

وقد الموروثة- الحضارات وأمم العرصية الحضارة أمم ف ب�ي عليها المختلف ي عرص

نسان بالله �ف يمان الإ سلمية هي أصلح العقائد لإ ل إىل أن العقيدة الإ توصي

ف والتجارب العلمية المذهلة، وذلك بخلف العقائد الأخرى المتوارثة ال�ت القوان�يفت عليها ية أرسش ل من السماء، فهي وليدة مؤتمرات ب�ش ف نبتت من الأرض، ولم ت�فتصادم متونها فإن قائمة، أسانيد لها أن - كذبا ـ ضنا اف�ت ولو وثنية، سلطات ين مرادفا للأساط�ي والخرافات ... وهذا رس الرصاع العقل والمنطق، وتجعل الدف ما ف الحضارة المنشودة، وب�ي ة الواسعة ب�ي ين والعلم، ورس الشق ف الد عندهم ب�يي الدول المسيحية.

يصبو إليه رجال الكهنوت، وهذا رس نشوء العلمانية ورواجها �ف

شواهـد )الوحدانيـــة( يف العهد القديم ة تؤكد سلم - نصوصا كث�ي ي الإ

ي )العهد القديم( سنجد ـ كما �فإذا نظرنا �ف

جمة د الآلهة، نذكر بعضا منها، عن ال�ت ك وتعد عل الوحدانية المطلقة، وتنبذ ال�شية: ف نجل�ي الإ

ي سفر التثنية »اسمع يا شعب إرسائيل الرب إلهنا رب واحد«. )إصحاح جاء �ف

.)4 :6

ي السماء من فوقك له �ف ي قلبك أن الرب هو الإ

»فلتعلم اليوم ولتحفظها �فه«. )التثنية، إصحاح 4 :39(. ي الأرض من تحتك، وليس من إله غ�ي

و�ف

، أشفي وأمرض، ي أميت وأح�ي يك آخر، ي أنا هو، وليس ىلي رسش»ولتعرفوا أ�ف

ولن ينجو أحد من يدي« )التثنية )3 :39(.

ف بإرسائيل، وبسط يديه ي حضور المصل�ي»ووقف سليمان أمام مذبح الرب �ف

ي أسفل ي السماء من أعل ول عل الأرض �ف

إىل السماء وقال ليس من إله مثلك �في الأرض وقلوبهم معه«.

ون �ف يحفظ العهد، ويكلأ عباده برحمته، عباده الذين يس�ي)سفر الملوك الأول 8 : 3)-))(.

يك لك حسبما سمعنا بآذاننا«. »يا إلهي ل مثيل لك أنت الواحد الأحد،ل رسش.)((: 7 ي

)صموئيل الثا�ف

- 21 -

الصمد« له الإ الأحد، الواحد إنك عجيب، كل خالق العظيم أنت »إنك .)(0 : 86 )المزمور

» يك ىلي »يقول الرب إله إرسائيل، وإله الجميع، أنا الأول، وأنا الآخر ل رسش .)44:6 )إشعياء

ف خلقه يمكن أن يشبهه« )مزمور89 :6(. »ومن ذا الذي يقارن بالرب ومن هو من ب�ي

»ألم ننحدر من أب واحد، ألم يخلقنا إله واحد؟« )ملخي إصحاح ) :0)(.

يك له،ول اسم ي هذا اليوم يكون الرب واحد ل رسش»والله مالك الكون، و�ف

غ�ي اسمه«)زكريا 4:9)(.

هذه هي نصوص العهد القديم تدعو ـ رصاحة - إىل توحيد الله عز وجل. وبالرغم من جلء هذه الوحدانية؛ إل أن أهل الكتاب من اليهود، قد خانوا حقيقة بالحق، العرب، وقالوا لهم: »أنتم أوىل الأوثان التوحيد عندما ذهبوا إىل عبدة

د«! ين الذي أ�ت به محم ودينكم خ�ي من الد

ولفنسون »إرسائيل اليهودي/ المؤرخ الخيانة عليهم هذه عاب وقد زعماء أمام حوا يرص أن لهم يجوز كان »ما فقال: »IsraelWolfensohnى بهم هذا الأمر إىل ك بأن عبادة الأصنام أفضل من التوحيد، ولو أد ال�شعزيز وبكل بحياتهم وا يضح أن واجبهم من وكان مطالبهم، إجابة عدم

.» ف ك�ي الم�ش ويخذلوا الوحدانية، ينرصوا أن سبيل ي �ف لديهم

أن إل ووحدانيته؛ الله يه ف ت�ف عل أسلفناها ي ال�ت ف اه�ي وال�ب الأدلة ة ك�ش ومع

له ول يعبده، ول يثبت عل ميثاقه، وإنما كان يعبد شعب إرسائيل ل يعرف هذا الإه عل عامة خلقه، بغ�ي طاعة ول ف يه »إله إرسائيل«، ويعتقد أنه يختاره ويم�ي إلها يسمإيمان ول فضيلة ول إحسان، ولكنها وثيقة كتبها عليه منذ القدم، فهو مسئول عنها!!

يه هي ته وشعبه، وتسم يها عش�ي يسم ة( واحدة؛ إله )عش�ي له عندهم؛ فالإله« المحتكر لم يؤمن به شعبه المزعوم ، وح�ت هذا »الإ ف ربها وإلهها دون العالم�يف النذير والوعيد: »إرميا« ب�ي ي ي ذلك يقول لهم الن�ب

، و�ف ف إل ليكفر به حينا بعد ح�يوإياي لها، وسجدوا وعبدوها أخرى آلهة وراء وذهبوا ي

تركو�ف قد آباءكم »إن ي عملكم أك�ش من آبائكم، وها أنتم

ي لم يحفظوها، وأنتم أسأتم �فيع�ت تركوا، ورسش

ير«. ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه ال�ش

- 22 -

والمئات، ات بالع�ش فيه الأنبياء بتعاقب يفخر أن إرسائيل لشعب وحق ففي هذا علمة بينة عل الضللة الدائمة، والعوج الدائم، والحاجة الدائمة إىل

. والتذك�ي التقويم

مهما إشعيا: نبوءة تتم »ففيهم بقوله: )ع( المسيح السيد وبخهم وقد قلبه، ر تحج عب الش هذا ن

لأ تبرصون. ل نظرتم ومهما تفهمون، ل سمعتم بآذانهم ويسمعوا بعيونهم يبرصوا لـئل عيونهم، وأغمضوا آذانهم وا فسد

.)(4-(5 )م�ت »... ويتوبوا بقلوبهم ويفهموا

، ولكن ل تحتملون ي إنجيل يوحنا : »وعندي كلم كث�يويقول المسيح )ع(ـ كما جاء �ف

له الواحد القهار ..«. دليل عل أن هذا الشعب لم تصلح فيه الدعوات، وحكم عليه من الإتات ... دهم بالش بأنه ليس أهل للنهوض بدعوة جديدة، فقد باءوا بغضب من الله، وتوعي المشارق والمغارب؛

د �ف يه والضياع والت�ش وانظر إىل حالهم الآن بعد ألفي سنة من الت

!)Zion سون كيانا دمويا باسم دعوة )صهيون يعودون إىل العصبية والعنرصية، ويؤس

شواهـد )الوحدانيــــة( يف اإلنجيــل الأنبياء من إخوانه به دعا ما إىل دعا - السلم عليه )المسيح( جاء عندما نجيل : ي الإ

يك أو الشبيه، فقد جاء �ف يهه عن ال�ش ف ؛ دعا إىل توحيد الله وت�ف ف السابق�يصحاح الرابع(. : الإ »إنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد« )م�ت

له الحق ي هذه الحياة الأبدية؛ لبد أن يعرفوك بوصفك الإ وجاء فيه )�ف

.)(7 : )يوحنا الوحيد..(

وفيه أيضا : )أوىل الوصايا هي اسمع يا إرسائيل: الرب إلهنا رب واحد، وأن قواكم، وبكل فكركم، وبكل أرواحكم، وبكل قلوبكم، بكل إلهكم الرب وا تحبهذه هي الوصية الأوىل. فرد عليه الكاتب أيها السيد لقد تكلمت بالحق، فالرب

ه( )مرقص )): )9-3)(. واحد وليس هناك من إله غ�ي

: »ح�ت ل يكون سوى إله واحد فوق الجميع«. ف ي رسالة بولس إىل الروماني�يو�ف

)يوحنا 7)/5(.

قرار بأن هناك ي الإ( نجده يتلخص �ف ولو نظرنا إىل مذهب )بولس السامو�ي

كل مثل ب�ش رجل يسوع هو والمسيح والرحمة، بالحكمة موصوفا واحدا إلها لهية. الإ الحكمة ى تلق الب�ش

- 23 -

ف التوراتية، منها : »الرب إلهك اه�ي م بولس تعاليمه بسلسلة من ال�ب وقد دعإله واحد«.

يك ال�ش عن يهه ف وت�ف الله، بوحدانية كلها السماوية الرسالت ت أخ�ب هكذا ذات عل يتجرأ أن لأحد ينبغي فل وأفعاله، وصفاته أسمائه ي

�ف له الشبيه أو كو الأمم الله، وينسب إليه ما ل يليق بكماله وسلطانه وعلو شأنه، كما فعل م�ش Benedictxvi 16 عى بابا الفاتيكان السابق »بيندكت السادس ع�ش السابقة، وكما اد

العقل«! لفاعلية يعد تجميدا بأن » التوحيد

لقد شاطر »البابا« الجاهليون ـ عبدة الأصنام - الذين كانوا يؤمنون بأن الله الواحد هو خالق العالم، وأن أصنامهم مجرد وسائل يتوسلون بها إىل الله: رض ليقولن الله ﴾ ]الزمر :38[. ﴿ أل موات والأ ن خلق الس ف سألتهم م ﴿ ول�أبونا إىل ين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إل ليقر لله الد

الله زلفى ﴾ ]الزمر :3[.

عن ويدافع )Monotheism )التوحيد عقيدة يهاجم أن قبل »البابا« ليت دائرة ي

�ف ما جاء واطلع عل نفسه، كلف )The rule of Thirds )التثليث خرافة ي

�ف تقول إذ ه؛ بمقر الموجودة Catholic Encyclopedia الكاثوليكية المعارف ي صاغها المسيحيون بعد أك�ش من 400

المجلد 4) ط967): »إن نظرية التثليث ال�تف عن التثليث، سنة من مولد المسيح؛ خلقت لدينا أزمة بعيدة الأثر، وإن المدافع�ي

مهزوزة«. صورة مون يقد

ي عبارة واضحة: »لم تستقر نظرية التثليث »إله وتقول دائرة المعارف ذاتها �ف

ي العقيدة قبل نهاية ي حياة المسيحية و�ف

ي ثلثة أشخاص« استقرارا قويا �فواحد �ف

القرن الرابع الميلدي، ولم يعرف الآباء الرسل قبل ذلك شيئا يشبه من قريب أو بعيد هذه الفكرة أو هذه النظرية«.

ي عهد سيدنا عيىس، ول قام بالدعوة من هنا نرى؛ أن نظرية )التثليث( لم تكن �ف

ف المسيحي�ي ر وتصو فكر عن غريبة وهي المقدس، الكتاب ي �ف لها أثر ول إليها،

الأوائل، بل أقحمت عل العقيدة المسيحية بعد القرن الرابع الميلدي.

لذلك؛ نجد فكرة )التثليث( ضعيفة للغاية، ول يقبلها العقل، ول تتفق مع مع نظرية التوحيد، والجمع بينهما المنطق، ويلفظها أي إنسان عاقل، ول تتمىسش

فضيحة عقلية.

- 24 -

وقد أدرك هذه الحقيقة أساقفة الثالوث أنفسهم وأحبار وفلسفة المسيحية - كما يقول الدكتور/ مجدي مرجان - وهو شماس سابق - )3( فهم رغم اضطرارهم يرها للعامة والبسطاء، بحكم الظروف إىل الدفاع عن عقيدة الثالوث، ومحاولة ت�بالحق عن وببعدها والمنطق، للعقل بمجافاتها أعماقهم ي

�ف يشعرون فإنهم فون بهذا الواقع ا ما يع�ت والصواب، ولذلك نجد هؤلء الأحبار والفلسفة كث�يف ي وجل؛ مستجيب�ي

ي رصاحة، والبعض يقرر �فف �ف رغم كافة الظروف، بعضهم يع�ت

ي فطرت عل التوحيد، فلم تستطع استساغة التثليث. لرصخات قلوبهم ال�ت

ي كتاب »رس الأزل«: »إن الثالوث رس يصعب فمثل؛ يقول القس توفيق جيد �ف

فهمه وإدراكه، وإن من يحاول إدراك رس الثالوث؛ كمن يحاول وضع مياه المحيط ي كفه ...«.

�ف

التعليم عن إن هذا : »الحق« كتاب ي �ف إسحق باسيليوس القمص/ ويقول

إدراكنا...«. فوق التثليث

حه المستفيض ي »رسالة التثليث والتوحيد« بعد رسشا الأستاذ/ يس منصور �ف أم

لعقيدة الثالوث؛ فإنه يقرر أن »من الصعب أن نحاول فهم هذا الأمر بعقولنا«.

ي كتاب »الله ذاته ونوع وحدانيته« فيقول ي الأستاذ/ عوض سمعان �ف

ثم يأ�تون دراك، وقد حاول كث�ي ي رصاحة: »إننا ل ننكر أن التثليث يفوق العقل والإ

أيضا �فبالحري أو الله، ذات عن المقدس الكتاب إعلنات توضيح الفلسفة رجال من أقواله عن انحرفوا لأنهم سبيل، ذلك إىل يستطيعوا فلم وحدانيته ثالوث عن

عقولهم وحدها..«. واعتمدوا عل

ة - كما يقول د. مرجان - : »ترى إذا كان الفلسفة والأحبار والأمر يدعو للح�يموقف هو وما فهمه؟ يستطيع ترى يا فمن الثالوث؛ هذا فهم عن عجزوا قد الدينية عقائدنا إدراك نستطع لم وإذا الفهم؟ حاولوا ما إذا والعامة البسطاء الثالوث دعاة منا يطلب هل إدراكها؟ يمكننا ترى يا فبماذا ... وأفهامنا بعقولنا أن نتخل عن عقولنا ونسلم بالثالوث؟! وإذا كنا جميعا نحن وهم ل ندرك هذا

أو يس�ي عليه«؟! أن يتبعه ي منا الثالوث، فكيف يمكن لأ

الله واحد أم ثالوث، د. مجدي مرجان، مكتبة النافذة، القاهرة 005)م. )3(

- 25 -

استعرض أن بعد والفروع« الأصول رسالة »صاحب بوطر القس يقول ذلك فهمنا »قد وإبهام: من غموض عليه ما هي بمبلغ الثالوث، وشعر عقيدة ف ينكشف لنا ي المستقبل، ح�ي

عل قدر طاقة عقولنا، ونرجو أن نفهمه أك�ش جلء �فوالأرض«. السماوات ي

�ف ما كل الحجاب عن

ي تفهم عقيدة الثالوث برجاء مستحيل التحقيق؛ فالقس »بوطر« يربط رغبته �ف

وهو أن يعطيه الله معرفة كافة أرسار السماوات والأرض، وهو العلم اللمتناهي الذي يختص به الله وحده«!!

يقول الدكتور/ مجدي مرجان: »إن دعوة الثالوث وكافة ما ألصقه الغاوون لها صلة ل وترهات، أباطيل من العظيمة السماوية الرسالة بهذه والمارقون بالمسيحية ول برسالة السيد المسيح، فالمسيحية ورسولها العظيم بريئان من كل

الشاردون. ما ألصقه هؤلء

من ون الكث�ي إليه اهتدى الخالص التوحيد وإن ة، الحق المسيحية إن الدين، هؤلء أو رجال الفلسفة العوام، أو العباقرة ي ذلك

ف سواء �ف المسيحي�يي رصاحة،

الملأ �ف دون عرفوا المسيحية الحقة، وأعلنوها عل المسيحيون الموحوالعذاب! العنت وذاقوا والأهوال الأخطار سبيلها ي

�ف ولقوا

ا أم الواجب الوجود، له الحقيقي الله وحده هو الإ فهذا )آريوس( يقرر أن البن والروح القدس فهما كائنات من خلق الله، فيحكم عليه بالكفر والهرطقة،

قتله مع مشايعيه! ويقرروا

أن من أعل الفهم، وهو يدركه الله روح ل أن يعلن )أوريجانوس( وهذا تكون أوصافه شبيهة بإنسان، وأن الله ل يتجزأ ول يحد ول يحرص، فيحكم عليه

أتباعه! بالحرمان وتحرق كتبه، ثم يطرد مع

ي سنة 0))م »أننا بريئون من الذين والفيلسوف المسيحي )ترتليان( يعلن �ف

لسنا نجيل والإ المسيح بعد جدلية، أو أفلطونية أو رواقية مسيحية ابتدعوا ء«. ي

�ش إىل بحاجة

الناس إنسان كسائر »أنه ويقرر المسيح، ألوهية ينكر )نسطور( والأسقف كة«. وال�ب بالنعمة مملوء

ي هذا الرأي الفيلسوفان )توليستوي، ورينان(. والأسقفان )سابليوس ويشايعه �ف

وبولس الشمشاطي(.

- 26 -

ي إسبانيا ي الأسقف )مقدونيوس( فينكر ألوهية الروح القدس أيضا. و�ف

ثم يأ�تيجهر المصلح الكب�ي )رسفتيوس( بوحدانية الله، وإنكار الثالوث، فيقرروا إحراقه

حيا سنة 553).

له ية المسيح، مقررا أن الإ ي بولونيا نادى )سوسينس( بوحدانية الله، وب�شو�ف

دين( الذين قاموا يدعون . وقد تفرع عن عقيدته )مذهب الموح ي الب�شل يحل �ف

إىل تطه�ي المسيحية من أدران الوثنية وجهالة التجسيد، ول�ت أنصار هذا المذهب من الضطهاد والتعذيب ما اضطرهم إىل هجر وطنهم، وظل العذاب يلحقهم

ي مختلف البلد، وأينما حلوا ! �ف

الذين التوحيد، دعاة من زمان يخل ولم الحقيقة، اق عش من مكان يخل فلم ظهار الحقيقة«. وا من أجله بكل عزيز، ح�ت دفعوا حياتهم ثمنا لإ ي سبيله، وضح

جاهدوا �ف

من وينسفونها بل )المقدس( الكتاب وصايا يخالفون الثالوث؛ دعاة إن ي

تماما لمن سبقه من أنبياء ب�ف ي الله مماثل أساسها، فقد كان اعتقاد عيىس »ع« �ف

إرسائيل الذين نادوا بوحدة الخالق، ولم يعرفوا الثالوث، لقد ذكر سيدنا عيىس ما قاله الأنبياء من قبله عندما قال )أوىل الوصايا هي اسمع يا إرسائيل: الرب إلهنا رب وا الرب إلهكم بكل قلوبكم، وبكل أرواحكم، وبكل فكركم، وبكل واحد، وأن تحبقواكم، هذه هي الوصية الأوىل. فرد عليه الكاتب: أيها السيد لقد تكلمت بالحق،

ه( مرقص )الصحاح)): )9-3)(. فالرب واحد وليس هناك من إله غ�ي

ي إله واحد، وبالتاىلي نستطيع أن نقول: إن عيىس -عليه السلم- كان يعتقد �ف

أنه يا شيطان له: فلتعلم التالية: )ثم قال عيىس ي عبارته �ف أيضا كما هو واضح

مكتوب أنك سوف تسجد للرب إلهك، وأنك سوف تعبده وحده(.

ول نجد أصل لدعاء الألوهية إطلقا عند المسيح، إنما وصف نفسه بالرسول، ففي ي هذه الحياة الأبدية لبد أن يعرفوك

صحاح7) من إنجيل يوحنا( نجده يقول: )�ف )الإله الحقيقي الوحيد. وأن يسوع المسيح هو الرسول الذي أرسلته(. بوصفك الإ

هن ي يوحنا- ت�بي قالها عيىس »ع« ـ حسب ما وردت �ف

ي هذه الكلمات ال�تو�ف

: عل ما يلي

ع الألوهية، ولم يعرف قط التثليث، أن هناك إلها واحدا، وأن عيىس لم يدله الحق الوحيد(. وقد وصف عيىس نفسه بالرسول وذلك من قوله )إنك أنت الإ

)يسوع المسيح الرسول الذي أرسلته(.

- 27 -

ي رسالة بولس إىل أهل أفسوس )إصحاح4 فقرة6( يقول )الله واحد وهو و�ف

ء وفيكم جميعا(. يأب الجميع وهو فوق كل �ش

العصور مختلف ي �ف العقلء سائر عليه الذي هو الصحيح الفهم وهذا

/ جوته Goethe يؤكد عل دعوة المسيح يوالأزمنة، فمثل نجد الفيلسوف الألما�ف

تعاليمه، وبدلوا رسالته خالفوا الذين أولئك عل ويستنكر الوحدانية، إىل )ع( ي الله الواحد الأحد. فمن جعل

ر إل �ف فيقول: »ويسوع كان طاهر الشعور، فلم يفكإليه، وخالف رسالته«. أساء إلها؛ فقد منه

ن ألهوه وعبدوه، ففي أ يوم القيامة مم نجيل أكد أن المسيح سيت�ب بل إن الإ)إنجيل م�ت 3)-)):7( »ليس كل من يقول يارب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي أليس باسمك اليوم: ي ذلك

ون سيقولون ىلي �ف السماوات. كث�ي ي الذي �ف ي أ�ب يفعل

ي ة، حينئذ أقول لهم: إ�ف ف وباسمك صنعنا قوات كث�ي تنبأنا وباسمك أخرجنا شياط�ي

ثم«. ي يا فاعلي الإلم أعرفكم قط، اذهبوا ع�ف

أي الفريقيــن أهدى إىل العقـــل؟!رادته«! سلم ل يعتمد العقل، ول يخضع لإ يزعم )بابا الفاتيكان( أيضا أن »الإء من هذا. لعله جهل أن هناك أك�ش من 700 آية قرآنية ي

ولم يدلل عل زعمه بىسشسلم هي التنويه بالعقل، ، بل إن أبرز مزايا الإ تحث عل إعمال العقل والتفك�يمقام ي

�ف إل العقل يذكر ل وأنه التكليف، وأمر العقيدة، أمر ي �ف عليه والتعويل

صوره بكل خاطبه وقد إليه، والرجوع به العمل وجوب إىل والتنبيه التعظيم والمنكرات. المحظورات والوازعة عن نشائية الإ للتصورات المدركة

فريضة فالتفك�ي بكل صوره ووظائفه. العقل إل القرآن يخاطب وبذلك ل لعلكم آياته لكم الله ف يب�ي كذلك ﴿ : ف المؤمن�ي مخاطبا -تعاىل- لقوله إسلمية،

]البقرة:)4)[. ﴾ تعقلون

وقد ذم الذين عطلوا عقولهم عن التفك�ي ووبخهم، قائل لهم: ﴿ أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفال تعقلون ﴾ ]الأنبياء:67[.

، بما يدلل ي خطاب دائم ومتكرر للعقل الوازع الواعي المستن�يسلم �ف فالإ

امه للفكر والفلسفة والمنطق والتأمل الدائم. عل اح�ت

من أسف؛ يتنا� )البابا( أن عقيدته تصادم العقل تماما، ول تستقيم مع عليها تقوم ي

ال�ت النظريات أهم فمن أي جانب من جوانبها، ي �ف السليم المنطق

- 28 -

ا عن المعصية، وأن المسيحية العتقاد؛ بأن عدالة الله تتطلب إراقة الدماء تكف�يية عندما صلب عل الصليبـ كما عيىس قد دفع ثمن هذه المعصية ومعاصي الب�ش

نسان أن يقبل هذا الرأي ح�ت ينقذ نفسه من النار! يقولون - وعل الإ

صحاح ي سفر حزقيال )الإوهذا العتقاد الفاسد، فيه مخالفة صارخة لما ورد �ف

بن«. بن ل يحمل من إثم الأب. والأب ل يحمل من إثم الإ 8): ))-0)(: »الإ

المسيحية، ف من علماء ك فسحة لثن�ي الفاسد؛ ن�ت )البابا( اعتقاد وللرد عل

ي كتابه »الوثنية وه إىل سبيل الهداية وطريق الرشاد، يقول Arthur Weigall �ف د ل�ي

ي ننادي بها ل نستطيع أن نتقبلها بعد ارة بالدم ال�ت ي مسيحيتنا«: )إن نظرية الكف

�فضاء لله اضطر إىل الآن، لأنها نظرية بغيضة، فليس من المعقول أن المسيح اس�تة تث�ي ي بنفسه، وما يتبع ذلك من أسباب روحانية مفتعلة، وهذه الحج أن يضحي المسيح

ي الله كقوة عظمى، أو العتقاد �فغضبنا، كما تجعلنا نجفل من العتقاد �ف

ية رحيما بها(. بأنه كان محبا للب�ش

ة القائلة وفيسور Gruden حيث يقول: )إن الحج ي ذات الرأي؛ ال�بويوافقه �ف

الله؛ نظرية يدي ب عذابا شديدا عل تعذ بنفسه من أجل تضحيته المسيح بأن تكون وبالتاىلي حديثا؛ علميا ا تفك�ي فيها التفك�ي عند بغثيان نشعر تجعلنا بشعة نظرية الكفارة تميل نحو ال�ش كما أنها فكرة وثنية، ولعلها أظهر ما تركته الوثنية

ي العقيدة المسيحية(. من بصمات �ف

أو منطق، تقوم عل عقل ي ل ال�ت العقائدية الأهواء استنكر ســالم( )الإ لكن

ونادى بفكرة وحدانية الله نقية صافية منذ الأزل، ووصف الله -سبحانه- بأوصاف عدة منها: الرحمن الرحيم، واسع المغفرة، لطيف بعباده، الملك القدوس السلم المؤمن من ها وغ�ي ، ف العالم�ي رب القيوم، الحي الصمد، الفرد الغفار، العزيز المهيمن، صفات الكمال والجمال والجلل، ثم قام بتنقية اليهودية والمسيحية من الخزعبلت ع ي دخلت من الوثنية، ثم وس

ي ل مع�ف لها، والمراسم والطقوس ال�توالخرافات ال�ت

ف ب�ي د ووح ، الب�ش لجميع والرشاد والتأمل الوحي مصدر فجعلها العقيدة؛ مدى ة عالمية. ي عروة وثقى، وأخو

الشعوب والقبائل عل اختلف أجناسها وألوانها �ف

Laura Veccla Vagiers تصورها لروح يطالية قة الإ لذلك كتبت المست�ش)تفس�ي بعنوان ية ف نجل�ي الإ إىل ترجم الذي كتابها ي

�ف والمنطقية العامة سلم الإ - صوت ي العر�ب ي د ـ الن�ب سلم Interpretation of Islam( قالت فيه: )كان لمحم الإ

- 29 -

صادق مقنع؛ يجعلك تؤمن بقربه من الله لما فيه من رنة جذابة تدل عل صلحه عبادة عن ينهاهم وكان الطاهرة، النقية بالوحدانية الناس يعظ وكان وزهده، واليهود. ف المسيحي�ي من ف المنافق�ي ف ب�ي ء ي

الىسش بنفس يب�ش كان كذلك الأصنام، ف واليهود عل ف والمسيحي�ي ولقد صارع علنا أصحاب الميول الرجعية من الوثني�ي

كاء مع الله سبحانه. يك أو رسش ي وجود رسشحد سواء ممن كانوا يعتقدون �ف

ي عبادة الله الواحد الأحد؛ لم يدخل عليهم الغفلة ي سبيل ترغيب الناس �ف

و�فأو يشتت أفكارهم أو ي�د عليهم أساط�ي غريبة، أو أحداثا مريبة تجعلهم ينحرفون عن الطريق الطبيعي إىل الغيبيات، فلم يلجأ إىل الخوارق أو ما شابه ذلك من أعمال أو تهديدات علوية السحر، ول هو أج�ب الناس عل السكوت باستخدام تحذيرات ، بل كان -بكل بساطة- يدعو الناس إىل التفك�ي نسان عن التفك�ي ي تشل عقل الإ

كتلك ال�تد مقتنعا ي قوانينه، وكان محم

ي الكون و�في أن ينظروا حولهم، ويتأملوا �ف

المنطقي �فبوحدانية الله وبوجوده، وأن العالم ل يمكن أن يس�ي إل بأمر منه، فطلب من الناس ي الظواهر الطبيعية وأحداث الحياة، ثم دعاهم إىل تحكيم عقولهم،

نوا �ف أن يتمعوهو واثق كل الثقة من نتيجة ما يطلب إليهم؛ أل وهو وصولهم إىل وحدانية الله(.

ي اندحار الوثنية بجميع يطالية إىل القول: )والفضل �ف قة الإ تستطرد المست�ش

سلم وفكرته عن الكون وممارسة الفرائض الدينية والعادات أشكالها يرجع إىل الإي

ي تحررت من جميع أنواع اللمعقوليات، كالخرافات والتهديدات ال�تالجتماعية ال�ت

ب نسان من التعص ل إىل أحط الدرجات، وبذلك تحرر عقل الإ ف نسان ي�ف جعلت الإنسان كرامته وعزته فل يحط بنفسه إىل مستوى يقل ا وجد الإ لأفكار قديمة، وأخ�يية سلم الروح الب�ش ر الإ عن مخلوق مثله، بل للخالق صانع الخلق جميعا. لقد حرنسان مما كان يحدها من عادات وتقاليد مما يجعله من التعصب، وأطلق إرادة الإعون بأنهم ا للغيبيات، أو هؤلء الذين يد رادة الآخرين كالكهنة، أو أس�ي ا لإ أس�ينسان. إن ي عملية خلص الإ

لهية، أو هؤلء الذين يتاجرون �ف اس عل الأرسار الإ حرنسان، وادعوا لأنفسهم ف الله والإ هؤلء الذين ادعوا لأنفسهم صفة الوساطة ب�يي إرادة الخلق؛ كل هؤلء سقطوا عن عروشهم أمام مبادئ

مون بها �ف سلطة يتحكنسان حرا ل يعبد أحدا غ�ي خالق هذا الكون ...«. سلم، وغدا الإ الإ

العقيدة وط رسش من )التوحيـد( أن الفاتيكان« »بابا تنا� لقد أسف؛ من Tra- الصحيحة؛ لأنه يدعو إىل التحرر من قيود العرف، والتخلص من رواسب التقاليدdition ومحاربة الأوهام والخرافات، وأن عقيدة التوحيد؛ سند للروح تعتمد عليه ي قياس الأخلق والأعمال.

ي شدائد الحياة، وقسطاس للآداب والعادات؛ ترجع إليه �ف�ف

- 30 -

الجهل، براثن من لنتشالهم أقوامهم مع الأنبياء جميع سلكه ما وهذا التقاليد وراء الأعمى النسياق سبيل ي

�ف الحق، مخالفة من المسيحية رت فحذبعض يسوع إىل »وأقبل :) ع�ش الخامس صحاح الإ ي

�ف يقول)م�ت حيث البالية، يعة من أورشليم، فسألوه: لماذا يخالف تلميذك تقاليد ومعلمي ال�ش ف يسيـ�ي الفرتقاليدكم؟ من أجل الله ة أنـتم وصي تخالفون يسوع: ولماذا القدماء؟ فأجابهم ي نبوءته عنكم

إنكم أبطلتم كلم الله من أجل تقاليدكم يا مراؤون. صدق إشعيا �في

يعبد�ف . وهو باطل ي ا قلبه فبعيد ع�ف ي بشفتيه، وأم

عب يكرم�ف قال: هذا الش ف ح�ي .»

الب�ش وضعها بتعاليم

وا عل الحقائق التالية: ؛ نرجو من )البابا( ومن يعتقدون اعتقاده- أن يرد أخيـرا

ي حواىلي عام 5)) كانت هناك أك�ش من يقول القس »ألبيوس تيودوريه«: �ف

Constan- قسطنط�ي استوىل وعندما مختلفة. بعقائد الأناجيل من نسخة ي فمائ�ت

ي ق سنة 4)3 أرسل مستشاره القس أوسبيوس القرط�ب اطورية ال�ش tine عل إم�بحول بينهم فيما التصالح يرجوهم للأساقفة، خطابات ومعه سكندرية، الإ إىل ي كانت سائدة آنذاك. إل أن

العقيدة. وهو ما يكشف عن الخلفات العقائدية ال�تف إىل دعوة جميع الأساقفة مهمة أوسبيوس قد باءت بالفشل؛ مما دفع بقسطنط�يي مدينة "نيقية" لحسم الخلفات السائدة

لعقد أول مجمع كنىسي عام سنة 5)3 �فف عليهم اتباعه!

له الذي يتع�ي حول تأليه أو عدم تأليه يسوع! ومن هو الإ

له؛ ترجع ي T.bashby : »إن أوىل محاولت اختيار الإ ي باش�ب ويقول تو�ف

أو المسيح ف يهوذا اطور الختيار ما ب�ي م�ب ف عل الإ إىل عام 0)) حينما كان يتع�ي

شقيقه التوأم ر�ب يسوع، أي الكاهن يسوع أو الشخص الآخر، مؤكدا أنه ح�ت عام 5)3 لم يكن للمسيحية إله رسمي"!

إذ جماع، بالإ الرأي استقر أنه بعد مداولت مريرة تو�ف باش�ب ويوضح واحدا. إلها الثنان يصبح أن (57 عليه ض واع�ت عضوا، (6( أيده

اطور بدمج معطيات التوأم: يهوذا ور�ب يسوع ليصبحا م�ب وبذلك قام الإإلها واحدا .. وبذلك أقيم الحتفال بتأليههما. ثم بدأت عملية الدمج بينهما؛ ليصلوا

إىل تركيبة »ربنا يسوع المسيح«!

G. Massey )(8(8- الـد ماىس ي ج�ييطا�ف هذا؛ ويعد الباحث والمفكر ال�ب

ي أصول العقيدة 907)( أهم من استطاعوا توضيح خلفية ذلك الخلط الشديد �ف

- 31 -

The Historical( الأسطوري« التاريخي والمسيح كتابه »يسوع المسيحية، ففي Jesus and the Mythical Christ( يقول: »إن الأصل المسيحي عبارة عن تحريف ي العهد القديم ... وإن هذا الأصل منقول بكامله من

قائم عل أسطورة خرافية �فالشخص تركيبه عل شخص يسوع. ونفس هذا القديمة، وتم المرصية العقائد . وهو ف عبارة عن توليفة من عدة شخصيات، والمساحة الأك�ب مأخوذة عن شخص�يالقرن ي

�ف الخط هذا تزايد وقد التنوير، عرص منذ العلماء من العديد أثبته ما ف كافة العلماء. ين بصورة شبه جماعية، بحيث أنه بات من المسلم به ب�ي الع�ش

ي كانت قائمة الد ماىسي إىل أن المسيحية مبنية عل الخرافات ال�ت ويش�ي ج�ي

له ي انتقل الكث�ي منها إىل اليونان، ومنها إىل إيطاليا. أي »أنها أسطورة لإآنذاك، وال�ت

، وأن ف تم تجميعه من عدة آلهة وثنية كانت سائدة آنذاك قبل يسوع بآلف السن�يله الشمس، وقصة المسيح الغنوصي الذي ل يمكن ي الأناجيل هو قصة الإ

التاريخ �فا. أن يكون ب�ش

ي أسطورة ي �ف

ي أسطورة أوزريس، وحور أخ�تفالمسيح الأسطوري هو حورس �ف

ي الأناجيل ي أسطورة آمون رع، وإيو �ف عبادة أتون رع. والمسيح �ف

ست، وخونسو �فهو خليط من هذه الآلهة المختلفة«.

ي �ف دراميا صياغتها تم أسطورة كل أن إىل الصقىل ديودورس أشار وقد

اليونان بعد أن تم نقلها من الطقوس الجنائزية المرصية. أي أنها انتقلت من مرص إىل اليونان ومنها إىل روما.

الد ما� أيضا، أن المسيحية ظلت لمدة سبعة قرون ومما يستند إليه ج�يفرية البداية هي منذ المنقذ المسيح فرية وجود و«إن يسوع مصلوبا، تمثل ل م معلومة صحيحة، أو يمكن الخروج تاريخية. ول يمكن القول بأن الأناجيل تقد

تاريخية حقيقية«. بيسوع كشخصية منها

من بدل يمان الإ بفرض قام المسيحي »اللهوت أن إىل ما�؛ وينتهي الذي العقلي الشلل من الخروج لتوها بدأت الأوروبية العقلية وأن المعرفة، ي عرص الظلمات ... وأن الكنيسة

ي وصلت إىل ذروتها �ففرض عليها بتلك العقيدة ال�ت

قرنا، ثمانية ع�ش لمدة الزائفة تثبيت نظرياتها بتعصب رهيب من أجل كافحت وأسالت بحورا من الدماء دفاعا عن خرافاتها، وغطت الأرض بمقابر شهداء الفكر

الله«! باسم الذي فرضته رهاب بالرعب والإ الدنيا الحر، وملأت

- 32 -

يمان ي كتابه )الله واحد أم ثالوث( يقول د. مجدي مرجــان: »إنه ل يكفي للإ�ف

يكن فلم والجدات، والعمات والأسلف الآباء وتقليد العقيدة وراثة الحقيقي ي يوم من الأيام إقرارا لوضع قائم، ول انسياقا لطقس متبع، وإنما كان

ين �ف الدين دوما دعوة إىل الحق وثورة عل الباطل، ولو كانت العقيدة إرثا وانطباعا لما الدانتقل الناس من باطل إىل حق، ومن عبادة الأصنام والأغنام إىل عبادة الخالق،

هات. ي الأباطيل وال�تف يسبح �ف ولبقي العالم إىل اليوم كما كان منذ آلف السن�ي

أو كما يقول الفيلسوف برتراند رسل Brtrandrsl )إن القضية الدينية يجب ي القضية العلمية(. ولكن معظم

أل تقبل إل إذا كان لها سند كالسند المطلوب �فين سوى اسمه ين دون وعي ول إدراك، وهم ل يعرفون من الد الناس يرثون الدي شهادة ميلد كل منهم أنه يهودي أو بوذي أو مسيحي أو مسلم أو

وما سطر �فب المستميت، ي شهادة ميلده تعص

غ�ي ذلك ... ومع ذلك فإنه يتعصب لما سطر �فويطعن فيما يغاير عقيدته دون بحث أو روية وبل هوادة أو تعقل، ودون دراية وه بها، ودون علم بالدين المغاير، ولكن هذا كله ليس دينا ول ي سم

بالعقيدة ال�تإيمانا، بل ليس عقل ول إدراكا«.

ي كتابه )المسيح إنسان أم إله(: »ولدت لأعبد المسيح ويقول د. مرجــان �ف

بت فعرفت ا شببت شككت، فبحثت عن الحقيقة، ونق ولزمته إلها فوق الآلهة، فلمك بالخالق وتعبد المخلوق،

ي المسيح: يا عبد الله، أنا ب�ش مثلك فل ت�ش... ونادا�ف

س ي السماوات ليتقد، واعبده معي، ودعنا نبتهل سويا: )أبانا الذي �ف ي ولكن اقتد �ب

عبيد الناس ي وبا�ت وأنت أنا الله عبد يا .﴾ ف نستع�ي وإياك نعبد إياك ﴿ اسمك(.

قت المسيح، وكفرت بالآلهة المزعومة«. للرحمن ... فآمنت بالله، وصد

Gohanz Lihman وفيسور/ جوهانز ليهمان إن هذه الوحدانية؛ أعلنها ال�بي قوله: »لقد

ي كواللمبور- �فـ أستاذ مقارنة الأديان، ورأس الكنيسة الكاثوليكية �ف

سلم كنت محظوظا حقا، فبعد سنوات من دراسة مقارنة الأديان، تأكد ىلي أن الإنسان إىل الوحدة الأخوية، وترشده إىل الله، وتؤكد دين ذو قوة روحانية تقود الإ

له وحدانية الخالق«.

وهكذا؛ يظل )التوحيـد( أول الوصايا وأجلها، وإن الذين يريدون أن يحجبوا من الذين مكر قد و﴿ أبدا. يفلحوا ولن لم، الهزيل، بغربالهم الوحدانية نور قف من فوقهم وأتاهم ن القواعد فخر عليهم الس الله بنيانهم م قبلهم فأ�ت

العذاب من حيث ل يشعرون ﴾ ]النحل :6)[.

- 33 -

أنــوار النبــوة

نسانية إىل الأنبياء؛ أشد من حاجتها إىل الحياة الآمنة المطمئنة؛ إذ حاجة الإي خلف دائم، وعراك

لو تركت الدنيا تس�ي وفق ما تمليه الأهواء؛ لعاش الناس �فمستمر، ورصاع ل ينقطع، ولما اتفقوا عل مسألة واحدة تصلح حالهم ومآلهم؛

ي مقاصدها وغاياتها. ن العقول مختلفة �ف

لأ

عنها؛ فكاك ل ورة وهدايته رصف نسان، الإ لمصلحة الأنبياء بعثة كانت لذا؛ ي كل زمان تعاليم

لتجنيب العالم ظلمات الأطماع والعداوات. ولو اتبع الناس �فالسماء والأرض. بركات من الله عليهم الأنبياء؛ لعاشوا حياة طيبة، ولفتح

لقد أرسل الله ـ سبحانه - الأنبياء إىل مختلف الشعوب والأمم، ولم تخل فيها يشاركهم بخصائص ل هم ف المستقيم. وم�ي الرصاط يهديها أمة من رسول ل سواهم، وأيدهم بمعجزات باهرات تملك النفوس، وتسجد لها القلوب؛ لكي

ة بعد الرسل. يكون للناس عل الله حج

ي و�ف أصولها ي

�ف واحدة برسالة تعاىل الله عند من جميعا الأنبياء جاء وقد جوهرها؛ أل وهي دعوة الناس إىل إخلص العبادة لله وحده، والخضوع والطاعة

ونواهيه. لأوامره

وأسباب رحمته، وأبواب عباده، من خلقه صفوة هم ورسله الله وأنبياء ة، نعمته، وأمناء وحيه، ومبلغو رسالته. وهم الأطهار المعصومون من ارتكاب كب�يف أو العفاف. ووظيفتهم إخراج ة تتنا�ف مع المروءة أو ال�ش ي صغ�ي

أو الوقوع �فيمان ... ك والكفر والضلل إىل نور الوحدانية والهداية والإ الناس من ظلمات ال�شصلح، وحملة مشاعل الهداية. ويستحيل عل ، وأئمة الإ فكانوا بذلك دعاة الخ�يأي واحد منهم أن يفعل مكروها، أو يصدر عنه سوء. وأن ما نسبته إليهم الكتب السابقة، إنما هو من تأليف »الخراف الضالة« و«أولد الأفاعي«، وليس مصدره ي العهد القديم: أن كل الب�ش غ�ي اليهود »كلب«! أو ما

الأنبياء ... فل يقبل ما جاء �في الشعوب فقد دعاها كلبا«!

ا با�ت نجيل« أن المسيح دعا اليهود أبناء، أم ي »الإجاء �ف

- 34 -

وقتلهم وعنادهم، الله، أوامر عل وتمردهم الكتاب أهل لكفر ونظرا مات تدل عل قرب عقاب إلهي ة جرائمهم؛ ظهرت علمات ومقد لأنبيائهم، وك�ش

بهم! سيحل

كانت إن ى ل�ف دة، المتمر ية الع�ب الأمة هذه عن الأنبياء قاله ما ولنتأمل كة والصطفاء، أم جديرة بالذلة والمسكنة وغضب الله؛ فقد مستحقة لدوام ال�بة فيهم، لو عقلوا لفطنوا بهذه قال عنهم مو�: »إنهم أمة عديمة الرأي ول بص�ي

وتأملوا آخرتهم« التثنية )8)/)3(.

غ�ي غبيا شعبا يا بهذا تكافئون ألرب ملتو، أعوج »جيل بأنهم: ووصفهم التثنية)5-6/)3(. حكيم؟«

ي ن ب�ف

ة للرب إله الجنود، لأ ي سفر الملوك )0)-9)/)( »قد غرت غ�يوجاء �ف

أنا فبقيت بالسيف، أنبياءك وقتلوا مذابحك ونقضوا عهدك تركوا قد إرسائيل ليأخذوها«. نفىسي يطلبون وهم وحدي،

ي : يا ابن آدم، أنا مرسلك إىل ب�ف كذلك؛ كان وصفهم سفر حزقيال: »وقال ىلي

إىل ذات هذا ، هم وآباؤهم عصوا علي إرسائيل، إىل أمة متمردة قد تمردت علياليوم. والبنون القساة الوجوه، والصلب القلوب، أنا مرسلك إليهم، فتقول لهم: ف العقارب. من كلمهم ل تخف، هكذا قال السيد الرب، يا ابن آدم أنت ساكن ب�ي

ومن وجوههم ل ترتعب، لأنهم متمردون«.)حزقيال) /3-8(.

ووصفهم سفر إشعيا)-)/) 6( بأسوأ الصفات وأحطها: »اسمعي أيتها السماوات ، علي ا هم فعصوا أم أتهم، ونش ف بن�ي ربيت يتكلم: الرب ن

لأ الأرض، أيتها وأصغي ا شعب إرسائيل فل يعرف ول أم قانيه، والحمار يعرف معلف صاحبه، الثور يعرف ، أولد مفسدين، ثم، نسل فاعلي ال�ش ة الخاطئة، الشعب الثقيل الإ م

يفهم، ويل للأبون بعد. وا إىل وراء، عل أي موضع ترصف تركوا الرب واستهانوا بقدوس إرسائيل، وارتدتزدادون زيغانا. كل الرأس مريض، وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إىل الرأس، ليس ف بالزيت«. بة طرية لم تعرص ولم تعصب ولم تل�ي فيه صحة، بل جرح وإحباط ورصف

وخاطب الأنبياء«! قاتلة »يا أورشليم: نادى )ع( المسيح السيد جاء ا ولمالقادة أيها لكم ويل المراؤون. والفريسيون الكتبة أيها لكم »ويل جموعهم: العميان. أيها الجهال والعميان. أيها الحيات أولد الأفاعي كيف تهربون من دينونة

- 35 -

جهنم، لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، فمنهم تقتلون وتصلبون، ي مجامعكم ... يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة

ومنهم تجلدون �ف .)37 (3/(3- )م�ت »... ف المرسل�ي

بالعقاب والغضب أم جديرة كة والنبوة فيها، ال�ب بقاء أمة تستحق أفهذه ؟! المستط�ي لهي الإ

واجبة أخطاء وهي قاتلة، أخطاء ي �ف وقعوا ف المسيحي�ي أن له؛ يؤسف مما

أن اعتقادهم فيه؛ وقعوا الذي الخطأ وأساس ... التصحيح وسهلة التصحيح، وأنهم التوراة، احتوتها ي

ال�ت الدينية العقائد الأفاعي( هم مصدر )أولد اليهود أنبيائهم. من مرة لأول وحيها تلقوا الذين هم

مراجعة فإن فيه، الخطأ وجود ظهار لإ مشقة ول عناء إىل يحتاج ل الأمر التوراة أي� مراجعة تكشف أن اليهود تلقوا أهم العقائد الكونية، وأهم التعاليم ي عاشوا

ي )فلكلور Folklore( أي من موروثات الشعوب ال�ت عية من تراث شع�ب ال�شي سفر التكوين؛

ي إرسائيل ينسب اليهود عقائدهم �ف من أنبياء ب�ف ي بينها ... فإىل أي ن�بوهو جماع عقائدهم الكونية؟

قبل ي يعة بعد سفر التكوين، وليس منها ما هو مسند إىل ن�ب ي أسفار ال�شوتأ�ت

التبليغ يتعلم كان )الكليم( أن الأسفار ي هذه نقرأ �ف مو� عليه السلم، فمثل

سفر من الرابع صحاح الإ يقول ،»Jethro ون »ي�ش التوراة يه تسم ي عر�ب ي ن�ب من ي مرص(. ويقول

ي �فون وقال له: أنا أذهب وأرجع إىل إخو�ت الخروج: إنه )رجع إىل ي�ش

ي عهد مو� ومنهم ي إرسائيل �ف

ي بب�ف ون كان يصل : )إن ي�ش ي ع�شالثا�ف صحاح الإ

ون أخذ محرقة وذبائح لله وجاء هارون وشيوخ إرسائيل أخوه هارون ... وإن ي�شليأكلوا طعاما مع حمى مو� أمام الله(.

الكتاب )مدخل ف يع�ت يعية؛ والت�ش التاريخية المغالطات هذه كل نتيجة جمة الفرنسية المسكونية( معلنا: »إننا لم نعد متأكدين مطلقا من ي ال�ت

المقدس- �فأننا نتلقى كلمة الله بقراءة الكتاب المقدس، وكل ما يستطيع علم نقد النصوص ي

عادة بناء نص يتمتع بأك�ب الفرص الممكنة �ف مه لنا هو محاولته لإ الحديث أن يقد، ول يرجى بأي حال الوصول إىل الأصل نفسه«. ب من النص الأصلي أن يق�ت

ي للفاتيكان )965)-)96)( البند )5)( من الفصل ي الثا�ف

وها هو المجمع المسكو�فالرابع، يصف أسفار العهد القديم )المقدسة لدى اليهود والنصارى( بالنقصان،

- 36 -

ي قوله عنها: »إن هذه الكتب رغم ما تحتويه وباحتوائها عل أمور باطلة، وذلك �ف

من الناقص ومن الباطل )أو القديم( إل أنها تحمل شهادات تربية إلهية«.

يع؟! سة( ومصدرا للعقيدة والت�ش إذن؛ بأي منطق تصبح هذه الكتب )مقد

ي كث�ي من المواضع، ول إن الكتاب »المقدس« يشهد رصاحة عل تحريفه �ف

يتسع المقام هنا للتمثيل عل ذلك: ففي )المزمور 56( ورد عل لسان الرب »ماذا !» ؟! اليوم كله يحرفون كلمي عل كل أفكارهم بال�ش الب�ش ي يصنعه �ب

ي إرسائيل، قائل لهم: »يا لتحريفكم«!وورد عل لسان »إشعياء« مقرعا ب�ف

ن الرب فل تذكروه بعد؛ لأ ا وحي ي إرسائيل: »أم

ب�ف ي سفر إرميا مخاطبا و�ف

له الحي رب الجنود إلهنا«. إذ قد حرفتم كلم الإ كلمة كل إنسان تكون وحيه،

يعة الرب وفيه أيضا ورد عل لسان الرب: »كيف تقولون نحن حكماء ورسشلها إىل الكذب«. معنا؟! إن قلم الكتبة الكاذب حو

الرب لسان عل ورد الميت، البحر مخطوطات من الخمسينات سفر ي و�ف

كلها ووصاياي كلها ي يع�ت رسش »سينسون قائل: إرسائيل ي

ب�ف عن مو� مخاطبا كلها«. وأحكامي

بل إن الشهادة عل التحريف، ل يقترص وجودها عل أسفار الكتاب المقدس؛ رسالة ففي والمسيحية؛ اليهودية ي

�ف المقدسة الكتابات كل لتشمل تمتد وإنما ي الفصل الأول من غمارا المشنا السادسة، يقول

عبدة الأوثان من التلمود البابلي �فالحاخام حسدا لأبمي: »لدينا تقليد يقول إن رسالة عبدة الأوثان لأبينا إبراهيم كانت تشمل أربعمائة فصل، لكننا ل نمتلك منها سوى خمسة فقط، وح�ت هذه ل

ها مفهومة تماما«. نعت�ب

ية: ف نجل�ي جمة الإ ف ال�ت ف الأناجيل باليونانية وب�ي ي مقارنته ب�يويقول فيليب شاف �ف

تشكل الجديد للعهد المختلفة القراءات من ألفا (50 من فقط قراءة »إن400 ، منها خمسون فقط لها أهمية عظيمة«. ي المع�ف

الشك �ف

"إنه :The Church in the World كتابه ي �ف إنج رالف وليام د. ويقول

: الكنيسة المعصومة، والكتاب ف لمن الواجب علينا أن نتخل عن فكرة المعصوم�ي

الرئيس الفرع أعلن ومؤخرا؛ بالصحيحة«. منهما واحدة فليست المعصوم؛

- 37 -

ها عن ف ي الوليات المتحدة: أنه ل يعت�ب الكتاب المقدس م�فللكنيسة المسيحية �ف

.)The New york Times 25: 1966( الخطأ.

رســــالة املسيح إىل بني إرسائيل ، وليس إلها، ي ي إرسائيل؛ أعلن أنه ن�ب

عندما جاء )المسيح( وهو آخر أنبياء ب�فول ابن إله!

ا خرج المسيح من السامرية، ولحق بجبل أنه لم ي إنجيل يوحنا- فقد جاء �ف

ي وطنه(.الجليل قال: )إنه لم يكرم أحد من الأنبياء �ف

وليس المعلومة، بالنبوة أقر المسيح أن ي �ف التأويل يقبل ل نص وهذا

المزعومة. بالألوهية

ي إنجيل يوحنا أيضا )8/40( »أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعته من الله. و�ف

.) ي، بل إرادة الذي بعث�ف ي

ذ إراد�ت ي لست أنفي شيئا، لأ�ف

ولست أقدر أن أفعل من ذا�ت

ي )إنجيل يوحنا 4)/4)( يقول السيد المسيح: »والكلم الذي تسمعونه ليس و�ف

مرسل من الله لتبليغ كلمه. ي «. فهذا القول رصيح بأنه ن�ب ي، بل للآب الذي أرسل�ف ىلي

ا ذلك اليوم وتلك الساعة فل ي )إنجيل مرقس )3/3)( قال المسيح: »وأمو�ف

ي السماء ول البن إل الآب«.يعلم بها أحد ول الملئكة الذين �ف

فالمسيح خص الله وحده بعلم القيامة، ونفاه عن نفسه كما نفاه عن الآخرين، يته، ويتعارض مع الألوهية المزعومة. وهذا يتوافق مع ب�ش

ف أشفق من « ح�ي ف ي )إنجيل لوقا( أحيا المسيح أحد المو�ت بباب مدينة »ناي�يو�ف

عظيم، وإن الله قد تفقد شعبه(. فلم ي ه عليه، قالوا: )إن هذا لن�ب شدة حزن أميقولوا: هذا إله عظيم.

ب�ش أنه عل عرفوه الأناجيل كتاب وكذلك وحوارييه، تلميذه فإن لذا؛ من الذي ي الن�ب يسوع »هو :)((/(4( إنجيله ي

�ف م�ت عنه يقول الله، من مرسل الجليل«. نارصة

أ�ت إىل العالم«. ي ويقول عنه يوحنا )4)/6( »الحقيقة أن هذا هو ن�ب

نسان يسوع المسيح«. ويقول بولس: »الإ

- 38 -

نجيل؛ تأكيد واضح عل فمن أقوال المسيح، وأقوال حوارييه، ونصوص الإيوحي الله وأن الله، مرسل من ي ون�ب لتلميذه، معلم إنسان السلم- -عليه أنه ي تبليغ الوحي،

ف �ف إليه، فهو ل يتكلم إل بالحق الذي سمعه من الله تعاىل، وهو أم�يأجرى -سبحانه- الله وأن ربه، من تلقاه كما لأتباعه ويعلمه شيئا، منه يخفي ل

المعجزات عل يديه بصفته إنسانا نبيا مرسل، ل بصفته إلها، ول ابن إله!

ة عل أيدي أنبيائه ورسله الكرام، فقد أجرى الله تعاىل معجزات حسية كث�يمنها ما يماثل ما جاء به السيد المسيح، ومنها ما يفوق تلك المعجزات.

إىل صعدوا أنبياء من وكم ... مو�ت وأحيوا ، مرصف أبرأوا أنبياء من فكم الجمادات؟! ي

�ف الحياة وبعثوا البحر، فرقوا أنبياء من وكم ... السماء

ي ي )سفر الملوك الثا�ف

، كما جاء �ف ففي العهد القديم؛ أن )أليشع( أحيا المو�تي ي أحيا ابنها قائل: »قومي وانطلقي أنت وبيتك وتغر�ب

)-8(: »وكلم أليشع المرأة ال�تن الرب قد دعا بجوع«.

ي لأ حيثما تتغر�ب

نا العهد القديم؛ أن )حزقيال( أحيا جيشا كامل ))/37(. كذلك أخ�ب

.)(4-(9:(( الخروج )سفر السلم عليه لمو� البحر انشقاق وكذلك .)(7 )خروج منها الماء وخروج له الصخرة وانشقاق

ولم ينفرد السيد المسيح وحده بالصعود إىل السماء، فقد صعد )أخنوخ( ي )/)(.

ي )سفر الملوك الثا�في )سفر التكوين 4)/5(. وكذلك )إيليا( كما ورد �ف

كما ورد �ف

)إيليا( صنع ما تندهش له العقول، فبكلمة واحدة وهو يجلس عل بل إن )سفر ي

-كما جاء �ف ف آخرين يتبعهم بقتل خمس�ي ، ثم ف الجبل، يقتل خمس�ي رأس .)(5:3 /( ي

الثا�ف الملوك

قاما أنهما ف )بطرس، وبولس( القديس�ي الأناجيل إىل عما نسبته هذا، فضل

. المرصف وشفاء المو�ت بإحياء

وهناك الكث�ي من الأنبياء الذين أجرى الله عل أيديهم المعجزات الباهرة ... ته؟ أم أن الأمر كله لله؛ فهل كل هؤلء آلهة، أو أبناء لله يشاركونه سلطانه وقيومي

؟ ف يجري ما يشاء من المعجزات عل أيدي أنبيائه وأوليائه المخلص�ي

- 39 -

أنه مرسل إىل قومه )اليهـود( وليس إىل لقد أعلن السيد المسيح )ع( مرارا ي كان يتحرك فيما

سواهم؛ لذلك لم يخرج عن دائرة بعض المدن الفلسطينية ال�تي حياته.

بينها، ولم يحدث قط أن دعا أحدا من غ�ي ب�ف إرسائيل إىل آخر لحظة �ف

وقال بالحرف الواحد: )لم أرسل لخراف ب�ف إرسائيل الضالة(.

فهنا يعلن رصاحة أن هذه طبيعة مهمته، وأن هذا هو نطاقها ل يمكنها أن تتعداه؛ لأن ذلك هو ما أرسله الله من أجله، فالقرار إذن هو قرار الله سبحانه.

وهذا ما أثبته الأب/ عبد الأحد الآشوري –مطران ديار بكر من قبل بابا روما، والذي ينتسب إىل ملة الكلدان- يقول: »المسيح كان يهوديا، ولم يعظ الأمم غ�ي إىل مدن غ�ي المدن ي

وا عن الم�ف اليهودية، كما نهى تلميذه الذين أرسلهم ليب�شبدم ج دمهم ف المم�ت ف السامري�ي إىل طائفة ي ح�ت

الم�ف نهاهم عن بل اليهودية، اليهود، والذين يؤمنون بأسفار توراة مو� فقط«.

ته، ولكن هؤلء يقول)يوحنا))/)( : »وقد جاء )المسيح( إىل من كانوا خاصي نبوة عيىس،

كوا �ف لم يقبلوه«. فاليهود تمسكوا بأنهم أتباع مو� ل عيىس، وشكا هذا ]المسيح[ ا نحن فتلميذ مو�، نحن نعلم أن مو� كلمه الله، أم فقالوا: »أم

فل نعلم له أصل« )يوحنا 9)-8)/9(.

، يقول ف وقد أكد )المسيح( تأكيدا رصيحا عل أن دعوته محددة بمكان مع�ي وأوصاهم قال : ل ي ع�ش

)إنجيل م�ت 8-5(: »وأرسل يسوع هؤلء التلميذ الث�فائيل ة ول تدخلوا مدينة سامرية، بل اذهبوا إىل خراف بيت إرس تقصدوا أرضا وثنـي

ب«. ماوات اق�ت ي الطريق بأن ملكوت الس

وا �ف الة وب�ش الض

ي طلبت ول أدل عل محدودية دعوة المسيح )ع( من اعتذاره للمرأة »الكنعانية« ال�ت

ي )إنجيل م�ت 5)-))(: »وخرج يسوع من هناك ...فأقبلت إليه امرأة منه شفاء ابنتها، جاء �ف

ا«. بها كث�ي ي فيها شيطان، ويعذ، يا سيدي، يا ابن داود! ابن�ت ي

كنعانـية وصاحت: »ارحم�فتتبعنا نها

إليه بقولهم: »ارصفها عنا، لأ لوا بكلمة. فدنا تلميذه وتوس فما أجابها يسوع ي إرسائيل«.

ي الله إل إىل الخراف الضالة من ب�فبصياحها! فأجابهم يسوع: »ما أرسل�ف

يعة؛ دعا عليهم المسيح، ي إرسائيل وكفرهم، وتبديلهم ال�شد ب�ف ونظرا لتمر

مة ع منهم، ويعطى لأ ف هم بقرب زوال ملكهم، وأن النبوة والملكوت سي�ف وأخ�بأخرى، تشكر الله وتؤدي حق نعمته.

- 40 -

هذا؛ ولم يغلق)المسيح( باب النبوة عند بعثته، ولم يعلن أن النبوة ختمت عظيم قادم من بعده، وأوصي ي مرارا بن�ب ر، ويب�ش به، بل وجدناه يؤكد، ويذكي( و)البارقليط Paracletes( و)الرسول( بطاعته واتباعه. وأسماه بـ)المسيا( و)المعزرهم ، وأنه سيذك و)روح الحق( الذي ل يتكلم من نفسه، إنما بكل ما يقوله له الربده بما يستحق هم بالغيبيات، وأنه سيكرم المسيح ويمج بما قاله المسيح، وسيخ�با م�ت جاء ذاك صحاح السادس« )وأم ي »إنجيل يوحنا: الإ

من التبجيل ... فقد جاء �فشدكم إىل جميع الحق، لأنه ل يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع روح الحق فهو س�ي

كم بأمور آتية ...(. يتكلم به، ويخ�ب

لكن الكنيسة ـ من أسف - خالفت تعاليم المسيح ووصاياه، ونقضت الناموس الكتب، ي

�ف وردت ي ال�ت البشارات بت وكذ الوصايا، لهذه رت وتنك وتفصيل، جملة

ف منذ طفولتهم أن المسيحية هي الدين الوحيد والطريق ف المسيحي�ي وعمدت إىل تلق�يالحق، وأن اليهودية كانت تمهيدا للمسيحية، وأن ما عداهما من أديان كذب واختلق!

ف ب�ي للتقريب الفاتيكان بدأها ي ال�ت ة الأخ�ي المحاولت عن النظر وبغض

ي �ف القساوسة به يب�ش ، ف المسيحي�ي ف ب�ي ساريا العتقاد هذا يزال فل الأديان،

الثالث. العالم ي �ف خاصة كنائسهم،

ي أنبياء إرسائيل وتعاليمهم الدينية، وعل ذلك؛ نجد المسيحي يعتقد فقط �ف

عي نبوة. وينظر إىل ما عداهم من أنبياء كمد

هت ية كل ما استطاعت من وسائل، كما وج رساليات التبش�ي وقد استخدمت الإجهودها لهدم أصحاب الرسالت الأخرى من الأنبياء، فأسمتهم بالدعاة الكفرة، الوحيد، له الإ المسيح( هو )يسوع أن عليهم ددين الم�ت أذهان ي

�ف خوا يرس ح�ت وأحيانا الرسول الوحيد، الذي أرسله الله.

ة بعد ولنا أن نتساءل: ما الذي يض�ي آباء الكنيسة ويحزنهم؛ عندما تظهر نبوهم إذا المسيح، تقود الناس إىل )التوحيد( الذي دعا إليه الأنبياء من قبل، ماذا يض�يشت رأوا الدنيا وقد امتلأت تسبيحا وهتافا باسم خالق الكون، والأرض وقد اف�ت

جود للحي القيوم! بالركع الس

بقايا ي ظلم دامس، وغيبوبة دائمة، ضحية العالم �ف أم يعيش أذلك خ�ي

م من ء إىل الذات العلية، وتتهك ا ما تىسي ي كث�يحزمة من الحكايات والقصص ال�ت

الخطايا؟! ارتكاب عل ض وتحر الأنبياء،

- 41 -

منقذ، ومخلص ي ي حاجة ماسة إىل ن�بد - كانت �ف ية ـ قبل بعثة محم إن الب�ش

ك والخرافات، وتسيد الأكارسة، والقيارصة الطغاة ... بسبب لها من أوحال ال�شى الكنيسة من زندقة وخروج ين، وما اع�ت ي المسيحية، وانحراف رجال الد

تل�شله الفلسفة والمؤرخون النصارى، وآباء الكنيسة، فها هو ين، وهذا ما سج عل الد/ جورج بوش George Bush -الجد الأك�ب للرئيس الأمريكي السابق، نجيلي القس الإس مؤس د »محم كتابه ي

�ف يقول المتحدة- بالوليات بولس إنديانا كنيسة وراعي والقائم�يف المسيحية الكنيسة ي

�ف مهلكة ة رد حدثت »لقد سلمي«)4(: الإ الدين ي عن د، وأصبحت الكنيسة عل وشك التخل ي سبقت بعثة محم

ة ال�ت ي الف�تعليها �ف

الكتاب عقائد عن تخلت بعدما باسمها، الكنيسة جديرة تصبح فلم المسيحية، التحريفات الواردة، حيث دخلت العبادة المقدس المسيحي وأخلقياته وأساس ا، ووصلت إىل ذروة النحراف ي الكنيسة، وبلغت مبلغا كب�ي

القبيحة والخرافات �فعبادة ي

�ف ممثلة الوثنية العبادة فازدهرت والتطبيق، الممارسة ي و�ف العقيدة ي

�فمريم، وساد العذراء عبادة عقيدة كما سادت المقدسة، الأثرية والبقايا الصور رونق اختفى وبذا ومحفورا، راسخا هذا كل فصار الصليب، عبادة ي

�ف العتقاد ي خضم

نجيل، وضاع بهاؤه، وعا�ف من كسوف مظلم، وضاع جوهر المسيحية �ف الإوالخرافية«. التافهة الطقوس

ي وصفه لما آلت إليه المسيحية قبل البعثة المحمدية، ي القس G.Bush �ف

ويم�في الشام والمناطق

اطورية الرومانية خاصة �ف م�ب قية من الإ ي الأجزاء ال�شفيقول: »�ف

ور الكنيسة بسبب الخلفات المستمرة المتاخمة لشبه الجزيرة العربية؛ تفاقمت رسشف والسابليان والنساطرة ف الآريوسي�ي اعات الضارية ب�ي ف بينها، وتمزقت إربا بسبب ال�فالمسيحية، العقائد إرباك إىل هذه نزاعاتهم أدت وقد واليوتشيان- ديان والكول�ييقية معقدة، فلم تعد المسيحية نهج حياة، ولم يعد ينظر ف ي دقائق ميتاف�ي

وإغراقها �فنجيل أصبح بسبب الخلفات المذهبية وما إليها بوصفها طريقا وحيدا للخلص، فالإق. وعقد مجمع إثر مجمع، وصدرت قرارات مجمعية إثر بها من انحراف؛ جمرة تح�تي كل اتجاه، وسعت كل طائفة لتحقيق أغراضها

قرارات، ح�ت شتت الأساقفة البلد �ف ، اء والرفاهية والنفوذ الكنىسي الدنيوية، والوصول إىل المناصب الدينية للتكسب وال�شالوقت ي

و�ف ... الرأي وقمعهم ي �ف لها ف المخالف�ي وإدانة عقائدها والعمل عل دعم

د مؤسس الدين السلمي، جورج بوش، ترجمة عبد الرحمن الشيخ، دار المريخ، القاهرة )00)م. محم )4(

- 42 -

ة عن ف أمم المملكة المسيحية، مما أحدث رد نفسه كان أشد أنواع الجهل يسود ب�يي هذه

ي من السماء للنظر �في حاجة إىل حكم يأ�ت

ين الصحيح، وبدا أن هذا الأمر �ف الدسلم«. ي سبقت ظهور الإ

ة ال�ت ي الف�تي وصلت إليها المسيحية �ف

الحالة البائسة ال�ت

البشــــارات باقرتاب امللكوت قت )نبوءة آخر الزمان« الذي كان ينتظره أهل الكتاب، وتحق ي لقد جاء »ن�بن الله له ح�ت يقيم به دينه. كما ا سيظهر بأرض العرب، وسيمك ا أمي التوراة( بأن نبييتكلم بكل ي« الذي الملكوت، ومجيء »المعز اب باق�ت نجيل( قت )نبوءة الإ تحق

ك. ت العالم عل خطيئة ال�ش الحق، ويبك

ف قال لهم: »ل يزول صولجان قت وصية يعقوب لبنيه قبل وفاته، ح�ي كما تحقي شيلون، وله يكون خضوع شعوب«

يأ�ت ف رجليه؛ ح�ت ع من ب�ي من يهوذا ومش�تي »أركون

ي إرسائيل ح�ت يأ�تي ب�ف

)التكوين 0)/49(. أي سوف تستمر النبوة والملك �فالعالم« أو عظيم العالم، الذي يتسلم منكم الملك والنبوة ... ومعلوم أن عيىس لله« لله لقيرص، وما لقيرص ما قال: »أعطوا بل الملك، ع ف ي�ف ولم ملكا يكن لم

ي إرسائيل! )مرقص )): 7)( فضل عن أنه من ب�ف

ة بعثته )البشارة(؛ لذلك ظل السيد المسيح طوال ف�ت نجيل( معناه إن )الإاب زمن الملكوت، فقال: )لذلك كونوا أنتم أيضا مستعدين. لأنه الناس باق�ت يب�شي إنجيل )لوقا )): 36( يقول:

نسان« )م�ت 4): 44(. و�ف ي ابن الإي ساعة ل تظنون يأ�ت

�ف تحسبوا أهل للنجاة من جميع هذا المزمع ؛ لكي ف ي كل ح�ي

عوا �ف »اسهروا إذا وترصفنسان(. أن يكون. وتقفوا قدام ابن الإ

خبار أهل الكتاب إياهم ي ذلك الوقت؛ لإلذا؛ كان العرب ينتظرون مجيئه �ف

بن وقس الصلت، ي أ�ب بن كأمية وكهنتهم؛ وأساقفتهم زعمائهم وإخبار بذلك، تاريخ ي

�ف ... وهذا مشهور هم نوفل، وغ�ي بن ا، وورقة ساعدة، وسطيح، وبح�يالعرب، ولول ذلك ما قال القرآن: ﴿ وكانوا من قبل يستفتحون عىل الذين كفروا ]البقرة :89[. وإل الكافرين ﴾ عىل الله فلعنة به كفروا عرفوا ا ا جاءهم م فلم

ي هذه الآية، ولقالوا له: ما كان أحد ينتظر مجيئك.به الناس �ف لكذ

جاء كما »قيدار« أرض - بمكة 57( عام ــد( )محم المنتظر ي الن�ب ولد لقد ي البشارات - وعلمت الدنيا به من قبل قدومه، بل كان جميع الأحبار والرهبان

�فورؤيا دانيال، رؤيا عل بناء فيها سيولد ي

ال�ت والسنة والشهر اليوم يعرفون

- 43 -

ا مما حزقيال. وكانوا يعرفون اسمه، ونسبه، ومولده، ومهجره، وأوصافه، وكث�يي

سيفعله، وما سيكون عليه أمره أك�ش مما يعرفها أهله وأصحابه، بناء عل ما جاء �فهم. وغ�ي وزكريا، وملخي، وحبقوق، ي، وحج إشعياء، وأسفار ، المزام�ي

يمان بالله، آخر الزمان؛ أمر بما أمر به المرسلون من قبله: الإ ي ا بعث ن�ب لم .... قبله من ف المرسل�ي خوانه لإ قا مصد جاء أي الكون. لخالق العبادة وإخلص توا اد الأصنام، وكث�ي من الأحبار، والرهبان -بعدما تثب فآمن به أهل زمانه من عبمن صدق رسالته ودلئل نبوته- وعل رأسهم: سيدهم وابن سيدهم، وعالمهم وابن عالمهم؛ الح�ب الأعظم/ عبد الله بن سلم، ووهب بن منبه، وكعب الأحبار،

هم. الحبشة«، وغ�ي ي »ملك والنجا�ش

ولو لم يسلم غ�ي هؤلء من أهل الكتاب لكفى! فما الظن إذا أسلم، وشهد ين الكث�ي من علمائهم؛ الذين بمجرد سماعهم ما أنزل عل الرسول؛قالوا لهذا الد

اهدين ﴾ ]المائدة:83[. ا فاكتبنا مع الش ﴿ ربنا آمن

فقد السابقون، الأنبياء به قوبل ما بنفس قومه من ــد( )محم قوبل وقد اوة، وآذوا أصحابه، وأخرجوه من بلده، وخاضوا ضده ي بادئ الأمر برصف

حاربوه �في هي أحسن، ح�ت جاء اليوم

ل أذاهم، وظل يدعوهم بال�ت حروبا مسلحة، فتحمك واحد! ي جزيرة العرب م�ش

الذي لم يبق �ف

يعته ب�ش تمسكا أشد وأتباعه أصحابه ظل الكريم؛ ي الن�ب هذا وفاة وبعد يقارب الذين - المسلمون ولزال والأمم، الشعوب ف ب�ي ه بن�ش وقاموا ودينه، ة عن دينهم، ل ة وصغ�ي ي ش�ت القارات- يعرفون كل كب�ي

عددهم ملياري مسلم �فواردة! عنهم شاردة ول تغيب

ة والرسالة الخاتمة دعوة وكان من الطبيعي والمعقول؛ أن تكون النبوة الأخ�يف السابق�ي الأنبياء ، بخلف ف للعالم�ي الناس، ورحمة لجميع ، وهداية الب�ش لسائر الذين أرسلوا إىل أهليهم وأقوامهم فقط، حيث أ�ت كل واحد من هؤلء الأنبياء ي أجمل وأحسن

صلح لبنة، ح�ت اكتمل البناء �ف ي الإيد �ف ف م ما بناه من سبقه، ف�ي ليتم

دملسو هيلع هللا ىلص فكان دينه خلصة الأديان السابقة. صورة بخاتمهم وإمامهم محم

وصدق ملسو هيلع هللا ىلص عندما قال : »إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ب�فلبنة منها، فكان من دخلها ونظر إليها، قال: ما دارا فأكملها وأحسنها إل موضع

.» ف النبي�ي اللبنة، وأنا خاتم اللبنة؟ فأنا هذه أحسنها؛ هل وضعت هذه

- 44 -

لهم )وقال :)43 4(- :(( م�ت )إنجيل ي �ف جاء لما تصديق الحديث؛ وهذا

ي الكتاب أن الحجر الذي تركه البناءون هو قد صار رأس يسوع أما قرأتم قط �ف

ض ومن سقط هو عليه ض الزاوية من قبل الرب. ومن سقط عل هذا الحجر ي�تي أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله سينـزع منكم،

يسحقه. كان هذا عجيب �فثماره(. تعطي أخرى مة لأ ويعطى

صحاح 36: 6 من إنجيل برنابا(: )وقد جاء الأنبياء كلهم، ي )الإأيضا، ما ورد �ف

أ طريقه(. ن الله يريد بذلك ح�ت أه�يي بعدي؛ لأ

إل رسول الله الذي سيأ�ت

ح العقائد المنحرفة الموروثة، فقد ورة، لتصح لقد كانت النبوة الخاتمة رصف ف ي قضية واحدة، وجهها إىل الناس جميعا، وب�ي

سلم هذه القضايا كلها �ف جمع الإع لكم ع لهم دينا جديدا، وإنما هو دين الأنبياء من قبله: ﴿ رسش

لهم أنه لم ي�شينا به إبراهيم وموىس ين ما وص به نوحا والذي أوحينا إليك وما وص من الد

قوا فيه ﴾ ]الشورى:3)[. ين ول تتفر وعيىس أن أقيموا الد

رب الله إىل التوجه إىل - الناس كل ـ الناس تدعو الخاتمة النبوة جاءت ف بكل ما جاء من ي إيمان واثق مطم�أ

ك، و�ف ي خضوع خالص ل يشوبه رسشف �ف العالم�ي

ف شخ�ي أو طائفي أو عنرصي عنده ـ سبحانه - دون تمرد عل حكمه، ودون تمي�يف رسول وآخر من رسله، هكذا يقول القرآن: ﴿ وما ف كتاب وكتاب من كتبه، أو ب�ي ب�يين حنفاء ﴾ ]البينة :5[. ويقول: ﴿ قولوا له الد ف أمروا إل ليعبدوا الله مخلص�يويعقوب وإسحاق وإسماعيل إبراهيم إىل أنزل وما إلينا أنزل وما بالله ا آمن أحد ف ق ب�ي بيون من ربهم ل نفر الن ي

موىس وعيىس وما أو�ت ي سباط وما أو�ت والأ

منهم ونحن له مسلمون ﴾ ]البقرة:36)[.

النبوة فجاءت ... واحدة رسالة عل الناس الله يجمع أن لبد كان أجل؛ ك، الذي جاء به، ودعا إليه كل ين المش�ت سلم( ذلك الد الخاتمة؛ لتقرر حقيقة )الإ

. ف والمرسل�ي الأنبياء

ي الن�ب يقول ذلك ي و�ف وأسلم«. به ف »تعر أيوب)):))( )سفر ي

�ف جاء فقد لعلت«. إخوة والأنبياء واحد، ديننا الأنبياء معارسش »إنا الخاتم:

أمة لكل ع ي�ش سبحانه فالله ائعهم، رسش تنوعت وإن واحد، الأنبياء فدين

ما يناسب حالها ووقتها، ويكون كفيل بإصلحها، ثم ينسخ الله ما يشاء من تلك

- 45 -

ف إىل أهليهم وأقوامهم فقط، ائع لنتهاء أجلها، خاصة أن الأنبياء كانوا مرسل�ي ال�شكما يشهد بذلك أهل الكتاب.

الضالة«. إرسائيل بيت لخراف إل أرسلت ما »أنا يقول: المسيح هو فها ورفض أن يقوم تلمذته بن�ش رسالته خارج بيت إرسائيل، وكانت علة رفضه كما

الكل«. يكتمل نفسه: »ح�ت المسيح يقول

ا بعث خاتم الأنبياء )محمدملسو هيلع هللا ىلص( أعلن منذ البداية أنه مرسل إىل جميع الناس، ولميعة شاملة صالحة لكل زمان ومكان، وعل امتداد الزمن إىل يوم القيامة. ونزلت عليه رسش ﴾ جميعا إليكم الله رسول ي

إ�ف الناس أيها يا قل ﴿ تعاىل قال تنسخ، ول ل تبد ل ا ونذيرا ﴾ ]سبأ:8)[. ة للناس بش�ي ]الأعراف:58)[. وقال سبحانه ﴿ وما أرسلناك إل كاف ﴾]الأنبياء:07)[. وقال تعاىل ﴿ ما كان ف وقال عز وجل ﴿ وما أرسلناك إل رحمة للعالم�ي

ف ﴾ ]الأحزاب: 40[. بي�ي سول الله وخاتم الن جالكم ولكن ر ن ر د أبا أحد م محم

دملسو هيلع هللا ىلص أنه قام بإرسال الكتب إىل الملوك والدليل عل ختم النبوات برسالة محمب وضن بملكه، سلم، فمنهم من آمن، ومنهم من كذ قا وغربا - يدعوهم إىل الإ -رسشالذي المنتظر ي الن�ب أنه هو وبطانتهم لحواشيهم وأفصحوا أيقنوا لكنهم جميعا ل عليه من ف ت به كتبهم، بعدما تأكدوا من أوصافه، وسمعوا من الوحي الذي ت�ف ب�شي هذا يقول القرآن الكريم: ﴿ وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق

ربه، و�فبهم ﴾ ]البقرة:44)[. ويقول: ﴿ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون من ر

نهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ﴾ ]البقرة:46)[. أبناءهم وإن فريقا م

إرسائيل، ي ب�ف أنبياء قبلة المقدس« »بيت كان د( )محم بعثة وقبل هذا؛

ي لما ورد �ف ي ذلك أمارة عل نبوته، وتصديقا

يعته، وكان �ف ي رسشالقبلة �ف فتحولت

صحاح الرابع: -9) ))( »قالت المرأة: ي )يوحنا، الإالرسالت السابقة؛ فقد ورد �ف

ي أورشليم ي هذا الجبل وأنتم تقولون إن �ف

، آباؤنا سجدوا �ف ي يا سيدي أرى أنك ن�بي

تأ�ت إنه ي قي�ف امرأة صد يا يسوع: لها فقال فيه، يسجد أن ينبغي الذي الموضع

ي مكان آخر«. أي ي أورشليم تسجدون للآب، إنما يكون �ف

ي هذا الجبل ول �فساعة ل �ف

أنه ليس هو آخر الأنبياء، فآخر الأنبياء لم يأت بعد، فإذا جاء؛ فإن قبلة السجود نحوها يتم ي

ال�ت القبلة تغي�ي إىل المسيح السيد من نبوءة فهذه ... تتغ�ي سوف ي مكان

ي أورشليم، بل ستكون �في جبل صهيون ول �ف

السجود لله، وأنها لن تكون �في عهده من بيت المقدس إىل

سلم. فإن القبلة تحولت �ف آخر ... وهذا ما جاء به الإي بناها إبراهيم أبو الأنبياء.

فة بمكة، وهي ال�ت الكعبة الم�ش

- 46 -

تش�ي السابقة، الكتب ي �ف ة كث�ي ونبوءات ودلئل أمارات هناك كانت وقد

فقال جديدة؛ يعة ب�ش استبدالها وقرب القديم، العهد يعة نسخ رسش حتمية إىل صحاح 3(: )إنهم ل يقولون بعد: تابوت عهد الرب. ول يذكرونه ول )إرمياء، الإ

بعد(. يصنع ول دونه. يتعه

ويقول )م�ت 9: 38(: )فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إىل حصاده(.

ختم النبـــــوة .. وإمتام النعمــــةنسان شأوا بعيدا إىل إدراكه ين الخاتم؛ أنه قد ارتفع بضم�ي الإ من أنوار الديمان بإله لهية، وفكرة الرسالة والوحي من الخالق إىل أنبيائه ... فبعد الإ للفكرة الإله الذي يحاسب الناس القبيلة، أو إله الشعب المختار، وإله العشائر الوثنية، أو الإف سلم بأرسش ف والكفارات، ول يحاسبهم بالعمل والتكليف؛ جاء الإ بحساب القراب�يية الب�ش رب ، ف العالم�ي برب يؤمن أن نسان الإ فعلم وأكملها، لهية الإ العقائد بغ�ي له خلص ول وتقواه، علمه بغ�ي له فضل ل الذي نسان الإ رب جمعاء؛

وإيمانه. ه ضم�ي

الحسية، والمعجزات الخوارق عل هدايتها تقوم بنبوات يمان الإ وبعد والنقم؛ جاء الأخطار الحراسة من أو عل ، ف القراب�ي تقديم ي

�ف الوساطة أو عل ل عل التهويل بالخوارق ة، ول تعو ي تخاطب العقل والبص�ي

سلم بالنبوة ال�ت الإم بالمنج وليس وينذر، يب�ش مثلهم، إنسان ي الن�ب أن الناس وعلم والأراجيف،

الأعاجيب. ويريهم الخبايا عن لهم يكشف الذي

وقد نالت أمة آخر الزمان الحظ الأوفر من أنوار النبوة وهداياتها، فكتابهم احتوى عل جوهر دعوة الأنبياء جميعا، فآمنوا بأن جميع الأديان السماوية خرجت ي

من مصدر واحد، وأن الله أرسل إىل كل أمة رسول داعيا وهاديا ﴿ ولقد بعثنا �فسول أن اعبدوا الله ﴾Ò ]النحل :36[. ة ر كل أم

عبادته عل ويحثهم الحق، طريق لأمته ف يب�ي أن رسول كل مهمة وكانت حبا مخلوقاته عل أسبغ الذي وهو والأرض، السماوات خالق وتعاىل سبحانه ي خالق يحا�ب أن يمكن وبالتاىلي ل ويرزقهم، بعنايته يكلؤهم الذي ورحمة، وهو ه ي الشعوب، يرسل إليه دون غ�ي

ل شعبا عل با�ت هذا الكون أمة عل أمة أو يفضوأوامره. تعاليمه يحمل رسول

- 47 -

والمرء ل يكون إسلمه صحيحا؛ إل إذا اعتقد بأن مصدر الديانات السماوية لة، ورسله الذين بعثهم إىل مختلف الشعوب. وقد ف هو الله وحده، وآمن بكتبه الم�فء من الحزن عندما يرى اليهود والنصارى قد تناسوا تعاليم ي

يشعر المسلم بىسشلوا الكث�ي منها عل غ�ي ما جاء به مو� وعيىس عليهما السلم، الله جزئيا، أو بدالأرض. إىل الله ؛ حمل رسالة ف

ف صادق�ي بهما كرسول�ي يؤمن أن القرآن أمره فقد

إىل يتطرقون دا. والمؤمنون عندما محم كما يحب والمؤمن يحب مو� وعيىس د لمحم الحب والفخر بكل سلم، يشعرون اليهودية والمسيحية والإ الكلم عن كبار لهم بوصفهم رسل الله؛ أتوا ام والإ وعيىس ومو�، كما يشعرون بالح�ت

ي جوهرها من عند الله. برسالة واحدة �ف

ي أمور ي الرأي النصارى واليهود المعارصين؛ فإننا نخالفهم �ف

وإننا إذا خالفنا �فين قد أدخلت عل المسيحية بعد رحيل ي سمات من الد

فت بشهادتهم، أو �ف قد حري رسالة

ي أ�ت بها مو�، ولكنا ل نخالفهم �فالمسيح، أو عل اليهودية الأصلية ال�ت

Awestern Awakening :ي كتابهعيىس أو مو�، أو كما قال اللورد Headley �ف

ي بعض التفاصيل سلم والمسيحية صنوان، وهما ل يختلفان إل �ف to Islam: »الإ

والعبارات، ولكنهما دينان متشابهان«.

عليهم ل ف ت�ف الوحي وأن ف معصومون، الحواري�ي أن النصارى يزعم فمثل، ي

�ف نقلوه بما ذلك يعارضون ذاته الوقت ي �ف نجدهم لكن المسيح، غياب بعد

: »يا نسل التشكيك والكفر. إىل م�ت أكون معكم؟ وإىل ف نجيل أنه قال للحواري�ي الإيوحنا(. العارسش صحاح )الإ أحتملكم؟« م�ت

وقال لبطرس: »تأخر يا شيطان. فإنك جاهل بمرضاة الله« )يوحنا 5: )3(.

ي والثالث للميلد؛ ظهرت موضة أو هواية كتابة الأناجيل، ربما ف الثا�ف

ي القرن�ي�ف

ي مستهل إنجيله قائل: ح به »لوقا« �ف من الناس! من ذلك ما رص لأنها كانت مغرية لكث�ي

ي الأمور المتيقنة عندنا؛ رأيت أنا أيضا أن ون قد أخذوا بتأليف قصة �ف »إذا كان كث�ي

ين قاموا بنفس هذا يس »لوقا« يقرر هنا أنه واحد من كث�ي أكتب عل التواىلي ..«. فالقدف للأحداث، العمل وهو التأليف. ويقرر »لوقا« كذلك أنه هو وهم لم يكونوا معاين�ي

ح من نفسه أو خطر عل باله أن ينسج أو يؤلف قصة كما ألف الآخرون! وأنه اق�ت

فهو الأسفار- من كث�ي إليه تنسب الذي »بولس« لـ بالنسبة الحال وكذلك ي )الرسالة الأوىل

ي الكتاب المقدس من وحي الله، فيقول �فح بأن ليس كل ما �ف يرص

عن رأيه الخاص، ح بأنه يع�ب إىل أهل كورنثوس( : »أقول لهم أنا ل الرب«. ويرص

- 48 -

أعطي ي ولكن�ف الرب؛ من أمر لدي »ليس ويقول .» ي رأ�ي »...هكذا بحسب فيقول:

يع؟!! ي الت�شرأيا«. فمن الذي أعطى بولس تفويضا �ف

ية إليها: )ختم النبوة، د، ومدى احتياج الب�ش إن من أهم مقاصد نبوة محمكما الأرجاس( من المباركة البقعة وتطه�ي ، ف القراب�ي وإبطال النعمة، وتتميم ين لم يكتمل ببعثة المسيح، بدليل أن الكنيسة البابوية ي نبوءة دانيال. فالد

جاء �فء، وبناء عل ذلك فـ)بابا ي

الكاثوليكية؛ تقرر أن »الكتب المقدسة لم تذكر كل �شالدينية، ي أحكامه

ي الأرض، وهو معصوم من الخطأ �فالفاتيكان( نائب المسيح �ف

ي العقيدة يعت�ب قضايا يقينية غ�ي ده �ف يمان، وما يحد ي جانب الإ

عه �ف فكل ما ي�ش

قابلة للتحوير أو التبديل، كما أنها ليست بحاجة إىل موافقة الكنيسة عليها، وإذا تجارس أحد عل تخطئة تحديدها يكون محروما، وله أيضا أن ين�ش تعليما إيمانيا

ن فحص الآيات أمر خاص به منذ أجيال عديدة«. ويحتم حفظه، لأ

إليه إنجيل مفتوح يضيف فكأنها تريد، ما ع الكنيسة ت�ش أن ف

يتب�ي من هذا؛ ي الصوم، والنقطاع ... إلخ، فل

يعات المختلفة �ف الآباء ما يرونه، ومن ذلك: الت�شء. ي

تعتمد عل الأناجيل، لأنها ترى أن الأناجيل، بل الكتب المقدسة، لم تذكر كل �ش

سلم؛ نجد خلفا لذلك، فإذا رأت ي الإيع �ف لكن إذا نظرنا إىل مصدر الت�ش

ا ء( نجد القرآن الكريم يقول: ﴿ م يالكنيسة أن )الكتب المقدسة لم تذكر كل �ش

ء ﴾ ]الأنعام:38[. وإذا رأوا أن رأس الكنيسة معصوم! ي ي الكتاب من ىسش طنا �ف فر

ي ع �ف

سلم عصمة لغ�ي الأنبياء. وإذا قرروا أن لرأس الكنيسة أن ي�ش ي الإقلنا: ليس �ف

سلم، حيث قال تعاىل ي الإيمان والعقيدة ... إلخ. قلنا: ليس ذلك لأحد �ف جانب الإء ﴾ ]آل عمران:8))[. ي مر ىسش لنبيه: ﴿ ليس لك من الأ

ي القرآن الكريم: م مضمونا. قلنا: �ف وإذا كان لرأس الكنيسة أن يضع آية، أو يعم

ل لكلماته ﴾ ]الكهف:7)[. فالقرآن مبد تبديل لكلمات الله ﴾ ]يونس:64[ و﴿ ل ﴿ ل نت ء، ول تبديل لكلماته، ول عصمة لأحد بعد أنبيائه، وقد تضم ي

ي �شط �ف الكريم لم يفر

ء. يآياته كل �ش

وجاء النعمة، ت وتم الأنبياء، به جاء الذي الحنيف الله دين اكتمل وقد ي أقدس بقعة، ليعلن

ف يوم، و�ف ي أرسشبأ العظيم ﴾ �ف خبار من السماء بهذا ﴿ الن الإ

»إمام الأنبياء وخاتمهم« عل مسامع الدنيا: )اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت سالم دينا ﴾ ]المائدة :3[. ي ورضيت لكم الإ

عليكم نعم�ت

- 49 -

العهـد اجلـديـد

»التوراة« عل )Old Testament القديم )العهد مصطلح النصارى أطلق نجيل«، وهذه مغالطة ،وأطلقوا مصطلح )العهد الجديد New Testament( عل »الإ

ي ينبغي تصحيحها؛ ح�ت ل تختلط الأوراق!تضاف إىل جملة من المغالطات ال�ت

ب�ش الذي الجديد« »العهد معالم وتأملوا الحق، إىل أنصتوا القوم ليت الأمم، وأنه تنتظره كل ي بقدوم ن�ب : 5(؛ فقد ب�ش ي

الثا�ف صحاح ي الإبه )ملخي �ف

د الناس إىل الحق، ويدل أهل الكتاب عل الحنيفية دين أبيهم إبراهيم، ودين س�ي الموعود قبل مجيء يوم الرب، ي الأنبياء جميعا، فقال: )هاأنذا أرسل إليكم الن�بد قلب الآباء عل الأبناء، وقلب الأبناء عل آبائهم(. اليوم العظيم والمخوف، ف�ي

يقول ي تأ�ت أيام »ها قوله: ي

�ف جديد( )عهد اب باق�ت إرميـــاء ب�ش كذلك؛ ي هذا

، وأقطع مع بيت إرسائيل عهدا. ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم. �ف الربي داخلهم. وأكتبها عل قلوبهم. وأكون لهم إلها ويكونون

ي �فيع�ت العهد أجعل رسش

سلم(. ىلي عبادا(. فلم تكن )المسيحية( هي المقصودة بهذا العهد، بل المراد به )الإي إرسائيل، وليس من خارجهم، وظل طوال بعثته بينهم؛

ن المسيح من أنبياء ب�فلأ

ولم يتوجه إىل سواهم من الشعوب، وأعلن مرارا: )أنا ما أرسلت إل لخراف بيت إرسائيل الضالة(.

فقال إرسائيل، بيت خارج بدعوته الخروج من وحذرهم تلمذته، ونهى بيت خراف اذهبوا إىل بل تدخلوا مدينة سامرية، ة، ول وثنـي تقصدوا أرضا »ل

الة«. الض ائيل إرس

يعة مو� يعة جديدة، إنما كان عل رسش كما أنه ـ عليه السلم - لم يأت ب�شي »التوراة«. وأكد أنه جاء ليعطيها البعد الروحي، فقال )أتظنون

المنصوص عليها �في جئت لأنقض الناموس. أنا ما جئت لأنقض الناموس ول الأنبياء. بل جئت لأتمم(

أ�فأي يعطيها الجانب الروحي.

ي ملكوت السماء(.وقال: )من نقض شيئا من ذلك يدعى ناقضا �ف

- 50 -

يعة ي نحو بيت المقدس، ويطبق أحكام ال�ش لذا؛ كان يعظم »السبت«، ويصلاليهودية.

عونه؟! أم أنها مؤامرة خبيثة لغلق الباب أمام فأين العهد الجديد الذي يدالخاتمة؟ ة النبو

ض الأساقفة والبطاركة يعة؟ ومن الذي فو ومن الذي نقض الناموس وال�شمون بغ�ي ما أنزل الله! يع يحلون ويحر ي الت�ش

�ف

ون بذلك، لكنهم هم الذين يع، وهم يقر ي الت�شض أحدا �ف فالمسيح لم يفو

يعة، ونسفوها من جذورها نسفا. لوا ال�ش نقضوا الناموس وبد

الطهارة ي �ف يبالغون ورأوهم الختان، كوا ف�ت يختتنون اليهود رأوا فمثل؛

ومخالطتها وملمستها الحائض مؤاكلة يتجنبون ورأوهم جملة، كوها ف�تفالتوراة فأباحوه وجعلوه شعار دينهم، ير ف الخ�ف مون يحر فجامعوها، ورأوهم الذبائح من ا كث�ي مون يحر ورأوهم بأكله. هم تعبدوا لكنهم ير، ف الخ�ف م تحروالحيوان فأباحوا ما دون الفيل إىل البعوضة، وقالوا كل ما شئت ودع ما شئت! ورأوهم ق، ال�ش هم فاستقبلوا الصلة ي

�ف المقدس بيت يستقبلون ورأوهم أن وبطاركتهم لأساقفتهم هم زوا فجو الله، عها رسش يعة رسش نسخ مون يحرمون السبت موا ما شاءوا، ورأوهم يحر ينسخوا ما شاءوا، ويحللوا ما شاءوا ويحركان المسيح بأن إقرارهم مع السبت وأحلوا الأحد هم موا فحر ويحفظونه؛ يعظم السبت ويحفظه! ورأوهم ينفرون من الصليب، ففي )التوراة؛ تثنية: ))(

الصليب! وعبدوا فراحوا بالصليب«. تعلق من »ملعون

قابل أو مغشوشا، أو فا، محر الجديد( )العهد يكون أن يصلح ول هذا؛ والنقصان! للزيادة

ة، بلغ عددها مائة ي القرون الثلثة الأوىل أناجيل كث�يفقد كان لدى النصارى �ف

إنجيل، وهي غ�ي الأناجيل المعتمدة حاليا لديهم، إذ كان لكل فرقة من فرقهم ة الألباب« ي كتاب »ذخ�ي

ه، وقد ورد ذكرها �ف إنجيل خاص بها ول تعتمد عل غ�يإنجيل ، ف السبع�ي إنجيل ، ف المرصي�ي إنجيل ، ف النارصي�ي )إنجيل منها: للكاثوليك،

التذكرة، إنجيل الصبوة، إنجيل الله الحي، إنجيل توماس ....(إلخ

وأذيب، ، ف أورش�ي مثل: المسيحية، الأناجيل عظماء مؤرخي بتحريف أقر وقد ي كتابه

ي إرنست دي بونسثث E.De.Bonss �فهم. يقول المؤرخ الألما�ف وم، وغ�ي وش�ب

- 51 -

. ف عات بولس ومن شابهه من المنافق�ي سالم(: »إن روايات الصلب والفداء من مخ�ت )الإف علماء النرصانية قديما وحديثا بأن الكنيسة العامة كانت منذ عهد خصوصا وقد اع�ت

ف ح�ت 5)3م بغ�ي كتاب معتمد، فكان لكل فرقة كتابها الخاص بها«. الحواري�ي

ي القرن الرابع ي �ف

بل أعلن الراهب فاستوس ـ الذي كان أعظم علماء فرقة ما�فالميلدي- أن تغي�ي الديانة المسيحية من أصولها؛ كان أمرا محققا، وأن الأناجيل المتداولة حاليا ما صنعها المسيح ول الحواريون، بل صنعها رجل مجهول السم!

كتاب جديد، لأنه )New Testament الجديد )العهـد سلم هو فالإ إذن؛ ي

ع العهد والملكوت من ب�ف ف يعة جديدة، وقبلة جديدة، وأمة جديدة ... لقد ان�ت ورسش

ي إسماعيل، وانتقلت قبلة الوحي والصلة من »بيت المقدس« إىل إرسائيل إىل ب�ف

ية إىل الأمة العربية. وهذه ف والمجد من الأمة الع�ب ع ال�ش ف »البيت الحرام«، وان�ت

ي إرسائيل، وتواتر كة، وهذا الوعد؛ هو الذي أخ�ب به أنبياء ب�ف البشارة، وهذه ال�ب

ي أسفار الأنبياء. شارة إليه �ف ذكره والإ

ي رسول اس إ�ف جاء )العهـد الجديد( إىل الدنيا بأرسها معلنا ﴿ قل يا أيها الن

الله إليكم جميعا] ]الأعراف:58)[. فليس مرسل إىل قرية أو إىل جماعة من الناس، أو إىل قطيع من الخراف الشاردة!

إل الله ﴾ ويؤكد إله أنه ل جاء )العهد الجديد( ليعلن للعالم أجمع ﴿ أن ﴿ الله ربنا وربكم ﴾ وأن ﴿ كل نفس بما كسبت رهينة ﴾ ويطالب الجميع وإسحق وإسماعيل إبراهيم إىل أنزل وما إلينا أنزل ومآ بالله ا آمن قولوا ﴿ل بهم ر من بيون الن ي

أو�ت وما وعيىس موىس ي أو�ت وما سباط والأ ويعقوب

مسلمون ﴾ له ونحن نهم م أحد ف ب�ي ق نفر

ح مسار النهج النبوي الذي أراد أهل العهد الجديد )محمد( ليصح ي جاء ن�بف رسل الله. ذلك النهج الذي ابتدأ من آدم قوا ب�ي الكتاب أن يقطعوا حلقاته، ليفرة الأوىل، فيقول )أفضل ما قلت أنا والنبيون من إىل خاتم الأنبياء، ويؤكد الوصي

قبلي : ل إله إل الله(.

الكتاب« »أهل ألصقها ي ال�ت التهامات ليمحو الجديدملسو هيلع هللا ىلص( العهد ي )ن�ب جاء

مهم بما يستحقونه فهم، وكر أ ساحتهم، ورسش والأمم السابقة بالرسل والأنبياء، ف�ب

﴾ ف المرسل�ي عىل وسالم ﴿ عنهم: القرآن فيقول والتكريم. يف والت�ش الثناء من

- 52 -

لهم إنهم . ف المرسل�ي لعبادنا كلمتنا سبقت ولقد ﴿ ويؤكد ]الصافات:)8)[. المنصورون ﴾ ]الصافات:)7)-)7)[. ويرشد إىل اقتفاء أثرهم ﴿ أولئك الذين هدى

]الأنعام:90[. ﴾ اقتده فبهداهم الله

ر الناس فيها بإخوانه الأنبياء العهد الجديد( مناسبة؛ إل ويذك ي ك )ن�ب ولم ي�ت، وما كانوا عليه من الكمال الخلقي، والسمو الروحي، والعبودية الخالصة ف السابق�يحفظ وقد ... عايشوها ي

ال�ت والأحداث الوقائع بعض عن لهم ويكشف لله، ي اتسم بها الأنبياء، وراحوا

المسلمون هذه المناقب، والمآثر النبوية الجليلة ال�توأدعيتهم ابتهالتهم دون ويرد الأفعال، وجليل الأعمال صالح ي

�ف يحاكونهم ا. بكرة وعشي بها ويتعبدون المباركة،

العهد الجديد( يدعو إىل توق�ي جميع الأنبياء، وعدم المفاضلة ي فها هو )ن�بف أحد من رسل الله ..(. قوا ب�ي بينهم، فيقول: )أيها الناس؛ ل تفر

ويقول عن أبيه آدم وأول الأنبياء:﴿ كلكم لآدم وآدم من تراب ﴾.

مه من عناد قومه؛ بأخيه نوح، فيقول: ي ت�بويشبه صاحبه »عمر بن الخطاب« �ف

رض من الكافرين ديارا ﴾. ب ل تذر عىل الأ )إن مثلك يا عمر كمثل نوح، إذ قال: ﴿ ر

ي إبراهيم(. ي إبراهيم(. ويقول )أنا دعوة أ�ب ويقول عن نفسه: )أنا أشبه الناس بأ�ب

.) ف بيح�ي ويش�ي إىل كل من جده إسماعيل، ووالده عبد الله؛ فيقول: )أنا ابن الذ

أباكم ي إسماعيل فإن )ارموا ب�ف الرمي، فيقول: الأطفال عل تعلم ويحض

راميا(. كان

وتأخذه الشفقة عل أخيه يوسف، بسبب محنته وسجنه، فيقول: )رحم الله جن لستجيب له(. أخي يوسف، لو دعا بغ�ي الس

.) ا فص�ب م عل مو� بن عمران، فيقول: )رحم الله أخي مو� أوذي كث�ي ح وي�ت

.) ا من الخرصف وتارة أخرى يقول )رحم الله أخي مو�، لو ص�ب لتعلمنا كث�ي

ر الناس به، فيقول )لو كان مو� حيا ما وسعه إل اتباعي(. ويذك

ي لة هارون من مو�، إل أنه ل ن�ب ف ي بم�ف ي طالب:)أنت م�ف بن أ�ب ويخاطب علي

بعدي(.

- 53 -

.) ي عل يونس بن م�تلو�ف ويقول ـ بتواضع شديد- عن صاحب الحوت: )ل تفض

ي بطن الحوت(.ويوصي بدعائه، فيقول )أفضل الدعاء؛ دعوة أخي يونس �ف

ت ف أن أكون ملكا نبيا كداود وسليمان، أو عبدا رسول، فاخ�ت ت ب�ي ويقول )خ�يعبدا رسول(.

الله داود كان يأكل من عمل يده(. ي ويقول: )إن ن�ب

ي الدنيا والآخرة(. وعن أخيه المسيح؛ يقول: )أنا أوىل الناس بعيىس بن مريم �ف

للأنبياء والتوق�ي بالثناء الممزوجة يفة؛ ال�ش أحاديثه من الكث�ي ذلك وغ�ي والرسل.

ترى؛ هل هناك تكريم بعد هذا التكريم؟ وهل هناك تبجيل يعلو عل هذا التبجيل؟

ون بالأنبياء الأطهار؟! ي ألصقها المف�تساءة، والتهامات ال�ت أهذا خ�ي أم الإ

العهـــــد اجلديد .. ووحدة اإلنسانيـــة الجديد، العهد ملمح إىل ة كث�ي مواضع ي

�ف الأنبياء أسفار أشارت لقد لت هذا الأمر تفصيل، بحيث وخصائصه، ومنطلق دعوته، وشعائره الدينية، وفصإرمياء، نبوءات ي

�ف ذكره جاء فقد العقلء، فيه يختلف ول أحد، عل يغيب ل !.. والمزام�ي وحبقوق، وحزقيال، ودانيال،

فها هي ذي بعض صفات بيت الله )الكعبة( وبلده الحرام )مكة( من كتابهم ، وبعضها بالمع�ف اختصارا: ي

ها بالنص الحر�ف المقدس، نورد أك�ش

ي برية أو ي عهد المخلص الموعود( �ف

ي �فأورشليم الجديدة )أي الخلصية ال�ت

ي ي عاش فيها إسماعيل وأمه، وأنبع الله لهم الماء فيها. المدينة ال�ت

جبال فاران ال�تف كان إبراهيم يتطلع إليها بشوق، سكانها بنو قيدار )ذرية إسماعيل(. هي بلد الأم�يكريم. فيها حجر بة المكع ب. مكع شكله الجديد البيت الخليقة. رئيس الصادق: كالعروس. يهابها كل من يناوئها ول يدنو منها الرعب. عند كليل والحلي تتـزين بالإالكعبة نبع ماء الحياة فيه شفاء )زمزم(. تفتح أبوابها ليل ونهارا ل تغلق. تجثو

ي الكون.عندها كل ركبة �ف

- 54 -

سة ل يع�ب فيها نجس. ل تكون هناك سكة وطريق يقال لها: الطريق المقدف فيها. القدس. تضيق بسكانها والداع�ي أبناء أبناؤها أك�ش من ء نجس. ي

يدخلها �شيسجد الملوك أمامها ويلحسون غبارها! تزول الجبال والآكام ول يـزول إحسان الأمم. يجتمع إليها الناس ي إليها غ�ف

الله وسلمه عنها. تتحول إليها ثروة البحر، ويأ�تق: سبأ بل والغنم القادمة من الغرب وال�ش ويأتون من بعيد. تضيق أرضها عن الإالأمم إليه مبارك تس�ي لها جبل مأرب. ومدين وفاران وقيدار، ويخدمها رجال ي حرية التقرب إىل الله. مكتوب

ليعبدوا الله فيه )عرفة(. الكل عند البيت سواء �فرأس يكون جود( الس أثر من وجوههم ي

�ف )سيماهم أهلها! جباه الله عل اسم ون الرجل عاريا، والمرأة تغطي رأسها، ويلبسون من الحقوين إىل الفخذين، ويجز

حرام والتحلل(. شعر رأسهم جزا )الإ

قرار و العهد القديم بشأن هذه المدينة؛ لأنهم ل يريدون الإ لقد حار مف�بالحقيقة.

عنها، تعاموا المقدس« »الكتاب اح رسش لكن كالشمس؛ جلية صفات إنها

ات متناقضة؛ فزعموا أن هذه الأوصاف لمدينة سماوية، وزعموا ي تفس�يوتخبطوا �ف

ي ستكون أنها أورشليم رمزية، كما زعموا أنها أورشليم الكاملة المسيحية، أي: ال�ت

ات؛ قد شهدوا عل أنها ليست ي العهد الألفي، ولم يعلموا أنهم بهذه التفس�ي�ف

ي إرسائيل هؤلء!هي أورشليم القدس المعروفة، وأن أهلها ليسوا ب�ف

، وظهرت الحقيقة واضحة جلية! ف ق الصبح لذي عين�ي وهكذا؛ أرسش

أك�ش المكرمة( بصورة الحرام ومكة والبيت )الكعبة الحديث عن تكرر كما ي )سفر إشعيا( الذي يصفها وصفا تفصيليا، بأن الله سيمنحها من المجد

وضوحا �فصحاح 60 عدد ي )إشعياء الإ

ف ما لم تنله سواها من بقاع الأرض، فقد جاء �ف وال�ش : 3)-)( ما يلي

ق عليك. لأنه ها هي الرب أرسش ي؛ لأنه قد جاء نورك ومجد )قومي استن�يومجده الرب ق

في�ش عليك ا أم الأمم. الدامس والظلم الأرض تغطي الظلمة اقك. ارفعي عينيك حواليك ي ضياء إرسش

ي نورك والملوك �فعليك يرى. فتس�ي الأمم �ف

بناتك عل وتحمل بعيد من بنوك ي يأ�ت إليك. جاءوا كلهم اجتمعوا قد وانظري

ين ويخفق قلبك ويتسع لأنه تتحول إليك ثروة البحر الأيدي. حينئذ تنظرين وتن�يي من شبا

ة الجمال بكران مديان وعيفة كلها تأ�ت الأمم. تغطيك ك�ش ي إليك غ�فويأ�ت

- 55 -

بتسابيح الرب. كل غنم قيدار تجتمع إليك كباش نبايوت تحمل ذهبا ولبانا وتب�ش. من هؤلء الطائرون كسحاب تخدمك تصعد مقبولة عل مذبحي وازين بيت جماىليي ببنيك من بعيد، وفضتهم

ي والسفن تأ�توكالحمام إىل بيوتها. إن الجزائر تنتظر�ف

دك. وبنو الغريب يبنون أسوارك وذهبهم معهم لسم الرب إلهك لأنه قد مجي رحمتك. وتنفتح أبوابك دائما

بتك وبرضوا�ف ي رصف ي بغض�بوملوكهم يخدمونك لأ�ف

ي ة والمملكة ال�ت م

ن الأ الأمم وتقاد ملوكهم. لأ نهارا وليل ل تغلق ليؤ�ت إليك بغ�ف

ف ون إليك خاضع�ي ل تخدمك تبيد وخرابا تخرب الأمم. وبنو الذين قهروك يس�يعوضا الرب. مدينة ويدعونك قدميك باطن لدى يسجدون أهانوك الذين وكل ف الأمم ف ل�ب عن كونك مهجورة ومبغضة بل عابر بك أجعلك فخرا أبديا. وترضع�يي بالذهب وعوضا عن

ك. عوضا عن النحاس آ�ت ي أنا الرب مخلصك ووليف أ�ف وتعرف�ي

بالحديد الحجارة عن وعوضا بالنحاس الخشب عن وعوضا بالفضة ي آ�ت الحديد

أو أرضك ول خراب ي �ف بعد ظلم يسمع برا. ل وولتك وكلءك سلما وأجعل

بعد تغيب ل تسبيحا. وأبوابك خلصا أسوارك ف تسم�ي بل تخومك؛ ي �ف سحق

ن الرب يكون لك نورا أبديا. وشعبك كلهم أبرار إىل شمسك وقمرك ل ينقص لأ

ة الأبد يرثون الأرض غصن غر�ي عمل يدي لأتمجد. الصغ�ي يص�ي ألفا والحق�ي أمي وقته أرسع به(.

قوية، أنا الرب �ف

إنها آية كالشمس! فكيف يضل أهل الكتاب عن دين إبراهيم - عليه السلم- ي الدنيا كلها. فهو ليس )كنيسا لليهود

وقبلته ومسجده المعمور الذي ل نظ�ي لـه �في السنة! إنما هو بيت الله الحرام الذي

Synagogue( يجتمعون فيه مرة واحدة �في لم تر

فة ال�ت ع السجود، وكعبته الم�ش ف والرك ف والعاكف�ي ل يخلو أبدا من القائم�يبدون طائف!

فمازالوا ... العمى أصابهم القوم أن إل ى؛ الك�ب الآية هذه من وبالرغم الوثنيات. ح�ت أفسدتها ي

ال�ت لتهم مخي ي �ف إل لـه وجود ل عما وينقبون يبحثون

اث الأنبياء إل الدعاوى ي م�ييمان، ول �ف ي الإ

أوشكت الدنيا أن تنتهي ول حظ لهم �في

، والجري وراء رساب الأرض الموعودة، والهيكل المزعوم، والدخول �ف يوالأما�ف

يه الذي ل مخرج منه. الت

فإن كانوا يريدون المكان المقدس عند الله؛ فها هو ذا قائم ظاهر ... فليؤمنوا، د ملة إبراهيم ع عل لسان خاتم أنبيائه، ومجد وليعبدوا رب هذا البيت؛ كما رسش

عليه السلم.

- 56 -

الجلل والبهاء والعظمة ف مستقبل تربط بوضوح ب�ي الكتابية؛ النبوءات إن ي تعبد الله فيه، فحيثما وجدنا

ف الأمة المختارة ال�ت لبيت الله وقبلته الجديدة، وب�يالأرض، ي

لها �ف ن الله، ويمك ها يك�ش بأن الموعودة الأمة تلك البيت؛ وجدنا ذلك ين ... ذلك ويظهر دينها عل كل الأديان، ويجعلها فوق ممالك الكفر إىل يوم الدا من الناس. رون له، فيضلون أنفسهم، ويضلون كث�ي )العهـد الجديـد( الذي يتنك

ف )مكة( و)القدس( علقة تضاد ول تنافس، بل والمسلمون ل يرون العلقة ب�يف محمد وعيىس ومو� عليهم السلم؛ علقة المحبة والأخوة هي ذات العلقة ب�يف المساجد ... فذلك ف الرسل وب�ي والغاية الواحدة، وإن اختلفت مراتب الفضل ب�ي

فضل الله يؤتيه من يشاء!

- 57 -

اإلســـالم والغــرب

ضده تتوقف لم الدنيا؛ عل نوره ق وأرسش سلم، الإ فجر بزغ أن منذ ، ولم ي والسيا�ي

ة من العداء الدي�ف المؤامرات الخبيثة، بل صار هدفا لألوان كث�ييتورع أعداؤه من أن يستخدموا مختلف الوسائل المادية والمعنوية؛ بهدف عزله

استطاعوا! إن ... تماما القضاء عليه أو وتهميشه،

ي و�ف ... نفسه الدفاع عن قادر عل ولكنه أحدا، يهاجم ل دين سلم الإ إن

الذي الجديد العدو أنه عنوانها: سة، لحملة رسش سلم الإ تعرض ة الأخ�ي الآونة ف ينبغي محاربته، واستغل المغرضون بعض الترصفات الشاذة من بعض المنتسب�ي

ف تعميمها عل أمة كاملة! سلم، محاول�ي إىل الإ

ي ضحاها. ومع ذلك؛ فإن هناك من سلم ناصعة، كالشمس �ف مع أن حقيقة الإ

ف الآخرين! يغمض عينه عنها، ويحاول إغماض أع�ي

ـد( الذي ء الغربيون إىل رجل جليل القدر مثل )محم ونحن نتساءل: لماذا يىسيتسامى شأنه وتعاىل مجده إىل أبعد مدارج المثالية؛ بشهادة أحبارهم وفلسفتهم

وزعمائهم!

لماذا يحاربون من يدعوهم إىل الرشد ومكارم الأخلق؟ لماذا يحاربون من يأمرهم م عليهم الخبائث؟ بات، ويحر بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطي

قا لمن سبقه من الأنبياء؟ الرحمـة( الذي جاء مصد ي لماذا يكرهون )ن�ب

سـالم( إنما هي الإ ي ساءة إىل )ن�ب أل يعلم هؤلء المكابرون والمعاندون؛ أن الإي يتعبدون بها!

ي تكذيبا لأسفارهم وكتبهم ال�تإساءة إىل جميع الأنبياء، وأن تكذيبه يع�ف

وسوء جهلهم عل يشهد فدينهم القوم! هؤلء حال من ة ح�ي ي �ف إننا

أحدا تكافئوا »ل نجيل: الإ لهم يقل ألم ... نبيهم ع ل�ش ومخالفتهم أخلقهم، مغالبتك أراد ومن الأي�. إليه فانصب الأيمن، خدك لطم من ولكن بسيئة،

كله«. الرداء له فاخلع قميصك؛ اع ف وان�ت

- 58 -

حكمه، وا رد بل عه، ليسوا عل رسش بأنهم عليهم يشهد »إنجيلهم«؛ فهذا ورفضوه!

ي أن الغرب يرص عل فكرة سلم؛ يكمن �ف ف الغرب والإ إن أساس الرصاع ب�ي

، وأن تطلعات ي الكون، أي أن الفرد هو مركز الهتمام الأسا�ينسان( �ف )مركزية الإ

ء، بما فيها العبادة وعلقته بالله! وبذلك يرفض يمة عل كل �ش الفرد وحرياته مقد

ي يؤمن بها المسلمون. فكرة )مركزية توحيد الله( وعبادته ومحبته ال�ت

Karen ونج أرمس�ت كارن ية/ ف نجل�ي الإ الباحثة شكالية الإ هذه عالجت وقد ي

د( إذ تقول: »علينا أن نتذكر أن التجاه العدا�أ ي كتابها )حياة محمArmstrong �ف

ي التشكل ي بدأت �ف

ي الغرب؛ هو جزء من منظومة القيم الغربية، ال�تسلم �ف ضد الإ

ي عرص النهضة والحملت الصليبية، وهي بداية استعادة الغرب لذاته الخاصة �ف

الحملت وكانت الجديدة، لأوربا بداية كان ع�ش الحادي فالقرن أخرى، مرة الصليبية بمثابة أول رد فعل جماعي تقوم به أوربا الجديدة«.

سلم، لم يقرأوا، ولم يبحثوا فيما كتبه فلسفتهم ف للإ من أسف؛ أن الكاره�ي/ إرنست رينان )Renan )(8(3-(89( - بالرغم من وعلماؤهم؛ فالمؤرخ الفرنىسيد، محم ي سلم- إل أنه شهد عل تحامل أبناء جنسه وملته عل الن�ب تعصبه ضد الإي تاريخ الأديان( : »لقد كتب المسيحيون تاريخا غريبا عن

ي كتابه )دراسات �ففقال �ف

د، إنه تاريخ مملوء بالحقد والكراهية له«. محم

شيئا جهل فمن اءات، الف�ت هذه وراء سلم الإ بحقيقة الجهل إن نعم؛ عاداه، وهذا الذي دفع المفكر الهولندي/ أدريان رولند Hadrian Reland ـ عالم ه- إىل سلم ونبي ي حديثه عن الإ

�ف ي يكون عادل قية، وأول كاتب أور�ب اللغات ال�شء، وكل سلم(: »إن أغلب الأديان قد وصفها أعداؤها بشكل �ي ي كتابه )الإ

القول �فأيضا، فهمت بشكل خاطئ، ومن ثم تعامل معها أعداؤها بشكل خاطئ الأديان

سلم«. ء مع الإ يولذلك يجب أل نندهش إذا حدث نفس الىسش

ي يقودها المغرضون؛ علمية ال�ت اءات والحملت الإ وإيماننا أن مثل هذه الف�ت

دينه الذي اعتنقه ي كه �ف أو تشك ف عن معتقده، أن ترد أحدا من المسلم�ي ل يمكن

سلم القائم عل ف الإ بقوة، وآمن به عن قناعة، ولن يستطع أحد أن يحول بينه وب�يف الناصعة. اه�ي الحجج الدامغة، وال�ب

- 59 -

ي العقيدة إىل قوتهم، ودفاعا ف قوة �ف بل إن الدعاءات الكاذبة؛ تزيد المسلم�ي

مهما ضعفت يهزم ل الحق أن دوما يؤكد فالناموس مقدساتهم، عن مستميتا ر له الجميع! مقاومته، وإن تنك

سلم منذ بزوغ فجره، لم يعتمد عل قوة مادية، إنما كانت قوته الروحية فالإاطوريات الفساد ... وراء انتشاره ال�يع، وانتصاره العجيب عل قوى ال�ش وإم�بمكانات المادية، وصعوبة الحياة! ة؛ رغم قلة الإ ف ي حقبة زمنية وج�ي

حدث كل ذلك �ف

ية للب�ش إنقاذا الناس فيها رأى سامية؛ بمبادئ العالم فاجأ سلم الإ ن لأ

وكانت آلهة، أو سادة والحكام الملوك فيه كان الذي الوقت ففي بة، المعذبمبدأ الناس عل ـــد« محم ي »الن�ب ظهر الوقت هذا ي

�ف لهم، عبيدا الشعوب ف الحاكم والمحكوم، والملك والسوقة. و�ف الوقت الذي كانت أقوال المساواة ب�يي بقانونه السماوي؛

سلم يأ�ت الملوك وأفعالهم هي القانون وهى العدالة، إذا بالإ. والحق�ي العظيم له فيخضع

ي أدهشت العالم، وجذبت الناس إن مثل هذه المبادئ أو المفاجآت؛ هي ال�ت

ة ي ح�يسلم الناس إليه لم يدعهم �ف أفواجا لهذا الدين القويم. وعندما جذب الإ

هم بأر�ت نظم الحكم، وأر�ت نظم القتصاد، من أمور دينهم ودنياهم، بل أمدف ... والدليل عل ذلك أن المسلم�ي ووضع أسمى الأسس لحياة اجتماعية صالحة عل قويا كان سلم الإ ولكن وينترصون، وينهزمون ويقوون، يضعفون كانوا

دائما. ومنترصا ، ف الحالت�ي

وأساس انتصاره هو أسسه ومبادؤه الراقية. وقد آمن بهذه الحقيقة، وشهد سلم ومستقبله( يقول مسيو ، ففي كتابه )حارصف الإ ف بها كث�ي من المفكرين الغربي�يقية بجامعة جنيف: »لقد صار مونته Montet )(856–(9(7( أستاذ اللغات ال�شي تتنازع العالم.

ه من الأديان ال�ت سلم ظافر ل محالة عل غ�ي ق أن الإ من المحقي نمو وتزايد عل الدوام«.

ف �ف وآية ذلك أن عدد المسلم�ي

Sigrid Hunke هونكه سيجريد الألمانية/ قة المست�ش ت تصد وقد هذا؛ النظرة هذه إن أوروبا«: عل العرب »فضل كتابها ي

�ف فقالت ساءات، الإ لتلك اف الع�ت ي

�ف الرغبة الأفق، وعدم تدل عل ضيق ؛ ف للعرب والمسلم�ي الأوروبية فيه«. نعيش الذي العالم وعل عليهم العرب بفضل

- 60 -

ه الكريم؛ جعل المفكر )نظمي لوقا( يندهش سلم ونبي أجل؛ إن الجهل بالإد الرسالة والرسول(: »أي ي كتابه )محم

من تلك الحماقات ويستنكرها، فقد تساءل �فف من عبادة ل الملي�ي ي القاسمملسو هيلع هللا ىلص( الذي حو ته من )أ�ب الناس أوىل بنفي الكيد عن س�يالسمو إىل الضياع والنحلل ، ومن ف العالم�ي الله رب إىل عبادة الموبقة الأصنام الدنيا طلب عليه يقتتل مما آله شيئا أو يفد من جهاده لشخصه ولم يمان، والإمن زخارف الحطام ... ماذا بقي من مزعم لزاعم؟ إيمان امتحنه البلء طويل قبل أن يفاء عليه بالنرص، وما كان النرص متوقعا أو شبه متوقع لذلك الداعي إىل الله ي عاصمة الأوثان والأزلم. ونزاهة ترتفع فوق المنافع، وسمو يتعفف عن بهارج

�فالحياة، وسماحة ل يداخلها زهو أو استطالة بسلطان مطاع. لم يفد، ولم يورث، م عل ات الدنيا ونعيمها وسلطانها. وحر ف ة من م�ي ف ته م�ي ولم يجعل لذريته وعش�يي

م عل الناس �ف نفسه ما أحل لآحاد الناس من أتباعه، وألغى ما كان لقبيلته من تقدن لنفسه الجاهلية ح�ت جعل العبدان والأحابيش سواسية وملوك قريش. لم يمككله ذلك ى فسو مدفوعة، غ�ي صدارة الجاهلية بحكم لذويه وكانت لذويه. ول ف لتطاول هذا المجد الشاهق أو تدافع بالأرض. أي قامة بعد هذا تنهض عل قدم�يي الأمر، ما نطق هذا الرسول عن الهوى ... وما ضل

ة �ف هذا الصدق الصادق؟ ل خ�ي.» ف وما غوى ... وما صدق ب�ش إن لم يكن هذا الرسول بالصادق الأم�ي

سلم تتفاوت بواعثهم ونياتهم ... الملحظ؛ أن غالبية الذين يسيئون فهم الإف بلغاتهم وآدابهم ومعتقداتهم، فضل عن جهلهم فمنهم طلب المعرفة الجاهل�يسلم بذات الكراهية سلم. ومنهم أناس يتعاملون مع الإ ائع الإ بلغة القرآن ورسشون الذين ي ينظرون بها إىل أديانهم ومذاهبهم. ومنهم المب�ش

وروح النتقام ال�تينحرفون عن الصواب اضطرارا واختيارا بباعث من التعصب للصنعة والحرفة، ن التبش�ي عندهم مصلحة أو منفعة يعيشون عليها، ويحرصون عليها حرصهم

لأد، والكذب المقصود. عل القوت والجاه والمناصب؛ فيضطرون إىل التلفيق المتعمومنهم أناس يخدمون سياسة دولهم، ويصطنعون لها الدعاية تارة، والدبلوماسية

تارة أخرى!

)World Zionism العالمية )الصهيونية جنود جميعا؛ هؤلء من وأخطر وربائبها، وما يمتلكونه من وسائل الدعاية، بحسب استيلئهم عل صناعة السينما علن الإ كات رسش من الكث�ي وامتلكهم مراميها، وإخفاء ها تسخ�ي ي

�ف برعوا ي ال�ت

علم حسابهم، ول تتورع عن خدمتهم ى، فتحسب لهم الصحف ووسائل الإ الك�ب

- 61 -

الن�ش دور الصهاينة تملك كما مآربهم، وكتمان الأقل عل عنهم السكوت أو رضائهم، ون�ش دعايتهم؛ تمهيدا لقبول كتبه ع المؤلف لإ ا ما يت�ب العالمية، وكث�يويج لها، وخلق الجو الصالح للهتمام بها، ول تقرص وسائلهم أحيانا ها وال�ت ون�ش

عن ترشيحها لأك�ب الجوائز العالمية!

وأمام الستارـ وراء وسائلهم فلهم والمالية، الفنية الوسائل جانب وإىل ي

�ف الأصوات عل ف والمتنازع�ي الزعامة، لمراكز ف والمرشح�ي الساسة ف ب�ي الستار- النتخابات. مواسم

القوى مآرب مع المال وسلطة الدعاية قوة اجتمعت إذا الظن فما إذن؛ الكبار يتصدى أن المنتظر من وليس ؟! والتبش�ي الستعمار لسياسة رة المسخاف بأنه سبيل الحق يعته، والع�ت سلم، وروعة رسش علن حقائق الإ المستعمرون لإ

والنجاة! والعدل

جذور العداوة لألنبياء والرسلضتهم سلم؛ مادامت كتبهم حر الإ ي ء جهلء الغرب إىل ن�ب ي أن يىسي

ل غرابة �فعى أن اد الكرام، فقد رأينا منهم من عل مناوأة الأنبياء، والسخرية من الرسل ت السيد المسيح )ع( كان قد تزوج من مريم المجدلية ... وهو الحدث الذي تس�ت

عليه كنيسة روما ح�ت الآن.

اعر الفرنىسي )آرثر رامبو Arthur Rimbaud( من المسيح عليه كما سخر الشالسلم–عندما خاطبه قائل: »يسوع يا لصا أزليا يسلب الب�ش نشاطهم..«!

والأغرب من ذلك ما زعمه عالم النفس اليهودي »بن أشنون«؛ حيث وصف ف رأى النار عند مو� -عليه السلم- بأنه كان تحت تأث�ي نوع من المخدرات ح�ي

! ف تلقى الوصايا الع�ش الشجرة بالوادي المقدس، وح�ي

ساءة المتكررة إىل الأنبياء؟ وما هو رس العداوة للرسل الكرام؟ ما هذه الإ

أتهم عل الستهانة ي يتعبدون بها؛ لأنها جري كتبهم ال�ت

إن هذا ال� يكمن �فلهية! بشخوص الأنبياء والرسل، كما جعلتهم يتجرأون عل الذات الإ

يرسم القديم فالعهد أبشع صورة، ي �ف الأنبياء رون نراهم يصو ما ا فكث�ي

)سفر ي �ف جاء فقد الكرام، الرسل بأخلق ول ة النبو بمقام أبدا تليق ل صورا

- 62 -

ي شيخوخته لم يكن قلبه كامل مع الرب إلهه كقلب الملوك ))/ 3-)( أن »سليمان �ف

ف .. وعمل سليمان ال�ش وث آلهة الصيدوني�ي داود أبيه، فذهب سليمان وراء عش�تي الرب ولم يتبع الرب تماما كداود أبيه«.

ي عي�ف�ف

وأسوأ من ذلك؛ ما ذكروه عن لوط ـ صلوات الله عليه - وابنتيه)التكوين 9): .)30-38

ي )): 7)-)(.وما ذكروه عن سيدنا داود -عليه السلم- )صموئيل الثا�ف

ي كتبهم- ع�ب تاريخهم نوها بأيديهم �ف ي دو

اءات -ال�ت وقد استمرأوا هذه الف�تيرة وعدوانية! ي قلوبهم، ح�ت تحولوا إىل كائنات رسش

بوها �ف الطويل، وأرسش

العرب محق عل أرص »يعقوب« إرسائيل أن القديم؛ العهد ي �ف نقرأ

اف لكنعان بحق الحياة )ح�ت لو اعتنق العرب اليهودية( ، وعدم الع�ت ف الكنعاني�يوحده«. إرسائيل دين لأنها

و«قتلة الأفاعي« »أولد تأليف من هو بل وحيا؛ ليس -بالطبع- وهذا كريم، ول يمكن أن يصدر عنه هذا الترصف الظالم، ي ن يعقوب ن�ب

الأنبياء«؛ لأالعنرصي. والكلم

ي أصل الديانة!وفيه أيضا: أن كل الب�ش غ�ي اليهود »كلب« وخدم اليهود �ف

- فيقول: استيلء اليهود عل يا التلمود Talmud وهو كتابهم المقدس الثا�ف أم

ما يملك القوييم -أي غ�ي اليهود- حق، ووعد تصحبه الم�ة الدائمة.

وجاء فيه أيضا: »يستحق القتل كل القوييم، ح�ت ذوو الفضل منهم«!

ساءة اللفظية، ورميهم لأنبيائهم بارتكاب ولم يكن موقفهم عند مجرد الإلت كتبهم التاريخية؛ أنهم قتلوا من الأنبياء )حزقيال، وأشعيا الفواحش، بل سجهم( كما أنهم حاولوا ، وغ�ي بن آموس، وآرميا، وزكريا، وابنه السيد الحصور يح�ي

د، وتواطأوا ضدهما، وضد أتباعهما. قتل عيىس ومحم

ي مواضع نجيل والقرآن أيضا - تصفهم �ف لذلك؛ وجدنا التوراة نفسها - والإ

عديدة بأنهم »قتلة الأنبياء« و »أولد الأفاعي« و»الضالون العميان« و«الملعونون بكفرهم«.

- 63 -

ا عل أورشليم ويهوذا، وأدفعهم إىل أيدي أناذا جالب رسش : ها الرب »قال ي

« )الملوك الثا�ف يي عي�ف

أعدائهم غنيمة ونهبا لجميع أعدائهم، لأنهم عملوا ال�ش �فا 5-))/)ا(. وتقول: »ها أناذا جالب ال�ش عل هذا الموضع وسكانه من أجل أنهم ي عل ي بكل عمل أيديهم فيشتعل غض�ب

يغيظو�ف ، وأوقدوا لآلهة أخرى، لكي يتركو�ف

ي 6)/)) و7)(.هذا الموضع ول ينطفئ« )الملوك الثا�ف

الشعب: لهذا اذهب، وقل قال الله »إن إشعيا(: )سفر ويكشف طبيعتهم اسمعوا سمعا ول تفقهوا، وأبرصوا إبصارا ول تعرفوا، غلظ قلب هذا الشعب،

وثقل أذنيه، وأطمس عينيه، لئل يبرص بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه«.

، لأجل ذلك ل ف (: »وصار مرشدو هذا الشعب مضل�ي يف الثا�ف ويقول )سفر المكابي�ي

.» ن كل واحد منهم منافق وفاعل رسشيفرح الرب بفتيانه، ول يرحم يتاماه وأرامله، لأ

تعالوا نتساءل -بعد عرض هذا الجانب مما حوته أسفارهم وكتبهم، وبعد معرفة موقفهم من الأنبياء-: هل مثل هذه الكتب -المملوءة بالسخرية من الأنبيا هل الجرائم- ارتكاب عل والتحريض ، بالب�ش والستهانة بالرسل، والستهزاء ام؟ وهل يمكن يمكن أن تكون وحيا سماويا Revelation؟ وهل هي جديرة بالح�ت

قها أحد، أو يؤمن بما فيها؟! أن يصد

وهل يمكن لأناس -هذه طبيعة كتبهم، وهذا هو موقفهم من الأنبياء- أن ي بأيديهم؟

ف أحد إىل الكتب ال�ت ي مزاعمهم؟ أو يطم�أيصدقهم الناس �ف

نسانية؟! ي أو عل الحضارة الإاث الدي�ف وهل يؤتمن مثل هؤلء عل ال�ت

وهل يعقل أن يمنحوا أي لون من ألوان الهيمنة عل المقدسات الدينية؟

ام: الذين يسخرون من الأنبياء ويقتلونهم، من -يا ترى- أوىل بالتصديق والح�تف أحد منهم؟! قون ب�ي أم الذين يوقرونهم، ويؤمنون بهم جميعا، ول يفر

لوها إىل بؤرة اث وحماية المقدسات ورعايتها: الذين حو ومن أوىل بحفظ ال�تسون خالقهم، ويسبحونه ع السجود الذين يقد للرذائل، ومغارة لصوص، أم الرك

بكار؟! والإ يبالعىسش

ف ل يكرهون أحدا عل اعتناق أخيــرا؛ عل العالم كله أن يفهم أن المسلم�يعوا عن قبول ف سلم، لكن –فقط- نطالب الناس أن يبحثوا عن الحق، وأن ي�ت الإ

- 64 -

بأن يقر سلم فالإ يمان. والإ العقيدة أمر وهو الأمور، جلئل ي �ف ف

الب�ي الباطل ف الشعوب والحضارات، را للتناحر والتخاصم ب�ي الختلف سنة كونية، وليس م�بمن معه والتواصل عنده، مما والستفادة الآخر، عل للتعرف حافز هو إنما ات إىل الله مرجعكم جميعا ﴾ نسانية وسعادتها ﴿ فاستبقوا الخ�ي أجل خ�ي الإ

]المائدة:48[.

ي �ف واحدة جبهة الحق جانب إىل الوقوف إىل ق؛ وال�ش الغرب ندعو إننا

الأرض. ي لحاد والمفسدين �ف الإ الأنبياء، ودعاة يمان، وخصوم الإ أعداء مواجهة

الذي نص الصارم لهي الإ باء الحق، والإ الوعد الأك�ب عل رهاننا يزال ول الله إل أن يتم نوره ولو كره الكافرون ﴾ ]التوبة :)3[. عليه القرآن الكريم ﴿ ويأ�ب

- 65 -

ماذا يقول »الكتاب املقدس« عن ممــدملسو هيلع هللا ىلص؟

ي ديربن ي الم�ح الملكي �ف

ة �ف منذ سنوات؛ وقف القس Hiten وألقى محارصفنجيل، ي التوراة والإ

ي وردت �فDurbin بالمملكة المتحدة، ف� فيها التنبؤات ال�ت

، وأن القيامة ستقوم ي بقيام التحاد السوفي�ت نجيل قد ب�ش هن عل أن الإ بشكل ي�ب

أحصاه، إل شيئا ك ي�ت لم نجيل( )الإ بأن عى اد كذلك قليلة، سنوات ي غضون �ف

صحاح ي الإف الذي ورد �ف عى –أيضا- أن التن�ي فتنبأ بقيام دولة الفاتيكان والبابا، واد

ي كيسنجر H.kissinger( وزير ( إنما هو )ه�ف يي ع�ش من )رؤيا يوحنا اللهو�ت

الثا�فكا السابق! خارجية أم�ي

-Maikel Fortiner مايكل فورت�ف / كي هذا؛ وقد ادعى ـ مؤخرا - القس الأم�يي تنبؤات الكتاب المقدس"- أن "الكتاب المقدس" تنبأ

مؤلف كتاب "اكتشافات �فبظهور "داعش"، واندلع حرب عالمية ثالثة تبدأ بمنطقة نهر الفرات، وقال: هناك ، ودلل عل الب�ش الفرات، سيتم إطلقها لقتل ثلث نهر ي

مقيدة �ف أربعة ملئكة يطانية صحاح التاسع من سفر الرؤيا(. )صحيفة Express ال�ب كلمه بنص من )الإ

.)(0(6 /(/ ((

هم من الأحبار: إذا كان »الكتاب لكن؛ من حقنا أن نسأل هؤلء القساوسة، وغ�ية ... ألم يتنبأ ـ كذلك - بأجل ء، ح�ت مثل هذه الأشياء الصغ�ي ي

س« تنبأ بكل �ش المقدسلم(؟ ذلكم الحدث ي الدنيا كلها، أل وهو ظهور )الإ

ي التاريخ، بل �فوأعظم حدث �ف

ي تاريخ الكنيسةـ كما يقول فلسفة المسيحية! الذي يعد أخطر زلزال، وأك�ب تحد �ف

ي العهد القديم يقول علماء اللهوت : إن هناك مئات أو آلف من التنبؤات �ف

تش�ي إىل مقدم )عيىس( عليه السلم. ولكن إذا سألت أحدهم أن يأتيك بأي إشارة إىل عيىس بالسم، أو إىل المسيح بالذات، أو ح�ت كلقب، أو عل ما يش�ي إىل أن عيىس هو المسيح، أو المسيح هو )عيىس( أو إىل والدته مريم، وأن الذي رعاه هو يوسف نات ... ل يجد ودس الملك، وما إىل ذلك من تكه ي عهد ه�ي

النجار، أو إىل أنه سيولد �فما يدل عل دعواه!!

- 66 -

ي البحث، ح�ت أرهقوا البحث ذاته، لكن فلسفة المسيحية؛ أرهقوا أنفسهم �ف

: )سأقيم لهم نبيا ف ي نسخة الآباء اليسوعي�يها �ف وأتوا بفقرة من العهد القديم، نص

ي فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ولسوف مثلك من وسط إخوتهم. وأجعل كلمي �ف

نسان الذي ل يسمع لكلمي الذي يتكلم باسمي أنا أطالبه( تستمعون إليه. ويكون الإي النسخة الكاثوليكية من الكتاب المقدس، يقول: )سأكون أنا

»التثنية 8):8)«. و�فد بالعقاب من ل يسمع له. المنتقم( أي أن الله سيتوع

ربك رسول يقيم : )ولسوف يكالآ�ت ية، ف نجل�ي الإ النسخة ي

�ف النص جاء وهذا ي فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ولسوف

من أبناء عمومتكم مثلك. أجعل كلمي �فتستمعون إليه ...«.

.. إىل عيىس أم ي هذه النبوءة؟ وإىل أي شخص تش�يونحن نتساءل: ماذا تع�ف

ه؟ إىل غ�ي

ي إنهم يذهبون إىل أن عيىس مثل مو�؛ باعتبار أنهما رسولن، وأنهما من ب�ف

إرسائيل.

غ�ي نكون فإننا تأويلهم، ي �ف ووافقناهم ، ف

النقطت�ي ف بهات�ي سلمنا إذا ونحن

ين تجمعهم بمو� هاتان الصفتان، أمثال: سليمان، ن هناك أنبياء كث�يمحايدين، لأ

... هم وغ�ي ، ويح�ي وزكريا، وملخي، وهوشع، ودانيال، وحزقيال، وإشعياء، فكلهم كانوا يهودا، وكانوا أنبياء.

لكن، بنظرة موضوعية؛ ل نرى أن عيىس مثل )مو�( للأسباب التالية :

• ف يرى اليهود أن مو� لم يكن إل ي ح�ييرى المسيحيون أن عيىس إله، �ف

نبيا ورسول.

• را عن خطايا العالم، ولكن مو� يرى المسيحيون أن عيىس صلب مكفرا عن خطايا أحد. لم يمت مكف

• لم ف ي ح�يأيام، �ف النار لمدة ثلثة أن عيىس ذهب إىل المسيحيون يرى

نار إطلقا. وعل ذلك ل يكون عيىس مثل مو�. إىل يذهب مو�

التوراة، ي ي وردت �ف

ال�ت الجملة ي حدود هذه بمو� �ف دا إذا قارنا محم لكن

: نجد ما يلي

- 67 -

• أن�ش من ولد عيىس ولكن د، محم ولد كذلك وأم، أب من مو� ولد أب. له يكن ولم فقط،

• ولد مو� بالطريق الطبيعي زواج رجل بامرأة، ولكن عيىس ولد بمعجزة.

• ا عيىس فبقي دون زواج د، وأنجبا ذرية، أم لقد تزوج مو�، وكذلك محمدا مثله. طيلة حياته، وبالتاىلي فإن )عيىس( ليس كمو�، ولكن محم

• وقد اليهودي مو�، الشعب ق كما صد محمدا ي العر�ب الشعب ق صدلم اليهود، إىل جاء الذي عيىس ا أم حياتهما. خلل ف

كرسول�ي تقبلهما يقبله اليهود ح�ت بعد مرور ألفي سنة. وعل ذلك نقول: إن عيىس ليس

بل مو� مثل محمد. مثل مو�،

• لكن عيىس لم يحكم، مدنيا. وحاكما د رسول من مو� ومحم كان كل يعة كصاحبيه، وبالتاىلي نقول: إن عيىس لم يكن ولم يستطع تنفيذ ال�ش

د مثله. مثل مو�، بل كان محم

• ر يكر فنجده المسيح ا أم جديدة. يعة ب�ش د ومحم مو� من كل جاء يعة مرارا للشعب اليهودي بأنه لم يأت بدين جديد، وما جاء لينقض رسشمو�، بل ليصلح فقط. وعل ذلك يكون عيىس غ�ي مو�، وليس شبيها

ف أن محمدا شبيه بمو� ومثله. ي ح�يله، �ف

• مات كل من مو� ومحمد بطريقة طبيعية، لكن عيىس رفع إىل السماء. وعل ذلك يكون محمد مثل مو�، وليس)عيىس( مثل مو�.

• مثواه كان عيىس ولكن الأرض، ي �ف ومحمد مو� من كل جثمان دفن

فل. عيىس ا أم مو�، مثل محمد يكون وبالتاىلي السماء،

ي �ف وردت ي

ال�ت به« أوصيه ما بكل فيكلمهم فمه ي �ف كلمي »أجعل ومع�ف

يكتب. ول يقرأ ل ا، أمي سيكون ي الن�ب هذا أن أي النص:

ا المقصود بـعبارة: )من وسط إخوتهم ...أو من أبناء عمومتهم( أي من وأم المنتظر من ي ي إرسائيل؛ لأنه لو كان هذا الن�ب

نسل )إسماعيل(. وليس من نسل ب�فنسل إرسائيل، لقال: منكم أو من أنفسكم أو من بيت إرسائيل .. أليس كذلك؟

ي أن هذه البشارة ل تنطبق عل يوشــــع ومما يدحض رأي اليهود والنصارى �ف

الأمي الخاتم؛ ما جاء ي بالن�ب ول عل المســيح بأي حال من الأحوال، وإنما تب�ش

- 68 -

ي ي ب�ف

�ف ي مثل مو�. »ولم يظهر بعد ن�ب ي ي إرسائيل ن�بي ب�ف

ي التوراة بأنه ل يقوم �ف�ف

ب وجها لوجه« )التثنية 34: 0)(. ائيل مثل مو�، الذي خاطبه الر إرس

ي إرسائيل. فل يبقى إذن وكما هو معروف لدى الجميع؛ أن المسيح كان من ب�ف

به سفر التثنية! ــد( الذي ب�ش سوى )محم

فتحا قد Fortiner فورت�ف وصاحبه Hiten القس فإن كذلك؛ الأمر مادام وا غض ي

ال�ت الزمان( آخر ي بــ)ن�ب المقدس الكتاب بشارات عن هما، لنخ�ب تنا شهيإليها! ينصتوا ولم عنها، الطرف

تها وتنوعها؛ مـي( بنصيب وافر من البشارات، ونظرا لك�ش الأ ي فقد حظي )الن�بل عمن معناها وإزالة التأويل ، إىل تحريف فصاروا وإخفائها، كتمانها ي

�ف غلبوا ه، وجعلها لمعدوم لم يخلقه الله، ول وجود له البتة. تصلح لغ�ي

الخاتم، وأخذ هذا التحريف ي ف التحريف والكتمان لأوصاف الن�ب فجمعوا ب�يف الحق من الباطل ، عدة أشكال، منها: إلباس الحق بالباطل، أي خلطه بحيث ل يتم�ي ي لفظه أو معناه ، وىلي

وكتمان الحق وإخفاؤه، وتحريف الكلم عن مواضعه، سواء �ف–سبحانه- الله ه، وقد وبخهم ل بغ�ي ف الم�ف اللفظ السامع ليلبس عل به اللسان

خفاء. تهم عل التحريف والكتمان والإ عل ضللهم، وبك

فإننا يزعمون؛ كما فيها جاء بما ويؤمنون كتبهم، يقرأون القوم كان إذا وأن عقولهم، موا يح�ت أن ط ب�ش التالية؛ البشارات قراءة إعادة إىل ندعوهم النسخة النصوص عل من كث�ي ي

�ف العتماد حاولنا وقد ... للحق وحده ينحازوا بالحشو مملوءة ف اليسوعي�ي الآباء نسخة ن

لأ المقدس، الكتاب من ية ف نجل�ي الإي

�ف وتناقضها النسخ، وتضارب جمة، ال�ت ركاكة جانب إىل والفراغات، والأخطاء . ف المسيحي�ي خوة الإ من كث�ي لذلك ي

نبه�ف وقد النصوص، أغلب

ي جاءت ى كما هائل من البشارات ال�ت إن من يتصفح الكتاب )المقدس( س�ي

آخر الزمان، وتذكر صفاته ي أمي عظيم، أو ن�ب ي بمقدم ن�ب ي أسفار الأنبياء؛ تب�ش�ف

يعة تدوم ي إرسائيل، كما أنه صاحب رسشي من أهمها: أنه ليس من ب�ف

وأحواله، وال�تإىل الأبد، وينرصه الله عل أعدائه، ودعوته تكون لخ�ي جميع الأمم. وهذه الصفات ي أحد من الأنبياء سواه، ول يمكن لأهل الكتاب تجاهل تلك النبوءات

لم تتوافر �فه، إذ )مو� وعيىس( ون بأنها نبوءات، ول يمكن لهم أن يحملوها عل غ�ي ي يقر

ال�تيعة، وانترص بأتباعه عل ي إرسائيل فقط، وكان مو� صاحب رسش

ف إىل ب�ف كانا نبي�ي

- 69 -

يعة مو�، ومنحها يعة مستقلة، بل جاء بتكميل رسش ا عيىس فلم يأت ب�ش أعدائه. أمي جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما

الجانب الروحي، فهو القائل: »ل تظنوا أ�فجئت لأنقض بل لأكمل« )م�ت 7)/5(. ولم يقيض له أن ينترص عل أعدائه، بل زعم نوا منه، وصلبوه ... فكيف يقال بأنه المختار الذي يسحق النصارى أن خصومه تمك

قبه الأمم؟! أعداءه، وت�ت

بشارة يعقــــوب بشيلوني

ي جاءت �ف الخاتم؛ تلك ال�ت ي ي تحدثت عن الن�ب

لعل أقدم النبوءات الكتابية ال�تع ف قال لهم: »ل يزول صولجان من يهوذا ومش�ت وصية يعقوب لبنيه قبل وفاته، ح�ي

ي شيلون. وله يكون خضوع الشعوب« )التكوين 0)/49(. ف رجليه ح�ت يأ�ت من ب�ي

ي عظيم العالم أو أركون ي إرسائيل، إىل أن يأ�ت

ي ب�ف؛ أنه ستظل النبوة �ف والمع�ف

يعته، ومن ثم يبطل العمل د( الذي ستخضع الشعوب لدينه ورسش العالم )محمائع السابقة. بال�ش

بشارة سفر التثنيةق الرب من سيناء وأرسش الفقرة )(: )جاء صحاح 33 التثنية )الإ سفر ي

ورد �فيعة لهم. فأحب الشعب ، وتلألأ من جبل فاران. عن يمينه نار رسش لهم من ساع�ي

ي يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك(. جميع قديسيه. �ف

ق لهم من ساع�ي وتلألأ ية )جاء الله من سيناء وأرسش ف نجل�ي ي النسخة الإوهي �ف

. بيده اليم�ف فرض ف ات الآلف من القديس�ي فصاعدا من جبل فاران وأ�ت مع ع�شي يدك وهم جالسون عند قدمك

لهم قانونا ناريا، فأحب الشعب جميع قديسيه. �فيتقبلون من أقوالك(.

ة )جاء الرب هذا النص يتحدث عن موضع نزول الرسالت السماوية الأخ�ي( تش�ي إىل رسالة عيىس ق من ساع�ي من سيناء( المقصود بها رسالة مو�. و)أرسشالمسيح. فيها عاش ي

ال�ت الأرض وهي ، ف فلسط�ي بأرض جبلية منطقة -وساع�ي الأمي، وفاران هي ي سلم عل الن�ب و)تالألأ من جبال فاران( المقصود بها رسالة الإي عاش عليها إسماعيل -كما ذكر سفر التكوين

مكة المكرمة، وهى نفس الأرض ال�تي برية فاران(.

صحاح))( )وكان ينمو رامي قوس. وسكن �ف )الإ

- 70 -

ي القرآن، حيث يقسم الله تعاىل ف �ف وهذا النص؛ جاء موافقا لبداية سورة الت�ي

ف 3-)[. ف ﴾ ]الت�ي م�ي .وهذا البلد الأ ف يتون.وطور سين�ي والزف قائل: ﴿ والت�ي

هذه الآيات الكريمة؛ تش�ي إىل أماكن الرسالت الثلث: اليهودية والمسيحية سلم. والإ

جاء فقد »القرآن« ي �ف ا أم ، ي

الزم�ف تيب ال�ت »حسب »التوراة ي �ف ذكرها جاء

والحاطة. والعمومية ف، وال�ش والسعة لة، ف والم�ف المكانة، حسب ذكرها

بشــارة سفر العــددي قصة بلعام بن باعوراء، أنه قال لقومه: )انظروا كوكبا قد ظهر من آل

جاء �فده سبط من العرب. ولظهوره تزلزلت الأرض ومن عليها(. إسماعيل. وعض

معروف أنه لم يظهر من نسل إسماعيل، سوى )محمد( وما تزلزلت الأرض الكون بعد بعثته. إل لظهوره، وتغ�ي

بشارات سفر املزامـــريي )المزمور 45: 5-3( )أنت أبرع جمال

ي مزام�ي داود: ورد �فالبشارة الأوىل : �ف

. انسكبت النعمة عل شفتيك. لذلك باركك الله إىل الأبد. تقلد سيفك ي الب�شمن ب�ف

ن بهاءك وحمدك البهاء الغالب. وبجللك اقتحم الركب عل فخذك أيها الجبار. لأ

ائعك مقرونة بهيبة يمينك. وسهامك . فإن ناموسك ورسش من أجل الحق والدعة وال�بون تحتك(. مسنونة. والأمم يخر

ي قوله ي هذا النص؛ إشارة إىل حروبه مع خصومه، وانتصاره عليهم. و�ف

و�في أن رسالته ستكون هي خاتمة الرسالت؛ لأنها

»لذلك باركك الله إىل الأبد«. يع�فعجاز ستبقى إىل قيام الساعة. و»انسكاب النعمة عل شفتيه«. تش�ي إىل الفصاحة والإ

ي الذي جاء به القرآن.البيا�ف

عظيم ربنا )إن : ف والأربع�ي الثامن المزمور ي �ف داود قول : الثانية البشارة

ت الأرض كلها فرحا(. د. وعم وس ومحم ي جبله قدي قرية إلهنا و�ف

محمود جدا. و�ف

حال ووصف القرى« »أم وهي بعثته ومكان اسمه، عن وأبان ح رص فقد الكون عند مبعثه وهو الستبشار والفرح، فقد كانت الشعوب المغلوبة تستقبل

والتأريخ. الس�ي كتب ي �ف ن -كما هو مدو بالستبشار جنوده

- 71 -

: )إنه يجوز من البحر إىل ف ي والسبع�يي المزمور الثا�ف

البشارة الثالثة : قوله �فف يديه عل ون ب�ي البحر. ومن لدن الأنهار إىل منقطع الأرض. وأن أهل الجزائر يخر. وتسجد له الملوك كلها، ف اب. وتأتيه الملوك بالقراب�ي ركبهم. وتلحس أعداؤه ال�تن هو مم البائس المضطهد يخلص لأنه والنقياد. بالطاعة كلها الأمم له وتدين ي أنفسهم من الرصف والضيم، وتعز . وينج ف أقوى منه. ويرأف بالضعفاء والمساك�يي كل وقت. ويبارك

عليه دماؤهم. وأنه يبقى ويعطى من ذهب سبأ. ويصل عليه �في

ي تطلع ثمارها عل رؤوس الجبال. وينبت �فة ال�ت عليه كل يوم مثل الزروع الكث�ي

مدينته مثل عشب الأرض. ويدوم ذكره إىل الأبد. وأن اسمه لموجود قبل الشمس. فالأمم كلها تحتفي به. وكلها تباركه(.

)قال المائة«: بعد »الحادي ع�ش المزمور ي �ف داود قال : الرابعة البشارة

لقدميك(. مسندا أعداءك أجعل أن إىل ي يمي�ف عل اجلس لسيدي: يهوه

أن يكون خادما يتأ�ت ملكا، ول ن داود كان وهذا النص يش�ي إىل )محمد( لأ

، ول يمكن لداود أن يدعو أحدا من نسله بـ«سيدي«، فاللقب لأي أحد من الب�شا قيل للمسيح: أأنت سيد داود؟ قال: ل –كما . ولم ي

المعقول حينئذ سيكون: يا ب�ف ي ـد( فهو أعظم ن�ب نجيل. فل يكون المقصود بهذه البشارة سوى )محم ي الإ

ورد �فر الأرض من عبادة ك، وطه ن�ش التوحيد، وانترص عل أعداء الله، وق�ف عل ال�ش

ان، وأخرج الناس من الظلمات إىل النور. الأوثان والن�ي

الرب أن أجل )من :)(49 )المزمور ي �ف داود قول : الخامسة البشارة

ويسبحونه بالكرامة. الأبرار ز فليتعز بالخلص. ف المساك�ي عل ل وتطو يرصف

ف الشفرت�ي ذا السيف أيديهم ي �ف ن

لأ بحناجرهم. الله ويكرمون عل مضاجعهم. ميهم للنتقام من الشعوب وتوبيخ الأمم. وإثقال ملوكهم بالقيود. وعليتهم ومكر

أبراره(. لجميع فالحمد م. الم�ب المكتوب القدر عل ليحملهم بالسلسل.

د وصحبه؛ الذين ذكروا الله قياما وقعودا ي محم ألم تتحقق هذه النبوة �ف

وهي الروم، وطغاة فارس أكارسة من انتقمت ي ال�ت هي وأمته جنوبهم؟ وعل

بالسلسل؟ الجبابرة قيدت ي ال�ت الأمة

المائة«: بعد ف والخمس�ي ي »الثا�ف المزمور ي

�ف داود : قول السادسة البشارة الكهوف، سكان وليسبح مروجا. قيدار أرض ولترص وقراها. البوادي تاح )ل�ت

.)... الجزائر ي �ف تسابيحه ويذيعوا الرب. بحمد الجبال قلل من ويهتفوا

- 72 -

فمن هو قيدار؟ إنه ولد إسماعيل عليه السلم، وهم سكان الكهوف الذي الهواجر والأسحار. ي

�ف ، ويذيعون تسابيحه الرب يحمدون

ي إسماعيل سيبعث منكم لكم يا ب�ف البشارة السابعة : قول داود: )طو�ب

تكون يده عالية عل كل الأمم. وكل الأمم تحت يده(. وهذه البشارة مماثلة ي ن�بي سفر التكوين.

للبشارة الأوىل �ف

دوا الله يا أهل البشارة الثامنة : قول داود: )عظموا الله يا كل الأمم. ووح الرحمة( فهل هناك أوضح من هذا الترصيح؟ ومن هو ي الأرض. سيبعث لكم ن�ب

د؟ الرحمة سوى محم ي الذي لقب بن�ب

سلما الجبال )تحمل :)7( )مزمور: ي �ف قال السلم عليه »سليمان« ي والن�ب

ي أيامه الصدق ويك�ش السلم. ق �ف

. ويسحق الظالم. وي�ش ف للشعوب. يق�ف للمساك�يية. ويملك من البحر إىل البحر ومن النهر إىل أقاصي الأرض. أمامه تجثو أهل ال�ب

مون له الهدايا. ويصل لأجله دائما. اليوم كله نباركه(. والملوك يقد

إشارة إىل امتداد سلطان مملكته ودعوته إىل ما ل نهاية، وتخضع له الملوك، ه. ويقدمون له الهدايا؛ كما فعل ملك مرص »المقوقس«، وغ�ي

نشاد، الذي زعم اليهود أنه رمز لأورشليم. وهناك بشارات سفر نشيد الإمكة إىل رمز إنه فنقول: نحن ا أم المسيحية. للكنيسة رمز إنه النصارى: وقال

الخاتمة. والنبوة المكرمة

ي صحاح 6/4(: )أنت جميلة يا حبيب�ت ي )الإ

ومما ينقض زعم اليهود قوله �فبل بنفسها، مشبهة أورشليم تكون أن كأورشليم( فل يصح ة حسنة ص ك�تا يثبت أن هذا السفر هو لبد أن يكون المشبه شيئا آخر غ�ي أورشليم. ومميا بنات أورشليم. ي حق مكة المكرمة، قوله )): 8-5(: )أنا سوداء وجميلة

�فقد الشمس ن

لأ سوداء. ي لكو�ف إىلي تنظرن ل سليمان. كشقق قيدار وخيام

ف النساء فاخرجي ي أيتها الجميلة ب�ي. إن لم تعر�ف ي وبنو أمي غضبوا علي

لوحت�ف)صوت :)(:8( وقوله الرعاة(. مساكن عند جداءك وارعي الغنم آثار عل ي

ي هو آت طافرا عل الجبال قافزا عل التلل(. إشارة إىل حياة العرب �ف حبي�بي خيام سود، كخيام )قيدار( وهو

، وسكناهم �ف يالصحاري، ورعيهم الموا�ش

ي )تك3):5)(.ابن إسماعيل الثا�ف

- 73 -

بشارة صفتيـــا كشفت بشارة سفر )صفتيا( عن انتقال الملكوت )النبوة( إىل أرض جديدة، : أيها ي قوله: )يقول الرب

وقبلة جديدة، ولغة جديدة، وشعائر جديدة، وذلك �فبح�ش حكمي أظهر أن حان فقد للشهادة، فيه أقوم الذي اليوم وا ترج الناس ق الأرض الأمم كلها وجميع الملوك. لأصب عليهم رجزي. وأليم سخطي. فستح�تاللغة المختارة، ليذوقوا اسم أجدد للأمم ي. هناك اقا بسخطي ونك�ي كلها اح�تمن الأيام تلك ي

�ف بالذبائح ويأتون معا، واحدة ربقة ي �ف ويعبدوه جميعا. الرب

معابر أنهار كوش(. والمقصود بـ)كوش( بلد إفريقيا.

ـــي بشارة حجصحاح ): 9-6( : )لأنه هكذا قال رب الجنود هي مرة بعد قليل ي )الإ

ورد �في مشتهى كل

سأزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة. وأزلزل كل الأمم ويأ�تالأمم. فأملأ هذا البيت مجدا قال رب الجنود. ىلي الفضة وىلي الذهب يقول رب ي

الجنود. مجد هذا البيت الأخ�ي يكون أعظم من مجد الأول قال رب الجنود. و�فهذا المكان أعطي السلم قال رب الجنود(.

لفظ )مشتهى كل الأمم( Desire of All Nation’s أي محمود كل الأمم، ي سوى رسول تنتظره كل الأمم.

وهي ل تع�ف

ف اني�ي ي يخرج من غ�ي الع�ب عن ذلك النتظار بلفظ »مشتهى كل الأمم« يع�ف وع�ب

الذين يطلقون عل أنفسهم »شعب الله المختار«!

كما ل يكون مرسل إىل قطيع من الخراف الشاردة، بل إىل جميع أمم الأرض، .» ف ف يطلقون عل من عداهم من الناس لقب الأمم أو »الأممي�ي اني�ي ن الع�ب

لأ

ي سوى )محمدملسو هيلع هللا ىلص(.فهذه البشارة »مشتهى كل الأمم« ل تع�ف

الذي تزلزلت السماوات والأرض لهيبة رسالته، وسلطان ي ومن سوى هذا الن�بيعته؟ رسش

ق به السلم والأمن عند البيت، خاصة أنه تعرض للخراب ومن سواه تحقسلم؟ قبل مجيء الإ

- 74 -

ا إىل أن مجد )البيت الحرام( سيكون أعظم ، مش�ي ف فالنص يتحدث عن بيت�ي

شأنا من مجد )بيت المقدس(. وهو ما حدث بالفعل!

بشارة حزقيـــالي

ة مغروسة عل الماء مثل الكرمة ال�ت صحاح التاسع : )أم ي الإقال حزقيال �ف

قوية كالع� أغصان منها وتفرعت ة. كث�ي مياه من وأغصانها ثمارها أخرجت هن. غ�ي عل أفنانهن وبسقت وارتفعت والسادات. الأكابر أغصان عل فة م�شقلعت أن الكرمة تلبث فلم سعفهن. والتفاف بارتفاعهن أقدارهن وحسنت بالسخط، ورمي بها عل الأرض. وأحرقت السمائم ثمارها. وتفرق قواها، ويبس ي

و�ف البدو ي �ف أخرى كرمة ذلك غرس بعد فأكلتها. النار عليها وأتت عزها. ع�ي

. فخرجت من أغصانها الباسقة نار أكلت ثمار تلك، ح�ت الأرض المهملة العطىسشالسلطان(. بأمر ينهض بعدها ول قضيب قوية فيها عصا يوجد لم

ي إرسائيل بزوال مجدهم، وقد شبه هذا الحكم الذي صدر من الله عل ب�ف

ا كانت تعيش تحت مظلة الأنبياء ـ بالكرمة ة اليهودية إبان عزها وسؤددها ـ لم مالأ

شأفتها، واستأصل النبوة، منها نزع ربها، وأغضبت تمردت أن وبعد الحسنة، واقتلع جذورها، فذرتها الرياح، وأكلتها النار، وانتهى مجدها. واستبدل الله بها أمة ، ي أرض البادية العطىسش

هي خ�ي أمة أخرجت للناس، وشبهها بشجرة قد غرست �في نسخت الشجرة

يعة العالمية( ال�ت فأثمرت هذه الشجرة الأغصان الباسقة )ال�شع صالح. الأوىل ... فلم يبق فيها عهد، ول نبوة، ول رسش

بشارة سفر ميخـــاالرب بيت أن جبل الأيام آخر ي

�ف )ويكون : )(-7 الرابع صحاح )الإ ي �ف جاء

ي رأس الجبال ويرتفع فوق التلل وتجري إليه شعوب وتس�ي نحوه �ف ثابتا يكون

ي ة. و�ف ف شعوب كث�ي ة. ويقولون هلم نصعد إىل جبل الرب. فيق�ف ب�ي أمم كث�ي

رت بها. وأجعل ي أرصفذلك اليوم يقول الرب أجمع الظالعة وأضم المطرودة وال�ت

الظالعة بقية والمقصاة أمة قوية. ويملك الرب عليهم من الآن إىل الأبد(.

الزمان يكون مبنيا عل قمم ي آخر بالرب �ف الخاص البيت بأن فهذه بشارة

الجبال، وهذه صفة جبل عرفة، وطرق الحج إىل البيت الحرام بمكة؛ الذي بناه »أجمع الرب: قول إىل أشار وأنه خصوصا السلم، عليهما وإسماعيل إبراهيم

- 75 -

ة أم نسلها من يجعل والمقصاة بها رت أرصف ي وال�ت المطرودة، وأضم الظالعة

ي أقصيت هي وابنها قوية«. وهذه الأوصاف ل تنطبق إل عل السيدة )هاجر( ال�ت

للناس. أخرجت أمة الحجاز، ومن نسلها جاءت خ�ي إسماعيل إىل أرض

بشارة حبقـــوقوس من جبل فاران. صحاح الثالث: 6-3(: )الله جاء من تيمان. والقد ي )الإ

جاء �فجلله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه. وملك بيمينه رقاب الأمم(.

وس من جبل وت 884)م كالآت ي: )القد ي ب�يي النسخة المطبوعة �ف

والنص �ففاران. لقد أضاءت السماء من بهاء محمد وامتلأت الأرض من حمده. شعاع منظره قام أجناده. الط�ي أمامه وتصحب سباع المنايا بعزة تس�ي بلده النور يحوط مثل فمسح الأرض فتضعضعت له الجبال الراسخة وتزعزعت ستور أهل مدين. ثم قال: ي البحار يا محمد. ادنو لقد رأتك الجبال فارتاعت(.

ي الأنهار واحتدام صوتك �فزجرك �ف

بالحمد الأرض تمتلأ فبظهوره الأنبياء؛ خاتم رسالة إىل إشارة هذا؛ ي و�ف

ن ) فاران( ي من نسل إسماعيل. )القدوس( من جبل فاران، لأ

والتسبيح، وسوف يأ�تي سكنها إسماعيل )تكوين ))/))( و)تيمان( هي أرض ابن إسماعيل

هي الأرض ال�ت.)(5/(3 )تكوين

بشارة ماخــــي ي الن�ب قدوم وقرب بعهد جديد، )5 : ي

الثا�ف صحاح )الإ ي �ف ملخي ي الن�ب ب�ش

دين عل الكتاب أهل ويدل الحق، إىل الناس د س�ي الذي الأمم، تنتظره الذي دين واحد، وهو دين إسحق عل وأبناء إسماعيل أبناء ليجتمع إبراهيم، أبيهم الموعود قبل مجيء يوم الرب. اليوم ي الأنبياء جميعا: )هاأنذا أرسل إليكم الن�بي

د قلب الآباء عل الأبناء. وقلب الأبناء عل آبائهم. لئل آ�ت العظيم المرعب. ف�يبلعن(. الأرض ب وأرصف

بشارات إرميـــاصحاح الأول« فقال: )من ي »الإ

الخاتم �ف ي البشارة الأوىل : خاطب الله الن�بستك. وجعلتك فتك. ومن قبل أن تخرج من البطن قد حم عر ي الر

رك �ف قبل أن أصونبيا للأمم. لأنك بكل ما آمرك تصدع. وإىل كل من أرسلك تتوجه. فأنا معك لخلصك.

- 76 -

ي فمك إفراغا. فتأمل وانظر. فقد سلطتك اليوم عل : وأفرغت كلمي �ف يقول الرب

الأمم والممالك الظالمة. لتنسف وتهدم وتت�ب وتسحق. وتغرس من رأيت(.

ي من بعيد، الرب أهاب �ب ه: )إن بنبوءات إشعياء وغ�ي البشارة شبيهة هذه الصارم(. كالسيف ي

الرحم، وجعل لسا�ف ي �ف وأنا وذكر اسمي

– الله عن ا مخ�ب ، ع�ش التاسع صحاح الإ ي �ف إرميا قال : الثانية البشارة

ي �ف وأكتبها أفواههم، ي

�ف ي يع�ت رسش الأيام تلك بعد جاعل ي

)إ�ف قال: أنه سبحانه- أخاه يعلم أن الرجل يحتاج ول عبادا، ىلي ويكونون إلها، لهم فأكون قلوبهم، يعرفونه جميعهم لأن الرب، اعرف له يقول أن إىل ول والملة، الدين وقريبه

بخطاياهم(. أذكرهم ول ذنوبهم، لذلك أغفر وأنا وكبارهم، صغارهم

يتها يفها بالقرآن، واصطفائها، وخ�ي وفيها إشارة إىل كرامة أمة محمد، وت�شالباقية.

ي للن�ب الله تعاىل من ( خطاب ف ي والثلث�يالثا�ف صحاح )الإ ي

: �ف الثالثة البشارة د بك الخيل وفرسانها د بك الشعوب. وأبد ي أبد

وا ىلي آلت الحرب. فإ�ف الخاتم: )أعدف بجميع أوزارهم د بك الولة الطغاة. وأجازي بابل وجميع سكان بلد الكلداني�ي وأبد

ي ارتكبوها. هذا قول الرب(.ال�ت

ها وقد حمل هذا النص وعيدا شديدا من الله للأمة الفارسية الك�وية، وغ�يق فعل، وأقامه الله شاهدا من شواهد التاريخ. من الممالك الظالمة، وقد تحق

دانيـــال يتنبأ بزمان امللكوتوظهور النبوة بختم رصيحة بشارات عل باشتماله دانيال( )سفر يمتاز دة، عن طريقها عرف الرسالة الأبدية، واشتمال نبوءته عل أرقام وتواريخ محد آخر الزمان، وحددوا موعد ظهور أمة الملكوت. ي الأحبار والرهبان زمن مجيء ن�ب

ها ــر( رأى رؤيا أفزعته، ولم يستطع العرافون تعب�ي من ذلك أن )بختنصكنت الملك أيها )أنت فقال: ) )عدد 45-)3( دانيال له ها مون، فف� المنج ول البهي جدا وقف قبالتك ومنظره التمثال العظيم بتمثال عظيم. هذا تنظر وإذا هائل. رأس هذا التمثال من ذهب خالص. وصدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه

من نحاس. ساقاه من حديد. قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف.

- 77 -

ف ب التمثال عل قدميه اللت�ي كنت تنظر إليه إىل أن قطع حجر بغ�ي يدين فرصف

من حديد وخزف فسحقهما. فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة ي الصيف، فحملتها الريح فلم يوجد لها

والذهب معا. وصارت كعصافة البيدر �فا وملأ الأرض كلها. هذا هو ب التمثال فصار جبل كب�ي ا الحجر الذي رصف مكان. أم

ه قدام الملك. الحلم. فنخ�ب بتعب�ي

ن إله السماوات أعطاك مملكة واقتدارا وسلطانا أنت أيها الملك ملك الملوك. لأ

وفخرا. وحيثما يسكن بنو الب�ش ووحوش ال�ب وطيور السماء .... فأنت هذا الرأس من ذهب. وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك. ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط عل كل الأرض. وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد. لأن الحديد يسحق كل ف والأصابع ء. وكالحديد الذي يك� تسحق وتك� كل هؤلء. وبما رأيت القدم�ي ي

�شقوة فيها ويكون منقسمة. تكون فالمملكة من حديد. والبعض من خزف بعضها ف بعضها . وأصابع القدم�ي ف الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطا بخزف الط�يوالبعض يكون قصما. يكون قويا المملكة من حديد. والبعض من خزف. فبعض ك ي أيام هؤلء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبدا. وملكها ل ي�ت

و�في كل هذه الممالك. وهي تثبت إىل الأبد. لأنك رأيت أنه قد

لشعب آخر. وتسحق وتف�فقطع حجر من جبل ل بيدين. فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب.

.) ف ه يق�ي ي بعد هذا. الحلم حق وتعب�يالله العظيم قد عرف الملك ما سيأ�ت

الملكوت، فأولها ي ف يدي ن�ب ي ستقوم ب�يفالحلم كما يظهر هو عن الممالك ال�ت

»مملكة ثم بالرأس. الحلم ي �ف لها رمز ي

وال�ت بختنرص، رأسها ي ال�ت بابل« »مملكة

ي أقامها خ�و، وتسلط ملكها قورش عل بابل سنة )593ق.م( ورمز لها فارس« ال�ت

ي قضت عل مملكة تلتها »مملكة مقدونية« وال�ت . ثم ف بالصدر والذراع�ي المنام ي

�في المنام بالبطن والفخذين

ي )336 ق.م( ورمز لها �فسكندر المقدو�ف الفرس، وقادها الإ

اطور بوفبيوس )63 م�ب ي أسسها الإاطورية الرومان« وال�ت من النحاس. ثم تلتها »إم�ب

، إحداهما من خزف وأخرى من ف ف من حديد وقدم�ي ي المنام بساق�يق.م( ورمز لها �ف

اطورية الرومانية. م�ب ي فارس والروم، أو انقسام الإحديد، ولعله أراد دول�ت

ي أيام هؤلء يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبدا« فقد جاء )الحجر »و�ف

الحديد وسحق السماء من جاء إذ يدين، بغ�ي قطع وقد البناءون( رذله الذي ا وملأ الأرض كلها، وأقام والنحاس والخزف والفضة والذهب، وصار جبل كب�يف الجبال. وقد ورثت ي القفر ب�ي

ي ذلك إشارة إىل منشئه �فالملكوت الموعود .... و�ف

- 78 -

ي هذه أمته كل ما ملك بختنرص والفرس واليونان والرومان، ول تزال جميع أراصف

ي أفنت ي أيدي أمته إىل اليوم عل الرغم من ضعفها ووهنها، وهي ال�ت

الممالك �فالدولة الرومانية، وفتحت القسطنطينية، عاصمة ملكها.

ونا، هل يعقل أن »دانيال« يتكلم عن هذه وإن خالف الآخرون ذلك فليخ�بسلمية ك المملكة الإ الممالك الأربعة )بابل، والفرس، واليونان، والرومان( وي�ت

اثها إىل اليوم؟! ي سحقت كل هذه الممالك، واستولت عل سائر م�يال�ت

أن يذكره؟! مع فهل غاب ذلك عن علم الله، أو حدث بغ�ي إرادته، أو نىسيالممالك، كل هذه ي

تف�ف أنها دانيال، وق�ف قال كما بنفسه أقامها الذي أنه هو ي الأرض، وإنه أشد

سلم نفسه من أقوى الأديان �ف وأن تثبت إىل الأبد .. فمازال الإأخذا بقلوب أتباعه من كل دين سواه، وأسهل انتشارا وأرسع كما يشهد بذلك أهل

. ف الديانات الأخرى، ول توجد أمة أشد تمسكا بدينها من المسلم�ي

النبوات بعضها مع بعض؛ أن »داود« و»المسيح« ف ومن حسن التطابق ب�يوصفا )محمدا( بالحجر؛ رمزا للصلبة والقوة. )م�ت )4-))( و)مزمور 8)): 0)(.

جدير بالذكر؛ أن هذه الرؤيا توصف دائما بأنها أشهر وأصدق الرؤى الكتابية نفسه قد ي ن الن�ب

التاريخية، وتأويلها ل يحتاج إىل ذكاء، ول يصح فيه الخلف؛ لأدوا التلبيس، وافتعلوا الختلف حولها ... مع أنه لم لها، ولكن أهل الكتاب تعم أوي هذا إطلقا، بل كانوا -لشدة إيمانهم به-

يكن أحد من أهل الكتاب القدامى يشك �فك والكفر والطغيان، ي ممالك ال�ش

ي تف�فينتظرون المملكة الخامسة )مملكة الله( ال�ت

ي أذاقت اليهود الخسف والهوان، ي اضطهدتهم، فهي ال�ت

لسيما المملكة الرابعة ال�تمن عدد اشتهر كما المسجد، ي

�ف الأصنام ونصبت )70م( سنة القدس رت ودموليس التاريخ، ي

�ف ها نظ�ي قل الفظاعة من بألوان النصارى بتعذيب أباطرتها ثلثة لهم مضطهدين وظلوا منهم، واحدا إل المشهور الطاغية Neronون ن�يف النرصانية، واستمر الضطهاد لليهود والموحدين من قرون؛ ح�ت اعتنق قسطنط�ي

النصارى وسائر الفرق المخالفة.

»المملكة ينتظرون الكتاب أهل كان الضطهاد؛ من القاتم الجو ذلك ي �ف

آخر الزمان، ي ، وكانوا يعلمون يقينا أنها ستقوم عل يد ن�ب الخامسة« بفارغ الص�ببه ب�ش والذي النبوة، خاتم كتفه عل الذي السلم( )أركون عندهم ى المسموالعلمات النصية، الدلئل من بكث�ي بعثته زمن يعرفون وكانوا كلهم، الأنبياء

- 79 -

اطور م�ب قبون تلك الدلئل والعلمات ح�ت جاء اليوم الذي قال فيه الإ الكونية، وي�تة الختان«، وأيقن بذلك، وشهد المتعبد العالم بدينهم )هرقل(: »قد ظهر ملك أم

ي الرواية.( كما ثبت �ف ي سفيان )بأن ملكه سيبلغ موضع قدمي أمام رأس الكفر أ�ب

Her- وفعل؛ قامت »المملكة الربانية الخامسة« وملكت موضع قدمي هرقلcules وغادر الشام ذليل، وهو يقول: »سلم عليك يا سورية، سلم ل لقاء بعده«!

أرجاء عل وسيطرت الوثنية، ممالك فسحقت الخامسة« »المملكة قامت الأرض طوائف من كل شعوب لوائها بالعدل والسلم، ودخل تحت المعمورة أوتوا الذين ق تفر وما ﴿ واختلفوا. الكتاب أهل تفرق - فقط ـ وهنا عظيمة،

]البينة:4[. ﴾ نة البي جاءتهم ما بعد من إل الكتاب

؛ رأى )دانيال( رؤيا الحيوانات الأربع، قال: )كنت بختنص وقريبا من رؤيا . وصعد من ي رؤياي ليل. وإذا بأربع. رياح السماء هجمت عل البحر الكب�ي

أرى �فالبحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك. الأول كالأسد ... وإذا بحيوان آخر ثان شبيه بالدب ... وإذا بآخر مثل النمر ... وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد ي برجليه. وكان مخالفا لكل

ة. أكل وسحق وداس البا�ت جدا. وله أسنان من حديد كب�ية قرون ... ي قبله وله ع�ش

الحيوانات ال�ت

. وجاء إىل القديم ي رؤى الليل. وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أ�تكنت أرى �ف

الشعوب كل له لتتعبد وملكوتا. ومجدا سلطانا فأعطي قدامه. فقربوه الأيام، من والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي لن يزول. وملكوته ل ينقرض«. )دانيال 8)-7/3(.

ثم الفارسية ثم البابلية هي: الأربعة، الممالك أن عل النصارى ويوافق المسيح، دين ظهور ي

�ف متحققا الملكوت أن ويزعمون الرومانية، ثم اليونانية التلميذ عل القدس الروح نزل عندما ف الخمس�ي يوم ي

�ف الكنيسة وتأسيس أورشليم. ي

�ف ف المجتمع�ي

سها الحواريون؛ ليست الملكوت الموعود، ي أس لكن المملكة الروحية ال�ت

ن دانيال يتحدث عن أربع ممالك حقيقية، سحق آخرها ملك حقيقي، ل روحي. لأ

وملكها ل أبدا، تنقرض لن السماوات مملكة إله يقيم الملوك أيام هؤلء ي »و�ف

ي كل هذه الممالك« )دانيال 44/)(.ك لشعب آخر، وتسحق وتف�ف ي�ت

وقال عن المملكة ونبيها: »لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة« )دانيال 4)/7(.

- 80 -

أنها القادمة وهم يظنون المملكة المسيح عن السيد وقد سأل الحواريون ي هذا الوقت ترد الملك إىل إرسائيل؟« )أعمال 6/)( وقد

تقوم عل يديه: »هل �في إفهامهم أن مملكته روحية )دع ما لقيرص لقيرص. وما لله لله(!

اجتهد المسيح �فبينما المملكة القادمة مملكة حقيقية.

قهروا الرومان إن بل الرومانية، الدولة تقهر لم التلميذ مملكة إن ثم فيها. وثنياتهم أدخلوا ف ح�ي ، ف ح�ي بعد المسيحية

صلب المسيح أن الرومان، وهم يزعمون بقهر يقولوا أن للنصارى وكيف ! ي

روما�ف عل صليب

من واقتلعوها الرومانية، الدولة عل قضوا الذين فهم »المسلمون« ا أم، ثم بقية بلد الشام ومرص، ح�ت عاصمتها القسطنطينية صارت ف أرض فلسط�ي

الملكوت. دين سلم للإ عاصمة

بشارة دانيال باملسيا الرئيسهي بشارة طويلة ومشهورة جدا، نذكر منها هذه الفقرة: بعد أن أتم دانيال ي خرجت الآن لأعلمك

يل، وقال له: »يا دنيال؛ إ�ف صلته ودعاءه، جاءه الملك ج�بك لأنك أنت محبوب. فتأمل عاتك خرج الأمر. وأنا جئت لأخ�ب

ي ابتداء ترصفالفهم. �ف

لتكميل قضيت عل شعبك وعل مدينتك الرؤيا: سبعون أسبوعا الكلم وافهم ثم وليؤ�ت بال�ب الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإأورشليم لتجديد الأمر أنه من خروج فاعلم وافهم . ف القدوس�ي ولمسح قدوس

وبنائها إىل المسيا الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعا ...«.

البشارة هذه أن نجد اليهودي، بالتقويم الأسابيع إىل حساب رجعنا وإذا الليلة بالضبط يعرفون الأحبار كان لذلك الخاتم؛ ي الن�ب بعثة كانت تحدد موعد واليوم والشهر الذي سيولد فيه )المسيا الرئيس(! وقد ذهب علماؤهم إىل أهل

الليلة مولود؟! مكة يسألونهم: هل ولد فيكم

بشارات إشعيــــاالخاتم، الأمي ي بالن�ب بشارة ف أربع�ي عن يزيد ما عل إشعيا( )سفر يحتوي وقد أشار بعضها إىل مولده، ومهاجره، وأصحابه، وغزواته، وانتصاراته، ومنها ما

- 81 -

ي يتحدث عن )مكة المكرمة( ومشهد الحجيج فيها، وما إىل ذلك من التفاصيل ال�ت

تها، فإننا سنكتفي ـ فقط - ل تنطبق عل أحد سوى )النبوة الخاتمة( ونظرا لك�ششارة إىل بعض منها: بالإ

بأرض ستحل ي ال�ت الخاتمة بالرسالة يب�ش » ع�ش السادس صحاح »الإ ففي

نورا ولتخرج والفلوات. اري ال�ب ولتبتهج . العطىسش البادية أهل )لتفرح العرب: والرياض. الدساكر وكمثل لبنان. محاسن بأحمد ستعطى لأنها ... الشلبذ كنور

إلهنا(. وبهاء وجل عز الله ون جلل وس�ي

ي البدو وقال: «: )هتف هاتف �ف صحاح التاسع ع�ش ي »الإ

وتتكرر هذه البشارة �في القفر. فستمتلأ الأودية كلها مياها.

لهنا السبيل �ف خلوا الطريق للرب. وسهلوا لإوتنخفض الجبال انخفاضا. وتص�ي الآكام دكا دكا. والأرض الوعرة ملساء. وتظهر

كرامة الرب. ويراه كل أحد. من أجل أن الرب يقول ذلك(.

والضعفاء ف المساك�ي )إن ين«: الع�ش صحاح »الإ ي �ف كة ال�ب هذه وتتأكد

يستسقون ماء ول ماء لهم. فقد جفت ألسنتهم من الظمأ. وأنا الرب أجيب حينئذ ف القفار العيون. ي الجبال الأنهار وأجري ب�ي

ر لهم �ف دعوتهم. ولن أهملهم بل أفجالبلقع القفار ي

�ف وأنبت معينا. ماء الأرض ي �ف وأجري آجاما. البدو ي

�ف وأحدث وها ل�ي البهية، وال�و الصفصف القاع ي

�ف وأغرس والزيتون. والآس الصنوبر ذلك(. فعلت الله يد أن معا يفهموا ثم ويتدبروا وليعلموا جميعا.

ين« فيقول: )أيتها المنغمسة صحاح الثامن والع�ش ي »الإويخاطب )أم القرى( �ف

ي ي لم تنل حظوة ول سلوا. أنا جاعل حجرك بلورا ... وسيعرف�ف

ي الهموم ال�تالمتغلغلة �ف

. ف مزينة بالصلح وال�ب . وأعلم أبناءك بالسلم. وتكون�ي يهنالك جميع ولدك ول ينكرون�ف

فتنحي عن الأذى والمكاره. لأنك آمنة منها. والنكسار والنخذال لن يقرباك. ومن انبعث ين أمنا وملجأ لقاطنيك وساكنيك(. ف يدي فإليك يكون وفيك حلوله. وتص�ي من ب�ي

»هاجر« والسيدة »مكة« يخاطب ون( والع�ش السادس صحاح )الإ ونجد أيتها العاقر. فقد ور الرقوب. واغتبطي بالحمد ف أيتها ال�ف هما: )سبحي معا ويب�شأوسعي الرب لها وقال الحظية. المشغولة ولد عل المجفية الفارغة ولد زاد ىلي أطنابك. . بل طو ي

ي ستور مضاربك. لأنك ل تنفىسي ول تض�ف مواضع خيامك. ومدي الأرض يمينا وشمال.

ين �ف ف وتنت�ش واستوثقي من أوتادك. من أجل أنك تتبسط�ياليباب(. المعطلة القرى ويسكنون الأمم. ذريتك وترث

- 82 -

( إىل مساكن العرب وهم ذرية قيدار أبناء ف ي والأربع�يصحاح الثا�ف وأشار )الإ

ية ومدنها فع ال�ب إسماعيل، والترصيح بذكر جبال »سالع« بالمدينة المنورة: )ل�تنم سالع من رؤوس الجبال. ليهتفوا ليعطوا ي سكنها قيدار. ولت�ت

صوتها. والديار ال�توا بتسبيحه ...(. مجدا. ويخ�ب

صحاح 54( إىل مكة بالعاقر لأنها لم يظهر فيها أنبياء من قبل، ي )الإورمز �ف

. ي لم تلد. انشدي بالحمد وهلليوذلك بخلف أورشليم: )سبحي أيتها العاقر ال�ت

ة ويعمروا ث نسلك أمما كث�ي ي ذات البعل. وس�يي المستوحشة أفضل من ب�ف

لأن ب�فمدنا خربة. يقول الرب(.

ول ين( يقسم الله سبحانه بكتابه الذي ل يتغ�ي صحاح الثامن والع�ش ي )الإو�ف

ي ل خلف لها ي أقسمت بنفىسي وأخرجت من فمي كلمة الحق ال�ت

يتبدل، فيقول: )إ�في كل لسان. ويقولون معا: إن النعمة من ول تبديل. وإنه تخر ىلي كل ركبة. ويقسم �ب

عند الرب(.

أرض. يا وقري يا سماوات. )اسمعي الرحمة: يب�ف يب�ش الأول( صحاح و)الإ

: به ترحمي(. وهذه النبوة توافق نبوة المزام�ي ي ولماذا تقلقي؟ سيبعث عليك ن�بالرحمة(. ي ن�ب لكم )سيبعث

ي جعلت اسمك محمدا. ين( بقوله: )إ�ف صحاح الرابع والع�ش ي )الإ

وخاطبه ربه �ففانظر من محالك ومساكنك يا محمد يا قدوس. واسمك موجود منذ الأبد(.

ي الغار، فيقول: صحاح 9)( إىل أميته، ومشهد نزول الوحي عليه �ف ويش�ي )الإ

)ويدفع الكتاب لمن ل يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا. فيقول ل أعرف الكتابة(.

ي : )وحي من جهة بلد العرب: �ف كما يتنبأ بمهبط الوحي، وحادث الهجرة الشه�ي

. هاتوا ماء لملقاة العطشان يا سكان ف ف يا قوافل الدداني�ي ي بلد العرب تبيت�يالوعر �ف

أرض تيماء. فإنهم من أمام السيف المسلول قد هربوا. فإنه هكذا قال ىلي السيد الرب: ي مدة سنة كسنة الأج�ي يف�ف كل مجد قيدار. لأن الرب تكلم(. )اشعياء 3)/))(.

�ف

للكتاب التطبيقي التفس�ي مع المطبوع الحياة( )كتاب ترجمة تقول وهنا المقدس، إنها »نبوءة بشأن شبه الجزيرة العربية«. أو مكان مهبط للوحي سيكون الكتاب جمعية عن الصادرة الجديدة العالمية جمة ال�ت ي

�ف كما العرب« ببلد .New International Version العالمية المقدس

- 83 -

صحاح الخامس( يش�ي إىل خاتم النبوة وشارة الملك: )إنه سيولد لنا ي )الإو�ف

ا جمة ال�يانية، أم مولود. وسيوهب لنا ابنا سلطانه عل كتفه(. هذا النص عن ال�تية فهو: )إن عل كتفه علمة النبوة(. ترجمته عن اللغة الع�ب

( يش�ي إىل عالمية رسالته: )إن عبدي المجت�ب ف ي والأربع�يصحاح الثا�ف ي )الإ

و�فته وأرسلته إىل الأمم بأحكام صادقة(. ي الذي اخ�ت عندي. وحبي�ب

صاحب الرسالة ي ين( يتحدث عن مهمة هذا الن�ب صحاح الثامن والع�ش ي )الإو�ف

ي أقمتك شاهدا للشعوب. ومدبرا وسلطانا للأمم. لتدعو الأمم الذين العالمية: )إ�ف

عند ما فاطلبوا ورساعا. هرولة يعرفوك لم الذين الأمم وتأتيك تعرفهم. لم جع المخطئ عن خطيئته. الرب. فإذا عرفتموه فاستجيبوا له. وإذا قرب منكم فل�يت رحمته وفضله(. لأرحمه. ولينب إىل إلهنا الذي عم جع إىلي والفاجر عن سبيله. ول�ي

ف الله عل أعدائه، وتمك�ي ي ( إىل انتصار هذا الن�ب صحاح التاسع ع�ش ويش�ي )الإق. ودعاه إىل موطئ قدمه ليسلم إليه الأمم. ه ال�ب من الم�ش يعته: )من الذي نب ل�شى ... وقسيه مثل الحزم المنثورة. ويذهل عنه الملوك. ويجعل سيوفه كعدد ال�ش

ب وجوههم. ثم يحدث سلما. ول يطأ برجله سفرا(. فهو يغلبهم ويرصف

ف كتفيه:)الشعب ف بـ«خاتم النبوة« ب�ي سلم، ونبيه، المم�ي ويؤكد عل نرصة الإ

ت ق عليهم نور. أك�ش ي ظلل الموت أرسشي الظلمة أبرص نورا. الجالسون �ف

السالك �في الحصاد. كالذين يبتهجون عندما يقتسمون

الأمة. عظم لها الفرح. يفرحون كالفرح �فغنيمة. لأنه يولد ولد وتكون الرياسة عل كتفه. ويدعى اسمه عجيبا أبا أبديا رئيس دها داود وعل مملكته،ليثبتها ويعض السلم الذي ل نهاية له. يجلس عل كر�ي

ة رب الجنود تصنع هذا()إشعيا 9: 6ـ 7(. بالحق وال�ب من الآن فصاعدا.غ�ي

الخاتم، فيقول: )هو ذا عبدي ي صحاح )4( بعضا من صفات الن�ب ويذكر )الإالحق فيخرج عليه روحي . وضعت نفىسي به ت رس الذي مختاري أعضده الذي يقصف وفتيلة الشارع صوته. قصبة مرضوضة ل ي

�ف يسمع للأمم. ل يصيح ول ي الأرض

خامدة ل يطفأ. إىل الأمان يخرج الحق. ل يكل ول ينك� ح�ت يضع الحق �فباسط ها. ونارسش السماوات خالق الرب الله يقول هكذا يعته. رسش الدنيا وتنتظر وأجعلك وأحفظك بيدك فأمسك . بال�ب دعوتك قد الرب أنا وواضعها. الأرض للأمم؛ لتفتح عيون العمي وتخرج من الحبس المأسورين عهدا للشعوب ونورا ي الظلمة. أنا الرب هذا اسمي ومجدي ل أعطيه لآخر ول

ف �ف ي السجن والجالس�ي�ف

- 84 -

تسبيحي للمنحوتات. هو ذا الأوليات قد أتت والغيبيات أنا مخ�ب بها. قبل أن تنبت نم سكان لت�ت قيدار. ي سكنها

ال�ت والديار ية ومدنها صوتها ال�ب فع ل�ت بها. أعلمك سالع. من رؤوس الجبال ليهتفوا. ليعطوا للرب مجدا ويعلنوا تسبيحه...(.

ين( والع�ش الثالث صحاح )الإ ي �ف نفسه الخاتم ي الن�ب لسان وجاء كلم عل

ي من بعيد. مي أيتها الأمم. إن الرب أهاب �ب فقال: )اسمعي أيتها الشعوب. وتفهي

ي البطن. وأحاط�في كالسيف الصارم وأنا �ف

ي الرحم. وجعل لسا�فوذكر اسمي وأنا �ف

: إنك عبدي. ه. وقال ىلي ي كنانته كالسهم المختار وخزنة ل�ي �ف

بظل يمينه. وجعل�فدا عند الرب. ف يدي إلهي. ورصت محم ي وعدىلي قدام الرب حقا. وأعماىلي ب�ي

فرص�ف.) ي

وبإلهي حوىلي وقو�ت

رافع ي )إ�ف والتلبية: والعمرة والحج الأذان إىل يش�ي الثالث( صحاح )الإ ي

و�فآية للأمم. من بلد بعيد. وأنادي عليهم من أقاصي الأرض. فيأتون رساعا عجال. ل ون ول ينامون ول يحلون مناطقهم. ول ينقطع معقد خفافهم. يميلون ول يتع�شهم وزئ�ي كالجلميد صلبة. خيلهم موترة. وحوافر وقسيهم مسنونة. سهامهم

الليوث. وكشبل الأسد...(. كنهيم

ي وسيأتيك أولدك وجاء الحديث عن »مكة« و«الكعبة«: )أنا رسمتك عل كفحولك ما إىل برصك فارفعي ويخونك. يخيفك أن أراد من عنك ويخرج رساعا ي

ي أنا الحي لتلبىسي الحلل وتزي�في باسمي إ�ف فإنهم سيأتونك ويجتمعون إليك فتسم

ف فيك. وليهابن ة سكانك والداع�ي كليل مثل العروس. ولتضيقن طرقاتك من ك�ش بالإي كل هؤلء وأنا وحيدة فريدة

ن أولدك ح�ت تقوىلي من رزق�ف كل من يناوئك. وليك�شل ىلي بهم(. ىلي هؤلء ومن تكف رقوب. فمن ر�ب

د( راكب الجمل، ف )محم ي جمعت ب�ي( نجد البشارة ال�ت صحاح العارسش ي )الإ

و�فعبادة محوت أنا لصاحبه: يقول الجمل فراكب الحمار. راكب )المسيح( وأخيه من ن. التيم جهة من ي

تأ�ت إنك الرب يقول )هكذا فارس نار وأخمدت الأصنام، بما ليخ�ب .... الرياح الزعازع من م�عا. مقدا مثل البادية بعيد، ومن أرض بلد : أحدهما راكب حمار. والآخر راكب جمل. فبينما أنا ف

يرى. فكان الذي رأى راكب�يبابل، وهوت الأصنام. زالت الحمار: لراكب يقول الجمل راكب كذلك سمعت إله الرب من سمعت الذي فهذا الأرض. عل المنجورة آلهتها جميع وتك�ت

أنبأتكم(. قد العزيز إرسائيل

- 85 -

ي �ف كالشمس واضحة وهي القديم، العهد بشارات من القدر بهذا نكتفي

بعثته، ومكان الزمان( آخر ي )ن�ب بقدوم تب�ش فكلها تلها، إذا والقمر ضحاها، وجه الأرض، ويقود الناس إىل دين الحنيفية السمحة، وعالمية رسالته، وأنه يغ�ين لدعوته، وينرصه عل أعدائه؛ لتصبح كلمة الذين كفروا السفل، وأن الله سيمك

العليا. الله هي وكلمة

- 86 -

ا( )املسيح( يبش بـ )املسي

منذ ما يزيد عل ألفي عام، قام السيد المسيح ـ عليه السلم - فأعلن نبأ ي إرسائيل،

ن أذانا سمعه من كان معه وحوله من ب�ف عظيما، وألقى بيانا خالدا، وأذي

ي الأناجيل ال�تفحفظوه، وأوصوا به أتباعهم، وقد ظل هذا الأذان شاهدا وباقيا �ف

رهم نسانية، فإننا سنذك ف إىل يومنا هذا، ومن منطلق الأخوة الإ بأيدي المسيحي�يهان ... ونأمل أن ينصتوا لهذا النداء، ثم يفكروا فيه ة عليهم وال�ب به؛ لنقيم الحج

ء سواه. يمرة تلو الأخرى، ابتغاء الحق، ول �ش

بأ العظيم ﴾ الذي سيطرق ا عن ﴿ الن ن المسيح )ع( أذانا مدويا، مخ�ب لقد أذة، ي النبو

الناس بقرب قدوم أخيه �ف العالم ويزلزله من أقصاه إىل أقصاه، فقد ب�شق بعضها بعضا، يصد بأوصاف عديدة والآخرة، ووصفه الدنيا ي

�ف به الناس وأوىل ا( المنتظر، وأنه ( وأنه )المسي ف ي( وأنه )المع�ي ة، منها: أنه )المعز ونعته بألقاب كث�يإنما نفسه؛ من يتكلم ل الذي )البارقليط( وأنه الحق( )روح وأنه العالم( )أركون ، وأنه يخ�ب الناس بكل ما أعد الله لهم، ويسوسهم بالحق، يتكلم بما يقوله له الربويخلصهم الخطيئة، عل العالم ويوبخ بالتأويل، ويجيئهم بالغيوب، هم ويخ�بح المسيح )ع( يعته وسلطانه إىل آخر الدهر، وقد رص من يد الشيطان، وتستمر رسشأذنان له كان »من قال: ثم عيانا، إليه ينظرون كأنهم ح�ت ته؛ وس�ي ونعته باسمه ي باسم الله( لأنه هو الذي سيعرف قدره ومكانته،

ي الـ)مبارك الآ�تبهم �ف فليسمع«. ورغ

من البتول الطاهرة أمه إىل ينسب وما إليه، ينسبونه ما عنه وسينفي ده، وسيمج كريم! ي ، ون�ب ف فك والبهتان ... فسلم عليه من ناصح أم�ي النقص والعيب والذم والإ

وبالرغم من أن الأناجيل كتبت بعد أك�ش من قرن من حياة المسيح، وتعرضت ضافة -كما يشهد خلل رحلتها وترجماتها لكث�ي من التحريف والتغي�ي والحذف والإى فيها بذلك فلسفة المسيحية وأحبارها- بالرغم من ذلك؛ فإننا سنذكر بعض ما تبقرهاصات والشواهد عل قرب مجيئه، من بشارات بـ)خاتم الأنبياء( الذي تواترت الإاع النبوة والملكوت وزوال ف اب ان�ت ة تؤكد اق�ت كما كانت هناك دلئل ومقدمات كث�يي إرسائيل، وانتقالها إىل أمة أخرى، بسبب تمردهم عل وحي السماء،

كة من ب�ف ال�با جاء إىل أورشليم، نادى وقتلهم الأنبياء ... وقد أخ�ب المسيح بذلك مرارا، منها: أنه لم

- 87 -

عليها: »يا قاتلة الأنبياء« )م�ت 3/37)(. ثم وصف المسيح طبائع اليهود وعنادهم: ن

)ففيهم تتم نبوءة إشعيا: »مهما سمعتم ل تفهمون، ومهما نظرتم ل تبرصون. لأوا آذانهم وأغمضوا عيونهم، لـئل يبرصوا بعيونهم ر قلبه، فسد عب تحج هذا الش

ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويتوبوا فأشفيهم«. )م�ت 4) ـ 6)(.

وخاطب جموعهم، بقوله: »ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون. ويل كيف الأفاعي أولد الحيات والعميان.أيها الجهال أيها العميان. القادة أيها لكم تهربون من دينونة جهنم، لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، فمنهم ي مجامعكم. يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة

تقتلون وتصلبون، ومنهم تجلدون �ف...« م�ت )3)/3) - 37(. ف الأنبياء وراجمة المرسل�ي

هذه وهل فيها؟! والملكوت كة ال�ب بقاء تستحق ة أم هذه فهل وبعد؛ »الخراف الضالة« جديرة ـ بعد ذلك - بأن تبقى فيها النبوة والرسالة؟! أم أنه كان ف من »الحيات وأولد الأفاعي« لبد من تغي�ي اتجاه البوصلة، وانتقاء سللة أرسش

السماء؟ وتعاليم ة النبو تبعات لحمل

سول الر ي كتبهم من بشارات؛ يؤيد مقولة القرآن الكريم ﴿ ى �ف وإن ما تبق

]الأعراف ﴾ ... نجيل والإ وراة الت ي �ف عندهم مكتوبا يجدونه الذي ي م

الأ ي الن�ب:57)[. وتصديقا لمقولة المسيح )ع(: »ما من مستور إل سينكشف، ول من مكتوم

إل سيعلم« )م�ت 0): 6)(.

ــى : بشارات إنجـيل متا عن يوحنا المعمدان صحاح الثالث« مخ�ب ي »الإ

البشارة الأوىل : ذكر م�ت �فدكم بالماء ـ وذلك للتوبة وغفران الخطاياـ ـيح�ي عليه السلم ـ أنه قال : )أنا أعمي ل أستحق حل سيور

، لدرجة أن�ف يولكن هناك شخص قادم بعدي وهو أقوى م�ف

دكم بالروح والنار(. حذائه، وسيعم

المنتظر، ومحال أن يكون هو المسيح، بدليل ي هذه البشارة تذكر صفة الن�بي زمان واحد.

أنه وصفه بأنه أقوى منه! ولأنهما كانا معا �ف

لة من )يسوع( ف بل إن الأناجيل ذاتها تؤكد أن )يوحنا المعمدان( كان أعل م�فنجيل لمتاؤوش: أن عيىس قال: »لم تلد ي الإ

ي نهر الأردن! و�فوأنه قام بتعميده �ف .» النساء مثل يح�ي

- 88 -

د فضل عن اعتقاد النصارى بأن المسيح إله، أو ابن الله! وليس نبيا. كما هدكم القوي وصاحب الصولجان، بقوله: )من الذي أخ�ب ي ( اليهود بمجيء الن�ب )يح�ي

(؟ يأن تهربوا من الغضب الآ�ت

)يسوع أن المعرفة يعرفون حق كانوا المعمدان( )يوحنا أتباع أن نجد أيضا، دا( فور بعثته. سلم، واتبعوا )محم المنتظر، لذلك اعتنقوا الإ ي النارصي( ليس هو الن�ب

ا عن المسيح أنه قال: صحاح الخامس« مخ�ب ي »الإالبشارة الثانية : قال م�ت �ف

أو نقطة السماء والأرض، ول يزول حرف واحد أن تزول أقول لكم إىل )الحق العمل وجوب إىل إشارة النص هذا ي

و�ف الكل(. يكون ح�ت الناموس من واحدة نجيل إىل زمن محدد، وهو مجيء الكل، فإذا جاء الكل ـ وهو القرآن بالتوراة والإالكريم ـ بطل العمل بهما، وحان نسخهما، وأذن الله بزوالهما. والمراد بالزوال

هنا زوال الحكم ل زوال الوجود.

الذي الحوار ذلك » السابع ع�ش صحاح »الإ ي �ف م�ت روى : الثالثة البشارة

ف المسيح عليه السلم وتلمذته وهو: )قولهم: لماذا يقول الكتبة: إن إيلياء دار ب�يء(. ول يمكن ي

ي أول ويرد كل �شي أول؟ فأجاب وقال لهم: إن إيلياء يأ�ت

ينبغي أن يأ�تيعة، ول كتاب خاص به! ( لأنه ليس له رسش أن تنسحب هذه البشارة عل )يح�ي

ين« عن المسيح أنه قال: )أما قرأتم صحاح الع�ش البشارة الرابعة : أخ�ب »الإقبل من للزاوية رأسا صار هذا البناءون، رذله الذي الحجر أن الكتب: ي

�ف قط ع ف ي أعيننا، من أجل هذا أقول لكم: إن ملكوت الله سي�ف

الرب، كان هذا عجيب �فض، ومن ض منكم، ويعطى لأمة أخرى تصنع ثمرته، ومن سقط عل هذا الحجر ي�ت

يسقط عليه يطحنه(.

د( موضع إليه المسيح، هو )محم للبناء، الذي أشار م المتم الزاوية وحجر مة للبناء )البيت( الذي أقامه )الأنبياء( السابقون. »مثلي ومثل الأنبياء )اللبنة( المتمي زاوية من زواياه

، كمثل رجل ب�ف بيتا فحسنه وأجمله إل موضع لبنة �ف من قبليفجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هل وضعت هذه اللبنة؟ قال فأنا

.» ف اللبنة، وأنا خاتم النبي�ي

، لأنه من خارج بيت ف ي الأع�ي وأنه مبعوث من قبل الرب حقا وصدقا. وعجيب �ف

إرسائيل الذي شهد مولد ومبعث مئات الأنبياء. وقد احتوى النص عل تحذير شديد ض ...وسيطحنه(. وعند مجيء )حجر ض المنتظر)من يخالفه سي�ت ي من مخالفة هذا الن�ب

- 89 -

كة ر هذه ال�ب ع ملكوت الله من بيت إرسائيل، ويذهب إىل أمة أخرى، تقد ف الزاوية( سي�فوتشكر عل نعمة النبوة والهداية. وبالفعل؛ فقد انتقلت )النبوة( من نسل إرسائيل إىل ة العربية، وتحولت م

ية إىل الأ ف من الأمة الع�ب ع المجد وال�ش ف نسل إسماعيل، وان�ت

عاصمة )الوحي( من أورشليم وبيت المقدس إىل مكة المكرمة والبيت الحرام!

بشارات إنجيل يوحنا :ي نهر الأردن،

د الناس �ف ( يعم ا ابتدأ يوحنا المعمدان )يح�ي البشارة الأوىل : لمى له أحبار اليهود، وسألوه سؤال ي زمن المسيح عليه السلم، تصد

وكان ذلك �ف؟ وعندما أجابهم ي صحاح الأول«: )هل أنت المسيح؟ هل أنت الن�ب ي »الإ

كما جاء �فد؟(. المنتظر، إذا فلماذا تعم ي بالنفي قالوا : إذا لم تكن المسيح ول ذلك الن�ب

ت به كتبهم، حيث إن نستطيع أن نستنتج من هذه البشارة أن هناك نبيا ب�ش الذي سأل عنه الأحبار والكهنة ي ي عهد السيد المسيح، فمن ذلك الن�ب

السؤال كان �ف؟ فاليهود منذ زمن مو� إىل زمن مجيء المسيح كان يتداول ي بقولهم: أأنت الن�بي

ـ أن الله يرسل نبيا عظيم القدر، وهم �ف بينهم ـ نقل عن آبائهم وأجدادهم « الذي ينتظرونه ... وبالفعل؛ فقد ي انتظاره. وحيث جاء المسيح، فلم يبق إل »الن�ب

ة. ــد( بعد المسيح مبارسش جاء )محم

عظيم القدر يقيمه ي وهذه البشارة؛ تفند ادعاء اليهود أن بشارة مو� عن ن�بالله لهم )سفر التثنية : 8)( دالة عل »يوشع«؛ فلو كان يوشع المقصود لما ظل

! ي اليهود إىل زمن المسيح يسألون عن ذلك الن�ب

وتفند ـ أيضا ـ ادعاء النصارى بأن بشارة مو� السابقة تش�ي إىل المسيح، (. وهذا يدل عل ي ن علماء اليهود قالوا ليوحنا: )إن كنت لست المسيح ول الن�ب

لأ غ�ي المسيح )ع(. ي أن هذا الن�ب

إن إنجيله؛ من » ع�ش الخامس صحاح »الإ ي �ف يوحنا قال : الثانية البشارة

– ء(. وقال ييعلمكم كل �ش باسمي ي أ�ب يرسله الذي الفارقليط )إن قال: المسيح

أذهب، لم ما يجيئكم لن الفارقليط )إن :» ع�ش السادس صحاح »الإ ي �ف أيضا–

فإذا جاء وبخ العالم عل الخطيئة، ول يقول من تلقاء نفسه شيئا، لكنه يسوسكم ي أن يرسل ي سائل أ�ب

كم بالحوادث والغيوب(. وقال ـ أيضا ـ: )إ�ف بالحق كله، ويخ�بآخر يكون معكم إىل الأبد(. إليكم فارقليطا

- 90 -

، حيث إن المسيح أعلن أمام الجموع ح أو تفس�ي هذه البشارة؛ ل تحتاج إىل رسشه ... فهو ل يتكلم أن هناك مرسل آخر قادم بعده، ولديه من الصلحيات ما ليس لغ�يائع، تمكث إىل يعته خاتمة ال�ش من تلقاء نفسه، وأنه يخ�ب بالحوادث والغيوب، ورسشائع السابقة عليها. و)ل يتكلم من تلقاء نفسه( ين، وغ�ي قابلة للنسخ كال�ش يوم الدالناس فيكلم فمه، ي

�ف كلمي )وأجعل التثنية سفر بشارة ي �ف جاء لما تماما مطابقة

ك، وعبادة ت العالم عل خطيئة ال�ش المنتظر يبك ي بكل ما أوصيه به(. وأن هذا الن�بي بكل الحق. وهذا ل يكون ملكا

ان والصلبان. وأنه )روح الحق( لأنه يأ�ت الأوثان والن�يا رسول، بل ي قلب بعض الناس! إنما يكون ب�ش

ل يراه أحد، ول يكون هدى وعلما �فيكون أعظم من المسيح، فإن المسيح أخ�ب أنه يقدر عل ما ل يقدر عليه، ويعلم ي أحد سوى

الرب، وهذا لم يتوفر �ف ي وبما يستحقه يأ�ت ما ل يعلمه، ويخ�ب بكل ما

ــد( رسول الله. )محم

وكلمة )الفارقليط( أو )البارقليط( Paracletes لفظة يونانية يجتمع من معانيها ذكرت كما )أحمــد( ي

وتع�ف والداعي. والمنذر، والنارص، ي، المعز القواميس ي �ف

ف القديمة سنة 969) للكتاب المقدس! طبعة الآباء اليسوعي�ي

أو الحمد »باراقليط« معناه بقوله: »إن لفظ أثناسيوس- الأنبا/ وأكد ذلك »أحمـــد«. لفظ من قريب الشكر وهو

« أن المسيح قال: صحاح السادس ع�ش ي »يوحنا: الإالبشارة الثالثة : جاء �ف

ا ة أريد أن أقولها لكم، ولكن ل تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأم )إن أمورا كث�يشدكم إىل جميع الحق، لأنه ل يتكلم من نفسه، م�ت جاء ذاك روح الحق فهو س�ي

.) يد�ف كم بأمور آتية، ذاك يمج بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخ�ب

وحي إل هو إن الهوى. عن ينطق وما ﴿ لقوله: مماثلة، البشارة وهذه ة تفوق طاقة يوحى ﴾ ]النجم:3 ـ 4[. فالمسيح يكشف لقومه؛ بأن لديه أمورا كث�يي الوقت المناسب لمجيء الرسول الذي يعنيه بـ)روح الحق(

احتمالهم، وأنه سيأ�تبت، والناس قد فتكون العقول قد تفتحت، والقلوب قد رقت، والنفوس قد تهذاستعدت للفهم، واتسعت مداركهم، لحتمال كل ما يلقى إليهم عل لسان هذا

؛ الذي ل يتكلم من نفسه. ي الن�ب

أيضا؛ من أوصاف هذا الرسول الخاتم ـ كما يخ�ب عنه أخوه المسيح : )ذاك ر المسيح. ولم يأت أحد بعد المسيح ( فمن صفات هذا الرسول؛ أنه يوق ي

د�ف يمج

- 91 -

اليهود، اءات اف�ت ه أم وعن عنه ويرفع يستحقه، ما والثناء التكريم من يمنحه أخيه - سوى والرسالة العبودية وهي ـ فيها الله ي جعله

ال�ت لة ف الم�ف ي �ف ويضعه

د. ومن صفات هذا الرسول أنه سيدل الناس عل أمور وحقائق غيبية، وذلك محمكم بأمور آتية(. ي قوله: )ويخ�ب

�ف

ي إنجيله: أن )خاتم النبوة( من علمات البشارة الرابعة : ذكر يوحنا أيضا �ف

ي إىل الحياة ي بل وراء الطعام البا�ت

المنتظر: )ل تسعوا وراء الطعام الفا�ف ي هذا الن�بعليه« ختمه الله وضع قد هذا ن

لأ نسان، الإ ابن إياه يعطيكم والذي الأبدية، )يوحنا 6: 7)(.

المنتظر ي الن�ب إحدى صفات عن »إشعيا« ذكره ما مع تماما متطابق وهذا »تكون الزمان[ آخر ي لن�ب يش�ي القديم، العهد ي

�ف ]تعب�ي ولد يولد نه »لأ فقال:

.)6 : 9 )إشعيا كتفه« عل ياسة الر

( -الذي ف ا الرئيس )إمام المرسل�ي )يوحنا ): 5)( بالمسي البشارة الخامسة : ب�شصحاح : 9(- الذي به تتم النعمة، وبه تختم النبوات، وهذه ي )الإ

أخ�ب عنه دانيال �فله الحواري برنابا ي أناجيل أخرى؛ ففي الحوار الذي سج

البشارة تطابق - أيضا - ما ورد �في

؛ »قال الكاهن: إنه مكتوب �ف ف المسيح أمام الجماه�ي ف الكاهن وب�ي صحاح: 96( ب�ي )الإي للعالم

نا بما يريد الله. وسيأ�ت ي ليخ�با الذي سيأ�ت سل لنا مسي كتاب مو� أن إلهنا س�ي

أجاب ننتظره؟ الذي مسيا أنت الحق: هل لنا تقول أن أرجوك لذلك الله. برحمة ي بعدي«.

ي لست هو لأنه خلق قبلي وسيأ�ت يسوع: حقا إن الله وعد هكذا ولك�ف

ي رواية إنجيل يوحنا »أجاب الكاهن: إننا نعتقد من كلمك وآياتك عل كل حال و�ف

ي مسيا؟ أجاب يسوع: وقدوس الله. لذلك أرجوك أن تفيدنا بأية كيفية سيأ�ت ي أنك ن�ب

ي لست مسيا الذي تنتظره كل الشعوب«. ؛ إ�ف ته نفىسي لعمر الله الذي تقف بحرصف

Almsya( واستبدالها )مسيا كلمة الحديثة حذف الطبعات ي �ف دوا تعم وقد

!)Jesus )مسيح بكلمة

بشارة إنجيل لوقاله كر�ي داود ويملك عل بيت ي إنجيله )30/)(: »ويعطيه الرب الإ

قال لوقا �فسلم ... ول الإ ي يعقوب إىل الأبد ول يكون لملكه نهاية«. وهذه بشارة واضحة بن�بلليهود، ول ملكا ن المسيح لم يكن

تنطبق عل المسيح بأي وجه من الوجوه؛ لأ

- 92 -

الذي حارب أعداء ي الن�ب إنما ء من ذلك. يملكا عل آل يعقوب، ول حصل له �ش

د( وليس المسيح؛ الذي -كما ين هو )محم الله، وحكم الشعوب والأمم وأقام الديزعمون- أنه ألقي القبض عليه، وحاكموه، وصلبوه!

بشارات اإلنجيل بأمة امللكوت وأوصاف، وكنية، اسم، ذكر مجرد عند نجيلية الإ البشارات تقترص لم آخر الزمان( فحسب. بل هناك حديث آخر عن أمته، وما ستبلغه من ي وعلمات )ن�بكة وزيادة الأجر، بالرغم من ة والقوة والمجد، وما ستناله من الفضل وال�ب الك�ش

أنها آخر الأمم؛ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء!

المنتظر، فقال: ي المسيح )ع( عن ذلك بعدة أمثلة، وأخ�ب عن الن�ب وقد ع�ب)أنا جئتكم بالأمثال، وهو يأتيكم بالتأويل(!

، ح�ت تصبح ي تنمو وتك�به )الملكوت( مثل حبة الخردل ال�ت ، شب ففي إنجيل م�ت

من ة حب ماوات الس ملكوت »يشبه فقال: الظلل: ممتدة الأغصان، وارفة شجرة ي حقله. هي أصغر الحبوب كلها، ولكنها إذا نمت كانت

خردل أخذها رجل وزرعها �في أغصانها«.

ش �ف ماء تجيء وتعش إن طيور الس البقول، بل صارت شجرة، ح�ت أك�ب

سلم(: »نحن الآخرون الأولون«. الإ ي ب لهم مثل آخر، فيه تصديق لقول )ن�ب ورصف

كمثل ماوات الس (فملكوت : فقال الكرم، ي �ف ال العم مثل الملكوت ه فشب

لكرمه. فاتفق مع العمال عل دينار صاحب كرم خرج مع الفجر ليستأجر عمال آخرين عمال التاسعة، فرأى الساعة ثم خرج نحو اليوم وأرسلهم إىل كرمه. ي

�ف. فقال لهم: اذهبوا أنتم أيضا إىل كرمي، وسأعطيكم ما ف ي الساحة بطال�ي

ف �ف واقف�يء ي يحق لكم، فذهبوا. وخرج أيضا نحو الظهر، ثم نحو الساعة الثالثة، وعمل الىسش هناك، فقال لهم: ف نفسه. وخرج نحو الخامسة مساء، فلقي عمال آخرين واقف�ي؟ قالوا له: ما استأجرنا أحد. قال لهم: اذهبوا ف هنا كل النهار بطال�ي ف ما لكم واقف�يالعمال ادع : لوكيله الكرم قال صاحب المساء، إىل كرمي. ولما جاء أيضا أنتم الذين . فجاء ف ل�ي و

تصل إىل الأ مبتدئا بالآخرين ح�ت كلهم وادفع لهم أجورهم، لون، ظنوا و

ي الخامسة مساء وأخذ كل واحد منهم دينارا. فلما جاء الأاستأجرهم �ف

أنهم سيأخذون زيادة، فأخذوا هم أيضا دينارا لكل واحد منهم. وكانوا يأخذونه رون عل صاحب الكرم، فيقولون: هؤلء الآخرون عملوا ساعة واحدة، وهم يتذم

- 93 -

ه. فأجاب صاحب الكرم واحدا فساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار وحرك وانرصف. منهم: يا صديقي، أنا ما ظلمتك. أما اتفقت معك عل دينار؟ خذ حقف بماىلي كيفما ي الآخر أريد أن أعطيه مثلك، أما يجوز ىلي أن أترص

فهذا الذي جاء �ف ، ف ل�ي الآخرون أو ي أنا كريم؟« وقال يسوع: »هكذا يص�ي

أريد؟ أم أنت حسود لأ�فلون آخرين«. )م�ت 0): )-7)(. و

والأ

النبوية الأحاديث من كث�ي ي �ف »البشارات« هذه تفس�ي ورد وقد هـذا؛

)إنما قال: الله رسول أن عمر، بن عبدالله عن البخاري رواه ما منها يفة، ال�ش ي

ف صلة العرص إىل غروب الشمس، أو�ت بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما ب�ياطا. اطا ق�ي أهل التوراة التوراة فعملوا ح�ت إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا ق�ياطا نجيل فعملوا إىل صلة العرص ثم عجزوا فأعطوا ق�ي نجيل الإ ثم أو�ت أهل الإ . ف اط�ي ق�ي ف اط�ي ق�ي فأعطينا الشمس غروب إىل فعملنا القرآن أوتينا ثم اطا. ق�ياطا اطا ق�ي ف وأعطيتنا ق�ي

اط�ي ف ق�ي اط�ي فقال أهل الكتاب: أي ربنا أعطيت هؤلء ق�ي

ء؟ قالوا: يونحن كنا أك�ش عمل. قال الله عز وجل: هل ظلمتكم من أجركم من �ش

ل. قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء(.

ي مو�، أن رسول الله، قال: ؛ عن أ�ب وهناك حديث آخر، يؤكد ذات المع�فف واليهود والنصارى؛ كمثل رجل استأجر قوما يعملون له عمل يوما )مثل المسلم�يإىل الليل عل أجر معلوم فعملوا له إىل نصف النهار، فقالوا: ل حاجة لنا إىل أجرك طت لنا وما عملنا باطل، فقال لهم: ل تفعلوا، وأكملوا بقية عملكم وخذوا الذي رسشين بعدهم فقال لهم: أكملوا بقية يومكما أجركم كامل، فأبوا وتركوا، واستأجر أج�يف صلة العرص قالوا: طت لهم من الأجر فعملوا ح�ت إذا كان ح�ي هذا ولكم الذي رسشلك ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه فقال لهما أكمل بقية عملكما، ما ء يس�ي فأبيا، واستأجر قوما ليعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية ي

بقي من النهار �شف كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما

يومهم ح�ت غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريق�يقبلوا من هذا النور، فقالت اليهود والنصارى: ما لنا أك�ش عمل وأقل عطاء، قال هل

ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: ل، قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء(.

ف ف الكريم�ي

، والرسول�ي ف ف العظيم�ي

ي وردت عل لسان النبي�يإن هذه الأمثلة ال�ت

الناصع، ووضوحها لبيانها ؛ تفس�ي أو ح إىل رسش تحتاج المسيح( ل وأخيه د )محموالكرامة؛ الفضل من الخاتمة الأمة ستناله بما قاطعة بشارات إنها ... الساطع يعته. ها لأنبيائه، وإقامتها لدينه ورسش يهها لله سبحانه، وطاعتها لأوامره، وتوق�ي ف لت�ف

- 94 -

ي الأناجيل، إنما يكفي ي أوردناها هي كل ما �ف

أخيـرا: ليست هذه البشارات ال�تـد( وهي ة محم من القلدة ما يحيط بالعنق! فهي بمثابة دلئل وشواهد عل )نبوي العهد القديم وأسفار

ي الأناجيل مع نظائرها �في وردت �ف

ف اتفاق النصوص ال�ت تب�ي

التحريف الله، وهذا كلها من عند الرسالت ف أن هذه تب�ي ، كما ف السابق�ي الأنبياء

أصل ورد الذي المع�ف يخفي أن يستطع لم القرآن؛ وأثبته عليها، طرأ الذي بعضها ويؤمن بعضا، بعضها ق يصد الله ورسله كتب أن كما ل. ف الم�ف اللفظ ي

�ف باللحق، واللحق يؤمن بالسابق، فإبراهيم آمن بمن سبقه ببعض، فالسابق يب�شيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ي ذريته رسول يزك

من رسل، وسأل الله أن يبعث �فد، وعيىس آمن بمن سبقه بعيىس ومحم ومو� آمن بإبراهيم وبمن سبقه وب�شيناقض بعضه د. كما أن ما ورد من الحق ل يخرج عن الصدق، ول بمحم وب�ش

بعضا، وأن ما ورد من الباطل فل يكون حقا أبدا.

ت به الأنبياء معروف الذي ب�ش ي ويتأكدـ أيضا - من هذه النبوات أن هذا الن�بسلمية عل يد خاتم الرسل يعت�ب لديهم كافة. وظهور الرسالة المحمدية والملة الإوا به، ولو لم يظهر وا به، وظهور ما ب�ش إذ تحقق صدق ما أخ�ب آية لنبوتهم، ي حق

ي إسماعيل عليهما السلم. ولعل توافق هذه النبوات �فلبطلت النبوات فيه و�ف

ف سائر الأنبياء الكرام. ف الرفيع ب�ي ـد يدل عل أفضليته وانفراده بهذا ال�ش محمي الكتب

ي توافق هذه النصوص تأييد لما أخ�ب به القرآن والسنة بأنه مذكور �فو�ف

المتقدمة. كما يستنتج من هذا التوافق عناية الله بهذه الأمة، ورعايته لها، وحفظه ة ـ ل لحاجة هذا لدينها، فمن حفظه لدينها حفظ هذه الأدلة الدالة عليه والمب�شدهم، ل هم وتمر ة عل أهلها. وأن الب�ش عل عتو قامة الحج ين إليها، وإنما لإ الديستطيعون أن يحجبوا الحق أبدا: ﴿ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق

كون ﴾ ]التوبة :33[. ين كله ولو كره الم�ش ليظهره عىل الد

- 95 -

وشهد شاهد من أهلها

سلم وعالميته، وصدق نبيه، ف أن يقفوا عل حقيقة الإ إذا أراد غ�ي المسلم�يالثقاة من الأحبار يعته؛ فليسألوا علماءهم ية إىل هديه ورسش الب�ش ومدى حاجة تعاىل : قال معاند، أو كاذب أو لجاحد ذلك بعد ة حج تبقى ل والرهبان، ح�ت ومن وبينكم ي

بي�ف شهيدا بالله كفى قل مرسال لست كفروا الذين ويقول ﴿عنده علم الكتاب ﴾ ]الرعد:43[. وقال سبحانه : ﴿ قل أرأيتم إن كان من عند تم إن ائيل عىل مثله فآمن واستك�ب ي إرس

ن ب�ف الله وكفرتم به وشهد شاهد مف ﴾ ]الأحقاف:0)[. وقال عز وجل : ﴿ وإن من أهل الله ل يهدي القوم الظالم�يون

لله ل يش�ت ف الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشع�ييع الحساب ﴾ بآيات الله ثمنا قليال أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله رسوأنهم ورهبانا ف يس�ي ]آل عمران:99)[. ووصفهم بقوله : ﴿ ذلك بأن منهم قسمع سول ترى أعينهم تفيض من الد ون. وإذا سمعوا ما أنزل إىل الر ل يستك�باهدين ﴾ ]المائدة:)83-8 [. ا فاكتبنا مع الش ا عرفوا من الحق يقولون ربنا آمن ممومدح عقلءهم : ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون. وإذا يتىل . أولئك يؤتون ف ا من قبله مسلم�ي إنا كن بنا إنه الحق من ر ا به عليهم قالوا آمنا رزقناهم ينفقون ﴾ ئة ومم ي وا ويدرءون بالحسنة الس بما ص�ب

ف ت�ي ر أجرهم م.]54-5( ]القصص:

ول المكابرين، من الأرض ملء به يوزن لم هؤلء من واحد شهد وإذا الكتاب؛ أهل علماء من له والشاهد كيف المعاندين، بجحود شهادته تعارض

منهم ؟ ! له ف المكذب�ي أضعاف أضعاف

وليس كل من قال من النصارى واليهود إنه من علمائهم فهو كذلك، فعلماء من إنما علماؤهم بعلمه، يعمل من لم فيهم يدخل ف ل الحقيقي�ي الكتاب أهل قه. وإن أنكر بعض علماء السوء منهم؛ لم يكن آمن بما أنزل من عند الله وصد

ف بعلمهم . ي شهادة العلماء العامل�يسلم قادحا �ف الإ ي إنكارهم لن�ب

- 96 -

ي هذا السياق؛ سوف نورد شهادة نفر من أوىلي الألباب، من مختلف الملل والنحل و�ف

أحبارهم إليه يرشدهم بما ويؤمنوا قوا ويصد يقتنعوا أن عىس إليها؛ ينتمون ي ال�ت

ة اطلعهم! ورهبانهم الذين يتباهون بهم، ويتفاخرون بعلمهم، وثقافتهم، وك�ش

ة بما يفوق الحرص، لكن سالم وصدق نبيه، من الك�ش الشهود عىل عالمية الإيكفي من القلدة ما أحاط بالعنق: فها هو القس الفرنىسي لوزان Lausanne- الذي - ألف كتابا بعنوان عمل أستاذا لعلوم الكيمياء والفلك، قبل أن يسلك طريق التبش�يسلمية، والفرق : اليهودية والإ ف

ف السماويت�ي ف الديانت�ي ي السماء( قارن فيه ب�ي

)الله �فسلمية، بأنها نسانية، ووصف الدعوة الإ ، والسماحة الإ ي

بينهما من النضواء العر�تي كان عليها.

ية ال�ت د رسالة التوحيد الخالص، وأنها ارتقت بالعالم من الحالة الم�ت

الخاتم وشمائله، وكيف كانت حياته كتابا مفتوحا، ي ث عن عظمة الن�ب ثم تحدد رسول، ل تخفى منه خافية منذ ولدته إىل يوم وفاته، فقال: »قبل أن يبعث محمي ذلك ح�ت

ي عبادة الأصنام، وتوغلت �فعاشت بلد العرب الأزمنة الطويلة غارقة �ف

سلم وأصلح معتقدات هؤلء الناس، ي عظيم، فجاء الإاحتاجت إىل انقلب دي�ف

وجعلهم سادة عل العالم«.

ف يؤمنون : إن جميع المسلم�ي ي موضع آخر من الكتاب؛ يقول القس الفرنىسيو�ف

ة عن حياته، فقد ة وكب�ي دا هو آخر الأنبياء، ويعرفون كل صغ�ي بأن نبيهم محمف عائلة ي مكة لع�ش ليال مضت من أبريل عام 570 للميلد، وكانت عائلته أرسش

ولد �في بلد العرب، وصاحب النسب المرتقي

ة �ف ي قريش، وهى إحدى القبائل الشه�ي�ف

ه متوليا سدانة الكعبة، وكانت مقر إىل إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وقد كان جديت أمه وهو ابن ستة أعوام، ي والده عبد الله قبل ولدته، وتوف

حكومتهم، وتو�فف الأخلق، ومنتهى الحياء، وشدة وكان عل أعظم ما يكون من كرم الطباع ورسشحساس، وأثناء كفالة جده له بدأت تظهر من )محمد( علمات الذكاء ورجاحة الإالعقل، فكان عل خلق عظيم، وشيم مرضية، شفوقا عل الأطفال، مطبوعا عل ي معاملته مع الناس، وكان حائزا قوة

ي نفسه، ول صلف �فق �ف حسان، غ�ي متشد الإ

يفة«. إدراك عجيبة، وذكاء مفرط، وعواطف رقيقة رسش

ول التباس بل د فمحم « : ي الن�ب أوصاف بيان بعد Lausanne القس وقال نه الله عظيم جليل القدر والشأن، لقد مك ي ، بل إنه ن�ب ف يق�ي ف والصد بي�ي نكران من النسلمية، وإخراجها من العدم إىل الوجود، بما صار أهلها يزيدون من ن�ش الملة الإ

- 97 -

هم سلطنة الرومان، وقطعوا برماحهم دابر زيادة مطردة وعجيبة، وراموا بجدق والغرب«. أهل الضللة، إىل أن صارت ترتعد من ذكرهم فرائص ال�ش

ي العرب وحدهم، بل ن�ب ي ي موضع آخر »ليس محمد ن�بويقول Lausanne �ف

كان من وإن وأن دين مو� الله، إىل وحدانية دعا ي ن�ب أعظم كله، فهو العالم إرسائيل، ي

بب�ف وخاصا محضا قوميا كان أنه إل الوحدانية، أساسها ي ال�ت الأديان

بقاعدتيه دينه ون�ش ، الب�ش لكل وأنها رسالته، عالمية عن أعلن فقد د محم ا أمبالبعث«. يمان والإ التوحيد، وهما: ، ف

الأساسيت�ي

فيقول الخاتمة، الرسالة اتباع إىل كتابه آخر ي �ف Lausanne القس ويدعو

)فرسول كهذا الرسول يجدر باتباع رسالته والمبادرة إىل اعتناق دعوته، إذ إنها دعوة ، والردع عن المنكر، وكل ما جاء قدسية قوامها معرفة الخالق، والحث عل الخ�يين الحق(. صلح، وهما أنشودة المؤمن الذي يبحث عن الد به يرمي إىل الصلح والإ

نجيلي جورج بوش سالمي( )5( للقس الإ س الدين الإ د مؤس ي كتاب )محمو�ف

Indianapolis إنديانا بولس ي الكنائس �ف حدى George Bush- الذي كان راعيا لإ

قية بجامعة نيويورك- بالرغم من أن الكتاب ينطوي وأستاذ اللغات والآداب ال�شي هذا المقام.

ة، لسنا بصدد الرد عليها أو تفنيدها �ف عل مغالطات وتناقضات كث�يي كث�ي من فصول الكتاب عل

افه وتأكيده �ف ي هذا الصدد هو اع�تإنما الذي يعنينا �ف

سلم! الإ ي بشارات الكتاب المقدس بن�ب

أهل عند مكتوب ملسو هيلع هللا ىلص دا محم أن ؛ ع�ش السادس الفصل آخر ي �ف أكد فقد

نجيل، تماما كما أشار القرآن، وإن كان »بوش« قد اختلف ي التوراة والإالكتاب �ف

سلم، إل أنه الإ ي ي قالوا بأنها تتنبأ بظهور ن�بي البشارات ال�ت

ف �ف مع علماء المسلم�يسلم الإ ي أورد بشارات أخرى من الكتاب المقدس، مؤكدا أنها تش�ي إىل ظهور ن�بأن تؤكد والمسيحية؛ اليهودية النبوءات أن »بوش« أثبت كما دعوته. وانتشار

إذا هوى«. »النجم وأنه هو السماوات« »جند )محمدا( سيصافح

لم يكتف القس G.Bush بهذا فحسب، بل ذكر ـ أيضا - سمات جيوش ملسو هيلع هللا ىلص كما أكدتها نبوءات الكتب السابقة: »أنها ل تعتدي عل راهب ول دير ول ي الن�بكه ول عابد ول موضع تعبده؛ سواء كان يهوديا أو نرصانيا«. ناسك ول موضع تنس

محمد مؤسس الدين السلمي، جورج بوش )مرجع سابق(. )5(

- 98 -

بمجيء المقدس الكتاب بشارات عل الأدلة بوش القس/ أورد وبعدما ي نهاية الملحق الأول لهذا الكتاب:

سلم، راح يتساءل بح�ة وألم، فيقول �ف الإكانت وإذا كاف، غ�ي وسلطانه وتقدمه سلم الإ ظهور بشأن يذكر ما كان »وإذا ح النجاح المذهل الذي حققه ي عادة ما يجري إيرادها ل�ش

الأسباب الدنيوية ال�تطلق سلمي ل زالت تبدو لنا غ�ي كافية، وإذا كانت أعظم ثورة عل الإ الدعاء الإي أن نعزو هذا

دد �ف واجهت الكنيسة المسيحية تبدو معضلة ل حل لها، فلم ن�تالذي يف� كل هذه الأرسار؟! الله ومشيئته، وبذا نجد الحل ة إىل مبارسش

ي لهي �ف اف بالأمر الإ ويتساءل G.Bush : »لماذا نحن نتوق للهرب من الع�ت

سلم( حقيقة : دانيال ويوحنا، فإن )الإ ينا لنبوء�ت سلم(؟ إن صح تفس�ي قيام )الإ

سلم الإ بظهور تشهد تاريخية وحقيقة المقدسة، كتبنا محتوى بصحة تشهد أسباب ذات كونها تعدو ل القضية أن عل نرص أن مع�ف فما والآن وانتشاره. نزعنا حكم نكون قد بهذا حقيقة فإننا النبوءة، ي

�ف واردة بينما هي حقا ية، ب�شالكون )العالم( من يد الله. وهذا المبدأ يدفع إىل تكذيب كلمات النبوءة المؤكدة، أ بأحداث ليس له سيطرة عليها وليس هو ضابطها، هذا لأنه يجعل الله مجرد متن�باطوريات م�ب المبدأ ل يصمد أمام أي قدر من التمحيص. عندما تنبأ دانيال بمص�ي الإبالسم وأسماه )كورش( قورش عن إشعياء تحدث عندما أو ة، الكب�ي الأربع ء، هل يمكننا بعد كل هذا أن نقول ي

لله المحيط بكل �ش ق هدفا باعتباره سيحقالأسهل من لهية؟ الإ المشيئة بعيدة عن بها؛ تمت التنبؤ ي جرى

ال�ت الأحداث إن د الذي ل سيم مسبق ق�ف الله بمقتضاه أن يظهر محم ف ب�ت والأصوب أن نع�تي

ه القدري �ف يزال باقيا )يقصد كتابه( بهيمنته المدهشة، ودوامه المستمر، وتأث�يزاخر )المسيحي( المقدس والكتاب مؤكدة. لنبوءات أنه مجال كما ، الب�ش أمور

ي تؤكد هذا«. بالأمثلة ال�ت

ي ن�ب عظمة عل الشهادات من ا كث�ي كتابه G.Bush القس ن ضم لقد أيضا، يتناول هذا ي كتا�ب أن ف »أع�ت يقول: كتابه من الخامسة الصفحة ففي سلم، الإكاتب أي عل ورة بالرصف تنطبق حقيقة منها، أهم هو من هناك ليس شخصية ي وأحواله العر�ب ي يتناول هذا الموضوع نفسه، فكل الحقائق المتاحة عن حياة الن�بي

�ف وتأملت نظريات عليها وقامت طويلة، مدة منذ للعالم تقديمها جرى قد ة ي صـ9) يقول: »إن س�ي

عي النتباه«. و�ف ي والفلسفي، وكلها تس�تف الأخل�ت

المجال�يف ومتفكرين ظاهرة مدهشة، وتزداد دهشتنا كلما أمعنا النظر فيها، متأمل�ي ي هذا الن�ب

- 99 -

ي صـ34 يقول ضمن حديثه عن مولده: ف غ�ي العادي«. و�ف ي حياة هذا الرجل المم�ي

�في خرج فيها الطفل المصطفى إىل العالم، انبثق معه فيض من

ي اللحظة ال�ت»إنه �ف

مدينة تقام لكي ساوا؛ ة بح�ي مياه فغاصت العالم، ي �ف بقعة كل عل فاض نور

ان ي قاعها، وأسقط زلزال أربعة ع�ش برجا من أبراج قرص ك�ى، وانطفأت ن�ي�ف

ي تسكن القمر والنجوم من مساكنها يرة ال�ت الفرس المقدسة، وطردت الأرواح ال�ش

ي صـ )3 ي الأرض ومن تشجيع عبادة الأوثان«. و�ف

ومنعوا بعد ميلده من الوسوسة �فطلق، يف أصيل النسب، وأنه من أنبل قبائل العرب عل الإ يقول: »الحقيقة أنه رسشبأخلقه، فيقول: »لذا؛ فإن ي صـ 58) يشيد

«. و�ف ف العالم�ي فالطفل مصطفى عل ، ف ي«. ويلقي باللوم عل الكتاب المسيحي�ي أخلقه ظلت فوق مستوى الجنس الب�شء الحكم عل رجل بهذه ي صـ59) قائل: »من الخطأ أن نىسي

ويدافع عنه بشدة �فالأفق«. بالشهامة، وسعة المتسمة العظيمة الجذابة، والصفات النبيلة الأوصاف الخاتم، ي الن�ب ة هذا بالغ إعجابه بس�ي ي حديثه مفصحا عن

القس بوش �ف ي ويم�ف

ده أتباعه لتقواه، وصدقه وعدالته وتواضعه، وإنكاره ي صـ 58): »لقد مجفيقول �ف

يمان والصدق«. ي أنه نموذج كامل للإلذاته. إنهم ل يساورهم أد�ف شك �ف

Montgomery Watt (1909-2007) )ي )مونتجمري واتوتستان�ت ا القس ال�ب أم

ة، وكان أبوه القس »أندرو وات« من ي أدن�بي لندن و�ف

الذي عمل راعيا لعدة كنائس �فف ف المتخصص�ي ق�ي مشاه�ي رجال الدين المسيحي؛ يعد مونتجمري من أبرز المست�شي كث�ي من الجامعات الأوربية والأمريكية، وله

سلمية، وقد عمل �ف ي الدراسات الإ�ف

د ي المدينة، محمد �ف ي مكة، محم

د �ف ي هذا الصدد، منها: محمالعديد من المؤلفات �ف

ين ها. وكان آخر مؤلفاته: حقيقة الد سلم، وغ�ي ورجل دولة، موجز تاريخ الإ ي ن�بي عرصنا.

�ف

ي أن هذه الدراسة ي مكـــة« )6( قائل : »وىلي أمل �ف

ـــد �ف يستهل كتابه »محمد يمكنها أن تساعد عل إثارة الهتمام من جديد برجل هو أعظم عن حياة محم

ي آدم«.رجال ب�ف

معتقداته، أجل من الضطهاد ل لتحم الرجل هذا استعداد »إن : ويقول وه سيدا وقائدا لهم، إىل والطبيعة الأخلقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه، واعت�بي

�ف المتأصلة اهة ف وال�ف العدالة عل يدل ذلك كل المطلقة، إنجازاته عظمة جانب

ي مكة، مونتجمري وات، ترجمة: د.عبد الرحمن الشيخ، الهيئة المرصية للكتاب )99)م.محمد �ف )6(

- 100 -

اض يث�ي مشاكل أك�ش ول يحلها. بل إنه ل توجد ع؛ اف�ت دا مد اض أن محم شخصه. فاف�تف لم تنل التقدير اللئق بها مثل ما فعل بمحمد«. شخصية من عظماء التاريخ الغربي�ي

اللهوت عالم جميعا؛ هؤلء من ة حج وأك�ش وذاك، هذا من أبلغ ولعل الكاثوليكي السوي�ي المعارص د. هانـز كونـج Hans Kung ـ الذي كان مستشارا ستينيات ي

�ف ون والع�ش الثالث جون البابا نه عي الذي الفاتيكان لمجلس رسميا ، وهو معروف ي الدراسة للبابا بيندكت السادس ع�ش

، وكان زميل �ف يالقرن الماصف

سلم طريق الأمل( )7( يسلك فيه مسلكا بسعة اطلعه- فقد أصدر كتابا بعنوان )الإيخالف المسلك الذي درج عليه سمارسة التبش�ي والمطامع السياسية. حيث فند نسان، فقال: »أرفض دعاوى الغرب الكاذبة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإحها العدوان العسكري، وأرفض الحرية الغربية الممزوجة ي يق�ت

الديمقراطية ال�تض وجود قاعدة من القيم والمعاي�ي الأخلقية بالأكاذيب، فالديمقراطية الحقة تف�تي الغرب لم تعارض الفاشية والنازية،

... ومما يؤسف له أن الكنائس المسيحية �في أدت بعد عقدين إىل اشتعال الحرب

لذلك حدثت النتائج الكارثية والأخطاء ال�تالتاريخ. ي

�ف سبقتها حرب أي من بكث�ي أسوأ بدورها كانت ي ال�ت الثانية العالمية

ى ي أن ما يسموعندما تزعمت الوليات المتحدة قيادة العالم أصبحت ثمة شكوك �ف

ي رهاب يمكن أن تشكل رؤيتنا للمستقبل، لأنه ل يمكن أن نستمر �ف الحرب عل الإ

إقامة حرب تلو الأخرى من أجل أن نقتل كل ما هو ضدنا«.

لون ، إن هؤلء الذين يحم ف ويقول الح�ب الكاثوليكي أيضا: »دعونا نكن عادل�ي , ف المتطرف�ي من حفنة بها يقوم ي

ال�ت النتحارية الهجمات مسؤولية سلم الإبرية ي الوقت نفسه المسيحية أو اليهودية بسبب المعاملة ال�ب

عليهم أن يدينوا �في قامت بها الوليات المتحدة وقتل فيها

ية ال�ت للسجناء, والهجمات الجوية وال�برهاب الذي يمارسه جيش الحتلل ي العراق وحدها, وكذلك الإ

ف �ف آلف المواطن�ي. ف فلسط�ي ي

�ف رسائيلي الإ

ورية لندماج جوهر ويؤكد عالم اللهوت: أن هناك -عاجل أو آجل- مساحة رصفسلم تجعل ن الرسالة الأصلية للإ

ين. لأ سلم مع تحديات القرن الحادي والع�ش الإمن الممكن وجود مجتمع ديمقراطي وثقافة مبدعة, مع علوم مبتكرة واقتصاد قابل نسان محفوظة، سلم للمجتمع الدوىلي سيكون فيه حقوق الإ للتطبيق، فإسهام الإ

وق، القاهرة 2007م. مل، هانز كونج ، دار ال�شأ

سلم طريق ال الإ )7(

- 101 -

الختلفات كل من الرغم عل كا مش�ت أساسا ستصبح نسانية الإ والمسؤوليات , ي يجا�ب ي والعلمي الإ

سلم يقود نحو التقدم الروحا�ف الثقافية. فالتجاه الأسا�ي للإكما تشهد بذلك العديد من السور القرآنية والأحاديث النبوية، وإن القرون الخمسة سلم تتحدث عن نفسها حيث كان متقدما عن الغرب, والمسلمون اليوم الأوىل للإ

ي حدثت«.قادرون عل إعادة مجدهم، بحيث يتجنبوا بعض الأخطاء ال�ت

النهيار نلحظ »إننا فيقول: الكنيسة، وتاريخ حال اللهوت عالم وينعى وتلهفها بتقاليدها إيمانها بسبب بالعمى، وإصابتها المسيحية للكنائس المميت الحديثة العلوم الحرب عل أعلنت فقديما , ي

الكهنو�ت لممارسة سلطتها وحكمها والتقنية والديمقراطية, ولهذا فإن الكنيسة المسيحية والحداثة مسئولن معا عن

ي أوربا, والتحول إىل علمانية ملحدة«.ين �ف ي أدت إىل التمرد عل الد

الطريقة ال�ت

ي ل يمكن الستغناء عنها لعالم سلم لديه مصادره ال�ت ويش�ي Hans إىل أن الإ

ي التغلب عل المصاعب أك�ش سلما وأك�ش عدل، فيمكن أن يسهم بها ليس فقط �ف

ى, وهذا ينطبق عل ي حل المشكلت الك�بي الحياة، ولكن أيضا �ف

والقضايا المركزية �فف الحضارات، المشكلة المحورية الخاصة بالحرب والسلم، وإشكالية الصدام ب�ي

من خلل التفاهم والتعاون«.

سلم، يؤكد عالم اللهوت: أنه »ل يمكن لأحد أن ينكر دور نبوة الإ ي وعن ن�بف

د بحال من الأحوال، فهو المرشد الحقيقي إىل طريق النجاة، ولعل الذي م�ي محمته وشمائله كلها قد حفظها لنا التاريخ، فليس ثمة حياة الرسول الخاتم؛ أن س�يف الباحث�ي ف بهذه الحقيقة كبار ته، وقد اع�ت ي أي ناحية من حياته وس�ي

غموض �ف.» ف الغربي�ي ف والمؤرخ�ي

بعنوان الحجم، كب�ي كتابا Mission ميشون / يالألما�ف القس أصدر وقد

سلم نظرة مؤلف ل الإ إىل ينظر أن ق( حاول من خلله ي ال�ش)سياحة دينية �ف

ه أو بإيمانه، فسار عل ب ضده لمخالفته إياه بتفك�ي ي عقيدته، ول يتعصينح� �ف

ف الذين يخجلون أمام قرائهم من تشويه الحقائق وتبديل ف العلمي�ي منهج المؤلف�يالأعمى. ي تعصبهم

الجهل �ف الوقائع؛ مجاراة لذوي

فأشاد وذكرياته، ومقابلته ومشاهداته رحلته عن فيه تحدث وقد ي

�ف تتغلغل ي ال�ت الرحمة وأخلق ف المسلم�ي شمائل عل ووقف ونبيه، سلم بالإ

هم. غ�ي مع معاملتهم ي �ف وت�ي حياتهم،

- 102 -

ف الأقطار والشعوب، فلم أجد أحسن : »تجولت ب�ي Mission يقول القس ف المسلم�ي يتلقون عن المسيحيون يزال ، ول ف المسلم�ي أو�ف عهدا من ول أخلقا حسان والإ الرحمة قواعد أقدس وهما المعاملة، حسن وفضائل التعامل روح ي الديانات

د، وقرأت �ف عند الشعوب والأمم، كل ذلك بفضل تعاليم نبيهم محمالسمحة وتعاليمه سلم الإ رسالة من أصدق أجد فلم والفلسفات، والمذاهب

ي دين آخر مما عرفنا من الديانات السماوية«. ي ل مثيل لها �ف

ال�ت

تاريخ ي �ف باحثة فهي Karen Armstrong ونج أرمس�ت كارن ية/ ف نجل�ي الإ ا أم

سلم السماوية، مثل كتاب: ي تنافح عن رسالة الإالأديان- ألفت عددا من الكتب ال�ت

لهي، والحروب الصليبية( ولها أيضا كتابان ي العشق الإ)القدس ومحمد، وأشعار �ف

هذا العرص ي د ن�ب د«، »محم محم ي ة الن�ب ام عن الرسول، هما: »س�ي جديران بالح�تMuhammad: A Prophet for Our Time" وقد ترجما إىل العربية، وطالبت »كارن سلم ونبيهملسو هيلع هللا ىلص، ي تصوراتهم نحو الإ

ورة إعادة النظر �ف ف برصف ونج« الغربي�ي أرمس�تيعاته رس مصداقيته، وجاذبيته الشديدة، سلم ومرونة ت�ش مؤكدة أن وسطية الإية وإنقاذها من المهالك، ففي سلم ما جاء إل لسعادة الب�ش الإ ي موضحة أن ن�بي يتفاهمون

محمـد( )8( تخاطب قومها بمنطقهم ولغتهم ال�ت ي ة الن�ب كتابها )سـ�يد سلم ورسوله محمد، فتقول: »إن أحدا من أعداء محم فهم بحقيقة الإ بها، لتعرييف الوحي، ح�ت إن ف لم يتهمه ب�ت مع فرط خصومتهم وعداوتهم وعنادهم- ـ ي قومه محذرا، وهو يقول:

ف عداوة - لم يملك إل أن يصيح �ف ك�ي عتبة ـ ألد الم�شليكونن لقوله الذي ي قد سمعت قوله، والله ما سمعت مثله قط؛ والله

إ�ف والله سمعت نبأ عظيم!

ي أول أمره بالسعي تش�ي السيدة / Karen Armstrong إىل أن محمدا اهتم �ف

كانت الذي القديم ي العر�ب ف ال�ش ميثاق إصلح إىل فسعى العدل، مجتمع إىل وة والممتلكات مثلما فعل المسيح، قريش تعرفه، ولم يجنح محمد إىل إدانة ال�شف ف الأغنياء والفقراء، إىل جانب النهي عن ك�ف ولكنه بفريضة الزكاة عالج الفوارق ب�ينسان الإ إن ... الفقراء برعاية الأمر مع اليتامى، أموال أكل عن والنهي الأموال، محمد الذي لم تكن له أية صلة ي ل يسعه إل أن يندهش للعبقرية الروحية للن�بة بدين ف لدينهم، ومع ذلك فقد نفذ إىل قلب الخ�ي باليهود أو بالنصارى الممارس�ي

ونج، ترجمة د. فاطمة نرص، سلسلة سطور، القاهرة 006)م. محمد، كارن أرمس�ت ة الن�بي س�ي )8(

- 103 -

ف بالرحمة د يتم�ي ف القرآنية، كان محم التوحيد. وإنه عل الرغم من رصامة القوان�يعل الغرب ي

-�ف دأبنا ذلك ومع ... الحيوان شملت ي ال�ت والشفقة الجانب، ف ول�ي

مع . القا�ي والمحارب الجهم، الرجل صورة ي �ف محمدا م نقد أن القرون- مر

أن حقيقة أقواله وأفعاله لتؤكد عبقريته الشخصية الفائقة، المستندة إىل الوحي ي القائم عل حتمية التوسل بالأسباب، مقررا بذلك

ي تطبيق المبدأ القرآ�فوحده �ف

.» سلم دين واقعي عملي أن الإ

ض ي الطلع والبحث، وقد تمخا �ف ونج« مجهودا كب�ي لقد بذلت »كارن أرمس�ت

دا رجل دين ودولة، فتقول: ذلك كله عن شهادة عادلة موثوقة، حيث رأت أن محموإنما ، ف للمسلم�ي فقط ليست مهمة دروس ولديه مثالية، شخصية محمدا »إن Holy« للشعوب الغربية، حياته كانت جهادا، ليس جهاد بمع�ف الحرب المقدسة يجلب لكي م مجهودا فريدا ي النضال »Struggle« محمد كدح، وقد

war« بل أع�ف، لذا نريد اليوم أناسا مستعدين لفعل مثل ما فعل! ف السلم للعرب الممزق�ي

بأن أدرك وعندما والتغطرس، والظلم الطمع ضد حملة كانت حياته إن بجهد قام ، ي

تـغ�ف ل قد القديمة هم تفك�ي وأن طريقة ل، تحو نقطة ي �ف العرب

علينا لذا يجب زمنية جديدة؛ ندخل حقبة اليوم وإننا كامل. عجيب لطرح حل المختلفة«. النظر وجهات تطوير

ي أدعو العقلء تختم Karen Armstrong كتابها، منادية قومها، قائلة: »إن�ف

، الذي ف سلمي، ورد العتبار لرسوله الأم�ي ي الدين الإورة إعادة النظر �ف أول، إىل رصف

، وإخراجهم من الظلمات إىل النور، ومن الضللة ق�ف حياته كلها لهداية الب�شي

إىل الهداية، ومن سوء العاقبة إىل النعيم الأبدي الذي ل يبل وهو رضوان الله �ف يفيقوا جنات النعيم. وعل العقلء أن ينبهوا الجهلء والمغرورين الجاحدين، كي

وا النهار نهارا، والليل ليل«! من غفلتهم، ل�ي

ي أوج بها وهم �ف أدلوا ي

ال�ت الأحبار والرهبان هذه بعض شهادات مشاه�ي ي هي من أجل

ال�ت سلم، الإ ين فيها بحقيقة مقر ي كتبهم، لوها �ف مجدهم، وسج

طلق. الإ وأكملها عل السماوية الرسالت وأقدس الوجود، ي هذا �ف الحقائق

جديرة ودراسات سلم الإ عن قيمة كتبا ألفوا الأحبار هؤلء غ�ي وكث�ي موا ن هؤلء الشهود أعملوا عقولهم، واح�ت

ام والتقدير، وما ذلك إل لأ بالح�تالتاريخ! محكمة وأمام ... قرائهم أمام بالحق، وصدعوا أنفسهم،

- 104 -

ي �ف شهادته أعلن من أول يكونوا لم )المعارصين( الشهود بأن هؤلء علما

والرهبان الأحبار من سلم ورسالته، فقد سبقهم طابور طويل جدا الإ إنصاف يمان، الإ نور وبزغ سلم، الإ قت شمس فمنذ أرسش والمكان، الزمان بامتداد يمتد رسا تلهج والألسنة تخفق، والقلوب ى، ت�ت الشهادات الحق؛ رايات ورفرفت

.﴾ زهوقا كان الباطل إن الباطل وزهق الحق جاء ﴿ وجهرا:

التدليل بها أردنا إنما اللهوت؛ الرهبان وعلماء ننقل شهادات هؤلء وإذ ... وليس المراد منها، ، وسائر الدنيا سلم إىل جميع الب�ش عل وصول رسالة الإإثبات نبوة )محمد( أو استجداء شهادة أي مخلوق كان من كان! فهناك قرابة ملياري ي ون بأموالهم وأنفسهم، دفاعا عن ن�ب ي العالم يضح

مسلم )700) مليون مسلم( �في امتثال أقواله وأفعاله،

ون لحظة واحدة �ف سلم ورسالته، وهم الذين ل يكف الإدون أي تحريف أو تبديل .. ولسان حالهم يقول:

ء ويوضعـه! يله فليس يرفعه ىسش ف من كان تحت العرش م�ف

- 105 -

فاسـألوا أهـل الذكـر

ي هذا ظل الرصاع الحضاري المحتدم؟ترى؛ بماذا يستدل عل الحقيقة �ف

ف الحق والباطل؟ وكيف يعرف الصدق من الكذب؟ والفرق ب�ي

ثبات واقعة، أو لكتشاف أمر من الأمور، ألسنا نحتكم إىل شهادة الشهود؛ لإأو قضية من القضايا؟!

ل كنتم إن كر الذ أهل فاسألوا ﴿ الخالدة العليا الحكمة قنا إذا طب ونحن مكانته- وعلو نبيه وصدق رسالته، وعالمية سلم، الإ عظمة ثبات لإ ﴾ تعلمون ف من فل يسعنا إل أن ندلل عل ذلك بشهادة عظماء العالم، وعباقرته المنصف�يي شأن

مختلف الأجناس والمذاهب، لنقف عل ما توصلوا إليه، وما اتفقوا عليه �فونبيه! سلم الإ

ف والمفكرين فهل ـ يا ترى - إذا أجمع عباقرة العالم من الفلسفة والمؤرخ�يمه سلم( وفضله عل الدنيا، وما قد الإ ي والعلماء والأدباء، واتفقوا عل عظمة )ن�بق كلمهم، م آراءهم، ونصد الميادين- هل نح�ت ي مختلف

نسانية من عطاء �ف للإونضم أصواتنا إىل أصواتهم؟

املنطقي؛ أن تكون اإلجابة بـ)نعــم(. لوه إن هؤلء »العباقرة« الذين نستشهد بآرائهم، وننقل كلمهم؛ الذي سجف أنفسهم ؛ بل من الغربي�ي ف ي مؤلفاتهم ومذكراتهم، ليسوا من العرب أو المسلم�ي

�فف بكراهيتهم للحضارة ؛ المعروف�ي ف ( وبعضهم من الغلة والمتطرف�ي ف )غ�ي المسلم�يقية، سلم وأهله! أمثال: عالم اللغات ال�ش سلمية، والمشهورين بعداوتهم للإ الإ H.prideaux 1724-1648 بريدو هامفري وفيسور/ ال�ب ي ف نجل�ي الإ ق والمست�شد لمحم السامية بالصفات 1699- باريس د( محم )حياة كتابه ي

�ف ف اع�ت الذي ة بعثته »امتاز بشجاعته وفطنة عقله، وعظمة أعماله، وأكد أن محمدا طوال ف�توبدرجة عالية من المجد؛ مما جعله أعظم القادة الذين عرفهم التاريخ، وقد أنشأ

- 106 -

اطورية م�ب ي تحتلها الإين عاما امتدت لتشمل المناطق ال�ت ي ثلثة وع�ش

اطورية �ف إم�بالواسعة المملكة تلك رأينا وقد منها، وأك�ش بل عام خمسمائة لمدة الرومانية اطوريات م�ب ا من الإ ي أوج عظمتها، وقد رأينا كث�ي

استمرت لقرون عديدة وهي �في المتداد والسيطرة لمدة طويلة ..«.

ها �ف ي ل تقارن بغ�يسلمية ال�ت والممالك الإ

ك Edmund Burke 1797-1729 الذي كذلك؛ المفكر الأيرلندي/ أدموند ب�ي؛ قانون ضابط للجميع من الملك إىل أقل رعاياه, وهو دي : »أن القانون المحم أكديع عادل, لم , وأعلم ت�ش , وأعظم قضاء علمي ي

بأحكم نظام حقو�ت نسج قانون يسبق قط للعالم إيجاد مثله«.

ي/ مارجليوث Margoliouth 1940 -1858 الأك�ش ف نجل�ي ق الإ ويعد المست�شسالم( : »إذا نحن د ونهضة الإ ي كتابه )محم

سلم، ومع ذلك نراه يقول �ف عداء للإي أيدينا من كتب مقدسة، سندرك عل الفور أن

ف ما �ف ، وب�ي يف الوحي القرآ�ف قارنا ب�ي

سلم وحده هو الدين الحقيقي«. الإ

Ignaz Joldziher (9((-(850 ق اليهودي المجري/ جولد زيهر أيضا؛ المست�شالله إقامة دين يريد محمد سلم(: »كان الإ ي

�ف يعة )العقيدة وال�ش كتابه ي �ف يقول

أوحاه أن سبق لما قا مصد كان عام بوجه أنه كما إبراهيم، به جاء كما الواحد د كان بل شك أول مصلح حقيقي من الله لمن تقدمه من الرسل والأنبياء ... فمحم

التاريخية«. الوجهة

ق اليهودي المعارص/ برنارد لويس L.Pernard نص�ي الحركة ومع أن المست�شالنحياز وشديد وقضاياهم، ودينهم ف المسلم�ي عل اء الف�ت وكث�ي الصهيونية، ف إل أن ذلك لم يمنعه من أن يع�ت سلم وأمته؛ القرار الأمريكي ضد الإ لصانع ف ي النتشار السلمي، وبالعدل الذي تم�ي

ف كدين ودولة، وبالسماحة �ف سلم بالتم�ي للإس سلمي مع الشعوب غ�ي المسلمة، فقد شهد L.Pernardأن »مؤس به الحكم الإس »مؤس ا أم لله«. لله وما لقيرص، لقيرص ما أعطوا أن أتباعه: نادى المسيحية« « )337-74)( ففي حياته أصبح المسلمون ف سلم« فقد جعل من نفسه »قسطنط�ي الإف ي ب�ي

جماعة سياسية ودينية كان الرسول سيدها المطلق، يحكم أرضا وشعبا، ويق�فائب، ويقود الجيوش، ويعتمد الدبلوماسية، ويخوض الحرب الناس، ويجمع الرصفالطوعية الموافقة أساس عل الرئاسة منصب يحتل القبيلة شيخ كان وبينما ...أساس من الحكم عل إىل جاء محمدا فإن إلغاؤها، يمكن للقبيلة، وهي موافقة ي المطلق، واستمد سلطته ليس من الطرف المحكوم، بل من الله«.

ي�ف المتياز الد

- 107 -

زون عل أزماتهم الجتماعية ا ما يرك ؛ أنهم كث�ي ف ي شهادات الغربي�يالملحظ �ف

سلم( للبحث الإ ي ة )ن�ب والنفسية، ومشاكل الحضارة الغربية, لذلك لجأوا إىل س�يفقد وبالفعل والنهيار. الضياع من مجتمعاتهم وإنقاذ لمعاناتهم، حلول عن سلم( وحده القادر عل حل معضلت حضارتهم, وتيقنوا أن الخروج وجدوا )الإيعته العالمية، وآمنوا أن سلم ورسش ف الإ ي قوان�ي

من مشاكلهم المستعصية؛ يكمن �فد( وأقواله؛ الملذ الآمن، وشاطئ النجاة، ومرفأ السلمة. ة )محم س�ي

عل وجه ـ السياسة الزعماء والقادة ورجال كبار الحقيقة بهذه شهد وقد ي مذكراته

الخصوص- فقد أفصح نابليون Napoleon Bonaparte 1821-1769 �في الباب الرابع من رسائله، يقول )أرجو أل

سلمي، فكتب �ف يع الإ عن إعجابه بالت�شف ف والمثقف�ي د جميع الرجال العاقل�ي يكون قد فات الوقت الذي أستطيع فيه أن أوحي هي

أ نظام حكم متناسق، مؤسس عل مبادئ القرآن، ال�ت ي الدولة، وأن أنىسش�ف

ي يمكنها أن تقود الناس إىل السعادة، بعيدا عن )المسيحية( وحدها الصادقة، وال�ت

فقط بالعبودية والتبعية...(. ي تب�شال�ت

كتابه ي �ف Th.Carlyle 1881-1795 كارليل توماس مقولة إىل - مثل ـ وانظر

د صادقا لما استطاع دينه أن يعطي هذه الحضارة كلها«. "الأبطال")9(: "لو لم يكن محم

ي القاهرة ف Pawell Shimtesـ الذي عاش �ف / باول شم�ت ي

ق الألما�ف وهذا المست�شف وقوتهم عل ي ثبات المسلم�ي

ربع قرن من الزمان- استطاع أن يصل إىل ال� الكامن �فسلم قوة ي كتابه »الإ

ل هذا �ف ي الفاعل عل م�ح الحياة، وسج ممارسة الدور اليجا�با لتضع ما سماه علماء القانون ية كث�ي الغد العالمية« فقال فيه: »لقد جاهدت الب�شد بعفوية وبساطة؛ عندما نسان«, لقد فعلها محم والسياسة: »الحقوق الطبيعية للإي الحياة

نسان �ف ة الوداع، وقرر حق الإ ي مكة فيما يعرفه المسلمون بحجوقف حاجا �ف

اء الحلل، والمساواة وحرمة الدم والعرض والكرامة«. والتدين والحرية وال�ش

B.Show برناردشو جورج / الشه�ي وأديبها أيرلندا فيلسوف نجد أيضا، أعظم د )محم كتابه ي

�ف بشجاعة رأيه وسجل الحقيقة، بهذه أيقن 1856-1950د يطانية، حيث قال: »وأعتقد أن رجل كمحم الرسل( )0)( الذي أحرقته السلطات ال�ب

بطال، توماس كارليل، ترجمة: محمد السباعي، إصدارات هيئة قصور الثقافة، القاهرة 009)م.أ

ال )9(

، ))0)م. ، دار الفجر للن�ش ي القوصي)0)( محمد أعظم الرسل، برنارد شو، ترجمة محمد عبد الشا�ف

- 108 -

ي حكمه, ولقاد العالم ي العالم بأجمعه اليوم لتم النجاح �ف

لو تسلم زمام الحكم �ف, وحل مشاكله عل وجه يحقق للعالم كله السلم، والسعادة المنشودة«. إىل الخ�ي

أوروبا »إن فقال: الأديان، من ه غ�ي عل وعلوه سلم الإ بانتشار ب�ش ثم ف ين من الأوروبي�ي د، وبدأت تعيش دينه، وإن كث�ي الآن ابتدأت تحس بحكمة محم قريبة ي سلمي الأورو�ب سلم ... وإن بوادر العرص الإ سون تعاليم الإ الآخرين يقدا قد أيقنت بملئمة ي مائة عام ح�ت تكون أوروبا، لسيما إنجل�ت

ل محالة؛ فل يم�فالصحيحة«. للحضارة سلم الإ

Annemari شمل« ماري »أنا الألمانية قة المست�ش المع�ف ذات وتؤكد ي

ي كتابها )محمد رسول الله( فتقول : »إن الحضارة ال�تSchimmel 1922-200 �ف

الهدى والسلم؛ لهي جديرة بانتشال العالم من وطأة الرصاع ي رسم معالمها ن�ببر إىل وقيادته استغلل، أسوأ نسان الإ تستغل ي

ال�ت والأيديولوجيات السيا�ي له«. ي صارت شعارا

ال�ت سنة تحية »السلم« الأمان عل

: ف بالديانت�ي العلم تمام عالمون أصحابها أن الشهادات؛ هذه أهمية لعل

النرصانية واليهودية، وربما ديانات أخرى كالبوذية والهندوسية, فضل عن إحاطتهم ي يحتكمون إليها

ي ظلها، وال�تي تربوا �ف

ف الوضعية ال�ت بالمذاهب والفلسفات والقوان�يالعارف سلم مقارنة الإ ف بينها وب�ي يقارنون لذلك نجدهم ... أمور معاشهم ي

�في »تيودور نولدكه

ق الألما�ف بتحريف تلك الديانات وتلعب الب�ش بها, كقول المست�شة، الشه�ي همبورج شوارع أحد عل اسمه أطلق الذي )Noldake )(836-(930كتابه ي

�ف يقول القرآن« وتركيب سور »أصل رسالته الدكتوراه عل ونال شهادة العالم، لأنه جاء ي ، بل ن�ب ف المسلم�ي ي )تاريخ القرآن(: »نزل القرآن عل محمد ن�بيعة كلها آداب وتعاليم. وحري بنا أن ننصف محمدا بدين كامل إىل العالم، وب�شي الحديث عنه، لأننا لم نقرأ عنه إل كل صفات الكمال، فكان جديرا بالتكريم«.

�ف

ي ي أن يتم ذلك �ف

ي تقديره وحكمه عل »محمد« ملسو هيلع هللا ىلص يجتهد Noldake �فو�ف

ي سبعة فصول -وهو كتاب موضوعية هادئة، ففي كتابه )حياة محمد( الذي يقع �ف

يكون المرء منصفا كلها- يقول: »ولكي ي ة الن�ب ي س�يي ومخترص؛ إل أنه ل يستو�ف شع�ب

وواعظا نبيا ليس فقط بوصفه ي حياته �ف إليه ينظر أن عليه يتحتم فإنه لمحمد؛

اليومية، حياته ي و�ف وأصحابه أتباعه مع تعامله ي

�ف -أيضا- إليه ينظر بل ا، وأم�يي ضوء جميل ... وأنه كان يتحل بشمائل

فهناك ملمح ثابتة ل تح� تظهره هنا �ف

- 109 -

ي �ف إخوانه نقاذ لإ بمهمته مؤمنا كان نفسه هو وأنه النبل، من درجة أق� عل

نسانية من العذاب الأبدي عن طريق هدايتهم إىل العقيدة الصحيحة، ولجعلهم الإي السعادة السماوية«.

ف �ف مشارك�ي

رودي ي المعارص/ ق والعالم الألما�ف وهو ذات المع�ف الذي أكده المست�ش

ي قية �ف 1901 والذي اضطلع بالدراسات ال�ش - المولود عام Rudi paret بارت

ي القرآن ا من المؤلفات، منها: ترجمته لمعا�ف ج، وصنف عددا كب�ي جامعة هايدل�ب

دملسو هيلع هللا ىلص، وكتاب محم ي ، وله كتاب عن الن�ب ف ات السن�ي ي استغرقت منه ع�شالكريم ال�ت

ف ي الجامعات الألمانية" يقول فيه: "كان من ب�يسلمية �ف "الدراسات العربية والإ

ورسول حكيما عا وم�ش الله، أدلة ي العر�ب ي الن�ب ي

�ف رأوا من التنوير حركة ممثلي منذ يعيشون العرب كان ... به ا ومب�ش الفطري، ين الد بكلمة وناطقا للفضيلة، د ودعاهم إىل ي بوادي الجزيرة، يعيثون فيها فسادا، ح�ت أ�ت محم

قرون طويلة �في كيان واحد متجانس«.

يمان بإله واحد، خالق بارئ، وجمعهم �ف الإ

بن د محم "جاء العام": الحضارات "تاريخ كتابه ي �ف Rudi Paret ويقول

، بدين جديد، ف العرب والناس أجمع�ي ، يب�ش ف وخاتمة النبي�ي ي العر�ب ي عبد الله الن�بي دعوته ل تختلف عن العقيدة

يعة �ف ويدعو إىل القول بالله الواحد الأحد، كانت ال�شيمان، وتتمتع مثلها بسلطة إلهية ملزمة، ل تضبط الأمور الدينية فحسب، بل أو الإ، ون�ش ف ك�ي أيضا الأمور الدنيوية؛ فتفرض عل المسلم الزكاة، والجهاد ضد الم�شدعوته، من انتهى قد كان 63( عام ي العر�ب ي الن�ب قبض وعندما الحنيف، الدين ا فوق النظام القبلي الذي كان عليه وانتهى من وضع نظام اجتماعي يسمو كث�يالعربية وحدة للجزيرة ي وحدة قوية، وتمت

�ف سلم، وصهرهم الإ قبل العرب دينية متماسكة، لم تعرف مثلها من قبل..«.

هم ف سلم؛ نلحظ ترك�ي ف عن الإ من خلل اطلعنا عل كتابات المفكرين الغربي�يف الأديان, وهذا الشديد عل الجوانب الحضارية والعقدية والأخلقية، والمقارنة ب�يقة المست�ش الجانب هذا ي

�ف تألقت وقد الحق، الدين ي �ف مبهرة جوانب ز ي�ب كله

ي دراسة مقارنة الأديان، الألمانية زيجريـد هونكـه Sigrid Hunke ـ المتخصصة �ف

ي العديد من الجامعات، ومن ي قامت بتدريس الفلسفة وعلم مقارنة الأديان �ف

وال�تالله تسطع عل الغرب«، و»العقيدة والمعرفة«، و«الله أشهر مؤلفاتها: »شمس يشهد التاريخ »إن تقول: إذ القيرص«، رحاب ي

�ف عربية و«قوافل كذلك«، ليس يظله ويحكمه ، مثاىلي إنشاء مجتمع قوي ي

�ف الذي نجح - ـ فقط محمدا ي الن�ب بأن

- 110 -

سلمي هو محاولة لخلص وع الإ ن الم�شلهي الأسمى ... وما ذلك إل لأ النظام الإ

د هو أمر ، فالجهد السيا�ي الذي اضطلع به محم التاريخ من النحطاط والفوصفكانت إنما الرسول؛ خاضها ي

ال�ت العسكرية الغزوات ح�ت ... السماء من وتكليف ية من ي التغي�ي الجتماعي، وتهذيب الب�ش

ي حقيقتها دفاعا عن السلم، ورغبة �ف�ف

ية أمام ي نحو ع�ش سنوات أن يضع الب�شأدران الوثنية ومفاسدها، ح�ت استطاع �ف

ي أوشكت عل الختفاء من العقول والقلوب ... فأرسل ى ال�ت حقيقة التوحيد الك�ب

قا وغربا، يدعوهم إىل التوحيد، ونبذ د كتبه ورسائله إىل الأمراء والملوك رسش محمالفاسدة«. المعتقدات

سنكس الأمريكي ق المست�ش رأينا هونكــــه( )زيجريـد الألمانية قبل ومن المسيح بعد د محم »ظهر : العرب( )ديانة كتابه ي

�ف يقول Sinkth 1833-1881ابها الأصول الأولية ، بإرسش ف سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول الب�ش بخمسمائة وسبع�يللأخلق الفاضلة، وبإرجاعها إىل العتقاد بإله واحد، وبحياة أخروية ... لم يأت محمد نجيل، بل إنه يقول: إنهما قد أنزل من السماء مثل القرآن لهداية لمهاجمة التوراة والإ

قة لهما، وأشمل مما جاء فيهما«. الناس، وإن تعاليم القرآن جاءت مصد

ي ي التاريخ الب�شأجل؛ إن المتأمل فيما كتب؛ يدرك أنه لم تحظ شخصية �ف

شادة والتمجيد من )محمــد( من الهتمام والإ ي بمثل ما حظيت به شخصية الن�بكافة الأعراق والشعوب والطوائف والملل.

الكريمملسو هيلع هللا ىلص الرسول نبوة ي �ف الطعن حاولوا من وجود من وبالرغم

عن والبعد الفاضح، والجهل العنرصي، الحقد بسبب رسالته؛ ي �ف والتشكيك

ي ناحية ي البحث والتدقيق؛ فإن التيار العام ظل يس�ي �ف

الموضوعية العلمية �فعل رسالته وفضل ية، الب�ش تاريخ ي

�ف محمدملسو هيلع هللا ىلص لشخصية الحقيقي التقدير الصليبية، الأحقاد عن بعيدا والموضوعية؛ نصاف الإ ى يتوخ بشكل نسانية، الإ

الوسطى. القرون ي �ف الكنيسة ووصاية

ف ق�ي ملسو هيلع هللا ىلص من جانب المفكرين والمست�ش ي ي شأن الن�بوباطلعنا عل ما قيل �ف

الغرب، مفكري يمثلون مشاه�ي أن هؤلء نجد ؛ ف المنصف�ي ف الغربي�ي والفلسفة الكريمملسو هيلع هللا ىلص الرسول عظمة عل الوقوف حاولوا وقد والفلسفة، الفكر وأعمدة ما كل من وخلوها حياته، وطهارة أخلقه، ونبل العظيمة، بشخصيته منبهرين

القرآنية. أخلقه يثلم

- 111 -

ة النبوية أجل؛ ل يستطع أحد أن يغفل الدور البارز للقرآن الكريم، والس�يي روسيا؛ حيث أصبح القرآن ـ عل حد تعب�ي

بالنسبة للحياة الثقافية والروحية �فوالشجاعة البطولية، الأفكار عن للتعب�ي »مصدرا - براجينسكي / ي

السوفي�ت الناقد الصلبة والنضال المنكر للذات« )))(.

ورواد الروس ف المثقف�ي لصفوة بالنسبة صارت فقد النبوية" ة "الس�ي ا أمي سبيلها،

الحركة الوطنية؛ نموذجا للقدوة الحسنة الصابرة عل الرسالة والمكافحة �في أكد فيها عل

/ تشاداييف- ال�ت ول أدل عل ذلك من كلمات الأديب والثائر الرو�يي كان لظهورها الفضل

د الذي حمل لواء الدعوة الجديدة، ال�ت عظمة الرسول محمق". ي ال�ش

ي �في�ف ي ذلك "التألق الد

�ف

)Mikhail Lermontov مونتوف من هؤلء؛ الأديب والشاعر )ميخائيل ل�ية الرسول، ولم تهدأ نفسه ـ كما يقول : إل بعد ي بس�ي ي التأ�

الذي وجد خلصه �في استهلها قائل :

أن كتب قصيدته )الرسول( ال�ت

وحق بالحب، أنادي أخذت الرسول؛ رؤية ؛ الأزىلي له الإ ي منح�ف أن )منذ

.)... الطاهرة التعاليم

العقيدة وكانت مونتوف( )ل�ي إنتاج من ة كب�ي مساحة سلم الإ شغل إذ موطن المكرمة، مكة إىل السفر عل وعزم نفسه، ي

�ف الأثر عميق لها سلمية الإي

)إن�ف بقوله: بالرسول، بالقسم العزم هذا مؤكدا سلم، الإ ق وم�ش الرسول، .)... د بمحم أقسم والآن للموت! لمستعد

ف Ivan Bunin( الذي طاف العالم أيضا؛ الكاتب والشاعر الرو�ي )إيفان بون�يسلمي؛ ي والإ ق العر�ب سلمي، وصار أك�ش الأدباء الروس اهتماما بال�ش ي والإ العر�بقصائده؛ من عديد ي

�ف سلم الإ فاستلهم القرآن؛ وقرأ سلم، الإ درس بعدما سلم، لسيما رائعته ي الإ

ة الرسول، وشعائر الصلة، والحج �ف ي امتلأت بس�يال�ت

ي �ف الرسول تحملها ي

ال�ت المعاناة فيها مدى تناول ي ال�ت د مطاردا( )محم عرية الش

سبيل الدعوة –كما يقول ب. تارتا كوفسكي (.

روسيا، شعراء أم�ي )Aleksandr Pushkin ف بوشك�ي )ألكسندر كذلك؛ ي

�ف ي يأ�ت وروحيا- وتراثا حضاريا به وتأثرا ، ي العر�ب ق لل�ش حبا روسيا أدباء وأك�ش

، د. مكارم الغمري، عالم المعرفة، الكويت، )99)م. دب الرو�يأ

ي ال)))( مؤثرات عربية وإسلمية �ف

- 112 -

حيث النبوية، ة والس�ي الكريم القرآن استلهموا الذين روسيا؛ شعراء صدارة ف المؤلفات الأدبية " مكانة بارزة ب�ي ي تتبوأ قصائده: "قبسات من القرآن"، و"الن�ب

سلمي. الإ الروحي اث ال�ت من المستوحاة الروسية

)يا ي قصيدة يقول �ف إذ ؛ ي الن�ب لنساء القرآن استلهم خطاب ل كيف تأم بل

: ) ي الن�ب نساء

ي الطاهرات، يا نساء الن�ب

ن عن كل النساء: ف يا من تتم�ي

بالنسبة لكن مرعب شبح الخطيئة.

ي ظل الطمأنينة الرغيدة �ف

عشن بتواضع: وجب عليكن الحجاب

ولتحفظن قلوبكن وفية

عا وحشمة، لأجل التنعم رسش

ل ترى عيون الكفار ولكي

الماكرة وجوهكن!

L.Tolstoi 1910-1828 تولستوي ليو / الرو�ي والأديب الفيلسوف أيضا: بشخصية وانبهر بية، وال�ت والأخلق الزهد ي

�ف وتعاليمه سلم بالإ أعجب الذي محمد( )))( الذي جمع فيه عددا من الوصايا ي ملسو هيلع هللا ىلص وقد ألف كتابه )حكم الن�ب ي الن�بالرسل، أهم من محمدا هو رسول »إن فيه: وقال يفة، ال�ش النبوية والمواعظ ي خدمة جليلة، يكفيه فخرا

نسا�ف وكان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإوتؤثر والسلم، السكينة إىل تجنح الحق، وجعلها نور إىل برمتها أمة أنه هدى والمدنية, وهذا هو ي

عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء، وفتح لها طريق الر�تي قوة وتأييدا من الله، فرجل مثله جدير

عمل عظيم ل يقدم عليه إل شخص أو�تجلل«. والإ ام بالح�ت

)محمدا( عل ي / مايكــل هــارت M.Hart الن�ب هذا؛ وقد اختار العالم الأمريكيية، ي تاريخ الب�ش

ي تركت بصماتها �فرأس أعظم مائة شخصية من الشخصيات ال�ت

محمد، توليستوي، مكتبة النافذة، القاهرة 0)0)م. )))( حكم الن�بي

- 113 -

سلم سلم؛ إىل سماحة الإ ي ن�ش دعوته، ورسعة انتشار الإوقد رد نجاحه ملسو هيلع هللا ىلص �ف

مائة )الخالدون كتابه ي �ف يقول الناس، ي

�ف السامية أخلقه وتأث�ي ي الن�ب وعظمة ي التاريخ الذي نجح نجاحا

نسان الوحيد �ف دا هو الإ أعظمهم محمد( )3)(: »إن محم.» بل نظ�ي ي والدنيوي، وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا

ف الدي�ف ي المجال�ي

�ف مطلقا

ملسو هيلع هللا ىلص ي / جيمس ميتش�ف James Mitshnr يصف الن�ب ي ونجد المؤرخ الأورو�ببـ)الشخصية الخارقة Powered Personality( فيقول: »... وقد أحدث محمد )ع( ق كله، فقد حطم ي ال�ش

ي الجزيرة العربية، و�فبشخصيته الخارقة للعادة ثورة �ف

يمان بالله وحده«. ويقول أيضا: إن أقوال الأصنام، وأقام دينا خالدا يدعو إىل الإمحمد وأفعاله صارت مصدرا للقانون، الذي ل يقترص عل تنظيم حياة الجماعة غ�ي برعاياهم ف الفاتح�ي ف المسلم�ي علقات كذلك يرتب بل وحدها، سلمية الإ

ي بداية الأمر يفوقونهم عددا«.ف الذين كانوا �ف المسلم�ي

ى الك�ب الحقيقة أنصفوا أنهم ؛ ف الغربي�ي المفكرين هؤلء شهادة ز يعز ومما سلم، وما سلم( وأجمعوا عل صدق النبوة الخاتمة، مع أنهم لم يعتنقوا الإ )الإن الحق والموضوعية؛ يفرضان مقاييسهما عل من ينشد المعرفة الخالصة.

ذلك إل لأ

آرنولد / ييطا�ف ال�ب المؤرخ من ة؛ حج وأقوى ، ف الغربي�ي لدى أصدق وليس

ي Toynbee Arnold-الذي انصبت معظم دراساته عل تاريخ الحضارات- توين�بي

ي كفالة هذين المظهرين �فدملسو هيلع هللا ىلص حياته لتحقيق رسالته �ف س محم يقول: »لقد كر

ي الفكرة الدينية، والقانون والنظام البيئة الجتماعية العربية، وهما: الوحدانية �ف

ف الوحدانية، سلم الشامل الذي جمع ب�ي ي الحكم. وتم ذلك فعل بفضل نظام الإ�ف

لم جبارة دافعة قوة ذلك- -بفضل سلم للإ فغدت ... معا التنفيذية والسلطة ة، بل ة متحرصف تقترص عل كفالة احتياجات العرب ونقلهم من أمة جهولة إىل أمسلم من حدود شبه الجزيرة، وأضاء العالم بأرسه من سواحل الأطلىسي تدفق الإ

إىل شواطئ الهادي«.

فاسفة الغرب يعلنون احلقيقةسلم؛ فليسألوا فلسفتهم، أجــل؛ إذا أراد الغربيون أن يقفوا عل حقيقة الإي البحث والطلع؛ لسيما أن الفكر

لوا إليه بعد عنائهم �ف ليعرفوا منهم ما الذي توص

)3)( الخالدون مائة أعظمهم محمد، مايكل هارت، المكتب المرصي الحديث، القاهرة 004)م.

- 114 -

ف الفلسفة والدين ين، فقد كان الرتباط ب�ي ي حضن الدالفلسفي قد نشأ وترعرع �ف

، وقد يجا بالتفك�ي الدي�ف ف ارتباطا وثيقا منذ القدم، حيث كان التفك�ي الفلسفي مم�ت

ي هذا الصدد تلك العبارة المشهورة: »إن الفلسفة بنت الدين وأم العلم«.قيل �ف

والفلسفة، ين الد من كل إليه يسعى الذي الهدف ف ب�ي هناك خلف وليس ي

�ف السعادة سبيل ومعرفة وغايته، الوجود أصل معرفة إىل تهدف فالفلسفة ين بمعناها الشامل للفروع والأصول. العاجل والآجل، وهذه هي موضوعات الد

الفلسفة ي �ف التعمق "إن Francis Bacon :بيكون يقول فرنسيس ي هذا؛

و�فة نسان أسبابا ثانوية مبع�ش يمان .. وإذا ما صادف عقل الإ ينتهي بعقول الناس إىل الإي الطبيعة فقد يقف أحيانا عندها، ول يتابع الس�ي إىل ما وراءها، ولكنه إذا أمعن

�في

ا من الرتماء �ف النظر، فشهد سلسلة الأسباب كيف تتصل حلقاتها، فإنه ل يجد بدلهية والتسليم لله«. أحضان العناية الإ

ي كتابه »التأملت«: ويقول رينيـه ديكـارت Rene Descartes 1650-1597 �ف

له ذا أعاين هذا الإ ي هذا المقام؛ أن أقف هنيهة لكي»يبدو ىلي من الملئم جدا �ف

أتأمل بهاء نوره الذي ل ي صفاته البديعة، ولكي أمعن النظر �ف الكمال المطلق، ولكي

ي وسعي، وما تسمح به قوة قه وأتعبد له، عل الأقل بقدر ما �ف أتعش مثيل له، ولكي

يمان يعلمنا أن الغبطة ي الذي كأنما يرتد من هذا التطلع مبهورا. فكما أن الإذه�ف

لهية، كذلك تعلمنا ي الحياة الأخرى، إنما تنال بهذه المعاينة للجللة الإالعظمى �ف

التجربة بأن تأمل كهذا ـ وإن يكن بعيدا كل البعد عن الكمال- يتيح لنا أن نظفر من ي هذه الحياة«.

الرضا بأك�ب قسط نستطيع أن ننعم به �ف

سلم؛ ي وضعوها عن الإة المؤلفات ال�ت ة هؤلء الفلسفة، وك�ش ونظرا لك�ش

ف فقط، باعتبارهم الأك�ش تأليفا، والأك�ش قدرة فسنكتفي برأي الفلسفة الفرنسي�يعل طرح الأسئلة!

د محم ي ي بها الن�بي أ�ت

ف ال�ت �ف يرى الفيلسوف الفرنىسي وول�ت Walter "أن السعجاب سلمي غاية الإ كانت كلها قاهرة للنفس ومهذبة لها، وجمالها جلب للدين الإجلل، ولهذا أسلمت شعوب عديدة من أمم الأرض، ح�ت زنوج إفريقيا، ومنتهى الإ

وسكان جزر المحيط الهندي«.

H.Boulainvillier نفلييه بول ي / ه�ف الفرنىسي والمؤرخ الفيلسوف ألف وقد سلم ح�ت الهجرة، د« تناول فيه حياة رسول الإ 1658-1722 كتابا بعنوان "حياة محم

- 115 -

ي ق�ف بها عل العبادة الباطلة، ي مستهل كتابه هذا: »كان محمد أداة الله ال�ت

يقول �فده كما يليق به«. وأحل محلها العبادة الحقة ... ولوله ما عرف أحد الله ومج

الثورة فيلسوف Jean Jacques Rousseau روسو جاك جان كان وقد الجتماعي )العقد منها: مؤلفات عدة، وله المولود عام 788) الشه�ي الفرنسية ي من خلل ي العقل الأورو�ب

( قد أثر �ف ف الب�ش Social Contract( و)أصل التفاوت ب�ييقول ، ي الغر�ب الفكر ي

�ف بارزة مكانة يحتل يزال ول الجتماعي، العقد ي �ف نظريته

ل يحو أن استطاع اليوم رجل العالم ح�ت ير »لم سلم: الإ ي ن�ب Rousseau عن لم ولو دا، محم إل الواحد له الإ عبادة إىل الأصنام عبادة من والقلوب العقول قه أقرب الناس إليه، خاصة بعد أن جاءته يكون قد بدأ حياته صادقا أمينا، ما صدي

ي قومه الأصلب العقول والأفئدة، لكن السماء ال�تها عل ب�ف السماء بالرسالة لن�ش

للطبيعة محبا متأمل ا فشب تؤهله صغ�ي كانت الرسالة يحمل بعناية كي اختارته يقنع أن ي رسالته، واستطاع

�ف لذلك نجح بنفسه مع خالقه؛ لينفرد للعزلة؛ ميال ن رسالة

قال، ولأ وبما به فآمنوا له، يك الكون واحد ل رسش بأن خالق هذا قومه محمد قوية وأعطته قوة، راح ين�ش بها الرسالة فوجدت صدى غ�ي عادي، وكلما يأمرهم أن القرآن؛ فيطلبون منه يتلو عليهم كان ي قوته؛

أراد أن يجعل قومه �في ربوع الأرض، فبالقرآن انترصوا، وفتحوا الممالك،

سلم �ف بما أراد الله لن�ش الإالعالم«. وسادوا

ي موضع آخر، نجد Rousseau يناشد الرسول معلنا افتخاره به، فيقول: و�ف

نود أجلك من فنحن والفخار, ف ال�ش موقف إىل بيدنا خذ الرسول ي الن�ب "أيها النتصار«. أو الموت

)G.Lebon )(84(-(93( »هذا؛ ويعد الفيلسوف الفرنىسي »جوستاف لوبون)الحياة( وكتاب العرب( )حضارة منها: كتب، عدة وله الجتماع، علم قمم من الذي يقول فيه: »إن محمدا ظهر بمظهر الحكيم العظيم، والرحابة الفسيحة، إزاء ي طليعة الأمم«.

أهل الذمة، وحرر بلدا واسعة من الروم والفرس، وترك أهلها �ف

ي كتابه »حضارة العرب« يقول Lebon: "إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل و�ف

وب الأذى د من أعظم من عرفهم التاريخ؛ فقد كان يقابل رصف أعمالهم؛ كان محموالتعذيب بسعة الصدر، وكان صبورا قادرا عل احتمال المشاق، ثابتا بعيد الهمة،

ف الطبع وديعا، وكان عظيم الفطنة«. ل�ي

- 116 -

/ فانسان مونتيه F.Moantiaـ الأستاذ بالسوربون، ويؤكد الفيلسوف الفرنىسي ،» ي

رهاب الصهيو�ف « و«الإ ي ة، منها: »مفاتيح الفكر العر�ب وصاحب المؤلفات الشه�يجمة ب�ت قام كما أفريقيا«، ي

�ف سلم و«الإ ،» يالسوفي�ت التحاد ي

�ف و«المسلمون يشهد د محم عن ورد ء ي

�ش »كل : أن يؤكد الفرنسية. إىل خلدون« ابن »مقدمة الحكم هذه كل تكون أن المستحيل فمن الله، عند من مبعوث وأنه بنبوته، ، إل أن يكون نبيا ف والوصايا والأوامر والنواهي منسوبة إىل أحد من الب�ش العادي�ي

من عند الله«. كريما

World الدنيا )رسول كتابه R. Jinyu غينيو رينيه الفيلسوف/ واستهل "لقد أردت أن أستعصم بنص إلهي مقدس ل يأتيه الباطل, Prophet( بقوله: فلم أجد بعد الدراسة الطويلة المضنية سوى القرآن الكريم, فهو الكتاب الوحيد سلم هو الرسول الذي أحببته، ي .. ورسول الإ ي قل�ب

ن عل ما �ف ي وأمالذي أقنع�ف

ي أقواله وأفعاله بالسعادة النفسية والسكينة وسعدت بالس�ي تحت لوائه, وغمرت�ف

والنحلل لحاد، والإ المادية بحار ي �ف نسانية الإ لغرقت ملسو هيلع هللا ىلص ولوله الروحية.

الروحي«. والدمار الخلقي

وشاعر فيلسوف Lamartinn 1790-1869 ف مارت�ي ل دي ألفونس كذلك؛ Muham- د ي عرص التنوير- بعنوان )محم

- الذي ألف أفضل كتاب -�ف فرنسا الشه�يmad( )4)( يقول فيه: "ما من إنسان ألبتة رسم لنفسه إدراك هدف أس�ف مما نوى ي نسف المعتقدات الزائفة

، يتمثل �ف هو أن يبلغ، إذ كان هدفا يفوق طاقة الب�شنسان لله، وبعث نسان، وإرجاع الإ ف المخلوق والخالق، وإرجاع الله للإ ي تقف ب�ي

ال�تي خضم فوصف الآلهة المادية المشوهة، آلهة

فكرة الألوهية المجردة المقدسة �في وقت قص�ي

ي نهاية المطاف - استطاع أن ينجز �فالوثنية. وما من إنسان ألبتة ـ �ف

ـــد ... فإذا كانت عظمة ثورة عل الأرض؛ أعظم ول أبقى مما أنجز الرسول محمنسان الثلثة، المقصد، وضآلة العدة، وضخامة النتيجة، هي مقاييس عبقرية الإ- أي عظيم من عظماء التاريخ الحديث ي

نسا�ف فمن يجرؤ أن يقارن ـ عل الصعيد الإف وممالك، ولم ي الشهرة لم يهز سوى أسلحة وقوان�ي

ـــد؟ إذ إن أبعدهم �ف بمحميؤسس ـ إن كان أسس شيئا - سوى قوة مادية؛ غالبا ما انهارت قبل أن ينهار هو!

، ترجمة: د.محمد قوبعة، إصدارات مؤسسة البابط�يف 006)م. د، ألفونس دي لمارت�يف )4)( حياة محم

- 117 -

يعات، وهز عروشا، بل إنه هز ـــــد فإنه زلزل جيوشا، ونسف ت�ش ا محم أممعابد وآلهة، ومحا أفكارا ومعتقدات، وأنشأ أمة، وترك كتابا مجيدا صارت كل ي تلك

كلمة فيه قانونا خالدا، جمع شعوبا من مختلف اللغات والأجناس، وطبع �فالأمة مقت الآلهة الزائفة، وعشق الله الواحد المجرد".

س إنسان نفسه سواء : "لم يحدث من قبل أن كر ف - قائل ي لمارت�يويم�ف

سلم، ي سبيل الإد نفسه �ف س محم ي سبيل هدف سام، مثلما كر

طواعية أو مضطرا �فنسان ف الإ ي كانت تفصل ب�ي

ي القضاء عل الخرافات ال�تفقد كان هدفه عظيما يتمثل �ف

المقدسة، لهية الإ الفكرة خالقه، لستعادة من نسان الإ تقريب سبيل ي و�ف وربه،

المشوهة والآلهة المادة ف ب�ي الضاربة الفوصف وسط المعقول ن ف الم�ت والتفك�ي

ي عهده.ي كانت �ف

المعروفة بالأوثان ال�ت

ولم يحدث من قبل؛ أن قام إنسان بعمل يفوق طاقة الب�ش بأبسط الوسائل د، فلم يكن لديه من أجل تنفيذ فكرته وتحقيق هدفه الأعظم وأقل الأسباب كمحمي ركن

ف غ�ي مجموعة رجال، يعيشون �ف وسيلة غ�ي شخصه، فل مساعد ول مع�يد، فقد أحدث ثورة عظيمة نسان مثلما تحقق لمحم من الصحراء. فلم يتحقق لإي أنحاء الجزيرة العربية، كما غزا خلفاؤه

سلم كعقيدة �ف ي العالم، ح�ت ساد الإ�ف

بالقارة عرف الهند، وما الله بلد فارس وخراسان وآسيا الصغرى وغرب باسم فريقية، وجزر البحر المتوسط، وإسبانيا، وجزء من بلد الفرنجة. الإ

نسان، مثل: عظم الهدف، وضعف الوسيلة، وإذا أخذنا معيارا لعبقرية الإفغالبية بمحمد، عرص أي من رجل يقارن أن أحد يجرؤ فلم النتائج، وإبهار ف ولوائح، أو مشاه�ي الرجال اشتهروا بما يتفاخرون به من قوة سلح، أو من قوان�ياطوريات ودول، وهؤلء المشاه�ي إذا كانوا قد أوجدوا شيئا؛ فهذا ما بنوه من إم�بي

ي رسعان ما تنق�فء ل يزيد ول ينقص عن شكل من أشكال القوى المادية ال�ت ي

الىسشوتتهاوى أمام ناظريهم.

أ�ت بل العسكرية؛ والفيالق الجيوش يحرك فلم د( )محم الرجل هذا ا أماطوريات، ونهض بالشعوب والأمم، م�ب ، وب�ف الدول والإ ف يعات والقوان�ي بالت�شف من الناس ح�ت بلغوا نحو ثلث سكان العالم، وأك�ش من ذلك ي دينه ملي�ي

وأدخل �في عهده، ويهزم الأفكار والمعتقدات

ة �ف ي كانت منت�شاستطاع أن يحرج الآلهة ال�ت

ألسنتهم اختلفت وشعوب أناس ف ب�ي جمعت صافية، بعقيدة فجاء الباطلة، الكتاب الكريم. ي

وفق ما جاء �ف وتنوعت جنسياتهم؛

- 118 -

لقد ترك عقيدة صافية ل تنمحي شخصيتها، ول تزول معالمها، تقوم عل ي

، وهذه العقيدة ال�ت ينبذ الأصنام والآلهة الكاذبة، وعل محبة الواحد الأحد البا�ت

د، ففتحوا ثلث العالم. ي الوقت ذاته أخلق أتباع محملحاد؛ شكلت �ف حاربت الإ

ي أخذت ال�ت ي نادى بها محمد وسط نظريات اللهوت

ال�ت التوحيد إن فكرة ث هذا الرسول وهتف ي حد ذاتها آية ومعجزة، فما أن تحد

تتضاءل وتنهار، كانت �في كانت تضم الأصنام، وأضاء شعلة

بالتوحيد؛ ح�ت انهارت المعابد القديمة ال�تي ثلث أنحاء العالم.

قوية �ف

ي وطنه، ي كانت سائدة �ف

إن حياته وعبادته وتأملته، واستنكاره الخرافات ال�تة سنة ه عل أذاهم ثلث ع�ش اسة عبدة الأصنام، وثباته وص�ب ي رسش ي تحد

وجرأته �في مكة، ثم تجلده أمام الزدراء الذي وجده من قومه، ح�ت كاد أن يذهب ضحية

�فعلء كلمة الله، ثم خوضه الحروب كيدهم، فضل عن مثابرته عل الوعظ والتبش�ي لإغ�ي المتكافئة ضد أضداد ل قبل له بها، ثم إيمانه بنجاحه، وشعوره بالأمان والراحة ه خلل نجاحاته وانتصاراته، وحرص كل خلل ما صادفه من أحداث، كذلك ص�بأهدافه وتوجيهها نحو فكرة واحدة، ثم إيمانه القوي وصلته العميقة بالله، وتلقيه دا سلم بعد موته، كل ذلك يشهد بأن محم ا موته وانتصار الإ لهي، وأخ�ي الوحي الإا، بل كان رسول مؤمنا برسالته، فإيمانه بهذه الرسالة؛ جعله يستعيد لم يكن دعي

ي تقوم عل التوحيد. ي نادى بها إبراهيم، وال�ت

العقيدة ال�ت

عا ومقاتل وقائدا منترصا، ومناديا بعقيدة د خطيبا ورسول وم�ش لقد كان محم

اطورية إم�ب ي �ف اطورية إم�ب ين حواىلي ع�ش جمع الذي المهندس كان كما التوحيد،

د. ونحن إذا ما حكمنا عليه بالمقياس الدنيوي الذي نقيس به واحدة ... هذا هو محمــــد؟!«. نسان، حق لنا أن نتساءل: هل هناك رجل أعظم من محم عظمة الإ

... فليس هنا أو هناك رجل مثل صدقت أيها الفيلسوف والأديب الكب�ي أبدا. ـــد( )محم

أبت ضمائرهم الذين ؛ ف المنصف�ي الفلسفة من شهادات كث�ي من قليل هـذا وتلبدت الضمائر، فيها ت است�ت أجواء ي ظل

�ف الشهادة، كتمان أو الحقيقة، إخفاء اق والتبش�ي والستعمار ... مع إيماننا أن الرسول الأكرمملسو هيلع هللا ىلص قد رفع بضباب الست�شق أو مستغرب!

الله ذكره، وأعل قدره، فل يحتاج إىل شهادة من فيلسوف أو مست�ش

ي قلت هذا الصبح ليل أيعمى العالمون عن الضيـاء؟!وهب�ف

- 119 -

نبـي اإلســالم يف مؤلفات املفكرين النصارى العرب

سلمملسو هيلع هللا ىلص لحظة واحدة الإ ي ة ن�ب ي س�يلـم يتوقف سيل الدراسة والبحث �ف

سلم أركان الدنيا، بأ العظيم ﴾ وأضاءت شمس الإ منذ أن زلزل العالم هذا ﴿ النف فحسب؛ بل تخطى ذلك ف المسلم�ي ولم يقف الأمر عند حدود الكتاب والمؤرخ�يف النصارى إىل مختلف الديانات والمذاهب والجنسيات، خاصة المفكرين والمؤرخ�يي مختلف أطواره، فاجتهدوا

الخاتمملسو هيلع هللا ىلص المثل الأعل �ف ي ي الن�بالعرب، الذين رأوا �ف

ته، وتحليل مواقفه، وتفس�ي كلمه، بل جميع سكناته وإشاراته عل ي دراسة س�ي�ف

ية مثيل! النحو الذي لم تعرف له الب�ش

ألفوا موسوعات ف النصارى ف والباحث�ي الكتاب والمؤرخ�ي ا من نعم؛ إن كث�يسلمملسو هيلع هللا ىلص وتتحدث عن سياسته، الإ ي ضخمة، وأنجزوا كتبا نوعية؛ تتناول رسالة ن�بف هؤلء ب�ي ومن ... عامة نسانية الإ الحياة ي

�ف ه وتأث�ي وغزواته، وصفاته وأخلقه، الرسول "نفسية كتاب صاحب - ي

الريا�ش لبيب الفضلء: النصارى المفكرين سلم"، صي -مؤلف كتاب "دعوة نصارى العرب للإ "، وخليل إسكندر الق�ب ي العر�بسلم"، ونظمي لوقا، ونرصي ال -صاحب كتاب "تحت راية الإ وخليل جمعة الطوة ، والدكتور/ نبيل لوقا بباوي ـ الذي ألف حواىلي ع�ش ي سلهب، وإدوار غاىلي الده�بكتب عن شخصية الرسول الأكرم، منها: "محمد من مولده إىل وفاته"، و"دفاعا

عن زوجات الرسول"، و"غزوات الرسول"، و"عبقرية محمد" ... إلخ.

سلم, وإنما ظلوا عل نرصانيتهم, الملحظ أن هؤلء الكتاب لم يعتنقوا الإإنه إنصاف ممن إذ سلمملسو هيلع هللا ىلص لما يقولونه حول رسول الإ وهو ما يعطي أهمية أحدثته الذي الهائل التأث�ي لذلك نفسه صورة الوقت ي

�ف ويعطي به, يؤمنون ل ي سائر العصور ومختلف الأقطار.

شخصية خاتم الأنبياء �ف

عظيم ي ته من منطلق النبهار بشخصية ن�ب لقد تناول هؤلء المؤرخون س�ييمان والعلم والهداية, أخرج قومه من ظلمات الكفر والجهالة والضللة إىل نور الإ

- 120 -

سلم, وصنع منهم أمة صاحبة حضارة, أثرت ق تحت راية الإ دهم بعد تفر ووحها من الأمم. ي غ�ي

�ف

ي نظروا من خللها إىل شخصية الرسولملسو هيلع هللا ىلص تعد فضل عن ذلك؛ فإن النظرة ال�ت

ي التناول, تضاف إىل ما كتبه المفكرون والمؤرخون المسلمون؛ ذات قيمة علمية �ف

العظيمملسو هيلع هللا ىلصوفقا لمنهج علمي، وتناول موضوعي جاد. ي ة الن�ب الذين قدموا س�ي

والجرأة الأدبية، الشجاعة من نوع عن ون يع�ب الكتاب هؤلء فإن كذلك؛ وا عن سمو ونبيهملسو هيلع هللا ىلص. فقد ع�ب سلم الإ الكتابة عن المحمودة, بدخولهم مجال ي

�ف وسنكتفي .. التعصب من دهم وتجر للحق, وحبهم غايتهم، ونبل سلوكهم, ي

هذا المقام بالحديث عن نفر من هؤلء المفكرين النصارى، لمعرفة منهجهم �ف! البحث والدراسة والتفس�ي إليه من خلل التحليل، وما توصلوا

/ فيليب حتة )886)-978)( أستاذ الحضارة بجامعة يفهذا هو المؤرخ اللبنا�ف

غزير مؤرخ وهو العرب، تاريخ ي �ف والمتخصص المتحدة، بالوليات كولومبيا

التاريخ و"صانعو العرب"، "تاريخ : ف كتاب�ي العام ي العر�ب للتاريخ أفرد نتاج، الإ

نظر ي �ف سلم "الإ هما: سلم، الإ حضارة عن ف

كتاب�ي أهم ألف كما ." ي العر�بي كتابه "تاريخ العرب": "تركت أعمال

سلم منهج حياة". يقول �ف الغرب"، و"الإي النفوس؛ بحيث

ة أبعد الأثر �ف ة والصغ�ي ي الأمور الخط�يد اليومية، وسلوكه �ف محم

، ولم يحدث أن اعت�ب شخص ف إىل يومنا الحارصف أصبحت قدوة يقتدي بها الملي�يأفعاله فقلدت نسان للإ الكامل المثل ي الب�ش الجنس من طائفة أي عند واحد

لمحمد"ملسو هيلع هللا ىلص. كما حدث الدقة بمنتهى

سالم منهج حياة( )5)( يقول : "إن اللغة العربية هي لغة القرآن ي كتابه )الإو�ف

بها أمة جاءت للناس، أخرجت أمة جديدة عليه قامت الذي الأساس كانت ي ال�ت

ر لها من قبل أن تجتمع عل بعثة محمدملسو هيلع هللا ىلص من قبائل متنافرة متنازعة لم يقدإىل رابعا أن يضيف حدا جديدا سلمملسو هيلع هللا ىلص الإ استطاع رسول رأي واحد. وهكذا الحد ذلك والثقافة، والدولة ين الد من الثلثة الحدود ذات الحضارية المأثرة

"إيجاد أمة ذات لغة فوق اللغات". الرابع الجديد كان

)5)( الإسلم منهج حياة، فيليب حتة، دار الفكر المعارص، دمشق، سوريا 994)م.

- 121 -

عل -القائمة الجاهلية العصبية مكان سلم الإ ي �ف الأخوة إقامة "أن ويرى

ي ي الحقيقة عمل جريئا جديدا قام به الن�بالدم والقرابة- للبناء الجتماعي؛ كان �ف

"ملسو هيلع هللا ىلص. ي العر�ب

الأعمال يكتشفوا أن يحاولون نفر المعارصين؛ الكتاب ي "�ف أنه إىل ويش�ي

ي حققها محمدملسو هيلع هللا ىلص أو أن يعالجوا حياته الزوجية عل أساس من التحليل الباهرة ال�ت

، فل يزيدون عل أن يضيفوا إىل أوجه التحامل وإىل الآراء الهوائية أحكاما النفىسيمن زيف العلم".

ي القرآن بدقة بالغة فوق ما نجد محمدملسو هيلع هللا ىلص مثبتة �ف ي ويؤكد أن "صفات الن�ب

ي أبرمها، والأعمال ي خاضها، والأحكام ال�ت

... وإن المعارك ال�ت ي أي مصدر آخر �ف

خلص يمان الوطيد والإ ي الشخصية القوية والإك مجال للريب �ف ي قام بها ل ت�ت

ال�تي خلقت الرجال الذين هم قادة التاريخ ... ومع

البالغ، وغ�ي ذلك من الصفات ال�تي قلبه دائما سعة

ا، فقد كان �ف ي طور من أطوار حياته يتيما فق�يدا كان �ف أن محم

ي الحياة".ف �ف لمواساة المحروم�ي

ي دملسو هيلع هللا ىلص من خلل الأعمال ال�ت وبموضوعية متناهية، يقول: "إذا نظرنا إىل محم

حققها، فإن محمدا الرجل والمعلم والخطيب ورجل الدولة والمجاهد، يبدو لنا ي جميع أحقاب التاريخ ... لقد ن�ش دينا هو

بكل وضوح؛ واحدا من أقدر الرجال �فس دولة هي الخلفة، ووضع أساس أعظم حضارة؛ هي الحضارة سلم، وأس الإسلمية، وأقام أمة هي الأمة العربية ... وهو ل يزال إىل اليوم قوة حية العربية الإ

." ف من الب�ش ي حياة الملي�يفعالة �ف

الرسـالة والرسـولم عددا من المؤلفات الرائعة، ا المفكر والفيلسوف )نظمى لوقـــا( الذي قد أموقد نالت شهرة واسعة، منها: الله وجوده ووحدانيته، الله أساس المعرفة والأخلق، د، وعمر بن الخطاب البطل والمثل نسان والقيمة، وأبو بكر حواري محم الله والإوالرجل، وعمرو بن العاص، وكتابه الشه�ي »محمد الرسالة والرسول«)6)(، ثم كتاب ة الرسول بطريقة تحليلية عميقة ها. وقد تناول س�ي ي حياته الخاصة« وغ�ي

د �ف »محم

)6)( محمد الرسالة والرسول، نظمي لوقا، مكتبة غريب، القاهرة 004)م .

- 122 -

ي حياة الرسول، ويناقشها مقارنة غاية العمق ... ووقف يتأمل كل موقف وكل حادثة �ف

ي جاهد ي دنيا الناس، فتحدث عن دلئل صدق نبوة »محمد« ورسالته ال�ت

بما يجري �في عرضها

غراءات ال�ت ، ولم يقبل المساومة أو الإ ي سبيلها، وامتحن من أجلها، فص�ب�ف

يمان، إن لم يكن مقياسه القوم لزعزعة إيمانه، يقول نظمي لوقا: »بماذا يقاس الإي

ي أشد الظروف حلكة، وأدعاها لليأس؟ وإن لم يكن مقياسه الص�ب �فالثبات عليه �ف

سبيله عل المكاره؟ وإنها لمكاره من كل نوع. لعل المعنوي منها أقىس من المادي ... ي موضوع رسالته، عل

لم يساوم هذا الرسول، ولم يقبل المساومة لحظة واحدة �فة المساومات واشتداد المحن ... فحيثما تعرض الأمر لدعوته وعقيدته فل محل ك�شلمجاملة مهما قويت بواعثها .. أهذا شأن من يملك من الأمر شيئا؟ أهذا شأن من ل

تسيطر عليه قوة قاهرة أقوى من مراده وهوى نفسه؟

ء سوى خوفه ييعنه من ذلك �ش ي كل مكان، فلم

�ف ف ب وشج وأه�ي لقد رصفيه !. وقريش تمن أن يكون بالله عليه غضب، فإن لم يكن ربه غاضبا عليه فل يباىلي ، ف ء من ذلك طرفة ع�ي ي

بانقلب الحال إىل ملك مؤهل وثراء مذلل فل يفكر بىسشارتكست فقد الصادق الصدق هو نورا يكن لم فإن مبالة. بغ�ي عنه ويعرض

.»... مساوما، طالب مغنم المواقف تجعل من صاحب هذه مقاييس

ي أمر الوحي ية الرسول، وأنه ل يفرق عنهم إل �ف وقد أشار »نظمي لوقا« إىل ب�ش

ي يطلبونها إل بأمر الله، ي بالمعجزات والخوارق ال�ت

السماوي، وليس بمقدوره أن يأ�تى لدعوتهم إىل سلم هو أول رسول بعث إىل الناس وان�ب فيقول: »إن رسول الإدينه من غ�ي مدد من المعجزات الخاطفة للأبصار الخالبة للألباب. فقد أريد للناس مما أك�ش الخوارق من يملك ل وصدقا، حقا »مثلهم« رسولهم أن يشعروا أن يكون اهتداؤهم نابعا يملكون. وليس له من سلطان عليهم، وإنما الأمر إليهم كيالعقل تأث�ي غريب عن معدن ، بغ�ي ي

الذا�ت اقتناعهم ية، وعن الب�ش من قدراتهم والضم�ي ... فيكون اهتداؤهم إيمانا ليست فيه شائبة استهواء أو توريط«.

كان من هذا وما ي الن�ب الوحي عل نزول تجربة لوقا« عن وتحدث »نظمي الرسول الب�ش إزاء هذا الحدث الجلل: »إن هذا الرسول، حينما وقعت له تجربة ف الأرض ي غار حراء، صائما قائما، يقلب طرفه ب�ي

الوحي أول مرة، وهو يتحنث �ف، ولم يخرج إىل زوجه خروج الواثق ف والسماء، لم يأخذ هذه التجربة مأخذ اليق�يفها. بل ارتعدت فرائصه من الروع، وقد ثقلت عل وجدانه بها، المتلهف عل رسش

تلك التجربة الفذة الخارقة، ودخل عل زوجه، وكأن به رجفة الحمى...«.

- 123 -

، ول يعدو ذلك ب�ش ي سلم، فالن�ب ي الإويش�ي »نظمي لوقا« إىل مفهوم النبوة �ف

طلق، يقول: »ل تأليه ول شبهة تأليه أبدا، إل بما يوحيه الله إليه، فل تأليه عل الإسلمية ... فالعبد عبد، والرب رب، وقد درجت شعوب الأرض ي مع�ف النبوة الإ

�فف لمثل ذلك الربط عل تأليه الملوك والأبطال والأجداد، فكان الرسل أيضا معرض�يف الألوهية بسبب من الأسباب، فما أقرب الناس لو تركوا لأنفسهم أن بينهم وب�ي، وأن له صفة من صفات ا كسائر الب�ش أنه ليس ب�ش ي ي الرسول أو الن�ب

يعتقدوا �في آيات

الألوهية عل نحو من الأنحاء. ولذا نجد توكيد هذا التنبيه متواترا مكررا �فثلكم يوحى م أنا ب�ش إنما القرآن، نذكر منها عل سبيل المثال ل الحرص ﴿ قل كلمة )مثلكم( مع�ف مقصود به التسوية المطلقة، ي تخ�ي

﴾ ]الكهف: 0))[. و�ف إىليية بحال من والحيلولة دون الرتفاع بفكرة النبوة أو الرسالة فوق مستوى الب�شي سورة الشورى: ﴿ فإن

الأحوال. بل نجد ما هو أرصح من هذا المع�ف فيما جاء �فأعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إل البالغ ﴾ ]الشورى: 48[. وظاهر ي

ي هذه الآية تعمد تنبيه الرسولملسو هيلع هللا ىلص نفسه إىل حقيقة مهمته، وحدود رسالته ال�ت�ف

كلف بها، وليس له أن يعدوها، كما أنه ليس للناس أن يرفعوه فوقها".

ي بلغها ي شخصية الرسول والمكانة ال�ت

ر "نظمي لوقا" بموضوعية، �ف وقد فكالله ل سواه. ومن فوقه السماء. لسان فرد هو "رجل فقال: ؛ الب�ش من هداية . . ولكن هذا الرجل يأ�ب أن يداخله من ذلك ك�ب ف تحته سائر عباد الله من المؤمن�يي رسيرته، قبل أن

بل يشفق، بل يفرق من ذلك ويحشد نفسه كلها لحرب الزهو �في رسائر تابعيه. ولو أن هذا الرسولملسو هيلع هللا ىلص بما أنعم من الهداية عل الناس

يحاربه �ف ، ف وما تم له من العزة والأيادي، وما استقام له من السلطان، اعتد بذلك كله واع�تف بمزية طائلة. يطريه لما كان عليه جناح من أحد؛ لأنه إنما يعتد بقيمة ماثلة، ويع�تي كما أطرت النصارى

أصحابه بالحق الذي يعلمون عنه، فيقول لهم: "ل تطرو�فالله ورسوله". ويخرج عل جماعة من الله، فقولوا عبد أنا عبد إنما ابن مريم، يقوم كما تقوموا "ل قائل: ذلك؛ عن فينهاهم له، تعظيما فينهضون أصحابه

الأعاجم يعظم بعضهم بعضا«.

كما تطرق ـ لوقا - إىل زواج الرسول، ومعاملته لأزواجه وأهل بيته، وكيف ء، فيقول: »كان محمدملسو هيلع هللا ىلص يملك حيويته ول تملكه حيويته. ي

ي كل �شكان القدوة �ف

ي مزاياه، وليست ويستخدم وظائفه ول تستخدمه وظائفه. فهي قوة له تحسب �ف

ي نقائصه. لم يكنملسو هيلع هللا ىلص معطل النوازع، ولكنها لم تكن نوازع تعصف ضعفا يعد �ف

- 124 -

ف يطلب ما هو نسان ح�ي ي المستوى الذي يكرم به الإي كيانه �ف

به؛ لأنه يسخرها �في ل تهدر من قدره، بل تضاعف من

ي الصورة الجميلة الجليلة ال�تجميل وجليل �ف

ي الله عنهن ... ي أمر بنائه بزوجاته التسع رصف

تساميه وعفته وطهره. وبيان ذلك �فية عل تقديسها وصيانة ينابيعها سلم ل يقاوم الحياة، بل يقر الفطرة الب�ش فالإ

ف حياة الروح وحياة الجسد". من الأكدار، ول يفصل ب�ي

الرفيعة الفاضلة وكمالته الرسول أوصاف عن لوقا" "نظمي تحدث كما وصدقه، ه وبر وعدله وسماحته ورحمته وكرمه وزهده شجاعته ي

�ف تتمثل ي ال�ت

وجماع ذلك كله قوله تعاىل: ﴿ وإنك لعل خلق عظيم] ]القلم:4[. وأشار إىل بعض المشاهد من تواضع الرسول، فقال: "إن لباب المسألة كلها أن الرسول كان أك�ب ن "هو له: يقول ويرتعش، يديه ف ب�ي رجل يدهش فعندما ، الكب�ي سلطانه من

أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة"! عليك، لست بملك! إنما

القيارصة وأبهة كافة، الغزاة بفتوح يرجح وحدها الكلمة هذه مجد إن الصادق أيها الكلمة، وما أضخمها ي هذه

�ف الله يا رسول بأجمعك أنت . ف أجمع�ي."! ف م�ي الأ

ديـن الرمحـة والسـاماللبق، والدبلوما�ي داري الإ )نصي سلهب( ذلك ي

اللبنا�ف والمفكر المؤرخ ا ؛ يعد أم�ي ف ف والمسيحي�ي ف المسلم�ي الذي وهب حياته لتحقيق التعايش السلمي ب�يVatican وله دراسات ا لدولته بالفاتيكان للبلغة ورمزا للكرامة. فقد عمل سف�يالأمور، عليه تستشكل عندما ق. ال�ش ي مسيح�ي بعروبة يتعلق فيما العمق بالغة ي النفوس والقلوب فحسب،

كان يقول: "تراثك يا ابن عبد الله ينبغي أن يحيا، ل �فضهم من عقبات. تراثك ي الب�ش من أزمات وما يع�ت

ي ما يعا�في واقع الحياة، �ف

بل �فمدرسة يلقى عل منابرها كل يوم عظة ودرس. كل سؤال له عندك جواب، كل

ي مأثوراتك حل«.مشكلة مهما استعصت وتعقدت، نجد لها �ف

سالم كما عرفته دين الرحمة قبل وفاته بسنوات؛ ألف نرصي سلهب كتابه )الإي

وت، 997) (17) إذ يبحث �ف والسالم( الصادر عن »دار الن�ش للسياسة والتاريخ« بب�يي إلقاء

سهام �ف سلمي بوصفه دين الرحمة والسلم، ويهدف إىل الإ أصول الدين الإ

ية وفرنسية. ي )00) و)00) ترجمتان إنجل�يفيسيسكو سن�ت )7)( صدرت له عن الإ

- 125 -

اء، والحقيقة أنه شعاع عل هذا الدين الذي ظل قرونا طويلة هدفا للطعن والف�ت، فكان مثال للتسامح والرفق. ف أنزل هدى ورحمة للعالم�ي

يسيسكو )الإ لمنظمة أذن مؤلفه العربية، باللغة الكتاب وبعدما صدر هذا ح يصح أنه الكتاب؛ أهمية ي

وتأ�ت والفرنسية، ية ف نجل�ي الإ ترجمتيه بن�ش ) Isescoي تروج ضد

ا من المفاهيم المغلوطة، ويدحض الشبهات والآراء المغرضة ال�ت كث�ياهة أساسا له. ف ي نسق عال، وبأسلوب يعتمد الموضوعية وال�ف

سلم، �ف الإ

ولـ»نرصي سلهب« كتاب آخر عل درجة من الأهمية، صدر عام 970) هو ي تنبع

ي أستطيب ذكرها هي ال�تسلم( يقول فيه: "إن الآية ال�ت )لقاء المسيحية والإ

ي هي أحسن إل الذين ظلموا سماحة إذ تقول: ﴿ ول تجادلوا أهل الكتاب إل بال�ت

ا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له منهم وقولوا آمنمسلمون ﴾ ]العنكبوت:46[.

ف وما يؤمنون به، لأنه كلم الله ويتابع: "ذلك ما يقوله المسلمون للمسيحي�يأن نرددها كل يوم، - ف ف ومسلم�ي -مسيحي�ي بنا جميعا إنها لعبارات يجدر إليهم. ي بناء نريده أن يتعاىل ح�ت السماء، لأنه البناء الذي فيه نلتقي

فهي حجر الأساس �فيذكر القرآن أن والواقع الله. يكون المحبة تكون فحيث الله: نلقى فيه والذي لة واحدة، وأن أصلها من عند الله، وهذا الأصل يدعى حينا ف رصاحة أن الكتب الم�ف

.") ف )أم الكتاب( وحينا آخر )اللوح المحفوظ( أو )إمام مب�ي

سلم ليس بحاجة إىل قلمنا، مهما بلغ من البلغة. ولكن قلمنا ويؤكد أن "الإسلم، إىل ما ينطوي عليه من ثروة روحية وأخلقية، إىل قرآنه الرائع بحاجة إىل الإ

." الذي بوسعنا أن نتعلم منه الكث�ي

فـي خطـى حممــد ملسو هيلع هللا ىلص ـد ملسو هيلع هللا ىلص()8)( فهي شهادة كاتب مسيحي عبقري ا عن كتابه )فـي خطـى محم أمي تقديمه: )إنه كتاب شهادة

، يقول �ف ف ف منصف�ي تضاف إىل شهادات كتاب مسيحي�يف بحقيقة هذا الدين، إنما ي تعريف المسيحي�ي

د, وإسهام �ف "مسيحي" عل دين محمالله, من السماء, فأسهم من خلله د من لدن ي دين محم

أردته شهادة مسيحي �ف

وت 970). ، ب�ي ي خطى محمد، نرصي سلهب، الكتاب العر�بي)8)( �ف

- 126 -

ف عل حقيقة هذا الدين, وما يحتوي من ثروات روحية ي إطلع إخوة ىلي مسيحي�ي�ف

نسانية ع�ب العصور(. ى للإ وخلقية, وعل ما أد

ي هذا ي كتا�بة، سأسعى �ف سلم وجاهليه هو ف الإ ثم استهل كتابه، قائل: "ب�ي

، لتغدو ساحة لقاء وحقل تلق، بل مكانا لعبادة الله، ف إىل ملئها بالورود والرياح�يسلم عمقا حاطة بالإ عي القدرة عل الإ والتسبيح بحمده، ورفع الصلة إليه. ول أدمن ذاك أن يحتوي قبسا ضئيل لعاجز عن الحجم بمثل هذا كتابا إن وصعدا، ي الن�ب ي خطى

�ف وأنا سائر ببعض جوانب، إذن سألم سلم الإ فمن المشع. النور ي هذا بحثا علميا أو تاريخيا، ول رسد أحداث ووقائع، وهو ، فلن يكون كتا�ب ي العر�بي دين

ح وتفس�ي نصوص، إنما أردت وأريده شهادة مسيحي �ف لن يكون محاولة رسشف عل ي إطلع إخوة ىلي مسيحي�ي

ل من لدن الله، من السماء، فأسهم من خلله �ف ف م�فنسانية حقيقة هذا الدين، وما يحتوي من ثروات روحية وخلقية، وعل ما أدى للإع�ب العصور من جليل الخدمات. وما أنشده من الأعماق هو أن ننتقل جميعا من الطريق هذا عل يمش ومن المحبة، طريق المعرفة لأن المعرفة، إىل الجهل ن الله محبة. وآمل أن أكون بهذا العطاء القليل قد وضعت مدماكا

يدرك الله، لأ ، ف ف ومسلم�ي ي رصح نريده جميعا أن يتعاىل صوب الله، رصح فيه نلتقي مسيحي�ي

�فف من أمتنا سبق ، جاعل�ي ف ف متحاب�ي ح بحمد الله ونستغفر، ونعيش إخوة محب�ي لنسببمحبة: أقول كانوا أ�ف ف المسيحي�ي ي

خو�ت السماء. ولإ عليه تكون بما سوف شعور ي أذهانكم واستقر، وامحوا من

وا من كل ما علق �ف قبل أن تلجوا هذا الكتاب تعرمخيلتكم وأعماقكم ما تراكم فيها ع�ب الزمن من آراء ونظريات، واسعوا معي ي

وا كأمر واقع ل جدال فيه ما سمعتم وتسمعون �ف إىل الحقيقة المجردة، ول تعت�بي القلوب والخواطر!!

بعض أوساط ل هم لها سوى زرع البغضاء والتباعد �ف

بعد ذلك؛ يناجي ـ المؤلف ـ الرسول عل صفحات كتابه، فيقول: »يا رسول الله ف يدي الله، وكان ل يقع فيها ي كنت تقفها ب�ي

ـد ... لقد اشتقنا إىل وقفاتك ال�ت ؛ يا محمبينك وبينه حجاب ... لقد اشتقنا إىل قرآنك الذي من جلس يتلوه جاوز السماء ... أما آن لهذه الأمة أن تعود إىل تعاليمك فتسعد، وإىل رحابك فتهتدي ... أنا المسيحي المؤمن

ف الأمم«. بإنجيلي أقول: إن أمة ل تعرف قدرك يا محمد لهي أمة ل قيمة لها ب�ي

دها الغربيون ي يرداءات والمطاعن ال�ت د عل الف�ت ويواصل الكاتب حديثه، ل�ي

ي مكة ... أبرص النور طفل لم يمر ببال أمه، ساعة سلم ونبيه الكريم، فيقول: »�ف عن الإ

ي التاريخ كله، بل أعظمهم إطلقا«.ي العالم، و�ف

ولدته، أنه سيكون أعظم الرجال �ف

- 127 -

ها تردادا عل الشفاه ا، وأك�ش ويقول: »غدا اسم محمدملسو هيلع هللا ىلص أشهر الأسماء طري العالم يؤدون كل

ف �ف ف المؤمن�ي ي أعماق القلوب. وحسبه شهرة وتردادا أن ملي�يو�ف

يوم أك�ش من مرة، شهادة مقرونة باسم الله وباسمه«.

نفسه ير الرجلملسو هيلع هللا ىلص هذا ة ي س�ي�ف التفك�ي يمعن »من أن ـ الكاتب ـ ويرى

.» ي يعرفها الب�شقرار بأن ما حققه وقام به يكاد يكون من دنيا غ�ي ال�ت منساقا إىل الإ

ة من ثم يقول: »هنا عظمة محمدملسو هيلع هللا ىلص لقد استطاع خلل تلك الحقبة القص�يي التاريخ

الزمن، أن يحدث ثورة خلقية وروحية واجتماعية، لم يستطعها أحد �فبمثل تلك ال�عة المذهلة«.

ف الرسل واحد كمحمدملسو هيلع هللا ىلص عاش رسالته عمقا وصعدا، ويش�ي إىل أنه »ليس ب�يبعد مدى، ذوب كيان، عصف بيان، عنف إيمان«.

ي بمحمدملسو هيلع هللا ىلص آىل لهي الذي أ�ت به الرسول؛ يقول الكاتب: »لكأ�ف وعن الفيض الإ

ف ثروة روحية وأخلقية، ينفقون منها فل تنضب ول ك للمؤمن�ي عل نفسه أن ي�ت تنضب أو تشح؟«. ي تشح؛ لأنها بحجم روحه، وهل لأحد أن يتصور أن روح الن�ب

ملسو هيلع هللا ىلص كان أميا ل ي هي آية من آياته، يقول: »إن محمداوعن أمية الرسول ال�ت

نسانية، نسانية أبلغ أثر مكتوب حلمت به الإ يقرأ ول يكتب، فإذا بهذا الأمي يهدي الإنسانية، ذاك الكتاب الذي أنزله الله عل رسوله«. منذ كانت الإ

ي القرآن ي حديثه عن الوحي الذي نطق به الرسول: »ليس �ف

ويستطرد الكاتب �فى كانت ملسو هيلع هللا ىلص، فحسبه أن المعجزة الك�ب ي كله ذكر لمعجزة أو لأعجوبة صنعها الن�بي لم يرو

وة ال�ت ل عليه تلك ال�ش ف بوساطته ... حسبه أن الله اختاره من دون الب�ش لي�فالتاريخ أن ثروة بحجمها جاءت عل لسان رجل واحد. حسبه أن يكون قد ن�ش تلك ينبوعا الدهر الناس، فأفادوا منها جميعهم. وستظل مدى وة بحرفيتها عل ال�ش

يرده العطاش إىل الحقيقة والجياع إىل ملكوت الله«.

ي غار حراء، فيقول: »إن أوىل الآيات البينات ويش�ي إىل أول ما نزل من الوحي �ف

كانت تلك الدعوة الرائعة إىل المعرفة، إىل العلم ع�ب القراءة )اقـرأ( وقول الله ح منذ الخطوة الأوىل، هذا لم يكن لمحمدملسو هيلع هللا ىلص فحسب، بل لجميع الناس، ليوض

سلم جاء يمحو الجهل، وين�ش العلم والمعرفة«. بل منذ الكلمة الأوىل؛ أن الإ

- 128 -

»ذلك فيقول: والقيارصة، الملوك إىل ي الن�ب رسائل عن »المؤلف« وتحدث ... الله الدنيا من أجل لفتح التاريخ، ويعد شعبا العظيم الذي كان يحاول تغي�ي ذلك الأمي اليتيم الفق�ي الذي خاطب الأباطرة والملوك والأمراء من ند إىل ند، بل ف الأرض كمن له عليهم سلطان ... ذلك الملهم الذي كان همه أن يعيد الصلة ب�يي آداب المجتمع،

ي ليلقي عل الناس دروسا �فوالسماء. ذلك الرجل وجد الوقت الكا�ف

ي أصول المجالسة، وكيفية إلقاء السلم!«.و�ف

ف ي قدرة الرسول عل الجمع ب�يوتبلغ الدهشة بالكاتب مبلغها، حينما يتأمل �ف

ي ل يقدر عليها فرد مهما كانت المهام العظمى سواء كانت عامة أو خاصة، وال�ت

عزيمته، فيقول: »هذا الرجل الذي ما عرف الهدوء ول الراحة، استطاع وسط ذلك ، ويسن أنظمة، ويجود ف ع قوان�ي

الخضم الهائج، أن ير�ي قواعد دولة، وأن ي�شبالتفاس�ي والجتهادات، ولم ينس أنه أب وجد لأولد وأحفاد، فلم يحرمهم عطفه لت، المتعددة ة بالقيم والمعطيات والمؤه وحنانه. فكان بشخصيته الفذة، الغنيالأبعاد والجوانب، الفريدة بما أسبغ الله عليها من نعم وصفات، وبما حباها من

إمكانات، كان بذلك كله عالما قائما بنفسه«.

يمان، ملسو هيلع هللا ىلص رسول وحسب، يهدي الناس إىل الإ ي ي نظره؛ أنه: »لم يكن الن�بو�ف

ة أم خ�ي الشعب ذلك من يجعل أن عل فعزم شعب، وقائد زعيما كان إنما أراد«. له ما للناس. وكان أخرجت

)عبقريـة حممــد ملسو هيلع هللا ىلص( يعد المفكر القبطي الدكتور/ "نبيل لوقا بباوي" من أك�ش الكتاب الذين تناولوا ي هذا الصدد، تناولت مختلف

ة كتب �ف سلم( فقد ألف أك�ش من ع�ش الإ ي ة )ن�ب س�يلصاق ة النبوية، ونافح عن صاحب الرسالة بقوة، وأعلن رفضه التام لإ أبعاد الس�يأن ول عجب ... بالعنف بوصفه المتعلقة تلك سلم، خاصة بالإ الظالمة التهم يكون هذا الفهم الواسع والدفاع المنطقي من الدكتور بباوي؛ فقد حصل الرجل

سلمية! يعة الإ ي ال�شعل ثلث رسائل دكتوراه �ف

ة النبوية ي الس�يي �ف

د( )9)( يقول نبيل بباوي: استوقف�ف ي كتابه )عبقرية محم�ف

حياته كل ي �ف ومحبة ومودة داعية سلم كان )محمدا( أن تؤكد عديدة؛ مواقف الكريم: الرسول سماحة تؤكد فقط؛ مواقف ثلثة وسأذكر وأفعاله،

، القاهرة 007)م. )9)( عبقرية محمد، نبيل بباوي، دار البباوي للن�ش

- 129 -

مع يهود المدينة، والذي ذكر فيه أن اليهود ي أولها : الأمان الذي أبرمه الن�بف سلم- متساوون مع المسلم�ي - وهم أصحاب ديانة مخالفة لما جاء به رسول الإي المصلحة العامة، وأنهم كذلك لهم عهد ومودة وذمة الله، وأنهم آمنون عل

�في حرية وأمان ... هذا العهد هل

حياتهم وأموالهم، يمارسون شعائرهم الدينية �في

رهاب؟ إن كل كلمة فيه تدعو إىل السلم رغم قدرته �ف فيه أية دعوة للحرب أو الإهذا الوقت عل طرد اليهود من المدينة ... ولكن محمدا لم يفعل إل بعد نقضهم

ف ضد رسالته. لعهده، وخيانتهم وتآمرهم مع الوثني�ي

أرسلها ي ال�ت للرسائل الموضوعية القراءة عليه تدل ما : ي

الثا�ف الموقف الدعوة هي الرسائل؛ جميع ي

�ف العامة فالسمة العالم، ي �ف للملوك دملسو هيلع هللا ىلص( )محم

ي الدين الذي جاء به دون وعيد أو تهديد، ثم هذا التواضع الحسنة إىل الدخول �ف

ف أو عظيم عند توقيعه للرسائل، فلم يكتب أنه ملك المسلم�ي ي الشديد من الن�بد عبد الله ورسوله(. ع عل الرسائل بعبارة )محم الجزيرة العربية مثل، وإنما كان يوق

ي أرسلها إىل »المقوقس« حاكم مرص ي هذا المجال أن نعرض الرسالة ال�ت

ويكفي �فعيه ، ونتأكد من كذب ما يد ف الب�ش سلم داعية سلم وتآلف ب�ي الإ ي ى كم كان ن�ب ... ل�فالغرب عل هذه الشخصية العظيمة، يقول: )من محمد عبد الله ورسوله إىل المقوقس سلم، أسلم ي أدعوك بهداية الإ

ا بعد: فإ�ف عظيم القبط، سلم عل من اتبع الهدى، أم، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ﴿ قل يا أهل الكتاب ف تسلم يؤتيك الله أجرك مرت�ييتخذ ول شيئا به ك ن�ش ول الله إل نعبد أل وبينكم بيننا سواء كلمة إىل تعالوا

ن دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ﴾. بعضنا بعضا أربابا م

سلم ودعوته إىل العفو، فهو الإ ي ي تدل عل حب ن�با ثالث المواقف : ال�ت أم

« موىل مطعم بن يي حقه شخصيا، فقد عفا عن »وحىسش

ما حدث مع من أخطأ �فه حمزة بن عبد المطلب رغم تمكنه منه، ولكن الرجل اعتذر ، الذي قتل عم جب�يه ي لكت كبد عم

سلم. كما عفا الرسول –أيضا- عن »هند بنت عتبة« ال�ت ودخل الإي

�ف يهجوه كان الذي » بن زه�ي »كعب من موقفه وكذلك أحد. موقعة ي �ف حمزة

سلم الإ ي شعره، فحينما جاءه تائبا معتذرا، وأنشده قصيدة العتذار؛ لم يكتف ن�ببالعفو عنه، وإنما خلع عليه بردته«!

، وسطور من موسوعات ل حرص لها، هذا غيض من فيض، وقليل من كث�يالفطري، النتماء بدافع العرب، النصارى ف والمؤرخ�ي المفكرين كبار سجلها

منازلته! أو ه ي صد�ف لأحد قدرة ول يقاوم، ل الذي والهوى الحب وسلطان

- 130 -

الكمال، ويرجو العل، يبغي أحد من فما طلق! الإ ذلك عل ي �ف ول عجب

سالمملسو هيلع هللا ىلص الأسوة الحسنة، ي نبـي الإوينشد الفضيلة ومكارم الأخلق، إل وله �ف

ف نخلـة( ي الشه�ي )أم�يوالمثل الأعل .. وقد أفصح عن ذلك الأديب والكاتب اللبنا�ف

فيما كتبه تحت عنوان »هوى بمحمد وتمسكا بقوميته، وكلفا بلغته« إذ يقول: بالسمع قبل تأخذ الخلئق، كلمة، لفرط ما مسحت عل شفاه د، نغمة ل »محمي ل ينتفخ لها صدره، ول ترج جوانب الأخذ بالذهن، وليس عل بسيط الأرض عر�بملتا تتل�ت محمد هوى ي

و�ف بالعروبة. أخذته سلم، بالإ تأخذه لم فمن نفسه، بالديانة، واحد إسلمان؛ سلم الإ كأن ح�ت نجيل، الإ وملة القرآن، ملة العرب: سلم هوى بمحمد، ف يكون الإ وواحد باللغة، أو كأنما العرب مسلمون جميعا ح�يتنفرد أن العرب من طائفة تستطيع ل د ومحم بلغته. وكلفا بقوميته، وتمسكا ي

ف �ف بالتباهي به، فهو فضل عن كونه للخلق كلهم حيث يتشبهون بأكرم الآدمي�يف كلهم ح�ي للعرب يكون أن فبالأجدر الله، الجار، وحفظ النفس، وحفظ حفظ إليه بفضل محمد لقد جمع ... الجل ي

�ف وأنهضنا الفصحى، ي �ف بأبلغنا يتشبهون

عته، هذه القلوب العربية من كل ديانة، ح�ت ي رسشي رسالته والعروبة �ف

العربية �في دار الغربة تحت مئذنة الجامع وهو ابن المسيحية، ما ل يجده

ليجد المسيحي �فإننا ، دين ابن مريم، ي

بدي�ف ي باريس(. يا محمد، يمينا تحت قبة الكنيسة )هناك �ف

ي ي هذا الحي من العرب )حي لبنان( نتطلع إليك من شبابيك البيعة، فعقولنا �ف

�فالقرآن«! ي

�ف وقلوبنا نجيل، الإ

صدقت أيها الكاتب ... وصدق القائل :

قة أل يرى ضوءها من ليس ذا بص؟! ي الجو م�ش

شمس الضحى �فما �ف

- 131 -

املعجــزة الكبـرى

ي ال�ت والخوارق؛ والكرامات المعجزات عن الكتاب( )أهل يتحدث ما ا كث�ي

ف ي الحديث عنها، ويقفون مشدوه�يأجراها الله عل أيدي أنبيائهم، وي�فون �ف

عند سماعها. ونحن نؤمن –أيضا- بهذه المعجزات؛ لأنها كانت تأييدا من الله تعاىل بيهم! ة لهم أمام مكذ لأنبيائه، وحج

نبيـاء( لم تكن كهذه المعجزات الوقتية، فليست هي لكن معجزة )خاتـم الأناقة تحلب، ول عصا تتحرك، ول هي تتعلق بشفاء أبرص، وعلج أبكم أو أعرج!

ن هذه المعجزات والخوارق وقتية ـ كما يقول الدكتور نظمي لوقا - ل »لأ

قها إل من رآها، ول تلزم من لم يشاهدها بالتصديق، وإنها تناسب طفولة يصدي الأزمنة الغابرة«.

ي �ف العقل الب�ش

د( خالدة، وشاهدة عل لكن الله ـ سبحانه - أراد أن تبقى معجزة )محمين! الد يوم إىل ف العالم�ي ة عل حج لتظل الخاتمة، ة النبو

هذه المعجزة )القرآن الكريم( الذي ل يأتيه الباطل أبدا؛ إنها معجزة تتأ�بتيان بمثلها، ومفخرة تتضاءل أمامها مفاخر الأمم والحضارات. عل الإ

ف والآخرين، بما حوته ى علوم الأول�ي ، وتتحد ى عقول الب�ش إنها معجزة تتحد، وما إىل ذلك. يعي، والعددي، والعلمي، والنفىسي ، والت�ش ي

عجاز البيا�ف من ألوان الإبنفىسي أقسمت ي

)إ�ف فقال المعجزة، إىل هذه إشعياء( )سفر ي �ف الرب أشار وقد

ي ل خلف لها ول تبديل(.وأخرجت من فمي كلمة الحق ال�ت

الخاتم، وبرهانا عل صدق ي ة عل رسالة الن�ب لقد نزل القرآن الكريم حجبأنه وامتاز البلغة، ونهاية الفصاحة غاية فبلغ ... الأمم كل ومشتهى دعوته، ف الوعد والوعيد، هيب، ب�ي غيب وال�ت ف ال�ت ف الخوف والرجاء، وب�ي خطاب يجمع ب�يللآخرة. فهو خطاب وسطي، والتوجه للدنيا العمل ف والنذارة، وب�ي البشارة ف ب�يي عل هذا

يأ�ت بل ز عل جانب ويدع جانبا، يرك كافة، ل نسان الإ يخاطب جوانب وذاك، بما يناسب المقام، وبما يقتضيه الحال.

- 132 -

زيادة ول الخالد، فل الكتاب ي حرف واحد من حروف �ف وليس مظنة شك

نزول استعرضنا فإذا ... العرش تحت من غضا الآن القرآن أنزل كأنما نقصان، ي

ال�ت النصوص أصالة ي �ف الرتياب إىل يدعو ما نجد ل تسجيله، وكيفية القرآن

نه أصحابه عل ـ عليه السلم - ودو ي انتقلت إلينا، بمقابلتها بما أوحي به إىل الن�بي نزلت عل محمدملسو هيلع هللا ىلص ل نجد فرقا من

الفور، وإذا ما بحثنا مضمون الرسالة ال�تف الرسالت الأخرى، كذلك نلحظ أن القرآن نزل ناحية المبادئ العامة بينها وب�ي عل إبلغ الرسالة إىل ي ي أوقات متباينة، وقد حرص الن�ب

ما، أي عل أجزاء، و�ف منجإليهم أن يكتبوها ول الآيات، وكان يطلب إليه بمجرد نزول ف صحابته والمقرب�يي كل

يكتفوا بحفظها خوفا من أن تنىس ذاكرتهم شيئا منها، وقد أشار الرسول �فف الآيات الأخرى، ي أ�ت بها وموضعها ب�ي

مرة نزل عليه الوحي إىل مكان الآيات ال�توهكذا نرى القرآن كله قد كتبه عدد من الصحابة، كما حفظه عن ظهر قلب مئات،

ف الذين عارصوا محمدا ملسو هيلع هللا ىلص. بل ألوف من الصحابة والمؤمن�ي

ي القرآ�ف للنص كاملة نسخة بإعداد بكر( )أبو خليفته أمر الرسول؛ وفاة بعد

نة عل هيئة كتاب، وراجعها جميع الحفظة من الصحابة، وهكذا استمر تداول مدوف ف أيدي المسلم�ي ي ب�ي

ف نسخه ال�ت القرآن الكريم ع�ب العصور، فل يوجد اختلف ب�يف منذ جمعه وإىل يومنا هذا، والمسلمون جميعا يتفقون عل أن المصحف الذي ب�يأيديهم هو نفسه الذي قرأه الرسول عل صحابته لم تتقدم فيه آية عل آية، ولم ف وثقتهم؛ أن عادة حفظ ي اطمئنان المسلم�ي

ل فيه حرف عن حرف ... ومما يزيد �ف يتبدالقرآن ل تزال سارية ح�ت أيامنا هذه، ولم تنقطع السلسلة منذ عرص الرسالة ح�ت صحاح التاسع ع�ش من سفر إرميا( قال: ي )الإ

لما ورد �ف يومنا هذا. وذلك مصداقا ي قلوبهم ...(. بحسب

ي أفواههم، وأكتبها �في �ف

يع�ت ي جاعل بعد تلك الأيام رسش)إ�ف

ة العارسش دون طفل مليون نصف عن يزيد ما سلمي الإ العالم ي �ف الآن يوجد أن

ي ي أنه الكتاب الوحيد �ف

ي بداية عهده! فل جدال �فيحفظون القرآن كامل كما أنزل �ف

! هذا الوجود الذي يمكن للطفل الصغ�ي أن يحفظه قبل الشيخ الكب�ي

ي الغرب، إل ق أو �ف ي ال�ش

ر سواء �ف نتيجة لذلك؛ أنه ما من فيلسوف أو مفكسلم من عتاة وسلم بأصالة النص القرآن ونقائه، وح�ت هؤلء الذين يكرهون الإف س�ي الغرب، سلموا بأصالته، وعدم دخول أي تعديل أو تحريف عليه. وقد اع�تي العالم

ي كتابه )حياة محمد(: أنه »ليس هناك كتاب �فوليم موير Wiliam Muir �ف

احتفظ بنصه وحرفيته لمدة ثلثة ع�ش قرنا كالقرآن«.

- 133 -

سة، لكنه ولقد واجه القرآن الكريم منذ لحظة نزوله هجوما ضاريا ومعارك رسشي عرص

اءات الحاقدين. ح�ت �ف ي كل معركة، ورد شبهات المنكرين، واف�تخرج منترصا �ف

نزول القرآن ـ ذلك العرص الذي اتفق الرواة، وتواترت الأخبار عل أنه أر�ت عصور أشد وكانوا البلغة، وأرباب الفصاحة بفرسان وفرة ها وأك�ش وبيانا، لغة العرب ة لعقائد أسلفهم- آبائهم، وحمي كانوا عليه من معتقدات التمسك بما حرصا عل ه أحلمهم، ويحتقر أصنامهم، ويدعوهم إىل ما ل نزل القرآن يخطئ آراءهم، ويسفتيان بمثل أقرص سورة من يهم بالإ ف يدي ذلك كله إل تحد ة ب�ي تعهده أيامهم، ول حجي كل مرة أن يستعينوا بمن شاءوا ومن استطاعوا ﴿ فأتوا

ذلك الكتاب، بل أباح لهم �فف ﴾ ]البقرة:3)[. ن دون الله إن كنتم صادق�ي ثله وادعوا شهداءكم م ن م بسورة م

نس اجتمعت الإف ي غ�ي مواربة، فقال: ﴿ قل ل�أ

ثم رماهم والعالم كله بالعجز �فا] والجن عل أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظه�يرساء:88[. وأجهز عليهم بالحكم القاطع المؤبد، فقال: ﴿ فإن لم تفعلوا ولن ]الإ

ت للكافرين ﴾]البقرة: 4)[. ي وقودها الناس والحجارة أعد ار ال�ت تفعلوا فاتقوا الن

اهم دهم بالنار، ثم سو هم بقوله ﴿ ولن تفعلوا ﴾ ثم هد انظر؛ كيف استفزبالأحجار؟ فوا الله لو كان فيهم لسان يتحرك لما صمتوا عن منافسته وهم الأعداء تهم وفخارهم، لكنهم اء، وأباة الضيم الأعزاء، وقد أصاب منهم موضع عز الألدلم يجدوا ثغرة ينفذون منها إىل معارضته، ول سلما يصعدون به إىل مزاحمته، ، ف وا صاغرين، وأصيبوا بالعجز المه�ي بل وجدوا أنفسهم أمام طود شامخ، فخركل كلم، وق�ف العليا عل الكلمة العزيز للكتاب ت الخيبة، وحق أذيال وا وجرــي( ي ظهور هذا الكتاب عل لسان )أم

عل جميع الأحكام ... أليس �ف حكمه العلي، وإنما هو أعظم معجزة وأقوى حجة وأدل برهان؛ عل أنه ليس من صنع الب�ش

! يلهي، والحكم الصادر عن المقام الربا�ف النور المنبعث عن شمس العلم الإ

ه، ثم ي مختلف عن غ�يي هذا، يقول د. فيليب حته: »إن الأسلوب القرآ�ف

و�فإنه ل يقبل المقارنة بأسلوب آخر، ول يمكن أن يقلد، لأنه إعجاز إلهي، فمن جميع ى ... وهو الذي حفظ اللغة العربية، وصانها المعجزات كان القرآن المعجزة الك�ب

من أن تتمزق إىل لهجات«.

نسان الإ »قصة كتابه ي �ف Hanna John اللغوي العالم ذاته الرأي ويوافقه

قرار بأن القرآن ـ فضل عن كونه كتاب هداية Human Story«: »إنه لبد من الإ

- 134 -

ي بلغة يع - فهو أيضا دستور خالد للفصحى، ولطالما يعود إليه أئمة اللغة �ف وت�ش

، وإذا كان المسلمون ف ف أم مسيحي�ي الكلمة وبيانها، سواء كانوا هؤلء الأئمة مسلم�يل، ول يحتمل ف ون أن صوابية لغة القرآن هي نتيجة محتومة لكون القرآن م�ف يعت�بفون أيضا بهذه الصوابية، ويرجعون إليه للستشهاد التخطئة، فالمسيحيون يع�ت

بلغته الصحيحة كلما استع� عليهم أمر من أمور اللغة«.

ي الروح ل يجتث وقد أجمع الأولون والآخرون عل أن هذا القرآن له جذور �ف

فرسان من المعاندين عجيبة، ح�ت واستجابة النفس ي �ف وقع وله بسهولة، منها

، وقد وا أنهم سمعوا كلما ليس من كلم الب�ش البلغة المعارصين للدعوة، أقرف سمع كث�ي من زعمائهم عن هذا الموقف، فهذا الكافر »عتبة بن ربيعة« ح�ي ع�بلت« رجع إىل قومه مشدوها، فسألوه: من الرسول الآيات الأوىل من سورة »فصي سمعت قول ما سمعت مثله قط، ما هو

ي أ�فما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال: »ورا�أ

، وخلوا ي ي واجعلوها �بعر، ول بالسحر، ول بالكهانة، يا مع�ش قريش أطيعو�ف بالش

ف ما هو فيه، فإن لكلمه سيكون شأن عظيم«. د وب�ي ف محم ب�ي

ة« عندما سمعه؛ لم يتمالك نفسه إل أن كذلك، الجاحد »الوليد بن المغ�يقال: »إن له لحلوة، وإن عليه لطلوة، وإن أعله لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما

، وإنه ليعلو ول يعل عليه«. هو بقول الب�ش

ي ف نجل�ي الإ المفكر مع بالمثل تكرر ؛ يالماصف ي

�ف قريش لبلغاء حدث وما يت شل بيكارد W.B.Beckard الذي يحكي تجربته قائل: »اش�ت / وليم ب�ي الشه�يي لقيت

ي القرآن، فصارت عندي أغل ما أملك، لأ�فنسخة من ترجمة فرنسية لمعا�ف

ا، ح�ت غدوت وكأن شعاع الحقيقة من مطالعتها أعظم متعة، وابتهجت بها كث�يالمبارك«. بنوره ق علي الخالد قد أرسش

Grunbaum ق جرونباوم سلم( المست�ش وجاء صاحب كتاب )حضارة الإ، فيقول: »القرآن ظاهرة لم يسبق لها مثيل ين، ليؤكد ذات المع�ف ي القرن الع�ش

�فعها، بل هي ـ إن جاز هذا أن يخ�ت ي ، وليست آياته مما يستطع ن�ب ي ي اللسان العر�ب

�فالقول - الصورة العربية لكلمة الله نفسه، ول يستطيع محمد أن يضيف إليه كلمة

واحدة، أو يلغي منه كلمة واحدة«.

ف والجاحدين( وننادي عل الدنيا كلها من هنـا؛ فإننا ندعو العالم كله )المؤمن�ير -مرة نس والجن( أن تفتح قلوبها وعقولها ... لتقرأ هذا الكتاب الكريم، وتفك )الإ

- 135 -

القرآنية الجملة دقة ي �ف وتتأمل ومراميه، وأحكامه ومعانيه ألفاظه ي

�ف المرة- تلو ، وهذه ظاهرة وعظمتها، وكيف استطاعت بأقرص عبارة الدللة عل أوسع مع�في القرآن كله، مهما اختلفت بحوثه وموضوعاته، فل تجد كلمة زائدة

واضحة جلية �فيمكن الستغناء عنها، فانظر عل سبيل المثال :

ي أعطاها لآدم بعد خلقه، مما يحتاجه ث القرآن عن الضمانات ال�ت كيف تحد

لقد وضع عيشه، ورفاهية بقائه مقومات ي �ف يدخل ما كل من حياته ي

�ف نسان الإف فقط، هما: ﴿ إن لك أل تجوع فيها

ي جملت�يلهي هذه الحتياجات كلها �ف البيان الإ

ول تعرى. وأنك ل تظمأ فيها ول تضحى ﴾ ]طه : 8))-9))[.

عية المهمة، وهي وتأمل إىل هذه الآية، وقد تضمنت حكما من الأحكام ال�شا تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم عىل سواء إن الله ل يحب قوله تعاىل: ﴿ وإم

﴾ ]الأنفال :58[. ف الخائن�ي

نسان ي هذه الآية، يجد نفسه أمام أسلوب فريد، ليس من دأب الإفمن يتأمل �ف

ي نقل مع�ف هذه الآية بألفاظ من عنده. له التعب�ي بمثله، كما يشعر بعجزه �ف أن يتأ�ت

ف ـ فقط- ي آيت�يي كتاب الله، وتأمل كيف صيغت �ف

اث �ف وانظر إىل أحكام الم�يي مختلف الأحوال،

، ونصيب كل منهم �ف ف من آيات القرآن، حوت أحوال الوارث�يالأحكام من ا كب�ي يمثل شطرا بذاته، علم مستقل ف الآيت�ي ف انبثق من هات�ي ولقد وفلسفتها، الدنيا أدهش حكماء الذي اث؛ الم�ي بعلم ى يسم ما عية، وهو ال�ش

ف اعتمدوه، وصاروا يعملون به الآن. ح�ت إن المسيحي�ي

ين ثلثة وع�ش نت قرآنية، تضم أسطر صيغت من ستة آية واحدة إىل انظر بل عن هذه الأحكام؛ لقت�ف حكما مما يتعلق بنظام الأرسة، لو حاول أبلغ الناس أن يع�ب ! ي

ف سطرا من الكلم، أي أضعاف وأضعاف النص القرآ�ف منه ذلك ما ل يقل عن ثلث�ي

كتاب ثابتة ﴿ منه حقيقة الذي تعجب أن ... ستجد وتأمل، وقارن فانظر، .](: ]هود ﴾ خب�ي حكيم لدن من لت فص ثم آياته أحكمت

/ كارل إيرنست Ernst Karl »أن القرآن يمن أجل هذا؛ أعلن العالم الألما�ف

الله«. لأنه نه كلم القويم، لأ السلوك هو المصدر الأول والأرفع ليكون معيار

ى والدليل القاطع عل صدق النبوة الخاتمة ـ كما تقول آنا ماري )المعجزة الك�بقية(. ي الغرب رسش

ي كتابها »حيا�تشميل Annemarie Schimmel �ف

- 136 -

الفرنىسي ق المست�ش سلم« الإ »فهم كتاب صاحب أكده ما ذلك؛ وقبل إذ Frithjon Schuon شيون فريثجوف قية- ال�ش العقائد ح رسش ي

�ف ـالمتخصص يقول: »ولبد للقارئ إذا أراد أن يفهم رسالة القرآن أن يذكر أنه كتاب فرائض، عجاز فيه ل يرجع إىل فصاحة اللفظ وحدها، وكتاب إقناع، وكتاب هداية، وأن الإول إىل نسق البيان وحده، ولكنه يرجع إىل إيحاء اللفظ، وإيحاء البيان بما يعجز كل

يحاء بمثله«. كلم عن الإ

ى عرص العلـــم »املعجــــزة« تتحدي هذا العرص )عرص العلم( ومع ظهور الكتشافات العلمية المختلفة؛ وقف

�فوا ساجدين أمام الفيوضات ف ومبهورين، وخر العلماء أمام آيات القرآن مشدوه�ية أمي بيئة ي

�ف نزل الذي المجيد الكتاب ي أخ�ب عنها ال�ت الكونية لهية، والحقائق الإ

بدوية، قبل 4) قرنا من الزمان!

لهم أنه ف يتب�ي ي أنفسهم ح�ت فاق و�ف ي الآ

يهم آياتنا �ف ومرد ذلك كله؛ ﴿ س�ف

الحق ﴾ ]فصلت :53[.

فانظر إىل القرآن وهو يطرحـ مثل - فكرة معينة ومحددة المعالم حول بداية نسان )العرصي( قبل الكون المادي ونهايته، وكانت هذه الفكرة غ�ي معروفة لدى الإنسان القديم فل مجال للقول بأنه كان يمكن أن يتطرق ا الإ عدة عقود من الزمان، أمي القرآن ﴿ أو

ي إىل هذه الفكرة، وجاء العلم الجديد ليشهد عل ما جاء �فعقله البدا�أ

ا رض كانتا رتقا ففتقناهما ﴾ ]الأنبياء:30[. أم موات والأ لم ير الذين كفروا أن السل جل للكتب كما بدأنا أو ماء كطي الس عن نهاية الكون، فيقول ﴿ يوم نطوي الس

﴾]الأنبياء: 04)[. ف ا فاعل�ي خلق نعيده وعدا علينا إنا كن

ي فالكون ـ بناء عل تفس�ي هذه الآيات- كان منضما ومتماسكا، ثم أخذ يتمدد �ف

. وهذه هي الفكرة ف صغ�ي ي ح�يالفضاء، ويمكن رغم هذا التمدد تجميعه مرة أخرى �ف

ي توصل العلماء إليها خلل أبحاثهم ومشاهداتهم العلمية الجديدة عن الكون، ال�ت

ي صورة غاز ي أول الأمر، وكانت �ف

لمظاهر الكون؛ بأن المادة كانت جامدة وساكنة �فة مليارات ي هذه المادة منذ ع�ش

ساخن كثيف متماسك، وقد حدث انفجار شديد �فلهذا؛ ونتيجة أطرافها. وتتباعد تتمدد المادة فبدأت تقدير، أقل ف عل السن�ي من ي تقول:

ف الطبيعة ال�ت أصبح تحرك المادة أمرا حتميا لبد من استمراره طبقا لقوان�يي هذه الأجزاء من المادة تقل تدريجيا بسبب تباعدها، ومن ثم

إن قوة الجاذبية �ف

- 137 -

وفيسور/ آرثر إدنجتون ي هذا يقول ال�ببينها بصورة ملحوظة، و�ف تتسع المسافة

مطبوعة كنقوش والمجرات: النجوم مثال )إن )الكون(: كتابه ي �ف Eddington

عل سطح بالون من المطاط، وهو ينتفخ باستمرار، وهكذا تتباعد جميع الكرات .) ي

ي عملية التوسع الكو�فالفضائية عن أخواتها بحركاتها الذاتية �ف

ف ل علماء الطبيعة الفلكية Astro. Physicists طبقا لقوان�ي أمر آخر؛ أولم يتوصي القمر قريبا من الأرض مرة أخرى،

الجاذبية، وبناء عل قانون الفلك، أنه سوف يأ�تويرون أنه عند وقوع هذا، فسوف ينشق القمر، وسوف يتناثر حول فضاء الأرض ي صورة حلقة ... أليست هذه النظرية من أعظم موافقات العلم لنبوءة القرآن

�فاعة بت الس

ب القيامة، لقوله تعاىل: ﴿ اق�ت ف تق�ت الكريم، حول انشقاق القمر، ح�يستمر ﴾ ]القمر: )-)[. وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر م

وقد أخ�ب القرآن عن علم )الجيولوجيا( وأرسار طبقات الأرض، فذكر أك�ش من ي الأرض حفاظا عل توازنها، من ذلك قوله تعاىل: ﴿ وألقى

مرة أن الجبال أرسيت �ف أن تميد بكم ﴾ ]لقمان:0)[. وظل العلم جاهل بهذه الحقيقة رض رواىسي ي الأ

�فطوال القرون الماضية، لكن دار�ي الجغرافيا الحديثة يعرفونها جيدا تحت اسم ي مراحله البدائية بالنسبة إىل

قانون »التوازن« Isostasy ول يزال العلم الحديث �فوفيسور فان إنجلن Englin : »من المفهوم الآن أن أرسار هذا القانون، يقول ال�بف أصبحت أمكنة المادة المادة ـ الأقل وزنا - ارتفعت عل سطح الأرض، عل ح�يي شكل البحار، وهكذا استطاع الرتفاع

ي نراها الآن �فالثقيلة خنادق هاوية، وهي ال�ت

والنخفاض أن يحافظا عل توازن الأرض«.

James ف جيمس جي�ف / الفلكي العالم ا عندما نسمع أن وقد ل نتعجب كث�يكانت مسالكها« ي

�ف »النجوم كتاب وصاحب دج، كم�ب بجامعة الأستاذ ـ Jeansالله وجلله، عندما ف قلبه من هيبة ترتعد يداه، وتنهمر الدموع من عينيه، ويه�توجاذبيتها، ومداراتها، وطرقها ونظامها، السماوية الأجرام عن ة محارصف يلقي وطوفان أنوارها المذهلة، وهذا الذي دعاه أن يعلن إسلمه عل الملأ، عندما سمع ختلف ألوانها وغرابيب سود. ومن قوله تعاىل: ﴿ ومن الجبال جدد بيض وحمر م الله من عباده العلماء] نعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخىسش واب والأ اس والد النــدا( بهذا، ]فاطر:8)-7)[. حيث ملكته الدهشة والرهبة، وصاح قائل: من أنبأ )محمه به. وهو الأمي، إنه ل يمكن أن يكتشف هذا ال� بنفسه، ولكن الله هو الذي أخ�ب

- 138 -

سواها طويل زمن الأرض عل م�ف قد أنه - أيضا الكريم القرآن ي �ف وجاء

رض بعد ذلك دحاها. أخرج منها ماءها ومرعاها ﴾ الله خلله، قال تعاىل: ﴿ والأ]النازعات:)3-30[. وهذه الآية الكريمة تطابق مطابقة عجيبة أحدث الكشوف العلمية، Theory of Drifting Continents حيث انتشارها أو القارات« تباعد وهو »نظرية ي وقت ما أجزاء متصلة، ثم انشقت

ي هذه النظرية أن جميع القارات كانت �فنرى �ف

ت من تلقاء نفسها، وهكذا وجدت قارات تحول دونها بحار واسعة. وتقاذفت وانت�ش

ف أعلن خب�ي طبقات ي العالم لأول مرة عام 1915 ح�يوقد طرحت هذه النظرية �ف

/ ألفريد واج�ف Alfred Waagner أنه لو قربت القارات جميعا، فسوف يالأرض الألما�ف

تتماسك ببعضها. وهناك شبه كب�ي يوجد عل سواحل البحار المختلفة، كأن نجد جبال ي واحد، ونجد فيها دوابا وأسماكا ونباتات متماثلة أيضا! وهذا ما

متماثلة عمرها الأرصفي كتابه جغرافية نباتات

وفيسور/ رونالد جود Ronald Good �ف دفع عالم النباتات ال�بالزهور Geography of Flowering Plants إىل أن يقول: »لقد اتفق علماء النباتات عل ي مختلف قارات العالم،

النظرية القائلة بأنه ل يمكن تفس�ي ظاهرة وجود نباتات متماثلة �في وقت من الأوقات«.

إل إذا سلمنا بأن أجزاء الأرض هذه كانت متصلة بعضها ببعض �ف

ي الماصف ي

�ف نسان الإ يعرف ولم ير، ف الخ�ف لحم الكريم القرآن م حر ولقد لأنه ة، كث�ي أمراضا يسبب أنه اليوم أدرك لكنه التحريم، هذا أرسار عن شيئا ا أم الحيوانات، سائر ف ب�ي Uric Acid البوليك كمية من حمض أك�ب يحتوي عل ير، فهي تفرز هذه المادة بصفة مستمرة عن طريق ف الحيوانات الأخرى غ�ي الخ�فير ف . ولكن الخ�ف ف نسان يفرز %90 من هذه المادة بمساعدة الكليت�ي البول، وجسم الإن من إخراج حمض البوليك إل بنسبة %) والكمية الباقية تصبح جزءا من ل يتمكير من آلم المفاصل، والذين يأكلون لحمه هم ـ أيضا - ف لحمه، ولذلك يشكو الخ�ف

م، وما إىل ذلك من الأمراض المماثلة. ف يشكون من آلم المفاصل والرومات�ي

ي ي الماصف

ف ما ورد �ف إن المؤمن الحق؛ ل يملك أمام هذا التوافق المدهش ب�يي

البعيد، وما اكتشف بالأمس القريب ... إل أن يؤمن بأن هذا الكلم يستحيل أن يأ�ت، والحال، ي

به ب�ش من عنده، إنما هو صادر عن خالق حكيم؛ أحاط علمه بالماصفوالمستقبل عل السواء.

ي أخ�ب عنها القرآن الكريم، وهناك الكث�ي من الحقائق العلمية والكونية ال�ت

وعلم الفلك، علم عن يتحدث ما منها علمية رصيحة، آية ألف تجاوزت ي وال�ت

- 139 -

النبات، وعلم الأغذية، وعلم الأرض، طبقات وعلم البحار، وعلم ياء، ف الف�يها. وغ�ي الطبيعة، وأرسار

ي غمرات الجاهلية؟!ي تلك الأمية؟! وما هذا الرشاد الهادي �ف

فما هذا العلم الهائل �ف

ء رحمة وعلما. يء، والذي وسع كل �ش ي

إن هو إل خطاب الله القادر عل كل �ش

ة أعظم من هذا؟! أي برهان عل النبو

ف والآخرين! ، وأ�ت بأخبار الأول�ي ف ( أ�ت بكتاب أعجز العالم�ي )أمــي

يعة وأصول الدين، وحك عن الأنبياء ما شاء ر للعالم أجمع معالم ال�ش وقربحكم كما جاء أقوامهم، ف وب�ي بينهم كان وما هم، س�ي من علينا يقص أن الله ائع؛ تخضع لها القلوب، وتهش لستقبالها العقول، وتنرصف ومواعظ وآداب ورسش

ات بإذن الله. ي الخ�يوراءها الهمم م�عة �ف

ومازال السؤال مطروحا: ما هذا الخطاب المفحم؟ وما ذلك الدليل الملجم؟

ا كسائر الب�ش ... بل هو ب�ش يوحى إليه، إن الذي أ�ت بهذا الكلم ليس ب�ش قناع برسالته بما يلهي الأبصار، أو يح�ي ي الإ

، ولكنه لم يأت �ف ف قا للمرسل�ي جاء مصدالحواس، أو يدهش المشاعر، ولكن طالب كل قوة بالعمل فيما أعدت له، واختص ي صدق الكلم، وسلطان

العقل بالخطاب، وحاكم إليه الخطأ والصواب، وجعل �ف

ف يأتيه الباطل من ب�ي ة، وآية الحق الذي ﴿ ل البلغة، وصحة الدليل مبلغ الحجن حكيم حميد ﴾ ]فصلت :)4[. يل م

ف يديه ول من خلفه ت�ف

هيا؛ افتح قلبك؛ واستمع لما قاله العالم الفرنىسي المشهور/ موريس بوكاي )0)(: »لقد قمت بدراسة القرآن الكريم، وذلك دون أي فكر Maurice Bucailleالعلم ومعطيات القرآن نص اتفاق درجة عن باحثا تامة، وبموضوعية مسبق، جمات - أن القرآن يذكر الحديث، وكنت أعرف ـ قبل هذه الدراسة عن طريق ال�تة، وبفضل الدراسة ف ي كانت وج�ي

ة من الظواهر الطبيعية، ولكن معرف�ت أنواعا كث�يي استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد النتهاء منها أن القرآن الواعية للنص العر�بي العرص الحديث، وبنفس

يخلو من أي مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم �فالموضوعية قمت بالفحص عل العهد القديم والأناجيل.

اث، القاهرة 0)0)م. نجيل والعلم، موريس بوكاي، دار الحرم لل�ت )0)( القرآن والتوراة والإ

- 140 -

سفر من أبعد للذهاب حاجة هناك تكن فلم القديم؛ للعهد بالنسبة ا أمف أك�ش معطيات العلم التكوين، وقد وجدت فيه مقولت ل يمكن التوفيق بينها وب�ي يناقض بشكل ا بالنسبة للأناجيل ... فإننا نجد نص إنجيل م�ت ي عرصنا. وأم

رسوخا �فواضح إنجيل لوقا، وأن هذا الأخ�ي يقدم لنا رصاحة أمرا ل يتفق مع المعارف

نسان عل الأرض. الحديثة الخاصة بقدم الإ

ي �ف العميقة ي

دهش�ت القرآن بها يختص ي ال�ت العلمية الجوانب أثارت لقد

البداية، فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كب�ي إىل هذا الحد من الموضوعات ي نص كتب منذ

شديدة التنوع، ومطابقته تماما للمعارف العلمية الحديثة، ذلك �في التفاصيل

سلم، فأذهلت�ف ي البداية لم يكن لدي أي إيمان بالإأربعة ع�ش قرنا ... �ف

نفس عن اليوم نملكها ي ال�ت للمفاهيم ومطابقتها الطبيعية، بالظواهر الخاصة

ن عنها أد�ف ـد أن يكو ي عرص محمي إنسان �ف

ي لم يكن ممكنا لأهذه الظواهر، وال�ت

ح بحقائق ذات طابع علمي لم يكن نسان –كان أميا- أن يرص فكرة ... كيف يمكن لإنوها..؟«. ي ذلك العرص- أن يكو

ي مقدور الب�ش -�ف�ف

ى؛ العالم الأمريكي Jelly Sumson فقال : »إن وقد آمن بتلك الحقيقة الك�بي العصور المقبلة«.

ة العلم �ف ي يمكنه أن يقود مس�يالوحي القرآ�ف

ي القرآن الكريم؛ أك�ش من أن تحصيها القرائح والعقول، عجاز �ف وإن وجوه الإ

ية دون مكانته من البلغة، حسبه أنه برهن عل أمر واقعي؛ وهو تقارص القوى الب�شهذا بها جاء ي

ال�ت الرسالة خلود إىل يرجع أنه إعجازه؛ وجوه أهم من أن كما ي إسعاد الفرد

ية جمعاء �ف الكتاب، وما فيه من هدى ونور وصلح وإصلح للب�ش ي

ي حياة العرب من ر�توالجماعة. كما أن من وجوه إعجازه؛ راجع إىل ما أحدثه �ف

امية الأطراف عل مدار العصور والأزمان، ورفعة، وجعل منهم أمة واحدة م�تف من ثورة شاملة، وأنه لم يقف عقبة أمام ي حياة المسلم�ي

وإىل ما أحدثه أيضا �ف، بل حثه عل النظر والتفكر والتدبر، واستجلء الأرسار، والعمل ي

نسا�ف العقل الإف المجيد ي الدنيا والآخرة. ومازالت الأمة كلها تتباهى بهذا ال�ش

لما فيه الخ�ي �فمنذ عهد الرسول وإىل أن تقوم الساعة ﴿ وإنه لذكر لك ولقومك ﴾ ]الزخرف:44[.

سلمية قوة غالبة ﴿ إن هذا القرآن يهدي والقرآن هو الذي جعل العقيدة الإسلم قوة صامدة عل مدار العصور رساء:9[. وجعل من أمة الإ ي هي أقوم]]الإ

لل�تي دين آخر من الأديان.

ي لم تعهد �فته ال�ت ف سلم بم�ي واختلف الأزمان، وقد أفرد ذلك الإ

- 141 -

اإلعجـاز التشيعي يف القـرآن؛ بهدف يعات والدسات�ي ية عل مر العصور وضع النظم والت�ش حاولت الب�ش، لسيما بعد زيادة معدلت الجريمة، غ�ي أن هذه النظم حماية وسعادة الب�شبلغه ما تبلغ ولم والستقرار، الأمن توف�ي ي

�ف ذريعا فشل فشلت يعات والت�شجلل والشمول والكمال والسمو الذي فاق قدرة « من الروعة والإ ي

يع القرآ�ف »الت�ش( المعجز، وضع الحل الجذري لتلك الجرائم؛ وبذلك ي

يع القرآ�ف ؛ لكن)الت�ش الب�شيعاته ش�ت مناحي حفظ للناس أموالهم وأنفسهم واستقرارهم .. فقد شملت ت�ش : ي

القرآ�ف يع الت�ش ات ف ومم�ي أهداف من أن العلماء أوضح وقد نسانية، الإ الحياة بكل أ�ت يع وأنه ت�ش ونواهيه. لأوامره، لهديه، واستجابة وامتثال لله، عبادة أنه يمتاز وأن والفشل! للنجاح القابلة للتجارب حقل ليس فهو نسان، الإ يصلح ما ي تكفل سد حاجات الفرد

بالكمال، حيث استكملت وشملت كل مناحي الحياة ال�تبحيث ل قواعده وأحكامه، بسمو ي

القرآ�ف يع الت�ش يمتاز كما والمجتمع. والأرسة يعاته. كما يمتاز بالدوام تستطيع جماعة مهما بلغت من العلم أن تضع مثل ت�شالزمن، وهو مع ذلك يظل يتبدل مهما طال يتغ�ي ول والثبات والستقرار؛ فل أحكاما ليس فهو والسلوك، العقيدة ف ب�ي بالجمع ف ويتم�ي صلحيته. عل محافظا ف جافة ل روح فيها، فالمسئولية جامدة كالقانون الوضعي الذي هو عبارة عن قوان�ينسان أمام محكمة السماء، ثم أمام المسئولية ي تضع الإ

يع القرآ�ف ي أحكام الت�ش�ف

، يقول تعاىل: ﴿ يا أيها الذين آمنوا ل تخونوا الله الأخلقية أمام محكمة الضم�يسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ﴾ ]الأنفال:7)[. والر

ي مكافحة جريمة القتل؛ لسيما إذا يع )القصاص( �ف من ذلك؛ ما يدل عليه ت�ش

سلم، وما صارت ي قبل الإ ي المجتمع العر�بف حال جريمة القتل �ف عقدنا مقارنة ب�ي

الأرواح وكانت وعنوانهم، وديدنهم دينهم القتل كان فقد سلم، الإ بعد عليه ف سنة! ي استمرت أربع�ي

ي حرب البسوس ال�تتزهق لأتفه الأسباب؛ مثلما حدث �ف

حالهم من النقيض إىل النقيض، فتحولت لكن بعد نزول وحي السماء؛ تغ�يل النتقام إىل تسامح، وانت�ش الأمن العداوة إىل أخوة؛ فاقت أخوة النسب، وتحوي ربوعهم ح�ت كان الواحد منهم يس�ي من شمال الجزيرة إىل جنوبها ل يخىسش

�فنعمة واذكروا ﴿ تعاىل: الله قول فيهم ق وتحق غنمه، عل والذئب الله، إل

- 142 -

﴾ ]آل إخوانا بنعمته فأصبحتم قلوبكم ف ب�ي فألف أعداء كنتم إذ عليكم الله ف القوان�ي أك�ش ها أصحابها يعت�ب ي

ال�ت الوضعية؛ ف القوان�ي أن ف ي ح�ي�ف عمران:03)[

ي مجال مكافحة الجريمة، لم تنجح بعد فيما وضعت من أجله؛ بعد مرور إحكاما �ف

ف عل تاريخ وضعها. أك�ش من قرن�ي

يع؛ إل إذا تحققت فيه أربعة ي ت�شاء القانون : ل يتم النجاح لأ يقول خ�ب

ة زمنية. ي أقل ف�توط: أن يؤدي الغرض الذي وضع من أجله. وأن يتم ذلك �ف رسش

وأن يتحقق الغرض بأقل ما يمكن من التكاليف. وأل تكون سلبياته أك�ش من إيجابياته. يع ناجحا فيما وضع من أجله. وقد لوحظ ط منها؛ ل يكون الت�ش فإذا انعدم رسشي

يع )القصاص( المنصوص عليه �ف ي ت�شوط الأربعة، إل �ف أنه لم تتحق هذه ال�ش

ي السنة النبوية المطهرة.ف �ف

القرآن الكريم، والمب�ي

يع يع »القصاص« بعد وقوع الجريمة، ومن إعجاز هذا الت�ش ي ت�شهذا؛ ويأ�ت

أنه واضح المعالم، فل غموض فيه ول اختلف بشأنه، والهدف منه منع تكرار ار، ويتضمن هذا الأسلوب العقاب، ي وقعت، وإصلح ما خلفته من أرصف

الجريمة ال�تضافة إىل الكفارة. وبدائله؛ كالدية والصلح والعفو، بالإ

وهلة لأول يلحظ سلم؛ الإ بها جاء ي ال�ت »القصاص« عقوبة ي

�ف والمتأمل فالقصاص . والج�ب والزجر للردع تحقيقها بسبب الجريمة، مكافحة ي

�ف فعاليتها ي

الجا�ف يمنع با أو رصف أو جرحا قتل كانت العمدية سواء الجرائم ي �ف يطبق الذي

ه ه من أن يسلك سبيله، فالذي يسعى لقتل غ�ي بل شك من العود، كما يمنع غ�ييعلم أنه يسعى أيضا إىل قتل نفسه، ول نجد شخصا سويا يسعى لقتل نفسه أو ي المتعمد مثل ما فعل

ي يفعل فيها بالجا�فقطع بعض أطرافه، وهذه العقوبة ال�ت

والج�ب والزجر للردع تحقيقا ها وأك�ش العقوبات، أعدل من تعذيبا يكون لم ما فهي القصاص، عقوبة تفضل عقوبة قديمه وحديثه كله العالم ي

�ف وليس أيضا. أعدل العقوبات إذ ل يجازى المجرم إل بمثل فعله، وهي أفضل العقوبات للأمن ا ن المجرم حينما يعلم أنه سيجزى بمثل فعله ل يرتكب الجريمة، أم

والنظام؛ لأالذي يدفعه إىل القتل والسفك هو تنازع البقاء، وحب التغلب والستعلء، فإذا

علم المجرم أنه لن يبقى بعد جنايته أبقى عل نفسه بإبقائه عل فريسته.

آية واحدة، وهي قوله ي �ف أشكاله بمختلف ي

القرآ�ف عجاز الإ هذا؛ وقد تجل الآية؛ هذه ي

�ف نلمس إذ ]البقرة:79)[ ﴾ حياة القصاص ي �ف ولكم سبحانه:﴿

- 143 -

مدى سعة المع�ف الذي احتوته تلك الكلمات القليلة، وكيف حملت هذه الجملة ف يعات والقوان�ي ي تتقارص أمامه سائر الت�ش

يعي ال�ت عجاز الت�ش الموجزة من أوجه الإيع! ، وعباقرة الت�ش ي تصنيفها القانونيون، وفقهاء الدسات�ي

ي اجتهد �فالوضعية؛ ال�ت

ي ل تنفد ول تموت؛ عمرها تلك الجملة القرآنية؛ المفيدة معانيها، والنافذة ال�ت

ومضمون، مفهوم من الكلمة هذه تحمل ما بكل وآية نسان، والإ سلم الإ عمر يعيا، لم تصل إليه ح�ت ف طياتها إعجازا ت�ش يعية تحمل ب�ي وهي أيضا حكمة ت�شي

ي كافة النظم القانونية الوضعية الموجودة �فالآن السياسات الجنائية والعقابية �ف

بحياة القصاص يودي فقد التناقض، أن ظاهرها القرآنية؛ رغم فالآية العالم، عدام، أي الموت، ولكن مع ذلك؛ فإن الموت هنا نسان؛ وتصل العقوبة إىل الإ الإ

حياة للمجتمع!!

- 144 -

اإلعجاز االقتصادي يف القرآننه "الكتاب ي القرآن الكريم" هو ما تضم

المقصود بــ "العجاز القتصادي �فوالتخطيط القتصادية، والأنشطة المال ي

�ف اقتصادية حقائق من العزيز" نه من ي عرص الرسالة، وما تضم

ي أن يصل إليها �ف القتصادي؛ يعجز العقل الب�شوعن محق، بأنه الربا عن خبار الإ مثل: ، الحارصف ي عرصنا

�ف تحققت غيبية أخبار زيادة. بأنها الصدقات

عجاز القتصادي من خلل الجوانب الآتية : هذا؛ وقد تحقق الإ

ي، فقد أثبت القرآن مجموعة من المبادئ الجانب الأول : الجانب العلمي والتنظ�يوة إدارة والقواعد العامة، والمعلومات الدقيقية حول إدارة ال�ش

رشيدة لم يسبق بها، ولم تصل إليها النظريات الحديثة.

ي المتعلق بالقتصاد ومحق الربا. ي : الجانب الغي�بالجانب الثا�ف

ي قصة يوسف -عليه السلم.داري القتصادي؛ كما �ف الجانب الثالث : التخطيط الإ

المنظمة العقود من خلل العملية بالتطبيقات يتعلق ما : الرابع الجانب القتصادية. للأنشطة

ي النظام القتصادي السلمي؛ أمام فشل حسبنا أن نتأمل الحل المعجز �ف

سلمي؛ قد تفادى ف - كما يراه العالم - فالنظام القتصادي الإ ف الدولي�ي

النظام�يوالعملية. الجوهرية العيوب سائر

أن علجه الذي يدل عل )الشفاء( المسألة هي ي هذه المناسبة �ف فالصيغة

تب عليه آثار جانبية، عل عكس )العلج( الذي قد منضبط متوازن، ومتواز، ل ت�تي تظهر مخاطرها فيما بعد، وقد تكون أك�ش

تب عليه بعض الآثار الجانبية ال�ت ي�ترا وخطرا من أصل المرض السابق، وهذا ما حدث فعل؛ فالرأسمالية الحرة رصفرا، وهو الفكر الشيوعي الذي حينما طغت؛ ترتب عليها رد فعل عنيف أك�ش رصف

طبق عل أشلء الدكتاتورية الظالمة، وهكذا.

وفيسور/ موريس آلياس Maurice Allais - القتصادي منذ سنوات؛ ألف ال�بوط ي القتصاد عام -988) كتابا بعنوان "ال�ش

الفرنىسي الحائز عل جائزة نوبل �ف

- 145 -

ف ط�ي النقدية لقتصاد الأسواق: من دروس الأمس إىل إصلحات الغد"، ذكر فيه رسش

من أجل إعادة التوازن للأسواق والقتصاد، هما :

ي المائة. −ي حدود دنيا، ل تتجاوز %) �ف

يبة �ف أن يكون معدل الرصف

ي حدود الصفر )أي بل ربا(. −أن يكون معدل سعر الفائدة �ف

سلمي. وهذا ما يتطابق وينسجم تماما مع مبادئ القتصاد الإ

كما أن )الفاتيكان( أعلنت أمام الأزمة القتصادية؛ أننا بحاجة إىل إرجاع القيم ي إعادة تشكيل قواعد

سلمي" قادر عل المساهمة �ف الأخلقية، وأن "القتصاد الإ. ي النظام الماىلي الغر�ب

للقتصاد الأسمى والهدف موزون؛ اقتصاد ي �ف تكمن النجاة أن الخلصة؛

ن ف اقتصاد م�ت إىل الوصول يعة ومقاصدها هو ال�ش سلمي من خلل نصوص الإموزون. متوازن

ء وزنه، ووضع يي هذا الكون، وأعطى لكل �ش

فالله ـ سبحانه - خلق كل ما �في مكانه بتوازن دقيق للوصول إىل كون موزون بجميع عنارصه وطبائعه،

ء �ف يكل �ش

ء ي كل ىسش فيها من وأنبتنا رواىسي فيها وألقينا مددناها رض والأ فقال تعاىل: ﴿ ء إل عندنا ي ن ىسش وإن م ف وزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازق�ي مماء ماء ياح لواقح فأنزلنا من الس علوم وأرسلنا الر له إل بقدر م ف خزائنه وما ن�ف

ي ونميت ونحن الوارثون ﴾. وإنا لنحن نح�ي ف فأسقيناكموه وما أنتم له بخازن�ي

بالتوازن إل تستقيم ل الحياة؛ صناعة أن ترى سلمية الإ فالرؤية نعم؛ عنه ي هذا الكون شفع ووتر، وهذا أثبته العلم الحديث، وع�ب

ن كل ما �فالدقيق، لأ

زواج القرآن بوضوح قبل أك�ش من 4) قرنا، قال تعاىل : ﴿ سبحان الذي خلق الأا ل يعلمون ﴾. رض ومن أنفسهم ومم ا تنبت الأ كلها مم

ف أو اليسار، ء المزدوج؛ قابليته لأحد عنرصيه؛ أي نحو اليم�ي يومن طبيعة الىسش

ا نحو أحدهما، فإذا مال ن من روح ومادة؛ يمكن أن يميل كث�ي نسان بما أنه مكو فالإا إىل ا إىل "الجانب الروحي" تحققت الرهبانية والنعزال، وإذا مال ميل كب�ي كث�ي"الجانب المادي" تحققت الفلسفة المادية .. ففي جميع ترصفاته وأفعاله؛ يحتاج

، والجتماعي. ي نشاطه القتصادي، والسيا�يإىل التوازن، �ف

- 146 -

وقد دلت التجارب والتأريخ والوقائع؛ عل أن هذا التوازن لن يستطيع الب�ش سلم( الإ )رسالة الخاتمة الرسالة كانت ولذلك ربانية، بدون هداية قوه يحق أن ي جميع أوامرها ونواهيها وإرشاداتها وتوجيهاتها، وقد

قائمة عل هذا التوازن �فل من عند الله تعاىل مثل القرآن الكريم ف ان الدقيق بهذا التوازن م�ف ف جعل هذا الم�يان ف نات وأنزلنا معهم الكتاب والم�ي نفسه، فقال تعاىل : ﴿ لقد أرسلنا رسلنا بالبيوليعلم للناس ومنافع بأس شديد فيه الحديد وأنزلنا بالقسط الناس ليقوم ان الدقيق لهذا ف ه ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ﴾ فبدون الم�ي الله من ينص، وتارة نحو ف التوازن لن يتحقق العدل قطعا، بل سيميل العالم تارة نحو اليم�يتربط الآية نرى لذلك؛ المستقيم. والرصاط الوسط هو دائما والحق اليسار،

ان، وتحقيق العدل ﴿ ليقوم الناس بالقسط ﴾. ف ف الم�ي بوضوح ب�ي

؛ الذي تحدث عنه القرآن الكريم فهو محق الربا؛ حيث يقول ي ا الجانب الغي�ب أمدقات( وهذا ما تحقق فعل خلل الأزمات المالية، ي الص با وير�ب تعاىل: )يمحق الله الر

ي بدأت سنة 008)م ول زالت آثارها قائمة إىل اليوم.وبخاصة الأزمة المالية ال�ت

با ﴾. ي قوله تعاىل: ﴿ يمحق الله الري القرآن الكريم �ف

التنبؤ بهذا النهيار؛ جاء �ف

التحليلية، الدراسات خلل من ذلك إىل ف القتصادي�ي بعض توصل كذلك لبنك السابق المدير )Hjalmar Schacht شاخت )هيالمار وفيسور ال�ب منهم: ة له بدمشق عام 953)م، وكذلك صاحب كتاب: أسس ي محارصف

- �ف يالرايخ الألما�ف

المعارصة. والنظم السلم ف ب�ي القتصاد

العقود جميع ي �ف العدل ان ف م�ي ي

�ف - أيضا ـ عجاز الإ تحقق وقد هذا؛ دقيقا نظاما أنزل تعاىل فالله ونحوه؛ الربا ي

�ف والختلل والظلم سلمية، الإف الحقوق والواجبات لكل من العاقدين يقوم عل أساس التوازن، والمساواة ب�يي

، فالربا هو ظلم وخلل �ف ف ان متعادلت�ي ف الم�ي تا كف ض( لتصبح

)المقرض والمق�ترؤوس فلكم تبتم )وإن تعاىل: فقال بالظلم؛ القرآن اه سم لذا؛ ان، ف الم�ي هذا ع السلم حقوق العقد وواجباته عل أموالكم ل تظلمون ول تظلمون(. حيث وزان )أي العاقدين( بعدالة ومساواة دقيقة، فحينما يختل هذا التوازن؛ ف ي الم�ي

كف�تي كفة المقرض ايجابية

ي عقد القرض؛ وضع �فيصبح العقد باطل ومحرما، فمثل �ف

ي جميع الأحوال بمجرد قبضه، والسلبية هي وسلبية: فاليجابية هي ضمان مبلغه �ف

النتائج. أنه ليس له حق المطالبة بأي زيادة مهما كانت

- 147 -

زيادة، ح�ت بأي ي عدم مطالبته �ف تتمثل إيجابية ض فتضح

المق�ت ة كف ا وأمي

ولو استثمر القرض وحقق أرباحا، ولكنها تضم أيضا سلبية ضمان المقرض له �فالأحوال. جميع

وحينما يكون العقد عقد ربا؛ تجتمع جميع اليجابيات لصالح المقرض، فقرضه ل بكل السلبيات، ض محم

وطة أيضا مضمونة، بينما المق�ت مضمون، والزيادة الم�شة! تب عليه اختلل اقتصادي واجتماعي له آثاره الخط�ي فهنا يختل التوازن، وي�ت

م بدائل تحقق العدالة والتوازن ي تحريم الربا، وقدد السلم �ف لذلك؛ شد

ة المضارب ف حقوق وواجبات العاقدين، مثل: )المضاربة( حيث إن كف الدقيق ب�يإل المال لرأس ضمانه وعدم فيه، الترصف حرية وهي عظيمة، ايجابية فيها ي

و�ف التجاري، والعرف وط، ال�ش ومخالفة همال والإ والتقص�ي ي التعد حالة ي �ف

ته العظيمة، يشارك فيها رب ي حققها المضارب بخ�بمقابلها سلبية أن الأرباح ال�ت

ة رب المال فتضم إيجابية وهي ا كف دارة أصل، وأم ي الإك �ف المال الذي لم يش�ت

ي مقابلها أن ماله ليس مضمونا إل ي الأرباح المحققة حسب التفاق، و�ف

المشاركة �في ذكرناها.

ي الحالت ال�ت�ف

الأموال والمساقاة والمزارعة، ففي هذه ي المشاركة �ف ع السلم كذلك رسش

ي مقابله، وهذا الحالت؛ نجد رأس المال يأخذ قسطا من الأرباح المحققة ما دام �ف

يدل عل أن للزمن قيمة محسوبة لرأس المال، ولكن ليس له وحده؛ وإنما عندما تطبق قاعدة )الغنم بالغرم(.

ي قصة ي التخطيط الداري القتصادي؛ كما �ف

عجاز القتصادي �ف كذلك؛ نجد الإسلم بمبدأ سلطان الرادة، ونحوه. ي سبق الإ

يوسف عليه السلم، و�ف

- 148 -

عجائب اإلعجاز التقابيل ي القرآن الكريم؛ تدهش الألباب، وتخلب العقول!

عجاز التقابلي �ف إن روائع الإ

إذ نرى تكرار المع�ف ومرادفه بنفس العدد، كما نجد المع�ف وضده بنفس مفرقا نزل القرآن أن علمنا مع ... والرهبة والرغبة ، وال�ش كالخ�ي أيضا؛ العدد ة زمنية، استغرقت 3) عاما. فمن أين أ�ت هذا عل سنوات عديدة، وموزعا عل ف�ت

العجيب؟! البديع، والتوافق الدقيق، والنظام الحساب

﴾ ا كث�ي اختالفا فيه لوجدوا الله غ�ي عند من كان ولو ﴿ القائل: سبحان ]النساء:)8[.

ي الكتاب العزيز؛ لتكون آية أخرى ي وردت �ف

وهذه بعض عجائب الأعداد ال�تهن عل صدق المعجزة. فعل سبيل المثال : ي ت�ب

ها من الآيات ال�ت تضاف إىل غ�ي

ي القرآن 45) مرة، كذلك كلمة )الموت( 45) مرة! وردت كلمة )الحياة( �ف

وتكررت كلمة )الدنيا( 5)) مرة، وكلمة )الآخرة( 5))مرة!

( 68 مرة. ف جاءت كلمة )الملئكة( 68 مرة، وكلمة )الشياط�ي

جاءت كلمة )الرجل( 4) مرة، وكلمة )المرأة( 4)مرة.

جاءت كلمة )إبليس( )) مرة، و)الستعاذة منه( )) مرة.

جاءت كلمة)النفع( 50 مرة، و)الفساد( 50 مرة.

وردت كلمة)العقل( 49 مرة، وكلمة )النور( 49 مرة.

وردت كلمة )اللسان( 5) مرة، وكلمة )الموعظة( 5)مرة.

جاءت كلمة )الناس( 368مرة، وكلمة)الرسل( 368 مرة.

جاءت كلمة )المسلمون( )4مرة، و)الجهاد( )4 مرة.

ذكر )السحر( 60 مرة، وذكرت )الفتنة( 60 مرة.

( 4)) مرة. ذكرت )الشدة( 4)) مرة، وذكر )الص�ب

- 149 -

كة( )3 مرة. ذكرت )الزكاة( )3 مرة، و)ال�ب

ذكرت )المصيبة( 75 مرة، كما ذكر )الشكر( 75 مرة.

ذكرت)الرغبة( 8مرات، وذكرت )الرهبة( 8 مرات.

يعة( 4 مرات. وردت كلمة )محمد( 4 مرات، وكلمة )ال�ش

تكررت كلمة )الصلوات( 5 مرات، بعدد الصلوات المفروضة.

تكررت كلمة )شهر( )) مرة، بعدد شهور السنة.

وتكررت كلمة )يوم( 365 مرة، بعدد أيام السنة!

عجاز كالإ ؛ يالقرآ�ف عجاز الإ من ة كث�ي ألوان هناك بل فحسب؛ هذا ليس

ي هذا بوي، وغ�ي ذلك مما ذكره العلماء �ف عجاز ال�ت عجاز العددي، والإ ، والإ النفىسي

بالذات! العرص

عجاز؛ أن يخر ساجدا، ويقول: نكتفي بهذا؛ ونتساءل: أما آن لمن يقرأ ذلك الإله تفصيل عل هذا النحو العجيب الذي سبحان الذي أبدع كتابه وأحكمه، وفص

لم ولن تشهد الدنيا له مثيل!

هان الناصع أخيــرا؛ أليس بهذه المعجزة العظمى؛ قام الدليل القاطع، وال�بعل أن محمدا رسول الله إىل خلقه، ويجب التصديق برسالته، والعتقاد بجميع ي

ل عليه، بكل ما ثبت عنه من هدي وسنة متبعة، وقد جاء �ف ف ي الكتاب الم�فما ورد �ف

يمان بذلك كذلك! الكتاب أنه خاتم الأنبياء، فوجب الإ

- 150 -

دالئــل النبــوة

)سأجعل التثنية سفر ي �ف وردت ي

ال�ت )محمدملسو هيلع هللا ىلص( الأمي ي الن�ب أوصاف من ي تبليغ

ي فمه، فيتكلم بكل ما أوصيه به( وهذه إشارة إىل صدقه وأمانته �فكلمي �ف

ي سفر إشعياء( عن صدق رسالته، ف �ف ي والأربع�ي

صحاح الثا�ف ث )الإ الوحي. كما تحدته وأرسلته إىل الأمم بأحكام صادقة(. وأكد فقال: )إن عبدي المجت�ب عندي. اخ�تفيه )العجيب فقال: سيخلفه، الذي ي الن�ب ي

�ف الصدق صفة عل المسيح د السيالحق( بكل كم )سيخ�ب وأنه ) الرب له يقوله ما بكل بل نفسه، من يتكلم ل أنه

آتية(! بأمور كم و)سيخ�ب

ومن دلئل صدق رسالته ودعوته؛ انتشارها الواسع بهذه الصورة العجيبة، ي مختلف الأزمنة،

ة صادقة حقا لما كتب لها النجاح الباهر �ف فوا الله لو لم تكن نبو، فقال )ل تمتد دعوتهم ول يتم ف دانيال نعت الأدعياء والكذاب�ي ي ففي صحف الن�بع كاذب دعوة أك�ش قربانهم. وأقسم الرب بساعده أل يظهر الباطل. ول يقوم لمد

ف سنة(. من ثلث�ي

عل الناس أطلقه ما أول هو ) ف الأم�ي )الصادق لقب يكون أن عجب ول ي حياته، وقد شهد له بهذه

)محمدملسو هيلع هللا ىلص( وذلك منذ طفولته اليافعة، إىل آخر يوم �فما أنهم وا وأقر مرارا فوا واع�ت له، خصومة الناس وأشد أعدائه، ألد الصفات

قط! كذبا عليه بوا جر

ي »مونتجمري ف نجل�ي ق الإ �ف حديثه عن صدق النبوة؛ يقول القس والمست�شا من دلئل النبوة وصدق الوحي وات Montgomery Watt « : »إن هناك كث�ي

الذي نزل عل محمدملسو هيلع هللا ىلص، منها :

فإنه − عاما، ين الع�ش عل تربو ة لف�ت الناس خداع يستطيع ل أحدا أن ر لشخص أن يظهر خلف ما يبطن لبعض الوقت، فإنه لن ينجح لو قدف ة طويلة وستظهر أمارات كذبه، لسيما لو كان �ف المتبع�ي �ف ذلك لف�تبل عبيدة. ي وأ�ب وعمر بكر ي كأ�ب وحنكة؛ وكياسة ثاقب نظر ذوو لدعوته

- 151 -

سفيان، ي كأ�ب صدقه تبينوا بعدما دينه اعتنقوا العداء، ناصبوه من إن هم. ومن ذلك أيضا وعكرمة، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وغ�يف منه كأزواجه، وأكابر أصحابه كانوا أشد الناس موالة أن خواصه والمقرب�يله �ف الظاهر والباطن �ف حياته وبعد موته، ولو بدا منه ما يدعوهم إىل

تكذيبه؛ لبادروا إىل ذلك ولنفضوا عنه.

أن إيمانه الراسخ بنبوته وحده؛ هو الذي يف� مثابرته �ف وجه الطغيان −أمل أي هناك يكن فلم المكية، ة الف�ت �ف واجههما اللذين والضطهاد

المنطقية. النظر للنجاح من وجهة

إيمانه منذ بداية دعوته؛ وراء نجاحه الخارق للعادة؛ والذي شهدت به −مادة تحت يطانية ال�ب الموسوعة من (( صدار كالإ العلمية؛ المصادر ف الأنبياء والشخصيات الدينية جميعها؛ فإن »القرآن« حيث ذكرت: من ب�ي

النجاح. من ملسو هيلع هللا ىلص كان أوفرهم حظا دا محم

إيمانه بأنه مرسل من قبل الله، وبعدالة القضية ال�ت ينافح من أجلها؛ كان له −الأثر البالغ �ف القدرة عل التأث�ي �ف الآخرين، وحملهم عل التصديق برسالته.

أنه ن�ش دينا قويا وصاغ منظومة فكرية وأخلقية واجتماعية واقتصادية −عي خصومه. ال أو محتال كما يد لدج وسياسية عظيمة، ومثل هذا ل يتأ�ت

كالحائك − والحرف المهن �ف عي والمد الصادق ف ب�ي ون ف يم�ي الناس أن

والصائغ والطبيب، فكيف بمن ادعى مقام النبوة؟ فإنه لبد لمقام النبوة ف للقيام بهذا الدور، ولذا يسهل التمي�ي ي من معارف وقدرات تؤهل الن�ب

عى والصادق �ف ذلك. ف المد ب�ي

اجتهاده �ف العبادة؛ كالصلة والصيام والدعاء والمناجاة وقيامه طوال −إل ه نظ�ي يتأ�ت ل والجتهاد النشاط فهذا قدماه، م تتور ح�ت الليل والسلطان والمال الجاه يرفض ذاته الوقت ي

�ف العبادة، �ف ف للمخلص�يعليه. يعرض الذي

السكتلندي الفيلسوف تساءل عام- ي بمائ�ت وات مونتجمري قبل ومن

ء أك�ب دللة عل صدق من ي»توماس كارليل : "Thomas Carlyle" قائل: أي �ش

ي ي بيديه دارا تقاوم العوادي أك�ش من ألف ومائ�ت

عي لك أنه بناء ماهر من أن يب�ف يد

- 152 -

ء أك�ب دللة عل صدق يي مليون من الناس؟ كذلك ل �ش

سنة، وأنها تسع نحو مائ�تي مليون من الأنفس غذاءها

د من أن يؤسس ديانة تجد فيها نحو مائ�ت نبوة محمي ع�ش قرنا«.

اث�ف التحليل أك�ش من الروحي، وتقاوم عوامل

»لقد فيها: يقول ، ف الغربي�ي إىل جادة وصادقة برسالة »كارليل« يتوجه ثم ن من أبناء هذا العرص؛ أن يصغى إىل ما أصبح من أك�ب العار عل كل فرد متمدسلم كذب وأن محمدا خادع. لقد آن لنا أن نحارب عون من أن دين الإ عيه المد يدذلك أداها ي

ال�ت الرسالة فإن المخجلة، السخيفة الأقوال مثل هذه من يشاع ما ي مليون من الناس

لنحو مائ�ت ي ع�ش قرنا الرسول ما زالت ال�اج المن�ي منذ اث�ف

ي عاشت أمثالنا، خلقهم الله الذي خلقنا، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة ال�ت

حصاء، أكذوبة وخدعة؟! الفائتة الحرص والإ ف الملي�ي بها وماتت عليها هذه

ا أنا فل أستطيع أن أرى هذا الرأي أبدا، ولو أن الكذب والغش يروجان عند أم( هذا التصديق والقبول، فما ف خلق الله هذا الرواج، ويصادفان منهم )أي الملي�ي، وما الحياة إل سخف وعبث وضلل، كان الأوىل بها أل تخلق! ف الناس إل حمق ومجان�ي

ه؟! هل رأيتم قط؛ أن رجل كاذبا يستطيع أن يوجد دينا وين�ش

ي بيتا من الطوب، فكيف بمن عجيب والله! إن الرجل الكاذب ل يقدر أن يب�ف

أمة، وأنشأ حضارة؟! ب�ف

وعل ذلك؛ فلسنا نعد محمدا رجل متصنعا قط؛ يتذرع بالحيل والوسائل إىل ي

بغيته أو يطمح إىل درجة ملك أو غ�ي ذلك من الحقائر والصغائر، وما الرسالة ال�تد بالكاذب، وإنما أداها إل حقا وعدل، وما كانت كلمته إل صوتا إيمانيا صادقا ... ما محم

هو قبس من روح الحق، وهو الشهاب الذي أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله«.

الغيبيات فـي القصص القرآنـيلت عليه سور القرآن الكريم؛ المليئة بأخبار الأمم ف ملسو هيلع هللا ىلص ت�ف ي عندما بعث الن�بها ، قص ى وما فيها من أحداث وع�ب الماضية، وقصص الحضارات القديمة الك�بومراحل السلم عليه آدم ة بقص ابتداء عبارة، وألطف أسلوب بأحسن القرآن ي لحقتهم

تكوينه ونفخ الروح فيه، ومرورا بقصص الأنبياء والرسل والبتلءات ال�تمنها، أقوامهم وموقف بها، الله أيدهم ي

ال�ت والمعجزات دعوتهم، سبيل ي �ف

- 153 -

حل الذي لهي الإ والعقاب جليلة، ومواعظ تربوية مواقف من ذلك تخلل وما الأنبياء. دعوة قبول عن ف المتأله�ي والجبابرة ف بالمعرض�ي

ي ذكر تلك القصص؛ هو أن البيئة العربية لم تكن عل علم عجاز �ف ووجه الإ

ا تفاصيلها فلم يكونوا عل علم بها، بها، سوى ما ورد ذكره من إشارات مجملة، أمسلم علم بها من مصدر آخر، ويش�ي القرآن إىل ذلك بقوله: الإ ي وهذا يثبت أن ن�ب﴿ تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ول قومك من قبل هذ ﴾

]هود : 49[.

ا أهل الكتاب؛ فلم تكن تلك الأخبار الدقيقة معلومة سوى عند الأكابر من أمي الوقت الذي لم يثبت فيه

ي دراستها وتعلمها، �فأحبارهم، الذين أفنوا أعمارهم �ف

ة حرصهم ها، ومع شد ي غ�يي مكة ول �ف

ملسو هيلع هللا ىلص قد تلقى عنهم تلك العلوم ل �ف ي أن الن�بع أحد منهم قيامه بتعليمه أيا من تلك العلوم. عل تكذيبه وإبطال دعوته؛ فلم يد

ملسو هيلع هللا ىلص كان أميا ل يجيد القراءة ول الكتابة، فلم ي وإذا أضفنا إىل ذلك؛ أن الن�بر أن يتلقى مثل هذه الأخبار عن كتب أهل الكتاب، وبالتاىلي ل سبيل يكن من المتصوإىل معرفة تلك التفاصيل إل عن طريق الوحي، ولهذا المع�ف أقر بعض الأحبار ف أ�ت وفد من علماء اليهود إىل رسول اللهملسو هيلع هللا ىلص ي رسالته، فح�ي

ملسو هيلع هللا ىلص �ف ي بصدق الن�ب« فكان ي ثنا عن أمور نسألك عنها، ل يعلمهن إل ن�ب وقالوا له: "يا أبا القاسم، حدفقال التوراة؟ ل ف ت�ف أن قبل نفسه م إرسائيل عل الطعام حر »أي فيما سألوه: لهم: )أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة عل مو�؛ هل تعلمون أن إرسائيل مرض ف شفاه الله من سقمه ليحرمن أحب مرضا شديدا فطال سقمه، فنذر لله نذرا ل�أوأحب بل، الإ لحم إليه الطعام أحب فكان إليه، الطعام وأحب إليه، اب ال�ش

اب إليه ألبانها؟ فقالوا: »اللهم نعم«. ال�ش

، وما جرى لهم من ف ة عن الصالح�ي ي نصوص القرآن أخبار كث�يكما وردت �ف

، الخرصف مع الأخدود، وقصة مو� الكهف، وأصحاب ة أصحاب كقص أحداث، ، ووصايا لقمان، وتفاصيل ما حدث لأحد ف القرن�ي ف ذي ويوسف وإخوته، وتمك�يي إرسائيل )عزير أو حزقيال( الذي أماته الله مائة عام، ثم بعثه ليوقفه

أنبياء ب�فالأمم ي

�ف وقعت ي ال�ت الأخبار من ها وغ�ي فهذه ... والنشور البعث حقيقة عل

صدق عل ة الكث�ي للدلئل جديدا بعدا تضيف ملسو هيلع هللا ىلص ي الن�ب عنها وأخ�ب السابقة، رسالته. وأحقية نبوتهملسو هيلع هللا ىلص

- 154 -

كلية، أنكروها ومآلها؛ الأمم تلك أخبار بذكر العالم القرآن فاجأ عندما ف لهذه الأخبار والقصص القرآنية ب�ي وظل الغربيون إىل عهد قريب معاندين ومكذ

تذكرها! لم كتبهم أن بزعم الغيبية،

ة؛ ح�ت ثبت ف ة وج�ي لكن لم تنقض عل هذا الموقف من بعض العلماء ف�تيمان لهي، فأصبحوا اليوم أقرب إىل الإ لهم خطأ علومهم وتجنيهم عل الوحي الإي كل ما قرروه آنفا

ي تمحيص الحقائق، راحوا يعيدون النظر �فوالأناة والرصانة �ف

والحفريات، الجيولوجيا كشوف ومنها الحديثة، العلمية الكشوف ضوء عل الكسوف. ات وعوارض والمجر الكواكب الفلكية وس�ي الأرصاد وكشوف

القصة هذه الحفريون العلماء فوجد والسفينة، الطوفان قصة فأنكروا مكتوبة عل حجارة قديمة من آثار وادي النهرين، ووجدوها منقولة متواترة عل

والمغرب. ق الم�ش أمم من ين كث�ي أقوام ف ب�ي والآثار الألسنة

وأنكروا قصة عاد وثمود، وزعموا أن هذه القبائل لم يكن لها وجود تاريخي؛ ف ف الأقدم�ي ف لهم من مراجعة المؤرخ�ي ي تاريخ العهد القديم، فتب�ي

لأنها لم تذكر �ف Adramitae ي تاريخ بطليموس، وأن عاد إرم هي عادراميت اليونانية

أنها مذكورة �في ع�ش عليها المؤرخ التشيكي موزيل.

وأن أخبارها محفورة عل آثار هيكل »مدين« ال�ت

ي وهلك جيشه، فلم يمض وأنكروا قصة سيل العرم، وقصة أبرهة الحبىسش

زمن ح�ت وجدوا آثار السد، ووجدوا عليها اسم أبرهة ملقبا بالأم�ي )التابع لملك والسهل( ووجدوا خ�ب الوعر واليمامة وعرب موت وريدان وحرصف وسبأ الحبشة ي بروكوب مؤرخا بالزمن الذي ابتدأ بعام الفيل.

الجدري الذي أهلك جيشه مكتوبا �ف

ي القول بتقارب اللغات السامية؛ قبل أن ف �ف سلم سبق العلماء المحدث�ي كما أن الإ

ي الأنبياء إبراهيم. ه إىل أ�ب يدرس هؤلء مقارنة اللغات والأجناس، باعتبار أن التقارب مرد

ي حوادث تلك الأزمنة، وإن بعض سلم المرجع الوحيد �ف وهكذا؛ سيظل الإ

نور إىل العميان تهدي بأن كفيلة الآن ح�ت تحققت ي ال�ت والكشوفات الأحاف�ي

ي يمان ... خاصة بعدما أثبت كبار علماء الغرب وفلسفته أن الكتب المقدسة ال�ت الإ

ن بعضها ة والضطراب، لأ بالح�ي العقل والضم�ي تملأ اليهود والنصارى بأيدي

من وكلها ما سواها، تتوقف عل صحة بعضها وأن صحة الآخر، البعض يلغي ات وظروف تاريخية مجهولة، مما جعلها تتصادم ي ف�ت

الأفكار والآراء المضافة �فيمان الصحيح. العلم والإ مع حقائق

- 155 -

ي تتقارص أمامها العقول، سواء سلم( جاء ليخ�ب الناس بالغيبيات ال�ت لكن )الإ

ي المستقبل. اه الناس �ف كانت الغيبيات من أخبار وقصص حضارات اندثرت، أو مما س�ي

إىل جانب ذلك؛ هناك الكث�ي مما ذكره القرآن الكريم من غيبيات وبشارات عل » ف »المهزوم�ي الروم انتصار بقرب كإخباره القرآن، نزول عرص ي

�ف تحققت ن بعد غلبهم سيغلبون. رض وهم م الأ ي أد�ف

وم. �ف الفرس »الأقوياء« ﴿ غلبت الرمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون ﴾]الروم : لله الأ ف ي بضع سن�ي

�فف بالحج ودخول الكعبة، والنص الأك�ب بفتح )-4[. وبشارته لرسوله وللمؤمن�يؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء مكة: ﴿ لقد صدق الله رسوله الرين ل تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل رءوسكم ومقص ف محلق�ي ف الله آمن�يف لهم ولدينهم: ف بالتمك�ي من دون ذلك فتحا قريبا ﴾ ]الفتح :7)[. ووعده للمؤمن�يين كله( ]الصف:9[. وقوله: ﴿ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا )ليظهره عل الد لهم ف �ف رض كما استخلف الذين من قبلهم وليمك ي الأ

الحات ليستخلفنهم �ف الصن بعد خوفهم أمنا ﴾ ]النور :55[. لنهم م لهم وليبد دينهم الذي ارت�ف

ي دين الله ، فغلبت الروم فارس، ودخل الناس �ف فكان جميع هذا كما أخ�ب

سلم ح�ت بلغت شواطئ الأطلىسي غربا إىل سواحل الهادي أفواجا، واتسعت أمة الإقا، ومن مرتفعات الأناضول شمال إىل أدغال أفريقيا جنوبا. رسش

لها؛ حيث تحدث عن ي ل حرص ال�ت القرآن ي

�ف عجاز الإ إىل جوانب انظر بل والغلف ات، والمجر والسدم والنجوم والكواكب والشهب والقمر الشمس للتأمل مدعاة وكلها ... ها وغ�ي والأمطار، والسحاب السماء، وأبواب الجوي، والتدبر لما احتوته من حقائق مذهلة انح�ف أمامها العلماء الكبار ... ول عجب أن نرى المئات من علماء الغرب مازالوا يتساءلون: كيف استطاع )القرآن الكريم( أن م كل هذه الحقائق الجامعة عن الجبال؟ ويندهشون من كون التعريف العلمي يقدي

ي كل الكتب العلمية والقواميس بجميع اللغات؛ يتطابق مع ما جاء �فواللفظي �ف

تماما!! الكريم القرآن

جنة، والأ يح الت�ش علماء -أك�ب Keith Mooreمور كيث وفيسور ال�ب وهذا

وصاحب الكتاب الشه�ي )The Developing Human( الذي ترجم إىل أك�ش من 5) ي ذكرها القرآن، وهي سبع مراحل:

ي آدم( ال�تنسان )ب�ف ا قرأ مراحل خلق الإ لغة- لم

، ف مك�ي قرار ي

�ف نطفة جعلناه ،ثم ف ط�ي من ساللة من نسان الإ خلقنا ولقد ﴿

- 156 -

فكسونا المضغة عظاما فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا علقة ثم خلقنا النطفة ﴾ )المؤمنون ف العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالق�يي

ف �ف ات القرآنية عن مراحل تكون الجن�ي ي مؤتمر عالمي : )إن التعب�ي))-4)(. أعلن �ف

نسان؛ لتبلغ من الدقة والشمول ما لم يبلغه العلم الحديث, وهذا إن دل عل الإء؛ فإنما يدل عل أن هذا القرآن ل يمكن أن يكون إل كلم الله, ولست أعتقد ي

�شن هذه التطورات

؛ لأ ف ي تطور الجن�يه يستطيع معرفة ما يحدث �ف أن محمدا، أو غ�ي

ء قرأته يين، وأؤكد عل أن كل �ش ة من القرن الع�ش ي الحقبة الأخ�ي

لم تكتشف إل �في داخل الرحم ينطبق عل كل ما أعرفه

ف وتطوره �ف ي القرآن الكريم عن نشأة الجن�ي�ف

كعالم من علماء الأجنة(.

ي بطن أمه من مرحلة إىل أخرى ف ينتقل �ف كما اكتشف Keith Moore أن الجن�ي

ي ظلمات ثالث ﴾. وهذه ي قوله: ﴿ �ف

ي ذكرها القرآن الكريم �فداخل ثلثة أغطية، وال�ت

الظلمات هي : جدار البطن، وجدار الرحم، والمشيمة بأغشيتها الكوريونوـ أمنيونية. ي

، تصديقا لقول الله تعاىل: ﴿ يخلقكم �ف ف ي مراحل تطور الجن�يوهذا ما ثبت علميا �ف

ي ظلمات ثالث ذلكم الله ربكم له الملك ل هاتكم خلقا من بعد خلق �ف بطون أم

فون ﴾ ]الزمر : 6[. تص إله إل هو فأ�ف

وفيسور موريس بوكاي Maurice Bucaille الذي اكتشف مومياء وهذا ال�بالسائد العتقاد كان حيث الغرق، بعد ونجاتها مرص( فرعون )جثة Mummyالخروج« من أن »سفر اليم، خاصة ي

من غرقوا �ف أنها غرقت مع ف الغربي�ي لدى العهد القديم، يقول )فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون نجيل لم يتحدث عن هذا ي البحر لم يبق منهم أحد(. والإ

الذي دخل وراءهم �فPha- ا علم بعد ذلك أن القرآن الكريم، تحدث عن بقاء جثة الفرعون الأمر! فلمآية خلفك لمن لتكون ببدنك يك ننج فاليوم ﴿ خلفه لمن ة ع�ب ليصبح roahالفرنىسي العالم أعلن .]9(: )يونس ﴾ لغافلون آياتنا عن الناس من ا كث�ي وإن الكريم، نال صدى القرآن بتأليف كتاب عن الفور، وقام Bucaille إسلمه عل ي

�ف المقدسة الكتب -دراسة والعلم نجيل والإ والتوراة )القرآن بعنوان واسعا، ي

ي مقدمته: )لقد أثارت هذه الجوانب العلمية ال�تضوء المعارف الحديثة(. قال �ف

ي البداية, فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف ي العميقة �ف

يختص بها القرآن دهش�تتماما ومطابقتها التنوع, شديدة بموضوعات الدقة من الحد هذا إىل كب�ي عدد

كتب قبل أربعة ع�ش قرنا(! ي نص قد للمعارف العلمية الحديثة, وذلك �ف

- 157 -

بل إن العالم الأمريكي Marchal Johnson - رئيس أقسام الجراحة، ومدير ب بمجرد سماعه معهد دنيال بجامعة توماس جفرسون بالوليات المتحدة- يتعجي ظلمات ثالث ﴾

ن بعد خلق �ف هاتكم خلقا م ي بطون أم للآية الكريمة ﴿ يخلقكم �ف

]الزمر:6(.

د لم تكن فيقول: نعم؛ نستطيع أن نقول إن لمحمد مجاهر عظيمة!! محمله آلت ول مجاهر؛ فل يبقى لنا إل أن نقول: إنه رسول من عند الله ... فهذا وحي

ة وحي إلهي«. ي حرصفيتطابق مع منطقي، لذلك أقول: إننا �ف

كبار رائد فضاء، وأحد أعظم Ismtrwng وفيسور ال�ب يهتف أن ول عجب كية قائل: »بكل مصداقية أنا مبهور جدا ... كيف أن )القرآن( علماء وكالة Nasa الأم�ي

يبدو متطابقا مع علوم الفضاء العرصية«!

Youchdi ي اليابا�ف العالم الذي دفع المعجز؛ هو ي الغي�ب العلم ولعل هذا

ي من أن ي للقرآن تمكن�ف

Kozane -مدير مركز طوكيو العلمي- إىل القول: »إن قراء�تي حول العالم طريقا نحو المستقبل«.

ي أبحا�شأجد �ف

فمن الذي أخ�ب )محمـدا( عن هذه الغيبيات؟

ي علوم �ف ا جنة؟ أم كان خب�ي

يح وعلم الأ ي الت�ش�ف ـد( أستاذا هل كان )محم

ي الآثار والتاريخ؟ أم أنه رائد فضاء؟ أم من علماء الفلك؟ أم أنه كان متخصصا �ف

العلوم ه بكل هذه الذي أخ�ب - إذن ـ فمن الجيولوجيا وطبقات الأرض؟! علم ي لم تظهر إل مؤخرا؟!

والمعارف ال�ت

إنه )الله( الذي أنزل عليه قوله: ﴿ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ﴾ )آل عمران: 44(.

ة النبوية الغيبيات يف السني القرآن الكريم فقط؛ بل

ل يقف صدق الوحـي وأمانة التبليغ فيما جاء �فالنبوية؛ فقد أحاديثه ي

�ف ـد( )محم أخ�ب عنها ي ال�ت الغيبيات هناك عجائب من

... الدنيا من بعده ي البشارات، وما سيحدث �ف الناس بما ل يعلمونه من أخ�ب

ي أخ�ب بها ق هذه البشارات، وتظهر تلك النبوءات ال�ت وما من يوم إل وتتحق

!) ف الأم�ي )الصادق

- 158 -

ي الكون من غرائب وعجائب من العوالم الأخرى، وما �ف فقد أخ�ب عن كث�ي

ته وصدق رسالته، فل غائبة عن حواس الب�ش وإدراكهم لها ... كل هذا من دلئل نبو : ي

اطوري�ت ه به ربه. فقد أخ�ب أصحابه بقرب زوال إم�ب ينطق عن الهوى، إنما بما يخ�بوإذا هلك قيرص فل بعده، »إذا هلك ك�ى فل ك�ى فقال: والروم، الفرس

اطوريتان إىل غ�ي رجعة! م�ب ق هذا، فزالتا هاتان الإ قيرص بعده«. وقد تحق

بأهلها فاستوصوا مرصا، عليكم الله »سيفتح فقال بـ)فتح مرص( ب�ش كما ي

ق ذلك �ف ي رباط إىل قيام الساعة«. وقد تحقا، واتخذوا منها أجنادا فإنهم �ف خ�ي

سنة 0) هـ.

فقال: الرومانية، اطورية م�ب الإ عاصمة )القسطنطينية( بفتح ووعدهم ها، ولنعم الجيش جيشها«. وقد تحقق أم�ي »لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأم�ي

857 هـ. ي�ف ذلك

قريش- من عليهم المفروض الحصار تحت وهم ـ أصحابه طمأن وقد ي أرجاء الدنيا، فقال: »والذي نفىسي بيده،

هم بأن الله سينرص دينه، وينت�ش �ف وب�شحصائيات تؤكد أنه ل توجد ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار«. وها هي الإ

! ف ي العالم بدون مسلم�يبقعة �ف

ويوم الهجرة؛ وعد )رساقة بن مالك( الذي كان يتبعه بفرسه، بـ«أن يلبسه ي ف بمكانه ... وقد نال ما وعده به الن�ب ك�ي ط أل يخ�ب الم�ش الله سواري ك�ى« ب�ش

عندما فتحت فارس!

د بل وحد ، ف المب�ي بالنرص الله وعده بأن ليلة غزوة بدر؛ أخ�ب أصحابه ي و�ف

ي جهل، وعتبة، وشيبة، وأمية بن ، أمثال )أ�ب ف ف القرشي�ي ك�ي لأصحابه مصارع الم�شي ذات الأماكن

هم( وقد لقي هؤلء مرصعهم �ف ي معيط، وغ�ي خلف، وعقبة بن أ�بي حددها الرسول، وما برح أحد مكانه!

ال�ت

ه أن ينظر إىل صاحبه )طلحة بن عبيد الله( بالشهادة، فقال: »من رس وب�شالله«. وقد استشهد طلحة عبيد بن فلينظر إىل طلحة الأرض؛ ي عل

شهيد يمىسشسنة )3 هـ.

)عمار بن يارس( بالشهادة، فقال »تقتلك الفئة الباغية يا ابن سمية«. كما ب�شف عام39 هـ! ي واقعة صف�ي

ار بالفعل �ف وقد استشهد عم

- 159 -

وأخ�ب بما سيكون عليه شأن الحكم من بعده؛ فقال: »الخلفة الراشدة ثلثون ي ملك عضوض ...«. وقد حدث بالفعل.

عاما، ثم يأ�ت

ق، تحق ما منها ) ف الأم�ي )الصادق بها أخ�ب ي ال�ت الغيبيات من كث�ي وهناك

ها. فل شك أن مصدر ى، وغ�ي اط الساعة الك�ب ومازلنا ننتظر ما تبقى منها، كأرسشذلك هو وحي السماء، وليس خ�ب الأرض، وصدق الله إذ يقول: ﴿ وما ينطق عن

الهوى. إن هو إل وحي يوحى ﴾ )النجم 4-3(.

- 160 -

النبي اخلاتـــم

ية صفحة من تاريخها، وفتحت صفحة الخاتمملسو هيلع هللا ىلص( طوت الب�ش ي بظهور )الن�بطه ﴿ هاتوا برهانكم ﴾ومفتاحه جديدة، وبدأت عهدا جديدا، عنوانه ﴿ اقرأ ﴾ ورسشا بالله ومآ أنزل إلينا وما أنزل إىل تزر وازرة وزر أخرى ﴾ وسبيله ﴿ قولوا آمن ﴿ أل ي

موىس وعيىس وما أو�ت ي سباط وما أو�ت إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأ

نهم ونحن له مسلمون ﴾ وأخلقه ﴿ سمعنا أحد م ف ق ب�ي بهم ل نفر بيون من ر النوأطعنا] وغايته [فاعلم أنه ل إله إل الله ﴾ ومنتهاه ﴿ الله ربنا وربكم لنا أعمالنا

.﴾ ة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المص�ي ولكم أعمالكم ل حج

ة، ومبادئه اهينه الساطعة، ووسائله المبارسش لعل هذا الطريق الواضح، ب�بف ق�ي سلم، كما أكد ذلك كث�ي من المست�ش ي انتشار نور الإ

البسيطة؛ كان سببا رئيسا �ف The Life of د ي كتابه )حياة محم

! أو كما قال اللورد بودىلي Bodly �ف ف والمؤرخ�ييمان والإ الله بإرادة التسليم وإىل السلم إىل دعوة سلم »الإ :)Muhammad

ي رسعة انتشاره عن الأديان الأخرى«.بوحدانيته، وهذا هو السبب �ف

ورسول عزيز، وكتاب عالمي، بدين الجديد، عهدها ية الب�ش دخلت لقد الب�ش كافة ويخاطب سواء، كلمة عل كله العالم ليجمع الأمم( كل )مشتهى ثهم عن أرسار الوجود، ويكشف للدنيا ما كانت تجهله أسودهم وأبيضهم، ويحدا إل وأخ�ب عنه، بدءا من الذرة، والخردل، ا أو كب�ي من قبل، فما ترك شيئا صغ�ي

فوقها! وما والبعوضة والعنكبوت والنملة ، والقطم�ي

الخاتم وأمته، وغاية ي للن�ب )سفر صفتيا( سنجد وصفا شامل ي وإذا نظرنا �ف

د للأمم اللغة المختارة، ليذوقوا اسم الرب الرسالة الخاتمة للنبوات )هناك أجد.).. ي ربقة واحدة معا

جميعا، ويعبدوه �ف

الضم�ي قت أر ي ال�ت واللوغاريتمات الطلسم ليحل الخاتم( ي )الن�ب جاء

ف ... بداع مئات السن�ي ة الفكر والإ ي، وعرقلت مس�ي لت العقل الب�ش ، وكب ينسا�ف الإ

والمعاش. الدنيا أمور ي �ف كانت أو ائع، وال�ش العقائد ي

�ف كانت سواء

- 161 -

ي جلله وعظمته.سلم، فل ينسب إىل الله عز وجل- ما ينا�ف هذه هي رؤية الإ

ي �ف جاء فقد القيوم، للحي ساءة الإ ا عل كث�ي يرص )المقدس( الكتاب لكن

ماوات ن الحمل ثقيل عليه: )فأكملت السيح، لأ سفر التكوين، أن الله يتعب ويس�ت

ي اح �ف

ابع من عمله الذي عمل. فاس�ت ي اليوم الس والأرض وكل جندها. وفرغ الله �ف

نه سه، لأ ابع وقد ابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم الس اليوم الس

اح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا(. فيه اس�ت

ساءة إىل الخالق العظيم، فيذكر أن الله يندم عل ر الكتاب )المقدس( الإ وكرر ي الأرض، وأن كل تصو

�ف نسان قد ك�ش الإ ب أن رسش ما خلق، ويتأسف! )ورأى الر

ف ي الأرض، وتأس نسان �ف ب أنه عمل الإ ير كل يوم. فحزن الر أفكار قلبه إنما هو رسش

مع نسان الإ خلقته، الذي نسان الإ الأرض وجه عن »أمحو : ب الر فقال قلبه. ي �ف

ي عملتهم« )تكوين6(.ي حزنت أ�ف

�ف ماء، لأ بهائم ودبابات وطيور الس

تأليف »العميان« وبالطبع؛ فإن هذا الكلم ليس وحيا مقدسا، بل هو من كتبهم! كما وصفتهم الأنبياء« و«قتلة » ال�ش فاعلي و«نسل الأفاعي« و«أولد

ف سواه ، وقارن بينه وب�ي ف سلم من الغربي�ي لذلك؛ فإن كل من اطلع عل الإسلم دين العلم والحضارة، وأنه ل يصادم من المعتقدات السابقة؛ أيقن أن الإ

ء. يي أي �ش

العقل �ف

وكل من قرأ القرآن؛ أيقن أنه خطاب »لأوىلي الألباب«، و«آيات لأوىلي النهى«، وآيات »لقوم يعقلون«، وهدى »لقوم يتفكرون«.

سلم أودع الله فيه من السعة والمرونة، وأسباب ي العالم دين كالإوليس �ف

زمان كل ي �ف نسان الإ بهدايته وير�ت الحياة، به تصلح ما الخلود، وعنارص القوة

أن شارع هذا الأحداث؛ ذلك وتقلب المجتمعات تطور الرغم من ومكان، عل ما الدين من الخالق هذا ع

ي�ش أن المحال فمن نسان، الإ هذا خالق هو ين الد. ي

والر�ت والتحرر الحركة عن نسان الإ يعوق

الواحد الله ة مع بنو ة ول أبو ة؛ فل المس�ي ح ليصح نبيـاء( الأ )خاتـم جاء اف ف ول وسائط ول شفعاء، ول كرا�ي اع�ت القهار، ول تثنية ول تثليث، ول قراب�يسلم ل يكون إل من الله الواحد، فهو وحده ي الإ

ول صكوك غفران ... فالخلص �ف. مخلص الب�ش

- 162 -

وفيسور ال�ب يقول The Religions of Man نسان« الإ »ديانات كتابه ي �ف

هستون سميث Huston Smith ـ أستاذ الفلسفة بالجامعات الأمريكية: »إن محمدا أصحاب عنها يعجز ل لزمة بضاعة المعجزات فيه تحسب زمان ي

�ف ظهر قد أن يجعلها تجارة أ�ب لدعوته النبوة والرسالة. ولكنه عن أصحاب الولية؛ فضل ل إىل الهداية بأية معجزة وينذر ول يتوس بهذه البضاعة، ونادى غ�ي مرة أنه يب�ش. ﴿ قل ل أقول لكم عندي خزائن الله ول أعلم الغيب ف غ�ي آيات الكتاب المب�ي عمى والبص�ي قل هل يستوي الأ بع إل ما يوحى إىلي ي ملك إن أت

ول أقول لكم إ�ف]الأنعام:50[. ﴾ رون تتفك أفال

ي تحليله، فيقول: وإن أثر دعوته آية من آيات وفيسور Smith �ف ي ال�ب

ويم�فالدينية الدعوات قبل الأمم أطوار من وعاه فيما مثيل لها يعرف لم التاريخ وبعدها، إذ لم يسبق فيما عرف من هذه الأطوار أن دعوة نقلت الأمم من حال سلم الإ أتباع إليها ارتقى ي

ال�ت العربية الجزيرة قبائل سلم الإ إىل حال كما نقل معدودات. سنوات خلل

ي المدينة ... فهو هنا ي جزيرتهم، وقام بالأمر زمنا �ف

قومه �ف ي وقد حكم الن�بف وحسب، بل عل حياة أمة كاملة، ف المخلص�ي ملك ـ ل عل قلوب فئة من المحب�يفون هو قاضيها وقائدها، وهو كذلك معلمها وهاديها، وإن أعداءه أنفسهم ليع�تمعقدة خطوب واجهته وقد وكفاية، براعة ي

�ف الجديد العمل بهذا باضطلعه دارة، وقد أصبح قاضيها نادرة، فإذا هو يواجهها بمقدرة نادرة عل التدب�ي والإي

الأعل، ولكنه ما برح كما كان أيام خفاء أمره بنجوة من الزهو والبذخ، وكان �فف ... يحلب وسعه أن يملك الدور والقصور، ولكنه ارت�ف له ولأهله بيتا من الط�يا ما كان يرى وهو شاته بيديه، ويستقبل من شاء من صغار أتباعه ليل نهار، وكث�يف العدل ي حكمه يجمع ب�ي

يصلح ثيابه. وقد حفظت عنه مأثورات أخباره أنه كان �ف، ويغفر لمن أساء إليه ... ويرى فيه الناس وليا ل يملك والرحمة، يعاقب من ج�ف

من يتوله إل أن يدين له بالحب والطاعة.

عل تقوم ل سلم للإ ة ف المم�ي الخاصية »إن Smith وفيسور ال�ب ويقول ي يرشد بها

ي يرفعها أمام أتباعه بمقدار قيامها عل الوسائل العملية ال�تالأمثلة ال�ت

العليا«. المسلم إىل إدراك تلك الأمثلة

صلح الأحوال الجتماعية، سلم لإ ي توسل بها الإويصف الوسائل العملية ال�ت

ه ـ المؤلف - بالزكاة منبها إىل ف الأخلق والمروءة. وينو ورياضة الأمم عل قوان�ي

- 163 -

وة المملوكة، فليست هذه النسبة محسوبة بمقدار مقدارها بالنسبة المئوية لل�شوة ال�ش من جزءا ف أربع�ي إىل تصل جملتها ي

�ف ولكنها المتجدد، والمورد الربح المجتمع خلة لسداد كاف مقدار وهو والحطام، المتاع اختلف عل المملوكة ي سياسة المجتمع ورياضته عل الأخلق

ي هذا الباب، ول يقل عن الزكاة شأنا �ف�ف

م الربا الذي كان يؤخذ أيام سلم يقرن الملكية بالعمل، ويحر ن الإالصالحة، لأ

الحكم بهذا وشبيه ين، الد يعمله صاحب عمل بغ�ي مضاعفة أضعافا الجاهلية وة وكراهته لحرصها واحتكارها، سلم بتداول ال�ش ي سياسة المجتمع توصية الإ

�فوإيجابه عل المسلم أن يعمل للأمة عمل يستحق به لقمته من الطعام.

ف الأديان، فيقول: سلم ب�ي ويختم »المؤلف« كتابه بنظرة شاملة إىل مستقبل الإي العصور الغابرة- أرسع الأديان إىل كسب الأتباع

ي هذا العرص ـ كما كان �ف»إنه �ف

المسيحية المذاهب الدعاة إىل ة قلة دعاته وك�ش الرغم من ، وإنه عل ف ق�ي المصدة إىل واحد ممن يتحولون من عقائدهم«. ف فيه تساوي نسبة ع�ش تكاد نسبة الداخل�ي

أسـس الدولـة احلديثةبل دينية، ليست فهي الحديثة، الدولة أسس ليضع الخاتـم( ي )الن�ب جاء ن

سلمية، دولة مدنية يحكمها مدنيون ل كهنة. لأ يعة الإ ... مرجعيتها ال�ش مدنية يعة، أو -بتعب�ي آخر- هو عبادة ومعاملة، دين ودنيا، ي مجمله عقيدة ورسش

سلم �ف الإمنهج بل لهوتية، عقيدة ليس فهو سلم، الإ شمول ي

يع�ف وهذا ودولة، دعوة ي

سلم �ف ي جوانبها الروحية والمادية، فل ينحرص الإشامل جاء ينظم حياة الناس �ف

ي والعقائدي وحده، فهناك آيات تتعلق بالعقيدة، وأخرى بالعبادة، الجانب اللهو�ت

آية بالمعاملت وهي القرآن تختص ي آية �ف وآيات تتعلق بشؤون الأرسة، وأطول

نسان توثيق دينه ح�ت ل يضيع، إضافة ي تتحدث عن كيف يستطيع الإالمداينة؛ ال�ت

إىلي آيات خاصة بالعقاب والحدود والقصاص، وأخرى تتعلق بالجانب الدستوري، ي يأمرنا ديننا بأن الأصل فيها هو السلم،

وبعضها يتحدث عن العلقات الدولية ال�تلوكم فلم يقاتلوكم ف وأل نحارب إل من حاربنا، إذ يقول الموىل تعاىل: ﴿ فإن اع�تلم فما جعل الله لكم عليهم سبيال ﴾ ]النساء : 90[. ح�ت بعد وألقوا إليكم السلم للس وإن جنحوا أرادوا أن يسالمونا سالمناهم، فالقرآن يقول: ﴿ إذا الحرب ميع العليم.وإن يريدوا أن يخدعوك فإن فاجنح لها وتوكل عىل الله إنه هو السحسبك الله ﴾ ]الأنفال:)6-)6[. والمقصود أنه ح�ت وإن أرادوا الخداع؛ فاستجب

سلم مكانه المسجد فقط! ي هذا رد عل دعوى أن الإإىل دعوة السلم ... و�ف

- 164 -

الراجح ان ف الم�ي ليكون ة؛ وقدوة ومحج إماما الخاتم( ي )الن�ب الله لقد بعث الهدى ف ب�ي الفارق كتابه ويكون والأعمال. والأقوال الأخلق به توزن الذي Voltaire فكان عل حد وصف فولت�ي . ف والضلل، والغي والرشاد، والشك واليق�يع والحاكم

ف الفاتح والم�ش ي شخصه ب�ي عظيم وقدوة، جمع �ف ي 1694-1778 : »ن�ب

ي يمكن أن يقوم بها إنسان عل ظهر الأرض«. والواعظ، وقام بأعظم الأدوار ال�ت

نسان كله من ي عالم الإق �ف ع فيه ما تفر الخاتم( إنسانا مثاليا تجم ي كان )الن�ب

ات، فكان صورة لأعل قمة من الكمال يمكن أن يبلغها ب�ش ... أمجاد ومواهب وخ�بي فلكه، صاروا رجال أكفاء، ومثل عليا،

فل غرو إذا كان الذين قبسوا منه، وداروا �ف . ف ومصابيح هدى للناس أجمع�ي

M.Hart هذا الفهم العميق؛ هو الذي جعل العالم الأمريكي مايكل هارتي التاريخ الذي

دا( أعظم العظماء، حيث يقول: »كان الرجل الوحيد �ف يختار )محمالتحاد إن هذا ... والدنيوي ي

الدي�ف : ف المستوي�ي كل ي

�ف وأبرز أسمى بشكل نجح له أن يعت�ب أعظم شخصية ي والدنيوي معا يخو

الفريد الذي ل نظ�ي له للتأث�ي الدي�فية«. ي تاريخ الب�ش

�ف ذات تأث�ي

The Story of Civi- ؛ صاحب موسوعة )قصة الحضارة وكرر ذات المع�فكان بما العظمة ما حكمنا عل »إذا فقال: W.Durant ديورانت lization( وول.

دا( كان من أعظم عظماء التاريخ«. ي الناس؛ قلنا إن )محمللعظيم من أثر �ف

عل Arnold Toynbee ي توين�ب آرنولد ي يطا�ف ال�ب المؤرخ اطلع وقد هذا؛

فقد د( )محم به أ�ت بما ي يأ�ت أن لأحد يمكن )ل أنه فأعلن نبياء( الأ )خاتم ة س�ي

لة، فآمنوا برسالته إيمانا ف أخذ بألباب أتباعه، وسمت شخصيته لديهم إىل أعل م�فلتها السنة قد صارت مصدرا جعلهم يتقبلون ما أوحي به إليه، وأفعاله كما سج

الحياتية«. ف للقوان�ي

هذه كل فبعد ... المتكاملة للشخصية مثال أبرز الخاتم( ي )الن�ب كان وقد ب الأمثال، ومشتهى د( مرصف ي مضت عل البعثة النبوية ل يزال )محم

القرون ال�تق والغرب ... فل يمر يوم إل وتظهر عجاب لدى نوابغ ال�ش الأجيال، وموضع الإ الكريم. فقد كتب ي دراسة تلو الأخرى، تكشف جانبا من جوانب عظمة هذا الن�ب Islam »سلم والعرب ق روم لندو Rome Landau كتابا بعنوان »الإ المست�ش، وبلغة القرآن، ووسائل ي ة الن�ب سلم، وس�ي and Arabs تحدث فيه عن نشأة الإ

- 165 -

سلمي السياسية والفكرية، والحروب الصليبية سلم، ومشكلت العالم الإ ن�ش الإعل مفطورا د محم »كان دعوته: ي

�ف ملسو هيلع هللا ىلص ي الن�ب إخلص عن قال والستعمار- ي رؤاه ومشاهداته الخفية،

ي تلقاها �فصلح ال�ت التدين، مستعدا بطبيعته لرسالة الإ

وكان مع هذه الفطرة الروحانية رجل عمليا يفطن ببديهته لما انطوى عليه المزاج صلح، وقد ي تلقينهم آداب الإ

ي من قوة وضعف، ويدرك أن الأناة واجبة �ف العر�بالمصانعة، وعزيمة صادقة الهوادة ول يتقبل بالتوحيد ل إيمان ي روعه

�ف ل تأصد ي الأمة العربية، وقد كانت رسالة محم

ي فشت �فعل استئصال كل أثر للوثنية ال�ت

المنفعة بواعث عن أعماله ي �ف يصدر إنسان عليها يقدم ل جسيمة هائلة مهمة

خلص الذي والأنانية، ويرجو أن يحققها بمجهوداته أو بمساعيه الذاتية ... وإن الإت ي نفوس أتباعه بصدقه، والمتحان الذي اخت�ب

ف الراسخ �ف أدى به رسالته، واليق�ي، لهي من الدلئل عل أن محمدا ـ عليه السلم- براء من ف به رسالته مدى السن�يعياـ ولو كان من أصحاب العبقرية- شبهة الخداع والدعاء، فما حدث أن خادعا مدي بعد ثلثة ع�ش قرنا يجذب إليه

سلم با�ت بقيت له رسالة بعد ذهابه، وهذا هو الإالتاريخ من مثل واحد عل دعوى من دعاوى بعد عام، وقد خل ف عاما المؤمن�ي

نسانية«. ي إقامة دولة شامخة وحضارة من أنبل الحضارات الإالخداع أفلحت �ف

الخاتــم( ليحمل أكمل رسالة، وأعظم دي، للعالم أجمعه: ي لقد أعد )الن�بلهية إىل أن تنفطر السماء، أحمره وأسوده، إنسه وجنه، وليكون شمس الهداية الإ... فكان الأسوة الحس�ف ل الأرض غ�ي الأرض والسماوات وتنكدر النجوم، وتبدالصادقة جمة ال�ت وكان حسان، والإ يمان الإ لأهل العظمى والقدوة نسانية، للإيمان إىل عمل، والفكرة إىل حركة، والمبادئ إىل سلوك، ل الإ لأخلق القرآن، فحووبالأخلق، للأخلق الأخلق«. وكان مكارم م تم لأ بعثت »إنما ربه فأدى رسالة

مستحقا ثناء ربه ﴿ وإنك لعىل خلق عظيم ﴾ ]القلم :4[.

ح هذا الجانب، وألفوا حوله كتبا ودراسات ي رسشوقد أفاض العلماء والمفكرون �ف

ح ي رسشق الفرنىسي ـ المتخصص �ف سلم« للمست�ش متنوعة، من ذلك كتاب »فهم الإ

حا لما يفهم قية - فريثجوف شيون Frithjon Schuon يقول فيه مصح العقائد ال�شي

ملسو هيلع هللا ىلص »إن مصدر الخطأ �ف ي ي اتصف بها الن�بالغربيون عن المناقب »الشخصية« ال�ت

ي عل صورة واحدة هي صورة بوذا والمسيح، هذا الفهم تصورهم للرسول الدي�ف

ي لما فيها من محو الذات، نسا�ف وهي صورة تحيط بها هالة من غ�ي هذا العالم الإ

ومحو العلقات الدنيوية. لكن »محمدا« عليه السلم لم تكن تحتويه هذه الهالة

- 166 -

ي و�ف الحياة ي هذه

�ف يعة، وصاحب جهاد لأنه رسول رسش ، ينسا�ف الإ العالم غ�ي من

الحياة الأخرى، ومثاله من صور الرسالة الدينية، إنما هي صورة إبراهيم ومو� ـ عليهما السلم - مع تفاوت الأفق والمجال.

العقيدة به توحي كما الخاتم ي الن�ب لعظمة »فلسفي« تفس�ي وللمؤلف نسان الكامل« الذي ل مرتقى بعده سلمية؛ فهو ـ صلوات الله عليه ـ مثال »الإ الإالسماوية الفضائل ف ب�ي الجامع الخالد نسان الإ مثال هو بل الكمال، لدرجات ي

ي صميمها عل صورة غ�ي الصورة ال�تنسانية �ف والفضائل الأرضية ... فهو مثال للإ

والمسيح. لبوذا، الغربيون يتمثلها

ثلثة عنارص قد أمامه ترتفع د محم ة وافيا عل س�ي يطلع اطلعا الذي إن ي هذه الصفات الثلث: التقوى والجهاد والمروءة ... ويصح أن يقال: إن

ص �ف تتلخ قد جبلت عل النبل والصفاء، وأولهما يجمع القوة والكرم، وثانيهما ي روح الن�بي طعامه ومنامه مسلك القانع

�ف ي يجمع القناعة والستقامة، وقد كان مسلك الن�بالقويم، ومسلكه مع النساء مسلك الكرم والمروءة«.

نسانية الشاملة، والتعايش الحضاري الخاتـم( ليدعو إىل الأخوة الإ ي جاء )الن�بف ب�ي الفوارق وأذاب ، ف المتخاصم�ي ف ب�ي فآخى معانيه، وأكمل صوره، أسمى ي

�فف سلم إىل حوار المخالف�ي الطبقات، ونزع أسباب ال�ش من صدور الناس، ودعا الإي هي

: ﴿ ادع إىل سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بال�ت بالحس�فأحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ﴾ ]النحل:5))[. ي هي أحسن

والمسلمون مأمورون من ربهم أن يجادلوا مخالفيهم، بالطريقة ال�تي هي

ي الجدال بال�تي ذلك يأ�ت

الطرق وأمثلها، وأقرب إىل القبول من المخالف. و�فإيغار إىل الذي ل يسعى لنا هو ف المخالف�ي إليه مع ندعو الذي والحوار أحسن، ف القلوب، وإثارة ما يشعل الفتنة، أو يورث الضغينة، بل الصدور، أو المباعدة ب�يي مجادلة أهل الكتاب:

يعمل عل تقريب القلوب بعضها من بعض، كما قال تعاىل �في هي أحسن إل الذين ظلموا منهم وقولوا

﴿ ول تجادلوا أهل الكتاب إل بال�ت ﴾ مسلمون له ونحن واحد وإلهكم وإلهنا إليكم وأنزل إلينا أنزل بالذي ا آمني يؤمن بها الفريقان، ل عل

كة ال�ت ]العنكبوت:46[. فالآية تركز عل الجوامع المش�تسلم الإ يرى . وبهذا بالحس�ف الحوار التمايز والختلف، وهذا من أصول نقاط عى الكاتب ، ول يرى حتمية الرصاع بينهم، كما اد ف ف المتخالف�ي ورة الحوار ب�ي رصف

SamuelHuntington الأمريكي صمويل هانتجتون

- 167 -

قه وصد ونواهي، أوامر من به جاء ما كل ي �ف الخاتم( ي )الن�ب صدق لقد

ف الملي�ي مازالت بعده، كذلك دينه من وا به، ونرصوه، ون�ش وآمنوا معارصوه، المد بلغ ح�ت ... والمغارب المشارق ي

�ف عنه وتنافح ين، الد هذا بصدق تهتف الغربية والتقارير فالمعلومات للنظر، لفتا مبلغا ق وال�ش الغرب ي

�ف سلمي الإي وقت

ي العالم الآن، يحدث ذلك �فسلم هو أك�ش الأديان انتشارا �ف تقول: إن الإ

. فبالرغم من حملت ف سلم والمسلم�ي علم الغربية عل الإ تتحامل كافة وسائل الإحصاءات تقول: إن عدد ي الغرب، فالإ

سلم، إل أنه ينت�ش انتشارا هائل �ف تشويه الإ Western Europe ي غرب أوربا

ف الذين يحملون جنسية الدول الغربية �ف المسلم�يأك�ش من 40 مليون نسمة، ومدينة مثل برمنجهام Birmingham وحدها فيها أك�ش سلمية، ح�ت وصل عدد ي بريطانيا آلف المساجد والمراكز الإ

من 53) مسجدا، و�فون يؤم الذين ف نسمة، كما وصل عدد أك�ش من 4 ملي�ي إىل بريطانيا ي

�ف ف المسلم�يي

ا �ف ات أضعاف الذين يؤمون الكنائس يوم الأحد. أم المساجد يوم الجمعة ع�شسلم قرع أبوابها بقوة، وصار الحديث هناك ق أوربا Estern Europe فإن الإ رسشي فرنسا

سلمية �ف سلم أك�ش من أي حديث آخر! وها هي ذي الجالية الإ ي شأن الإ�ف

أعداد فإن كا؛ أم�ي ي و�ف الكاثوليك، نسبة أعدادها تجاوزت قد الكاثوليكية( )بنت

الخاتم( حينما قال: ي ف أك�ش من تعداد بعض الدول العربية! وصدق )الن�ب المسلم�ي»والذي نفىسي بيده ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار«.

- 168 -

رشيعة الساء وعدالتها مها، ويتضح هذا يعة ربانية؛ ترفع من شأن المرأة وتكر جاء )النبـي الخاتـم( ب�ش

ي الأمم والحضارات الأخرى:تها �ف سلم( ونظ�ي ي الإ

ف )المرأة �ف الأمر بجلء إذا قارنا ب�ي

فقد قضت الحضارة الرومانية Ancient Rome أن تكون المرأة رقيقا تابعا طلق. للرجل، لها حقوق القارص، أو ل حقوق لها عل الإ

والأفاعي والسم والجحيم والموت الوباء »أن القديمة الهند ائع وحكمت رسشبانتهاء أجل زوجها الذي هو سيدها ي الحياة ينتهي

المرأة«، وحقها �ف والنار خ�ي من انه، وإل حاقت عليها اللعنة الأبدية. ي ن�ي

ومالكها، فإذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها �ف

تباع وكانت المتاع، سقط من History of Greece ف اليوناني�ي عند والمرأة الشيطان. عمل من رجسا تعد وكانت ى، وتش�ت

ي »سفر الجامعة« بالكلمات الآتية: ي التوراة Judaism فالمرأة وصفت �ف

ا �ف أمأنه جهالة ي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقل، ولأعرف ال�ش أنا وقل�ب »درت وقلبها شباك، هي ي

ال�ت المرأة الموت: من أمر فوجدت جنون، أنها والحماقة قيود«. ويداها اك، رسش

ي �ف وجدت الوأد، من نجت وإذا توأد، كانت Ignorance الجاهلية ي

و�فاث، وقد تكره عل البغاء، انتظارها حياة ظالمة، ليس لها فيها نصيب من الم�ي

يورث. متاعا زوجها وفاة بعد تبقى وقد

Middle Ages كانت أسوأ حال، ففي رومية العصور الوسطى ي والمرأة �ف

قرروا أنها كائن ل نفس له، وأنها لن ترث الحياة الأخروية لهذه العلة، وأنها رجس ي أوقاتها

يجب أن ل تأكل اللحم، وأن ل تضحك بل ل أن تتكلم، وعليها أن تم�في الخدمة.

�ف

ي فرنسا سنة 1938 يلغي ي العصور الحديثة Modern Ages صدر قانون �ف

و�في كانت تمنع المرأة الفرنسية من بعض الترصفات المالية، وجاز لها

ف ال�ت القوان�يي المصارف.

ي تاريخ المرأة الفرنسية ـ أن تفتح حسابا جاريا باسمها �فولأول مرة ـ �ف

- 169 -

، ف المواطن�ي من معدودات غ�ي 1850 السنة النساء ح�ت بقيت ا إنجل�ت ي و�ف

بالتملك. لها لها حقوق شخصية، فل حق وليس 1882 المرأة ح�ت سنة وظلت

سالم Islam Times وانتشار تعاليمه، فقد دخلت حياة لكن مع ظهور الإأصبحت المرحلة هذه ففي سبقها، عما البعد كل بعيدة جديدة مرحلة المرأة نسانية. فقد اعت�ب المرأة مستقلة ومتمتعة بكل حقوقها الفردية والجتماعية والإ

رادة والختيار والحرية. سلم المرأة كالرجل لها من الإ الإ

هذا سلم الإ قرر فقد والختيار؛ رادة الإ يستلزم الستقلل كان ا ولمي جميع الحقوق القتصادية، وأباح للمرأة كل ألوان الممارسات المالية،

الستقلل �فاكتسبوا ا م م نصيب جال للر ﴿ تعاىل: يقول وأموالها، عائدها مالكة وجعلها

.]3(: ]النساء ﴾ ف اكتس�ب ا م م نصيب وللنساء

أعظم وأنصفتها تكريم، أيما المرأة مت كر إلهية وثيقة ف المسلم�ي ولدى إنصاف، وأنقذتها من ظلم الجاهلية وظلمها، هذه الوثيقة هي »القرآن الكريم«.

ي أصل النشأة، متساويان حيث بينت هذه الوثيقة أن الرجل والمرأة متساويان �ف

ي �ف متساويان والمسؤولية، التكاليف ي

�ف متساويان العامة، نسانية الإ الخصائص ي �ف

ي ذلك يقول القرآن الكريم: ﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي . و�ف الجزاء والمص�ي

ا ونساء واتقوا ن نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كث�ي خلقكم مرحام إن الله كان عليكم رقيبا ﴾ ]النساء:)[. ويخاطب الله الذي تساءلون به والأي القرآن، عل مستوى واحد من الخطاب التكريم وعل

الله كل من الرجل والمرأة �فكان فيها ، فيقول مثل : ﴿ من ي يش�ت

نسانية ال�ت مستوى واحد من التنويه بالقيمة الإبة ﴾ ]النحل:97[. ه حياة طي وهو مؤمن فلنحيين عمل صالحا من ذكر أو أن�ش

من فيجعل والمرأة، الرجل ف ب�ي المتبادلة بالولية ى يسم ما القرآن ر ويقرالرجل ، المرأة مسؤولة عن رعاية المرأة، ويجعل من عن رعاية الرجل مسؤول بالمعروف يأمرون بعض أولياء بعضهم والمؤمنات والمؤمنون ﴿ يقول : إذ

﴾ ]التوبة:)7[. المنكر عن وينهون

سلمي ي المجتمع الإإن النظام الجتماعي الذي يرسم علقة الرجل بالمرأة �ف

ان هذه ف ي م�ينسان ومساواة الرجل والمرأة �ف ي القرآن الذي يقرر كرامة الإ

يتمثل �فشعوبا وجعلناكم وأن�ش ذكر من خلقناكم إنا الناس أيها يا ﴿ قائل : الكرامة

﴾ ]الحجرات : 3)[. وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم

- 170 -

ام ي الذي يأمر الرجل بأن يعارسش المرأة بالح�تي هذا النص القرآ�ف

ويتمثل �ففإن بالمعروف وهن وعارسش ﴿ نفسية لأسباب كرهها ولو ح�ت والتكريم ، ﴾]النساء:9)[. ا كث�ي ا فيه خ�ي الله ويجعل تكرهوا شيئا أن كرهتموهن فعىس

جال ( الر شقائق الله ملسو هيلع هللا ىلص: ) النساء النص من كلم رسول ي هذا �ف ويتمثل

ي الحديث كم لأهلي (. وكذلك �ف كم لأهله، وأنا خ�ي كم خ�ي ي : ) خ�ي

ي النص الثا�فو�ف

ا(. خ�ي بالنساء يوصيكم الله )إن النبوي:

الخاتـم( برسالة تدعو إىل تحرير العقل مما علق به من خرافات ي جاء )الن�بي وجه

ل عل الديانات السابقة ورجالها وقوفها �ف وأوهام، وإذا كان التاريخ قد سجلت، وفقدت أصالتها التطور، فذلك لأنها لم تعد دين الله الحق ... بل حرفت وبدسلم فقد شاء ا الإ وسموها؛ ولأنها كانت أديانا موقوتة فلم يتكفل الله بحفظها. أمنسانية كلها، ول عجب أن قامت منذ الله أن يكون هو الرسالة العامة الخالدة للإنكار عل التقليد والجمود، والدعوة إىل ، والإ ام العقل والتفك�ي أول يوم عل اح�ت

شادة بفضل العلم وأهله. هان والحجة، والإ العلم والحتكام إىل ال�ب

بوحي المسلم قها يصد عقيدة ـد( )محم برسالة النبوات اختتام كان وإذا ي العصور الغابرة

إيمانه، ولكنها كذلك حقيقة علمية يفهمها بفكره، ويشهد دلئلها �فف أن يفخروا ف والتغريبي�ي من الغربي�ي ي عرصه هذا. وإذا طاب لكث�ي

كما يشهدها �ف Science العلم ي )عرص

: نحن �ف ف عات والمكتشفات الحديثة، قائل�ي بعرص المخ�توا ما ا، وليتحد Age( تحديا منهم للديانات وهدايات السماء! فليهتفوا بذلك كث�يت الدنيا كلها ي ختمت جميع النبوات، لأنها أخ�ب

شاءوا من النبوات ... إل النبوة ال�تقبل أربعة ع�ش قرنا بما يحدث الآن، وما توصلوا إليه بهداية بصائرهم من آيات ف العيان ... وكل أعجوبة من ي مشاهد الطبيعة، وأرسار الخلق، وبراه�ي

تلك الهداية �فف .... ين، الذي جاء به خاتم النبي�ي أعاجيب العلم؛ فهي جزء من معجزات هذا الد

ون ﴾! ﴿ وأبص فسوف يبص

- 171 -

نبي الرمحــة

ف ب�ي والتسامح العفو فضيلة ز ويعز الرحمة، ي معا�ف خ س ل�ي سلم الإ جـاء

رحمة الكريم القرآن وأنزل الرحيم، الرحمن بأنه نفسه الله فوصف الناس؛ رحم به أهل الأرض الله ؛ ذلك أن ف وهدى، وأرسل نبيه الخاتم رحمة للعالم�يا وأم الرحمة، تلك الأوفر من النصيب المؤمنون فنال وكافرهم. كلهم مؤمنهم

وعهده. حبله وتحت ظله ي �ف عاشوا فقد هم غ�ي

ف الجانب، وجميل الصفح، وحينما امتدحه ربه؛ امتدح فيه خلق الرحمة، ول�يي قوله: ﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب

وأجمل ذلك �ف : ي المزام�ي

ي ذلك تطابقا للنص الوارد �فوا من حولك ﴾ ]آل عمران : 59)[. و�ف لنفض

الرحمة(. ي دوا الله يا أهل الأرض، سيبعث لكم ن�ب )عظموا الله يا كل الأمم، ووحصحاح الأول( : )اسمعي يا سماوات، ي )الإ

الرحمة �ف ي وتصديقا للبشارة إشعياء بن�ب به ترحمي(. ي وقري يا أرض، ولماذا تقلقي؟ سيبعث عليك ن�ب

صورها، وأبهى أطوارها، أكمل ي �ف الخاتم ي الن�ب ي

�ف الرحمة دت تجس وقد ي حياته كلها، فهو كما وصفه

وأسمى معانيها ...فكانت تمثل طابعا متجذرا أصيل �فحيم ﴾. وقال هو عن نفسه : )إنما أنا رحمة مهداة(. لذلك وصفه ربه: ﴿ رءوف رقيون ي كتابه )ال�ش

ي برتلي سانت هيلر B.S.Hillr 1793 -1884 �فق الألما�ف المست�ش

الرحمة، فقال: "كان محمد رئيسا للدولة، وكان داعيا إىل ديانة ي وعقائدهم( بأنه ن�بي شخصيته

ي دعوته هذه لطيفا ورحيما ح�ت مع أعدائه، وإن �فله الواحد، وكان �ف الإ

ية، وهما: العدالة والرحمة". ي تحملها النفس الب�شف هما من أجل الصفات ال�ت

صفت�ي

فيقول عليها، ويحثهم ووسائلها، الرحمة ي معا�ف الناس يعلم ملسو هيلع هللا ىلص وكان

"من ل يرحم ل يرحم". ويأمرهم "الراحمون يرحمهم الله". وينادي عليهم ي السماء". وكان ملسو هيلع هللا ىلص يحث عل تقديم

ي الأرض يرحمكم من �فدوما: "ارحموا من �ف

ا خلق الخلق كتب يعة، فقال: "إن الله تعاىل لم ي تطبيق ال�شالرحمة عل العدل �ف

ي معنتا ول الله تعاىل لم يبعث�ف "إن ". وقال: ي تغلب غض�ب

عل نفسه إن رحم�ت". وقد رفض أن يسند للأقرع بن حابس الولية عل ي معلما مي�ا

متعنتا ولكن بعث�ف

- 172 -

ي تميم؛ لأنه اكتشف أنه يقسو عل أبنائه، ول يحنو عليهم ول يقبلهم، أموال ب�ف

." فقال له الرسولملسو هيلع هللا ىلص: "ل تلي لنا أمرا

ي قلبه وقد ورد عنهملسو هيلع هللا ىلص أنه قال: )خاب عبد وخ�، لم يجعل الله تعاىل �ف

كلنا الله، رسول يا قالوا: تراحموا( تؤمنوا ح�ت )لن : أيضا وقال .) للب�ش رحمة ة(. بل إنه عندما رحيم، قال: )إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العام: يا رسول الله؛ لقد أحرقتنا نبال ثقيف، فادع الله عليهم. فنظر ف اشتكوا له، قائل�يلنرصة تقف أن كلها بالأمة يهيب كان بل ثقيفا(. اهد اللهم السماء، وقال: نحو ف هذه القضية وقضية كرامة الأمة نفسها، فقال: )كيف يقدس المظلوم؛ وربط ب�يه وهو غ�ي متعتع(. ولعل من آثار رحمته الله أمة ل يؤخذ لضعيفها من شديدها حقس أعظم أمة عرفتها الدنيا؛ إنها قة؛ استطاع ـ صلوات الله عليه - أن يؤس المتدفسته، كما أخرج للوجود جيل عظيما من الرحماء، أعظم أمة عبدت الله تعاىل وقدلهم إىل للبقر إىل قادة للأمم، وحو رعاة لهم من ؛ حو الب�ش من ملئكة بل جيل

أستاذة وعباقرة لم تعرف الدنيا لهم مثيل.

ء، فإذا يحسان عل كل �ش وكانملسو هيلع هللا ىلص رحيما بالحيوان فقال: "إن الله كتب الإ

ح قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته ول�يذبيحته". وقد لعن من مثل بالحيوان!!

والمتتبع لأقوال الرسولملسو هيلع هللا ىلص وأفعاله يجدها جميعا - دون استثناء - تتدفق والأب جمعاء، نسانية الإ للأرسة الأك�ب الأخ )محمــد( فكان الحانية، بالرحمة ه عنهم ... بل ف ف عنهم بلقب أو نيشان يم�ي والصديق للجماعة المؤمنة، فلم يتم�يي

�ف ويستوقفه منهم، يشاء من ويؤاكله الألداء، الناس ح�ت خصومه كل يجالسه ماء! الأطفال والعبيد والإ بما فيهم من يشاء الطريق

نسانية، وتتأمل مشهدا من حسبك أن تتعرف عل موقف واحد من مواقفه الإ تعرف إىل أي مدى بلغ حلمه وعطفه وشفقته ورحمته بالناس. مشاهده الربانية؛ كي

سلم؛ خرج ليواجه أعدى ي تاريخ الإففي يوم )فتح مكة( ذلك الفتح الأك�ب �ف

أعدائه وخصومه الألداء الذين أخرجوه من أهله وداره وبلده ...وقاتلوه، وأعلنوا اوة لعقدين من الزمان، وقتلوا عمه وأقاربه، وأصحابه، وسلبوا عليه الحرب برصفالعتاة الله من هؤلء نه مك إذا بهم ماذا سيفعل ... ديارهم أموالهم، وهدموا

اد الأصنام وصناديد الكفر؟! الطغاة؟ ماذا سيكون مص�ي عب

- 173 -

ة آلف ... ف قوامه ع�ش ـد( مكة فاتحا، يحوطه جيش من المؤمن�ي لقد دخل )محمي

فأمرهم أن يدخلوا مكة بروح الموادعة والرحمة والمسالمة بل قتال ... ودخل مكة �فتواضع عجيب؛ حيث كان يركب ناقته القصواء وقد أح�ف رأسه عل رحله تواضعا، ح�ت كادت تلمس لحيته الرحل من شدة التواضع، وهو يقول: »ل عيش إل عيش ي مواقف النرص.

ي تستبد بالقادة �فالآخرة...«. فل صلف ول غرور ول مشاعر انتشاء كال�ت

... وكان فتح مكة فتحا بل كان )محمـد( إنسانا ودودا، وقائدا رءوفا، وفاتحا رحيما نسانية والرحمة العامة. حقيقيا لآفاق من الخ�ي والحق وال�ب والنور والإ

ى اليوم اء« أو ما تسم ى بـ«الكتيبة الخرصف وكان ضمن الجيش الزاحف؛ ما يسمالذي عبادة" بن "سعد عليها المدرعة« Armoured Fighting وكان بـ«الكتائب هو، فصاح: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل أصابه الزملسو هيلع هللا ىلص وأخذ منه الراية، وأعطاها لبنه )قيس(. وقال "ل ي الله قريشا". فغضب الن�بس الحرمة، اليوم أعز الله قريشا". يا سعد، بل اليوم يوم المرحمة، اليوم تقد

ع الملذ لمن يريد وبذلك كان مثال لل�ب والوفاء والعفو عند المقدرة، فوسالبيت آمن، ومن دخل داره فهو "من دخل أن فأعلنملسو هيلع هللا ىلص ف ك�ي الم�ش الأمان من من لجميع قلبه وفتح آمن". فهو سفيان ي أ�ب دار دخل ومن آمن، فهو الحرام ب أعناق )مجرمي الحرب( من رءوس قريش، تحدثوا إليه، وكان يستطيع أن يرصفخلق ولكن ... واليهود العرب، عليه وألبوا وغدروا، وخانوا ومثلوا قتلوا الذين

ي سائر أحواله.كانت تغلب عليهملسو هيلع هللا ىلص �ف ي

ال�ت الرحمة هي

General Amnesty عن العام العفو يعلن العظيم، اليوم ي ذلك ونراه �ف

الطلقاء". فأنتم "اذهبوا المشهورة: بمقولته كلها قريش

نسانية العليا: "أيها الناس، لقد ي خطابه لأهل مكة أصول القيم الإوأعلن �ف

أذهب الله عنكم نخوة الجاهلية, وتعظمها بآبائها؛ فالناس رجلن: بر تقي كريم ف عل الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب".

عل الله, وفاجر شقي ه�ي

هل ذهب )محمد( وأصحابه يسارعون إىل احتلل )مكة( وتدم�ي منازلها عل رهاب، والتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل؟! هل استوىل أهلها بحجة محاربة الإف وثرواتهم ـ أو آبار النفط ـ بعدما تمت د( وأصحابه عل مخازن القرشي�ي )محم

لهم السيطرة عل مكة«؟!

ل؛ بل رفع يديه إىل السماء يدعو لهم قائل: »اللهم اغفر لقومي فإنهم ل يعلمون«.

- 174 -

وصايا العهـد القديـم فتح يوم القديم( )العهد وتعاليم وصايا قنا طب لو ماذا آخر؛ عىل جانب

العرب؟ ي جزيرة �ف الحياة قيد واحد عل فرد كان سيبقى مكة؟ هل

م(. )إرميا 48: 0)(. إذ يقول الكتاب )المقدس(: )وملعون من يمنع سيفه عن الد

وهذا النص يجعل من المؤمن بالكتاب المقدس ملعونا ومطرودا من رحمة يئة! الله، إذا لم يقتل ويسفك الدماء ال�ب

بل هناك أمر رصيح بالقتل، وحمل السيف: )قال الرب إله إرسائيل : عل كل واحد منكم أن يحمل سيفه ويطوف المحلة من باب إىل باب ويقتل أخاه وصديقه

وجاره( )خروج )3: 7)(.

عب ر هذه الوصية!: )فقال الرب لمو�: خذ معك جميع رؤساء الش ويكرإرسائيل ي

ب�ف عن الرب غضب ة شد ف فتنرص ، الرب أمام مس الش ي �ف واصلبهم

ي إرسائيل: ليقتل كل واحد منكم أيا من قومه تعلق ببعل فقال مو� لقضاة ب�ف

العدد 5): 5-4(. )سفر فغور(

ويبلغ الأمر مداه، فيأمر بقتل الشيوخ والأطفال والنساء، وإعمال السيف يف، يقول يف فأنا أجلب عليكم الس فيهم بل هوادة ح�ت الفناء: )فزعتم من الس

( )حزقيال 8:))(. د الرب ي الس

ر هذه الوصية -القتل بالسيف- مرة تلو الأخرى، فيقول: )وجميع الذين ويكريف وأطاردهم( )حزقيال يهم لكل ريح وأستل الس حوله من الأعوان والجنود أذر

.)(4 : ((

با ول يقف الأمر عند حد القتل بالسيف؛ بل الحرق بالنار ح�ت الهلك: )فرصفيف. مها بكل ما فيها مع بهائمها بحد الس يف وتحر ب سكان تلك المدينة بحد الس ترصفب ار المدينة وكل أمتعتها كاملة للر تجمع كل أمتعتها إىل وسط ساحتها وتحرق بالن

بعد( )تثنية 3): -5) 7)(. بد ل تب�ف إلهك فتكون تل إىل الأ

لكم وفتحت استسلمت )فإذا بالصلب: أمر هناك بل فحسب، هذا ليس أبوابها، فجميع سكانها يكونون لكم تحت الجزية ويخدمونكم. وإن لم تسالمكم، ذكر كل بوا فارصف أيديكم، إىل إلهكم الرب فأسلمها فحارصتموها حاربتكم بل

- 175 -

ي المدينة من غنيمة، ا النساء والأطفال والبهائم وجميع ما �ف يف. وأم فيها بحد الس

هكذا إلهكم. الرب أعطاكم ي ال�ت أعدائكم بغنيمة وتمتعوا لأنفسكم فاغنموها

ا ي ل تخص هؤلء الأمم هنا. وأمتفعلون بجميع المدن البعيدة منكم جدا، ال�ت

ي يعطيها لكم الرب إلهكم ملكا، فل تبقوا أحدا منها حيا بل مدن هؤلء الأمم ال�ت

يون زيون والحو تحللون إبادتهم، وهم الحيثيون والأموريون والكنعانيون والفرواليبوسيون، كما أمركم الرب إلهكم( )تثنية 0): -)) 7)(.

وهناك أمر بقطع أعناق الناس، وأمر باستحلل النساء والأطفال والبهائم، ي المدينة وراءه

بادة الجماعية: )وكلم الآخرين فسمعته يقول: اذهبوا �ف وأمر بالإابات والأطفال والنساء ان والش ب يوخ والش بوا. ل تشفقوا ول تعفوا. اقتلوا الش وارصف

ح�ت الفناء( )حزقيال 9 : 5-6(.

النساء بخطف فيأمر مداه، والعدوانية العنف ي �ف )المقدس( الكتاب ويبلغ

فيها. واكمنوا الكروم إىل انطلقوا : ف قائل�ي ف بنيام�ي ي ب�ف )فأوصوا واغتصابهن:

، واخطفوا قص فاندفعوا أنتم نحوهن إذا خرجت بنات شيلوه للر وانتظروا ح�ت( )سفر القضاة )): 0)(. ف بنيام�ي إىل أرض بهن نفسكم كل واحد امرأة واهربوا لأ

وت الكتاب )المقدس( والبقر والغنم أيضا: ع لم يسلموا من ج�ب ض ح�ت الرموا كل ما له ول تعف عنهم بل اقتل رجل ب عماليقهم وحر )فالآن اذهب وارصف

وامرأة, طفل ورضيعا, بقرا وغنما, جمل وحمارا( )صموئيل الأول(.

ي أولئك الذين ا أعدا�أ اه يقول )أم نجيل( لم يكن بمنأى عن ذلك؛ ف�ف ح�ت )الإ

امي( )لوقا9 :7)(. لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إىل هنا واذبحوهم قد

ترى؛ كيف يدعو إىل القتل والذبح وإزهاق الأرواح وسفك الدماء؟!

ومن حقنا أن نتساءل: أي إله هذا الذي أوحى بهذا الكلم؟! وأي رب يأمر القتل والخطف والغتصاب؟! الجماعية وإعمال بادة الإ بتلك

Bloody Texts الحـق أقـول: إنه ما لم تقتلع مثل هذه النصوص الدمويةمن تلك الكتب؛ فلن يرى الناس أمنا، ولن تشهد الدنيا سلما !

- 176 -

نبي امللحمـةده ورات الحياة الكريمة، لذلك جر ورة من رصف سلم كرصف ي الإ

ع القتال �ف رسش؛ ليكون خالصا لله، لتحقيق كلمة الله، من كل غاية أرضية، ومن كل دافع شخ�يللجهاد، الستعداد عملية ي

�ف المؤمن أن لدرجة .. الفضيلة ون�ش العدل وإقامة ة بجن ليفوز ء، ي

كل �ش لله وبها فيها أعطى - صفقة سبحانه - الله مع عقد كأنه أنفسهم ف ى من المؤمن�ي

ي سبيله، قال تعاىل: ﴿ إن الله اش�تت للمجاهدين �ف أعد

عليه وعدا ويقتلون فيقتلون الله سبيل ي يقاتلون �ف ة الجن لهم بأن وأموالهم

وا ببيعكم بعهده من الله فاستب�ش نجيل والقرآن ومن أو�ف وراة والإ ي الت حقا �ف

﴾ ]التوبة:)))[. به وذلك هو الفوز العظيم الذي بايعتم

ي، عل أغل سلعة، بأنفس ي الوجود، من أك�ب مش�ت وهذا أعظم بيع وقع �ف

ي هو الله، والبائع هم المؤمنون، والسلعة هي ثمن، من أفضل بائع ...فالمش�تالنفوس والأموال، والثمن هو الجنة.

ي وعندما بعث الله الأنبياء بالهداية لأقوامهم، أمر بعضهم بالقتال والتصدعل الله ونرصهم هم، وغ�ي وداود، ويشوع، مو�، فقاتل الدين، لأعداء ا بعث )محمـد( ظل يدعو قومه إىل دين الحق ي الأرض ...ولم

ن لهم �ف أعدائهم، ومكل هو ومن معه من الأذى وصنوف العذاب ي مكة لمدة ثلثة ع�ش عاما، وتحم

�فب( لكن ما ل يطاق، لدرجة أنهم أخرجوا من ديارهم، وهاجروا إىل المدينة )ي�ش وأصحابه، فخاضوا ضده سلسلة من ي ظل عبدة الأوثان عل عداوتهم لهذا الن�ب ، ف ك�ي ع الله له قتال الم�ش المعارك العسكرية، لقمع دعوته، وإطفاء نور الله، ف�ش

ي القرآن الكريم. ي الأرض كما وعده �ف

ن لدينه �ف ونرصه نرصا عزيزا، ومك

الموعود سيحارب خصومه، ي ي بشارات )العهد القديم( أن هذا الن�بوقد جاء �ف

ي الأرض ...وقد تحققت تلك البشارة بالفعل! وقد أخ�ب وينترص عليهم، ويضع السلم �ف

الملحمـة(. ي الرحمـة ، وأنا ن�ب ي الملحمة" فقال : )أنا ن�ب ي محمدملسو هيلع هللا ىلص أن من أسمائه: "ن�ب

وقد جهاده، مثل قط ي ن�ب يجاهد فلم الله، أعداء لجهاد بعث الذي فهو سلمية، ولم يعهد ي مواجهة خصوم الدعوة الإ

ة بنفسه �ف خاض الغزوات الشه�يكله قائدا مظفرا مثل محمدملسو هيلع هللا ىلص عل تعاقب العصور والأزمنة. التاريخ

- 177 -

ي )سفر التثنية(. وذكره وقد جاء وصف فروسيته وانتصاراته عل خصومه �ف

ي إىل أن ( بقوله : )قال يهوه لسيدي: اجلس عل يمي�ف ي المزمور الحادي ع�ش

داود �في )المزمور 45: 5-3( بقوله: )...تقلد

أجعل أعداءك مسندا لقدميك(. وخاطبه ربه �فسيفك عل فخذك أيها الجبار. لأن بهاءك وحمدك البهاء الغالب، وبجللك اقتحم ائعك مقرونة بهيبة يمينك، ، فإن ناموسك ورسش الركب من أجل الحق والدعة وال�ب

ون تحتك(. وسهامك مسنونة، والأمم يخر

" عن انتصاره عل أعداء الله، وخضوع ف ي والسبع�يث "المزمور الثا�ف وتحد

إىل الأنهار لدن ومن البحر، إىل البحر من يجوز )إنه : فقال لسلطانه، الملوك اب، ف يديه عل ركبهم، وتلحس أعداؤه ال�ت منقطع الأرض، ويخر أهل الجزائر ب�ي، وتسجد ف ، وتقرب إليه ملوك سابا القراب�ي ف وتأتيه ملوك تاريس والجزائر بالقراب�يله الملوك كلهم، وتدين له الأمم كلها بالطاعة والنقياد، لأنه يخلص المضطهد

ن هو أقوى منه ..(. البائس مم

صحاح )4( إىل جهاده، فيقول : )هو ذا عبدي الذي ي الإويش�ي )سفر إشعياء �ف

. وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم ... ت به نفىسي ده مختاري الذي رس أعضيعته ...(. ي الأرض وتنتظر الجزائر رسش

ول يكل ول ينك� ح�ت يضع الحق �ف

ملسو هيلع هللا ىلص يس�ي علي ي يعته؛ هدفا أو غاية أبدا، فقد كان الن�ب ي رسشولم يكن القتال �ف

ي الحرب - بأن ف الناس ما أمكن التأليف ... وأمر جنوده - وهو �ف سياسة التأليف ب�ي

الناس "تألفوا لجنوده : فقال والفتك . القتل بدل ي , والتأ�ف التأليف عل يحرصوا

ف أحب إىلي ي بهم مسلم�يوا عليهم ح�ت تدعوهم ، ولأن تأتو�ف وتأنوا بهم ول تغ�ي

ي بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم" . من أن تأتو�ف

إذن؛ هي حرب رفيقة تتسم بالتأليف مع الأعداء ! فكان أحب إىل محمدملسو هيلع هللا ىلص يمان قلوبهم من أن يأتوا بهم أسارى , فليست هي ف وقد ملأ الإ أن يأتوه بهم سالم�ي

حرب وحشية , بل هي حرب نبوية .

صحاح الخامس من الزبور: )إذا أدخلك ربك ي الإي المقابل؛ انظر إىل ما جاء �ف

�فة من قبلك، فقاتلهم ح�ت تفنيهم عن آخرهم، ي أرض تملكها، وقد أباد أمما كث�ي

�فول تعطهم عهدا، ول تأخذنك عليهم شفقة أبدا(!

ي )سفر الخروج )3 : 7)(: "قال الرب إله إرسائيل: عل كل واحد بل انظر إىل ما جاء �ف

منكم أن يحمل سيفه ويطوف المحلة من باب إىل باب ويقتل أخاه وصديقه وجاره".

- 178 -

ي حروب ي وصف كيف استمر يشوع �ف

سل �ف بل إننا نجد )العهد القديم( يس�تف وأباد ف الأصلي�ي قا وغربا ح�ت قتل جميع سكان فلسط�ي بادة شمال وجنوبا ورسش الإما يقرب من ربع مليون منهم، واستوىل عل الأرض كلها بعدما غطتها الدماء ...

إلخ. )يشوع 0)-3):))(.

ي لم ع الحرب، فقد أحاطها بكث�ي من الملطفات ال�ت سالم( عندما رسش ا )الإ أم

ملسو هيلع هللا ىلص لجيشه، كي ي ي وصية الن�بين ... فتأمل �ف تبلغها حضارة القرن الحادي والع�ش

الله وبالله، : »انطلقوا باسم يعته، يقول لهم ي رسشتتعرف عل قانون الحرب �ف

وعل بركة رسول الله، ل تقتلوا شيخا فانيا , ول طفل , ول امرأة , ول تغلوا , وضعوا . » ف غنائمكم وأصلحوا , وأحسنوا , إن الله يحب المحسن�ي

ثم أ�ت خليفته )أبو بكر( وسار عل نهج معلمه، فقد أوص قائد الجيش بع�ش ي الصوامع »الرهبان « فدعهم

وصايا، قائل له: »إنك ستجد قوما حبسوا أنفسهم �فا هرما، ول تقطع شجرا وما شغلوا أنفسهم به، ول تقتل امرأة، ول صبيا , ول كب�ي

مثمرا ول نخل، ول تحرق دارا، ول تعقر شاة ول بقرة . ..«.

! الله أكـ�ب ...الله أكـ�ب

سلم؛ فكيف ـ إذن- تكون يعة الإ ي رسشإذا كانت هذه هي أخلقيات الحرب �ف

أخلقيات السلم والحياة المستقرة؟!

ول غرو أن يقف اللورد هدىلي Lord Hedly مبهورا ومندهشا، إزاء معاملة ى، ملحظا فيها ذروة الأخلق ي معركة بدر الك�ب

ف �ف ك�ي ملسو هيلع هللا ىلص للأرسى من الم�ش ي الن�بمحمدا أن "أفل يدل هذا عل يتساءل: الكريمة، ثم الطيبة السمحة والمعاملة لم يكن متصفا بالقسوة كما يزعم خصومه، بل كان دائما يعمل عل حقن الدماء جهد المستطاع، وقد خضعت له جزيرة العرب من أقصاها، وجاءه )وفد نجران( سلم، فل اليمنيون بقيادة البطريرك، ولم يحاول قط أن يكرههم عل اعتناق الإي

نهم عل أموالهم وأنفسهم، وأمر بأل يتعرض لهم أحد �ف ين، بل أم ي الدإكراه �ف

معتقداتهم، وطقوسهم الدينية".

الكريم الرسول بها أ�ت ي ال�ت العليا والمثل النبوية الأخلقيات هذه ولعل

ي جعلت الأمم والشعوب تزحف نحو دينه الحنيف، ي حياته كلها؛ هي ال�ت

وطبقها �فالموسوعات يسجلوا أن ف الغربي�ي ف والمؤرخ�ي ف ق�ي المست�ش عل فرضت كما

- 179 -

وعبقريته وبطولته، يعته، رسش وعظمة ـد( )محم بحياة تهتف ي ال�ت التاريخية

التاريخ! ي �ف لها مثيل ل ي

ال�ت العسكرية

اتيجية غربية تناولت عبقرية الرسول العسكرية من ففي أحدث دراسة اس�تخلل جهاده وغزواته، أكدت عل أن الرسولملسو هيلع هللا ىلص هو أول من أحدث تغي�ي ثوري ي العقيدة العسكرية، فجعل أتباعه يقاتلون تحت راية الدين، وأنه أول من أوجد

�فة! مفهوم "الأمة Nation" لتحل محل الولءات القبلية والعائلية الصغ�ي

Mili-"فصلية التاريخ العسكري" هذه الدراسة؛ عرضتها الدورية التاريخيةي الدراسات العسكرية التاريخية، ويقرؤها

tary History Quarterly المتخصصة �في الوليات المتحدة- ممن لهم اهتمامات بالشئون

كبار رجال القوات المسلحة �فاتيجية المعارصة. التاريخية وانعكاساتها عل الشئون العسكرية والس�ت

Richard »ا عن كاتب الدراسة؛ فهو المؤرخ العسكري »ريتشارد جابريل أمي الوليات المتحدة، وخدم

ي جهات حكومية مختلفة �فGabriel الذي عمل سابقا �ف

ف كتابا، ويقوم ي وكالة الستخبارات المركزية الأمريكيةC.I.A وله أك�ش من أربع�ي�ف

The Royal Military Colle- ي الكلية العسكرية بكندا بتدريس التاريخ والسياسة �ف

ge of Canada

ي �ف ذكر الفذة( العسكرية العقلية د )محم بعنوان الدراسة هذه جاءت

مقدمتها: أنه بدون عبقرية ورؤية الرسول محمدملسو هيلع هللا ىلص العسكرية الفذة ما كان ليبقى سلم ويصمد وينت�ش بعد وفاة الرسولملسو هيلع هللا ىلص. وأضاف: أنه وبرغم توافر الكث�ي الإتوجد دراسة أنه ل إل الرسولملسو هيلع هللا ىلص، وإنجازات العلمية عن حياة الدراسات من سلم. وترى ي الإ

ال عسكري محنك First Insurgent �ف تنظر إىل الرسول كأول ج�فأن ف للمسلم�ي كان ما كقائد عسكري، دملسو هيلع هللا ىلص محم الرسول نجاح لول أنه الدراسة

والفارسية. الرومانية : ف اطوريت�ي م�ب الإ يغزو

العقيدة ي �ف ثوري تغي�ي إحداث ي

�ف الرسولملسو هيلع هللا ىلص نجاح الدراسة وتعزو الله. عند من مرسل بأنه العرب، جزيرة ي

�ف وسائدا معروفا كان لما العسكرية ي قائم ي إيجاد أول جيش نظامي عر�ب

وتش�ي الدراسة إىل أنه -وبفضل ذلك- نجح �فسلمي". وبمفاهيم يديولوجية "الدين الإ يمان بنظام متكامل للعقيدة الإ عل الإأول قدمها ين، الد أجل من و"الشهادة" و"الجهاد" المقدسة" "الحرب مثل

أخر. شخص أي قبل محمدملسو هيلع هللا ىلص الرسول واستخدمها

- 180 -

عليه تقوم لما ناجحا نموذجا كان الرسولملسو هيلع هللا ىلص إن : الدراسة وتقول ظروف اتيجيات س�ت الإ لتلك وتوفرت الحديث. العرص ي

�ف القادة اتيجيات إس�تالعربية. الجزيرة ي

�ف سلم الإ ن�ش ي �ف الرسولملسو هيلع هللا ىلص نجاح من نت مك

كان ما محل بنجاح حل متكامل نظاما سلمي الإ الدين ي �ف الدراسة؛ وترى

ي جزيرة العرب؛ فقد موجودا من نظم اجتماعية وسياسية واقتصادية متخلفة �ف

Gods Community of Believers »أوجد الرسول مفهوم الأمة، »الأمة المؤمنةة. الصغ�ي والعائلية القبلية الولءات لتحل محل

ي بناء منظومة عسكرية للقيادة وتذهب الدراسة؛ إىل أن الرسولملسو هيلع هللا ىلص نجح �ف

ي ، وأن الرسولملسو هيلع هللا ىلص أوجد للمرة الأوىل �ف ي ي التاريخ العر�ب

والسيطرة للمرة الأوىل �في لم تكن معهودة من قبل.

التاريخ مفهوم »الحرب النفسية« ال�ت

ي خلق منظومة عسكرية متطورة، كان وتؤكد الدراسة؛ أن الرسولملسو هيلع هللا ىلص نجح �ف

ف المواطن ق ب�ي ، إضافة إىل خلق هوية جديدة ل تفر هو شخصيا محورها الأسا�يي إطار مفهوم »المساواة«.

والمقاتل �ف

ذون ي إقناع أتباعه أنهم ينفوتش�ي الدراسة؛ إىل أن الرسول محمدملسو هيلع هللا ىلص نجح �ف

ي يعتقد ي التاريخ ال�ت

ي الأرض وأنهم جند الله، وكانت تلك المرة الأوىل �فأوامر الله �ف

ي الأرض، ومن هنا تطور مفهوم ذ أوامر الله �ف ويؤمن فيها جيش نظامي أنه ينف

أهم )Religion The ين )الد ي جعل �ف نجح فالرسولملسو هيلع هللا ىلص المقدسة«. »الحروب

ف جنوده. مصدر للوحدة ب�ي

ف بالتضحية بحياتهم ي إقناع المقاتل�يوترى الدراسة؛ أن نجاح الرسولملسو هيلع هللا ىلص �ف

من أجل نرصة هذا الدين؛ جعل المقاتل ل يهاب الموت؛ إيمانا منه بتمتعه بالجنة سلم الإ ي

�ف الجهاد أن إىل ا مش�ي سلمي. الإ الدين تعاليم تقول -كما وفاته بعد جوهره الكفاح والتغلب عل المصاعب، إل أن هذا المفهوم يساء فهمه وتصنيفه ي زمننا المعارص، وأنه يتمحور حول مفهوم »الحرب المقدسة« فقط.

ي الغرب �ف�ف

رشيعة القتال يف اإلسام سلمي؛ مفهوم بصورة خاطئة تماما لدى مما يؤسف له؛ أن موضوع الجهاد الإسلم لم يدع أبدا للحرب إل للدفاع عن الحقوق ومواجهة ، فالإ ف كث�ي من الغربي�ي

- 181 -

ي �ف وقاتلوا ﴿ الآخرين العتداء عل تحريم ي

�ف تعاىل الله يقول والعتداء. الظلم سبيل الله الذين يقاتلونكم ول تعتدوا إن الله ل يحب المعتدين ﴾ ]البقرة :90)[.

ط المثلية دون تجاوز، ويدعو إىل التسامح، ي حالة رد العدوان يش�تبل إنه �ف

تم لهو خ�ي ف ص�ب يقول تعاىل ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ول�أابرين ﴾ ]النحل : 6))[. للص

حكام بعض من وقعت ي ال�ت التجاوزات عل سلم الإ خصوم اعتمد وقد

سلمي من الحرب. وها ممثلة للموقف الإ ات تاريخية مختلفة، واعت�ب ي ف�تف �ف المسلم�ي

وليس هذا إنصافا، فنصوص القرآن والسنة النبوية تدعو إىل التعايش السلمي . ي عقيدتهم، بل إنها تحثهم عل معاملتهم بالحس�ف

ف �ف مع من يختلفون مع المسلم�ي

سلمي لموجات من التحليل والتفس�ي المادي من ض التاريخ الإ وعندما تعريمان الذي ؛ غفلوا عن جانب المعنويات والقوة الروحية والإ ف ف مغرض�ي ق�ي مست�شالقوى عل القليلة بالأعداد المسلمون حققه الذي النرص ي

�ف أساسيا عامل كان التاريخ تحمل طابع الجهل بالجوانب الروحية ة، فجاءت محاولت تفس�ي الكب�ي

سلم وحضارته. ف عل الإ ي النفوس، كما تحمل الحقد الدف�يوأثرها البعيد �ف

ف الحضارة سلمية؛ يدرك البون الشاسع ب�ي ي تاريخ الفتوحات الإوالمتأمل �ف

لم تكن استعمارية سلمية الإ المادية. فالفتوحات الغربية سلمية، والحضارة الإي الستعمار الحديث الذي خلف وراءه

ات الشعوب، كما هو الحال �ف لنهب خ�يف ! لكن فتوحات المسلم�ي ف آثارا مدمرة، تظل عارا عل حضارة الغرب آلف السن�يسلمية إىل هذه الشعوب، لذلك كانت تنقل البلد كانت من أجل تبليغ الدعوة الإي

من حالة التخلف إىل حالة من الزدهار والحضارة، والدليل عل ذك ما حدث �فسلمي إىل مركز حضاري مزدهر كانت ي تحولت بعد الفتح الإ

تغال، ال�ت إسبانيا وال�بيجابية عل أوربا كلها. له آثاره الإ

يبة بسيطة جدا ي كان يفرضها الفاتحون، فهي عبارة عن رصفا )الجزيـة( ال�ت أم

ي مقابل حمايتهم والدفاع عنهم، ف من أهل البلد المفتوحة �ف يدفعها غ�ي المسلم�ي

اك أحدهم تسقط عنه الجزية. ويلحظ ي الجيش، و�ف حالة اش�تاكهم �ف لعدم اش�ت

أن الجزية لم تكن مفروضة إل عل القادرين عل القتال، ويعفى منها: الشيوخ الكبار ف الأوائل أن والنساء والأطفال، وعلماء الأديان الأخرى. ومما يؤكد نزاهة المسلم�ي

- 182 -

سلم، ومع ذلك وبعد تحقق الفتوحات ا منهم كانوا أغنياء قبل دخولهم الإ كث�يي الدنيا، يعيشون حياة بسيطة للغاية، أبعد ما

ي عهودهم، فقد صاروا زاهدين �ف�ف

Toyn- ي ي آرنولد توين�بيطا�ف ف أو الملذات المادية! وصدق المؤرخ ال�ب تكون عن ال�ت

bee Arnold عندما قال: "ما عرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب".

ف التمي�ي الجهاد؛ هو عدم ي سوء فهم موضوع �ف الرئيىسي السبب لكن يظل

سلمي ليس . فالتاريخ الإ ف ف ترصفات بعض المسلم�ي سلم ذاته، وب�ي ف موقف الإ ب�يسلم الإ مبادئ ف ب�ي الواسعة التفرقة من لبد وأنه سلم، للإ ممثل ورة بالرصفي قام

ال�ت التجربة ف النبوية، وب�ي الكريم والسنة القرآن ي الممثلة �ف الثابتة الربانية

ي بعض المراحل، وقد سلم �ف ي قد تلتقي مع مبادئ الإ

سلمي وال�ت بها الحكم الإأن ريب ول سلم. الإ منهج عن بعيدا والساسة القادة يذهب ف عنه ح�ي تختلف الراشدة الخلفة بعد سلمية الإ الدولة ي

�ف الحكم زمام تولوا ممن نفرا هناك ر سلوك هؤلء الحكام عل أنه سلم، فمن غ�ي الحق أن يصو بعدوا عن منهج الإ

نفسه! سلم الإ هو

سلم انت�ش بالسيف! وهذا زعم باطل، ول أساس له من وقد زعم البعض أن الإشد من الغي ﴾ الر ف ين قد تب�ي ي الد

الصحة، فالقرآن يقرر بكل رصاحة أنه ﴿ ل إكراه �ف]البقرة: 56)[. ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ ]الكهف : 9)[. ﴿ لست عليهم

بمسيطر ﴾ ]الغاشية : ))[.

موا به إىل أبعد ف ف قد ال�ت وبالنسبة للتطبيق العملي لهذا المنهج؛ فإن المسلم�يالدين بهذا آمن سلم، الإ نشأة بداية ي

�ف أنه ذلك: عل الأدلة ومن ممكن، حد فت ضدهم ش�ت أنواع التعذيب الجسدي

عدد من الفقراء والضعفاء، وقد اق�تجعوا عنه، ولكنهم تمسكوا به، واضطر بعضهم إىل الهجرة بدينه إىل الحبشة، ل�ي

ي هذه المرحلة؟! ثم إىل المدينة ... فأين السيف �ف

ة والقوية الكب�ي الشخصيات الأوائل عدد من ف المسلم�ي ف من ب�ي أيضا؛ نجد ي بكر، سلم، من أمثال : أ�ب ي الإ

ها عل الدخول �ف ي ل يجرؤ أحد عل أن يج�بال�ت

، وسعد بن أ�ب وقاص، وحمزة، ي عبيدة، وعمر بن الخطاب، وطلحة، والزب�ي وأ�بهم. وغ�ي ومصعب،

وعندما انتقل المسلمون إىل المدينة، وجدوا البيئة المناسبة لتكوين دولة ما ف للدفاع لبثت أن تعرضت لعتداءات من الخارج والداخل؛ مما اضطر المسلم�ي

- 183 -

بأنهم للذين يقاتلون أذن ع لهم القتال لرد الظلم عنهم ﴿ عن أنفسهم، ف�شهم لقدير ﴾ ]الحج :39[. ظلموا وإن الله عىل نص

الشعوب إىل سلم الإ ليبلغوا العربية الجزيرة من المسلمون خرج ف وح�يمع يدخلوا أن عليهم فكان ى، ك�ب قوى اضطهاد من ي

تعا�ف المجاورة؛ وجدوها حروب. ي

�ف هذه

الدعوة ي �ف سلم الإ منهج يطبقون كانوا فإنهم ينترصون؛ كانوا عندما ا أم

ي �ف الدخول عل أحدا وا أج�ب أنهم يحدث ولم الحسنة، والموعظة بالحكمة

سلم. والدليل عل ذلك أن بعض أقباط مرص والشام Coptic ظلوا عل دينهم الإي

هم المسلمون ذات يوم عل تركه، وكذلك عاش اليهود �ف ح�ت اليوم، ولم يج�بسلم! الإ هم أحد عل أن يج�ب سلمية دون الإ المجتمعات

سلم بقوة، كما ي لم تدخلها الجيوش؛ اعتنقت الإوبعد هذا، فإن البلد ال�ت

ق ووسط أفريقيا، و)إندونيسيا مثل 80) مليون مسلم، رغم ي جنوب آسيا، ورسش�ف

أنه لم تدخلها أية جيوش(!

الضطهاد من لون أي ول السيف، يخضعهم لم وهؤلء هؤلء، إن السيا�ي Political Persecution بل الذي أخضعهم هو القرآن الكريم -كما يقول

Arnold آرنولد وفيسور ال�ب

/ الفرنىسي الفيلسوف قاله ما الصدد، ي هذا �ف نذكر أن المناسب جدا؛ ومن

بة د كانت كلها قاهرة للنفس ومهذ محم ي ي بها الن�بي أ�ت

ف ال�ت وول�ت "Walter إن الس�فجلل. ولبساطة هذا عجاب ومنتهى الإ سلمي غاية الإ لها، وجمالها جلب للدين الإالدين، أسلمت شعوب عديدة من أمم الأرض، ح�ت زنوج أواسط إفريقيا، وسكان

جزر المحيط الهندي".

/ دانس راس E.Denison Ross عن هذه البساطة، بقوله: "لعل س�ي وقد ع�بسلمي الإ التوسع عملية ي

�ف فعالية أك�ش كان الذي العنرص سلم؛هي الإ بساطة مقارنة بسيوف الغزاة".

بعد مروا قد ف المسلم�ي أن بالسيف، سلم الإ انتشار دعوى يدحض ومما ات ضعف، لكنهم استمروا عل إسلمهم، وهذا أك�ب دليل عل انتصاراتهم بف�ت

اختيارهم. بمحض به وتمسكوا اعتنقوه، أنهم

- 184 -

الخلفة وأسقطوا سلمي، الإ العالم غزوا عندما )Tatars )التتار إن بل الفاتحون اعتنق فكيف ... دينا سلم الإ اعتنقوا ما رسعان بغداد، ي

�ف العباسية "فيليب وفيسور ال�ب كتب ذلك؛ ي

و�ف ؟! ف المغلوب�ي ف المهزوم�ي دين المنترصون ف قد حظي بالنتصار، بينما ي كتابه )تاريخ العرب( يقول: "إن دين المسلم�ي

" �ف ح�ت The Religion of Muslims Had Conquered "كانت أسلحتهم قد باءت بالفشل

.where their Arms had Failed

روا ؛ أن يستعيدوا بعضا من ذاكرتهم التاريخية، ويفك ف ين الغربي�ي إننا ندعو المف�تي إسبانيا؟

عة �ف فه أسلفهم خلل الحروب الصليبية، ومحاكم التفتيش المرو فيما اق�ت

مليون 78 عددهم بلغ الذين ف العالميت�ي ف

الحرب�ي عن ضحايا يسمعوا ألم ، أولئك الذين أبيدوا بأبشع أنواع الأسلحة، ثم ما ي

من الب�ش منهم 44 مليون مد�ف"؟ وشيما" و"ناجازاكي "ه�ي ي

�ف فعلوه

عن البوسنة والهرسك، وكوسوفا، فضل يتساءلوا عن سبب مجازر ألم وأخواتها؟ وقانا، وشاتيل، صابرا مجازر

ر بالدعاية الصهيونية، ويتساءل عن ضحايا ي المخد أل يستيقظ الضم�ي الغر�ببحق يوم كل الصهاينة فه يق�ت وما ، ف

ت�ي الأخ�ي والعراقية الأفغانية ف الحرب�ي

الأبرياء؟! ف الفلسطيني�ي

حكام أحد )Hemry de Castries ي كاس�ت دو ي )ه�ف المسيو شهادة لعل ي كتابه

- كافية للرد عل أية مزاعم من هنا أو هناك، حيث يقول �ف ف الجزائر السابق�يسلم- تأثرات ودراسات L, Islam, Impressions et Etudes(: "بعد أن دان )الإي حال جديدة أمام أهل

سلم، واستنارت قلوبهم بهذا الدين، برزوا �ف العرب للإبما منهم ائتمارا المعاملت، ي

�ف الأفكار المسالمة وحرية كافة، هو حال الأرض بعد أن دخل ي ي القرآن من الوصايا بمحاسنة الناس ... هكذا كانت تعاليم الن�ب

ورد �فإىل يضطرنا وذلك بعده، من خلفاؤه فيها أثره اقتفى وقد سلم، الإ ي

�ف العرب القول بما قاله قبلنا )روبنسون Robinson(: "إن أتباع محمد هم وحدهم الذين ي

ي دفعتهم �فف محاسنة الأجانب، ومحبة انتشار دينهم. هذه العاطفة ال�ت جمعوا ب�ي

ي طريقهم...". كوا أثرا للعسف �ف سبيل الفتح، ولم ي�ت

ف هذه الرحمة والعطف من جانب ي( ب�ي ي دو كاس�ت ثم قارن المسيو )ه�فالزبور فنقل عن تقدمته، ي

ال�ت الأديان ي �ف الحربية والروح الشدة ف سلم، وب�ي الإ

- 185 -

يمان، فإن قبلته فقد سلم بت من مدينة لتحارصها فاعرض عليها الإ قوله: )إذا اق�تقك الرب للظفر بها فاحطم د الحصار عليها، وم�ت وف كل من فيها، وإن أبت فشد

رأس كل ذكر فيها بحد الحسام(!

للأمم ف المسلم�ي محاسنة وراء من "فكان ي(: كاس�ت )دو المسيو قال ثم ، لما سبقه من ظلم ف سلم ب�عة، وعل قدر رجاله الفاتح�ي المقهورة أن انت�ش الإي ظلها. هذا وإذا

الحياة �ف الناس، وكرهوا أبغضها ي ال�ت الرومانية المملكة أباطرة

وأكرم أك�ش محاسنة، رأيناه استقراره، ف إىل ح�ي سلم للإ الأول الفتح انتقلنا من ق كله، فما عارض العرب أبدا شعائر الدين المسيحي، بل ي ال�ش معاملة لمسيح�يسلمية ... وهذه ي مختلف البلد الإ

ي مراسلة الأساقفة �فبقيت رومية نفسها حرة �ف

الديانة تأث�ي أضعفت ي ال�ت للمقهور؛ هي المنترص جانب من العظيمة المحاسنة

سلم لم يكره أحدا النرصانية جدا، ثم زالت بالمرة من شمال أفريقيا. عل أن الإما آثار القلوب عل حب واختيار، وكان هذا من بل دخل باللسان، بالسيف ول ف ي القرآن من صفات التأث�ي والأخذ بالألباب ... ولقد زادت محاسنة المسلم�ي

أودع �فأيام عليها كانوا ي

ال�ت من أهنأ حالة ي �ف صاروا ح�ت الأندلس بلد ي

�ف ف للمسيحي�ي ." ف الجرماني�ي لحكم خضوعهم

Douzi Reinhart 1820 - دوزي راينهارت الهولندي ق المست�ش ويقول ي إسبانيا(: "إن هذا الفتح لم يكن ضارا بإسبانيا،

ف �ف ي كتابه )تاريخ المسلم�ي1883 �ف

عهم بل نقلها من الهمود إىل الحياة، وقد أبقى المسلمون سكانها عل دينهم ورسشي خدمة الخلفاء،

وقضائهم، وقلدوهم بعض الوظائف ح�ت كان منهم موظفون �فانحياز الرحيمة؛ السياسة من هذه تولد وقد الجيوش، قيادة توىل منهم وكث�ي

." ، وحصل بينهم تزاوج كث�ي ف عقلء الأمة الأندلسية إىل المسلم�ي

سلم وفتوحاته ي رس انتشار الإق والغرب؛ ليتأملوا �ف أخيـرا؛ فإننا ندعو ال�ش

كا، دون أن يكون هناك ي كل قارات العالم، ومنها أوربا وأم�يالروحية إىل اليوم �ف

ي الوقت الحارصف ف �ف فتوحات عسكرية، أو أي إجبار لنتشاره، بل إن وسائل المسلم�ي

سلم الهائل ضعيفة للغاية كما هو واضح للجميع ... فما هو ال� وراء انتشار الإي مشارق الأرض ومغاربها؟!

�ف

! ف جابـة عنه -من غ�ي المسلم�ي هذا هو السـؤال المطلوب الإ

- 186 -

نبـي احلــب

ي هذه الدنيا، ورسالته ـد( هو عنوان الحب والتسامح ومكارم الأخلق �ف )محم

ي شخصه أمجاد ي هذا الوجود؛ حيث التقت �ف

هي رمز المحبة والتفاؤل والأمل �ف، وقيادتهم إىل الحق وإىل رصاط كية الب�ش ف ات جميعها وجهودها المباركة، ل�ت النبو

مستقيم؛ بما أوحاه الله إليه، وأمره بتبليغه للعالم أجمع.

وفهم سلم، الإ قرأ بعدما Hegel هيجل الفيلسوف/ ذلك أدرك وقد ء هو حب الواحد الأحد، ي

سلم يبقى قبل كل �ش مقاصده العليا، فقال: »إن الإعندما الله إىل حميمة جدية دعوة إنه تساميا، والأك�ش وتجريدا، صفاء الأك�ش الصلبة، نواته تلك هي اسمه، بذلك يوحي كما إنه سلم الحياة، عنف يعصف

الدائم«. المحبة سبيل هو الذي الرحمة، خلق تكريس حسبه

أن أكدوا وأخلقا يعة ورسش عقيدة ودرسوه سلم، الإ ي �ف بحثوا الذين إن

ف ... فقد أعد نسانية، والقدوة العظمى للناس أجمع�ي للإ )محمدا( الأسوة الحس�فأكمل لحمل وأعد وجنه، إنسه وأسوده، أحمره أجمعه: للعالم الرسالة ليحمل أن إىل الهداية شمس وليكون والرسل، الأنبياء به وليختم دين، وأكمل رسالة ل الأرض غ�ي الأرض والسماوات ... واستطاع تنفطر السماء، وتنكدر النجوم، وتبدالغنم رعاة ومن ، للب�ش قادة الحجر اد عب من يجعل أن دينه وتعاليم بدعوته

وقادة! أساتذة العبيد ومن سادة، ف المستضعف�ي ومن للأمم، زعماء

وقد أعجب به معارصوه أيما إعجاب؛ لأنهم رأوا فيه الصدق بعينه، والأمانة دينه سبيل ي

�ف وا وضح تعاليمه، وطبقوا وعمل، قول واتبعوه به، فآمنوا كلها، العابد ... الكامل نسان للإ نموذجا كانملسو هيلع هللا ىلص بأنه ووصفوه وأنفسهم، بأموالهم المتبتل ... والفارس المقاتل ... والرحيم الرفيق ... والغاضب لحرمات الله وحدوده ... والباش الهاش المداعب والمفاكه لأهله وأصحابه؛ وصول إىل مفاتيح القلوب، ي هذه الحياة وفيما وراء هذه

نسان �ف وفقه النفوس والعقول، لتحقيق سعادة الإوا(. وا ول تع� روا، وي� وا ول تنف الحياة. وكان يقول للناس: )ب�ش

ق عليها بدعوته؟ ماذا فعل )نبـي الحـب( بالدنيا عندما أرسش

- 187 -

نسانية، ي الأخوة الإلقد أزال آثار الجاهلية من نفوس الناس، وزرع مكانها معا�ف

فنهى عن سوء الظن، كما نهى عن الطمع والحسد والمباغضة، فقال )إياكم والظن؛ وأمر الجانب، ف ول�ي والتواضع الزهد عل وحض الحديث(. أكذب الظن فإن طا لدخول بالتسامح والعفو والصفح الجميل، وإفشاء السلم، وجعل ذلك رسشالجنة، ونيل رضوان الله تعاىل، فقال )لن تدخلوا الجنة ح�ت تؤمنوا، ولن تؤمنوا ء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلم بينكم(. بل ي

ح�ت تحابوا. أل أدلكم عل �ش)ل فقال خوانك، لإ والسعادة الخ�ي محبتك الصحيح؛ يمان الإ وط من رسش جعل

ه لنفسه(. يؤمن أحدكم ح�ت يحب لأخيه ما يحب

بالضعفاء يوصي وكان ف والمستضعف�ي ف بالمساك�ي رفيقا الحـب( )نبـي كان بضعفائكم«. وتنرصون ترزقون فإنما الضعفاء؛ ي

»ابغو�ف لأصحابه ويقولملسو هيلع هللا ىلص ومع خادمه. مع أكل من استك�ب فما ... والفقراء الخدم عل ع ف ال�ت يذم وكان نا نا ويعرف حق كب�ي رحمته بالصغ�ي كان ل ينىس حق الكب�ي »من لم يرحم صغ�ي

ف مرة(. ي كل يوم سبع�يا سألوه: كم نعفو عن الخادم؟ قال: )�ف فليس منا«. ولم

ي كتابه: / أندرا وليامز Williams Andhra �ف وقد ذكر ذلك الباحث الأمريكي

د إىل أخوة جديدة, أخوة المسلم ي البلد العربية« فقال : »لقد دعا محم»أمريكي �ف

ا أو مملوكا إل بالعمل الصالح«. ف أول وآخر, سواء كان أم�ي لأخيه المسلم, ل فرق ب�ي

ف / ستانلي ل�ي ق الأمريكي وقد أكد هذا الجانب أيضا ـ جانب الرحمة - المست�شد« الذي ترجم مؤخرا إىل العربية، ي كتابه »أقوال محم

بول Stanleylane Poole- �فويجيب ، الفق�ي ويزور المريض، يعود شفيقا، رءوفا محمد »كان فيه: يقول إذ س، نشأ مقد ي دعوات العبيد الأرقاء، وقد كان يصلح ثيابه بيده، فهو إذن لشك ن�ب

يتيما معوزا ح�ت صار فاتحا عظيما«.

كان )نبـي الحـب( عطوفا يرأم من حوله ويودهم، ويدوم لهم عل المودة ي سجل

من سن وعرق ومقام. فليس �ف بينه وبينهم ما تفاوت طول حياته، وإن نسانية أجمل ول أكرم من حنانه عل مرضعته حليمة، فمن حفاوته بها -وقد الإ

ـي! ويفرش لها رداءه لتجلس عليه! ـي! أم - يلقاها هاتفا بها: أم ف جاوز الأربع�ي

إىل جانب ذلك؛ كان من أضحك الناس وأطيبهم نفسا، وقد اتسع عطفه فلم يقترص عل الب�ش فقط، فالحيوانـ أيضا - كان له نصيب من هذا العطف والحنان، ف »إذا ركبتم الدواب فأعطوها ب، وأوص المسلم�ي ناء للهرة لت�ش ي الإ فكان يصف

- 188 -

«. وكرر الوصاية بها، فقال: »اتقوا الله ف حظها من المنازل ول تكونوا عليها شياط�يالرفق ي

�ف وصاياه ومن وكلوها صالحة«. فاركبوها صالحة المعجمة، البهائم ي �ف

ء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا يحسان عل كل �ش بالحيوان: ›إن الله كتب الإ

ح ذبيحته‹. بل ح�ت الجماد بحة، وليحد أحدكم شفرته، ول�ي ذبحتم فأحسنوا الذه وعطفه وشفقته! كذلك له حظ من ود

)يوم أرساهم رساح أطلق فقد أعدائه، وألد خصومه مع تسامحه إىل وانظر بدر(! وعفا عنهم جميعا )يوم فتح مكة( وقال: »اذهبوا فأنتم الطلقاء«. ثم دعا لهم، فقال: »اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم ل يعلمون«! وعندما طلب منه أصحابه أن يدعو عل انا، وإنما بعثت رحمة«. ي لم أبعث لع

، عندما اشتد بهم الأذى، قال لهم : »إ�ف ف ك�ي الم�ش

ق الحب( هو الذي دفع المست�ش ي ق من )ن�ب ولعل خلق التسامح الذي كان يتدفد« الذي يعد / واشنجتون إرفنج W.Irving إىل تأليف كتابه »حياة محم الأمريكيقون, كما ألف عدة كتب أخرى ي كتبها المست�ش

اجم ال�ت من أو�ف وأدق وأصدق ال�ت« الصادر ي العر�ب ي ة الن�ب سلم ورحمته، منها: كتاب »س�ي تتمحور حول سماحة الإي كتابه "حياة

عام 1849 وكتاب "فتح غرناطة" الصادر عام 1859 قال إرفنج �فف وأعظم الرسل الذين بعثهم الله ليدعو الناس د خاتم النبي�ي د«: »كان محم محمإىل عبادة الله ... كانت طباع الرسول هادئة متلئمة، وكانت جميع ترصفات الرسول ي أعقاب فتح مكة تؤكد عل

تدل عل رحمة عظيمة، وسعة أفق، وكانت ترصفاته �فبرغم متناهية، أبدى رحمة وشفقة فقد مظفر. قائد أنه مرسل، ل عل ي ن�ب أنه ج انتصاره بالرحمة والعفو. فانتصارات الرسول ي مركز قوي, ولكنه تو

أنه أصبح �فسلم، ل من أجل ياءه, فقد كان يحارب من أجل الإ د العسكرية لم ت�ش ك�ب محمي أوج مجده حافظ الرسول عل بساطته وتواضعه, فكان

مصلحة شخصية, وح�ت �فحيب به. وإن كان قد ي ال�ت

أو يبالغوا �ف يكره إذا دخل عل جماعة أن يقوموا له، بالعدل, ولم ي حكم فيها

ال�ت سلم الإ فإنها دولة هدف إىل تكوين دولة عظيمة, يفكر أن يجعل الحكم فيها وراثيا لأرسته«.

ي حققت فوز د ال�ت ي موضع آخر: »إن من أبرز صفات محم

ويقول إرفنـج �فهذا ي

�ف د كمحم رجل التاريخ ي �ف نعرف ولسنا خصومه، مع تسامحه سلم؛ الإ

ف ي أمثالها ينكلون بمن كانوا معارض�يي أوقات كان الزعماء �ف

المضمار، لقد تسامح �فق له سيادة د مع خصومه ومع معارضيه؛ حق لهم تنكيل بشعا، ولكن تسامح محم

وتفوقا عل كل الزعماء ع�ب القرون«.

- 189 -

الحضارة -أصحاب يفعل كما الحب( ي )ن�ب يفعل فلم إرفنـج! تكلم هكذا واغتصاب يد وت�ش قتل من الحديثة الحروب ي

�ف نسان- الإ حقوق ودعاة الغربية، ! ف ي فلسط�ي

وهدم للمنازل، وحرق للمحلت والمتاجر، وكما يفعل الصهاينة الآن �ففعل كما أو والهرسك، البوسنة ي

�ف الأبرياء والأطفال بالنساء الرصب فعل كما أو ف ف ألفا من المسلم�ي الفرنجة أثناء الحروب الصليبية، حينما قتلوا ما يزيد عل سبعـ�يStephen Rins- ـ كما ذكر ستيفن رنسيمان الأبرياء الذين احتموا بالمسجد الأق�ي

ي كتابه »تاريخ الحروب الصليبية«! أو كما يقول غوستاف لوبون G.Lebon �فman �ف

ف رافقوا الحملة الصليبية العربية( نقل عن روايات رهبان ومؤرخ�ي كتابه )الحضارة ي

ي سالت �فال�ت ف المسلم�ي ي دمـاء

الفرنجة تخوض �ف ركب خيول )كانت : القدس عل ف كما ف أن يشووا أطفال المسلم�ي فيه لدى الصليبي�ي الشوارع، وقد كان من وسائل ال�تا مسلما تشوى النعاج. وإن »ريتشارد قلب الأسد« عند احتلله لعـكا؛ ذبح 2700 أس�يي حامية عكا، وقد لقيت زوجات وأطفال الأرسى مرصعهم إىل جوارهم(!

الذين كانوا �ف

ف الناس، مهما اختلفت ألوانهم ق )نبـي الحـب( ليشيع خلق التسامح ب�ي أرسشلأهل الرسول معاملة ي

�ف السماحة هذه تجلت وقد ومعتقداتهم، وأجناسهم الكتاب يهودا كانوا أو نصارى، فقد كان يزورهم ويكرمهم، ويحسن إليهم، ويعود ا قدموا عل مرضاهم، ويأخذ منهم ويعطيهم. ح�ت إن وفد )نصارى نجران( لمالرسولملسو هيلع هللا ىلص بعد العرص بمسجده بالمدينة، وكان وقت صلتهم، فقاموا يصلون فاستقبلوا »دعوهم«! : الحبملسو هيلع هللا ىلص ي ن�ب فقال منعهم، الناس فأراد مسجده، ي

�ف، واستعان ف ملسو هيلع هللا ىلص الهدايا من غ�ي المسلم�ي ي ق فصلوا صلتهم. كما قبل الن�ب الم�شا ، حيث ضمن ولءهم له، ولم يخش منهم رسش ف ي سلمه وحربه بغ�ي المسلم�ي

�فع عل ليوز ا قحطوا لم الحبملسو هيلع هللا ىلص( بعث إىل أهل مكة مال ي )ن�ب إن بل كيدا. ول

فقرائهم، هذا عل الرغم مما قاساه منهم من العنت والأذى هو وأصحابه!

ولم ل؟ أليس هو القائل : )إنما أنا رحمة مهداة(. ومن جميل هديه ومحبته بالله سألكم ومن فأعيذوه، بالله استعاذكم )من قائل: ينصح، كان أنه للناس، فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا

ما تكافئونه فادعوا له؛ ح�ت تروا أنكم قد كافأتموه(.

التعامل، ي �ف والصدق الآمنة، الحياة توف�ي عل الحب( ي )ن�ب حث كذلك

، فقال: )من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت ف والعدل والسلم مع غ�ي المسلم�يخصمه خصمته يوم القيامة(. وقال أيضا: )من ظلم معاهدا، أو انتقص حقه، أو

- 190 -

كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغ�ي طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة(. الشعب. ف لمساك�ي ي

)يق�ف : كالتاىلي )7( )المزمور ي �ف د« »محم وصف جاء لذلك

.).. السلم الصدق ويك�ش أيامه ي �ف ق

وي�ش الظالم. ويسحق

بقوة الحياة تواجه ي ال�ت يجابية الإ الشخصية ي �ب ل�ي الحـب( )نبـي ق أرسش

ي تحمل عبء ي الصحيح؛ ال�ت

يما�ف وحكمة، ويخلق الشخصية المنسجمة مع الخط الإي ذلك )خ�ي الناس أنفعهم للناس(. وقد

ي سبيل الله عل أكتافها، فيقول �فالعمل �ف

George Toldes تولدز جورج دي الأمريكي ق المست�ش الجانب ي هذا �ف تحدث

ي الحديث عن فضل الرسولملسو هيلع هللا ىلص 1815-1897 صاحب كتاب »الحياة« وأسهب �ف

يمانية، فقال: »إن من الظلم عل العرب حيث نقلهم من الهمجية إىل المدنية الإد والعرب عل ما علمنا عنهم من التوحش قبل بعثته، الفادح أن نغمط حق محمسلمية من النور ثم كيف تبدلت الحالة بعد إعلن نبوته، وما أوردته الديانة الإي بعثة

ف من الذين اعتنقوها بكل شوق وإعجاب. لذا؛ فإن الشك �ف ي قلوب الملي�ي�ف

ي تشمل الكائنات جمعاء«.لهية ال�ت ي القدرة الإ

محمد، إنما هو شك �ف

الحب( ليمحو آثار الجهل الذي ران عل العقول والقلوب، ويدعو ي ق )ن�ب أرسشي آيات

ي للنظر والتأمل والتفكر �ف إىل العلم والمعرفة، ويفتح نوافذ العقل الب�شي الأنفس والآفاق.

الله �ف

، ورفع ينسا�ف سلم هو الدين الوحيد الذي أعل من شأن العقل الإ ولعل الإ

خالقه، نسان الإ يعرف وبه والمسئولية، التكليف مناط هو فالعقل مكانته. من الخالق. وعظمة الخلق، أرسار ويدرك

ي الكون، نسان؛ يخاطب عقله، ويحثه عل النظر �ف ي خطابه للإ

كما أن القرآن �في

ية، وعمارة الأرض ماديا ومعنويا، وليس �ف والتأمل فيه، ودراسته من أجل خ�ي الب�شء يناقض العقل، أو يصادم الفكر السليم، أو يتعارض مع حقائق العلم. ي

سلم �ش الإ

ي كتابه / سنكس Sinkth 1883-1831 �ف وقد أكد هذه الحقيقة المفكر الأمريكي

ف سنة، وكانت د بعد المسيح بخمسمائة وسبع�ي )ديانة العرب( إذ يقول: »ظهر محمي العالم،

ا جدا �ف سلمية؛ أحدثت رقيا كب�ي ، وإن الرؤية الإ وظيفته ترقية عقول الب�شف يدي ي كانت تأرسه حول الهياكل ب�ي

ي من قيوده الثقيلة ال�تنسا�ف وخلصت العقل الإ

ي المعابد، وإبطاله كل تمثيل لذات ان. ولقد توصل محمد بمحوه كل صورة �ف الكه

ي من عقيدة التجسيد الغليظة«. نسا�ف الخالق المطلق، إىل تخليص الفكر الإ

- 191 -

ي المقابل- ورة استخدام عقله؛ عاب –�ف نسان رصف سلم من الإ وكما طلب الإ

دراكية، وعل رأسها العقل من أداء وظائفها. واعت�ب عل الذين يعطلون قواهم الإهؤلء أناسا قد تخلوا عن إنسانيتهم، فيقول: ﴿ لهم قلوب ل يفقهون بها ولهم نعام بل هم أضل ﴾ ون بها ولهم آذان ل يسمعون بها أولئك كالأ ل يبص ف أع�ي]الأعراف : 79)[. كما جعل القرآن عدم استخدام العقل ذنبا من الذنوب، ولذلك ي أصحاب

ا نسمع أو نعقل ما كنا �ف يقول عن الكفار يوم القيامة ﴿ وقالوا لو كنفوا بذنبهم ﴾ ]الملك : ))-0)[.

. فاع�ت ع�ي الس

نسان إىل أن الله قد سخر له هذا الكون كله، وأن سلم يلفت نظر الإ بل إن الإنسان وعمارة الأرض ء؛ من أجل خ�ي الإ ي

ي توظيف كل �شواجبه أن يستخدم عقله �ف

يات لقوم ي ذلك لآ نه إن �ف رض جميعا م ي الأ

موات وما �ف ي الس ا �ف ر لكم م ﴿ وسخ

رون ﴾ ]الجاثية :3)[. يتفك

سلم؛ فهي ملزمة للمسلم فيما يتصل بالأصول ي الإا النصوص الدينية �ف أم

ي أمور الدنيا، وهذا ما أشار يعات الدينية، ولكن المسلم له حرية الجتهاد �ف والت�ش

ي قوله : »أنتم أعلم بأمور دنياكم«. فمساحة حرية الفكر والبحث الكريم �ف ي إليه الن�ب

سلم مساحة واسعة ومكفولة للمسلم. وقد روي عن الرسول الأكرم ي الإالعلمي �ف

أنه قال : »طلب العلم فريضة عىل كل مسلم«.

ية ي صالح الب�شفل حجر عل عقل ول عل فكر إطلقا، مادام ذلك يصب �ف

طويلة، قرونا ية الب�ش عقول عطلت ي ال�ت )الكنيسة( بخلف وذلك وسعادتها،

عدام، كما حدث مع جالليو Galileo بل حاربت وحكمت عل العلماء بالشنق والإتحمل الآراء هذه كانت إذا خاصة ، التعب�ي وحرية الفكر، وحرية الرأي، حرية ي هذه الحالة إىل طرد الكتاب

سلم ونبيه الكريم، بل وصل بها الأمر –�ف إنصافا للإف من رحمة الكنيسة، وحرمانهم من أية صكوك غفران إىل الأبد! كما فعلوا والمبدع�يضده، السلطات بتحريض الكنيسة قامت عندما Bernard Shaw برناردشو مع !) Mohammad Greatest of the Prophets د أعظم الرسل وحرق كتابه )محمد( محم ي الن�ب )حكم كتابه بسبب البابا، رحمة من Tolstoi توليستوي حرم كما موا خدمات جليلة ف الذين قد الذي أكد فيه أن )محمدا( أعظم الأنبياء المصلح�ي

! ف ق�ي اءات غلة المست�ش ية، ورد فيه عل اف�ت للب�ش

الذي ي الدي�ف التطرف بعد والوسطية العتدال ليقيم الحب( ي )ن�ب ق أرسش

ف خالفوا الفطرة بتحريم ما أحل الله لهم، وبإقبالهم عل وقع فيه اليهود، ح�ي

- 192 -

ف خالفوا الدنيا وأكل الأموال بالباطل، وكذلك التطرف الذي وقع فيه النصارى ح�يد الفطرة بفرض رهبانهم التبتل عل أنفسهم والنقطاع الكامل للعبادة. فالتشدين، بل عل العكس، إنما يرجع إىل التصور الخاطئ أو التطرف ل يرجع إىل الدين قد ينسلخ منه ي الد

د �ف الحب( إىل أن المتشد ي ه )ن�ب أو المنقوص للدين. وقد نبتماما نتيجة عدم الفهم الصحيح له. وقد عاب عل النفر الذين أرادوا أن ينقطعوا عن الدنيا، بحيث تصبح حياتهم )صلة وصياما ورهبنة( فقط، رد عليهم قائل: الليل وأنام، ي لأصوم وأفطر، وأصلي من

بالله، وأخشاكم لله، وإ�ف )أنا أعلمكم .) ي

ي فليس م�فوأتزوج النساء، فمن رغب عن سن�ت

، ف الحب( ليشيع ثقافة التسامح، واعتماد مبدأ الحوار مع المخالف�ي ي ق )ن�ب أرسشية ن الب�ش

وإقرار التعددية أو التنوع، باعتبارها ظاهرة طبيعية، وسنة كونية ... لأكلها باختلف أجناسها وألوانها ولغاتها وأقاليمها وطبقاتها هي أرسة واحدة، تنتمي ي )ن�ب أعلن وقد واحد، أب إىل النسب ومن جهة واحد، إىل رب الخلق من جهة ة حج ي

�ف الحاشدة الجموع أمام ية- الب�ش الأرسة -وحدة الحقيقة هذه الحب( الوداع، قائل: »يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم ي إل بالتقوى، إن أكرمكم عل عجمي، ول لعجمي عل عر�ب ي من تراب، ل فضل لعر�ب

عند الله أتقاكم«.

ملسو هيلع هللا ىلص مروا عليه بجنازة، فقام لها واقفا، إكراما للميت، فقال ي وقد ورد أن الن�بله الصحابة: يا رسول الله؛ إنها جنازة يهودي! فقالملسو هيلع هللا ىلص : »أليست نفسا؟!«. فما دي، وما أروع التفس�ي والتعليل؛ »أليست نفسا؟!« بل! إنها أروع الموقف المحمسلم حرمة ومكانة ... وهذا عل الرغم مما وقع ي الإ

نفس إنسانية، ولكل نفس �فة للرسول ولأصحابه. ساءات الكث�ي من اليهود من الإ

وح�ت يزيل الكراهية من صدور الناس؛ كان يوصي بقوله: ›لتحاسدوا، ول تناجشوا، ول تباغضوا، ول تدابروا، ول يبع بعضكم عل بيع بعض، وكونوا عباد

الله إخوانا«.

- 193 -

عظمـة التشيع اإلسـامي سلم كانت فع من شأن المرأة، خاصة أنه عندما جاء الإ الحب( ل�ي ي ق )ن�ب أرسشم أو ي ظلها سيئة للغاية، فلم يكن لها حقوق تح�ت

ي تعيش المرأة �فالأوضاع ال�ت

رأي يسمع، فانتشلها من هذه الأوضاع السيئة، وأعل مكانتها، ورفع عنها الكث�ي من الظلم الذي كانت تتعرض له، وجعلها تشعر بكيانها كإنسان مثل الرجل سواء الجنة ي

�ف آدم إغواء تهمة عنها وأسقط وعة، الم�ش حقوقها لها وضمن بسواء، أن الشيطان هو ف كما يقول العهد القديم- وب�ي ـ ي العالم

بوصفها أصل ال�ش �فيطان عنها فأخرجهما الذي أغوى آدم وحواء معا، كما يقول القرآن: ﴿ أزلهما الش

ا كانا فيه ﴾ ]البقرة : 36[. مم

سلم؛ أن الناس جميعا رجال ونساء قد خلقوا من نفس واحدة، ر الإ وقرة عل ف م�ي منهما ي

لأ وليس ، ينسا�ف الإ العتبار ي

�ف تماما متساويان المرأة والرجل ي

ي قوله: [ولقد كرمنا ب�فنسان �ف ي منحها الله للإ

ي هذا الصدد. والكرامة ال�تالآخر �ف

آدم] هي كرامة للرجل والمرأة عل السواء.

»النساء شقائق بقوله: والمرأة الرجل ف ب�ي العلقة الحب( ي )ن�ب كما وصف مدى فيه »شقائق« بكلمة والوصف بالمعروف«. عليهن الذي مثل لهن الرجال العمل ي

�ف إل بينهما الله سواء ل فرق أمام والنساء والرجال والندية. المساواة : [بعضكم من بعض] يدل عل أن ي

مه كل منهما. والتعب�ي القرآ�ف الصالح الذي يقدل للآخر، وأن الحياة ل يمكن أن تستقر دون مشاركتهما معا. منهما مكم كل

التعليم، بل وفرضه عليها، بقوله: »طلب الحب( المرأة إىل ي وقد دعا )ن�بالعلم فريضة عل كل مسلم ومسلمة«. كما كفل لها حق العمل، ول يوجد نص ي مختلف مجالت

سلم يحرمها منه، وقد عملت النساء المسلمات �ف ي الإواحد �ف

سلم حفظ للمرأة ذمة مالية مستقلة عن ذمة العمل، ومما يدل عل ذلك؛ أن الإي العمل.

ف أجر المرأة وأجر الرجل �ف ق ب�ي سلم ل يفر الرجل، ومما يلحظ أن الإ

ي الناحية القتصادية، سلم للمرأة استقللها التام عن الرجل �ف كذلك؛ منح الإ

اء والهبة والستثمار ...إلخ. ي الترصف فيما تملك بالبيع وال�شفلها مطلق الحرية �ف

من ه لغ�ي لزوجها ول وليس الترصف، أهلية لها دامت ما الرجل من إذن دون أقاربها من الرجال أن يأخذ من مالها شيئا إل بإذنها.

- 194 -

أيضا، ل يجوز للرجل ـ ح�ت ولو كان الأب ـ أن يج�ب ابنته عل الزواج من بموافقتها وبرضاها. يكون أن فالزواج لبد توافق عليه، رجل ل

ي تربية الأطفال، ول يعقل أن تستقيم حياة أرسة دون يكة للرجل �ف والمرأة رسش

، وإل اختلت موازين الأرسة وانعكس ذلك سلبا عل ف مشاركة إيجابية من الطرف�يكة، ملسو هيلع هللا ىلص كل من الرجل والمرأة هذه المسئولية المش�ت ي ل الن�ب الأطفال. وقد حم

فقال: »كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته«.

ي الحياة، ول وعة �ف أيضا، ل يجوز للرجل أن يمنع المرأة من حقوقها الم�ش

دد عل المسجد للعبادة. والمرأة المسلمة إذا تزوجت يجوز له أن يمنعها من ال�تي الغرب!

تظل محتفظة باسمها بعد الزواج، ول تأخذ اسم زوجها، كما يحدث �ف

ي الدولة ما دامت مؤهلة لذلك، فل ي مناصب مهمة �ف ول تمنع المرأة من توىل

ي كانت م ذلك، بل إنه أشار إىل ملكة سبأ، ال�ت يتضمن القرآن الكريم آية واحدة تحر

ي الدولة. ومن الثابت؛ أن عمر بن الخطاب أعطى ولية الحسبة تتوىل أعل مناصب �ف

ي المدينة( للشفاء بنت عبد الله المخزومية ... اف عل السوق التجاري �ف رسش )وهي الإ

ة والرصامة. ي تتطلب الخ�بمع أن هذه الوظيفة من الوظائف الدينية والمدنية؛ ال�ت

- 195 -

حكمة تعـدد الزوجـات سلم )ديـن الحـب( ليضع ضوابط ومعاي�ي لمسائل الزواج والطلق جاء الإي القرآن الكريم

سلم أنه ل يدعو إىل التعدد، ح�ت إنه لم يرد �ف ي الإ... فالأصل �ف

ف ي ترب�يسوى نص واحد، يبيح تعدد الزوجات، وهذا النص متعلق باليتيمات الل�أ

ره القرآن من ظلمهن إذا تزوج منهن، والأفضل له حينئذ أن ي كفالة الرجل، فيحذ�ف

ط أن يحقق بينهن العدالة، فإن لم هن من يشاء ح�ت أربع، لكن ب�ش وج من غ�ي ف ي�تي

يستطع فعليه الكتفاء بواحدة، تقول الآية الكريمة: ﴿ وإن خفتم أل تقسطوا �ف وثالث ورباع فإن خفتم أل تعدلوا ن النساء مث�ف اليتامى فانكحوا ما طاب لكم مي موضع آخر إىل أن توافر العدالة

فواحدة ﴾ ]النساء : 3[. وقد نبه القرآن الكريم �فولن ي يستحيل تحقيقها، تقول الآية: ﴿

ي التعدد- من الأمور ال�تط �ف ي هي رسش

-ال�ت النساء ولو حرصتم ﴾ ]النساء : 9))[. ف تستطيعوا أن تعدلوا ب�ي

سلم هو الزواج بواحدة، وأن التعدد إنما هو ي الإوهكذا نرى أن الأصل �ف

كما ... معينة تتطلبها ظروف خاصة حالت يعالج أن سلم الإ به أراد استثناء؛ نسبة ارتفاع أو الحروب، ي

�ف الرجال ة من كب�ي أعداد فقد ي حالة �ف أحيانا يحدث

ي بعض المجتمعات. كما أن هناك حالت إنسانية تتطلب قدرا من وفاء العنوسة �ف

ي الزوج لزوجته، فل يطلقها إذا كانت عقيما، أو مريضة مرضا مزمنا، إنما يبقيها �ف

عصمته ورعايته مع الزواج من أخرى.

يعة سماوية نزلت وليس من المنطق أن يحتج الغربيون بعاداتهم عل رسشي مجتمع بعينه،

ي كل المجتمعات وليس �فللناس جميعا، وهي صالحة للتطبيق �ف

كذلك فهي موجهة لكل الأزمان وليس لعرص بعينه.

)سفر ي �ف جاء فقد بالتعدد، تسمح القديم( )العهد مو� يعة رسش إن بل

تزوج وقد وهاجر«. سارة الأقل- -عل زوجتان براهيم لإ »وكان )(6:( التكوين ؛ ف ات ملك اليم�ي ي وقت واحد )تكوين 3) : 30( كما كان له كث�ي

ف �ف يعقوب بأخت�ي

هن إماء زوجاته )تكوين 30/ 9-4(. ول ننىس حالة داود وسليمان »وقد اتخذ داود ف وبنات« ون« وولدن له بن�ي أيضا نساء ورساري بأورشليم بعد رحيله من »هي�ب)صموئيل 9)/5( »ولقد أحب الملك سليمان ابنة فرعون بشغف، وكان له عدد كب�ي من النساء الأجنبيات ... وقد كان له سبعمائة زوجة وثلثمائة أمة« )الملوك 3-)/))(.

- 196 -

ائع السابقة، بينما يحسب التعدد القليل ي ال�شفكيف ل يحسب هذا التعدد �ف

سلم فقط؟! ي الإ�ف

ي كتبها ال�ت الأناجيل الزوجات، ح�ت أباحت تعدد السابقة؛ الديانات فجميع

تلمذة عيىس عليه السلم ل نجد فيها حظرا عل التعدد. وإن التحريم الذي وقع يعا مدنيا ل دينيا، أو كان كنسيا يعتمد عل الجتهاد ل عل النص. بعد ذلك كان ت�ش

ه. لذلك؛ أباح التعدد باباوات روما لملوك أوربا كشارلمان »ملك فرنسا«، وغ�ي

والعجيب حقا، أن رفض الغرب لتعدد الزوجات؛ لم يمنع الرجل عندهم العلقات معهن يمارس زوجته، جانب إىل جسد وبائعة عشيقة ألف اتخاذ من ي كل الأديان.

عي، وهذا يعد زنا وفاحشة محرمة �ف الخاطئة خارج إطار الزواج ال�ش

ال�ور يملؤه وأفعاله؛ أقواله ي �ف الحب( ي )ن�ب ة س�ي يتتبع من أن جرم ل

يمانية ... إنه يجعلك والتفاؤل، ويغمره الحب والأمل، وتظلله السعادة والبهجة الإنسان والحيوان والنبات ح�ت الجماد! كما يدعوك إىل ء حولك من الإ ي

محبا لكل �ش الرحيم، وأن تحب ملئكته، وكتبه، ورسله، وتحب سائر عباده أن تحب ربك ال�بنسانية جميعا، بل تحب الحياة وما فيها. وهنا تتحقق يقينا ، وتحب الإ ف الصالح�يي مشتهى كل الأمم(.

ي: )... وأزلزل كل الأمم. ويأ�ت ي سفر حجي وردت �ف

النبوءة ال�ت

- 197 -

رســول احلريـة

اء طاعة سلم - أباحت الرق Slavery وألزمت الأرق جميـع الأديان ـ قبل الإالرق، ت أقر والمسيحية اليهودية ح�ت ذويهم، وخدمة خدمتهم ي

�ف سادتهم ولم يحاول اليهود أو النصارى تحرير الرقيق، بل جعلوا استمرار الرق، واستعباد يعة باقية إىل أن يرث الله الأرض ومن عليها. فكان اليهود الأرقاء أساسا دينيا، ورسشف تعجز الجمال والحم�ي عن يعاملون العبيد كمعاملة البهائم، ويستعملونهم ح�يب ي العام، ويجوز معاقبة العبد بالرصف

حمل الأثقال. وللعبد راحة سبعة أسابيع �فخرق أو وسهم ورصف أسنانهم خلع أو أوصالهم، تقطيع ويجوز الموت، ح�ت الحرية أن يطلب إىل أصل إرسائيلي ينتمي الذي للعبد عيونهم كعقوبات. وكان

بعد سنوات من الرق المستمر، وبل عمل خاطئ أو جريمة.

ي غ�ي الحروب كان يؤ�ت بهم وكان أهم مصدر للرقيق هم أرسى الحروب. و�ف

ي الدولة السامية، ومنها اء، فكانت أسواق الرقيق عل نطاق واسع �ف عن طريق ال�ش

انية، وكان أبناء العبيد ملك سادة آبائهم. الع�ب

نجيل عبارة الإ ي مما سبقه؛ فليس �ف المسيحي أحسن حال العرص يكن ولم

ي تعاليم الكنائس رصيحة عن مقت الرق أو الحض عل فك الرقاب، ول توجد �ف

وتستانتية، ما يفيد برصيح العبارة المختلفة، سواء اليونانية أو الكاثوليكية أو ال�بالعبيد. بتحرير الرق والمطالبة استنكار

ي خوف وخشية كما ي نداء بولس إىل العبيد )أن يطيعوا سادتهم �ف

وقد جاء �في أول تعاليم تيموتيه Timothe’e وهو رفيق بولس، يقول:

يطيعوا المسيح(. و�فالسادة وناشد ام( واح�ت بإجلل سادتهم إىل ينظروا أن العبيد عل يجب )إنه بـ)أن العبيد مطالبة تيطس إىل أقواله ومن بعبيدهم. يرفقوا بأن ف المسيحي�ي

.) الأك�ب المخلص تعاليم سادتهم حسب يعملوا عل سعادة

ف عل العبد أن يطيع سادته بكل إخلص ويقول القديس باريل Barile )يتع�يتمجيدا لله(.

- 198 -

وحسب تعاليم القديس كريستوم Chrystome إن العبد الذي يطيع سيده ي الله. والقديس إجناس Ignace مطران أنطاكية يدعو عبيد

ويخدمه بإخلص يرصفالكنيسة أن يخدموا بحماس وإخلص، ح�ت يحوزوا رضاء الرب.

المسيحي العبد )إن Isidore De peluse البليىسي ازيدور القديس ويقول يجب أن يظل عبدا، وإذا منحت له الحرية، عليه أل يقبلها، لأن خدمة العبد عل المسيحية إن Tertullien تورتليان ويقول السماء(. ي

�ف للسيد الأرض هي خدمة الأمانة. الرقيق تستوجب من الحقة

وقد أرسل القديس برنارد Bernard إىل الكاهن موليم Mole’m يوكل إليه تأديب عبيد الكنيسة.

ي الرقيق، عن فكرة المسيحية �ف ف Augustin فإنه يع�ب ا القديس أوغسط�ي أم

ور، والعبودية عقاب عل ارتكاب ال�ش نسان تثقل كاهله بال�ش ور الإ فيقول )إن رسش... ولهذا دعا القديس بطرس العبيد إىل طاعة سادتهم بكل إخلص وبرغبة أكيدة ي

ا كانوا ل يستطيعون العودة إىل الحرية فعليهم أن ينشدوا هذه الحرية �ف ... ولمي العمل، ح�ت تنتهي آجالهم(.

خلص �ف الإ

ت الطبيعة خص )إن Thomas D’aquine ي الأكوي�ف توماس القديس ويقول

قوما(. بالرق

- يرى مسيو بوفي�ي Bouive’r مطران مانز وح�ت وقت متأخر -القرن التاسع ع�شوعة، وقد أقر هذا الرأي ي كتابه »الفتاوى اللهوتية« أن الرق تجارة م�ش

Du Mans �في كتابه »العدالة والقانون«.

ي Abbe Fourdiner رئيس دير الروح المقدس �فالأب فوردي�ف

Abbe ولعل أول من تعرض لموضوع الرق برؤية إنسانية هو الأب بوتانائع« طـ 1860 صـ 89 إذ يقول: )إن الرق قد يكون ي كتابه »فلسفة ال�ش

Bautin �فف

ي الحالت�يي مجتمع آخر، ولكنه �ف

ي مجتمع ومقبول، وقد يكون مستنكرا �فمستساغا �ف

عي، وإنه لأمر مث�ي للعواطف أن يقال إن إنسانا هو عبد(. رسش

الرقيق إىل تنظر ها- ودسات�ي ائعها، ورسش بمعتقداتها، ية الب�ش كانت هكذا نظرة دونية، وتعاملهم دون معاملة البهائم، بذلة ومهانة ما بعدها ذلة ومهانة!

سار عن ع الرق، بل جعل فك الإ ع العتق ولم ي�ش سالم( رسش ا جاء )الإ فلمين سلم هو الد الأرسى فريضة من فرائض التكف�ي عن الذنوب ... وبذلك يكون الإ

- 199 -

عة لم يسبقه إليها دين من الأديان، وإن الحضارة اء رسش ع للأرق الوحيد الذي رسشالمزام�ي ت ب�ش وقد الأرقاء. لجميع إنصافه ي

�ف سلم الإ شأو تدرك لم الغربية لأنه ....( قوله: ) ف والسبع�ي ي

الثا�ف )المزمور ي �ف فجاء دملسو هيلع هللا ىلص محم الحرية برسول

ي ، وينج ف ن هو أقوى منه، ويرأف بالضعفاء والمساك�ي يخلص المضطهد البائس ممأنفسهم من الرصف والضيم، وتعز عليه دماؤهم(.

نسان، والقضاء الإ سلمملسو هيلع هللا ىلص دعوة لحرية الإ كانت دعوة رسول لقد نعم؛ نسانية وجعلها من دلئل تكريم الخالق ، فقرر الحرية الإ عل عبودية الب�ش للب�شمنافذ ع ووس قاق الس�ت مصادر فضيق للعبيد، خاصا اهتماما وأوىل نسان، للإبهم وأعل شأنهم، فقال: »سلمان ي تحرير العبيد، وقر

الناس �ف ب التحرير، ورغيوم النار نفسه من عذاب أعتق فإنما عبدا؛ أعتق من أن البيت«. وأخ�ب آل ا منكلمات آخر فكانت الموت! سكرات ي

�ف وهو ا، خ�ي بالعبيد يوصي وظل القيامة. ا، الذي احتضنهم حي أيمانكم(. فهو )الصلة الصلة، وما ملكت الحرية: رسول

ر. ا، فكان خ�ي معلم لهم وخ�ي أب وخ�ي محر وأوص بهم عند مماته خ�ي

سلم ف عند جوهر رسالة الإ ولقد وقف الكث�ي من المفكرين والفلسفة الغربي�يية كلها من نسان، وتحرير الب�ش نسان من عبودية الإ ي جاءت لتحرير الإ

الخالدة ال�تسلم، ومن ثم ك والفوصف والعنف والتوحش الذي كان سائدا قبل مجيء الإ ال�شية بأرسها، لأنها رسالة للتحرر والنعتاق ملسو هيلع هللا ىلص كرسالة للب�ش ي نظروا إىل رسالة الن�ب Pawell ف / باول شم�ت ي

ق الألما�ف وتكس�ي قيود الظلم والهوان؛ من هؤلء المست�شجاهدت »لقد العالمية«: الغد قوة سلم »الإ كتابه: ي

�ف يقول الذي Shimtesـ نسان, اه علماء القانون والسياسة؛ الحقوق الطبيعية للإ ا لتضع ما سم ية كث�ي الب�شة بحج يعرف فيما مكة ي

�ف حاجا وقف عندما وبساطة بعفوية د محم فعلها لقد اء الحلل، والمساواة ي الحياة والتدين والحرية وال�ش

نسان �ف الوداع، وقرر حق الإوحرمة الدم والعرض والكرامة«.

ق الأمريكي إدوارد رمىسي Edourd Remsy )جاء ويؤكد ذلك، قول المست�شغ ف محمد للعالم برسالة الواحد القهار، ليخرج الناس من الظلمات إىل النور، ف�بالعظيم المصلح يد فيه أعادت الذي اليوم ي

الأفق، و�ف ي �ف يرى كان فجر جديد

محمد ما فقد من العدل والحرية أ�ت الوحي من عند الله إىل رسول كريم، ففتحت كانوا أنهم وتحققوا العرب، فانتبه جاهلة، أمة ف أع�ي السديدة العقلية حججه

العبودية«. ي أحضان ف �ف نائم�ي

- 200 -

د( )محم ثبات "أن :Lamartin ف لمارت�ي الفرنىسي الفيلسوف ويرى هذا؛ فتح إىل ل الصحيحة، العقيدة وتأسيس الكلمة، إعلء سبيل ي

�ف ه وص�ب وجرأته ي

�ف ف يق�ي وراءه كان دا محم أن عل أدلة ذلك كل .. اطورية م�ب الإ وإنشاء الدول الذي ف اليق�ي وإن هذا والهوان، الظلم نسانية من الإ تحرر قلبه وعقيدة صادقة ملأ روحه هو الذي وهبه القوة عل أن يرد إىل الحياة فكرة عظيمة وحجة قائمة ي

�ف للفكر جديدا طريقا وفتحت باطلة، معبودات ست ونك كاذبة، آلهة حطمت الفكر، ورائد أقطار فاتح ي شؤونهم، فهو

للنظر �ف دت سبيل الناس، ومه أحوال نسان ومؤسس دين ل وثنية فيه«. نسان إىل العقل، ونارسش العقائد المحررة للإ الإ

يعد مبدأ العتق أن Adam Metz ف / آدم م�ت يالألما�ف ق المست�ش اعت�ب وقد

ي مصلحة الرقيق، وذلك سلم مبدأ �ف ي الإ

سلم الحية، فيقول: »كان �ف من مبادئ الإكان وقد المال، من قدر بدفع ي حريته يش�ت أن يستطيع كان منهم الواحد أن ي أن يشتغل مستقل بالعمل الذي يريده ... وكذلك كان من

للعبد أو الجارية الحق �فنسان قبل مماته بعتق بعض ف أن يوصي الإ ال�ب والعادات المحمودة عند المسلم�يالعبيد الذين يملكهم«. بل رفع الرسولملسو هيلع هللا ىلص من شأن العبيد ح�ت »جعل العبدان

والأحابيش سواسية وملوك قريش«! كما يقول الدكتور/ نظمي لوقا.

ي ترنو إىل ي وجه الدعوة ال�ت

من هنا؛ وقفت قيادات قريش »الأرستقراطية« �فف السادة، ولقد كانت قيادات مكة تحرير العبيد، وتنادي بالمساواة التامة بينهم وب�يسلم، تساوم )صاحب الرسالةملسو هيلع هللا ىلص( عل طرد هؤلء العبيد؛ مقابل إقرارهم بالإرا من ترك العبيد أو طردهم، وهم الذين يدعون ربهم ل القرآن الكريم محذ ف ف�فالواحد الأحد صباحا ومساء، يريدون بذلك وجه الله تعاىل، ل يبتغون منصبا أو يدعون الذين مع نفسك واص�ب يبتغي غالبية السادة، فقال تعاىل: ﴿ كما جاها الحياة زينة تريد عنهم عيناك يريدون وجهه ول تعد ي بالغداة والعىسش ربهم نيا ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ﴾ ]الكهف: الدبركة قيمة وأك�ش أعظم السمح- هم سلمي الإ ع ال�ش ي

-�ف العبيد إن هؤلء .](8ي

ون �ف وأرق أفئدة وأطهر نفسا، من أولئك السادة الذين يستعبدون الناس، ويتج�بالأرض بغ�ي الحق ... هؤلء العبيد نزل من أجلهم الأمر من السماء إىل )صاحب أن من لرسوله الله من التحذير صدر بل عينيه! ي

�ف يضعهم بأن الرسالةملسو هيلع هللا ىلص( اء الذين اطمأنوا إىل الدنيا وزخارفها. يلتفت عن العبيد إىل زينة الك�ب

صلحية، بفك رقابهم سلم الإ ي تعاليم الإلقد وجد العبيد الكرامة والحرية �ف

من طوق الفقر والذل والمهانة، وتخليصهم من عبادة الحجارة وسياط السادة.

- 201 -

، ح�ت أثر عن عمر بن الخطاب -تعليقا عل حادثة ف بل جعل منهم سادات المسلم�يي بكر لبلل بن رباح ليعتقه من الرق-، قوله: »سيدنا وأعتق سيدنا«! اء أ�ب رسش

سلم بإصدار أوامره بالعتق وفك الرقاب، بل صدرت التعاليم لم يكتف الإالأحرار بها يتمتع ي

ال�ت الحقوق كافة ومنحهم العبيد، أوضاع ف بتحس�ي النبوية ماء، يقول أنس: »كان رسول حسان إىل العبيد والإ اف فأمرملسو هيلع هللا ىلص بالإ والسادة الأرسشي غداة باردة من عبد ول من أمة ول

الله من أشد الناس لطفا، والله ما كان يمتنع �ف أن يأتيه بالماء فيغسل وجهه وذراعيه، وما سأله سائل منهم قط إل أصغى ي ص�بإليه أذنه، فلم ينرصف ح�ت يكون هو الذي ينرصف عنه، وما تناول أحد يده إل

عها منه«. ف ع ح�ت يكون هو الذي ي�ف ف ناوله إياها، فلم ي�ف

الذي للرجل فقال ماء، والإ العبيد إيذاء من ملسو هيلع هللا ىلص سلم الإ رسول ر وحذبعتق ي الن�ب استب�ش عليه«! وقد منك عليك أقدر لله »اعلم؛ ب غلمه: رآه يرصفار«. هكذا الن تك لمس أو ار الن للفعتك تفعل لم لو إنك سيده له، وقال له: »أما ام آدمية الناس، وخاصة ي تلميذه، ويفقه أمته، عل اح�ت كان )رسول الحرية( ير�ب

والأجراء. والخدم والعبيد منهم الضعفاء

أبا ذر لأنه ي ر ح�ت من سباب العبد أو السخرية منه، فقد عاتب الن�ب بل حذه!؟ إنك امرؤ فيك ته بأم قائل: »أع�ي ي قال لأحدهم »يا ابن السوداء«، فتألم الن�بنسانية، والإ ين الد ي

�ف إخوانكم هم ماء والإ العبيد خولكم، إخوانكم جاهلية، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده: فليطعمه مما يأكل، وليلبسه

مما يلبس، ول تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم«.

حرم أنسابهم؛ أو بألوانهم الستهزاء أو العبيد من السخرية م حر وكما : ي ي قول الن�ب

ي الخدمة، وأوجب مساعدته إذا كلف ما يغلبه. و�فـأيضا- إجهاد العبد �ف

بقايا عصور وإيذائهم من العبيد إهانة أن امرؤ فيك جاهلية«. دللة عل »إنك التخلف. وعهود الجاهلية

ب سلم منفذا لتحرير العبيد عن طريق سن قاعدة »كفارة رصف ع الإ كما رسشالعبد عتقه« والذي لم يكن موجودا أيام الجاهلية، فمنح حق الحرية للعبد إذا به ر العبيدملسو هيلع هللا ىلص: "من لطم مملوكه أو رصف به سيده. فيقول رسول الحرية ومحر رصف

ارته أن يعتقه". فكف

- 202 -

ي سلمية للعبد المعاق أو المريض، فبعدما قال الن�ب وطالب بكفالة الدولة الإ«. فقال العبد: يا رسول الله فموىل من أنا؟ فقال: »موىل للعبد: »اذهب فأنت حر؛ وتواص به الخلفاء، وقالوا: إنه وصية رسول ف الله ورسوله«. فأوص به المسلم�يسلمي- تكفل أصحاب ع الإ ي ال�ش

الله، تجري عليه النفقة وعل عياله«. فالدولة -�فف الأحرار، وقرر لهم الراتب الماىلي الدوري الذي عاقات من العبيد، كالمواطن�ي الإ

ل أو سؤال الناس. يغنيهم عن التسو

ي تحرير العبيد سلم �ف الإ ي ي بذلها ن�ب

بناء عل ذلك؛ فإنه يمكن القول: إن الجهود ال�تي/ ليت�ف ف نجل�ي ي هذا يقول العلمة الإ

وتجفيف منابع الرق، لم تعرف الدنيا لها مثيل، و�فبطاله حقيقة«. Lightner »إن محمدا قد حض عل عتق الرقاب، وهذه أسمى واسطة لإ

»إن فيقول: Montet مونتييه فانسان / الفرنىسي المفكر يتحدث كذلك للذنوب ارات الكف من ا كث�ي جعل إنه بل الرق، لغاء لإ سعى من أول سلم الإسلم تقربا وطاعة لله«. ه الإ الرقاب الذي عد ي يقدم عليها المرء هو تحرير

ال�تي/ كويليام Kawilliam فيقول: »إن محمدا له الفضل ف نجل�ي ويؤكد ذلك المفكر الإق ووسط بمناطق رسش ب مثال العربية. ويرصف الجزيرة ي

النخاسة �ف ي القضاء عل �ف

ي ي تفىسشف أن السبب �ف

قاق، ويب�ي ت فيها مظاهر النخاسة والس�ت ي تفشإفريقيا ال�ت

سلم لم يدخل فيها! وبرهان ي هذه المناطق هو الجهل؛ »لأن الإهذه المظاهر �ف

سلم من خصائصه إبطال النخاسة إبطال دائما! »رغم أن تجار النخاسة ذلك أن الإ". ومن ثم ف والرق -كما يقول إدوار بروي Edourd Perroy - كانوا "من الأوروبي�يي

فريقية عل أثر العبث الذريع الذي أحدثه �ف ي البلدان الإ»توقفت حركة التطور �ف

!» ف تلك الأرجاء تجار النخاسة والرق من الأوروبي�ي

سلمي؛ تحريمه لكافة صور ومظاهر ع الإ ي ال�شقاق �ف ومن دلئل مكافحة الس�ت

، وخاصة النساء والأطفال الأحرار، يقول رسول الحريةملسو هيلع هللا ىلص: »ثلثة التجار بالب�شثمنه، فأكل ا حر باع ورجل غدر، ثم ي �ب أعطى رجل القيامة: يوم خصمهم أنا منه ولم يعط أجره«. فجعل التجار بالب�ش من أبواب ا فاستو�ف ورجل استأجر أج�يالخيانة والغدر والظلم، وأراد التشديد عل هذه الأصناف الثلثة، فقد ارتكبوا نسان، فعاهده عهدا نسان، فأحدهم غدر بأخيه الإ جرما شنيعا يتعلق بحقوق الإنسان الحر، والثالث أكل مال أخيه ي باع أخاه الإ

وحلف عليه بالله ثم نقضه، والثا�فبغ�ي استخدمه لأنه ؛ ي

كالثا�ف بالب�ش المتاجرة إثم ي �ف داخل ، وهو الأج�ي نسان الإ

أجره قبل أن يجف عرقه«. حق، وخالف الأمر النبوي: »أعط الأج�ي

- 203 -

تت�بل الحنيف- سلمي الإ يع الت�ش مها حر ي -ال�ت بالب�ش التجار وجريمة

القديم والحديث؛ فقد مارستها ي الجاهلية �ف المجتمعات بصور عديدة مارستها

يقطعون فكانوا ملسو هيلع هللا ىلص، ي الن�ب بعثة قبل والرومان الفرس ودول العرب قبائل ي أسواق النخاسة عل أنهم

الطرق عل الأحرار، في�قون أموالهم ويبيعونهم �فالزنوج، مع الجاهلي السلوك هذا الأمريكان مارس الحديث العرص ي

و�ف عبيد. أبشع صور أحرار، ومارسوا ي، وهم تبيع فيهم وتش�ت ي

ال�ت الهيئات صوا فخصي حقهم، إضافة إىل ظهور جماعات المتاجرة بالأطفال والنساء؛

ف العنرصي �ف التمي�يبغرض الستغلل التجاري، ناهيك عن استغلل تلك الجماعات للكوارث الطبيعية ي كارثة تسونامي Tsunami وما

والحروب لممارسة نشاطها، وخ�ي شاهد؛ ما حدث �في

علم عن أرقام مفزعة للنساء والأطفال الذين تم التجار بهم �ف أعلنته وسائل الإنسانية، الأمر ذاته حدث مع ضحايا شعب البوسنة والهرسك ظل هذه الكارثة الإي المجازر، فتم بيع آلف الفتيات والأطفال عل بعدما أعمل فيه الجيش الرص�بوالوليات الأوروبية، البلدان وتحولت ) )المتحرصف العالم من ومسمع مرأى ى للتجار بالب�ش من جانب العصابات المنظمة المتحدة الأمريكية إىل أسواق ك�بي تحصد سنويا حواىلي 0) مليارات دولر من التجار بالأطفال والنساء، وذلك

ال�ت United States Ministry of Justice الأمريكية العدل وزارة حصائيات لإ وفقا ، م بيع الأحرار، وناهض تجارة الب�ش بالب�ش سلمي الحنيف حر ع الإ بيد أن ال�شتكرهوا ول الحكيم: ﴿ الشارع البغاء، فقال الفتيات عل ممارسة إكراه م وحرنيا ﴾ ]النور: 33[. نا لتبتغوا عرض الحياة الد فتياتكم عىل البغاء إن أردن تحص

ي الحرية، وتنتهك نسان �ف إىل جانب أن جريمة التجار بالب�ش تنتهك حق الإ

عهم من أرسهم ف ي بيئة آمنة صالحة، فهي ت�في العيش �ف

حقوق الأطفال والنساء �فمظاهر وكلها ... والجسدي النفىسي والتعذيب والسخرة الستغلل جحيم إىل

الحريةملسو هيلع هللا ىلص(. )رسول وحاربها سلم الإ مها حر

؛ قاق والتجار بالب�ش ي التعامل مع مظاهر الس�تسلمي �ف هكذا كان المنهج الإ

ية ناهض ي تاريخ الب�شل أمام الله تعاىل، ثم أمام التاريخ أنه أول نظام �ف ليسج

وأنه العبيد، ر حر من أول محمدا وأن ... بالب�ش المتاجرة وحارب قاق، الس�ترسول الحرية بل منازع!

﴾ ]الأنبياء :07)[. ف وصدق الله العظيم، إذ يقول: ﴿ وما أرسلناك إل رحمة للعالم�ي

- 204 -

)ممـد( حيتفي بـ )املسيح(

ة، كث�ي مناسبات ي �ف المسيح، بأخيه ـــد( )محم العالم أركون احتفى لقد

أخاه م يقد فتارة التفوس، ي �ف البهجة وتبعث بالألباب، تأخذ متعددة، وبصور

المسيح بالمدح والثناء، وتارة بذكر صفاته، وأوصافه الخلقية، وتارة بذكر مواقفه الحياتية، أو ذكر مواعظه ووصاياه، وتارة ينافح عنه ويدفع ما لحق به من أذى أو بهتان. وبذلك تحققت بشارة المسيح عن )روح الحق ...البارقليط( عندما قال عنه:

«. )يوحنا :16(. ي»ذاك يمجد�ف

ف المسلم�ي قلوب ي �ف خاصة لة ف وم�ف رفيعة، مكانة للمسيح تكون أن عجب ول

جميعا، فإىل جانب أنهم يؤمنون بأنه صاحب رسالة سماوية، وأنه من الخمسة أوىلي ي إرسائيل عل وجه الخصوص، وإىل العالم كله

العزم من الرسل، وأنه معجزة لب�فا ي القرآن الكريم ﴿ ومب�ش

بنبيهم، كما ورد �ف أيضا- أنه ب�ش بصفة العموم؛ يرون فيهـ ي من بعدي اسمه أحمد ﴾ ]الصف:6[.

برسول يأ�ت

جميلة لوحات ي �ف وحياته المسيح السيد قصة الكريم القرآن عرض وقد

ي صور إعجازية، ومشاهد باهرة، ي القرآن) 38 مرة( �ف

ر اسمه �ف قة، ح�ت تكر مشوتدهش الأسماع، وتخطف الأبصار ... فلم تعهد الدنيا حديثا أعذب منه، ول كلما

منه. أصدق

من جمال قصة المسيح؛ أن القرآن الكريم تناولها من البدايات الأوىل، أي من قبل ولدة أمه الطاهرة، وذلك عندما ابتهلت وتوسلت امرأة عمران إىل الله - جل ي

ي بطنها خادما لبيت المقدس [إذ قالت امرأة عمران رب إ�فجلله - ونذرت ما �ف

ميع العليم] ]آل عمران:35[. ي إنك أنت الس ل م�ف را فتقب ي محر

ي بط�ف نذرت لك ما �ف

( إل أن الأم الصالحة قررت أن تفي بنذرها وبالرغم من أن المولود )أن�شا وضعتها ي مثل هذه المهمة الشاقة ﴿ فلم

كر ليس كالأن�ش خاصة �ف لله، مع أن الذي

وإ�ف ن�ش كالأ كر الذ وليس وضعت بما أعلم والله أن�ش وضعتها ي إ�ف رب قالت

جيم ﴾ ]آل عمران:36[. يطان الر يتها من الش ي أعيذها بك وذريتها مريم وإ�ف سم

- 205 -

ي أكمل المشاهد القرآنية وأجملها، وعرض القرآن صورة مريم البتول )ع( �ف

ي ألصقوها بها، فقال: ﴿ وإذ قالت الملئكة وأفحم اليهود، ورد عل اتهاماتهم ال�ت

ي اقن�ت مريم يا ف نساء العالم�ي رك واصطفاك عل الله اصطفاك وطه إن مريم يا

﴾ ]آل عمران: 43-)4[. ف اكع�ي لربك واسجدي واركعي مع الر

ي أحصنت وهناك ثناء آخر بديع، يظل تاجا عل رأس والدة المسيح )ع(: ﴿ وال�ت

﴾ ]الأنبياء :)9[. ف وحنا وجعلناها وابنها آية للعالم�ي فرجها فنفخنا فيها من ر

القرآن ذكرها ي ال�ت الوحيدة المرأة هي )مريـم( أن علمت إذا تعجب ول

قة تحمل اسمها هي )سورة مريم(. كما أفرد سورة بالسم؛ بل أفرد لها سورة م�شسة هي )سورة آل عمران(. أخرى لعائلتها المقد

وأمه المسيح أخبار يجد الكريم، القرآن ي �ف فالمتأمل فحسب؛ هذا ليس

اء، غن حدائق شكل ي �ف وجاءت القرآن، سور أغلب ي

�ف مبثوثة السلم- عليهما ـ . ف المؤمن�ي تبهج فيحاء، ف وبسات�ي

لت عل مريم كانت ف ي ت�فوقد أخ�ب الوحي السماوي؛ أن البشارة العطرة ال�ت

ي لته، ومعجزته، ورسالته- كل ذلك �ف ف تحمل اسم »المولود« وصفته، وكنيته، وم�ف

ك بكلمة أسلوب بليغ، وثوب قشيب: ﴿ إذ قالت المالئكة يا مريم إن الله يب�ش . ف ب�ي المقر ومن خرة والآ نيا الد ي

�ف وجيها مريم ابن عيىس المسيح اسمه نه م ﴾ ]آل عمران:46-45[. ف الح�ي ومن الص ي المهد وكهال

ويكلم الناس �ف

وأكمل مظاهرها، أبهى ي �ف القرآن ي

�ف وحياته المسيح صورة جاءت وقد ا. نبي ي

وجعل�ف الكتاب ي آتا�ف الله عبد ي

إ�ف قال ﴿ مريم: ي سورة �ف فقال أطوارها،

ي ا بوالد�ت ا. وبر كاة ما دمت حي الة والز ي بالص

ي مباركا أين ما كنت وأوصا�ف وجعل�ف

يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث الم عىلي ا. والس ارا شقي ي جب ولم يجعل�ف

.]34-30: ]مريم ون ﴾ يم�ت فيه الذي الحق قول مريم ابن ذلك عيىس ا. حي

القدس بروح وتأييده نبوته ورسالته، والأدلة عل صدق ف اه�ي ال�ب من م قد كما ة دعوته، وأشار إىل معجزاته، وأخ�ب النصارى بما لم يعرفوه عن المسيح ذاته! طوال ف�ت

ف بهذه الآية، فل توجد هذه ي المهد، وكانوا جاهل�يهم أنه تكلم وهو �ف فأخ�ب

ي عليك وعىل ي كتبهم! ﴿ إذ قال الله يا عيىس ابن مريم اذكر نعم�ت

»المعجزة« �في المهد وكهال وإذ علمتك الكتاب

والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس �ف

- 206 -

ي فتنفخ فيها بإذ�ف كهيئة الط�ي

ف نجيل وإذ تخلق من الط�ي وراة والإ والحكمة والتوإذ ي

بإذ�ف المو�ت تخرج وإذ ي بإذ�ف برص والأ كمه الأ ئ وت�ب ي

بإذ�ف ا ط�ي فتكون نات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إل ائيل عنك إذ جئتهم بالبي ي إرس

كففت ب�ف ﴾ ]المائدة:0))[. ف ب�ي سحر م

تعاىل: قوله ي �ف هي السادسة؛ والمعجزة للمسيح. معجزات خمس هذه

كنتم إن لكم ية لآ ذلك ي �ف إن بيوتكم ي

�ف خرون تد وما تأكلون بما ئكم وأنب ﴿عمران:49[. ]آل ﴾ ف ؤمن�ي م

، ف الحواري�ي عل أنزلت ي ال�ت )المائدة( معجزة فهي السابعة: المعجزة ا أم

الكريم! القرآن نزول قبل النصارى يعرفها يكن فلم أخرى، مفاجأة وهي

ي لوحة إيمانية بديعة: ﴿ إذ قال الحواريون يا عيىس ابن وقد جاءت القصة �ف

كنتم إن الله اتقوا قال ماء الس ن م مائدة علينا ل ف ي�ف أن ربك يستطيع هل مريم قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها ف % قالوا نريد أن نأكل منها وتطم�أ ف ؤمن�ي مماء تكون ن الس اهدين % قال عيىس ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة م من الش ﴾ ]المائدة: 4))-)))[. ف ازق�ي الر نك وارزقنا وأنت خ�ي لنا وآخرنا وآية م و

لنا عيدا لأ

أب، غ�ي من ميلده معجزة تسبقها السبع، المسيح معجزات هي هذه ف حاولت السلطات الحاكمة إلقاء القبض وتختم بمعجزة رفعه من الأرض؛ ح�ي

وقتله. عليه،

ي هذه المعجزات؛ يرى أنها كلها متعلقة بعالم الروح كما هو إن المتأمل �ف

البعث كلية، ينكرون الروح تماما، وينكرون ، ف أرسل إىل قوم مادي�ي واضح؛ لأنه أو نسان جسم بل روح، ويعتقدون أن دم المخلوق هو روحه ويزعمون أن الإي تفس�ي النفس: إنها الدم، فجاء فيها: »ل تأكلوا دم جسم

نفسه. تقول التوراة �فن نفس كل جسد هي دمه«.

ما، لأ

معجزات تجيء أن منطقيا كان تماما، الروح أنكر الذي العرص وسط هذا المسيح إعلنا لعالم الروح. ولعل مجيء السيد المسيح من غ�ي أب، يثبت طلقة

لهية. الإ القدرة

شعب إىل وهداية سلم رسول )ع( المسيح أن ر ليقر سلم الإ جاء وقد وا لج ي

ال�ت والضللة والعناد ك ال�ش ظلمات من ليخرجهم الله أرسله إرسائيل،

- 207 -

مثلهم، ب�ش أنه يؤكد لهم دوما يمان، وظل التوحيد والهداية والإ نور إىل فيها م عليهم، ولكن الله من عليه بالنبوة والرسالة، وأنه جاء ليحل لهم بعض الذي حر

ويتبعوه. قوه يصد كي البينات؛ بالمعجزات وجاءهم

وطريقة ودعوته، المسيح منهج خلصة يالقرآ�ف الوحي عرض وقد هذا؛

ي فتح من خللها الطريق هدايته للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، ورسالته ال�ت

ي آية واحدة: ﴿ وإذ قال عيىس القادم من بعده، وقد أوجز القرآن ذلك كله �ف ي للن�ب

وراة يدي من الت ف قا لما ب�ي صد ي رسول الله إليكم مائيل إ�ف ي إرس

ابن مريم يا ب�فهذا قالوا نات بالبي جاءهم ا فلم أحمد اسمه بعدي من ي

يأ�ت برسول ا ومب�ش ﴾ ]الصف:6[. ف ب�ي سحر م

وعرض الوحي جانبا مهما لجهاد المسيح، وتصديق حوارييه ومؤازرتهم له، من أنصاري إىل الله قال الحواريون ف فقال: ﴿ كما قال عيىس ابن مريم للحواري�يائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا ي إرس

نحن أنصار الله فآمنت طائفة من ب�فهم فأصبحوا ظاهرين ﴾ ]الصف:4)[. عىل عدو

ي �ف وجعلنا ﴿ فقال: بعده، من أتباعه عل جميل عطرا ثناء الله أث�ف وقد

]الحديد:7)[. ﴾ ورحمة رأفة اتبعوه الذين قلوب

كأصحاب المضطهدين؛ النصارى ي مؤم�ف عن نافح بل فحسب؛ هذا ليس

د مضطهديهم الأخدود، ودافع عنهم دفاعا؛ اتسم بالمحبة والنحياز لهم، وتوعي الآخرة.

اء بأشد العذاب �ف الألد

ا بالنصارى عامة، وأمر بإكرامهم، ومودتهم، سالم( خ�ي الإ ي كما أوص )ن�بساءة إليهم، مغلظا القول حسان إليهم ... ونهى أك�ش من مرة عن إيذائهم أو الإ والإي ذلك إىل حد التهديد والوعيد، فقال: »من آذى ذميا؛ فأنا خصمه يوم القيامة«!

�ف

يعرفه ا رس ليس الجميل، الرائع القصص هذا أن العجب؛ كل والعجب ي خنادق ... كل! بل هو آيات

ي لفائف، ول محفورا �فالخواص فقط، وليس مطويا �ف

بينات تتل آناء الليل وأطراف النهار، وتطوف الدنيا كلها من أقصاها إىل أقصاها كر الخالد، والثناء الباهر تلهج به الألسنة، وتأنس به القلوب، ... ويستمر هذا الذ

ويتناغم معه الكون كله إىل يوم القيامة!

يف؟ وهل هناك تمجيد يربو عل هذا التمجيد؟! يف فوق هذا الت�ش فهل هناك ت�ش

- 208 -

ي كل موضع ية( المسيح �ف وليس مصادفة؛ أن يؤكد الوحي الكريم عل )ب�ش

وصلته لأمه، ه وبر وطفولته، مولده بداية من وذلك عنه، الحديث فيه ي يأ�ت

وصيامه وعبادته لربه وخالقه، وعنائه وجهاده، إىل رفعه الذي جاء بمعجزة أيضا، اء، ورفعه الله إليه روحا اه من أعدائه الألد حيث أنقذه الله -سبحانه- ونرصه ونجرك من الذين كفروا ومطه يك ورافعك إىلي ي متوف

وجسدا ﴿ إذ قال الله يا عيىس إ�فوجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إىل يوم القيامة ﴾ ]آل عمران:55[.

ية المسيح، وعدم صلبه، وعدم ألوهيته، ي ب�شف �ف ومما يؤيد عقيدة المسلم�ي

وهو )(-8 :49 صحاح )الإ إشعياء سفر ي �ف جاء ما والنصارى؛ اليهود كتب من

ي يا. و�ف ي سهما م�ب

ي وجعل�في ظل يده خبأ�ف

افهم بشارة بنبوة المسيح، قال: »�ف باع�تد ... لكن حقي عند الرب وعملي ، وقال ىلي أنت عبدي الذي به أتمج ي

كنانته أخفا�فأعنتك. الخلص يوم ي

و�ف استجبتك. القبول وقت ي »�ف قوله" "إىل .... إلهي عند

للشعب«. عهدا وأجعلك فأحفظك

وأنه سيحميه، ويجيب دعاءه، لله، عبد المسيح أن ي �ف وهذا كلم رصيح،

ويحفظه. يه وينج

ي حق المسيح )المزمور 9:)9-6)( يقول: وهذا ما يؤكده أيضا النص الوارد �ف

بة »لأنك قلت يارب ملجأي. جعلت العل مسكنك. ل يلقيك رسش ول تدنو رصفالأيدي عل كل طرقك. ي

�ف يحفظوك لكي بك ملئكته يوصي لأنه خيمتك. من يه وأرفعه. لأنه عرف اسمي. ي أنج يحملونك لئل تصدم بحجر رجلك. لأنه تعلق �بيق أنقذه وأمجده. من طول الأيام أشبعه ي الض

ي فأستجيب له. معه أنا �فيدعو�ف

.» وأريه خلصي

ي ي يارب إلهي، خلص�ف

ي إنجيل )م�ت 7): 39( يقول : »أع�فونجد المع�ف ذاته �ف

هم ا أم هذا. فعلت يارب أنت يدك. هي هذه أن وليعلموا رحمتك، حسب ي خجل.

ا عبدك فيفرح ليلبس خصما�أ ا أنت فتباركت. قاموا وخزوا. أم فيلعنون. وأمين أسبحه. لأنه ي وسط كث�ي

وليتعطفوا بخزيهم كالرداء. أحمد الرب جدا بفمي و�فف عل نفسه ..«. ف ليخلصه من القابض�ي ف المسك�ي يقوم عن يم�ي

ف عليه، وأن يهوذا وقع ى المسيح )ع( من القابض�ي ي أن الله نجهذا رصيح �ف

فيما دبره لسيده؛ كما أشار إىل ذلك المزمور )09): 7( بقوله : »إذا حوكم فليخرج مذنبا، وصلته فلتكن خطيئة...(.

- 209 -

كل ومن سمع والرب رصخوا »أولئك :)((-(7 :34( المزمور ي �ف وقال

المنسحقي القلوب ويخلص المنك�ي من الرب أنقذهم. قريب هو شدائدهم . ويحفظ جميع عظامه ة هي بليا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب الروح. كث�ي

يعاقبون«. الصديق ومبغضو ير ال�ش يميت ال�ش ينك�. ل منها واحد

ي يوحنا )9): 36( وهي ي حق المسيح كما �ف

افهم �ف فهذه العبارات هي باع�تأعدائه عقاب ي

و�ف والمصائب، البليا كل من وخلصه )عيىس( نجاة ي �ف رصيحة

قولنا عل أدل ينك�« ل منها واحد عظامه جميع »يحفظ وقوله ومبغضيه، ن الصلب يستلزم تفتيت عظام اليدين

بعدم الصلب منه عل قولهم بالصلب، لأ ... بالحيطة والحذر الشديد ي الصلب ولو

ء ل يمكن توقيه �ف ي، وهو �ش ف

والقدم�يإذا لم ينك� واحد من عظامه؟! فكيف

فالمعقول؛ أن المراد من هذه العبارة أن الله يحفظ جسمه كله ويصونه من كل يه ا إذا صح أنه صلب؛ فأي أذى أعظم من ذلك؟ وما مع�ف قوله: إنه ينقذه وينج أذى ... أم

اه إذن؟ ء نج يويخلصه من كل البليا ... فأي بلية أعظم من الصلب والقتل؟ ومن أي �ش

وقال المسيح )ع( عندما أرسل الفريسون ورؤساء الكهنة خداما ليمسكوه )أنا معكم . وحيث أكون أنا ل ي

ي ول تجدون�ف. ستطلبون�ف ي

ي إىل الذي أرسل�فا بعد، ثم أم�ف زمانا يس�ي

ي أنهم لن يجدوه، ولن يقبضوا عليه.تقدرون أنتم أن تأتوا( وهذا كلم رصيح �ف

ي تلك الأثناء، خطف الرسول إىل السماء الثالثة(. ورؤيا بطرس تؤكد ذلك: )و�ف

كما أن الكنيسة الأوىل قد آمنت بأن المسيح )ع( قد رفع يقينا إىل السماء.

الأب معي. وقد ن )يوحنا 6) :33( »أنا لست وحدي لأ أيضا المسيح وقال

ي قد ي العالم سيكون لكم ضيق. ولكن ثقوا أ�ف

سلم. �ف يكلمتكم بهذا ليكون لكم �ف

العالم«. غلبت

يه وينقذه، وإل فهل يصح أن وهي بشارة من المسيح لتلميذه؛ بأن الله سينجمن كان الله معه، ومن غلب العالم؛ يغلبه أعداؤه ويصلبونه؟

سلم- ي مبدأ النرصانية -أي قبل الإلذلك؛ أنكر فكرة الصلب كث�ي من فرقهم �ف

Carpo- ف ف Basilidians والكاريوكراتي�ي Cerinthians والباسيليدي�ي ف نثي�ي مثل: الس�يهم ، وغ�ي ف أتباع ناتيانوس تلميذ يوستينوس الشهيد الشه�ي cratians والناتيانوسي�ي

الكث�ي من فرقهم القديمة.

- 210 -

المفكرين من وكث�ي والطوائف، الفرق من كث�ي هناك اليوم؛ هذا وإىل أو بإنكار قتل عيىس القرآن ي

الكنيسة، الذين يؤمنون بما جاء �ف ف وآباء المسيحي�يي

ي كتابه »الوثنية �فوفيسور Gruden، والمفكر Arthur weigall �ف صلبه, مثل ال�ب

القس وكذلك ،» ي�ت ال�ش »الديوان ي

�ف Goethe ي الألما�ف والفيلسوف مسيحيتنا«،

ق مونتجمري وات Montgomery Watt الذي يقول: ما جاء به القرآن والمست�شالمسيح. بصلب تقول ي

ال�ت المزاعم من أهم نكار الإ هذا وأن فيه، لشك حق ي وردت

فليس هناك شواهد تاريخية موثوق بها عن صلب المسيح. والروايات ال�تنسان كيف ي الأناجيل عن قصة الصلب تتضارب تضاربا شديدا, ح�ت ليعجب الإ

�في أصل هام من أصول الديانة. فلو كان أصل؛ لكان اهتمامها به

تختلف الأناجيل �فنجيل«. ف نصوص الإ متساويا أو متقاربا. فهناك أربعة وثلثون وجها من التضارب ب�ي

- 211 -

بشـرية املسـيح )ع(م نفسه للناس من يقرأ القرآن الكريم، والأناجيل ذاتها، يرى أن )المسيح( قد

، وهذا ما أكدته الأناجيل ذاتها: ب�ش ... ليس أك�ش ي عل أنه ن�ب

.)58 : ي وطنه« )م�ت»فقال لهم يسوع: »ل كرامة لنبـي �ف

ا من نسان يغفر له، وأم ثم ها هو ذا يقول بنفسه: »من قال كلمة عل ابن الإي الآخرة«.

نيا ول �ف ي هذه الدوح القدس، فلن يغفر له، ل �ف قال عل الر

والروح المسيح( )أي نسان« الإ »ابن ف ب�ي ف يم�ي أنه عل قاطع دليل وهو ا من الروح القدس بما ل يقاس، بما يع�ف ي مرتبة أقل كث�ي

القدس، واضعا نفسه �فرسول. ا إل ب�ش ليس أنه

ية المسيح، فيقول: »وقد ف عن ب�ش ي رسالته إىل الروماني�يويتحدث بولس �ف

« )يوحنا 7/5)(. منحه القدرة عل الحكم؛ لأنه ابن الب�ش

كذلك؛ نسمع الناس الذين شفاهم المسيح؛ يقولون عنه إعجابا بما صنع من معجزات الشفاء: »أما هذا ابن داود؟«، ولم يقولوا: »أما هذا ابن الله؟«.

، وليس ابن الله! وهؤلء الذين كان أي أن الناس لم يعرفوه إل عل أنه ب�شي جرت عل يديه دليل

ض منهم أن يكونوا أول مؤلهيه لو كانت المعجزات ال�ت يف�تعل ألوهيته.

إذن؛ فل هو الرب ول هو ابن الرب!

يسوع أتم ا »ولم ومريم يوسف ابن إنه عنه: يقولون دائما كانوا والناس بوا ي مجمعهم، فتعج

هذه الأمثال، ذهب من هناك. وعاد إىل بلده، وأخذ يعلم �فه تدعى وتساءلوا: »من أين له هذه الحكمة وتلك المعجزات؟ أما هو ابن النجار؟ أممريم، وإخوته يعقوب ويوسف وسمعان ويهوذا؟ أما جميع أخواته عندنا؟ فمن

أين له كل هذا؟« ورفضوه«.)م�ت )57-5(.

ح�ت إن تلميذ المسيح -بالرغم من كل الزمن الطويل الذي قضوه بالقرب ي أجراها الله عل يديه- لم يؤمنوا

ي صنعها والمعجزات ال�تمنه ورؤيتهم الآيات ال�ت

- 212 -

ن المعجزات ليست دليل عل ألوهية من يعملها، ول بأنه ابن الله، أو أنه إله؛ لأ

ية إىل الألوهية. فلو كان الأمر كذلك، لصار جميع يمكن أن تنقل صاحبها من الب�شالأنبياء والأولياء أبناء لله!

أو الرسول، والدليل ي اف بالن�ب بل إن المعجزات ذاتها، ل تحسم مسألة الع�تي تحققت عل يد عيىس )ع( ومع ذلك كفرت به الغالبية

ة الآيات ال�ت عل ذلك ك�شالساحقة من اليهود!

وإذا كانت بعض الأناجيل أشارت إىل أن »المسيح« هو )ابن الله( لكنها لم تسند هذا الزعم للمسيح نفسه. وهناك أحداث تش�ي إىل استخدام كلمة )البن( و)ابن السبيل( )ابن يقال كما العضوية، ة البنو بمع�ف وليس مجازيا، استخداما ة تمجيد )المسيح(. النيل(. ولكن كتاب الأناجيل -لسيما بولس- كان يقصد من البنو

ة بتعميد المسيح )م�ت البنو أننا نلحظ أن كتبة الأناجيل قرنوا هذه والغريب ي رسالته إىل أهل رومية ))-4(. ويبدو من ذلك أن بعضهم سلم

3-7)(. وكذلك بولس �فنجيل أن عيىس كان قد وجد قبل مولده، ولكن يبدو ي الإ

ي �فبأن كلمة »ابن الله« ل تع�ف

من )إنجيل يوحنا، وبولس( أن هذا المع�ف قد جاء ضمنيا، وأن هذا اللقب قد ابتكر ي تعدد الآلهة، ولكن العكس صحيح بالنسبة

ي اليهود، والذين ل يعتقدون �فإغاظة �ف

ي ذلك العهد، ويعتقدون بتعدد الآلهة، وقد استخدم ف الذين كانوا يعيشون �ف للوطني�ي

ي kyrios وهي ل تع�ف غريقية بالإ ي وصف عيىس ومعناها

)الرب( �ف كلمة المسيحيون ي العهد القديم تواتر كلمة )البن(

له الخالق، بل الموىل أو السيد ... ولذلك نجد �ف الإي التوراة أيضا؛ أن الله قال

، وأنا ربكم وأنتم عبادي(. و�ف يمثل: )أنا أبوكم، وأنتم أبنا�أ

ي المزام�ي نجد هذا اللفظ أسند إىل داود، ي بكري« )خروج )):4(. و�ف

ليعقوب: »أنت اب�في

: أنت اب�ف ي ي أعلن أمر الله لقد قال ىلي ر�ب: )إ�ف ي فقرة7( ما يلي

ي )المزمور الثا�ففجاء �ف

ي أخبار الأيام الأوىل )اصحاح ي وصف سليمان �ف

ابتداء من اليوم(. ونجد هذا اللفظ �في

، وأكون أبا له، وأقيم له عرشا �ف ي بيتا باسمي، ويكون ابنا ىلي)): 0)(: )ولسوف يب�ف

مملكته عل إرسائيل، وأثبته له إىل الأبد(. ودعي أرام أيضا بالبن البكر )أرميا 9/3(.

ي شيئا غ�ي رضاء الله عل عبده أو عباده. وقد قال المسيح وهذا اللفظ ل يع�ف

ي السماوات؛ إنما هو ابن الله(.ذ إرادة الآب �ف )ع(: )إن كل من ينف

ي ذات الوقت تكريما لمن يوصف بهذا اللقب، لأنه عاش عيشة مخلصة ويعت�ب �ف

، وبالتاىلي أصبح من حقه أن يلقب بهذا اللقب. لله، وكان رحيما وعطوفا عل إخوته الب�ش

- 213 -

ي وأبيكم وإلهي وإلهكم« )يوحنا له، قال: »أ�ب ث عيىس عن الإ ا تحد أيضا؛ لمي علقته بالخالق كان

ي نطق بها، تدل عل أنه �فالصحاح 0)/7)(. وهذه الكلمات ال�تكأي إنسان آخر، أي أنه كان مخلوقا.

الحياة هذه ي )�ف يقول: نجده الفقرة3( نجيل الإ ذات من )الصحاح7) ي

و�فله الحقيقي الوحيد، وأن يسوع المسيح هو الأبدية لبد أن يعرفوك بوصفك الإ

أرسلته(. الذي الرسول

ي ونجد ذات المع�ف الذي يدل عل التبجيل عل لسان عيىس نفسه، كما جاء �ف

كة ي أقول لكم أحبوا أعداءكم، واطلبوا ال�بصحاح 5 :44-45(: )ولك�ف )إنجيل م�ت الإ

ف مع من يكرهكم، وصلوا من أجل الذين يستخدمونكم لمن يلعنكم، وكونوا طيب�يي السماوات الذي

عنوة ويضطهدونكم، ح�ت يمكن أن تكونوا أبناء أبيكم الذي �ف .) ف ف والظالم�ي ف ويرزق العادل�ي ق شمسه عل الصالح�ي ت�ش

صحاح5:9( ما يفيد هذا المع�ف أيضا: )طو�ب لصانعي السلم الإ ي )م�تونجد �ف

فلسوف يلقبون بأبناء الله(. وهكذا .... ولو سلمنا بالبنوة العضوية، فسيكون هناك لله أبناء وبنات، وأقارب، وأنساب، وأصهار، وحموات ل حرص لها!

من هنا؛ يتضح أن لقب »ابن الله« كان بالنسبة لعيىس لقبا عاديا ل يتجاوز استخدامه هذا ي

�ف يشذ يجعل عيىس ما الأسباب من يوجد ول المتواتر، معناه المتأخرون. المسيحيون رأى كما فعلية، حقيقية بنوة ي

ويع�ف اللقب،

ي عبارة قوية للغاية نظرية كون عيىس ابن الله لقد رفض القرآن الكريم �ف

رض كل له قانتون ﴾ موات والأ ي الس ﴿ وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما �ف

]البقرة:6))[.

ة مثل قوله ﴿ ما كان لله أن ي مواضع كث�يية المسيح �ف وأكد عل حقيقة ب�ش

أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴾ ]مريم:35[. يتخذ من ولد سبحانه إذا ق�ف

سلم. ي جانب الرؤية الإمن هنا نرى؛ أن العقل السليم، والمنطق السديد �ف

ســــؤال لبــد منه :

ي العالم؟!: من الأوىل بالسيد المسيح �ف ف من حقنا أن نسأل المسيحي�ي

- 214 -

الذين ظلموا المسيح وآذوه وحاربوه واتهموه وبصقوا عليه، فاستحقوا لعنة يبصقون عليه، ويغطون وجهه ويلطمونه« أنبيائه؟ »فبدأ بعضهم الله وغضب

)مرقص 4)/65(.

يمان به أحد أركان دينهم الحنيف؟! وا الإ لوه، واعت�ب موه وبج أم الذين كر

ومن الأولـى بالسيدة مريـم العذراء؟!

كرمها الله أن وآمنوا العفيفة، الطاهرة هذه عن الحديث أحسنوا الذين فباءوا واتهموها، أهانوها الذين أم ، ف العالم�ي نساء عل لها وفض واصطفاها

القيامة؟ يوم إىل وسخطه الله بغضب

يمان بالمسيح ابن مريم نبيا ورسول هو أحد أل يعلم نصارى العالم؛ أن الإتبجيله وأن يمان، الإ ي

�ف الصحة ط بل هو رسش لكل مسلم، بالنسبة يمان الإ أركان سلم، ي نبوته وطهارته وسموه؛ هو جزء ل يتجزأ من عقيدة الإ

وحبه والعتقاد �فول يقبل إيمان المرء بدونه؟!

- 215 -

ـد( عن أخيـه )املسيح(؟ ماذا قال )محميف للمسيح وأمه الطاهرة )ع( عند حدود لم يقف التمجيد والتكريم والت�شبعموم أحاط بعدما جدا، يكفي هذا وكان فحسب، الكريم القرآن به جاء ما رسالته إحاطة تامة. بل نجد هناك تمجيدا زائدا، وتكريما مضاعفا للسيد المسيح د، ح�ت إنه ل يدع مناسبة إل ويذكر أخاه يجري عذبا سلسبيل عل لسان أخيه محمث عن نفسه، قال: )أنا دعوة المسيح بألطف العبارات، وأرق الكلمات، فعندما تحد

ى أخي عيىس(. ي إبراهيم، وب�ش أ�ب

الذي طراء، ي الإالغلو والمبالغة �ف النهي عن ي صورة

المسيح �ف ويذكر أخاه ي كما أطرت النصارى ابن مريم، فقولوا:

يصل إىل حد التأليه، فيقول: )ل تطرو�فالله ورسوله(. عبد

أي كأنما خرج من ديماس«. أحمر »ربعة المسيح، فيقول: أخاه لنا ويصف اق وجهه. ونقائه، وإرسش إىل جماله إشارة ي ذلك

حمام، و�ف

ومن فرط محبته له، يصفه مرة أخرى، فيقول: »بينما أنا جالس عند الكعبة، ، ف

ف رجل�ي يهادى ب�ي الشعر أدم سبط ، رأيت رجل يالرا�أ ي أجمل ما يرى

فرأيت �فوكأن رأسه يقطر ماء، فقلت من هذا؟ قالوا: هذا أخوك ابن مريم«.

ي هذه تأمل هذا المشهد النبوي الجميل، ثم أعد التأمل مرة تلو الأخرى �ف

ي نقلت ا عجيبة بديعة، فائقة القدرة ال�ت اللوحة الرائعة ... واسأل نفسك: أي كام�ي

هذه الصورة الشفافة عن بعد؟!

ما شاهده من الناس يقص عل )المعراج( السماء وبعد رجوعه من رحلة وي للناس أنه رأى عيىس ويح�ي )أبناء الخالة( يجلسان عل ى، ف�ي آيات ربه الك�ب

السلم! أمته كة، ويقرئان بال�ب له كرا�ي من نور، فيصافحانه، ويدعوان

ولديه حارا، دفاعا المسيح أخيه عن يدافع ــــد( )محم العالم أركون هو ها .» ي ي وبينه ن�ب

ي الدنيا والآخرة؛ فليس بي�فأدلته، فيقول: »أنا أوىل الناس بعيىس بن مريم �ف

يمان به، والشهادة له بالنبوة والرسالة، كأحد بل يحض أتباعه وأمته عل الإيمان الصحيح، الذي يقود إىل رضوان الله وجنته، فيقول: )من شهد أن أركان الإ

- 216 -

يك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيىس عبد الله ل إله إل الله وحده ل رسشالله أدخله ألقاها إىل مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، ورسوله وكلمته

الجنة عل ما كان من عمل(.

وها هو )أركـون العالم( يتهلل وجهه بالب�ش وال�ور، ويملأ قلوب الناس ى، إنها آية أخرى ا مشوقا، بل مفاجأة ك�ب بهجة، وهو يزف للدنيا نبأ جميل، وخ�بل فيكم ابن مريم حكما عدل، وإماما ف عل صدق نبوته، إذ يقول: »يوشك أن ي�ف

مقسطا، يملأ الأرض عدل وسلما كما ملئت ظلما وجورا«.

بأخيه ويفتخر كلها، والشعوب الأمم فيباهي ذلك، من أك�ش يذهب بل آخرها(. ي

�ف عيىس وأخي أولها ي �ف أنا أمة تهلك )كيف قائل: المسيح،

ي أم�ت من مريم ابن »ليجدن فيقول: وأتباعه، المسيح بأنصار يباهي كما

رجال كحوارييه«. ويقول لأصحابه وأمته: »وكونوا كأصحاب عيىس، قتلوا وصلبوا ي

ي سبيل الله خ�ي من حياة �فوا بالمناش�ي وحملوا عل الحطب ... أل إن ميتة �ف ون�ش

الله«. معصية

ي عطفه، ه )أركون العالم( بعض أصحابه بالمسيح �ف ة، يشب ي مناسبات كث�ي

و�فح إطلق رساح أرسى بدر-: »إن ي بكر -عندما اق�ت وشفقته، ورحمته، فمثل يقول لأ�ببهم فإنهم عبادك مثلك يا أبا بكر كمثل المسيح بن مريم عندما قال: ﴿ إن تعذ

وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ﴾.

ه وهدوئه، فيقول: »مثلك يا ي وداعته وص�به »أبا ذر« بالسيد المسيح �ف ويشب

ف الناس«. ي كمثل المسيح بن مريم ب�ي ي أصحا�بأبا ذر �ف

ي عل لم يقف الأمر عند هذا الحد من التكريم؛ بل نجد )أركـون العالم( يث�ف

، ولم يكمل من النساء إل والدة المسيح الطاهرة، فيقول: »كمل من الرجال كث�يمريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم(.

اه ه البتول، ف�ف ي ثنائه وتكريمه لأخيه المسيح وأمي )أركـون العالم( �ف

ويم�فإل يولد مولود من الدنيا بحقيقية لم يعرفها أحد من قبل، فيقول: »ما يفاجئ

يطان إل مريم وابنها«. يولد فيستهل صارخا من مس الش ف ه ح�ي يطان يمس والش

الله أكبــر ...الله أكبــر!

- 217 -

؟ ف الخاتم« ليفاجئ بها العالم�ي ي ي يكشفها »الن�بما هذه الحقائق ال�ت

وما هذا البيان العذب الذي يذيعه »خاتم الأنبياء« عل مسامع الدنيا؟

ي الذي فاجأ به العالم كله؟! بل؛ ما هذا العلم الغي�ب

ا ... إن هذا إل ملك كريم؟! أأقول ما هذا ب�ش

ثلكم م إنما أنا ب�ش ل، ل ... بل أقول كما أمره الله أن يصف نفسه: ﴿ قل .﴾ إىلي يوحى

! ف ق المرسل�ي ... جاء بالحق، وصد ي ... ن�ب ب�ش

- 218 -

صـاحـب الرسالة العاملية

بولدة يكون ما أشبه ا، عس�ي خروجا ين« الع�ش »القرن من العالم خرج ة، بعدما أثقلته الحضارة المادية الحديثة بحروب وأزمات وكوارث، قيرصية عس�ي

ة! مستط�ي ور ورسش

لقد خرج العالم تائها مرعوبا ومكفهرا، يبحث عن مخرج من ظلمات الفلسفات، ونفق المذاهب والأيديولوجيات!

النجاة، مرفأ عن باحثا الشمال؛ وذات ف اليم�ي ذات يتململ تائها ومازال السلمة! وشاطئ

ونور سلم الإ هداية يلتمس لم ما البحث؛ رحلة به ستطول أنه ويبدو ي

بغ�ي عقيدة روحية صالحة لتوحيد الناس �ف ي ل يتأ�تنسا�ف يمان، فخلص النوع الإ الإ

نظام واحد، يتكفل بحاجات الضمائر والأجساد ... ولم تفلح المذاهب الوضعية، ي إحياء هذه العاطفة الروحية، لأنها انحرفت عن الطريق

ول المعتقدات الزائفة؛ �فة ء نافع فيها؛ أشبه بمن يبحث عن إبرة صغ�ي ي

الصحيح. ومن يبحث الآن عن �شامية الأطراف! وسط كثبان رملية م�ت

انتشال القادر عل ســـالم( وحده )الإ أن العالم وفلسفته عباقرة ن تيق وقد سلم دين عالمي، لم يأت لمجرد إنقاذ قطيع من الخراف العالم مما هو فيه ... فالإالمشاعر مع بل معانيها، أوسع ي

�ف الحياة متطلبات مع فقط يتجاوب ول الشاردة، ها عن الآفاق ف م�ف م تصورا لهية، وهو ل يقد ي بحثها عن الذات الإ

الوجدانية للفرد �فم ـ أيضا - قواعد رفيعة وشاملة للعلقات الفردية فيما وراء الطبيعة فحسب، بل يقدوالجتماعية، ونظاما اقتصاديا سليما، ومذاهب سياسية عادلة وعملية، إىل غ�ي ذلك من ي شامل

سلم ليس بالنجم المفرد المنعزل، بل نظام كو�ف شئون الحياة ومتطلباتها. فالإي دروب الحياة ومناحيها.

ف جنباته قواعد كلية، ونورا يهتدي به الكل �ف متكامل، يضم ب�ي

أمة واحدة بعينها، ســالم( ليس دين طبقة خاصة بذاتها، ول هو دين إن )الإي الوحدة

ي الب�ش جميعا من كل جنس ولون، وفيه معا�فنسانية كلها ودين ب�ف ولكنه دين الإ

- 219 -

ا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إىل كة: ﴿ قولوا آمن نسانية المش�ت والتوحيد، والأخوة الإ ي

موىس وعيىس وما أو�ت ي سباط وما أو�ت إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأ

نهم ونحن له مسلمون ﴾ ]البقرة:36)[. أحد م ف ق ب�ي بهم ل نفر بيون من ر الن

زيهر، وجولد نولدكه، رأسهم: وعل ، ف الغربي�ي المفكرين معظم أكد وقد سلم منذ فجر الدعوة أن يكون دينا هم؛ أن الله أراد لدين الإ ، وغ�ي ي وأرنولد توين�بي والمقوقس

ملسو هيلع هللا ىلص كتب إىل النجا�ش ي عالميا، وليس عقيدة وطنية محلية، بدليل أن الن�بلهي سلم، بعدما نزل الوحي الإ هم من الملوك يدعوهم إىل الإ وك�ى وهرقل وغ�يا ونذيرا ﴾ ]سبأ :8)[. ﴿ قل يا أيها الناس ة للناس بش�ي بذلك: ﴿ وما أرسلناك إل كاف

ي رسول الله إليكم جميعا.. ﴾ ]الأعراف :58)[.إ�ف

الخاتمة، الرسالة عالمية إىل الأنبياء وأسفار والأناجيل التوراة أشارت وقد ي

لتشمل سائر الشعوب والأمم، فقد أخ�ب )سفر التكوين 0)/49( أن النبوة تظل �في »أركون العالم« أو عظيم العالم الذي ستعتنق الشعوب

ي إرسائيل، إىل أن يأ�تب�ف

ي ف رجليه ح�ت يأ�ت ع من ب�ي يعته: )ل يزول صولجان من يهوذا ومش�ت دينه وتؤمن ب�ش

شيلون، وله يكون خضوع الشعوب(.

ي أقمتك شاهدا الأمي: )إ�ف ي صحاح 8): إشعياء( نجد خطابا رصيحا للن�ب ي )الإ

و�فوتأتيك تعرفهم، لم الذين الأمم لتدعو لالأمم، وسلطانا ومدبرا للشعوب، عرفتموه فإذا الرب، عند ما فاطلبوا ورساعا، يعرفوك هرولة لم الذين الأمم صحاح )4: إشعياء( قائل: )أنا الرب قد دعوتك ي )الإ

فاستجيبوا له ...(. ومدحه ربه �ف. فأمسك بيدك وأحفظك. وأجعلك عهدا للشعوب ونورا للأمم. لتفتح عيون بال�ب

ي الظلمة..(. ف �ف العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالس�ي

ف آية يذكر فيها الله ي القرآن الكريم؛ سنجد هناك أك�ش من أربع�يوإذا نظرنا �ف

﴾ و﴿ رب الفلق ﴾ و﴿ رب الناس ﴾ هذا عدا ف ـ سبحانه - باسم ﴿ رب العالم�ي الخاتمملسو هيلع هللا ىلص قد أرسل إىل الناس كافة، ي ي ذكر فيها بالنص الواضح أن الن�ب

الآيات ال�تتبارك الفرقان: ﴿ الناس؛ ففي أول سورة ليقرأه عل ل عليه ف القرآن قد ت�ف وأن

نذيرا ﴾. ف ل الفرقان عىل عبده ليكون للعالم�ي الذي نز

ي الكتب السابقة! فلم يقل )رب الجنود( أو )إلهك وإله إرسائيل( كما هو الحال �ف

نسانية العام، وتأكيد عل سلم بالناس؛ فيه ترسيخ لمع�ف الإ ي اهتمام الإو�ف

ي، فالقرآن الكريم ل يخاطب العرب فقط، ول شعبا معينا، وحدة الجنس الب�ش

- 220 -

ف الب�ش جميعا رابطة نسان بوجه عام، ليقيم ب�ي ول قومية بذاتها، بل يخاطب الإنسانية القائمة عل ارتباط الب�ش بالله الخالق جل وعل ... فهم جميعا عباد الله، الإ

ل ليجعل شعبا معينا مختارا دون الآخرين.

سلمية، وعقائد أهل الكتاب ف العقيدة الإ من هنا؛ يتضح البون الشاسع ب�يله، )الإ يمان: الإ بأصول يتعلق فيما خاصة والتلمود، التوراة عن تناقلوها ي

ال�توالجزاء(. والنبوة،

ي إرسائيل؛ إله قبيلة واحدة يختصها بحظوته.لـه( عند ب�ف فنجد )الإ

ل أحدا منهم عل أحد ، ل يفض ف سلم؛ هو إله الخلق أجمع�ي ي الإلكن الله �ف

بغ�ي التقوى.

ي إرسائيل؛ صناعة خوارق، وكشف عن الخفايا والمفقودات. ة( عند ب�ف و)النبـو

، يقنع سلم؛ رسالة هداية وتعليم، وبلغ إىل العقل والضم�ي ي الإلكن النبوة �ف

قناع موكول إىل التهويل بالخوارق والمعجزات. الناس بالبينات والآيات، ول يجعل الإ

و)الجـزاء( عند أهل الكتاب؛ يأخذ الأبناء بذنب الآباء، ويلحق الجزاء بالخلف البعيد انتقاما من جنايات الأجداد والأسلف.

سلم؛ ل يأخذ إنسانا بجريرة إنسان آخر ﴿ ول تزر وازرة ي الإلكن الحساب �ف

وزر أخرى ﴾ ]فاطر:8)[.

ي كل انه عل العباد الذين يصلون إليه �ف سلم سلطان للمعبد وكه ي الإ

وليس �فمكان تحت السماء، ويعلمون أنهم أينما كانوا؛ فثم وجه الله.

ي اليهودية هو الذي يتقبل القربان من عباده، لكن »الهيكل Synagogue« �ف

ان والأحبار! فل يحسب لهم قربان بغ�ي وساطة الكه

الحقوق ويقرر نظامه، عل المجتمع يقيم سلم الإ أن يدرك فالمسلم وحياة الآحاد حياة ي

�ف والدنيا ين الد بشئون ويحيط بقسطاسه، والواجبات والمعاملت. فيه العبادات قواعد من قاعدة إنكار إىل يضطر فل الجماعات،

وهذا الشمول الذي يؤكده القرآن الكريم يشمل النفس أيضا، فيجمع النفس الحنيف سلم والإ ... ا وضم�ي وعقل وجسدا روحا نسان الإ ويخاطب ، والضم�ي

نصاف والمعاملة. ي الحقوق والإف بينهم �ف ف الناس جميعا، فل يم�ي ي ب�ي يسو

- 221 -

يعة ومنهاج، ونظام عمل، إنها بديهية ل سلم دين ودولة وسياسة، ورسش فالإ ملسو هيلع هللا ىلص ي ي مسلك الن�ب

لهي فحسب، ولكن يؤيدها واقع التاريخ �ف يع الإ يؤيدها واقع الت�شف : ف بها كبار المفكرين الغربي�ي وخلفائه الراشدين من بعده. وهذه الحقيقة اع�ت

ي وقت د �ف س محم يطاىلي كارلو نلينو Nilino K.: "لقد أس ق الإ فيقول المست�ش

واحد دينا ودولة، كانت حدودهما متطابقة طوال حياته«.

وثمان Strothman المحارصف بجامعة هامبورج- د س�ت وفيسور ش�ب ويؤكد ال�بنبيا، وكان سياسيا حكيما سه كان إذ إن مؤس سلم ظاهرة دينية سياسية، أن »الإ

ورجل دولة«.

سلم ليس دينا فحسب، وجرالد Fitzograld : أن »الإ ف ق ف�ت ويرى المست�شولكنه نظام سيا�ي أيضا«.

واحد وقت ي �ف كان ي »الن�ب أن إىل Thomas Arnold آرنولد توماس ويش�ي

للدولة«. ورئيسا للدين، رئيسا

سلم(: ي الإيعة �ف ي كتابه )العقيدة وال�ش

ويقول جولد تسيهرY.Goldziher �فأعمال ينظم فصار الخاص، ونظامه طابعه له عالمي بدين د( )محم أ�ت »لقد ، ووضع أسس ف يع القوان�ي حديثة، مثل توزيع الغنائم، وتنظيم المواريث، وت�شأمور الدين العلمية، وأهم احتياجات الحياة الجتماعية، ورسم الخطوط الرئيسية

سلم التاريخية، وتحقيق حياة مطابقة لما جاء به الوحي السماوي«. لحياة الإ

وقد بدأ المجتمع السيا�ي ـ الدولة - حياته الفعلية، وأخذ يؤدي وظائفه، إليه استكمل حريته وسيادته، وضم أن بعد أعمال إىل النظرية المبادئ ل ويحوملسو هيلع هللا ىلص الله ف يدي رسول ب�ي العقبة ي

بيع�ت أثر عل له وطنا عنارص جديدة، ووجد الهجرة. من تلهما وما المدينة، ووفود

ملسو هيلع هللا ىلص بارسش مهماته السياسية بمجرد وصوله إىل المدينة، فكتب ي بل إن الن�بالعلقات الجتماعية ينظم يعد من أطول كتبه، وهو المعايشة« وهو »دستور ي الحرب والسلم

ي حال�تد الحقوق والواجبات �ف والقانونية وأسلوب التعامل، ويحد

ي ذلك المجتمع الجديد بما فيه من مهاجرين وأنصار، وجماعات، وقبائل اليهود.�ف

نسان من إطار القبيلة والقبلية إىل رحاب الدولة ف لخروج الإ ي هذا الدستور تقن�يو�ف

ي مختلف الميادين. ف رعية الأمة وجماعاتها �ف ف التكافل ب�ي هذه الدستور بس�ف ف والأمة ... واس�ت

- 222 -

وهذا الدستور الجديد لهذه الدولة الجديدة لم ينسخ كل أعراف الجاهلية، بل يعة، ول يتصادم مع التطور الجديد. أقر منها ما هو صالح ل يتعارض مع روح ال�ش

ي الأصل لتحل محل الك�وية والقيرصية، أي أنها سلمية قامت �ف فالدولة الإ

قضت عل تأليه الفرد، وعل سلطانه المطلق، ولم تجعل إرادة الحاكم أساس الدولة، بل جعلت أساسها القانون.

وهذا القانون يرمي إىل تحقيق العدل والمصلحة العامة، ل إىل تحقيق إرادة الحكام أو الطبقات.

ي أثبتت وجودها، وهزمت وكانت المثالية هي الطابع الواضح لهذه الدولة ال�ت

سلم. ي جاء بها الإنسانية العليا ال�ت بت القيم الإ ك، وت�ش قوى البغي وال�ش وال�ش

ي تهدف إىل صلح وقد أخذ المسلمون من الرعيل الأول أنفسهم بهذه القيم ال�ت

أمور الدين والدنيا، وكان أخذ النفس بها مرتبطا بقدر الستطاعة، فل يكلف الله نفسا ي حياتهم.

إل وسعها، ومن ثم لم يعجز المسلمون عن المتثال لها وتطبيقها �ف

- 223 -

دعوة إىل اإلصاح العاملي إن مشاكل العالم المستعصية؛ ل تحل عل أيدي الساسة وزعماء الأحزاب

والحكومات، فل مناص من القوة الروحية؛ لحل أمثال هذه المشكلت.

سلم ـ وحده - صاحب هذه القوة الروحية الهائلة، وفيه الحل الشامل والإعل الأك�ب الباعث فيه يهمل ول كله، نسان الإ يتناول فهو إنسانية، مشكلة لكل

يمان. والإ العقيدة باعث والصلح، وهو للخ�ي والحماسة الطمأنينة،

ي العهد القديم؛ تخص اليهود ول فاليهوديــة بأحكامها المنصوص عليها �ف

تعم الأمم جميعا بالمساواة، فحرام عل اليهودي أن يقرض يهوديا بالربا، ول قاق يحرم عليه أن يتقاصف الربا المضاعف من أبناء الأمم الأخرى، ول يجوز اس�ت

ي الرق سبع سنوات! اليهودي طول حياته، ول تزيد مدته �ف

تقرب ف »ح�ي إرسائيل: لشعب التثنية( سفر من ين الع�ش صحاح )الإ يقول لك؛ وفتحت الصلح إىل أجابتك فإن للصلح، استدعها تحاربها لكي مدينة من تسالمك لم وإن لك، ويستعبد للتسخ�ي لك يكون فيها الموجود الشعب فكل ب جميع ذكورها بحد السيف، فحارصها، وإذا دفعها الرب إلهك إىل يدك فارصفا ي المدينة كل غنيمة تغنمها لنفسك. وأم

ا النساء والأطفال والبهائم وكل ما �ف وأمنسمة«. منها تستبق فل نصيبا إلهك الرب يعطيك ي

ال�ت الشعوب مدن هذه

نسان، ي الإف بالعهد القديم وسائر ب�ف ف المؤمن�ي هذه هي حدود المعاملة ب�ي

رة، وأبناء إرسائيل وحدهم فإذا سادت هذه المبادئ؛ فإن الأمم كلها عبيد مسخاء! هم أصحاب السيادة وال�ش

ومسائل القانون لمسائل تعرض لم - معلوم هو كما - والمسيحيـــة ي تصطدم

السياسة أو الجتماع، ولهذا كانت دعوتها إىل الروحانية من الدعوات ال�تف الطبقات ل يهدأ لها أوار، بالواقع، وتتمخض عن حروب ل تنقطع وحزازات ب�ي

ي تاريخ أوربا الحديث والقديم.كما نرى �ف

ف المحارب�ي ف العلقات ب�ي يتناول مسائل الجتماع ومسائل سـالم الإ لكن ، فالمسلم يقاتل ـ فقط - إذا ظلم وأخرج من دياره، ويأمره كتابه ف والمسالم�ي

- 224 -

عن وينهى بالمعروف ويأمر الزكاة، ي ويؤ�ت الصلة يقيم أن الأرض ملك إذا

لقدير. هم نص عىل الله وإن ظلموا بأنهم يقاتلون للذين أذن ﴿ المنكر: دفع ولول الله ربنا يقولوا أن إل حق بغ�ي ديارهم من أخرجوا الذين مت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر ببعض لهد الله الناس بعضهم ه إن الله لقوي عزيز. الذين إن ن الله من ينص ا ولينص فيها اسم الله كث�يكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن الة وآتوا الز رض أقاموا الص ي الأ

ناهم �ف ك معاقبة الأمور ﴾ )الحج 39-)4(. ولله المنكر

ى أن يكون له أرس ي أن يكون له أرسى: ﴿ ما كان لن�ب ي سالم للن�ب ف الإ ول يج�يخرة والله عزيز حكيم ﴾ نيا والله يريد الآ رض تريدون عرض الد ي الأ

يثخن �ف ح�ت]الأنفال:67[.

تضع ا فداء ح�ت ا منا بعد وإم ثم هو يستحب للمسلم المن أو الفداء: ﴿ فإمالحرب أوزارها ﴾ ]محمد:4[.

ي الأرس، وطلب المكاتبة، فقبول طلبه واجب عل موله: ﴿ والذين ومن بقي �ف

ن ا وآتوهم م ا ملكت أيمانكم كاتبوهم إن علمتم فيهم خ�ي يبتغون الكتاب ممال الله الذي آتاكم ﴾ ]النور:33[. م

ف الشعوب المتعادية أعدل من هذه المعاملة، وأقرب ي معاملة ب�يول مطمع �ف

ف فإنها كفيلة بإنصاف جميع ف المسالم�ي ا المعاملة ب�ي منها إىل إزالة العداء والبغضاء، فأمن الناس يتفاضلون بالأعمال الصالحة ول يتفاضلون بالمظاهر والأنساب.

الطبقات، لأ

ف الذهب والفضة ف لأحد أن يك�ف وة؛ فل يج�ي ي توزيع ال�شسـلم الجور �ف وينكر الإ

ف والمساك�ي للفقراء زكاته يؤدي أن عليه وجب مال جمع ومن مقنطرة، قناط�ي ل حسنا العون قرضا منه يطلب من ف يع�ي أن بأرسها، وعليه الجماعة ومصالح اء، فل تطفيف للكيل ول مضاعفة فيه للربا، ول تجاوز فيه لمكاسب البيع وال�شي

إيثار لأحد عل أحد �ف مغالة بالربح ول خداع، وكل يجزى بعمله وسعيه دون رض جميعا ﴾ ]البقرة :9)[. ي الأ

ا �ف ات الأرض جميعا ﴿ هو الذي خلق لكم م خ�ي

فل يزعمن إنسان أو جمع من الناس أنه أحق بالأرض من سواه.

فالعالمية أو العولمة أو النظام العالمي المنشود؛ ل يعتمد عل عقيدة أصلح صلح الوحيد. سلمية ... لأنها أمل الإ لتعميمه، وحض النفوس عليه من العقيدة الإ

- 225 -

تعرض ول الأخروية، حياته ي �ف نسان الإ روح بخلص ي

تع�ف المسيحية وإن من عالمية وحدة ف ب�ي الدنيا الحياة ي

�ف التطبيق تقبل ي ال�ت الحلول من حل عليه

ي نسان �ف جميع العنارص والأقوام، ولو كانت المسيحية الغربية علجا لمشكلت الإ

ي طغت عل روسيا، واقتلعتها العرص الحارصف لعالجت تلك المادية الماركسية ال�ت

يمان بالله. ين والإ من أحضان الد

ينفي الشيوعية، المال ونظام نظام رأس ف ب�ي ســالم وسطا الإ نجد لكن؛ ف معا، ويأخذ بالمحاسن منهما بالقدر الصالح للجماعات؛ فهو

المساوئ عن النظام�يالربا الذي م عليه ف الذهب والفضة قناط�ي مقنطرة، ويحر يكره للمسلم أن يك�فف بغ�ي جهد مفيد، ثم العامل�ي يتيح لأصحاب رءوس الأموال أن يستغلوا جهود ي

وعة، فل يقتل �ف هو يأمر بالزكاة، ويسمح بالتملك، ويطلق السبيل للمنافسة الم�شالنفوس دواعي السعي والتحصيل.

ي شئون المعاش والدنيا، ف الستغراق �ف نسان وب�ي ف الإ ســالم يحول ب�ي والإ

ي الليل والنهار، فل تطغى عليه الأعل خمس مرات �ف ة العلي لأنه يناديه إىل حرصف

دد عل عالم الروح وعالم الجسد من الصباح الباكر إىل عات المادية وهو ي�ت ف ال�فأن يضمه النوم ليل.

ي العقود الماضية؛ كان الغربيون وأصحاب المذاهب الوضعية العجيب، أنه �ف

سلم أنه دين جمود، وأنه يعوق المعاملت القتصادية، ول يسمح ينعون عل الإكات؛ لتحريمه قروض الربا والفائدة المضاعفة، وإنكاره بتنظيم المصارف وال�شلكل أشكال وصور ربا الجاهلية، لكن لم يشأ هذا الجيل صاحب هذه الصيحة أن نسانية، وعائقا فوا بخيبتهم، وأعلنوا أن رأس المال كان نكبة عل الإ يرحل ح�ت اع�ت

من عوائق الحرية الكريمة والعمل النافع.

سلم؛ أمس وأقوى من حاجتهم إليه ي هذا العرص إىل الإنسان �ف إن حاجة الإ

ي نشاء الوحدة العالمية، ولأنه يسو ن قواعده الخلقية صالحة لإ... لأ فيما م�ف

للأفراد ف ويع�ت تقوى، بغ�ي الأسود فضل للأبيض عل يرى الأجناس، ول ف ب�يبالمساواة والحرية، ويجعل الحاكم وهو »إماما« يقتدى به، ول يجعله ربا مترصفا

ي عباد الله.بمشيئته �ف

Dr. يا�ف وفيسور در وقد وقف عل هذه الحقيقة كث�ي من المفكرين، أمثال ال�ب

د، فأيقنت محم ي ا أخذت أدرس حياة الن�ب M. H. Durrani الذي كتب يقول: »وأخ�ي

- 226 -

ف ف أقوام كانوا من قبل متحارب�ي ي الذي أقام مملكة لله ب�يبعظمة هذا الرجل الربا�ف

طرق المشينة، فغ�ي الأفعال كل فون ويق�ت الوثن، يعبدون قانون، يحكمهم ل راية واحدة وقانون ل عاداتهم وأخلقهم، وجمعهم تحت بد بل هم، ل تفك�يواحد ودين واحد وثقافة واحدة وحضارة واحدة وحكومة واحدة، وأصبحت تلك ي انطلقت إىل أق�

ه وهديه تنجب ألوفا من النفوس الكريمة ال�ت الأمة، تحت تأث�يسلمية، الإ الحياة ونظام وأخلقه، سلم الإ مبادئ إىل تدعو المعمورة أرجاء

ين الجديد«. وتعلم الناس أمور الد

يقود لأنه سلم، الإ لمبادئ الحديث العالم ي �ف المستقبل يتقرر هنا؛ من

العالم كله إىل الخلص بعد فشل رأس المال، وفشل الشيوعية، وقصور العقائد نسانية الروحية الأخرى عن تدارك أحوال المعاش، وتدب�ي الحلول للجماعات الإي مشكلت الجتماع والقتصاد وما يتفرع عليها من مشكلت الأخلق والآداب.

�ف

، وسلمان يسـلم منذ بزوغ فجره؛ فقد جمع بلل الحبىسش وقد تجلت عالميـة الإ

ي مودة، وعاشوا تحت ي ... وآخى بينهم �ف ، وصهيب الرومي، وأبا بكر العر�ب الفار�ي

مظلة دين واحد، ل فضل لأحد عل الآخر إل بالتقوى والعمل الصالح.

تؤكد بل العالم، من بقعة كل ي �ف سلم الإ يتواجد أن -إذن- ول عجب

ين الأول سلم( هو الد حصاءات والدراسات الغربية أن عام 050) سيكون )الإ الإالعالم. العدد عل مستوى من حيث

ي ال�ت والشعوب الأمم تلك استجابت كيف بموضوعية: ر ونفك فلنتأمل،

سلمـ ومازالت - مع اختلف بيئاتها ونظمها الجتماعية؛ ومنها الأوربيون دخلت الإهم ، وغ�ي ف والأمريكان، فضل عن الأحباش والأفارقة والفرس والهنود والصيني�ي

ي ل نهاية لها ..؟!من الأمم والشعوب ال�ت

لتلك الظاهرة؟! فليبحث لنا العالم عن تفس�ي

كه ة المغريات ب�ت ف بدينهم؛ برغم ك�ش ا آخر لستمساك المسلم�ي ونريد تفس�يين الذي أنتج حضارة من ا منطقيا لهذا الد ة؟ كذلك؛ نريد تفس�ي ي الحقبة الأخ�ي

�فية من حضارات؟! أبدع وأغ�ف ما عرفته الب�ش

الله القويم، سلم دين يتباهى به الكون كله، لأنه منهج الحق أقول: إن الإ / عن ذلك الفيلسوف الفرنىسي والمخرج الحقيقي من الظلمات إىل النور، وقد ع�ب

- 227 -

Promesses سلم ي كتابه الشه�ي )ما يعد به الإروجيه جارودي Roger Garaudy �ف

ي خرجت من كابوس كاد سلم، أحسست أن�ف ي الإ

De L’Islam( بقوله: »بمجرد اعتنا�تف وسط ظلمات الأيديولوجيات، وما ي ... ول أدري كيف قضيت كل هذه السن�ي

يخنق�ف؟!« ف كان لمثلي أن يعمى عن ذلك النور المب�ي

- 228 -

يف عالـم اجلمــال

يف؛ لـم يكن الشعراء النصارى العرب بمعزل عن هذا الجلل النبوي ال�شي

ي تمثل علمة بارزة �ففقد جادت قرائحهم بوابل صيب من المدائح العذبة؛ ال�ت

ي عارض فيها قصيدة ي ال�ت ة المدائح النبوية، بدءا من قصائد الأخطل التغل�ب مس�ي

من وافر عدد فيه برز الذي الحديث، العرص إىل نصل أن إىل ، زه�ي بن كعب والشاعر ، ي

ماصف ي أ�ب وإيليا مطران، خليل أمثال: ، ف المسيحي�ي والشعراء الأدباء ، وشبلي ي المغر�ب ، وجورج صيدح، وميشال ان، والأخطل الصغ�ي القروي، وج�بي

وحس�ف ، يتو�ف ال�ش الخوري ومحبوب ، قرنفلي ووصفي فياض، ونقول الملط،

رشيد غراب، وإلياس طعمة، ونرص سمعان، وإلياس فاعور، ونقول حنا، وناصيف أيوب، وجميل لبيب، والأب/ نيفون سابا، ويوسف حنا العيد، وجميل الخوري، ي شماس، ومـارون عبـود، وإليـاس قنصــل، وسعيد جرجس العيىس، وجاك ص�بهم من الذين حملوا عل عاتقهم رسالة الأدب الرفيع؛ للدفاع عن مقدرات وغ�يومقدساتها، ورموزها الأمة وهوية الضاد، لغة عن فنافحوا ورسالتها، الأمة

الأكرمملسو هيلع هللا ىلص. ورسوله سلم بالإ والتفاخر

النصارى)))(، مما الشعراء به الذي تغ�ف عر الش من ألوانا وها نحن نسوق مفاخرة، انتماء ملسو هيلع هللا ىلص ــد محم ف العالم�ي لسيد وانتماءهم هؤلء عروبة أن يؤكد

! النظ�ي منقطع ف وحن�ي ونسب،

عر وس )1888-1957( الذي نظم الش ي حليم دماعر اللبنا�ف فهذا هو ذا الش

بداعية: »ديوان حليم« ومجموعة شعرية ة من عمره، ومن أعماله الإ ي العارسشوهو �ف

« ومجموعة شعرية باسم »صدى الجنان« يبديعة مصورة بعنوان »المثالث والمثا�ف

ة ضمنها بطولت العرب وآثارهم وفتوحاتهم ومدنيتهم. كما نظم ملحمة كب�يها ... إذ يتوجه وله مؤلفات أخرى مثل: »قاموس الأعلم« و«يقظة الروح، وغ�ي

مـــي ملسو هيلع هللا ىلص: بشعره مادحا الرسول الأ

يسسكو ))0)م.أ

، منشورات منظمة ال ي القوصيي شعر النصارى العرب، محمد عبد الشا�ف

)))( محمد �ف

- 229 -

صفاته بعض والمجد أمحمد بعث الجهاد لدن بعثت وجردتأميــــــة ي

�ف الله ذكر ورفعت سفــــــره يعلم لأمي مرحى ي مسيـحي أحـب محـــــمـــــدا

إ�ف

الأديانــــــا تعليمك ي �ف مجدت

أسياف صحبك تفتح البلدانــــــايمانـــــــا الإ ونفحتهــــا وثنية نبغاء يعرب حكمــة وبيانــــــــاي فلــك العــال عنـــوانـــــا

وأراه �ف

ي قصيدة أخرى طويلة، يقول حليم دموس:و�ف

عر باسم محمد عروس الش ي تغ�ف

نوافذ إل الأديان ما لعمرك ي القــرآن عيىس بن مريـم

فألمح �ف

ة أحمــد الدنيا بس�ي ي وهزي ب�ف

ــد المتعب مقلة منها الله ترى نجيــل روح محـمـــد ي الإ

وأشهد �ف

بذكرى احتفالهم ف المسلم�ي يشارك مطران( )خليل القطرين شاعر وهذا، ي سبيل

ي شعره دروس الهجرة النبوية، وجهاد الرسول �ف)مولد الهدى( ويستلهم �ف

ـد ... رسـالة الله«: ي قصيدة طويلة بعنوان: »رسـالة محمتبليغ رسالة ربه، فيقول �ف

بهجرتـــه عا�ف ما )محمد( عا�ف وكم غزاة وكم حرب تجشمهــــاكذا الحياة جهــاد، والجهــاد علـى

محمــــود الله سبيل ي �ف لمأرب

وتأييــــد ف بتمك�ي يعود ح�ت

قـدر الحيـاة، ومن فــادى بها فـودي!

ك وعبادة الأوثان، وعدله ي محاربة الجهل، وإزالة ال�شوعن أثر الرسول، �ف

وعطفه وإحسانه عل أهل الكتاب، وإقرار مبدأ الشورى، يقول شـاعر القطرين:

ثقـــة مبيد الجهل عن حلم بأي أمتـــه مــي الأ الف�ت ذاك أعاد هم صعبان راضهما: توحيد مع�شي الأرض تمهيدا لدعوتـــه

وزاد �ف وبدئه الحكم بالشــورى يتم بــهـده جمــاع أيـ هذا هو الحـق والإ

الصيــــد القادة وأي عزم مذل شمال جميعا من الغر الأماجيـــداك بتوحيـــد وأخذهم بعد إرسشوالهـــود ف للمسيحي�ي بعهده ما شاءه الله عن عدل وعن جــــودبتفنيــــد! أولــى يفنــده فمــن

متأثرا كان واسعة، شهرة نال الذي صيدح( )جورج المهجري الشاعر ا أمي

ا ما كان يوظف المعا�ف سلمية، وشغوفا بجمال الألفاظ القرآنية، فكث�ي بالثقافة الإقصيدته ي

�ف فيقول بداعية، الإ ورؤاه أفكاره به يخدم بما القرآنية والدللت ب«: ي�ش »صحراء

- 230 -

هــــل الغار، حراء فا رسششفـــــا من الشهادة أخذ

النجــــــي ضم صدره ي �ف

الكتــــــــــا أم لــــت ف وت�فالـــــــ ذلك الأعارب فهدى لهـــــــم الدنيا ي

و�ف أضحوا آلء بـــــأي صاحبـــــي يا البــــــرا عىل رسيــــت من يا د تجـــــد ن لأ الأوان آن علمتهـــــم الــــــــذي أنت جنـــــــا للشهــــداء ونذرت آلء بــــــأي صاحبـــــي يا

مكـــــــان؟ الدنيا ي �ف كحراء

البنـــــــان أخذ المصطفى ه الزمــــــــــان معجزة وصان اللبـــــــــان مع اليتيم عىل ب الحســــــان ــــــــور بالس أمي اللـــــه شــــــأن شأن وعنـــــد تكذبــــــــــان؟ النبــــــــــــي العنـــــــــان أشواط وجزت ق ...آن المعـــــــــراج ليلـــــة بالسنــــــــــان المهانة دفع حســـــــــــان وخيـــــرات ت تكذبــــــــــــان؟ النــبـــــــــي

اعر )إلياس سلمملسو هيلع هللا ىلص، الش ف الذين شادوا بعظمة رسول الإ كذلك من المسيحي�ياها ي سم

, وهو صاحب المطولة البديعة ال�ت ي قنصل( وهو من شعراء المهجر الجنو�بي ديوان مستقل, افتتحها بمقدمة قال فيها: »قرأت

ي الكريم( وطبعها �ف العر�ب ي )الن�بوالتلميح العربية, الأمة الكافر عل التحامل فيها مقالة, ف العلماني�ي الكتاب لأحد الهاشميملسو هيلع هللا ىلص ي ة الن�ب الفاجر إىل جمودها لتمسكها بالقرآن الكريم؛ فراجعت س�يي

ي أمام دنيا من الأخلق الرفيعة والمواقف السامية, ال�تي -مرة جديدة- أرا�ف فإذا �ب

ي يبحث عنها الناس. واستعرضت أعمال ف رصاط الحق والهدى ال�ت خطت للعالم�ي

عون أنهم يريدون أن يقودوا العالم إىل رياض السلم والطمأنينة؛ فلم الذين يديبدون فيما والخداع الكذب إل أجد ولم المقدسات, تمزق أظافرهم إل أجد

ي هذه!وفيما يكتمون ... فكانت قصيد�ت

ار دعا الناس إىل عبادة الواحد القه ي ة الرسول حياة ن�ب ي س�يي لم أطالع �ف

إن�فلوقائع العزة والكرامة وصورا عما تستطيع فحسب؛ وإنما طالعت فيها معرضا أمتنا أن تأتيه من الأفعال لو عمدت إىل الأخلق النبوية، فجعلت منها النور الذي

دملسو هيلع هللا ىلص بقوله: محم ي ي مدح الن�بر »إلياس قنصل« قصيدته �ف يهديها«. يصد

الحدثـــــان طوارق تهم خلق الجهاد لكل ذي وجــــــدانماذا

عك فامض فيــــه مؤمال بالخــــــذلنالحق رسش الكفر غ�ي آب ما

- 231 -

الناس من أهوائها للعميــــــانعميت نفوس النور جمال فأعد بضاللـــــــه ملفف ف ب�ي فرق الأكفـــــــــانل بنواصع وملفف

ة العطرة، وثبات ثم ينتقل )إلياس قنصل( إىل الحديث عن وقائع من الس�يمال من عليه عرضوها ي

ال�ت القوم غراءات لإ ي والتصد دعوته، ي �ف الرسولملسو هيلع هللا ىلص

وجاه وسلطان ... فيقول :

والعـــدى محمد يا ذكرتك ي إ�ف

وقلوبهم أبصارهم بت عىل �فمصغيـــــا محمد يا ذكرتك ي

إ�ف يغريك بالذهب الوف�ي وكم عنتدا مسو تكون أن تبغي كنت إن برسالة تقيسه ف ح�ي المال ما تركته الجليل الخلق من مثل

الذؤبـــــان تألـــــب يتألبــــون ليل الفساد أصابع الشيطــــــانحــيـــــران ناصح عم لحديث للفلس من مهج ومن أذهــــــانالأقــــــران سيادة إليك جاءت علوية؟ ما المجد؟ ما القمـــــران؟درسا لكل مناضــــل متفــــــــان

ه فيما كان يصبو اعر »إلياس قنصل« قصيدته، معتذرا عن تقص�ي ويختتم الشدي، فيقول : ي الوصول إليه من الكمال المحم

إليه من مدح وثناء، أو فيما خانه التعب�ي �ف

بكمالـــــه ي حماس�ت يث�ي من يا

هي باقة تهدى إليك زهورهـــــاي عذرا إذا شاهدت ضعف لســـــا�فيبستـــــــا�ف به يزهو ما من خ�ي

بلقب اشتهر الذي الخوري( )رشيد سليم ي الجنو�ب المهجر أشهر شعراء ومن يف، النبوي ال�ش المولد اعر القـروي« وقد صاغ إحدى روائعه بمناسبة ذكرى "الشية« يشيد بهذه المناسبة العطرة، وما فيها من ذكريات غالية، فيقول : بعنوان »عيد ال�ب

النبوي المولد عيد ية ال�ب عيد ابن عبد الله من طلعت ي عيد الن�ببدا من القفر نورا للورى وهدى

ف دوي ف له والمغرب�ي ق�ي ي الم�ش �ف

شمس الهداية من قرآنه العلويبدوي من الكون عم ن للتمد يا

القديم، مجدهم لستعادة ف المسلم�ي القروي« ـاعر "الش يستحث ثم فيهتف: وتحياته، وحبه سلماته ملسو هيلع هللا ىلص الله رسول ويقرئ

يا فاتح الأرض ميدانا لدولتـــــه يا قوم هذا مسيحي يذكركــــــمفإن ذكرتم رسول الله تكرمـــــة

صارت بالدك ميدانا لكل قــــويق إل حبنا الأخــوي ل ينهض ال�شاعر القــــروي فبلغوه سالم الش

- 232 -

/ نقول يوسف حنا ) 3)9)-999) م( الذي انخرط يكذلك، الشاعر الفلسطي�ف

- يعد من أعذب ف ي سلك المقاومة ضد الصهيونية، والدفاع عن القدس وفلسط�ي�ف

ولعل السلمية، القصائد من كث�ي وله الحديث، العرص ي �ف الشعرية الأصوات

الخلق مـن آل هاشم( تعد من عيون قصائده، إذ يقول فيها: قصيدته )محـمد خـ�ي

الخلق مـن آل هاشم د خـ�ي محـمف الله الـوجود ببعثه لقـد شـر أنـار عقـول أوغلـت فـي ضاللهاـــــــد متهج زاهد نقــــي تقـي شجـاع كريـم ل يخـيب ســائـــــالمتـواضع سـيد حـلـيـم قـدير عفـيف يفيض الطهـر من نور وجهه فضـائله حـيـن استبانـت لقـومه سجـايـاه أعيـا وصفهـا كل حاذقيولست أجـيـد القـول لكـن مدح�ت

نـبـي كريـم والجدود كــــــــرامنـام مقــــــــام وتـم له فـوق الأ وأزرى بنـور الـبـدر وهو تمـــــام عزيـز أبـي لـيس فـيه مـــــــــالم ول عن غيـاث الـمستجـ�ي ينــــــام حكيـم بتصيف الأمـور همـــــام حـبـيب مهـيب مـنذ كـان فطــــام دعوه أمـيـنا وهـو بعد غــــــالمكـــــــالم وضــاق مداح فقصوغــــــرام بـها أمـلـت مـنـاقبه

احتفال مشاركته أثناء بديعة قصيدة فرحات( اعر)إلياس الش ألقى وقد إخوانهم مع ملسو هيلع هللا ىلص البش�ي الهادي مولد بذكرى الأمريكي المهجر ي

�ف ف اللبناني�يالنبوية، البعثة الأرض قبل عمت ي

ال�ت الجهالة اعر- عن -الش ، فتحدث ف المسلم�يسلم عن سلم من الأخوة الرحيمة، كما دعا إىل دراسة الإ وأفاض فيما جاء به الإ

فقال: اق، الست�ش صحائف من ل أصحابه، كتب طريق

النبــوة بأنــوار الأرض غمــر لم يكــد يلمع حــ�ت أصبحـــــــتدامــس ظــالم الكــون بينمــا ســالم بحــرا زاخــرا وطمــى الإ

ســالم للعــرب عــــــال ي الإ إن �ف

ــه ــا جاهلــ ــالم ي س ــادرس الإ فأمـــــة ـا إنـ اللــه رســول يــا ذلــك الجهــل الــذي حاربتـــــه

كوكــب لم تــدرك الشــمس علوه ترقــب الدنيــا ومــن فيهــا دنوــــهي مكــة للنــور كــــــوة

فتحــت �فوالفتـــــــوة المعــاىلي بــأواذي ــوة ــاس أخــــ ســالم للن ي الإ

إن �ف تلــق بطــش اللــه فيــه وحنــــــوهــوة ــق ه ي أعم

ــل �ف ــا التضلي ه زجق عتــــــوه ي ال�ش

لم يزل يظهر �ف

ب بـ"أم�ي المنابر" / نقول فياض )873)-958)م( الملق يا الشاعر الطبيب اللبنا�ف أم

ي قصيدته )محمـد رسول الله( من ديوانه )رفيف الأقحوان( قائل:( �ف ي العر�ب ي فيناجي )الن�ب

- 233 -

بيانـــــــا ي ألهمــ�ف العــرب ي ن�ب

ــق ــواء حــــ ــوس ل ــع للنف وأرفي حنايــا كل صـــــدر

�ف وأجعــل

عــىل عجــزي أهــز بــه الزمانــا وأبســطه عــىل الدنيــا أمانــــــالمولــدك المبــارك مهرجانــــــا

الخاتم، ي نا باسم الن�ب ى ولده )محمد( تيم بل إن الشاعر/ مـارون عبـود- سمة تشهد عل ي هذا السم المبارك أجمل قصائده، وله قصائد إسلمية كث�ي

وكتب �فبراعته الأدبية، وثقافته اليمانية ... ففي إحدى قصائده تحدث عن فصاحة الرسول سلم، فقال: ة الإ وبلغته، ثم شهد عل عظمة القرآن الكريم المعجز؛ الذي صاغ أم

لول كتابــــك ما رأينا معجـــــزا حملت إىل الأقطار من صـحرائهـاــه ر ىلي كأن قوامــ ــو ــاد يصـــ هـ

ــان ــة البني ــة مـرصـوصـــ ــ ي أم �ف

قبس الهــــدى ومطارف العمرانيــــمان د مـن عنصـــر الإ متجـــس

ي )شبلــي مالط( واحدا ممن جاءوا إىل مرص سنة 7)9) اعر اللبنا�ف وقد كان الش

عر، وقد ألقى قصيدة رائعة، قالوا عنها: مارة الش ي لإي مبايعة شو�ت

ممثل لدولته �فبعواصف مرتجا وقعد لها قام قد الكب�ي الحفل إن ح�ت يقال! ما أحسن إنها ي عمت الدنيا

ف بأمجادهم ال�ت ر فيها العرب والمسلم�ي التصفيق والتهليل، حيث ذك، وطالبهم بالعمل واليقظة لنتشال العالم من وطأة الطغيان والفوصف ي

ي الماصف�ف

ي صارت قانونا. المهم أنه تحدث فيها عن فضل الرسول الكريم عل العرب ال�ت

خاصة، وعل الدنيا بصفة عامة، وكان مما قاله:

مــن للزمــان بمثــل فضــل محمــد رفــع الرســول عمــاد أمــة يعــربغشــت الفتوح، وصفقــت راياتها

الخطــــاب؟ كعدالــة وعدالــة وأمدهــــا بــالآل والأصحــــابق فوق أباطح وهضـــاب ي الــ�ش

�ف

أيما ويجيد سلم، الإ ي ن�ب يمدح سلسلمي( )جورج ي اللبنا�ف الشاعر نرى كما

ي البيان الساحر العذب، وقبل أن ينهي قصيدته؛ يتوجه بالعتذار لرسول إجادة �ف

الله، خشية أن يكون الحظ قد خانه، وتلعثم لسانه ... ولم يصل إىل مبتغاه، فيقول:

يــا ســيدي يا رســول اللــه معذرةــة ي لغ

ــذ �ف ــان الف ــت رب البي وأنــة ــن حــق وتكرم ــك م ــاذا أوفي م

ي ــ�ي ي وتقصــا�ف ــك تبي ــا في إذا كب

تشــأوا اللغى حســن تنميق وتصويري وتقديري

وأنــت تعلــو عــىل ظــ�ف

اعر المسيحي )عبد الله يوركي حالق( ي هذا المجال، أن نذكر الشول يفوتنا �ف

ملسو هيلع هللا ىلص مظهرا إعجابه به, سلم, ويمتدح الرسول محمدا الذي أم�ف عمره يباهى بالإ

- 234 -

سلم دينا ك مناسبة أو مقابلة إعلمية إل وتحدث بإسهاب عن الإ ح�ت إنه لم ي�تية إىل النور والعدل والسلم, وعن القرآن الكريم معجزة إنسانيا ساميا هدى الب�ش

إلهية تسجد لبلغتها الجباه.

ي أشعاره ... وما سلم عكسه "عبد الله حلق" �ف عجاب بكل ما يتعلق بالإ هذا الإ

ي الحتفالت الدينية، د �ف ي مدينة حلب ح�ت اليوم ترد

زالت الجوامع والمساجد �في مديح

ي كتبها "عبد الله حلق" �في تسابيح التهجد قبل صلة الفجر الأشعار ال�ت

و�فف صفحات دواوينه، لعل أشهرها ة مبثوثة ب�ي محمدملسو هيلع هللا ىلص، وهي أشعار كث�ي ي الن�بي

عر السادس الذي أقيم بدمشق �ف ي مهرجان الشي ألقاها �ف

قصيدته "النونية" ال�تي مطلعها:

سبتم�ب )96) ال�ت

قبــس من الصحراء شعشــع نورهي أردانــه عبــق الهــدى

ومــىسش و�فيعة من غياهب رمســها بعــث ال�شســفره يعلــم مــي لأ مرحــى مــن ذا يجاذبه الفخــار وقد حمىمحمــدا أجــل مســيحي ي

إ�ف وأطأطــئ الرأس الرفيــع لذكر مننــه لأ بالرســول، أباهــي ي

إ�فنــه داس الجهالــة وانتــ�ف ولأ

فجــال ظــالم الجهــل عــن دنيانــاالأكوانــا عطــر فضــل وأريــج فرعــى الحقــوق وفتــح الأذهانــاوبيانــا حكمــة يعــرب نبغــاء العربانــا؟ ف

ورسش اللغــات أم عنوانــا العــال ســفر ي

�ف وأراه صــاغ الحديــث وعلــم القرآنــا صقــل النفوس وهــذب الوجداناســيف الجهــاد فحطــم الأصنامــا

بحضارة المهجر- شعراء أحد المعلوف( )رياض اعر الش ويفاخر هذا؛ والحكم، ائع لل�ش ودستور خالدة، معجزة الكريم القرآن أن ويؤكد سلم، الإ

الله(: ـد )وح بعنوان قصيدة ي �ف فيقول

وحــد فالمــؤذن اللــه ــد وح يــا رســول اللــه أنــت وعيــىس عيــدك اليــوم غبطــة وابتهــاجكتــاب الكريــم قرآنــك إيــه كريــم وقــول كلــه عــ�بوكفــى العــرب فخرهم بانتســاب

ي العيــد أنشــد �ف ي وبذكــر النــ�ب

خــ�ي من يصطفى ويرجــى ويقصدــهد ــه يش ــراب والل ــع الأع لجميمنضــد در ومــن كلــه رائــع يتجــــــدد عمــره طــال كلمــا محمــــــــد ي النــ�ب هــو ي لنــ�ب

روائع من وافر نصيب له )(94(-(889( طعمــة إلياس اعر/ الش أن كما قصائده: إحدى ي

�ف يقول النبوية، المدائح

- 235 -

يا أحمد المرت�ف والمرتجى أبـداى ي خــ�ي من وطــئ ال�ش

وكيــف أو�فــخرا ــا وفـ فـ ي رسش

ــ�ت ــت عروبـ رأي

أنــت من ســطوات الــروم تحمينا مـــن المــدح حقـــا والثنــاء عيــاءــارى ــالم النصـــ ــت أود إسـ فبـ

ي شماس« عضو اتحاد كتاب سوريا- فيستهل اعر المعارص »جاك ص�ب ا الش أمي أعماق شاعر( بمدحة نبوية بعنوان »أوراق اعتمادي« يقول

ديوانه )هواجس �في مطلعها :

�ف

محمــــــدا أجــل مســيحي ي إ�ف

وأجــل أصحــاب الرســول وأهلــه كحلــت شــعري بالعروبة والهوىي هيــام محمــد

أودعــت روحــي �ف

ــالم س ــا الإ ــادا مهده ــل ض وأجــة موقــف وإمــام حيــث الصحاب ولأجــل )طــه( تفخــر الأقــالمــام ــراب والأعج ــه الأع ــت ل دان

مدى يكشف جاك شماس- عن الرسل( )خاتم بعنوان أخرى، ي قصيدة و�ف

الخاتم وإعجابه برسالته، ويعلن أنه سيظل ينافح عنه ح�ت لو عوقب ي رسوره بالن�ببقطع لسانه، فيقول:

ي يممــت )طــه( المرســل الروحــا�ف

بالهدى ح الموش الرسل يا خاتم ــد( ــوغ )محم ي نب

ــطر �ف ــاذا أس م أنــا يــا )محمد( مــن ســاللة يعربومتيمــا مولهــا عنــك وأذود ي

ي فصيــح بالغــ�تت شــأوك �ف أكــ�ب

مهمــا مدحتك يا )رســول( فإنكم

يــصا�ف ــاعر الن ــه( الش ــل )ط ويج

البنيــان شــامخ نبــل ورســول درب النجــاة وشــعلة الفرقــانوتفــان محبــة ديــن أهــواك ــزى بقطــع لســان ــو أج حــ�ت وليــا�ف ي وبي

ــ�ت ي مهج ــ�ب ــغاف قل وشــان ــوق كل بي ــح وف ــوق المدي ف

اعر السوري ولعل أجمل ما نختم به هذه الروائع؛ ما جادت به قريحة الشقية( ميخائيل خ�ي الله ويردي )904)-978)( صاحب كتاب )فلسفة الموسيقى ال�ش( وقد كان معجبا ح لجائزة نوبل عام)95) وهو صاحب ديوان )زهر الر�ب الذي رشدة( ة الرسول الأكرم، فكتب عدة مدائح نبوية، منها قصيدته )نهج ال�ب جدا بس�ي

ة، يقول فيها: ي الشه�يمعارضة لقصيدة أحمد شو�ت

مــن قبلــك العــرب وحيــا جد منســجميا عبقــري الورى الأمي هل ســمعته عــن ف ــدمآياتــك الغــر إعجــاز تــ�ف ، وليــس دعــي الحب كالس نــديــت مــن علم الهــدى حي ي ــم فيــا نــ�ب ــم بالعــدل مدع ــر متس بالطه

- 236 -

ــمأحببــت دينــك لمــا قلــت أكرمكــم ــم للحك ــت الحك ــم وترك أتقاكــم ف ول ي هــدى للعالمــ�ي

ــت إ�ف تلجأ إىل العنــف بل أقنعت بالكلموقلي دينك الســمح ل جنس ول وطن

ــم�ف ــىل عل ــدو ع ــرد أخ يش ــكل ف فــد رد مــن ضلــوا وعلمهــم ــن كالرمــممحم ي ك

ــوا�ت حــق النســاء اللــة ي الأرض قاطب

ــا �ف تن ــر أم ــا فخ العرب والعجمي ف د المصلح�ي وسي حســب قدرتــه مخاطبــت كل ذكي ــ�ب ــوم بال الق ي ــن بغــ�ب ــم تك ولــن دول م

ف ــك�ي ــت أرأف بالمس رأت بأمثالــه رسبــا مــن الغنــموكني الناس ما بزغت

ــمفالمصطفى خالد �ف ــكل ف ــدوح ب ــوم ومم أم النجي الأســحار مــن أمميــا نفحــة مــن جنــان الخلد ســارية

كالــورد يلثم �فمميا أجمــل الخلق ســيماء وأظرفهم طبعــا وأوفاهــم بالعهــد والذ لــب الشــاعر الفهمعشــقت منــك صفات جــل مبدعها ف كالغيــد تفــ�تمفصلــة بآيــات ي ر�ب ــمحيــاك ــاس أعجــز عــن إدراك ربه والنــمتبــارك هللا لــو شــاءت مراحمــه ــاس كله ف الن ــ�ي ــورك ب ــع ن لشلــه عــىل ذكــراك ممتدحــا حــ�ت تــؤم صــالة البعــث بالأمم! صــىل الإ

يمانية الإ رحلتنا نختتم الجمــــال( )عالــم ي �ف ال�يعة الأدبية هة ف ال�ف بهذه

وإمام المجاهدين، وسيد العابدين، وقدوة النذير، والبش�ي ، ف الأم�ي الصادق مع ف .. ف�ت الفتيان، وفارس الفرسان، وبطل الأبطال .. ة الله عل العالم�ي ، وحج ف المرسل�يى ... ومشتهى كل الأمم! فاعة الك�ب سيد ولد آدم، وصاحب لواء الحمد، وصاحب الش

- 237 -

بـة مراجـع عربيـة ومعر

القرآن الكريم.. 1

الكتاب المقدس. . 2

إصدارات . 3 قوبعة، د.محمد ترجمة: د، محم حياة ، ف لمارت�ي دي ألفونس

006)م. ف البابط�ي مؤسسة

، القاهرة، 994)م.. 4 د، دار مرص للطباعة والن�ش ، حياة محم اللورد بودىلي

، دمششق، 998)م.. 5 ي قية، دار الكتاب العر�ب ي الغرب رسشآنا ماري شميل، حيا�ت

محمد، مكتبة النافذة، القاهرة 0)0)م.. 6 ي توليستوي، حكم الن�ب

قصور . 7 هيئة إصدارات السباعي، محمد ترجمة: الأبطال، كارليل، توماس 009)م. القاهرة الثقافة،

جوستاف لوبون، حضارة العرب، دار المعارف، القاهرة، 978)م. 8

9 . ، ي القوصيجورج برنارد شو، محمد أعظم الرسل، ترجمة محمد عبد الشا�ف

، ))0)م. دار الفجر للن�ش

الشيخ، . 10 الرحمن الدين السلمي، ترجمة عبد د مؤسس جورج بوش، محمالقاهرة )00)م. المريخ، دار

صالح . 11 ترجمة الألمانية، الجامعات ي �ف سلمية الإ الدراسات بارت، رودي 986)م. العربية، الن�ش دار فريد،

ي رحاب القيرص، الزهراء للن�ش والتوزيع، . 12زيجريـد هونكـه، قوافل عربية �ف

)00)م. القاهرة،

سلم منهج حياة، دار الفكر المعارص، دمشق، 994)م.. 13 فيليب حتة، الإ

- 238 -

محمد، ترجمة د. فاطمة نرص، سلسلة سطور، . 14 ي ة الن�ب ونج، س�ي )كارن أرمس�ت

القاهرة 006)م.

الحديث، . 15 المرصي المكتب أعظمهم محمد، مائة الخالدون مايكل هارت، 004)م. القاهرة

مجدي مرجان، الله واحد أم ثالوث، مكتبة النافذة، القاهرة 005)م. . 16

منشورات . 17 العرب، النصارى شعر ي �ف محمد ، القوصي ي

الشا�ف عبد محمد ))0)م. الأيسسكو منظمة

، عالم المعرفة، . 18 ي الأدب الرو�يمكارم الغمري، مؤثرات عربية وإسلمية �ف

الكويت، )99)م.

إىل . 19 الأمس دروس من الأسواق: النقدية لقتصاد وط ال�ش آلياس، موريس 003)م. وت، ب�ي للتوزيع، العربية الدار الغد، إصلحات

اث، . 20 لل�ت الحرم دار والعلم، نجيل والإ والتوراة القرآن بوكاي، موريس 0)0)م. القاهرة

الهيئة . 21 الشيخ، الرحمن د.عبد ترجمة: مكة، ي �ف محمد وات، مونتجمري )99)م. للكتاب المرصية

، القاهرة 2007م.. 22 نبيل بباوي، عبقرية محمد، دار البباوي للن�ش

وت 1970م.. 23 ، ب�ي ي ي خطى محمد، الكتاب العر�بنرصي سلهب، �ف

نظمي لوقا، محمد الرسالة والرسول، مكتبة غريب، القاهرة 2004م.. 24

وق، القاهرة 007)م.. 25 سلم طريق الأمل، دار ال�ش هانز كونج، الإ

- 239 -

مراجـع أجنبيـة

1. Bernard Lewis: The Politecal language of Islam – Chicago: the Uni-versity Of Chicago Press. 1988.

2. Duncan B.Macdonald. Development Of Muslim Theology: jurispru-dence And Constitut- Ional Theory.1943.

3. James Piscatori. Islamic Fundamentalism Of Islam And The Gulf Cri-sis – Chicago: The American Acadimy of Arts And Sciences. 1991.

4. Goethe. Eastern Diwan. Ministry Of, Culture United Kingdom, 1963.

5. Hans Kung: Ghristentum And Islam. In zeitsch. 1985.

6. Lane. Poole, Stanley. Arabian Society In The middle Ages. London: Curson publ 1087.

7. Margoliouth . Cambridge Manuals Of Science And Literature.1938.

8. Maxime odinson. Europe And The Mystiq Of Islam. Translated By Roger Veinus. University Of Washington Press. 1991.

9. The Meeting of East and West. London Book,s 1947. Northrop.

10. Oliver Lacombe: Sagesse Chretienne At Sagc- sad. Orient.Brussel 1959.

11. R. Hrair Dekmejian. Islam In Revolution: fundamentalism In The Arab Warled – Syracuse University press. 1985.

12. Sullivan, Richard E.A Short History Of Western Civilization. 6th Pr, N,Y 1969.

13. Hadrian Reland. The Religion Of Islam. Bermengham University. 1971.

www.islamic-invitation.com